أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - حواء ذلك الكائن....!














المزيد.....

حواء ذلك الكائن....!


بسام مال الله حسن

الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 17:06
المحور: الادب والفن
    


كان منتصف الليل قد حل عندما رجع إلى المنزل , ترنح اليمنى و اليسرى وأغراض المنزل تتساقط أمامه كقطع الدومينو , وأنا أقف خائفةً مثلما خُلقتُ , ,كيف لا أخاف وقد رضعت الخوف من حليب أمي التي علمتني كيف أرتجف في حضرت الرجل عندما كانت ترتجف في حضرت أبي, فما نَحنُ قومٍ خُلقنا إلى لِنخاف. تذرعت إلى الله متوسلة أن تمر تلك الليلة بدون الطقوس التي يمارسها كل يوم, والتي تبدأ بشتمي وتنتهي بي مرمية في أحدى زوايا المنزل بعد ضربي بكل رجولته واثبات انتصار فحولته في ساحة الحياة الزوجية. لكنه بدا لي هذه المرة على غير عادته هادئا والجدية بادية على ملامح وجهه المترهل والمتعب من كثر السهر وشرب الخمر, خلع حذاءه دون مساعدتي وبمشقة وضعه داخل خزانة الأحذية أو بالأحرى حشره فيها حشر ودخل إلى غرفة المكتب دون أن يطلب مني أي شيء ,وقفت مكاني مندهشة وفي حيرة من أمري , هل أدخل لأحدثه أم أبقى منتظرة, وبينما أنا على هذا الحال, أدخلني تعبي إلى غرفة نومي والتي لم أدخلها معه منذ زمن بعيد, لم أعد أتذكر المدة التي انتظرت فيها قبل أن يطبق النعاس على جفني ثواني أم ساعات أم دهر خلا, لا خرق أحدى أهم الطقوس المقدسة وهي النوم وهو لازال صاحي, لأصحو وشعري بين كلتا يديه وقد سقطت من على السرير وهو يسحبني ورائه عبر أروقة المنزل كأي خرقة بالية , كان قد بدأ طقوسه وأنا نائمة مشغلا أسطوانة الشتائم والتذمر إلى أن وصل إلى المطبخ فانهال على بالضرب مستعرضا رجولته بكل ما يملك من قوة الفحولة الموروثة من أجداده المتعفنة.بقيت مرمية على أرضية المطبخ إلى ساعات الصباح الأولى, لتوقظني رفسة منه وهو ماراَ بي عند مغادرة المنزل, أعددت الفطور لولدي وأنا أتهرب من نظرات عيونهم التي كانت تلاحقني بحزن وألم متسائلة, متى ينتهي هذا العذاب وأنا أقف كالسجانة على دموعي لكي لا تنهمر أمامهم , وما نحن إلى أمة تتقن فن التستر على عيوبها. غادر الأولاد المنزل واليأس يقطن في عقولهم المتعبة من وضعية البيت المزرية. استجمعت قواي وبدأت بتنظيف بقايا المنزل,وأحلامي تتوجع وحيدة كالسماء. إلى أن وصلت إلى غرفة المكتب, ففوجئت بجيش من الوراق المجعدة , مرمية كأطفال الأزقة في الشرق في كل أنحاء الغرفة وبدون أي مسؤولية , كجيش مهزوم مرمي في ساحة المعركة وهجر من قبل قادته .انحنيت بألم ظهري المتعب لالتقط أحد الجنود المهزومين أو طفلا من المشردين لأعرف منهم السر الذي جعله يسهر إلى ساعات الصباح الأولى , فعادة هذه الطريقة التي أتعرف عن طريقها على مواضيع كتاباته التي يكتبها إلى الجريدة التي توظف بها مؤخرا, فهو لا يطلعني عليها ودائما يقول بعد أن يغير نبرة صوته طبعا متبجحا بشهادته الجامعية أن المستوى العلمي الذي وصلت إليه لا يسمح لكي بفهم كتاباتي , متناسيا ً الدور الخبيث الذي لعبه مع أبي لأترك المدرسة والدموع والتوسلات التي أذرفت حينها.
ما أن وقعت عيناي على الكلمات المكتوبة حتى ارتجفت الدموع المحبوسة في عيني منذ ألاف السنين وأحسست وللمرة الأولى بألم الكدمات التي في جسدي والتي ولدها العالم ألذكوري فيه منذ أن كنت طفلة وكان أخوتي الصغار يأخذون كل ما يريدونه إلى أن أصبحت مراهقة فمنعني أبي من الخروج إلى أن تزوجت لأصبح احد أهم أسباب فشل المجتمع. شعرت بأني أقف عارية وسط عالم من الذكور أللامتناهي وأنا أتأمل الكلمات مليا بعد أن أغتسلت بدموعي , وقرأتها بصوتٍ عالي ( بمناسبة الذكرى السنوية لعيد المرأة , لا يسعني إلى أن أتقدم بالشكر لهذا الكائن الجميل ..............) كررت قراءتها مرارا وبصوت عالي كي أتخلص من الإحساس بالعدم الذي انتابني.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...
- -نملة تحفر في الصخر-ـ مسرحية تعيد ملف المفقودين اللبنانيين إ ...
- ذاكرة الألم والإبداع في أدب -أفريقيا المدهشة- بعين كتّابها
- “361” فيلم وثائقي من طلاب إعلام المنوفية يغير نظرتنا للحياة ...
- -أثر الصورة-.. تاريخ فلسطين المخفي عبر أرشيف واصف جوهرية الف ...
- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - حواء ذلك الكائن....!