أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - الحداد البدي /قصة قصيرة














المزيد.....

الحداد البدي /قصة قصيرة


بسام مال الله حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3323 - 2011 / 4 / 1 - 05:40
المحور: الادب والفن
    


الحداد الأبدي
بسام ماال الله حسن
لم تكن ساعات الصباح الأولى قد أنقضت حتى كنت قد انتهيت من الإجراءات الروتينية المتعلقة بالمهمة التي أوكلت إلي من قبل أمر الوحدة الثانية التي كنت انتسب إليها. ألقيت بكامل جسدي المتعب على مقعد السيارة التي استؤجرت لنقل جثة احد الجنود . وبعد أن قطعت بنا السيارة مسافة لا بأس بها من مشوارنا الطويل.تذكرت شيئاً ما وراحت يدي تبحث في جيوب بذلتي الخاكي عن دفتر صغير وجدته في إحدى خنادق المعركة, بدأت بتصفح الدفتر سعيا مني لقتل ألوقت الميت أصلا. .............
فقرأت......................
عندما كنت صغيرا كانت أمي تحكي لي حكايات عن فجر سيأتي, يشق دربه عبر ليل اسود طويل ,كانت تقول لي أن أباك سيعود راكبا جواد أبيض ومن فوقه حمامات بيضاء تطير, أبي ذلك المجهول الذي لا أذكر منه سوى شعر صدره الكث والخشن وهو يداعب وجهي ,وفي إحدى الليالي توقفت عقارب الساعة في عيني أمي رافضة الاستمرار في لعبة كانت قد بدأتها منذ زمن بعيد, وبدأت تدور عكس عقارب الساعة دافعة أمي إلى زمن مجهول ,ومن عمق ذلك الزمن انهمرت دموعها أمامي ...ولأول مرة أشاهد تلك الدموع السجينة تنزل من عينيها بذلك السخاء المجنون الذي أعطاني أحساسا بالخوف والضياع وسط عالم كئيب, وشعور بعدم الثقة بفجر أمسى بعيد.....
........................
.......................
اعتدلت في جلستي بعد أن كنا قد اجتزنا أكثر من نصف المسافة,وكانت شمس الظهيرة قد اتخذت من فوقنا مكانا ً سمتا ً, فأخرجت سيكارة .......
وأكملت..................
كانت السماء قد بدأت تمطر حين أوقفتها في منتصف الطريق ماسكاً بيدي كلتا يديها متوجها ً بنظري إلى وجهها المتعب وقلت لها:أمي لم أعد صغير السن أما أن الأوان للأعرف الحقيقة , أبي لن يعود ثانية,أليس كذلك....؟؟,
أشعرتني يداها المستسلمتين بين يدي ووجهها بألم كل الأيام التي مرت ونظرات عيناها التي كانت تهرب مني بدون جدوى ,بكل ذلك الخوف الذي كانت تخفيه منذ سنين,أيقنت يومها أن أبي مجرد ذكرى أليمة من حكايات قديمة...........
.................
.................
توقف موكبي المشئوم في محطات عديدة قبل أن نقترب العنوان المنشود, وبينما كانت السيارة تمرق في شوارع فرعية وتتباطأ في أزقة ضيقة , كنت أواصل القراءة.........
.................
...................
في اليوم الأخير من إجازتي الأخيرة , وبعد أن أحال غروب الشمس صخب النهار إلى ليل ساكن إلا من صوت أمي وهي تنظر إلى شرود ذهني ساهمة بني ما بالك بحق السماء ....؟
فأجبتها بصمت حزين...
لا شيء أمي....
فاقتربت مني لتمسح تقاسيم وجهي براحة يديها وتمرر أصابعها بين خصلات شعري وكأنها تتحسس حشائش ربيع جديد ,واستطردت قائلة ...
لا عليك بني كل شيء سيكون بخير لحين عودتك...
فاستثمرت لحظة الحنان الأموي تلك لأنتزع منها طلبا ً كان عزيزا ًعلي ...
أمي أنك امرأة طيبة ,كفي عن لاهتمام بي, واهتمي بنفسك ولو لمرة واحدة...
أجابتني بتنهيدة وقالت ...
بني لم يبق من العمر ما يستحق الاهتمام...
فقاطعتها قائلا...
انك ترتدي الأسود منذ أن فتحت عيوني ,وأتمنى أن تنزعيه,وترتدي الثوب الزهري الذي جلبته لك في عيدك الأربعين..
فقالت...
بني أما زلت تذكر...
وضعت يدي على فمها ولم ادعها تكمل الحديث فوعدتني بنظرات عينيها الحزينتين بأن تنفذ لي طلبي في أجازتي المقبلة , وأنا كلي لهفه من أجل ذلك .
بعد أن تفرغت من القراءة وقفت بنا السيارة وسط حارة عتيقة , قرب بيت صغير , فطرقت الباب ,فأطلت امرأة تعدت الأربعين بقليل ,ترتدي ثوب زهري اللون ,وفي عينيها حزن عالم رجيم لا ينتمي لهوله إلى عالم البشر...............







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حواء ذلك الكائن....!


المزيد.....




- بإسرائيل.. رفع صورة محمد بن سلمان والسيسي مع ترامب و8 قادة ع ...
- الخرّوبة سيرة المكان والهويّة في ررواية رشيد النجّاب
- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - الحداد البدي /قصة قصيرة