أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سائد السويركي - كن إنسانا ... في وداع فيتوريو ... لا تعذر تطرفنا يا صديقي














المزيد.....

كن إنسانا ... في وداع فيتوريو ... لا تعذر تطرفنا يا صديقي


سائد السويركي

الحوار المتمدن-العدد: 3338 - 2011 / 4 / 16 - 18:44
المحور: القضية الفلسطينية
    


كن إنسانا
في وداع فيتوريو أريجوني
ما زلت أذكر اللحظة الأولى التي وطأت قدما فيتوريو فيها غزة ، هناك أناس يصبحون جزءا من حياتك بمجرد رؤيتك لهم ، فيتوريو أول شيء صنعه هو تقبيل تراب غزة ، وأول شيء صنعه هو قراره بأن يصبح مقاتلا أمميا في سبيل الحرية ، فيتوريو وغزة حكاية استكملت نهايتها المأساوية ، لأننا عشنا وما زلنا نعيش كما النعامة التي تدفن رأسها في الرمل ، نحن لا نرغب في الإعلان عن وجود فكر مجنون يؤسس للقتل العشوائي باسم الله والوطن والدين ، فيتوريو عندما جاء كان يعتقد أن غزة هي أجمل مكان في الكون ، لهذا كان يفترض أن مصيره سيكون مثل مصير المناضلة الأممية من أصل يهودي " ريتشل كوري " ، كان يفترض أن هناك إمكانية لاغتياله ، وقد كان قريبا من الموت عدة مرات برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي ، كم مرة أطلقوا عليه النار ، كم قذيفة سقطت على بعد أمتار منه في الحرب الأخيرة على قطاع غزة ، كم مرة تم استهدافه وهو يدافع عن الصيادين في عرض البحر .
في مرة سألته لماذا حضرت إلى غزة ؟ ولماذا أنت مستعد للموت في سبيل حرية الفلسطينيين ومن أجل كسر الحصار ، لم أفهم إجابته ، ولي حق في عدم الاستيعاب ، لأن العقل العربي الذي نحمله هو عقل عنصري لا يستطيع أن يبحث له عن دور إنساني في هذا العالم متعدد الثقافات والديانات ...
قلت له : نحن لا نفكر مثلك ، وحتى لو احترقت إيطاليا ، لن يفكر أحد منا بالذهاب للتضامن معها ... ضحك ... لأنه أدرك أزمة العقل التي أحملها
فيتوريو ... فلسطيني حتى النخاع أكثر منا جميعا ، إنسان دفع حياته ثمنا لقيمه التي ما زلنا أعجز من أن نفهمها ، لأننا وببساطة لا ننتمي لعالمه الجميل والطيب .
مشكلتنا في جوهرها هي مشكلة العقل والقيم ، والعصبية والقبلية والعنصرية التي تسللت إلى كل خلايانا ...
أحدهم قال لي : نحن يهود هذا العصر ، لأننا باسم الله نقتل أنبياءنا ، قلت له : أنت محق ،القيم التي حملها فيتوريوهي قيم حملها الأنبياء من قبله ، الدفاع عن المظلوم ، الاستعداد للموت من أجل الفقراء والضعفاء والمكسورين والمحاصرين ...
غزة أحبت فيتوريو ، غزة قتلت فيتوريو ، غزة بكت دما وشعرت بكثير من الإثم والخطيئة لأنها شنقته .
هي التناقضات المخجلة لأناس فقدوا معناهم ، القتل لم يكن الجريمة الوحيدة للجماعة التي اختطفته ، المؤلم أكثر هو السياق الذي اغتيل فيتوريو على أرضيته ، في الإعلان المشئوم عن الاختطاف ، بدا فيتوريو مذلا ومهانا على أرض غزة ، تسيل الدماء من وجهه ، كتبوا في الإعلان أنه فاسد مفسد للبلاد والعباد ...
هذه جريمة أخطر ...
كان فيتوريو فاسدا لأنه قرر أن يترك والده المريض بالسرطان ووالدته المريضة ليقاتل نيابة عن غزة في معركة حريتها ، فيتوريو كان فاسد عندما أصيب بالقصف الإسرائيلي على غزة إبان الحرب ، فيتوريو كان فاسدا لأن قيمه كانت كما خلقها الله ، طاهرة ونقية ، فيتوريو كان فاسدا لأن صمم على كسر الحصار والحصول على الجنسية الفلسطينية ، ومساعدة الفلاحين على العودة لأراضيهم التي منعتهم إسرائيل من دخولها على طول الحزام الأمني ...
هذا نوع جديد من الفساد الذي حاكمه القتلة باسم الله عليه ...
فيتوريو ...لم يكن هو الأول في قائمة ضحايانا الطويلة والمخجلة ، لم نشف بعد من رصاصات قاتل آخر في جنين قرر أن يغتال المخرج جوليانو مير خميس ، صاحب أروع فيلم وثائقي أعاد الاعتبار للمقاومة الفلسطينية المسلحة ، جوليانو ابن آرنا اغتلناه على أرضية ذات السياق الفاسد والمجرم والمجنون الذي نحمله في عقولنا ...
على آلان جونستون أن يكون سعيدا الآن ، لأنه كان قاب قوسين أو أدنى من الموت باسم الله والوطن والدين على أرض غزة التي أحبها أيضا ...
نحن نحمل وعيا فاسد حتى النخاع ، لأننا لا نملك القدرة على مراجعة منظومتنا الفكرية التي أسست وما زالت تؤسس لكل هذه الوحشية المجنونة التي نمتلكها ، نحن نحمل وعيا فاسدا لأننا نعرف جيدا ، أن كل واحد منا هو مشروع قاتل مأجور ، أو قاتل وطني ، أو قاتل سلفي ، لا بأس مجرد اختلافات في التوصيف لا تعني شيئا ، نحن قتلة .
القاتل هو ابن منظومة فكرية وثقافية ، يكفي أن نزرعها في عقول أبنائنا ... لنرى أيديهم الملطخة بالدماء فيما بعد ...
هل نملك القدرة على المراجعة الشفافة للذات لنعرف كيف انزرعت فكرة القتل الوحشي في تربة غزة التي تدافع عن حريتها وإنسانيتها ، أين هم أهل الله الوسطيون ، أين هم المنظرون لسماحة الدين ، أين هم أهل الله الذين يقدمون صورة رائعة للمسلم النقي الطاهر ، أين هم أهل الله الذين يقولون للقتلة ، الدين ليس سجادة صلاة ومسبحة ، الدين قيم وسلوك ...
هل انتهت جرائمنا يا غزة ، هل من محب آخر سيختطفه أناس مرضى ، وسيمارسون عليه وحشيتهم حتى ينالوا جنة الله واثنين وسبعين من الحور العين .
الله لا يكافئ القتله ، بل يكافئ المحبين المخلصين الودودين ...
فيتوريو كان يقولها دائما : كن إنسانا
فهل كنا كذلك
التصحيح يبدأ من إعادة الإعتبار لدين الله بسماحته ، الأمر يبدأ من الجرأة في الاعتراف ، أن التطرف الذي يملأ عقول الكثير منا ، هو ظاهرة ينبغي محاربتها
ربا لو فعلنا ذلك
تغفر لنا روح فيتوريو الذي مات مظلوما



#سائد_السويركي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحناجر المتعبة لشباب الخامس عشر من آذار تنتصر في معركة الوح ...
- شباب الخامس عشر من حزيران كما أعرفهم
- مؤتمر دمشق ليس مؤتمرا توحيديا
- نبضات على هامش الحصار ( 4 )
- نبضات على هامش الحصار (3)
- نبضات على هامش الحصار
- الجهاد الإسلامي وأسئلة التنظيم والمنهج ... الهوية المذهبية
- الجهاد الإسلامي ... وأسئلة حول التنظيم والمنهج
- في المحرقة الفلسطينية كل هذه التضحيات ... ولا زلنا نردح لبعض ...


المزيد.....




- ما أوجه التشابه بين احتجاجات الجامعات الأمريكية والمسيرات ال ...
- تغطية مستمرة| إسرائيل تواصل قصف القطاع ونسف المباني ونتنياهو ...
- عقب توقف المفاوضات ومغادرة الوفود.. مصر توجه رسالة إلى -حماس ...
- أنطونوف: بوتين بعث إشارة واضحة للغرب حول استعداد روسيا للحوا ...
- مصادر تكشف لـ-سي إن إن- عن مطلب لحركة حماس قبل توقف المفاوضا ...
- بوتين يرشح ميشوستين لرئاسة الوزراء
- مرة أخرى.. تأجيل إطلاق مركبة ستارلاينر الفضائية المأهولة
- نصائح مهمة للحفاظ على صحة قلبك
- كيف يتأثر صوتك بالشيخوخة؟
- جاستن بيبر وزوجته عارضة الأزياء هيلي في انتظار مولودهما الأو ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سائد السويركي - كن إنسانا ... في وداع فيتوريو ... لا تعذر تطرفنا يا صديقي