|
الجهاد الإسلامي وأسئلة التنظيم والمنهج ... الهوية المذهبية
سائد السويركي
الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 09:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مجددا سؤال حول الدافع للكتابة حول التنظيم والمنهج لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، حيث ما بين المنهج والتنظيم خلل كبير كامن ، وخصام مع الوعي ، وعدم امتلاك للأدوات النقدية اللازمة للمراجعة الشاملة لوجود واحدة من الحركات الإسلامية الهامة في فلسطين ، امتلكت قدرة كبيرة على التأثير في مجمل الأحداث الفلسطينية . فقدان المنهج وضبابية الرؤية ، تجعل من أي مشروع غير ذي جدوى ، خصوصا عندما يعلن هذا المشروع ، أنه النقيض للظاهرة الإسرائيلية التي هيمنت على كل مفاصل الكون - إفسادا - حسب التوصيف القرآني . وحركة الجهاد – المنهج - امتلكت مثل هذا اليقين الراسخ مع انطلاقتها أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات ، مستندة إلى وعي استثنائي لدكتور حاول أن يجتهد للتبشير بظاهرة الجيل القرآني الفريد ، الذي وضع أسسه الشهيد سيد قطب . منطلقا إلى فضاء المقاومة الفسيح في فترة لم يكن للإسلاميين فيها حضور ، اللهم إلا في مجال نشاطهم الدعوي .
الجهاد الإسلامي والهوية المذهبية
الخميني الحل الإسلامي والبديل ، قدمه الدكتور فتحي الشقاقي ، بعد انتصار الإمام الخميني في إيران وتهاوي واحدة من أعتى القوى ، التي كانت جزءا من المنظومة الغربية بشكل عام ، نموذج الثورة الإسلامية في إيران شكل انتصارا هاما ، لقدرة الرؤى الإسلامية على الحضور الفاعل في حياة الناس ، وقدرة الإسلام السياسي على التغيير والحكم . في مواجهة الاجتهادات السنية الكلاسيكية العاجزة ، والتي لم تنجز أي من مشروعاتها منذ سقوط دولة الخلافة ، رأى الدكتور فتحي الثورة الإسلامية في إيران نموذجا للتغير المنهجي الواعي والقادر على تحقيق أهدافه في إعادة الإسلام ليحكم في حياة الناس ، وكما قلنا في المقالة السابقة أن الدكتور فتحي ظل واعيا للهوية المذهبية السنية لحركة الجهاد الإسلامي في مواجهة النظام الإيراني . صراع المفكر الشقاقي ، لم يكن أبدا على الهوية المذهبية ، واستحضار التشيع إلى أقدس جغرافيا في الكون . الدكتور فتحي وإن حكمته علاقات متذبذبة من الثورة الإسلامية ، أراد فقط أن ينتصر لفكرة مركزية الصراع الكوني المتجسد في فلسطين ، وإيران في هذه الحالة تصبح النموذج القادر على دعم المقاومة الفلسطينية ، على أرضية المقاومة ، وليس على أرضية الهوية المذهبية " سنة وشيعة " الدكتور فتحي كان يعرف تماما حجم الإرث العدائي بين جناحي الأمة الإسلامية ، وأن عملية بعث هذا العداء سهل جدا من قبل أعداء الأمة ، ومن قبل أبنائها ، أشير إلى توظيف هذا العداء التاريخي في مواجهة حركة الجهاد الإسلامي من قبل حركة الإخوان المسلمين ، التي استندت على ماكنة إعلامية هائلة اتهمت أبناء الجهاد الإسلامي بالتشيع ، وجلدتهم على هذه الأرضية . الدكتور فتحي لم يكن إلا مفكرا سنيا حاول أن يستفيد من القوى الإقليمية لصالح مركزية الصراع .
هل لا زالت حركة الجهاد كذلك
أسئلة بدايات حركة الجهاد الإسلامي كانت مهمة ، وخصوصا تلك الأسئلة المتمثلة بالتنظيم والتيار ، حيث كان لكل فكرة مريديها ، ولم يخف بعض مفكري الحركة تخوفهم من فكرة التنظيم ، واقتربوا أكثر من فكرة أن يتحولوا إلى تيار تكون الجماهير هي الحاضنة له . لا أدري فيما لو انتصرت هذه الفكرة كيف سيكون وضع حركة الجهاد الإسلامي ، ولكن ما أنا متأكد منه هو أن أوضاع حركة الجهاد الإسلامي كتنظيم ليست مريحة الآن ، وخصوصا أن أسوأ مشاكل حركة الجهاد الإسلامي القادمة ، هي المتعلقة بالهوية المذهبية ، وهي التي لم تبدأ بعد .
صراع بين خط المنهج وخط التمويل
وجدت حركة الجهاد الإسلامي نفسها وحيدة ، وتحمل على كاهلها مشروع الأمة بأكملها ، وفيما القوى والدول والممالك والجمهوريات السنية ، لم يكن بإمكانها التعاطي مع مشروع الحركة ، وقفت إيران موقفا إيجابيا من حركة الجهاد الإسلامي ، واعتبرت أنها جزء من حركة الإسلام الفاعلة في مواجهة قوى الاستكبار وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل ، على هذا الأساس تحرك الدكتور فتحي وهو واع تماما لهويته المذهبية ، كمفكر مجاهد سني يدرك مهمته الوحيدة التي لم تكن سوى الانتصار لفلسطين والقدس . فترات من الخلافات سادت علاقات حركة الجهاد الإسلامي بإيران عندما شعر الدكتور فتحي بأن الإيرانيين لم يدركوا تماما موقع إيران من الصراع ، وأن ما أراده حرس الثورة الإيراني هو توظيف الحركة ضمن مشروعها . بعد اغتيال الدكتور فتحي ، شعرت بعض القيادات داخل حركة الجهاد ، أن ما حافظ عليه الدكتور فتحي من ثبات على الهوية المذهبية للحركة قد تم اختراقه ، تحت ضغط الحاجة للتمويل ، وخصوصا أن حركة الجهاد الإسلامي ليست كحركة حماس المدعومة بالتنظيم الدولي لحركة الإخوان المسلمين . مواقف كثيرة للحركة كانت تشير إلى غياب هذا الخط الفاصل الدقيق في التعامل مع إيران ، ليس آخرها كما يعتقد البعض ، هو التماهي بين مشروع حماس والجهاد ، على أرضية الإنقسام الكارثة ، الذي أطاح بأحلام الفلسطينيين في مواجهة أكثر فعالية في مواجهة الظاهرة الإسرائيلية المتوحشة . يستشهدون كثيرا بخطابات الأمين العام للحركة الدكتور رمضان شلح ،الذي لعب دورا لم يكن مريحا حسب اعتقاد البعض ، ومواقف مجموعة أخرى من قيادات حركة الجهاد الإسلامي في الداخل التي لم تعد تتحرك على أرضية مشروع الجهاد ، بل على أرضية مشروع حماس الذي يعتقد الكثيرون بأنه فاقد للملامح وللهوية ، والمنهج . وهنا أنقل فقط رأي بعض قيادات الجهاد حتى تلك المرتبطة بالجهاد حتى الآن عندما كنا نسأل عن سر التوافق الغريب قائلين ، إنه انتصار لخط التمويل يا عزيزي . قيادات ما يسمى بخط التمويل كما يجاهر البعض ، وقفوا في وجه القيادات الأخرى التي امتلكت تصورات مغايرة ، وصل الأمر بهم إلى قطع الراتب عن المخالفين - هناك نماذج كثيرة معروفة - وفي ظل الصراع بين تيار المنهج والتمويل ، خلافات كثيرة طفت على السطح ، بين رؤيتين أحدهما شعرا بإشكالية غياب المنهج على المستوى العاطفي وليس على مستوى الوعي .
النماذج الجديدة المنبثقة عن حركة الجهاد
أعتقد أن حركة الجهاد الإسلامي قد انحرفت عن المنهج ، منذ غياب الدكتور فتحي ، وفي ظل امتلاك الحركة لأدواتها النقدية ، كان بالإمكان العودة إلى المنهج مجددا ، ولكن تماما كما تتهاوى قطع الدومينو ، سيتحرك مجموعة جديدة من أبناء حركة الجهاد الإسلامي ليس فقط على أرضية التمويل الإيراني ، بل أيضا على أرضيتها المذهبية ، بعد أن تم الإعلان جهرا عن تشيع بعض كوادر الجهاد الإسلامي ، حركة الجهاد الإسلامي تدرك هذا وحركة حماس أيضا . هنا يفقد التيار الجهادي الجديد المنهج كليا – أقصد منهج الجهاد - وسيسير الصراع قريبا في فلسطين مبتعدا عن إسرائيل ، مقتربا أكثر من النموذج العراقي ، حيث السنة في مواجهة الشيعة الجدد ، الذين سيضطرون للدفاع عن أنفسهم ، مفتتحين عصر الحرب الأهلية المستندة على الإثنيات العرقية . حركة الجهاد الإسلامي يلزمها مراجعة جدية ، قبل أن تصل الأمور إلى ما ستصل إليه
#سائد_السويركي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجهاد الإسلامي ... وأسئلة حول التنظيم والمنهج
-
في المحرقة الفلسطينية كل هذه التضحيات ... ولا زلنا نردح لبعض
...
المزيد.....
-
القسام عقب عملية بيت حانون: سندكّ هيبة جيشكم
-
-الصمت ليس خيارا-.. فرق غنائية أوروبية تواجه الحظر بسبب دعمه
...
-
محللون: الصفقة ليست نهاية الحرب وخطاب نتنياهو يؤشر لتراجع عس
...
-
-بدنا هدنة-..مباحثات الدوحة على وقع لقاء نتنياهو وترامب في و
...
-
هآرتس: أميركا تبني لإسرائيل منشآت عسكرية بمليارات الدولارات
...
-
وزير الطوارئ السوري للجزيرة نت: 80 فريقا تعمل لإطفاء حرائق ا
...
-
هكذا خانت أوروبا نفسها لأجل إسرائيل
-
عاشوراء في طهران.. من الشعائر إلى سرديات الهوية الوطنية
-
مفاوضات النووي معلقة بين رفض طهران شروط ترامب وجهلها بما سيف
...
-
احتفاء بالظهور الأحدث للـ -زعيم- وألبوم عمرو دياب الجديد.. ا
...
المزيد.....
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
-
مغامرات منهاوزن
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
صندوق الأبنوس
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|