أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - العرب يعودون إلى التاريخ















المزيد.....

العرب يعودون إلى التاريخ


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 3314 - 2011 / 3 / 23 - 21:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ قرنين من الزمن أطلق شكيب إرسلان سؤاله الشهير: لماذا تقدم الغرب وتخلف المسلمون؟ ولم يأته الجواب إلا من تونس بوعزيزي ومن ميدان التحرير في مصر : الشعب يريد تغيير النظام. قبلهما ظلت الأجوبة في منأى عن بنية النظام ، بل هي حامت حوله. محمد علي باشا دخل من باب الاقتصاد وظل هو الباشا ، وعبد الناصر دخل إلى السياسة من بابها الخلفي ، فحافظ على النظام واكتفى بتغيير السلطة. ذلك أن باب الدخول إلى الحضارة الحديثة ، بل إلى التاريخ هو باب الثورة السياسية، لا أية ثورة أخرى ثقافية على طريقة ماوتسي تونغ أو اقتصادية على طريقة لينين. إنها طريقة الثورة الفرنسية بالذات التي ألغت نظام الوراثة وسنت القانون الوضعي الذي أسس للفصل بين السلطات ولتداول السلطة.
قبل الثورة الفرنسية كانت البلدان المنخفضة وإسبانيا وبريطانيا سباقة في ثوراتها الاقتصادية لكن المجد لم يكتب لغير الثورة الفرنسية لأنها هي التي حققت في السياسية ما يحمي تطورا هائلا في الثقافة والاقتصاد كان قد بدأ قبل قرون ، حين استلمت أوروبا راية الحضارة من العرب ، في ما يشبه سباق البدل بين الحضارات ، بعد أن كان العرب قد استلموها قبل ذلك من الفرس والبيزنطيين واليونانيين .
حضارة العرب كانت تطويرا للحضارة أو الحضارات التي سبقتها مباشرة ، وكان أهم ما تميزت به أنها جعلت الحاكم حاكما باسم الله أو ممثلا لله على الأرض ، بعد أن كان الحاكم في الحضارات التي سبقتها ، كما في الفرعونية الأولى مثلا ، هو الله أو ما يشبهه أو يوازيه . أوروبا أحدثت نقلة جديدة حين جعلت الحاكم ممثلا للشعب ، واستحضرت الديمقراطية بعد أن رفعتها من مساواة بين علية القوم ( اليونان القديمة) إلى مساواة بين جميع المواطنين.
باسم هذه الحضارة انطلقت أوروبا إلى العالم ، وكانت المنطقة العربية أول من نعم بهذا الاحتكاك حين قدم نابليون إلى مصر. غير أنها أتت مع التباساتها الناجمة من كونها ذات وجهين، وجه الحضارة ووجه الاستعمار، ولم نكن وحدنا من أوقعه الالتباس في الحيرة ، غير أننا كنا الأكثر حزما فرفضنا العرض من اللحظة الأولى ، بينما قبله آخرون ، مكرهين ، كما في الصين، أو طوعا كما في اليابان .
إنها الحضارة الرأسمالية التي قدمت نفسها على أنها حضارة العلم والصناعة والديمقراطية ، وتوالى الرفض العربي لها من أول الأصوليات الدينية إلى آخر الأصوليات العلمانية ، ورحنا نطلق عليها كل الأسماء إلا إسمها الحقيقي : حضارة غربية ، حضارة مادية ، حضارة مسيحية ، الخ...وجعلناها عدوا وصوبنا عليها ورميناها بتهمة الاعتداء على الأصالة والتاريخ ، وقاومناها بكل ما أوتينا من تعصب أعمى للجهل والأمية وكل اعراض التخلف ، وحاولنا أن نرد عليها بالانغلاق على النفس ، بل إننا ابتكرنا في مواجهتها كل ما تفتق عنه العقل من صنوف الاستبداد ، قديمه وحديثه ، من أقبية التعذيب والسحل والقتل والنفي والسجن والمخابرات وأجهزة الأمن ، الخ، الخ...وظل الثابت في كل هذه الصنوف هو التوريث السياسي . من هنا كان الجواب المصري التونسي الذي يتردد صداه في كل أرجاء الأمة : الشعب يريد تغيير النظام.
من تجربة محمد علي باشا التي لم تكتمل ، إلى تجربة الحركة القومية العربية التي انهارت في مواجهة تحديات العصر ، حاولنا أن نجيب على ذاك السؤال التاريخي . أتى الجواب الأول من الأصوليات الإسلامية قبيل وصول نابليون وبعده ، ومن السلطنة العثمانية التي اعتمدت سياسة الممانعة ، حيث لم يكن التخلف العربي العثماني الإسلامي ، في نظر أصحاب الجواب، سوى نتيجة جهل المسلمين بأصول دينهم ، ما يعني أن الحل هو في العودة إلى الأصول. لكن الحل تجاهل كل أسس التقدم الغربي الرأسمالي المتكاملة ، في الفكر كما في السياسة كما في الاقتصاد. السنوسية كانت أكثر التجارب الأصولية اكتمالا ،فاقتصرت على تغييرات طفيفة في إدارة النظام الاقتصادي السياسي الثقافي القائم، ولم تطمح إلى إحداث نقلة نوعية في أسس هذا النظام ، ولا سيما في أساسه السياسي ، تماما مثلما حصل بعد قرنين في التجربة الاشتراكية التي ركزت اهتمامها على توزيع الثروة لا على إنتاجها.
لم تر الأصوليات القومية في الرأسمالية إلا وجهها البشع ،الاستعمار ، فحاربتها مثلما حاربتها الأصوليات الماركسية لاحقا وحاولت أن تلغيها من التاريخ وتصنع ، على أنقاضها ، تاريخا جديدا يبدأ بالاشتراكية. على أن هذا الرفض الأصولي القاطع ،الديني والقومي والماركسي، لم يجمع على شيء إجماعه على رفض الوجه الإيجابي في الحضارة الرأسمالية ، أي على رفض الديمقراطية.
ربما يكون ذلك في أساس هذه الظاهرة الفريدة في عالم القرنين العشرين والحادي والعشرين: استمرار أنظمة الحكم الوراثي ، في العالم العربي وحده دون سواه من دول العالم ، في كل السلطات المتعاقبة بعد مرحلة الخلفاء الراشدين ، في دولة الخلافة أو في الدويلات المتفرعة عنها أو في أنظمة الأحزاب والجماعات والقبائل المعارضة حتى لو لم تكن حاكمة. ولم تأت الانقلابات العسكرية في دول الاستقلال إلا لتكرس الموقف ذاته المعادي للديمقراطية وتداول السلطة في العالم العربي ، ولتشوه معنى الثورة .
قرنان من الزمن إذن ، أي قرنان من معاندة التاريخ ، بل قرنان من خروج العرب من التاريخ ، إلى أن أتت باكورة أحداث كبيرة في تونس ومصر لتعلن نهاية عصر الانقلابات العسكرية والبيان رقم واحد ، ولتعيد الاعتبار لفكرة الثورة بما هي تغيير جذري في بنية المجتمع والدولة ، ولا سيما في بنية النظام السياسي ، تغيير يفسح في المجال أمام الانتقال إلى مرحلة الديمقراطية وحكم الشعب، أي إلى بناء دولة القانون والمؤسسات والكفاءة وتكافؤ الفرص والعدالة والحرية والفصل بين السلطات، الخ...
جربت المنطقة العربية كل الأجوبة : الإسلام هو الحل ، فكان تطبيقه في الجزائر حربا أهلية وفي السودان تقسيم البلاد وفي إيران وأفغانستان كل صنوف إلغاء الرأي الآخر؛ الوحدة القومية هي الحل ، فكانت تجربة الوحدة الطوعية بين مصر وسوريا ، وتجربة الإلحاق القسري للبنان بسوريا أو للكويت بالعراق ، مليئة بالمآسي ، ؛ الاشتراكية هي الحل وقد انهارت التجربة في البلد الأم لتنهار بعده كل التجارب التي استلهمتها. والمشترك الأساسي في كل تلك الحلول هو مجافاة الديمقراطية ووضع بلدان العالم العربي أمام خيارين ، الاستبداد أو الحروب الأهلية أو التقسيم. من العراق شرقا حتى الجزائر، ومن لبنان شمالا حتى اليمن : المصائر ذاتها : إما تأبيد أنظمة الحكم ، حكم الطوائف والقبائل والتوريث وإما الحروب الأهلية ، إلى أن جاءنا الجواب الشافي من مصر وتونس : الحل في الديمقراطية .
لم تصنع الثورة الفرنسية سلاما أهليا ، بل وضعت أسسه . غير أن الحضارة الرأسمالية احتاجت إلى حربين عالميتين على الأقل لتقتنع بأن الديمقراطية ليست فحسب صناديق اقتراع ، بل هي قبل ذلك تكافؤ فرص في تحصيل الثروة وفي تحصيل المعرفة ، وهي عدالة لا تقوم إلا على الفصل بين السلطات وعلى تداول السلطة ، الخ. كل ما نطمح إليه ألا يحتاج العالم العربي إلى ردح طويل من الزمن ولا إلى مآسي حروب أهلية ليقتنع بأن باب الدخول في التاريخ الحديث هو قيام الدولة الديمقراطية.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في نقد 14 آذار
- أيها المتضامنون: هذه الثورة قامت ضدكم
- د.محمد على مقلد في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الدول ...
- الشيعة: من ولاية السلطان إلى ولاية الفقيه
- ...أما اليسار فليس أقل غباء
- علماء الدين والمعممين والدولة
- شيعية سياسية أم شيعية سياحية
- دفاعا عن جعجع وسائر القتلة
- 14آذار تنتهك شعاراتها
- أما وقد حصلت الزيارة ..فماذا عن مصير 14 آذار
- علمانية في المزاد
- تحية احترام للحوار المتمدن ومحبة في العيد الثامن
- اقتراح بيان وزاري
- المعارضة اللبنانية:الاصطفاف الانكشاري
- أين أخطأ جنبلاط وأين أصاب
- الجامعة اللبنانية
- المثقف اليساري المتأسلم _ المتشيع
- طبقة انتخابية وحكومة انتظارية
- اتفاق الدوحة : مأزق الممانعة والممانعين
- اتفاق الدوحة: رابحان وخاسرون


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - العرب يعودون إلى التاريخ