البحرين : اسرائيل جديدة في المنطقة

سليم مهدي قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 3311 - 2011 / 3 / 20 - 15:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

دخول القوات السعودية الى البحرين لا يمكن الا ان يكون احتلالاً ، ذلك هو منطق الدول ، وذلك ببساطة ما تعارفت عليه الاعراف والقوانين الدولية ، واستدعاء قوات من دولة الى اخرى صُنف باعتباره احتلالاً ، وثمة حادثتان مهمتان بالإمكان اعتباراهما مثالاً على هذه الحالة .
الحالة الاولى : هي دخول القوات السورية الى لبنان بعد الحرب الاهلية ، الى حين خروجهما منها بعد اغتيال الحريري وبعد صدور قرار من الامم المتحدة الذي طالب بخروج قوات الاحتلال هذه .
الحالة الثانية : هي الحالة العراقية التي تمثلت بدخول القوات الأمريكية الى العراق والتي دخلته بدون اي تفويض اممي بذلك الى ان اضطرت هذه القوات بعد شهر من الاحتلال من الذهاب الى مجلس الامن والطلب من المجلس ان تعتبرها قوات محتلة ، ثم صدر بعد ذلك قرار آخر والذي سلم فيه السلطة الى العراق ولكن وجود القوات الأمريكية في العراق لم يغير من طبيعتها باعتبارها قوات محتلة ، وحتى هذه الساعة ومع توقيع المالكي على خروج هذه القوات فأنها لازالت تسمى وفق خطابات الشعب والأعلام باعتبارها قوات محتلة ، وعندما يقوم ملك البحرين باستدعاء قوات الى مملكته ، قوات عسكرية بعدها وعتادها ، لا يمكن الا تكون قوات احتلال ، حتى وان كانت هذه القوات تأتي وفق اتفاقيات دولية ثنائية او جماعية معترف بها او غير معترف بها ، الا ان النتيجة في النهاية واحدة ، وهي انها ليست اكثر من قوات محتلة ، وفي تصوري ان الملك البحريني في هذه الحالة ، يجب ان يحاكم لأنه سهل للجيش السعودي مهمته في احتلال البلاد وذلك بصفة القائد العام للقوات المسلحة .
وفق هذه القياسات ، قياسات الاحتلال يحق للسعودية وهي الدولة المِحتلة ( بكسر الميم ) ان تذهب الى الامم المتحدة وتعلن نفسها كقوة احتلال ، وبذلك يحق لها تشكيل حكومة في الدولة المَحتلة ( بفتح الميم )والمقصود هنا بالطبع هي مملكة البحرين ، ولكن السؤال هو هل ستقوم السعودية بذلك ؟
انا لا اعتقد ذلك، وانما ما اعتقده ان تتحول السعودية الى دولة تشبه الى حدٍ بعيدٍ بريطانيا العظمى عندما منح وزير خارجيتها وعدا لليهود بإقامة دولة لليهود على الاراضي الفلسطينية والتي سميَّ وعده بعدها بوعد بلفور والذي على اساسه اقيمت دولة اسرائيل ، وبذلك فهي ترغب في اقامة دولة وهابية في البحرين ، وانا هنا لا اريد ان انتقص من اليهود او المذهب الوهابي وليس في نيتي اقامة اي تناظر او تشابه بين اليهودية والوهابية ، فربما ما ينطبق على الوهابية ينطبق على الشيعية ايضا ، اذا ما احتلت ايران على سبيل المثال دولة قطر وهَجَرّتْ سكانها واسكنت بدلاً عنهم سكاناً آخرين من الطائفة الشيعية ، الادانة هي الادانة واي كان مرتكبها ، وانما احاول هنا ان اصف الحالة ليس اكثر .
هناك معلومات تتداول في بعض الاوساط السياسية بأن الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ملك السعودية ، قد وَعَدَ هيئة كبار العلماء في السعودية بإقامة دولة وهابية في البحرين مقابل اصدار فتوة بتحريم التظاهر والاكتفاء بالمناصحة ، والمناصحة حسب هذا المفهوم هو ان لا يوجه بكتابة عرائض او بيانات وانما الاكتفاء بكتابة عريضة الى الملك يطلبون من خلالها النصح .
هذه المعلومة ، معلومة وعد الملك لهيئة كبار العلماء ، يجب ان لا تمر مرور الكرام ، الموضوع في غاية الخطورة ، ووجود دولة تشبه في بنيتها التاريخية الدولة الاسرائيلية ، خاصة وان كلا الدولتين يتحدثان عن حقوق تاريخية مع تزييف لهذه الحقائق ،والتي لا يتم فيها ، الاعتماد على واقعية التاريخ او واقعية الحاضر ، اقول ان وجود مثل هذه الدولة من الممكن أن يجر المنطقة الى صراع يستغرق الاجيال القادم كلها، مثلما جرنا من قبل من انوفنا خلال الخمسين سنة الاخيرة الى صارع لا يريد ان يتوقف ابداً ، ومثلما ارى فأن اسرائيل بشكلها الذي وجدت من اجله بأنها آيلة للزوال ، كذلك ارى بأن البحرين بشكلها الوهابي ـ حسب وعد الملك ـ آيلة للزوال ايضاً ، ولكن بعد حفنة من السنوات وبعد صراع مرير يستنزف طاقة الانسان كلها .

#سليم_مهدي_قاسم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل