أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الخياط - قصة قصيرة ( انسانية المعممين )















المزيد.....

قصة قصيرة ( انسانية المعممين )


شاكر الخياط
كاتب ناقد وشاعر

(Shakir Al Khaiatt)


الحوار المتمدن-العدد: 3307 - 2011 / 3 / 16 - 12:35
المحور: الادب والفن
    


الفنون التي اخترعتها ايران او ابدعت في الطرق اللكفيلة في تطبيقها كثيرة، متعددة، مختلفة، وغريبة في الوقت نفسه..لقد بحث المسؤولون الايرانيون عن ادارة شؤون الاسرى واجهدوا انفسهم وغقولهم كي يثبتوا للعالم اجمع انهم اهل لهذا.. ضاربين بذلك المثل الاعلى في التدني والوقاحة في تصرفات اعيت العقول عن ايجاد تفسير لها، تلك الاجراءات التي مورست بحق الاسرى العراقيين في ايران تجاوزت الحدود الخرافية والخطوط الحمراء لما يستطيع عقل بشري سوي ان يتخيل انها بالفعل قد حصلت ووقعت دون رتوش او تزويق لفظي..لان ما حصل هو اعمق واغرب من ان يضاف اليه االمحسنات من اللفظ والموجبات للتصوير والسرحان في خيال ينقل القاريء من عمق الحقيقة الى الاجواء التي تبعده قليلا ليعود ثانية وهو مكتمل الصورة بحيثياتها وخيوط سردها على اديم الفعل الابداعي في شتى الفنون..تلك الممارسات التي تنم عما تنم عنه من بعد عن صفات الانسانية بمختلف مستوياتها وقياساتها.. هذا الامر ليس من السهل ان يستسيغه او يوافقني عليه الا من عاش مرارة المأساة لفترة من الزمن جاوزت العشرين عاما لبعض الاسرى والحال كما هو لم يتغير منه شيء.. لم تكن تلك السنوات قادرة على تغيير النمط المتبع والبرنامج المعتاد الذي تعب منه الاسرى، واصبح رغم مرارته التي لا تطاق روتينا مفروضا على اجسادهم في اماكن متفرقة تشابهت في هذه الهوية الحقيرة التي برع التاريخ بوسمها لهم لانهم ليسوا غير هذا على مر العصور.. وليس في القادم افضل مما فات ومضى..واني لاجزم هنا ان ليس هناك من دولة واحدة من دول العالم التي تجاوزت المائتين ان يستمر في هذا النهج اللااخلاقي على مدى عشرين عاما.. بدون استثناء، وعندما اقول بدون استثناء فانا اعني ما اقول بل واقصده.. وليس لاحد ان يجردني عن هذا الحق بل هو حق لي على الاخرين ان يثبتوه لي..
هناك حقوق ثابتة للاسرى اقرتها الاتفاقيات الدولية والموقعة من قبل اكثر من مائة دولة عام 1949..هذه الاتفاقية تضمنت سبل معاملة الاسرى للمراحل الثلاث التي يمر بها الاسير، عند القاء القبض عليه في خطوط النار،وصولا الى المخيمات او المعسكرات النظامية التي تخضع هي الاخرى لمواصفات اقرتها تلك الاتفاقية والاتفاقيات الدولية الاخرى التي اعقبتها.. وآخرها عند وقف العمليات العسكرية الفعلية وكيفية اطلاق سراح الاسرى واعادتهم الى اوطانهم..
واحدة من تلك البنود التي اقرتها واكدتها كل الاتفاقيات هي السماح للاسير بمقابلة ممثلي اللجنة الدولية للصليب الاحمر بين فترة واخرى وبكل حرية ودون مرافقة الجنود الآسرين او اي طرف منهم..على ان يزود الاسير برسالة من قبل اللجنة يكتبها وتسلم الى اعضاء اللجنة انفسهم مباشرة وبمعدل رسالتين في الشهر الواحد.. هذا امر معروف ومتعارف عليه، وهو ابسط حقوق الاسير، وبغض النظر عن ماهية الاسير التي تختلف من شخص الى اخر، لان الكل ينضوون تحت رقم بطاقة واحدة صادرة من اللجنة الدولية..
حري بالمتتبعين ان يعرفوا ان الرسالة تلك من الاهمية انها مصيرية بالنسبة الى كل اسير وانه يفضلها على زاده وشرابه، انها الوسيلة الوحيدة والخيط الاوحد لإرتباط الاسير باهله وذويه، وبالعكس..
الايرانيون وبمقترح ممن تخلف عن الركب، وتخلى عن شروط المواطنة الصالحة واعتباراتها، اتخذوا هذه الورقة سبيلا للضغط واهانة الاسير واذلاله..هي عقوبة قاسية استمرت على ممارستها السلطات الايرانية منذ عام 1982 وحتى عودة ماتبقى من اسرى معلومين عام 2003، الامر الذي ادى في النهاية الى احداث القلق الدائم للاسير عدا عن قطع اواصر الرحمة وصلة ذات البين ومايترتب على ذلك لدى عوائل الاسرى في مجتمع عراقي عربي شرقي مسلم.
مخيم الاسرى في (سمنان)..الذي يضم اكثر من خمسة الاف اسير بشقيه المخيم الصغير، والمخيم الكبير، الذي كان مسرحا لما سياتي..
العقوبة صدرت بحق نزلائه بقطع الرسائل عنهم كعقوبة قاسية يرتبط الغاؤها والعدول عنها بموافقة الاسرى على ترديد شعارات لم يألفها او يعتدها الاسرى العراقيون، اضافة الى ان قسما منها كان يحمل في طياته السب والشتم والمساس، وهي شعارات مرفوضة اصلا، وان كانت حجة الايرانيين انها رسمية وان الايرانيين جميعهم مجبور على ترديدها، وعلى الجميع كما يدعون ان يرددها..
المخيم كان في هرج ومرج، الاسرى تركوا خيامهم البالية تعصف بها الريح الباردة العاتية في زمهرير الشتاء، ارض جرداء مرتفعة نوعا ما عن ماجاورها محاطة بالاسلاك الشائكة التي تنتهي الى فضاء ممتد حتى يعانق السماء.. لاشيء يشغل العين هناك وهي ترمي بنظرها الى اطراف العالم المترامي سوى تلك الصحراء التي خلت من شاخص ماثل في العراء يمكن ان يوحي من قريب او بعيد على وجود حياة في منطقة كثرت فيها العقارب وكأن الغابات والادغال قد خلت من هذا النوع من الحشرات بعد ان اتخذت من صحراء (سمنان) مستقرا ومأوى لها..
الانظار تتجه صوب الباب الرئيسية للمخيم، الحافلات انتهت للتو من افراغ ماكانت تحمله من اسرى جدد كان نصيب مستقرهم هذا المكان الموحش،بعد ان تم نقلهم من جبهات القتال لثلاثة ايام خلت..الموجودون من الاسرى في المخيم فرحون الان بتجمعهم لانهم سيقابلون اسرى جدد سيحملون لهم الاخبار عن عوائلهم وبلدهم، بالتأكيد سيكون من بينهم القريب او الصديق من المدينة او حتى الثكنة العسكرية فيما سبق..
كل خيمة كانت تحتوي عشرة اسرى، بعنوان حضيرة، في صفوف منتظمة يضم الصف الواحد عشر خيم ليكون فصيلا، لتجتمع خمسة فصائل مكونة سرية..الاولى والثانية والثالثة وهكذا دواليك، هذا سيوفر الجهد في توزيع الارزاق وادامة مسيرة الحياة بشكل منتظم.
ادخل الاسرى موزعين على حضائر وفصائل مضافة الى العدد القديم بعد ان تم نصب الخيم اللازمة لذلك..ارتبط كل اسير جديد باحد الاسرى القدماء او ربما باكثر، طبقا للروابط المتعارف عليها.
(حسّان).. احد الاسرى المصابين بحروق لاتزال اثارها واضحة على وجهه رغم مرور اكثر من اربعة اعوام على وجوده في الاسر.. كان سائق دبابة، تم اسره مع مجموعة قتالية بعد ان اعطبت دبابتهم واشتعلت فيها النيران، لينجو من الموت باعجوبة، ويمكث بعدها في احدى مستشفيات طهران اكثر من ثلاثة اشهر، ينتقل مباشرة الى معسكر( سمنان) الذي كان يخضع للعقوبات دون ان يلتقي ممثلي اللجنة الدولية الصليب الاحمر، عقوبة الحرمان من المراسلة كانت قد شملت المعسكر ليبقى خبره مقطوعا عن اهله.
التجمعات هنا وهناك.. الاحاديث تترى ذات شجون، فالاغلب ممن جاؤا ودخلوا للتو هم بالحصيلة اما اقارب او معارف الكثير من الموجودين او ابناء مدنهم او عشيرتهم..اذا الاخبار اليوم على قدم وساق، اسئلة مشتركة كثيرة وكثيرة خاصة وعامة ستغنيهم ولو للتمني عن هذا الانقطاع الغير مبرر للاخبار التي هم بامس الحاجة اليها..وبرغم الارباك الذي حدث نتيجة عدم تأمين وجبة طعام كافية للقادمين الجدد، الا ان هذا الارباك لم يكن له تأثير ملموس ففرحة القدماء من الاسرى التي عوضتهم عن النقص الحاصل في الطعام اليوم الغت الانتباه الى ذلك، فتشارك الكل بما تم تقديمه اليهم اليوم.
(حسّان) ذلك الانسان الهاديء الطباع، الصبور، الكتوم، قليل الكلام، يتسلل من خيمة الى اخرى باحثا عمن يعرفه او يكون من مدينته اوالحي الذي يسكن..يعطي لأذنيه كامل الحرية في الإصغاء...
هذا من العمارة، ذاك من الانبار، هذا من الموصل..ذاك من ... وهكذا هي الانتماءات بطبيعتها..
يبحث بين القادمين هل هناك من احد من (بغداد) وتحديدا مدينة (الثورة)..!
ها قد وصل الى ضالته ومبتغاه، فالخيمة هذه فيها جماعة من سكنة (الثورة).. يدخل الخيمة، بعد القائه التحية.. الاسرى يتحلقون بلهفة وشوق منصتين الى اسير يتوسط تلك الدائرة التي بدأت تتسع وتتسع واخرها دخول (حسّان)، يجلس، ويسنمر الاسير بالحديث مطيبا خواطر الجميع باجوبته عن اسئلتهم وما اكثرها.. وبعد ان يتاكد (حسّان) ان المتحدث من سكنة ( الثورة).. يتأمل منه جوابا يهديء به خاطره عله يكون ممن يعرفون اهله او ان يكون من نفس الحي او جيرانا مثلا.. يستاذن الجميع بالحديث..
- ممكن سؤال ؟
- تفضل اخي..
- الاخ من ( الثورة ) ؟
- نعم
- من اي قطّاع ؟
- قطّاع 14 ..
- اين في قطاع 14 ؟
- نحن قريبون من السوق ..
- اين يقع بيتكم من مدرسة الكفاح الابتدائية للبنين ؟
- نحن بجوار تلك المدرسة
- بجوار تلك المدرسة ؟!
- نعم..! عمن تسأل..؟ هل عائلتك تسكن هناك ؟ ام انك تسأل عن اقرباء لك ؟
- بالتاكيد اسأل عن اهلي.. انهم يسكنون هناك !
- اين ؟
- بجوار المدرسة !
- نحن بجوار المدرسة !
- عمن تسأل ؟
- عائلة زيدان ..
- زيدان الغرباوي ؟!
يبتسم الاسير الجديد وهو يواصل اجاباته عن اسئلة( حسّان) الذي صمت الجميع جراءها بانتظار النتيجة..
- نعم .. زيدان خلف الغرباوي..هل تعرفه..؟
- ممكن ان اعرف بماذا هم قريبون منك ؟
- انا ابنهم ..
- ابنهم ...؟!
- أي نعم.. هل تعرفهم انت.. ارجوك اخبرني.. فليس لدي اية معلومة او خبر عنهم منذ وقوعي في الاسر ولحد اليوم..ارجوك !!
- من تكن انت ؟!!
- انا (حسّان) ابن الحاج زيدان خلف الغرباوي..
- انت (حسّان) ؟ !!
- نعم، لماذا..؟ هل تعرفني؟ هل تعرفهم ؟.
لم يجب الاسير الجديد.. ولم ينبس ببنت شفة..كأن الدم قد تجمد في عروقه، وما عاد نبضه يقوى على التحرك.. الكل ممن كان يستمع وبإصغاء غريب، كانوا هم ايضا قد لفّهم الصمت، ينظرون الى ما يدور من حوار، وينتظرون النتيجة وما سيتمخض عنها.. ليقطع الصمت صوت الاسير الوافد.. قائما على قدميه.. ليجثو بعدها على ركبتيه.. ودموع انهمرت على خديه،نشيج ممتزج بنبرة الفرح تارة، والاسى والبكاء بصوت عال تارة اخرى..كأنه قد اصيب بهيستيريا انفعالية بالغة، لايعرف معها كيف يجب، كيف ينطق، لسانه قد شلّت تماما عن الحديث..
- انا (عدنان)!!
- (عدنان) ؟( عدنان ) أخي ؟!!
وبكل ما أوتي من قوة، مجهدا نفسه على الاجابة، وبصوت حمل بحة كادت انفاسه تزهقه معها وهو يحاول عبثا استدراك حروف كلماته..ليجيبه وهو يضرب بقوة على وجهه ورأسه بكلتا يديه،
- نعم أنا (عدنان ) اخوك الصغير..!!
لم يستمع احد بعد هذا الحديث لشيء..لان(عدنان) قد أغمي عليه في الحال..في حين وقف( حسّان) لا يدري ماذا يفعل وسط دهشة الجميع الذين حاولوا اقناعه وتطمينه، ربما تكون هذه ردة فعل قوية في شدتها افقدته السيطرة على قواه..او ان الحالة طبيعية لأخ لم يعرف شيئا عن اخيه منذ خمسة اعوام.. والان تفاجأ بكونك على قيد الحياة، ربما كان يظن انك قد مت..
(حسّان) لايزال مذهولا ومشدوه البال.. اخوه مطروح ارضا في غيبوبة تامة.
استدعي من يقوم بمهام الطبيب من الاسرى.. ليخبر الجميع ان وضعه متوتر الان قليلا ويستحسن ان يتركوه لكي يرتاح.. وسيكون بخير.. ولا داعي للقلق..
انفضّ الجمع عن الخيمة.. لم يبق سوى (رحيم) و(كمال) وهما الصديقان الاكثر قربا من (حسّان).. بانتظار ان يفوق اخوه ليستطلعوا اخبار صديقهم وعائلته التي يهمهم امرها مثلما يهم(حسّان).. فسنين الاسر الماضية جعلتهم اكثر من اخوة..
ساعة.. ساعتان انقضت و( عدنان ) ملقى على الارض، ليتململ بعدها ويتململ الحضور..ورويدا رويدا بدأت اجفانه تتحرك، لتنفرج عن عينين غارتا في دمع مأقيها، دموع كالدم النازف من جرح..
ناوله احد اصدقاء(حسّان) نصف سيجارة.. ينفث دخانها وكأنه يلتهمها لا أن يدخنها.
عيونه تسمرت رافضة الحركة.. وهو يحوّل رأسه ناظرا الى(حسّان) مرة والى من جلس الى جواره تارة اخرى..ليذهب به الخيال عائدا الى قبل اكثر من اربعة اعوام.
((...- ها قد انقضت سنة ونصف على استشهاد أخيك.. وزوجة أخيك هي ابنة عمك.. وانت تعرف اننا لايمكن ان نفرط بأولاد أخيك( ثابت ) و( أمنية ) حتى وإن كانوا من أمّ غريبة عنا، فكيف والحال هذه مع ابنة عمك..واطفالها مازالوا صغارا وبحاجة الى من يرعاهم، الى من سنكفلهم؟ انت ياولدي اجدر من غيرك بهم ..
- مااذا تعني يا أبتي ؟
- أعني انك تتزوج زوجة اخيك الارملة، حفاظا عليها وعلى اطفال اخيك الصغار الذين ما انفكوا ينادوك بابا بعد هذه السنين التي اعقبت وفاة اخيك..
- لا اعرف بماذا اجيبك ياوالدي.. القرار قرارك.. انت اعرف منا بما ينفعنا..
- بارك الله فيك يا ولدي، هذا عهدي بك على الدوام..اذأ على بركة الله..)).
كلما اراد ان يستفيق من تلك الصورة..لازمته صور اخرى..هو الان في حيرة من امره، لا يدري كيف سيفاجيء اخاه، وهو الذي لا يعرف مدى الصدمة التي من الممكن ان تطيح باخيه او ربما ترديه ميتا، نعم، قد تودي به، بماذا يمكن ان يخبره وكيف؟ فبعد سنين من زواج(عدنان) من زوجة اخيه المتوفى انجبت له ولدا وبنتا وهما الان اخوان لـ ( ثابت و أمنية ) اولاد اخيه اللذين كانت امهما قد وضعتهما عندما كانت زوجة لـ ( حسّان ) قبل ان يأتي الخبر وتستلم الجثة كشهيد حرب.
( حسّان) لايدري الان ماذا يدور في دواخل اخيه.. محاولا جهد الامكان ان يجعل ( عدنان) يتكلم لانه في حيرة وقلق لا يعلمهما الا الله..
- ما الذي جرى ؟ هل توفي والدي ؟ والدتي ؟ هل توفيت زوجتي ؟ هل جرى اي مكروه لاطفالي؟ كيف حال ( ثابت) و( امنية) ؟ تكلم يا اخي.. لماذا تعذبني معك وتزيد من همومي اكثر مما اعانيه هنا.. يكفيني يا اخي ما انا فيه..
- ليتني يا اخي لم التقك.. ليتني متُّ قبل ان اراك..!!
- استغفر الله.. لا حول ولا قوة الا بالله العليّ العظيم.. كيف تقول هذا؟ هل هذا هو لقاء الاخ باخيه، وانا الذي لم ارك منذ خمسة اعوام !! قل لي من مات منهم؟..ما عدت احتمل.. تكلم .. قل .. لا يهمني ماذا حصل !! فقط اريد ان اعرف..
- ليتنا متنا جميعا..! أنا، ابي، امي، زوجتك، اطفالك..ليس مهما..انه امر الله يسري على الجميع..
- امر الله يسري على الجميع؟! نعم انه امر الله.. إذاً ما الذي هناك اكبر من هذا.. ياستار؟!
- بماذا اخبرك ؟! وماذا عساك ان تفعل ؟! وماذا عسانا ان نفعل ؟ كيف سنسوي الامر..؟
- يالله..! لقد تقطع قلبي يا اخي.. وقدماي ماعادتا تقويان حملي.. ماذا جرى ؟ ما الذي يدعوك ان تقدم كل هذه المقدمات دون ان تفصح به او تفضي لي بسره ؟! قل لي وليكن ما يكون.. تكلم.
الحاضرون جاؤا وتجمعوا على صوت بكاء( عدنان ) وهو يحاور اخاه.. والجمع كلهم ينظر احدهم في وجه الثاني، متأسفون لما يدور..
نفس السؤال الذي لم يعرف (حسّان) جوابه بعد.. يدور في خلد كل واحد منهم..
ترى ما الذي يدعو ( عدنان) ان لا يبوح بما يحمل ؟ وما هو الاهم من دعائه وتمنيه وفاة ابيه والعائلة جميعها بما فيهم هو؟
البكاء والصراخ والضرب على الوجه يزداد كلما اراد احد ان يهديء من روع ( عدنان ) الذي استرعى انتباه الاسرى ووصل خبره الى خيام بعيدة..اصرّ الجميع على معرفة الحقيقة.. في حين كان(حسّان ) كالمغلوب على امره...لا يدري الى اين يتجه وماذا يفعل امام هذه المصيبة التي حلت به وبصحبه من حوله؟
وبين اخذ وعطاء وجذب وشد.. لم ير ( عدنان ) بدا الا ان يفصح عن السر وسط الحضور ونحيبه كأمراة فقدت وحيدها يعلو مما اثار استغراب الاسرى الذين بكى قسم كبير منهم لما دار ويدور امامهم بين اخ واخيه..
- لقد وصلتنا جثتك.. وقمنا بدفنها، واقمنا مراسم العزاء، وبعد عام ونصف..ارتأى والدي حفاظا على اطفالك ان اتزوج زوجتك.. وها انا الان اب لطفلين منها..وعم لطفلين منك.. ماذا تريدني ان اخبرك بعد ؟! لم يصلنا خبر منك.. لم تصلنا رسالة منك.. وكم سألنا جمعية الهلال الاحمر العراقية عن اسمك..كان جوابهم مطابقا لجواب افراد سريتك في الجيش انك شهيد وقد شاهدوا دبابتك تحترق وانت بداخلها..
- يعني كل هذا الغير معقول حصل بسبب عدم وصول رسالة ؟ نعم صحيح !! ما ذنبكم انتم ؟
لعن الله من أوصى بهكذا قرار وهكذا عقوبة.. عقوبة قطعت الاوصال، وشتت النسل والحرث..!
انهم ابناء ساسان وما يفعلون..
اي شرع سيحتكم اليه الاخوة.. واي دين سيمنحهم العفو.. انها جريمة بحق الانسانية..انها المثال الاعلى لتدنى القيم والاخلاق..انهم كما قالوا عنهم.........

* * * * *
تنويه: الاسماء الواردة ليست حقيقية




#شاكر_الخياط (هاشتاغ)       Shakir_Al_Khaiatt#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة (زهرة الوفاء)
- قصة قصيرة ( امنية فوق السحاب )
- قصة قصيرة ( السفر الى وراء )
- الى الحبيب رياض الحبيّب...
- حلم في ساحة التحرير/ بغداد
- صيدة النثر من اين؟! والى اين؟؟!!
- مؤتمر المنظمات الثقافية غير الحكومية المنعقد في بغداد 19-21 ...
- قراءات في شعر سميرة عباس التميمي
- انصفوا اللحن العراقي الاصيل
- الى من غادر دون استئذان
- أدباء الانبار على قارعة الطريق
- مابعد الغروب
- هل يعتزل الشاعر / سؤال للجميع
- محمد غني حكمة.. الانسان الفنان
- قصيدة للنشر
- البعيتي يتفوق على بلابل العراق- مسابقة امير الشعراء
- تضامن مع الكاتب احمد عبدالحسين من ادباء ومثقفي مدينة هيت


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر الخياط - قصة قصيرة ( انسانية المعممين )