أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس منصور - نموذجان من الانتهازية وفقه النفط - شنوده والقرضاوي















المزيد.....

نموذجان من الانتهازية وفقه النفط - شنوده والقرضاوي


عباس منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3303 - 2011 / 3 / 12 - 20:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المصريون وقبل ظهور أنبياء الجذر السماوي في الديانات الإنسانية شعب متدين له عقيدة إيمانية تحكم نظرته للوجود وما وراءه، وعندما لجأ إليهم أبو أنبياء الجذر السماوي إبراهيم هو وامرأته؛ وجد شعبا له عقيدة ونظام ، في الوقت الذي كان يجاهد فيه إبراهيم للإبقاء على حياته التي سوف تخرج منه لاحقا قبيلة يؤسسها حفيده إسرائيل (يعقوب) ويهرب بها إلى مصر ويمكث فيها أكثر من أربعمائة سنة يتعلمون فيها كيف يصيرون شعبا ويخلعون عباءة القبيلة ، وجلد القبيلة ، وشريعة القبيلة ، وينخرطون في عباءة الشعوب وحضارتهم التي ساهمت في بقائهم حتى الآن.
هذا المختصر السابق تتفق عليه السير والقصص الواردة في العهدين القديم والجديد والقرآن الذي جاء به نبي الإسلام كآخر أنبياء النسل الإبراهيمي أصحاب الرسالات السماوية بعد مضي أكثر من ألفي عام على زمن إبراهيم.

المصريون شعب متدين قبل كل هؤلاء ولذا عندما فرضت عليه المسيحية الرومانية في القرن الثالث الميلادي تحت البطش والاستئصال لم يكن أمامه إلا أن يصبغ هذه الديانة الجديدة بمعتقداته الأساسية في الخلق والوجود والبعث والعلاقات الاجتماعية ، وصارت للمسيحية في مصر كنيسة خاصة بها لا تتبع كنيسة روما كما كان لآباء الكنيسة المصرية اجتهاداتهم وإسهاماتهم المميزة بشأن المبادئ المؤسسة للإيمان المسيحي في العالم ، واتضح ذلك جليا في المحفل المسكوني الأول الذي انعقد في (نيقية) سنة 325 م ، ولهذا فإن من يسمون أنفسهم اليوم بالأقباط ما هم إلا مصريون ارتضوا المسيحية وفق معتقداتهم القديمة التي تربوا عليها من عهد أبي المصريين الملك مينا أي قبل أكثر من 3000 سنة على مجيء المسيحية إلى مصر.

كذلك فعل المصريون عندما جاءهم المسلمون العرب وفرضوا عليهم دينهم بسيوف الفتح والجزية بقيادة عمرو بن العاص ، ثم بعد ذلك في زمن المأمون العباسي في القرن التاسع الميلادي عندما شطب العرب من ديواني العطاء والجند فاضطروا لمزاحمة المصريين في العمل وكسب العيش وبدأ التعريب في مصر على نطاق واسع ، هذا مع العلم أن هوية المصريين تنتمي إلى عناصر أعمق من العرق واللغة ، حيث تداخل المصريون مع كل أمم الأرض المعروفة من بدو الشرق والغرب الأفارقة في الجنوب ، والفرس والإغريق والرومان في الشمال، كل هذه الأمم اختلط بها المصريون وهذا ما يفسر سمة التسامح والانفتاح وقبول الآخر لديهم عبر التاريخ ، ولا أدل على ذلك من التفاتة هيرودوت عندما قال في رحلته إلى مصر في القرن السادس قبل الميلاد (إنك لتدهش عندما ترى أن بإمكان أي إنسان أن يصير مصريا).

وأي متأمل يمكنه أن يرى تميز إسلام المصريين وخصوصا في مسألة الزواج ودفن الموتى والصلاة ، فالمصريون يؤمنون بالمساواة بين الرجل والمرأة حسب تعاليمهم القديمة التي توصي الآباء والأمهات بأن يمهدوا الحياة الزوجية لأبنائهم ذكورا وإناثا ، ويؤسسوا لكل منهم بيت زوجيته ولذا تراهم في الإسلام يساهمون في زواج البنت والتكفل بنصف تكاليف زواجها أو أكثر ، على الرغم من أن ذلك يخالف الفقه الإسلامي الذي يفرض المهر والنفقة على الزوج (الرجل)، كما أنهم يصلون في مساجد بها أضرحة لأولياء الله الصالحين ، ومعظم مساجدهم بل كل مساجدهم القديمة بها أضرحة على الرغم من نهي الإسلام صراحة عن ذلك وحكمه ببطلان الصلاة في أي مسجد ضم ضريحا، كما أن المصريين في الدلتا يدفنون موتاهم في غرف فوق سطح الأرض ولا يحفرون لهم لحودا في باطنها ، وذلك له علاقة باعتقادهم العضوي بالبعث والحساب ، وها أنت ترى مقابر المصريين القدماء عامرة بأسباب الحياة من حبوب وحلي وأدوات وعطور بل إن الجسد نفسه محفوظ ومهيأ للبعث.

ذلك هو الدين المصري ، وعليه؛ فإن ما يدعيه من يسمون أنفسهم بالأقباط لا أساس له من الحقيقة ، فما هم إلا مصريون طوعوا الديانة الجديدة لتتماشى مع معتقدات آبائهم وأجدادهم ومن يسمون أنفسهم بالمسلمين ما هم إلا مصريون استوعبوا الديانة الأحدث التي فرضت عليهم من عرب الجزيرة وطوعوها لمعتقداتهم القديمة، ذلك لآن جذر الديانات السماوية الذي أسسه إبراهيم وبنى عليه أنبياء إسرائيل بداية من يعقوب وانتهاء بيسوع الناصري ، كل هؤلاء خرجوا من رحم الديانة المصرية عقب 500 عام قضاها النسل الإبراهيمي منذ أبيهم إبراهيم وحتى هروب موسى من مصر صوب فلسطين وتلقيه التوراة في شرقها السيناوي ، ومن بعده الحفيد يسوع الذي فتح الأفق لخروج آخر النسل الإبراهيمي من أرض العرب بالرسالة الأخيرة منطلقا من شعاب مكة ويثرب في عمق جزيرة العرب ، إذن فكل هذه الرسالات نشأت في حجر الديانة المصرية ، وتكونت وسط ثقافة وحضارة المصريين على مدى خمسة قرون قبل أن تظهر إلى الوجود في تجليها الأول في العهد الموسوي القديم.

الآن وبعد كل هذه الأصول والمقدمات يخرج علينا الشيخ يوسف القرضاوي خطيبا باسم الرب ومحرضا على الثورة والرباط والصمود في وجه حسني مبارك ومن بعده القذافي على أرض ليبيا ، ويحل دمه ويحرض على قتله باسم الدين الإسلامي مع العلم بأن هناك ثائرين آخرين على حكام آخرين على مرمى حجر من قعدته الهميئة المريئة في أرض قطر ولا يجرؤ أن ينبس ببنت شفة في حقهم بل ويا للعجب نسمع شيوخا أمثاله في بلد مجاور يفتون بحرمة المظاهرات وحرمة الخروج على الحاكم بينما يبقى القرضاوي صامتا تماما وكأنه لم يسمع ، هذا الشيخ المريب العجيب الذي يأبى الله تعالى ألا ينقضي نحبه قبل أن يستبين الناس أمره وتنكشف حقيقته ويعلم المخدوعون به حقيقة إيمانه، أليس هذا الإسلام الذي ينطلق منه القرضاوي هو نفسه الإسلام الذي ينطلق منه هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية؟! فكيف يقول الشيخ يوسف بوجوب الخروج على الحاكم وقتله في ليبيا بينما يحرم كبار العلماء الخروج على الحاكم في السعودية؟! وكيف يسكت يوسف على فتواهم، وكيف يسكت كبار العلماء على فتوى يوسف؟! أم إنها المصالح والمنافع ومتع الحياة الدنيا ولا شيء من الدين في ذلك ولا أثر لله في الأمر؟!.

من المعروف تاريخيا أن رقعة القتل والحروب وسفك الدماء اتسعت في ظل وجود الأديان وعلى أي متشكك أن يقارن بين الحروب ما قبل الديانات السماوية والحروب التي أججتها الديانات والشرائع منذ حروب شعب إسرائيل ضد شعوب فلسطين والأردن ولبنان وآرام مرورا بعصر الشهداء ونشر المسيحية في الشرق وانتهاء بحروب الفتح الإسلامي في بلاد فارس والبلاد الخاضعة لسلطة الروم في تالشام ومصر والأمازير وما أعقبها من حروب الصليب ( المقدسة) ومحاولة السترجاع المستعمرات الرومانية مرة أخرى في القرن الحادي عشر وما تلاه.
لقد كانت المنطلقات الدينية يهودية ومسيحية وإسلامية هي المحرض والوقود لإشعال هذه الحروب وتغذيتها؛ تلك الحروب التي أفنت الملايين من بني البشر لنيل رضا الرب والحصول على مفاتيح جناته والتنعم بما أعده للقتلى فيها من مأكل ومشرب ومتع جنسية بعضها إباحية تماما.

الغريب في الأمر أنه وبعد كل هذا التاريخ البشري ، وكل هذا التقدم والتطور مازال هناك من السذج والمغرورين الذي يسلمون عقولهم لأمثال هؤلاء المشايخ المتحدثين باسم الرب ويصدقون دعواهم بشأن رضا الله عن سفك الدماء وإزهاق أرواح خلقه وسلب ممتلكاتهم ، وانتهاك حرمتهم ، وسبي نسائهم.

وعلى الجهة الأخرى يقف الأنبا شنوده أسقف الإسكندرية الذي أمر أتباعه من المؤمنين به وبكنيسته بطاعة حسني مبارك والامتناع عن المشاركة في الثورة ضده ، وقد قال لهم إن الثورة يحركها رجل يتحالف مع الإخوان المسلمين وأنتم تعلمون خطورة الإخوان علينا ، ومن صالحنا أن نتعامل مع العسكر بقيادة حسني مبارك ، وعليه امتنع المتدينون من مسيحي مصر عن المشاركة في الثورة امتثالا لأوامر شنوده ، وبعد سقوط مبارك أدرك المسيحيون وبطريركهم كم خسروا وكم ضيعهم شنوده الذي ظل ينتظر ويعد العدة لتصحيح الوضع ، ولما كانت واقعة كنيسة (أطفيح) ظهر شنوده ليحرضهم على الاعتصام لعله يستدرك ما فاته وما خسره من تأييد في أوساط شعبه المؤمن، حرضهم على الاعتصام ، وعندما اتصل به العسكر لم يستجب لهم وقال: إنني أدعوهم إلى أن يفضوا اعتصامهم إن كان ذلك في صالحهم، وهي إشارة سرية (سيم) حتى لا ينفضوا ، وسوف تستميت كنيسة شنوده في مثل هذه المواقف لكسب التعاطف والتأييد في أوساط مسيحيِّ مصر وخصوصا بعدما تصاعدت الأصوات المطالبة بإخضاع منصب البابا للانتخاب الحر المباشر مثلما نادي المسلمون بالمطلب نفسه في انتخاب شيخ الأزهر ، وذلك في العهد المصري الجديد الذي دشنته ثورة الشعب الحر ، التي بدأت منذ 25 يناير الماضي.
وبعد فإن شنوده والقرضاوي وأمثالهما ممن يدعون في الأرض ما هم إلا سارقو فرح الشعوب ولصوص الأيام المجيدة من ميراث الشعوب التي أفنت أعمارها والعديد من أجيالها وضحت بأقواتها وأموالها ودمائها توقا إلى الخلاص والحرية والانعتاق من حسني مبارك والقذافي وأمثالهما ومن شنوده والقرضاوي وأشباههما.



#عباس_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فقه النفط وفتاوى الضرورة
- جسد المظاهرة
- شجرة الحياة
- قراءة في -مثلث العشق- لشريف صالح
- أيّكم يغرس رمحاً في دارٍ فهي له !!
- ما كل هذه الدماء أيها العرب المسلمون ! ؟
- إنعام .. وكلب العائلة
- مفهوم -الله- في خطابات الدعاة الجدد
- عقائد البدو الاسرائيليين
- الكفيل
- سيرة الحمار المصري
- العزازيل
- نهج البداوة


المزيد.....




- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي
- المسيح -يسوع- يسهر مع نجوى كرم وفرقة صوفية تستنجد بعلي جمعة ...
- عدنان البرش.. وفاة الطبيب الفلسطيني الأشهر في سجن إسرائيلي
- عصام العطار.. أحد أبرز قادة الحركة الإسلامية في سوريا
- “يابابا سناني واوا” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ال ...
- قائد الثورة الاسلامية: العمل القرآني من أكثر الأعمال الإسلام ...
- “ماما جابت بيبي” التردد الجديد لقناة طيور الجنة 2024 على الن ...
- شاهد.. يهود الحريديم يحرقون علم -إسرائيل- أمام مقر التجنيد ف ...
- لماذا يعارض -الإخوان- جهود وقف الحرب السودانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس منصور - نموذجان من الانتهازية وفقه النفط - شنوده والقرضاوي