|
مجرد هوامش على.... ﴿رسائل الصبابةِ و الوجد﴾
احمد على بدوى
الحوار المتمدن-العدد: 3298 - 2011 / 3 / 7 - 15:07
المحور:
الادب والفن
مجرد هوامش على.... ﴿رسائل الصبابةِ و الوجد﴾ ﴿1﴾ ـــــ مولاتى ــــ إنه لما أتعبنى الشك ، وأرهقنى العقل ، و شلَّنى العجز ، و أعيتنى الحيلة ...، أنْ أرتقى صرح وصالكِ ؛ علِّى أبلغ سدرة منتهاكِ..، أو أنْ أعرج نحو عرشكِ ؛ علِّى أُصطفَى (وحدى) فأخِرُّ ساجداً ـ و الشمسُ و القمرُ ـ لترفعينى إليكِ ، و تجعلينى على خزائن حُسنكِ ، و مغاليق أسراركِ .. (وإنِّى لحفيظٌ عليم..)
لكن أنَّى لى أنْ أَنَالَ البشارة ، وأنْ يفيضَ على وجهى نورُ وجهكِ ؟! ، و أنا أشكو دَنَسَ معصية لمَْ أرتكبها ، وأحمل وِزْرَ حبٍّ فى قلبى (قد أقررتُ به!!).
فلمَّا لمْ تَطََأْ قدمى طرف دربكِ ، ولمْ يُفتح لى بابكِ الموصود ، ولمْ يَلُحْ لى طرفكِ المسحور... ، لجأتُ لمَنْ تُفضِى إليه كلُّ الدروب ، ولا يُغلَق له بابٌ فى وجه عاشقٍ ، , و أشرَقََتْ بنوره كلُّ القلوب المكْلُومة ، أنْ مسَّهَا طائفٌ من شيطان العشق (أو حتى ملاكه).
لجأتُ إليه أُعاهدهُ ـ و لمْ أَنَلْ منكِ عهداً ـ (و ربما استجاب لى ، و عاهدنى؟!).. و مددتُ له يدى ـ و قد رُدَّتْ محترقةً بناركِ ـ (وربما تقبَّلها ، و مدَّ لها يده ـ سبحانه ـ؟!).. وأخلصتُ لهُ وجهى ـ و لمَّا تُخلصى لى بعدُ ـ (و أحسبه لَمْ يُشِحْ عنِّى بوجه ، وإنْ كنت من العصاة؟!).
فإنى شعرتُ ـ منذئذٍ ـ بيده تمنحُ يدى قوةً ، و ثقة .. ، و انا مَنْ كنت ـ و قد بلغ بى الشكُّ مبلغَه ـ فاقد الثقة بنفسى ، وبالدنيا جميعاً. وإنِّى شعرتُ ـ مُنذئذٍ ـ بيده برداً و سلاماً و تثبيتاً على قلبى الذى كمْ شَقَّ الصدر ثائراً علىَّ ، وعليكِ ، (و على صاحب اليد العُليا أحياناً!!).
و لقد شعرتُ بيده ـ سبحانه ـ تحنو علىَّ حُنُوَّ الأبِ الذى أفتقدهُ الآن (لأجلكِ) مثلما لمْ أفتقده مُذْ رحل ، فترفُقُ بى ، و تمسحُ على رأسى ، و تُرَبِّتُ على كتفى ، أو ربما تسْتَندُ إليه ساعةَ مسيرٍ معاً عند الغروب ، يُحاكينى ، و يمنحنى رشفةً من نبْع الحكمة البارد حين تأجُّج نار اللوعة ، و يتلو علىَّ وِرْدَ النصيحة من باب (القسمة و النصيب) فى سِفْرِ العاشقين....: ﴿أنْ لا خوفٌ عليكَ ، ولا أنت تحزن .. مادُمْتَ أسلمتَ وجهكَ لى ، وأخلصتَ قلبكَ (و جسدكَ!!) لها ، و مادُمْتَ لمْ تكفر بى ، و لمْ تُشْرِكْ بها حِبَّاً ، و مادام قلبكَ العامرُ بحُبِّى ، المملوء بعشقها ، مُعلَّقاً بمساجد الأولياء ، و الأحباء ، و الآل.. من جيرانها بدروب القاهرة القديمة ، يتلو أشعار الصبابة و الوَجْد عند كل ضريح ... ، و مادامتْ روحكَ المتبتِّلة فى (حَرَم) بهائها ، قائمةً فى (محرابها) تُصَلِّى ، متعلقة (بأستار) ثوبها ، وإن جرَّرتكَ خلفها على الأشواكِ ، و ألقَتْ بكَ على بطحاء (المقطَّم) ، ترى دارها عند سفح الجبل ، و(القلعة) ما بينكما عبْدٌ ، حارس ، يحمل سَوطَ عذابك.... مأموراً بأمرها ..... منهياً فلا ينتهى...!!﴾
﴿2﴾ ـــ مولاتى ــــ إنه لمـَّا كان راهب العشق فى محرابه الذى أمضى فيه العمر متبتِّلاً ، يرسل تراتيله ، و يخلق ألحانه – خلْقَاً – من قلب قيثارته المتعَـبةِ ، أُقتطعتْ أوتارها من رقيق أعصابه ، و قد شُدَّت بين رمشين على جفون حبيبه المجهول – صاغه تمثالاً من مرمرٍ - ، و يطلق أنَّاته الحزينة فى جنبات الهيكل ، فتجاوبه بنات الحور النغم المُعذَّب ، ثم يبكين معه.
و إنه ـ يا مولاتى ـ لما أشرقت شمس النهار على معبده ، طردنه – بنات الحور – من هيكله الذى ابتناه لنفسه - (و لهن) - ، طردنه إلى صحراء القيظ الموحشة ، وحيداًَ ، مُعذَّباً ، مُعَـنَّىً بأنات الليل ، و تباريح الهجران ، و جروح الهوى ، تقتله اللهفة إلى تمثاله الأثير ، ثم تعيده حيَّاً ، ليذوق جرعة القتل مراتٍ ، و مرات!!!!
و إنه ـ يا مولاتى ـ لما جنَّ عليه الليل ثانيةً ، أبصر فى واحة الصُّدفة – ولا شئ غير الصُّدفة – إلْفَهُ ، و كنزه الثمين (حناناً ، و أحزاناً ، و حرماناً ، و رِقَّـةً ، و شِعراً ، و شعوراً ، و دفئاً ، و عذوبةً ، و عينين حوراوين ، واسعتين ، و قد احتوتا الدنيا جميعا ، وإن لم يرَ فيهما شيئاً سواه !!!)
أبصره ـ يا مولاتى ـ طائراً ، نادر النوع ، يتيم الأشباه ، مُبـرَّأ من أن يدانيه أحد ، مخلوقاً من النور المذاب فى بحور الحنان الدافئة ، مكسوُّا ريشاً من جناح مَلَك ....... - لكنه لا يغرد !!!! -
إنهم ـ يا مولاتى ـ حبسوه فى قفص ذهبى ، مُطَعَّم باللآلئ ، مفروش بالمخمل الناعم ، عطره من عنبر ....... - لكنه قفص !!!!! - حزين هو ـ يا مولاتى ـ ، و إن بدا لناظريه جميلاً ، لم تذهب نضارته ، و لا جفَّت غضاضته ، و لا انطفأ بريق جناحه (المكسور !!!)....... لكنَّ عينيه غائمتان خلف موجة رقراقة براقة من الدمع الدفيئ ، الدفين ، لا يلمحها إلَّا مثله من التعساء ، وإن كانوا أحرارا – خارج الأسوار – (مثلى!!!).
أبصره ـ يا مولاتى ـ (و ليته ما أبصره !!) ، فهكذا لعبة الأقدار معه ، و مع الرهبان مثله: ﴿إن هو نال .. لم يجد ، و إن وجد .. لم يَنَلْ !!! ﴾. لقد وجد – يا مولاتى – إلْفَهُ ، و كنزه ، ولكن لم ، ولن يناله (و ما كان ينبغى له !!!) ، لقد سبقه إليه غيره ، وقدم القفص الذهبى ، والفرش المخملى ، و العنبر.
لكنَّ الراهب – يا مولاتى – لا يملك إلَّا كتفا عريضا حطَّتْ عليه طيور شتَّى ، تلقط الـحَّبَّ ، و تنقر قلبه ، تلهو معه (أو قولى تلهو به !!) ، و هو لا تصدر عنه أنَّـة قد تزعجها..... - ثم تروح !!! -
و هو لا يملك – يا مولاتى – غير قلب حنون سوف يخبئ فيه من يرضى من الطيور ، إن جّنَّ الليل ، أو اشتدَّ البرد ، أو ثارت العواصف... - فمن يشترى قلبا الآن ؟؟!! –
و هو لا يملك – يا مولاتى – سوى كفٍّ سوف يحتوى كفَّ من يهواه ، إذا سارا معا ، يتناجيان حيناً ، و يضحكان حيناً ، و يبكيان إذا هاجت الأشجان.
و هكذا – يا مولاتى – قُـدِّرَ للراهب أن يجد ما قد عاش العمر ينشُدُه: إلْفَهُ ، و كنزه ، الذى (لو كان له !!) لأغناه العمر كله ، و لصفح به عن آثام الزمن الذى كان ، و لطابت به جراحٌ يعرفها ، و جراحٌ ليس بعرفها .... لكنه عبث الأقدار: ﴿أن يجده .. حين لم يكن له !!! ﴾.
﴿3﴾ ــــ مولاتى ــــ إنه لما تهادى الموج بقاربه (المكسور المجداف) ، بعد طول ترحالٍ ، و غربةٍ ، و أهوالٍ فى السفر ....، و أبصر مرفأ السكينة – على غير توقعٍ – فألقى مراسيه ، و أرخى الشراع ، و هبط إلى أرض البدء ، و المعاد ، وجنة الغد المجهول ، و نادى منادٍ من قِبَل الغيب: "أنّ هذا بلد المحبوب ، فحُطَّ الحال ، و فُضَّ المتاع ، و أرِحْ خيلك المتعبة".
فإنه – يا مولاتى – مسَّ الأرض بشفاهٍ ترتعش بترانيم الحمد ، و تراتيل العشق ، و خضَّب الثرى بدمع الندم – على ما فات من سنين العدم – فأنبتَ زهر الياسمين ، و فاحَ العبير ، و طابَ النسيم ، و طفق يجنى من رحيقه المختوم ، ليغسل عنه أدران الماضى.
و إنه – يا مولاتى – ما وطأ الأرض الطهور إلَّا ليبنى ، و يعمِّر ، و يزرع القمح ، فيجنى الشهد من عناقيد الهوى...... و إنه لم يصافح وجه الفمر المشتاق إلَّا لينشر دعوته: ﴿أن بورك مَن فى الأرض ، و فوق الأغصان ، و بين الأكمام ، يمنحنى الحُبَّ ... و أن طوبى لمن كانت داره قلب المحبوب ، فلزِمَ داره﴾.
إنه – يا مولاتى – إذْ وجدها ، فهى الجنة عند متيَّمٍ مثله ، لم يذُقْ إلَّا العذاب فى أرض البشر ، و هى الأزهار قد نامت على كفٍّ لم تعرف إلَّا وخذ الأشواك فى جنات الحور ، و هى الوحى لشاعر قد ملأ الحزن قلبه ، حتى كاد الشعر أن ينفجر نهراً من دمه.
لكنه – يا مولاتى – يخشى التخوم ، و ما خلف التخوم ، و يخشى السحاب إن مرَّ على وجه القمر ، يحجب الضياء ، و ينشر الظلام ، بعد أن ذاق حلاوة النور..... و هو يخشى – يا مولاتى – إن واصل المسير ليستكشف الشاطئ الآخر ، أن تهزم أحلامه الأمواج عند الطرف المخفىّ من جزيرته المسحورة ، فينكسر على الصخور ، أو يغشاه الماء ، فيبتلعه حوت الزمان – و هو كظيم - !!!!
فقولى لها – يا مولاتى – : ﴿أن أحبوا العاشقين ، يحببكم الله..... ، و أن احملى حبيبك طفلاً فى الحنايا ، فما مثله ليقدر على البعد و الهجران ....، و أن احفظيه فى نفسك ، يهَبُ لك نفسه ...، و أن كونى له على أيام الشدائد ، يكن لكِ على طول الزمان.. ﴾ ، و.... والله ماطلبت أهواؤنا بدلاً منكم ، و لا انصرفت عنكم أمانينا
#احمد_على_بدوى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإكتئاب فى رباعيات (صلاح جاهين)
-
الأعور وسط العميان
-
صباح يوم جديد
-
كتاب التاريخ ... ستّة إبتدائى
المزيد.....
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|