أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكرم عبدالقادر يونس - مراهقة ثوريّة عظيمة!















المزيد.....

مراهقة ثوريّة عظيمة!


أكرم عبدالقادر يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3293 - 2011 / 3 / 2 - 05:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لسنا ضد أحد.. ولكننا مع العراق (3)


في مراجعة (حسبة) تاريخية سريعة ولا تخلو، طبعا، من الابتسار يمكننا القول: بأننا اذا ما سلّمنا بأن الشعوب عبر تاريخها، تفرز أجيالا، أمواجا من البشر، قد تنقطع عن بعضها أوتتصل بالأجيال التي سبقتها وتتفاعل معها بهذه الدرجة او تلك.. ولكنها دائما قد تتقدم خطوة هنا أو تتراجع هناك.. وهي في كل ذلك كائن حي لا ينفصل عن هواء عصره الذي يتنفسّه!
وإذا ما أخذنا مصر، وهي النموذج الأقرب لنا، الآن وفي كل زمان؟!، نجد انها أفتتحت مرحلة المراهقة السياسية بإنقلاب يوليو 1952، والذي سرعان ما تحوّل الى ثورة بفضل الانجازات النسبية التي حققها، خاصة في السنوات العشر الأولى تمكّن فيها من تعبئة الشعب المصري وحصل على استقلاله، وحقق نموذجا ملهما لأغلب أجيال الشباب في المنطقة!
ولكنه سرعان ما تسللت اليه الشيخوخة، في منتصف الستينات، ثم لفظ انفاسه الحقيقيّة في هزيمة حزيران 1967، التي أشعرت الجميع وقيادته خاصّة، بأنه فقد شرعيته السياسية والاخلاقيّة.. التي لم يستردها حتى بعد (انتصار) أكتوبر.. بقيادة أنور السادات الذي حاول بعث الحياة مرة أخرى، بحجم هائل من اليأس اكثر منه بالأمل، ودأب على تحويل السياسة من المباديء القومية الى قيم المصالح والبزنس.. ولجأ الى التصالح مع اعداء الأمس: اسرائيل.. ومن قبلها فتح الأبواب للاسلاميين ليكونوا له عونا على رفاق الأمس من قوميين وناصريين وبساريّين.. وهنا شهدت مصر ولادة جديدة للحركات الاسلامية ،والاخوان المسلمين خاصة، بالدعم السعودي طبعا، ووصلت هذه الحركة الى مرحلة مراهقتها القصوى عندما أغتالت السادات نفسه عام 1981، الا انها تراجعت تحت قبضة نظام مبارك الذي نكّل بها لتعاود للظهور بشكل عنيف وحاد أوائل التسعينيات، وراحت تقتل السيّاح وتفجّر وتفرض سلطتها على الشارع شيئا فشيئا، مستفيدة من سياسة الإفقار الشديد والقمع وتفشي الفساد واللا عدالة الاجتماعية التي عانى منها الشعب المصري الذي راح يرفدها دائما بأجيال شابّة وجاهزة لل(جهاد)، وهذا ال(الجهاد) هو الاسم الحركي للمراهقة الدينية لأنه يمثّل أكثر أشكال التعبير الديني تطرّفا.. فالجهاد يعني ان تقاتل، وإما أن (تقتلِ) أو (تُقتَل)! وهو ما لا يتسق طبعا والحياة المدنية الطبيعيّة!
ثم ولغرض إرساء نوع من التعايش السلمي ما بين نظام مبارك من جهة، والاخوان والحركات الإسلامية، التي وصلت مرحلة النضج، دون ان تعلن مغادرتها مرحلة المراهقة الدينية/السياسية طبعا، لأنها كانت تُرهب نظام مبارك ب: الجهاد والاسلام هو الحل وغيرها، وكانت هذه ايضا واحدة من وسائل جذبها للأجيال الجديدة الغاضبة.. وباتفاقها، أو توافقها، مع نظام مبارك، شبه المعلن، انما عبرت عن ليس عن مهادنتها فقط.. وانما عن إصابتها بالشيخوخة، وانها، رغم اوهام قوتها الحاضرة لحدّ الآن وايهامها والذي فضحته عاصفة "شباب ميدان التحرير" مؤخرا والتي أعلنت دخول الاجيال الجديدة كلاعب جديد ورئيسي في الساحة المصرية.. هذا الجيل الذي ولّد حركة فاعلة ومؤثرة بشكل حاسم، حركة لم تكنس معها نظام مبارك فحسب.. وانما سحبت البساط من تحت أقدام الحركات الاسلامية، التي سمنت وترهلت، والتي، قد تناور هنا وهناك، ولكن الأهم: أنها لم يعد لديها ما تقدمه! وسرعان ما ستجفّ روافدها وتعود الى حجمها الحقيقي إذا ما استمرت حركة المراهقة الثوريّة الجديدة وجنت شيئا من ثمارها!

أما في حالتنا العراقيّة فيبدو الأمر أوضح بكثير، رغم التعقيد الذي، قد يبدو لأول وهلة بسبب، أو بفضل، وجود طائفتين رئيسيّتين: الشيعة والسنّة!

يختصر صدّام، ومعه حزبه ونظامه، في تحولاته، او الأصح تلوّناته، وعبر 35 عاما، أغلب ما مرّ بالمنطقة والعالم من تحولات: فعلى الصعيد الفكري (الانتقائي) والعقائدي والايديولوجي.. فهو قومي تقدمي في السبعينيات، حدّ تحالفه مع الشيوعيين ثم ضربهم، وتلك كانت بقايا من مرحلة مراهقته السياسيّة، وهو قومي ميّال للطائفة السنّية في الثمانينيات، أثناء حربه مع ايران، ثم اسلامي في تماس مع الوهابيّة او موازِ لها في التسعينيّات (القائد المؤمن) مع بقايا من قوميّة اندرست على يديه عشيّة غزوه للكويت!
أما معارضي نظامه فكان أغلبه من الاحزاب الدينيّة الشيعية التي وجدت لها حاضنات في البلدان العدوّة لنظامه: إيران وسوريا، ثم التحق بها فيما بعد، خاصّة أواخر التسعينيات، بعض الاحزاب الدينيّة السنّية التي وجدت لها حاضنات مع اعداءه الجدد: السعوديّة وبعض دول الخليج.. وكانت سوريا القاسم المشترك في احتضانه لكل اشكال اعداءه!
واذا ما وصلت الأحزاب الدينيّة الشيعية أوج مراهقتها في الثمانينات، وعبرت عن ذلك في تفجيرات ومحاولات تفجير داخل العراق هنا وهناك.. الا اننا يجدر بنا القول بأنها أمضت أغلب تلك الفترة وهي تنظم صفوفها وتنتظر، او تعمل في صفوف الأسرى العراقيين في ايران، بينما عاشت الأحزاب السنيّة أوج مراهقتها مع تصاعد المراهقة (الجهاديّة) للقاعدة.. لذا فانها كانت مهياة تماما لاحتضان أعداء الامس (من فلول البعثيين بحكم الطائفة والعشيرة وصلة الدم) للوقوف بوجه الأعداء المعتقين الجدد: أمريكا والشيعة، في مرحلة كان شعارها التكفير بامتياز!
وهذا ما استفزّ تيارا وليدا.. لم يمض على قطع حبله السرّي غير بضعة أعوام، وأعني به التيار الصدري، وهو التيّار الشيعي الوحيد الذي نما وترعرع في داخل العراق.. والذي جذب، في خضمّ الأصطفاف الطائفي، مئات الآلآف إن لم تكن الملايين من الشيعة اليائسين الذين لم يشهدوا انحلال النظام وسقوطه أمام أعينهم فقط.. وانما عاشوا ويلات أعواما مقرفة من البؤس واللاجدوى.. واللا أمل.. أو حتى اللا وطن! رغم انهم معفّرون يوميا بترابه!
وفي الوقت الذي عادت فيه أقطاب المعارضة الشيعيّة (التقليدية او المخضرمة!) من ايران وسوريا، وهي تبحث لها عن بلد تتقاعد فيه (المجلس الأعلى خاصّة والذي كان جلّ همه جمع الاموال وكأنه يحيا في الرمق الاخير من حياته.. مما فض الناس عنه!) ووخط الشيب أغلب قيادييه او كلهم..
لذا تولّى الصدريّون، من جهة، والأحزاب السنّية، وقد اصطفّ بعضها أو أغلبها مع الحركات البعثيّة القاعديّة من جهة أخرى!
كانت الساحة مهيأة تماما لتلك المواجهة! وشعارها الطائفيّة طبعا.. وهي ليست شتيمة.. بقدر ماهي توصيف لواقع بائس خلق في ما بعد توازنا يمكن ان نسميّه:توازن الرعب!
تلك المواجهات التي حظيت بمباركة كل الأطراف ورعايتها، سواء بحياد الحكومة ونظامها أو الأمريكان الذين كانوا أسياد البلاد الحقيقيّين، والذين حلّوا الجيش والوزارات.. فالتحق أغلب منتسبيها (السابقين!) بالأحزاب، من كلا الطائفتين، خرجوا بجيوب فارغة وقلوب مليئة بداء قاتل ساهمت 35 عاما من نظام مجرم على تعبئته وهو ما يدعى ب: الغلّ الطائفي! وهو الشكل الخاص بنا من التمييز العنصري الذي يتحجّج أغلب الأطراف بأنه العنصر الوحيد الذائم ويلقي بظلّه على حاضرنا وتاريخنا.. دون ان يبذل جهد حقيقي، من اي طرف، لاستيعابه واحتواءه وتحييده! وللشعوب وقياداتها في طوائفها.. شجون!
هكذا أمتلأت الجوامع والحسينيّات ومقرّات الأحزاب والبيوت بالسلاح! كل الأجواء مؤاتية.. وكذلك الاطماع (فالحكومة المنشغلة بغنائمها تراقب وتتابع وتسند الطرف الأقرب لها وتمّوله بالأسلحة والمعدّات.. رغم انها تعلم جيّدا بأن "المنتصر" (اي من يقتل أكثر! من يرضي مشاعر الغلّ أكثر! لأن الجميع يعي بأن إفناء أية طائفة لأخرى يدخل في ضرب المستحيل! ولكن كسر الشكيمة ممكن! والتهجير والنهاك أجدى! وأولا وآخرأ ففي غياب الحس الوطني فان كل شيء آني و: أرضي مشاعري البدائيّة اليوم وموّتني باجر!) وكلا الطائفتين تدثرتا بشعارات توفر الغطاء الديني لكل طرف.. أما الغطاء الأخلاقي فلم يكن لأحد حاجة للسؤال عنه! ربما لأن الدين أسمى من الأخلاق.. وأسمى بكثير من مفهوم الوطن والمواطنة! وكما كان،وما زال، شعار الأخوان المسلمين: الإسلام أولا.. كان الأبشع عندنا لأنه ضاق الى حدّ: طائفتنا أولا.. وربما أخيرا ايضاً!
من المجرم في ذلك؟.. الجميع بالطبع!
ومن الضحيّة؟.. الكلّ أيضاَ.. الكلّ ضحايا الخواء السياسي والمؤسساتي والاخلاقي السابق! الذي امتصّ دماء عشرات الألآف.. أيّ وطن والبلاد لاتشبه شيئا أكثر من خراب الروح؟
وما أن انفضّ (ذلك المشهد الدامي الذي سندين انفسنا جميعا اذا ما تكرّر ولو شيء منه!) ما أن انفضّ المشهد، وصفّى دم تلك الطائفة، وطارت أشلاء الطائفة الأخرى حتى ولد توازن الرعب الذي ولّد بدوره استحقاقات السلطة الجديدة! كلّ حسب القوّة وحسب منسوب الدماء الذي ما زال يقطر من أصابعه!
ومع توازن الرعب دخلنا ديموقراطيّة المساومات الجديدة: كلّ حسب درجة قدرته على قتل المواطنين العزّل! بما فيهم من يدّعي العلمانيّة طبعا، والذي تحالف مع شيطان الوهابيّة ليموّل حملاته الانتخابيّة.. بقائمتها البرّاقة دائما: العراقيّة!
أما وقد نفّست المراهقة الدينيّة عن احقادها بدم فائض الثمن! ودخلت شريكا في السلطة، وزراء ونوّاب ينهشون لحم الخلق والخزينة.. ولم تقدّم غير الكرامة "الملثكَة" بالدم لطوائفها..
وسط هذه الأجواء.. انطلقت شرارة جسد بوعزيزي، لتذكّر الجميع بأن لنا وطن مسروق.. ونحن على اعتاب مراهقة ثوريّة عاصفة!






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطيئة العراقيّة الأولى!
- لسنا ضد أحد.. ولكننا مع العراق!
- نميمة قلم! غسل ولبس!
- - إعدام الموتى- .. في مأساة التعليق على محاكمة عوّاد البندر
- تراجيكوميديا عراقية !!


المزيد.....




- شاهد.. أب يقفز في المحيط لإنقاذ ابنته بعد سقوطها من سفينة سي ...
- تُعاني من فرط الحركة؟ هكذا تواجه صعوبات النوم
- انتبه للصيف.. تعقيم مكيف السيارة يحافظ على صحة الركاب
- تونس.. العثور على جثة طفلة جرفتها الأمواج من بين ذويها
- المغرب: استئنافية الرباط تؤيد الحكم بسجن الصحفي حميد المهداو ...
- مجموعة السبع تدعو إلى استئناف المحادثات بشأن نووي إيران
- -مهددة بفقدان البصر-.. الشرطة الأسترالية تعتدي على محامية خل ...
- ترحيب أممي بتسوية أوضاع 2400 من عديمي الجنسية في مالي
- الجوع يهدد 4 ملايين لاجئ سوداني في دول الجوار
- السيسي: لا سلام في المنطقة دون دولة فلسطينية على حدود 67


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أكرم عبدالقادر يونس - مراهقة ثوريّة عظيمة!