أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - مدنية مدنية .. سلمية سلمية














المزيد.....

مدنية مدنية .. سلمية سلمية


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 23:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحديث عن الدولة المدنية في ربوع مصر اليوم، هو استجابة لمطالب الثوار الشباب الذين رفعوا شعارا عبقريا ملهما في ميدان التحرير، هو: "مدنية مدنية.. سلمية سلمية"، وهو شعار يطرح في العمق قضية العلاقة بين الدولة والدين، أو بين السياسة والدين، بعد أكثر من مائتي عام علي تأسيس محمد علي باشا للدولة المدنية الحديثة في مصر.

في مقالي السابق والمعنون "الديمقراطية الليبرالية أساس الدولة المدنية"، أكدت علي أن هناك تناقض جوهريا وأساسيا بين الدولة المدنية والدولة الدينية، ولا يمكن بناء الدولة المدنية في ظل الدولة الدينية، لأن العقيدة، أية عقيدة كانت، لا تؤمن بحق جميع المواطنين علي قدم المساواة، طالما أن القانون الديني يميز بين العقائد. في حين أن الدولة المدنية تسمح لجميع المواطنين بممارسة عقائدهم بحرية ودون تمييز وبنفس الشروط، علي أساس حق الجميع في المواطنة بالتساوي.

لقد استشعر الشباب بفطرتهم المتوهجة، وعلي العكس مما تروج له وسائل الإعلام والميديا، والشعارات المرفوعة من معظم القوي والأحزاب السياسية، أننا نعيش "حالة فريدة" وغير مسبوقة بين معظم النظم السياسية المعروفة في العالم، فالدولة المصرية لا هي دولة مدنية خالصة ولا هي دولة دينية كاملة. فقط هناك، استغلال للدين في العمل السياسي، من أجل الوصول إلي الحكم، أو استغلال النظام السياسي للدين لترسيخ السلطة حتي ولو كانت منفردة، تحقيقا لأهداف سياسية وحزبية لم يستطع تحقيقها بالوسائل المدنية.

وفي كل الأحوال تنتعش المؤسسة الدينية (المسيحية والإسلامية) في مصر، حيث تلعب - وغالبا بالتنسيق مع النظام - أدواراً مركبة ومتعددة في الحياة العامة، وتتدخل بدرجات متفاوتة في العمل السياسي العام، وتدلي بدلوها، عبر الفتاوي والعظات العامة في أمور مدنية بحتة! فبعد قرنين كاملين من محاولة إنشاء الدولة المدنية الحديثة، ما زلنا حائرين في ماهية تلك الدولة وهل هي حقا مدنية، أم دينية؟ وحين يتوه الجميع في دوامة خلط المفاهيم يصبح المخرج الوحيد هو: "دولة مدنية ذات مرجعية دينية"، أو دولة دينية ذات غلاف مدني، وهو أهم وأخطر ما كشفت عنه ثورة 25 يناير 2011.

في ندوة جمعتني ببعض الشباب المسيحي الذي شارك في المظاهرات، حكوا لي قصصا في المواطنة الحقيقية التي مارسوها بالفعل، وهي ملحمة رائعة يجب أن تسجل وتوثق وتحفظ للأجيال القادمة، خلاصتها : أن هؤلاء الشباب أكتشفوا أنفسهم في ثورة 25 يناير كغيرهم من المصريين، وأصبحوا لأول مرة أقل استعدادا لطاعة قيادتهم الدينية، وهو تحول جديد يشير إلي أنهم رفضوا بالإجماع كونهم (طائفة دينية) مسئول عنها سياسيا البابا، بل أعلن هؤلاء الشباب للعالم بخروجهم في المظاهرات واستشهاد بعضهم واختلاط دمائهم بدماء إخوانهم المسلمين، أنهم مواطنون مصريون وليسوا مجرد (رعايا) بمفهوم الدولة الدينية هذا من ناحية، من ناحية أخري وعلي مدي 20 يوما، لم يرفع الشباب المسلم أو المسيحي، شعارا دينيا واحدا في هذه الثورة الشعبية المصرية، وهو ما يكشف عن أن تسخين المناخ الطائفي قبل 25 يناير 2011، كان بفعل فاعل وبشكل مدروس وممنهج، وليس مصادفة أن أبشع فترات معاناة المصريين جميعا واهدار حقوقهم وامتهان كرامتهم هي في 12 سنة الأخيرة، تمت في عهد وزير الداخلية السابق حبيب العادلي الذي استمر في منصبه 14 عاما، وهي فترة سوداء سواء في الفتن الطائفية (من أحداث الكشح وحتي كنيسة القديسين) أو في سجل حقوق الإنسان بوجه عام، حيث حفلت بأسوأ جرائم التعذيب والقتل في أقسام الشرطة والسجون، وما تعذيب خالد سعيد حتي الموت الذي أشعل ثورة الشباب علي الفيس بوك، إلا نموذج لبشاعة هذا العهد الدموي.

لقد كشف شعار: مدنية مدنية.. سلمية سلمية، أن اقامة الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية وارساء مبدأ "المواطنة"، هو مطلب عام ليس لهؤلاء الشباب فقط وإنما أيضا لأغلب القوي الوطنية في المجتمع، وهو الكفيل وحده بإزالة المناخ الطائفي وعدم ظهور مروجي الفتن مرة أخري، ناهيك عن أنه يطمئن مخاوف الجميع من شبح الدولة الدينية أو الدولة العسكرية، وهو السبيل الي تحقيق الدولة المصرية العصرية حيث يستبدل اليوم مبدأ "الديمقراطية" بمبدأ "السيادة" الوطنية، في عصر العولمة وحقوق الإنسان والمواطنة العالمية.



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكر السؤال : من نحن أم من أنت؟
- ماذا قال نيتشه عام 2010
- من أين لنا كل هذا اليقين ؟
- التفكير في بلد التكفير
- حفلات الشاي ... القادم أسوأ
- «رحلة» توني بلير .. 11 سبتمبر والحرب الجديدة
- الأصولية والدين وحقوق الإنسان
- دين ( ما بعد ) العلمانية
- الإفلات من قبضة هيجل
- الأسس الفلسفية لليبرالية الدينية «2»
- الأسس الفلسفية لليبرالية الدينية (1)
- منظمة «الفيفا» والأمم المتحدة
- مفارقة: العلمانية ضرورية وليست كافية
- القلق الأمريكي والخروج إلي العالم
- كلينتون وسوفوكليس وصراع الديوك
- لماذا المواطنة الآن ؟
- الحصانة الذاتية
- دروس صينية في القمع والثورة
- جلوكل .. وأشياء أخري ..
- شباب إيران بروكسي


المزيد.....




- الأردن.. 36 حالة بين وفاة وإصابة في حادثة -التسمم الكحولي- و ...
- إيلون ماسك يطرق أبواب لبنان: هل تشكّل -ستارلينك- حلاً رقمياً ...
- القضاء البريطاني يرفض طلب منظمة غير حكومية وقف تصدير معدات ع ...
- باريس تبدي -أسفها الشديد- بعد الحكم على صحفي فرنسي بالسجن سب ...
- خامنئي وحقبة ما بعد الحرب.. كيف سيتعامل المرشد الإيراني مع ت ...
- إسرائيليون يعتدون على قاعدة عسكرية ومركز لقوات الأمن في الضف ...
- تحقيق استقصائي لرويترز.. كيف حصلت مجازر الساحل السوري وما دو ...
- -نراقب بدقة- - قلق ألماني لسقوط قتلى يوميا أثناء توزيع المسا ...
- إيران: الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب لا تزال غير واضحة ال ...
- بعد -الأسد الصاعد-.. إيران أمام مراجعة شاملة لعقيدتها العسكر ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عصام عبدالله - مدنية مدنية .. سلمية سلمية