أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - الإفلات من قبضة هيجل














المزيد.....

الإفلات من قبضة هيجل


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 23:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تاريخ الفلسفة الألمانية بدءا من "كانط"، قد يفهم وكأنه محاكمة تتم فيها مناقشة هذه العلاقة الوراثية غير الواضحة بين الدين والفلسفة، حسب هابرماس . حيث تبنت الثورات اللاهوتية في الغرب شعار "كانط" : "الدين ضمن حدود العقل فقط"، لأن "كانط" نفسه، كما سبق وبينا، قد قام بأهم ثورة في مجال الميتافيزيقا واللاهوت أيضاً، شبيهة بثورة كوبرنيكوس في مجال الفلك، وإن كانت أخطر في رأينا لأنها نزعت الوهم العقلاني بامتلاك الحقيقة المطلقة، وكشفت عن حدود "العقل" ومحدوديته، مما كان له أبلغ الأثر في مسيرة الفكر الفلسفي .

من هنا مثلت محاولة كانط ضربة قاصمة مزدوجة للميتافيزيقا واللاهوت في آن واحد، وكانت الشكوك التي أثارها في كتابه "نقد العقل الخالص" عام 1787، قد أصابت بشكل مباشر مشروعية "المطلق" Absolute.

غير أن " هيجل " اعتبر محاولة كانط برمتها لا تخرج في النهاية عن " لاهوت التنوير "، وظل يسخر بالنصر الظاهري الذي حصل عليه العقل الكانطي. ذلك أن العقل لا يحتفظ بالهيمنة إلا ظاهريا فقط . والسؤال الذي يفرض نفسه، هو : كيف حل هيجل هذه المعضلة ؟ .. هيجل جعل من موت ابن الله علي الصليب مركز فكره الفلسفي الذي أراد أن يصبغ به شكل المسيحية الوضعي.... إذ إن : " تجسد الله يرمز إلي حياة العقل الفلسفي" .

والمطلق (الديني) يجب أن يخلي نفسه للآخر (للمطلق الفلسفي)، لأنه لا يختبر القوة المطلقة إلا إذا خرج من جديد من سلبية التحديد الذاتي المؤلمة. هكذا ترفع المضامين الدينية وتصاغ في قالب المفهوم الفلسفي. لكن هيجل في النهاية يضحي بالبعد المستقبلي للتاريخ الخلاصي من أجل عملية عالمية تدور في ذاتها (الصيرورة).

(1) تلاميذ هيجل بدورهم، انقلبوا علي هذه القدرية، أو تلك النظرة المسبقة التي لا عزاء فيها، والتي تتجه نحو عودة المثل الأبدية. هم لا يريدون رفع الدين في الفكر، بل تحقيق مضامين الدين المحولة إلي مضامين دنيوية خالصة .

هذه الرغبة الشديدة في تحقيق ملكوت الله علي الأرض يتضمنها (نقد الدين) " بدءا من "فويرباخ" مرورا بـ" ماركس " و"بلوخ" و"بنيامين" وحتي "أدورنو": "لا يبقي شئ من المضمون اللاهوتي غير متحول، كل مضمون يجب أن يخضع للتجربة بأن يصبح علمانيا ودنيويا ". كما قال " أدورنو .

إن المسار التاريخي أظهر أن العقل أرهق نفسه بمشروع صعب كهذا. وينطبق علي أدورنو ما قاله "هوركهايمر" علي النظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت بأسرها : "هي تعرف أن الله غير موجود، لكنها تؤمن به .. رغم ذلك ".

أما اليوم فإن " جاك دريدا " يمثل تحت أثر مقدمات منطقية أخري، موقعا مماثلا، وهو من هذه الناحية أيضا يستحق أن يحمل "جائزة أدورنو" . فهو يريد أن يحتفظ من المسيانية (فكرة الخلاص) فقط "بالمسياني المتقشف الذي يجب ان يخلع عنه كل شيء، وهكذا أصبحت ما بعد الحداثة، وفي عمقها، ما هي إلا محاولة للإفلات من فلسفة هيجل، أو بالأحري، فإن: "عصرنا كله هو محاولة للإفلات من قبضة هيجل" كما قال ميشيل فوكو.

إن المنطقة الفاصلة بين الدين والفلسفة هي بالطبع أرض مزروعة بالألغام. العقل يعرف أن نزع القدسية عن المقدسات إنما يبدأ مع تلك الأديان التي نزعت السحر عن السحر، وتغلبت علي الأسطورة، وسمت بالضحية، وكشفت الحجاب عن السر. هكذا يستطيع العقل أن يحتفظ بمسافة من الدين، دون أن يغلق نفسه تجاه منظاره. (2)

الهوامش 1-هابرماس : الإيمان والعلم، مجلة " فكر وفن "، يناير 2002 ص 41. 2- المرجع نفسه : ص : 41و42.



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسس الفلسفية لليبرالية الدينية «2»
- الأسس الفلسفية لليبرالية الدينية (1)
- منظمة «الفيفا» والأمم المتحدة
- مفارقة: العلمانية ضرورية وليست كافية
- القلق الأمريكي والخروج إلي العالم
- كلينتون وسوفوكليس وصراع الديوك
- لماذا المواطنة الآن ؟
- الحصانة الذاتية
- دروس صينية في القمع والثورة
- جلوكل .. وأشياء أخري ..
- شباب إيران بروكسي
- فؤاد زكريا‏..‏ هذا الذي بدأ
- المخلص والمنقذ والمنتظر
- علي أبواب الحرب بالصدفة !
- بالمصري .. ساحة أثينا الجديدة
- الشعب صنيعة حكومته
- الأمن العالمي‮.. ‬لا يتجزأ
- السبيل إلي إنصاف المحرومين
- هل يمكن حماية الدين دون الحد من حرية التعبير؟
- تغير المناخ والسلام العالمي


المزيد.....




- رصاص في المسجد واختطاف الإمام.. حادث يشعل المنصات اليمنية
- يا غنماتي.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد على القمر الصنا ...
- تاريخ اليهود والمسيحيين في مكة والمدينة حتى ظهور الإسلام
- أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و ...
- انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال ...
- حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية
- ثبتها حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر ...
- “تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار ...
- شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية ...
- عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عصام عبدالله - الإفلات من قبضة هيجل