أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الحميد - اربعة مشاهد دراماتيكية مخزية















المزيد.....

اربعة مشاهد دراماتيكية مخزية


مهند عبد الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 20:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المشهد الأول: انتقلت عين كاميرا الفضائية التونسية إلى قصر الرئيس زين العابدين، القصر من الخارج قطعة فنية ساحرة الجمال، ولا يقل التصميم الداخلي جمالاً عن الإبداع المعماري الخارجي، نقلتنا الصورة من دهشة إلى أخرى، قاعة المكتبة ومجلدات أمهات الكتب والمخطوطات التي توحي للمشاهد اهتمام الرئيس المميز بالثقافة والمعرفة، وتولد نوعاً من الإعجاب والاحترام لمثل هذا الاهتمام المعرفي الذي لم يعتد المواطن العربي على وجوده لدى القادة والزعماء. المشاهد اللاحقة التي ركّزت عليها الكاميرا أحدثت تحولاً دراماتيكياً، تسللت عين الكاميرا إلى أزرار بين الأرفف وما إن ضغط عليها الشخص المتحدث حتى فتحت المخابئ السرية المصممة خلف الكتب، ورأى المشاهد مئات الرزم المالية، قال معلق الفضائية: إنها تحوي ملايين ــ كاش ــ بالدولار واليورو والدينار وسائر العملات الأخرى، مخزنة بعناية فائقة. وبعد ذلك انتقلت الكاميرا إلى مخازن سرية أخرى تضم قلائد وعقوداً وأساور مصنعة من أغلى أنواع الذهب والماس والزمرد يصعب وصف جمالها الفني، كما يصعب تقدير قيمتها المالية الباهظة... كان المشهد محيّراً من زاوية الاحتفاظ بالعملة في مخابئ بعيداً عن البنوك وتحويل القصر إلى "بنك سري خاص بالرئيس"، علماً أن الرئيس له أرصدة ضخمة في بنوك سويسرا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. والمشهد محيّر من زاوية مصدر الأموال من أين له كل هذه الأموال والحلي، والمشهد مدهش من زاوية مقارنة ما يملك الرئيس بمستوى دخل الفرد التونسي، بمستوى دخل بو عزيزي والشباب الذين فجروا الثورة. المشهد يفسّر لماذا قامت الثورة. والمشهد يطرح مسؤولية نظام بحزبه ومؤسساته وزعاماته عن مأساة شعب ووطن، وأشياء أخرى كثيرة.
المشهد الثاني: الرجل الذي خرج على شاشات التلفزة العالمية بعد انتظار طويل وفي ساعة متأخرة من ليلة الأمس، إنه سيف الإسلام، نجل العقيد معمر القذافي، ليتحدث عن مؤامرة خارجية خطيرة، أبطالها تونسيون ومصريون وفلسطينيون، بالاشتراك مع معارضين ليبيين مقيمين في الخارج، وعملاء ليبيين في الداخل، وفضائيات الـ (بي.بي.سي) و(الجزيرة) و(العربية). الرجل هدد بحرب أهلية، بأنهار الدماء ومئات آلاف القتلى، وكشف عن استعداد العقيد وقبيلته وجيشه للقتال حتى آخر طلقة، الرجل تحدث عن خريطة القبائل وصراعها الذي سيفضي إلى إشعال النيران بحقول النفط والى انقسامات ودويلات. ثم توقع أن يحتل الغرب ليبيا من أجل السيطرة على النفط وتفادي خطر الأصولية. ليبيا سَتُخَرَّبْ وتزول سَتُحْرَقْ إذا زال النظام وانتهت سيطرته. الحل الوحيد الذي سينقذ ليبيا من وجهة نظر سيف الإسلام هو بقاء البلد تحت سيطرة النظام وخضوع الشعب الليبي له مع "وعود" بإجراء تعديلات، علماً أن كل الوعود السابقة ذهبت أدراج الرياح. أغرب خطاب في التاريخ المعاصر، أغرب علاقة بين سلالة حاكمة وشعب ووطن، أغرب علاقات مِلْكِية في العالم، لا هي إقطاع وفلاحون، ولا هي عمال ورأسماليون، ولا هي مشاعة، هي علاقة أسياد وعبيد من نوع جديد هي علاقات نظام فريد من نوعه.
المشهد الثالث: خطبة القرضاوي في ميدان التحرير، وتغطية فضائية الجزيرة لعودته "الظافرة" إلى مصر، والنفخ في أهمية الحدث وكأنه شبيه بعودة الخميني في العام 79 إلى إيران. مجيء القرضاوي وخطابه الديني في ميدان التحرير جاء ليعزز مكانة الإخوان المسلمين، حاول القرضاوي أن ينقل مصر إلى ما قبل 25 يناير، إلى فئوية حزبية نجحت الثورة في تفتيتها واستيعابها في إطار هوية وطنية جامعة. فئوية القرضاوي تجسّدت بمنع "وائل غنيم"، أحد أبرز شباب الثورة من اعتلاء المنصة، في إشارة إلى رفض التعدد واحتكار الفعل، إلى رفض دور الشباب الذي فجّر الثورة وقلب المعادلة. وجود القرضاوي وخطابه أخاف الكثيرين خارج مصر، لكنه لم يخف المصريين، كانت لحظة عابرة تنتمي إلى الماضي ولم تدم طويلاً، لحظة تلاشت في خِضَّمِ احتفال الشباب والشابات المتدفقين حياة وحيوية. لم ينجح القرضاوي في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولا إلى الارتهان لثنائية نظام فاسد مستبد وأصولية منغلقة متعصبة، كان الخيار الثالث الجارف أقوى من صراع القطبين وتحالفهما الموضوعي ضد حرية وديمقراطية وتقدم مصر، لقد ولّى ذلك الزمن إلى غير رجعة.
المشهد الرابع: نقاش مشروع قرار لمجلس الأمن يدين الاستيطان. العرض الفلسطيني الموثق بقرارات سابقة ونصوص خريطة الطريق ومؤتمر أنابولس وخطاب أوباما في القاهرة، لم يضف للمواقف الدولية جديداً، وحرص على تقديم النص الذي ورد في خطاب أوباما. أربع عشرة دولة تحدثت بلغة واحدة وأدانت الاستيطان واعتبرته عملاً غير قانوني وغير شرعي انسجاماً مع مواقفها السابقة، صوتت جميعاً مع القرار الذي يدين الاستيطان. وحدها الولايات المتحدة استخدمت النقض ــ الفيتو ــ. فأيدت بذلك المستوطنين وأقصى اليمين الإسرائيلي. وكما يقول عكيفا إلدار: أميركا قالت نعم للمستوطنات وأيدت بشكل أعمى إسرائيل الاستيطانية، أيدت المواقف الأشد إضراراً بالسلام". العنصر الأشد بؤساً في هذا المشهد هو تهديد السلطة بعقوبات قبل التصويت على لسان الرئيس أوباما إذا لم تسحب القرار من التصويت، وشن حكومة نتنياهو حملة إعلامية بالتعاون مع وسائل إعلام أميركية ضد الرئيس أبو مازن باعتباره رجلاً مناهضاً للسلام، وبعض الصحف الأميركية طالبت باستبداله.
النظام العربي القديم أخفق سياسياً وأخلاقياً واقتصادياً، وعلى الرغم من ذلك ما زالت الأنظمة والسلطات ترفض التغيير وترفض مطالب الجماهير وتقاومها بالأساليب الفاشلة ذاتها. نظام يسقط تلو الآخر دون استخلاص الدروس، خطاب واحد متماثل يقدم، ومآل واحد في الانتظار. ألا يوجد طريق آخر للتغيير دون خسائر فادحة. لماذا لا تحترم إرادة الشعوب في التغيير بطريقة سلمية. الشعوب اختارت حقيقة الطريق السلمي طريق الحياة الحرة الكريمة والأنظمة تريد البقاء بالقوة، تريد إعادة إنتاج النظام القديم.
الولايات المتحدة تلتزم نظام المحافظين الجدد القديم في التعامل مع التحولات العاصفة في المنطقة، أوباما يكرر سياسة بوش الابن في التبني الأعمى لسياسة التوسع والاستيطان والعنصرية الإسرائيلية. ولكن ثمة فارقاً جوهرياً بين السياستين، فالنظام العربي الذي ارتضى بعلاقات تبعية للسياسة الأميركية بدأ يتهاوى، والشعوب العربية التي كانت مغلوبة على أمرها تنهض اليوم من جديد باحثة عن حريتها، لن تقبل الشعوب الثائرة علاقات التبعية وتلبية مصالح طرف واحد دون الآخر. وفي هذا الإطار ستجد القضية الفلسطينية مكاناً آمناً للحل العادل في إطار معادلة الشعوب، ولن يتأخر الشعب الفلسطيني عن المبادرة في الاتجاه الصحيح.
[email protected]



#مهند_عبد_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة المصرية والتغيير الفلسطيني المأمول
- ظاهرة دحلان...... الى اين؟
- التفكير الآمن أولا !!!
- التفكير الآمن ......!!!
- استقلال المرجعية الثقافية..... ام تبعيتها!!
- القرضاوي عالم دين ام رجل سياسة؟
- مكانة الدولة في الفكر السياسي الفلسطيني
- قمة بدون قاعدة....!
- الحريم.. صراع العقل والجسد
- انفصالنا عن الرموز
- جورج حبش.. حي في ذاكرتنا
- غزة الأبية.. تستحق محاسبة الذات
- فيلم مغارة ماريا..ثورة ضد المسكوت عنه
- استعادة عرفات رمزا ...
- نوستالجيا باب الحارة
- مؤتمران وخريف واحد
- إذا فشل انابوليس..هل نملك خيارا آخر؟
- إذا فشل انابوليس ..هل نملك خيارا آخر؟
- الملك الاسد وصناعة الكراهية
- إنقلاب أسود


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهند عبد الحميد - اربعة مشاهد دراماتيكية مخزية