أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - وداعا صديقي سلمان شمسة














المزيد.....

وداعا صديقي سلمان شمسة


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 981 - 2004 / 10 / 9 - 15:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ذلك الشعور الثمل باكتساب صداقة جديدة يحمل ألقا بطعم مختلف .اسميه انتصار ، أسميه اكتساب .أسميه تجديد وقوة دفع أخرى ،لحظة مسكرة برونق أخر .هذا ما حدث لي حين حصلت على معرفة جديدة بصديق طيب كنت أسمع عنه سابقا وتردد أسمه في الأيام البعيدة لمدينة الكاظمية .طباع وسجايا طيبة كان يحملها ويفرش ورودها أمام محاوريه .ما خبأ يوما ما عن أصدقائه ومحبيه تلك الحرارة ودفء المشاعر. كان يسفح تواضعه بطيبة متناهية ودون حساب .

الحديث الأول جاء عبر زميلنا وصديقنا المشترك المرحوم الدكتور عبد اللطيف عباس أبو جناس .تحدث المرحوم أبو جناس وأفاض وما كانت ذاكرته عن الدكتور سلمان شمسة غير خزين يتغني بطباع وشيم ذلك الرجل الذي تفيض روحه بخلق جم وطبع متسامح وثقافة نيرة .حدثني أبو جناس عن الدكتور شمسة طويلا وكثيرا وكنت حينها أتملى وجه أبو جناس لأرى الدكتور أبو يوسف شمسة في ذلك الوجه السمح الأليف والمبتسم .تكون لدي انطباع غامر بأن أبو جناس ينقل لي باجتهاد نادر صفاته الشخصية ولذا قاطعته راجيا أن ندخل مباشرة في موضوع المطبوع الذي نشرف على تحريره وهو مجلة نادي 14 تموز العراقي وهل حصل من أعزائنا الكتاب والمثقفين مواد جديدة .سلمني أبو جناس ضمن ما سلمني رقم هاتف الدكتور سلمان شمسة والأيمايل كذلك .

بعدها وجهت للراحل الدكتور شمسة رسالة أرجوه فيها تزويد مجلتنا بموضوعة من بحوثه وكتاباته فأجابني سريعا.قرأت رسالته .ليست قصيرة ولكنها أفصحت لي دون مواربة عن طبع وسجايا ذلك الرجل .أيها الرب ما أطيبه وما مقدار أريحيته، ما مدى شعور المودة الفسيح الذي يجلل به رسالته وهو يرد على رسالتي التي ما حوت غير تحية بسيطة وكلمات دبلوماسية صماء .حدثت أبو جناس بالأمر فكان جوابه مقنعا وصارما

ــ لعد شحسبالك .. بعدك ما شفت شي من هذا الوردة .أنه سماحة النجف وعبق بخور الأمام.

تواترت الرسائل بيننا وتحدثنا لمرتين عبر الهاتف تخاصمنا بمودة حول موضوعة بحثه عن الجادرجي وغلبني بطبعه الهاديء العقلاني فحصل على رضاي وقناعتي الصعبتين.وجدت فيه ليس فقط الطيبة وإنما قوى خبيئة أخرى كنت أود أن أجدها في أصدقاء كثيرين .كان عذبا في كلماته ،رصينا جريئا في رأيه وتحليلاته.ولذا كنت سعيدا أيما سعادة بصداقته وشكرت الدكتور عبد اللطيف عباس على هذه المعرفة الجميلة.صديق جديد بذات اهتماماتي السياسية والثقافية .شخصية ذكية متفتحة ايجابية، سلس الكلمة دقيق التعبير. كان هذا يكفيني لأرفع من مميزات صحبتي لهذا الرجل الرصين والعلمي والودود.

أيام معدودات مضت بعد يوم القبض على جرذ العوجة المهزوم صدام الذي كان يوما مختلفا كليا عن سابقاته في الزمن الموحش. دار حديث أبناء الجالية فيه دون ترتيب أو وعي، سوى رشاش فرح يتألق مثل نجوم ساطعات في سماوات الكون. ونحن نتشظى فرحا ونتملى منظر الطاغية في مهانته. هذا ما كانت تحتاجه النفوس لتترع وقتها بالسعادة الغامرة.ليست غير أيام حين غلت في أرواحنا وحشة الفجيعة بفقدان صديقنا المشترك أبو جناس .عند حافة المنايا الموجعات بكينا سوية صديقنا الذي رحل فجأة دون كلمة وداع .أجهشنا بكلماتنا وعواطفنا ودموعنا وواسينا بعضنا بحزن شفيف.حكينا صداقتنا لرجل كانت روحه تحتدم بطيبة مثالية ، متصالبة بحب العراق وروانق ذكريات أزقته وضجيج ناسه.رحل أبو جناس وخيل لنا أن نعيب الغربان وحشرجة الموت لا تدع لنا فرحا مكتملا .

في مكان الجلوس نفسه، على ذات الكرسي عرفت بمرض صديقي وكان جواب رسالة استفساري عن صحته مفعمة بالأمل والشجاعة. رسالة أخرى حملت لي بعض الخوف رغم قوة شكيمة كلماتها وتحديها .غير أن كل ذلك لم يشفع لي أن أكون بكامل التفاؤل، فبكيت بحرقة المفجوع .ولكن رسالتي الأخيرة حملتها بالرغم مني مسحة القلق والخوف وأنهيتها .(متمنيا لكم الصحة والشفاء العاجل.)

اليوم خارت قواي الصلبة الصلدة أو بقاياها .لقد رحل عبق رائحة النجف وضلال منائرها .لقد ثلم فرحي بقسوة مرة أخرى. طعنت أمالي وأمنياتي في أن تكون هناك وقريبا عند شاطيء دجلة ،جلسة تجمع كل هؤلاء الذين عرفتهم وشاركتهم المواجع والشدائد والآمال والفرح والبكاء.حشد يطلق قهقهاته ليعتمرها قلب بغداد ويمسح بها ثقل تلك السنين العجاف.

رحل سلمان شمسة دون أن ألتقية .رحل عني بعيدا شذا الطيبة التي ملأتني بأريجها الفواح.

لك أيها الصاحب الودود سلامي وقبلة لجبينك .

وليتحلق أبناء العراق حول جسدك المسجى وهم ينشدون لعراقك الذي أملت وتمنيت.

ليرقد جسدك فوق السندس الأخضر ويطالعك الوطن ويتذكر صوت احتجاجك وصراخك العالي وأنت تقارع الظلم وتريد لأبناء وطنك فضاء من حب بسعة الكون.

لك حبي الدائم الذي صنعته كلماتك وطيبة قلبك وروحك الشجاعة.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تهنئة للحوار المتمدن
- قوى اليسار والعلمانية اسباب الضعف والتشتت
- الوزيرة بثينة شعبان والأسرى
- في انتظار دكتاتورية ولاية الفقيه
- السيد أحمد الجلبي ولعبة التوازنات
- مشروع الشرق أوسط الكبير هل من طريق لحل الطلاسم
- أما كان للحكمة مكان
- سفالة وطنية
- ضبط الحواسم!!!
- الشرقية …الشرقية
- عام بعثي أخر مضى
- ألغاز الموت المجاني
- تقية المكاشفة. السيد فاروق سلوم نموذجا
- لنتذكر دائما عار المقابر الجماعية
- من أصدر القرار 137 ومن سمح بتمريره
- عن موت المؤسسة العسكرية العراقية
- بانتظار أن يغرد الفأر مثل البلبل
- صديقي الذي ودعته دون أن أدري
- فأر من هذا الزمان
- لن تعود الخطوات الى الوراء


المزيد.....




- ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق -تيك توك-؟
- السودان يطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث في -عدوان الإم ...
- -عار عليكم-.. بايدن يحضر عشاء مراسلي البيت الأبيض وسط احتجاج ...
- حماس تبحث مع فصائل فلسطينية مستجدات الحرب على غزة
- بيع ساعة جيب أغنى رجل في سفينة تايتانيك بمبلغ قياسي (صورة)
- ظاهرة غير مألوفة بعد المنخفض الجوي المطير تصدم مواطنا عمانيا ...
- بالصور.. رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -الم ...
- -إصابة بشكل مباشر-.. -حزب الله- يعرض مشاهد من استهداف مقر قي ...
- واشنطن تعرب عن قلقها من إقرار قانون مكافحة البغاء والشذوذ ال ...
- إسرائيل تؤكد استمرار بناء الميناء العائم بغزة وتنشر صورا له ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - وداعا صديقي سلمان شمسة