أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء شوقي - زهدي السكير














المزيد.....

زهدي السكير


هناء شوقي

الحوار المتمدن-العدد: 3283 - 2011 / 2 / 20 - 16:22
المحور: الادب والفن
    


زهدي السـِّكير
وأنا أجوب أزقة ذهني، تسلل حيث الإدراك اسم "زهدي"...
برق أمام ناظري: شاب رفيع القامة، بلحيته المشذبة، كأن للاسم طباق. أخذ زهدي يشدني إلى داخلي لأكتب ما قد يبوح به. عند التوغل أخذت أصوات الكتابة تصدني عن الإغفاء في المسير، صارت ملامح زهدي أقرب إليّ من مشهد الإدراك، قمتُ متحمسة أخط حروفي بحقيقة زهدي الغير متزهد.
زهدي رجل سكّير، يترنح في سُكره ما بين النوم العميق المميت، وعويل زوجته الهاربة من تحت الضرب المفتعل، ليتجنب صراخ المكان من حوله. لزهدي شعر أجعد، وبشرة سمراء قاتمة، تعطّنت أنفاسه بسبب الخمر الراكد في معدته، نودي بالأبخر....
"أنعام"... كنز الصبر، بيضاء الوجه، طويلة القامة ،بمنديل مقصب لا ينفك عن رأسها وكأنه ولد وعاش ليموت معها.
أنجبت أنعام من زهدي السكير ولدًا بكرًا وثلاث بنات، توفي ابنهما نتيجة سعاله المستمر، بقي يسعل حتى نزف وفارق الحياة. زهدي غارق في سكره...أنعام تنوح
البكر على الفراق.

ســلاف ... نـشـوة ... زيـنـة
سلاف..البنت الأولى، من ولع زهدي بالخمر، اقتصرت تسميته على أول ما يُعصر
منه، فكانت سلاف سمراء بلون الخمر المعتق. لا جُرم في أن يولد الطفل شبيه
أحد الوالدين! لكن الجرم في أنها بنت أنثى شبيهة والدها الأشعث، فأي ظلم سيقع عليك يا سلاف؟
نشـوة.. البنت الوسطى، أنجبتها أنعام حين كان زهدي يترنح في أول سكره، فناداها
"نشـوة".
زهدي يخصب الأرض، يترنح في سكره، ويسجل بناته وفق سَكرته. أنعام أرض
خصبة، مهما تألمت في زيجتها فهي كنز الصبر، تُخصب أرضها وتحصد زرعها،
تبلع همها فلربما....
زينة.. آخر العنقود، مَليحة الملامح كأمها، لم يفلح زهدي بإلصاق هوية السكر في تسميتها، يوم ولادتها كان مستيقظًـًا، فكان الخيار لأنعام.
..النهار..
لا مدينة تحتوي هكذا عنوان، البيت بارد، البطون تتضور جوعًا، البنات! يفتقدن
الأمل، يحتجن الأمان، وزهدي راكدٌ في سكره، أنعام تلطم صدرها وتندب حظها
راجية ربها بأن تبتلعها الأرض، فيخمد صخبها.
سلاف ابنة العشرين، طيبة القلب قبيحة المظهر، من سيتقدم لخطبتها فترتاح من جهنم أبيها؟ وأي جهنم ستفتح ذراعيها لتحضن شبيهة أبيها؟
في ظهيرة يوم وسط أيام الأسبوع المماثلة لبعضها، راقصت جسد زهدي رغبة السكر حتى الصخب، تحسس جيبه الفارغ، طرق ذهنه انتشال ما يختبئ في صدر أنعام، لم يفلح، صدرها خاوٍ من كل شيء. صال وجال حتى اتسعت الرقعة المشوهة، طرق الباب من خلفه وولىّ إلى غير معلوم، تاركًا وراءه مجهولاً ينتظرنه بناته في بيته.
يرتجف جسد السكير وعقله، لا يفكر سوى بمبتغاه، دفع باب حانة الخمر، علق شجار بينه وبين صاحب الحانة فطرده، التقى في الخارج بسائح مخنث، رجاه أن يشتري ابنته سلاف مقابل المال، فيرتاح من هموم إطعامها ويفسق أكثر في سكره. رفض المخنث شراء سلاف لبشاعتها، فاقتنص فرصة شراء الاثنتين معا بسعر معقول. ناحت أنعام حتى فقدت عقلها، رحلت المخدوعتان إلى المجهول، غرقت زينة في معلوم معقد، وانتعش زهدي في خمره وسكره.

...الليل...
داعبت زهدي فكرة بيع ابنته زينة، لكن! عليه اغتنام فرصة تعوضه عما مضى من فقر، زينة ابنة الخامسة عشر مليحة الملامح، وحيدة تجهل القادم، وأنعام خفّ نظرها من فرط دموعها.
البرد أسقط أطراف البيت، والجدران نخرها سوس الغدر، وعجوزُ في السبعين يدقّ الباب ليدفع ثمن زينة مالاً باهظًا، فترحل إلى اللا رجوع.
رحيل زينة حرك النار بعصا جافة، ثار بركان أنعام، تركت البيت راكضة لاهثة صرعى، تبحث في المجهول، وزهدي غارق في السكر والضحك ...



#هناء_شوقي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبيبي والمطر
- حبيسة الجدران
- الكتابة إرث القادم
- مشروع احتملات
- أشباه حب
- حلم على غدير الشوق
- خيوط حب
- غادة ٌ وقسيم
- كل ألف عام
- قصص قصيرة جدا
- خربشات في الحضور
- حبيبي
- الحال والترحال
- حوار الفراق
- كلمتني
- أنا النار
- حب ٍ يُدرك
- قانعة
- يا شام الارض
- بشراك مطرا ً


المزيد.....




- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...
- المغرب: الحفاظ على التراث الحرفي وتعزيز الهوية الثقافية المغ ...
- ناوروكي وماكرون يبحثان الأمن والتجارة في باريس ويؤكدان معارض ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هناء شوقي - زهدي السكير