أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سلام عبود - حطّموا متاريس دولة اللاقانون!















المزيد.....

حطّموا متاريس دولة اللاقانون!


سلام عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 14:26
المحور: حقوق الانسان
    


أنقل اليكم وصفا دقيقا لأحداث محافظة واسط كما روتها صحيفة الصباح العراقيّة على صفحتها الأولى يوم 17 شباط:
1- مصدر أمنيّ يقول إنّ المدينة شهدت مظاهرات للمطالبة بتحسين الوضع الخدميّ. 2- حمل المتظاهرون نعشا كتب عليه "الخدمات" .3- طاف المتظاهرون بمبنى المحافظة وهم يحملون النعش. 4- رشق المتظاهرون المبنى بالحجارة والعصيّ والأحذية. 5- هشّم المتظاهرون الزّجاج. 6- أحرق المتظاهرون غرفة الاستعلامات . 7- منعوا وصول سيارة الإطفاء وأجبروا سائقها على الفرار. 8- أطلقوا شعارات تندّد بالمحافظ. 9- وقف المتظاهرون الغاضبون أكثر من ساعة ونصف الساعة دون أن يخرج لهم أيّ مسؤول لسماع مطالبهم. 10 – توجهوا بعد ذلك الى منزل المحافظ وأضرموا النار فيه. (انتهى الخبر الرسميّ)
بهذا الوصف المحايد والوطني، النزيه والمهنيّ طبعا، تدوّن صحيفة الصباح أوّل مواجهة واسعة بين قطاع من الشعب الغاضب والسلطة المحليّة. وهذا الوصف يعكس حقيقة هويّة هؤلاء الذين يحكمون وطبيعتهم الإجرامية الظلاميّة ، ويكوّن صورة نمطيّة مجسّمة لصحفيي هذا النظام الجاهل والبهيميّ وكلّ نظام فاسد وأصم وأعمى مثله.
بعد هذا الوصف التفصيلي كلـّه، الذي لم ينس الأحذية والسائق المطرود والزجاج المهشّم ونعش الخدمات وبيت المحافظ، اختتمت الصحيفة تقريرها الشريف بسطر عجيب، لا صلة له بالحدث على الإطلاق، لا من قريب أو من بعيد. يقول السطر المنحرف:" ومن جهتها أكدت مصادر صحيّة في واسط أنّ الاشتباكات جرّاء التظاهرات أودت بحياة 3 أشخاص وجرحت نحو 50 آخرين وأنّ الحصيلة قابلة للزيادة بسبب خطورة بعض الإصابات"
المصادر الصحيّة تؤكد - ليس حملة المكانس ووكلاء الأمن- قتل ثلاثة مواطنين وجرح أكثر من خمسين مواطنا! من قتل وجرح هؤلاء وكيف؟ ألا يملك هؤلاء الجرحى والقتلى أسماء وعناوين وصورا وأهلا وسجلّ مواطنة؟ هل أحرقوا أنفسهم؟ هل قتلوا بعضهم؟ هل ما توا بمفخخة إرهابيّ؟
هنا لا بدّ أن نسأل محمد عبد الجبار الشبوط - صحافيّ إسلاميّ ّشريف الى حدّ اللـّعنة - وهو محرّر الخبر نيابة عن ما يعرف بشبكة الإعلام العراقيّ،عن سرّ شفافية إعلامه الأخلاقيّة، وعن سرّ إعادة تعيينه قائدا جديدا للاعلام الحكوميّ بعد إبعاده المؤقت.
الشبوط لا يجيب. الشبوط يلبط ثقافيّا فقط. صحيفة الشبوط غير معنية بهذه الأسئلة غير الشريفة، لأنه كما قال أحد كتـّاب الصحيفة قبل يومين: "لا آبه بما يقوله الآخرون"، أي لا يأبه بما يقوله الشعب، أو كما قال قمّام ثان: "لماذا نخجل مما نفعل؟" أي لماذا نخجل من الانحطاط الأخلاقيّ ومن الوقوف في صفّ القتلة.
عودة الشبوط، رافقتها عودة لمجمل الرعيل الطليعيّ الذي واكب الاحتلال "التحرير"، وهذا يعني أنّ السلطة والاحتلال يعدّان العدّة لعملية تحرير جديدة للشعب العراقيّ، يعدّانّ لمرحلة أسماها صحفيو السلطة "التحرير الثاني".
إذاً، لم يتمّ اختيار الشبوط ورهطه عبثا، ولم يتمّ استدعاء فريق الاحتلال عبثا أيضا. فالتحرير الثاني ليس شعارا، بل هو خطّة محكمة ومحاولة دنيئة لقتل آخر ما يملكه هذا الشعب من إحساس بالكرامة، وليس هناك من هو أجدر من الإعلام المأجور للقيام بهذا الدور. موت الضمير، كره العراق، كره الشعب، الإتجار بالدين وبالطائفيّة السياسيّة، وانمساخ الإرادة الشخصيّة. تلك هي خصائص قمّامي الثقافة من إعلاميي مرحلة التحرير الثاني.
وإذا كان التحرير الأوّل دفع أكثر من ثلاثة ملايين عراقيّ الى الخارج، وهدم بنية المؤسسات المدنيّة، وسحق الكرامة والهويّة الوطنيّة سحقا لا رحمة فيه، فماذا سيفعل التحرير الثاني؟ من أيّ شيء سيحرر ما تبقى من العراقيين؟ وهل تبقى شيء لم يتمّ تحرير المواطن منه، بعد أن حرّروه من أرضه، وحقوقه، وكرامته، وصبره؟
عودة جهاز الإعلام الذي رافق الاحتلال الأوّل دفع الى واجهة الحدث وجوها مستهلكة وأفكارا أكثر استهلاكا ورخصا.
فجأة عاد الى الواجهة المزيج العفلقيّ الأميركي الطائفيّ العرقيّ التجاريّ: ابراهيم الزبيدي واسماعيل زاير، ألمع شرطة الاحتلال.
فجأة يكتشف أحد أولاد الحكومة الفاسدة المدللين، الذي يعمل مأجورا منذ سبع سنوات في ثقافة الاحتلال الطائفيّ والعرقيّ والأميركيّ، يكتشف وجود بركة ماء آسنة أمام مقر صحيفته، ويعلن أمام الشعب الثائر عن سرّه الخطير بشجاعة وثوريّة ملهمتين.
حصيف كاكه مسعود! يقول أحد زبّالي الاحتلال والنظام الطائفيّ العرقيّ إنّه نصح إحدى العوائل بإنزال صورة ابنها المعتقل ، لكي لا يُساء استخدام "طهارة التغيير" و"تحريف أهداف الاحتجاج!". وطلب من الأهل أن يرفعوا مكنسة بدلا من صورة ابنهم العراقيّ المعتقل في سجون النظام! لأنّ الشعب - في نظره - يقدّس المكانس عاليا، ولا يقدّر شهداءه أو معتقليه جيّدا!
مستعجل ملا عليوي! أحد "فروخ السلطة" بدأ بكتابة ونشر مذكراته، التي تسجل مشاركته البطوليّة في تفجير وقيادته الثورة ضد الفساد "الخدميّ"، ولكن قبل بدء الثورة! هؤلاء لم يعبثوا بحياتنا فحسب، بل يريدون العبث حتـّى بموتنا وغضبنا وآلامنا.
لقد بدأت أجهزة المخابرات تزرع وسط المنتفضين أوقح صحافييها وإعلامييها وشرطتها من خدم الاحتلال والطغمة الفاسدة - كما زرع حسني بلطجيته- لكي يقودوا المنتفضين الى فخاخ منصوبة سلفا من قبل جهاز الشرطة السريّة. سيتحمل هؤلاء، اسما اسما، مسؤولية شخصيّة مباشرة عن كلّ صدام دمويّ وتخريبيّ يهدف الى "تحريف أهداف الاحتجاج!".
فجأة ظهر سيار الجميل وراح يفتش في دفاتره العتيقة المهلهلة مكتشفا أن : العراق " بأمسّ الحاجة الى كلّ من المسؤولين والمواطنين معا"، من دون أن يخبرنا أيّ مسؤول وأيّ مواطن يعني!
وصحا فجأة، بالعبقريّة ذاتها، القضاء العراقيّ النزيه، مكتشفا جريمة جهاد الجابري، مدير مكافحة المتفجرات، التي فـُضحت منذ زمن ليس بالقصير في صحف العالم أجمع. بهذا الاستدعاء المزدوج – صحافة الاحتلال والمسيئين الصغار- يريد اللص الكبير إخفاء حلقات اللصوص والمجرمين، الذين عيّنوا وحموا ووقـّعوا على صفقة شراء أجهزة مكافحة المتفجرات الفاسدة، التي حصدت نفوس آلاف العراقيين، كما يريد لصوص البرلمان العراقيّ الكبار التضحية بلصوص المجالس المحليّة الصغار وحرقهم في أتون الغضب الشعبيّ العارم، ومثلهم يريد لصوص الإعلام سرقة وتدنيس لحظة الوعيّ المجتمعيّ التاريخيّة لدى المواطن المبتلى بالظلم على مرّ العصور.
أيها المقهورون: اكنسوا وكلاء الأمن، حملة نظرية "التحرير الثاني"، وابعثوا بهم الى أسيادهم مع مكانسهم وضمائرهم المتقيحة. لا تسمحوا لهم بتدنيس براءة الغضب العراقيّ وطهارة الألم الذي عشناها جراء فساد رؤسائهم!
هذه اللعبة المنحطـّة لن تنطلي على أحد. عقود النفط أعلى وأغلى من عقود تبليط الشوارع، وتخطيط سياسة الدولة العليا مسؤوليّة أعلى جهاز حكوميّ، وليست مسؤوليّة الزبّالين والمنظفين البلديين. اتفاقيّات بيع الوطن، أمنيّا وسياسيّا واقتصاديّا وثقافيّا، مسؤوليّة الجهاز الحزبيّ الحاكم وليست مسؤوليّة حرّاس مبنى المحافظ.
المعركة التي يريد اللص الكبير نقلها الى ساحة اللصوص الصغار لن توقف أو "تحرف" إرادة الشعب، لأنها معركة مغشوشة ومكشوفة، معركة لا تجيب عن أسئلة الوطن، وعن حقوق المواطنة، وعن الكرامة المنتهكة.
ربّما ستجيب عن سبب فساد تبليط الشوارع في بعض أزقـّة قضاء عفك؛ هذا ممكن إذا تمّ التضحية مؤقتا ببعض "الحرامية" الصغار، لكنّها لن تجيب عن فساد الحكم وضحالة النظام السياسيّ وتعفـّنه.
هذا الشعب الغاضب لن يخدعه صحافيّ ميّت الضمير أو سياسيّ ميّت الأخلاق. هذا الشعب الذي صبر طويلا لن يقع في لعبة اللصوص الكبار، لصوص المنطقة الخضراء، المسؤولين الرئيسيين عن الفساد والمشرّعين الرئيسيين له.
أيّها السياسيّون الفاسدون: حصّنوا حدود المنطقة الخضراء جيّدا بالمتاريس والألغام الأرضيّة! لأنـّها ستكون حدود دولتكم الأخيرة. وإذا واصلتم دوس كرامة الشعب ربّما ستكون حدود مقبرتكم الأخيرة.
حصّنوا حدود دولة اللاقانون بالأسلاك الشائكة، فقد كفر الآباء والأمهات بذلك اليوم التعيس الذي ولدتهم فيه أمهاتهم وجعلتهم يرون قانونكم الفاسد.
أيّها السياسيّون الفاسدون: خذوا أقوالي على محمل الجدّ. ما أقوله هو أصدق أنواع النصح، لأنـّه نصح كاره غاضب، وليس نصح واش أو نمّام



#سلام_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم يا طغاة الفساد العراقي: نحن متضرّرون!
- ثورة المواطنة وديكتاتورية الرئيس المنتخب!
- ثورة عراقية كبرى، ولكن...!
- انطباعات أميركية عن أميركا عراقية
- ممرات العبور من الحرية الفردية الى الحريات العامة وبالعكس
- أخيرا، حصل الإعلام السويدي على إنتحاريّه الخاص
- تدنيس المقدس (قراءة سلفية تهين الرسول محمد: حديث أم حرام)
- حكومة من تنك، وقَتَلة من ذهب، وإعلام خردة!
- أسرار وثائق ويكيلكس!
- تفكيك المقدس واستنطاق المسكوت عنه
- دكتاتورية الكراهية: الفرد العراقي من مجتمع التعبئة الى حالة ...
- نقد الخطاب الديني، التفكير والتكفير واللعب على المكشوف
- النظافة من الإيمان: ثلاث كلمات قتلت سردشت
- كاكه سرو وعبلة: قصّة حبّ كرديّة
- البحث عن السعادة الخادعة في الأدب الغريب وثقافة الآخر
- الثقافة والعنف بين التحليل النفسي وعلم الاجتماع
- يهود العراق وخرافة البحث عن وطن افتراضي
- هل نرتقي بضربة حذاء؟!
- البعثيُّ الذكيُّ والعراقيُّ الغبيُّ! ( رسالة الى المثقف البع ...
- سيئات حميد مجيد الفاضلة


المزيد.....




- الجزائر: حان الوقت لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة
- أكسيونوف يؤكد اعتقال كافة المجموعات التخريبية التي تم كشفها ...
- فاقمت معاناة النازحين.. مغردون يتفاعلون مع السيول التي ضربت ...
- ليكن صمود الأسرى وصمود الشعب الفلسطيني نموذجنا في معارك شعبن ...
- ممثل الرئيس الفلسطيني بالأمم المتحدة: كيف يضر الاعتراف بدولت ...
- إسرائيل أمام مجلس الأمن: إذا اعتُمد قرار بمنح فلسطين عضوية ك ...
- بعثة فلسطين بالأمم المتحدة: نيلنا العضوية الكاملة يحمي مسار ...
- فلسطين تطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل لوقف العملية الإسر ...
- اعتقال 40 فلسطينيا بالضفة وعشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى
- مفوض الأونروا: موظفونا الذين اعتقلتهم إسرائيل تحدثوا عن فظائ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سلام عبود - حطّموا متاريس دولة اللاقانون!