أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الإسلام السياسي















المزيد.....



الإسلام السياسي


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 3281 - 2011 / 2 / 18 - 21:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإسلام السياسي - 1 -

بداية لابد من توضيح بعض الغموض الذي يكتنف بعض التسميات التي يطلقها الغرب على هذه الجماعات مثل تسمية " الحركات الأصولية " ، " السلفية " ، ثم الهدف الذي ترمي تلك الجماعات الوصول إليه ،الاستيلاء على الحكم سواء بالانقلابات الفوقية ، أو بالثورة الإسلامية . ان هذه التسميات والاوصاف تبقى اما وصفية وفي احيان كثيرة قدحية ، الهدف منها في التحليل الغربي المخدوم ، ابراز التمايز والاختلافات المجتمعية العميقة بين المعسكرين الغربي والاسلامي ، وهو ما ذهب اليه مفكرو الغرب بعد افول الاتحاد السوفياتي السا بق ، عندما نظروا ومن منطلقات صهيونية مسيحية لما اسموه بصراع الحضارات . ان رفض تلك التسميات التي دأب الغرب على اطلاقها على تلك الحركات ،نرجعه الى ان ظروف تكوين تلك الجمعيات وايديولوجياتها النصية ، والمشروع المجتمعي العام الذي تجتهد في تحقيقه ، لا يسمح بتسميتها بالحركات " الاصولية " او " السلفية " ، او"بحركة النهضة"أو ان نسمي مشروعها ب " الثورة الاسلامية" .

1 – حركة النهضة : يرتبط التاريخ العربي الاسلامي بالدور العظيم للإسلام ، وبالأثر العظيم الذي تركه في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية ، وياتي في مقدمة هذا الاثر العظيم للاسلام النضال ضد الغزو الاجنبي . فتحت راية الاسلام تم صد الغزوات الاجنبية الصليبية الاروبية ، وفي ظله تصاعدت المقاومة المغربية ضد الاحتلال الكلونيالي الفرنسي ، كما نهض الوهابيون باسم الاسلام وبخلفية عربية عشائرية وقبلية للنضال ضد الاستبداد العثماني الذي استخدم الإسلام أيضا للسيطرة على الشعوب واستثمار الجماهير لمصلحة أقلية إقطاعية حاكمة . وباسم الإسلام اندفعت جموع المهديين في السودان للنضال ضد المستعمر البريطاني ، كما تحرك عمر المختار ضد جحافل الطليان بليبيا . وقبل هذا التاريخ بزمن تنادت الجماهير المضطهدة المظلومة والمستثمرة للنضال الاجتماعي تحت راية الاسلام ضد الاقلية الحاكمة باسم الاسلام ايضا، التي فسرت نصوصه بما يخدم طبيعتها الطبقية الاستبدادية و يتلاءم مع مراميها ومشاريعها الاستغلالية .
في ذلك الوقت كان لابد لزعماء الحركات الاجتماعية في العالم العربي والشرق المسلم ، كما هو الحال في الغرب المسيحي اليهودي ،من الالتجاء الى الدين والاحتماء به من اجل الهجوم على السلطة الاقطاعية الاستبدادية المتسترة برداء الدين ايضا . وقد كانت سيطرة الايديولوجية الدينية في حياة المجتمع الفكرية في الشرق وفي اروبة العصر الوسيط لا تتجلى في تكريس الاوضاع القائمة فحسب ، بل في واقع ان الهجوم على الاقطاعية او على مؤسساتها كان يتخد شكلا دينيا . لقد كان الدين شرطا ايديولوجيا ضروريا لعملية التطور التاريخي . وانطلاقا من ذلك الواقع كانت الفئات الدينية المعارضة والمضطهدة تسعى الى تضييق نفود الطبقة الحاكمة الروحي عن طريق الدين ايضا . هكذا تم في مجرى التطور التاريخي و في خضم احتدام التناقضات بين الحاكمين والمحكومين ، استخدام الدين من كلا طرفي الصراع الاجتماعي لحشد الجماهير المؤمنة ، اما في طريق الثورة ضد الاستغلال والاضطهاد ، او في سبيل تخدير الجماهير وتحويلها الى كتل تنتج الخيرات لمصلحة الفئات الحاكمة المتربعة على ارائك الخلافة وسدة الحكم . وقد استمر الوضع على هذا المنوال حتى مجيء عصر النهضة وحركة التجديد والتنوير الاسلامي في القرن التاسع عشر وتحديدا في اواخره . ففي ظل تاثير الانتشار النسبي للعلاقات الراسمالية في معظم الاقطار العربية المتزامن مع ضغط الراسمالية الاروبية والغزو الكلونيالي ، ومن ثم الامبريالي لمغرب ومشرق الوطن العربي ، ومع الإرهاصات الأولى لظهور الافكار البرجوازية المبكرة ...بدات تظهر تدريجيا في مصر وفي العديد من الاقطار العربية ، اتجاهات ايديولوجية جديدة عرفت بحركات" التجديد الاسلامي " و " حركة الجامعة الاسلامية "، بتعريف الافغاني ومحمد عبدو . ولا يخفى ان " حركة التجديد الاسلامي "شانها شان حركة " النهضة العربية "، كانت ثمرة البدايات الاولى لنمو علاقات انتاج جديدة راسمالية ، وقد عبرت افكار " التجديد الاسلامي "و " حركة النهضة العربية "عن تطلعات الطبقة البرجوازية الجديدة السائرة في طريق التكوين في المنطقة العربية .
معنى ذلك ان " حركة النهضة العربية " و " حركة التجديد الاسلامي "في عصر النهضة العربية كانت كما ذكرنا حركة ثورية حضارية تسير مع مجرى التطور التاريخي في اواخر القرن التاسع عشر المتسم بعملية الانتقال من الاقطاعية الى الراسمالية من جهة ، وتحول الراسمالية الى امبريالية تستثمر وتستغل الشعوب وتستعبدها من جهة اخرى . وقد وقفت " حركة التجديد " في عصر النهضة ضد الامبريالية في عدوانها على الشعوب الاسلامية ، ووقفت ضد الاستبداد المتمثل في الاقطاعية الشرقية والعثمانية . وهذا الموقف يتعارض طبعا مع المشروع العام الذي تريد منظمات الاسلام السياسي تحقيقه في المجتمع ، والذي ليس في الحقيقة اكثر من محاولة بائسة ويائسة لبعث السلطة العثمانية الاستبدادية خلف اقنعة مختلفة ، وقتل المشروع العربي المعاصر ، وليس الحداثي التغريبي الاباحي ،الذي يخوض النضال ضد كل المخزون الثقافي السلبي المعشعش في البنية العربية على مدى مئات السنين ، والذي يلتمس لنفسه البراءة في اقاصيص وحكايات ونصوص تاريخية استهدفت قتل روح المبادرة في العقل العربي المأزوم أصلأ خدمة للنظم الاستبدادية القامعة ، ومن جهة اخرى محاولات الرجعية في ان تستغل الدين ضد طبيعته وروحه لعرقلة التقدم ، وذلك بافتعال تفسيرات له تتصادم مع حكمته الإلهية السامية .
2 – الحركة السلفية : يعد مفهوم السلفية من اهم المفاهيم المتداولة اليوم في الساحة السياسية والثقافية عربية او غربية ، غير ان استعماله يتم عبر منظورات متفاوتة حيث ينزاح من معنى الى اخر ، فيتضمن لذلك مقاصد مختلفة ومتناقضة في كثير من الحالات ، الامر الذي يدفع الى طرح السؤال التالي : هل تعتبر السلفية حركة تجديد ديني وسياسي ، ام انها تعد بمثابة التعبير الصحيح عن الدين الالهي في معناه الشمولي ؟. بمعنى اخر هل ينبغي النظر الى السلفية كرؤية استشرافية للمستقبل ، ام ينبغي النظر اليها كتراث ديني لابد من الحفاظ عليه في مواجهة التهديد الخارجي المسيحي اليهودي ؟. ثم هل يصح فعلا نعت منظمات الاسلام السياسي بالحركات السلفية ، كما درج على ذلك الكتاب الاروبيون والغربيون بوجه عام ؟.
اعتقد انه برجوعنا الى بعض المفكرين المغاربة الذين اهتموا بهذه الاشكالية في الوصف والتي احتلت معان مختلفة في مختلف الخطابات بين مؤيد ومعارض او محايد ، ونخص بالذكر منهم الاستاذ محمد عزيز لحبابي رحمه الله ، سنجد ان مدلول السلفية هو تعبير واصطلاح عن فترة النهضة العربية ، في مواجهة تقدم العالم الحر بنمطيه الشرقي والغربي . فبعد اندثار الامبراطورية العثمانية التي جسدت اخر مظهر من مظاهر الخلافة الاسلامية ، وشعور العالم العربي والاسلامي بتراجعه امام الاخر الذي بدا يعد عدته ومخططاته لتبشيره المسيحي الكلونيالي ، ظهرت مجموعة من الرواد المسلمين الذين تحملوا هم وعبء محاولات الكشف عن الذات ونواقصها ، ثم البحث في سبل الانعتاق لارجاع عظمة ومجد التاريخ العربي الاسلامي . ان هذه المجموعة التي مثلها كل من الافغاني وعبده والكواكبي .. هو ما اطلق عليه الاستاذ عزيز لحبابي اسم السلفية . واذ نتفق مع وجهة النظر هذه ، فاننا نختلف مع كل من يصف الفترة التي استغرقت تجربة حسن البنا مع حسن الهضيبي والسيد قطب بفترة السلفية . ان الفرق بين الفترتين اوالمرحلتين ، هو ان الفترة الاولى ،أي فترة عصر النهضة اراد المصلحون منها ، تطوير العالم العربي والاسلامي بما يحقق التقارب مع العالم المتقدم . اما الفترة الثانية فهي بخلاف الاولى ، تعتبر ارتدادا ونكوصا ورجوعا الى الخلف نحو خلق قيم غارقة في الاساطير والرجعية . ومن هنا يمكن لنا فهم اسباب تراجع محمد رشيد رضا عن افكار الافغاني وافكار محمد عبده، وكانت افكار حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين وطروحاته نقلة الى الخلف بالقياس الى محمد رشيد رضا ، وجاء السيد قطب ليدفن ما تبقى من معالم التجديد الاسلامي عندما اعتبر في كتابه " معالم الطريق " الصادر عام 1964، ان الحضارة الحديثة شكل اخر من اشكال العصر الجاهلي .
اذا كان الاستاذ محمد عزيز لحبابي اعتبر السلفية كايديولوجية دالة على الفكر الاسلامي النقدي ، كما مثله السلف في عصور الازدهار لما مارسوا الاجتهاد وحرية التاويل ، فحاربوا كل الطفيليات والاسرائيليات والشعودات المضرة بالدين ، التي تراكمت على التراث الاسلامي عبر العصور ، فان الاستاذ علال الفاسي اعتبر بدوره السلفية بمثابة الفكر الاصلاحي المناهض للطرقية ، حيث قال بصددها : "كانت سلفيتنا تمردا على الاستعمار الذي هاجمنا في عقر دارنا واحتقر مقدساتنا " وانها " سلفية متحررة من الجمود والجحود وثائرة ضد الواقع وعاملة على تغييره لبناء وحدة وطنية سليمة " منبثقة عن " الفكر الاسلامي المؤمن بالدين والمتحرر من اثقال عصور الانحطاط ".
اذن يتبين من هذا انه في مرحلة النضال ضد النظام الكلونيالي ، تبلور وعي البرجوازية الوطنية والميركانتيلية ، فيما جرت معظم الكتابات على نعته ب " الحركة السلفية "، وهي تلك الحركة التي يرجع لجامعة القرويين في المغرب فضل كبير في بلورتها على يد المرحوم علال الفاسي وبلعربي العلوي ، فكانت بذلك ، أي السلفية باعتبارها " دفاعا عن الدين وقد تم تطهيره " حافزا وطنيا اعتمدته البرجوازية الوطنية الميركانتيلية في تعبئتها للجماهير وحشدها ضد المحتل الاجنبي الفرنسي . وطيلة الفترة التي تلت سنة 1956، استمر الحضور الوازن للإيديولوجية الدينية بمدلولاته المختلفة . فكان( حزب الاستقلال) الذي كان يمثل اهم الاحزاب البرجوازية الوطنية يمحور توجهه النظري والسياسي حول " الاسلام وعدالته الاجتماعية "، بينما كان( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) ، الذي كان يضم تيارا شعبويا قويا ، يستخدم فهما خاصا للدين في صراعه ضد الحكم وضد الطبقة المحيطة به ، فكان بذلك يدعو الى اشتراكية مثالية معتبرا اياها تجسيدا للاسلام الحقيقي ، وهي نفس الشعارات رددها الضباط الوطنيون الاحرار غداة انقضاضهم على الحكم في مصر ، كما انها تجسد نفس اشتراكية الحركة القومية العربية ،واحزاب البعث العربي الاشتراكي في العراق سابق وسورية اليوم .
ومنذ النصف الثاني من السبعينات ، بدات الظروف تنضج بشكل يسمح بنشوء حركات اسلامية رجعية ، لايمكن ان ننعتها هنا بالحركات السلفية ، كما درج على تعريفه كل من الاستاذين محمد عزيز لحبابي وعلال الفاسي ، وذلك نظرا لما ينتج عن ذلك من خلط في المشاريع العامة التي كانت تلك الحركات تصبو للوصول اليها . فالسلفية في المغرب هي اشارة الى ايديولوجية البرجوازية الوطنية في مواجهتها الطرقية و الاستعمارين الفرنسي والاسباني . اما في الشرق العربي ، فان السلفية تعني تلك الحركة التي حاولت تطوير العالم العربي والاسلامي ، للدفع به الى مصاف الدول المتقدمة عن طريق التصنيع والتحديث ومحاربة الاقطاع والاستبداد والفساد .
3 – الحركة الاصولية : لفظ الاصولية بالرغم من اصله العربي من الناحية الاشتقاقية ، الاا نه ترجمة للفظ اجنبي هو
fondamentalismeويشير به الدارسون الغربيون المحدثون الى النهضة الاسلامية او الصحوة الاسلامية le réveil de l’islam كما مثلتها اخيرا الحركات الاصلاحية في عصر النهضة ايام الافغاني ومحمد عبدو ورشيد رضا ...الامر الذي يعني ان نعت الاصولية لايجب اطلاقه على الحركات الدينية التي من الافضل تسميتها ب ( منظمات الاسلام السياسي )، وذلك لسبب ان هذه المنظمات اثارت ولا تزال تثير من المشاكل ما ارهق المجهود العربي ،ودفع الحكومات الى التركيز على الاعتبارات الامنية الضيقة اكثر من التركيز على المجالات الاخرى .ان مشاكل منظمات الاسلام السياسي تطرح على مستوى سياسي ايديولوجي ، اكثر مما تطرح على مستوى عقلاني ثقافي وتاريخي كما كان يفعل السلفيون الحقيقيون . ان محمد عبدو مثلا كان اكثر عقلانية بكثير من الذين يتحدثون اليوم عن الصحوة الاسلامية . ان الذين يتحدثون عن الصحوة الاسلامية اوالاصولية ، انما يتحدثون عن خطاب سياسي مغلف بعبارات دينية هدفه الاساسي اغتصاب الحكم اما بالانقلاب من فوق أي من أعلى ، واما بثورة شعبية ،لذا فان هذه الجماعات ليس لها من السلفية التجديدية غير الاسم .
4 – الثورة الاسلامية : في هذا الباب نتفق مع الاستاذ محمد أراغون الذي ينفي عن منظمات الاسلام السياسي صفتها الثورية ويصفها بدل ذلك ب " مستغلي الدين وتحريفه عن صوبه الصحيح "، كما يرفض استعمال مصطلح " الثورة الاسلامية " ويعتبرها فقط حركات سياسية تستهدف بالدرجة الاولى السلطة . ان استعمال مصطلح الثورة الاسلامية في نظر محمد اراغون يدل على حادث واحد هو " ظهور الوحي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم "، فما قام به النبي يعتبر "ثورة فكرية عقلية ورمزية "، وقد فاتني من قبل ان اذكر ان الدين خلق نظاما من الرموز يغدي الروح والمخيلة ويغدي العقل والقران الكريم احدث هذا كله ،لذلك يمكن ان نقول ان القران ثورة إنسانية لأنه غير نظرة الإنسان الى الانسان ، ونظرة الانسان الى العالم ، وفوق ذلك جاء القران بأطر تفكيرية جديدة . هذه ثورة ".
يتضح من هذا انه بدل ان تسير حركة التجديد الاسلامي التي تدعيها حركات الاسلام السياسي الى الامام ، انكفات الى الوراء ، وبدلا من تطوير افكار الافغاني ومحمد عبده ، تم التراجع عنها ، وعوضا عن البحث عن حلول جدية لمشكلات الامة ، جرى الهروب من تلك المشكلات نحو التقوقع في احضان الماضي ، وبدلا من دفع تقاليد الاتجاه التقدمي تاريخيا في حركة التجديد والتطوير في مجالي التفكير والحياة ، جرى ترسيخ الاتجاه المحافظ والتقاليد الجامدة التي تجاوزها الزمن ، وبعبارة اخرى انتصر خط التاكيد على البنى الفوقية لما قبل الراسمالية ، واستمرت السيادة للغيبة ، فتراجعت العقلانية ، واختفى الخط الثوري تاريخيا للأفغاني ومحمد عبده .
ان قيادات الاسلام السياسي تتحاشى طرح برامج سياسية واجتماعية واقتصادية محددة وواضحة ، فتكتفي بالغموض وبدغدغة المشاعر والعواطف الدينية بطرح شعارات براقة مجردة ومبهمة حول حكم الاسلام وتطبيق الشريعة الاسلامية .اي يسيطر على خطابها الميول النرجسية ليس الا .
لقد تساءل احد المفكرين الناصريين الاستاذ عصمت سيف الدولة قائلا " كيف نعود للسلف الصالح تاريخيا ؟. مستحيل " ثم قال " يستحيل علينا الان ان نكون على مذهب سيدنا مالك الذي قال ان الشريعة هي ما طبقه اهل المدينة . من الذي يريد البيعة على الطريقة التي تمت بها بيعة ابي بكر ؟. من الذي يريد الخلافة على طريقة عثمان ؟. من الذي يريد الصراع بين المسلمين على طريقة معاوية ؟. وعلي ؟. من الذي يريد هذا؟..". – يتبع ـ [email protected]


الإسلام السياسي -2- سعيد الوجاني

1 - ان ظهور منظمات الاسلام السياسي مند الربع الأخير من القرن الماضي ، يؤكد عدم صحة الاطروحات التي تريد التعميم في الحكم في هذا المجال ، لأنه إذا كان من الخطا ان نماثل كاثوليكية العمال البولنديين بكاثوليكية الدكتاتور فرانكو ، دون القيام بدراسة معمقة للخصائص المشتركة للتاريخ الزراعي في اسبانيا وبولندة ، او دراسة العوامل المشتركة في المحتوى السياسي والإيديولوجي لكاثولكيتهما الخاصتين ، فان التحليل للظواهر كذلك يمنعنا من ان نضع في جانب واحد اوكفة واحدة ظواهر تختلف بمثل الاختلاف القائم بين بروز الحركات الاسلامية في حلتها المعروفة والمختلفة في كل من مصر ، سوريا ،الاردن ،لبنان ، العراق ، تونس الجزائر المغرب ...بمعنى اخر ان السياق التاريخي لظهور هذه الحركات ليس واحدا في مجموع البلاد العربية ، الامر الذي يفسر اختلاف المنطلقات والتوجهات الايديولوجية والسياسية والقابلية الى العنف ، ثم الاهداف الاستراتيجية التي كانت ولاتزال تلك الحركات تصبوا لتحقيقها في اوطانها . لذا فان طبيعة المهادنة او الصدام وتحديد شكل التعامل بينها وبين السلطة او بينها وبين بعضها الاخر ، كانت ولاتزال تختلف باختلاف الانظمة السياسية الحاكمة في مجموع البلاد العربية ، وهذا ما يفسر اختلاف طرق الوصول الى المشاريع العامة لهذه الحركات بما ينسجم تدريجيا مع المشروع العام السائد في الدولة ، أي حتى لا تكون هناك اثارة تؤدي الى اقبار المشروع الاسلامي في المهد .
من جهة اخرى يجب القول انه توجد هناك اختلافات في بنية وتكوين تلك الجماعات السياسية وتوجهاتها بين ، حين تكون في السلطة ( حسن الترابي في السودان) ، او حين يكون هناك نظام سياسي يدعمها في فترة من الفترات سواء لدعمه ( انوار السادات)، او لاستخدامها كوسيلة لمواجهة معارضيه ( المغرب في بداية السبعينات )، او استعمالها كورقة رابحة في إقامة التوازنات العامة ( ادريس البصري والتيار السلفي) الذي استخدمه لمواجهة( اليسار الماركسي )،( جماعة العدل الاحسان) و(الضغط على حزب العدالة والنتمية ) ، او عندما تكون تخوض حربها المسلحة ضد السلطة بدعوى التكفير والتخوين ( الجزائر). ان هذا يعني كذلك، ان الحركات الاسلامية المتطرفة تختلف من حيث التحالفات التي تنسجها مع الانظمة السياسية الدكتاتورية التي مثلها ضياء الحق في باكستان ، جعفر النميري وعمر البشير في السودان او تلك التي يمثلها القدافي الان ..اوحينما تكون تخوض حربها الضروس باسم الدين كما حصل في افغانستان باكستان ولبنان ، اضافة الى هذا ففي كل بلد عربي هناك جماعات اسلامية متعددة منها من دخل اللعبة من بابها الواسع مثل( حزب العدالة والتنمية) المغربي الذي يشكل القوة الثانية في البرلمان ، او( جماعة العدل والاحسان) التي تمارس معارضة شعبية قاعدية على الطريقة الغاندية ( غاندي )،او تنظيمات محصورة العدد تتحرك ضمن جمعيات حقوق الانسان ووسط الطلبة ، ك (البديل الحضاري) و(الحركة من اجل الامة )، ودون ان ننسى التيار السلفي التقليدي الذي مثله الفزازي والذي لايتوانى من تكفير كل من يختلف معه في التفكير والتوجه.
يلاحظ ان حتى الظواهر التي تبدو متماثلة بشكل واضح ، كنمو حركة الاخوان المسلمين ذاتها في البلاد العربية ،يكمن وراءها في الواقع ، تنوع في المحتوى والدور السياسي الذي تحدده اهدافها المتوخاة والمباشرة والآنية ،ذلك انه فضلا عن الاتفاق حول المساءل السماوية والاتفاق حول المساءل الحياتية ، وحتى عندما توجد مثل هذه الاتفاقات ،وعلى الرغم من التشابه بل التطابق في الاشكال التنظيمية والتسميات ،، فان جميع الحركات الاسلامية تبقى في جوهرها حركات سياسية ، وبالتالي فهي تعبر عن مصالح اجتماعية سياسية نوعية ودنيوية للغاية ، أي ان استراتيجيتها الاخيرة هي الحكم من اجل الحكم .
2 –لم يكن ثمة اقحام للاسلام في السياسية ، ولم تكن هناك دوافع جمة توجب خلط الاسلام كدين بالسياسة كعلم ومعطى وهدف . ان الاسلام في الحقيقة ومنذ ان كان ، هو دين سياسي لايمكن فصله عن السياسة . انه دين عبادات ومعاملات . لذا فان مطلب القوىالنصف علمانية في العالم العربي وفي المغرب من شيوعية ، اشتراكية وقومية بالدولة العلمانية ، لم يكن ليجد صدى رحبا لدى عموم الشعب ووسط العامة ، انها تنظيمات وتيارات هامشية إذا ما اردنا مقارنتها مثلا بالكمالية في تركيا التي حطمت موروث الخلافة باتجاه العلمانية ، وان كان انتصار ووصول الاسلاميين الى الحكم قد اعتبر من طرف بعض المحللين بمثابة انقلاب ابيض للاسلاميين على الكمالية وعلى العلمانيين ، لكن المدقق في اللعبة ، سيكتشف ان الاسلاميين في تركيا ، وباستثناء بعض المظاهر والديكورات ، فهم اكثر علمانية من العلمانيين انفسهم ، زيادة على هذا ان لتركيا معاهدات مع( الناتو) ومع المجموعة الاروبية تكبل اية مجازفة من قبل الشرائح التي تتطلع الى حنين العثمانيين . ان الاتصالات والتنسيق بين تركيا الان وبين الدولة الصهيونية اكثر كثافة عما كان عليه الحال ايام حكم الاحزاب العلمانية . الم تتستر تركيا( حزب العدالة والتنمية) على الضربة الاسرائيلية الاخيرة لسورية ، رغم علمها بها مسبقا ؟. ان هذا الواقع المدفوع بالمد الشعبي الجماهيري في تكوين صورة وقوة الاتجاهات الاسلامية ، حتم على جميع التنظيمات والاحزاب العلمانية العربية ، تجنب انتقاد الدين " كافيون مخدر للشعوب تستخدمه الطبقة الحاكمة في مواجهة معارضيها لتثبيت سلطتها وتوسيع نفودها "وكعامل معيق للتحرر والانعتاق من التبعبية والتخلف ،بل اكثر من هذا بدات تلك الاحزاب والمنظمات توظف الدين كعامل ايديولوجي وسلاح شعبي في صراعها ضد الحكم و لدفع تهمة التكفير عنها كمحاولة للتقرب اكثر من الشعب المدغدغ العواطف ، وما نغمة الاسلام التقدمي المتفتح الا نهجا نشازا في هذا الصدد ، وهنا ينبغي التذكير بان الاحزاب في المغرب رغم ادعاءها النصف علماني ، فانها لم تقطع مع الموروث الايديولوجي ومع الاسلام ، بل في فترات الاحتلال الكلونيالي للمغرب ، فان ما يسمى باحزاب الحركة الوطنية وظفت الاسلام في حشد الشعب المغربي لمواجهة سلطات الاحتلال ومشاريعها التي بلغت خطورتها في الظهير البربري الذي كان يهدف الى تقسيم المغرب الى قسمين عرب من جهة وبرابرة من جهة اخرى ، وبواسطة الاسلام فشلت جميع الدعاوى التي كانت تستهدف عمق الامة وعمق الشعب ووحدة البلاد،وبخلاف الايديولوجية القومية التي كانت عامل تحرر البلاد العربية المشرقية . بل ان الاحزاب النصف علمانية المغربية لم تتردد في توظيف الاسلام لسحب البساط من تحت الحكم طيلة الفترة التي تلت الاستقلال ،ومن تحت اقدام الحركة الاسلامية التي تستعمل الاسلام في تغلغلها وسط الشعب .
3 – ماهو التموضع الطبقي الذي يمكن ان نرتب فيه جميع الحركات الاسلامية بالمغرب وبالوطن العربي ؟ هل يجب ان نعتبرها فئات برجوازية صغيرة او متوسطة ؟ هل هي ميالة الى نمط الاستهلاك الغربي رغم انتقادها له ؟ هل هي ذات سمات وخصائص متميزة في الدفاع عن طبقة معينة او مجموعة طبقات داخل المجتمع ؟ هل هي معادية للطبقة العاملة بحكم مستوى استهلاكها وانتماءها الوظيفي والطبقي ؟..الخ.ثم في اية خانة يمكن ان نصنف بعض النضالات التي تقوم بها في العديد من الأقطار العربية ؟هل نضالاتها تعتبر تقدمية ؟ قومية ؟ أممية إسلامية ؟ديمقراطية ؟..أم انه رغم طابعها المعادي للغرب الرأسمالي وللسلطة المحلية في بلادها ، فان سلوكها لا ينفي ولا يحجب كون إيديولوجيتها وبرنامجها يعتبران رجعيان بحكم جوهريهما وبحكم تعريفيهما ؟.
إن المحلل لمختلف الأدبيات السياسية التي تروج لها كل تلك الحركات والاتجاهات الاسلامية ، سيستنتج بكل سهولة ان الهدف الرئيسي الذي تعمل تلك الجماعات بلوغه هو ما جاء على لسان أبي الأعلى المودودي من جعل الحاكمية لله في ميدان السلطة والتشريع والاقتصاد والاجتماع ، مع الوقوف في مواجهة جميع المحاولات والجهود التي تريد استعمال العقل في تفسير النصوص والاحكام ، ثم تاويلها وتفسيرها وتكييفها مع الظروف الجديدة ونوع العلاقات التي اصبحت تتحكم في نسج الخيوط واستشراف المستقبل على ضوء تقييم الواقع،حيث ان الدول العربية لا تعيش في كوكب اخر غير كوكب الكرة الاضية ، وهو ما يحتم عليها ابتكار القوانين المحافظة على الأصل وبما لا يتعارض مع العلاقات الدولية . ان المقصود بالسير على خطى السلف الصالح ، و دولة الخلافة الراشدة او العثمانية ، والرجوع الى حياة اربعة عشر قرن مضت ، ومعارضة كل محاولات استعمال العقل والمنطق في تفسير الظواهر ونسج العلاقات ، يدل بكل بوضح على الطبيعة التركيبية والمشروع السياسي الذي تريد جماعات الاسلام السياسي بلوغه ،لذا يكون من الخطا ، بل من العبث نعت تلك الحركات بالحركات الثورية ، وانتفاضتها ضد الأنظمة بالثورة ، مهما كانت الشعارات التي ترددها ومهما كانت العمليات التي تقوم بها . ان الحركات السياسية الاسلامية في الوطن العربي وبالمغرب ، نعتبرها حركات برجوازية صغيرة ومتوسطة وما فوق المتوسطة سواء بطبيعة برنامجها أو إيديولوجيتها النصية الجامدة او بتركبتها الاجتماعية وعلاقاتها المتشابكة ، وحتى الاحوال الاجتماعية لمؤسسيها . ان هذه الجماعات تجد ايديولوجيتها واطاراتها المنظمة بين المثقفين الكلاسيكيين والمثقفين العضويين والتابعين للبرجوازية الصغيرة والمحكوم عليهم بان يظلوا في الدرجات والمراتب التحتية ، أي المدرسين الصغار وصغار الموظفين والحرفيين وبعض اصحاب المهن غير القارة ، اضافة الى قمتها المكونة من محامين ، اساتدة ، مهندسين ، اطباء ..وفي فترات صعودها تجد الجماعات السياسية الاسلامية مجموعة واسعة من الطلبة في الجامعات والكليات والمدارس العليا وسائر محلات انتاج المثقفين ، حيث ان هوية هؤلاء لا تزال مشروطة باصولهم الاجتماعية اكثر مما هي مرتبطة بمستقبلهم المرتقب والمتقلب في العديد من المراحل التي يقطعونها في مسارهم .
4 – في جميع البلاد التي تمكنت فيها الجماعات الاسلامية ومنظمات الجهاد من تحقيق طفرات نوعية في التوغل في بعض القطاعات او مواصلة بعض النضالات وقيادة بعض المواجهات مع السلطة والانظمة الحاكمة ، كانت الظروف المعيشية للبرجزوازية الصغيرة والمتوسطة في تدهور مستمر بحيث لم تستطيع ان تواجه معوقات الراسمال المحلي ،ولم تستطيع ان تساير موجات التحديث المتسارعة رغم توافر بعضها على بعض العوامل الاقتصادية المهمة ، مثل النفط الذي وظفته في خدمة مريديها نحو مشاريع استهلاكية غير منتجة ، وظاهرة الاستثمارات التي قام بها الشيخ اسامة بن لادن في العديد من الاقطار العربية مثل السودان ، المملكة العربية السعودية ، اليمن ، وبافغانستان تبقى غنية عن كل تاكيد .
ومن جهة اخرى يلاحظ ان الشعارات التي روجت لها الانظمة السياسية العربية في بعض الاقطار العربية مثل مصر ،سورية ،الاردن ، الجزائر والعراق لم تستطيع ان تمنع هزيمة العرب المذلة في حرب يونيو 1967 بعد ان اضاعت فلسطين في سنة 1948 ، كما انها لم تنجح في اقامة الديمقراطية السياسية والاقتصادية التي كانت من اسباب قفزها على الحكم ، والشيء الاخطر انها غرقت حتى النخاع في الشعارات ، لكنها اخفقت في تحقيق الوحدة العربية التي باسمها فتحت السجون على مصراعيها لدعاة التنوير والاصلاحيين بمختلف توجهاتهم السياسية والايديولوجية ، فكان الفشل وكانت الانتكاسات المتوالية والمدوية بسبب تغييب الجماهير والشعب من المشاركة الفعالة في التقرير في المسائل الاستراتيجية التي تهم مستقبل الامة والشعب ،وتعويضها بالحلول الفوقية التي سرعان ما كانت تصل الابواب المسدودة بسبب تغير مزاج الحكام الذين كانوا مرتبطين بمصالحهم الضيقة المدعمة لانظمتهم اكثر منها ارادات قوية في بناء الوحدة العربية .
ان هذه العوامل وغيرها كثير ، جعلت الانظمة السياسية العربية وبمختلف اتجاهاتها السياسية ، ان تصبح عرضة للانتقادات والتهجمات ليس فقط من قبل التنظيمات الشيوعية والمنظمات الماركسية اللينينية التي انشقت عن الاحزاب الأركاييكية من شيوعية ،ناصرية ، اشتراكية و بعثية ، لكنها والى جانب كل هذا ، فقد فرشت ارضية من حرير للتيارات الاسلامية و الجهادية التي وجدت الساحة فارغة في طرح مشروعها الايديولوجي القروسطوي الرجعي الذي يمحور ازمة العرب السيكولوجية والحضارية في مشروع الخلافة الاسلامية . وقد ساهم في تدعيم هذه الظاهرة فشل اليسار الثوري في انجاز مشاريعه الايديولوجية العامة وعلى اساسها الجمهورية ، وفشل الاحزاب القومية في تحقيق الوحدة وهزيمتها المذلة امام اسرائيل،ثم افراغ المجهود في الصراع بين القومين من ناصريين وبعثين واحزاب برجوازية صغرى شيوعية ، وبين اليسار الجديد الذي حمل تلك المجموعة المسؤلية المباشرة عن جميع الانتكاسات التي حلت بالامة والشعب ، فاعتبر ان الهزيمة ،هي هزيمة للطبقة البرجوازية التي خاضت الحرب ، وليس هزيمة الشعوب التي بقيت مبعدة عن ساحة المعركة بدعوى الخوف وفقدان الثقة في الجماهير التي قد تنقلب على مشاريع تلك الانظمة التي فرضت وصاية فوقية استبدادية لتحصين وجودها حفاظا على مصالحها . -5اذا كانت منظمات الاسلام السياسي قد حققت بعض النجاح في التوغل في العديد من القطاعات التي كانت حكرا على اليسار بشقيه التقلدي والماركسي اللينيني مثل الحركة الطلابية ( الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ) التي لا تزال معلقة منذ المؤتمر الوطني السابع عشر الفاشل ، قطاع الاطباء ، المهندسين ، التعليم من ثانوي الى الجامعي ، قطاع المحاماة ...الخ فان اشكال تقدمها ومحتوى برامجها والشعارات التي ترفعها ودورها السياسي والايديولوجي يختلف من بلد الى اخر في جميع الاقطار العربية . ان( حركة النهضة) في تونس مثلا ، رغم الضربات التي تلقتها من طرف النظام ، فانها لاتزال تفعل في المجتمع بطرق شتى ومختلفة ، وهو ما يدل على ان ضربات النظام لم تقتلعها من الجذور ، بل ان( حركة النهضة) وبخلاف ماكان مامولا منه ، استطاعت وعلى غرار( جماعة العدل والاحسان) المغربية ، ان تحدث انقساما افقيا وعموديا في صفوف الطلبة واستطاعت ان تحتل المرتبة الاولى في العديد من المواقع على صعيد الجامعات ، الكليات والمدارس العليا ، كما استطاع التيار الاسلامي في تونس ان يحتكر الساحة الثقافية التي كان يحتكرها اليسار الجديد التونسي طيلة سبعينات وثمانينات القرن الماضي،حيث تعددت مواجهاته وانقسم مجهوده بين مواجهة الحركة الاسلامية التونسية وبين مواجهة الطلاب المسخرين من طرف الحزب الحاكم او الموالين للسلطة .واذا كان اليسار الماركسي التونسي ، بسبب فشله في حسم اشكالية الحكم بسبب الضربات التي تلقاها ، فانعكس هذا على وضعيته التنظيمية التي انشطرت الى عدة منظمات صغيرة ، وتحولت الى شتات يصعب اعادة جمعه ،فان الامر بالنسبة للتيار الاسلامي كان العكس ، إذ تمكنت( حركة النهضة) من اعادة تنظيم صفوفها وتغيير تكتيكها واستراتيجيتها في افق التحضير لما يخبئه ويخفيه المستقبل ، وعلى نفس المنوال سارت خطة( حركة الاتجاه الاسلامي) ، و(حزب التحرير الاسلامي) .
اما في سورية ، فان الحركة الاسلامية تعتبر القوة المعارضة الاولى بدون منازع الى جانب( حزب العمال السوري) ، و(الحزب الشيوعي الكادر الحزبي) للبونابارتية البعثية ، حيث استخدم العنف الذي وصل حد القتل بين الطرفين في عدة محطات مختلفة. تستمد حركة( الاخوان المسلمين) في سورية قوتها من كون النظام الحاكم يتسم بطابع الاقلية العلوية الطائفية ، وهذا يعني توسيع قاعدة المعارضة للنظام ، وهي معارضة في طابعها سياسي ايديولوجي يقوده( الحزب الشيوعي الكادر الحزبي) و(المكتب السياسي) ، (حزب العمال السوري) ، بعض الحركات الناصرية والبعثية التي كانت موالية للبعث العراقي ، اما المعارضة السياسية في الخارج والمسلحة في الداخل فتقودها جماعة الاخوان المسلمين التي قامت بالعديد من الهجومات على معاقل النظام وضرب رموزه كالهجوم على الكلية العسكرية ودبح مجموعة من الضباط التلاميذ، حيث قابلها النظام برد قاس وصل الى حد تدمير مدينة حلب بالكامل على رؤس سكانها ، كذلك لاننسى بعض الهجومات التي قام بها التيار السلفي المرتبط بمنظمة القاعدة وبجماعات جهادية وتكفيرية ، وبعد التطورات التي حصلت بالمنطقة العربية خاصة بعد حادث 11 شتنبر ، تحولت المعارضة المدعومة من الخارج خاصة من جانب الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا ،الى معارضة باسم منظمة حقوق الانسان كما هو الحال في العديد من الاقطار العربية كالمغرب ، ورغم ان( حركة الاخوان) في سورية تعد القوة الاولى في معارضة نظام الاقلية العلوية الطائفية ، الا ان الطبيعة التكوينية للجماعة سياسيا وايديولوجيا وحتى تنظيميا ، و تنسيقها مع المخابرات الامريكية والفرنسية ، تلغي فرصها في الاستيلاء على السلطة بشكل منفرد ، لأنها لا تستطيع وحدها وعلى اساس برنامجها المتشدد ان تجند جميع القوى الضرورية التي تعمل على اسقاط دكتاتورية البعث ، كما ان قدرتها في ان تدير لوحدها بلدا ذا مشاكل سياسية واقتصادية معقدة هو من قبيل المستحيل .
في مصر وللاسباب نفسها ، فان افاق استيلاء حركة الاخوان المسلمين اوجماعات الجهاد على السلطة تبدو مستحيلة ،سيما وان نفوذها النسبي اقل اهمية عن مثيلتها في سورية . وفي كل من البلدين تصلب عود الحركة الاسلامية في مجرى صراع طويل مع انظمة ما فتئت تدعي التقدمة والتمسك بالقومية في مواجهة العدو الصهيوني ، الامر الذي جعل برنامجها العام يتسم بطابع رجعي ومتخلف ، فضلا عن ذلك فان حجم مشكلات مصر الاقتصادية بذاته يقلص من مصداقية طموح الحركة الاسلامية الى الحكم . ان البرجوازية المصرية تدرك ذلك جيدا فتظهر كثيرا من التسامح إزاءها لانها ودائما في نظرها، أي البرجوازية ، تشكل الحركة الاسلامية ببرامجها المنغلقة طابورا خامسا مثاليا في قلب الحركة الجماهيرية ، أي جسما مضادا ذا فعالية خاصة ضد اليسار بشكليه التقليدي والماركسي ، ولهذا السبب فان البرجوازية المصرية لايقلقها ان ترى اليوم الحركة الاسلامية خاصة جناحها ، الاساسي الاخوان المسلمون ،في هاذين المجالين يقلص من تقدم اليسار بالمقدار نفسه . وفي نظرنا نعتبر ان موقف البرجوازية المصرية ازاء الحركة الاسلامية المصرية هو الموقف الذي تقفه ووقفته كل برجوازية اروبية تواجه ازمة اجتماعية عميقة ازاء اقصى اليمين من احزاب فاشية ونازية .
عرف المغرب كغيره من البلاد العربية بروز نوعين من التنظيمات السياسية المتطرفة ،كلها كانت في برامجها العامة تستهدف الحكم لتطبيق برنامجها الايديولوجي العام .
النوع الاول من هذه التنظيمات ، يتكون من الحركات التي انشقت عن الاحزاب السياسية المغربية ،( خاصة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) التي انفصلت عنه( منظمة 23 مارس) الماركسية اللينينية ، وما تفرع عنها من بعد من سلالات كحركة ( لنخدم الشعب ) ،( رابطة العمل الثوري بالمغرب) التي عاودت الانتماء الى حزب ( الطليعة )، ثم( منظمة العمل الديمقراطي الشعبي ) التي اندمجت في الحزب( الاشتراكي الموحد)،و حزب ( التحرر والاشتراكية ) الذي اصبح ( حزب التقدم والاشتراكية) التي خرجت عنه ( منظمة الى الأمام) ذات الاتجاه الماركسي اللينيني . الى جانب هذه المنظمات الرئيسية ظهرت في بداية السبعينات جماعات راديكالية صغيرة نذكر منها( اسود الريف)التي أسسها سليم رضوان ،( المقاتلون) ( الشعلة الحمراء). لكن هذه التيارات لم تستطيع الصمود ، وسرعان ما عاود مناضلوها الانتماء اما الى منظمة( الى الامام) او ( منظمة 23 مارس).
يتكون النوع الثاني من المنظمات المتطرفة التي عرفها المغرب في سبعينات القران الماضي والى الان ، من تيارات الاسلام السياسي ، من قبيل منظمة( الشبيبة الاسلامية) ،( لجنة التنسيق الاسلامي بالمغرب )، ( منظمة المجاهدون) ، " (الحركة الثورية الاسلامية) ،( حزب التحرير الاسلامي)،( حركة الشباب الاسلامي الثوري) ،( المسلم الثائر) ،( الجماعة الاسلامية المقاتلة المغربية)( الجماعة السلفية للدعوة والقتال ) التي تحولت الى تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي ،حيث يقال انها تظم مغاربة في صفوفها ، لكن هذا يبقى امرا غير مؤكد ، حيث لم يسبق لهذا التنظيم ان هاجم المغرب، كما ان عدد المغاربة المنخرطين فيه يبقى غير معروف ، اضافة الى عدم معرفة اصولهم الاجتماعية ، المناطق التي ينحدرون منها ، مستواهم الثقافي. فبدون وجود ادلة قاطعة على انتماء مغاربة للتنظيم ، يبقى الامر مجرد دعاية للنفخ في قدرة وقوة التنظيم ليس الا . كما عرفت تلك الفترة ظهور جمعيات اسلامية مختلفة تمارس الاسلام الدعوي ومنها من اتخذ مبدا التقية ظاهريا كوسيلة لتمويه السلطات في انتظار الوصول الى الاستراتيجية التي كانت لا تختلف في شيء عما كان يطمح له التيار الجهادي العنيف . لقد عرف المغرب ظهور ظواهر اسلامية متباينة بسبب اختلاف قناعات مؤسسيها، هكذا فانه عرف ظهور( الجماعة الاسلامية) التي انشقت عن( حركة الشبيبة الاسلامية)،( حركة الاصلاح والتجديد) ( حركة التوحيد والاصلاح) وكل هذه الحركات كونت ( حزب العدالة والتنمية المغربي) ( رابطة المستقبل الاسلامي)( البديل الحضاري)( جند الله)( جمعية نادي الفكر الاسلامي) ( جمعية الشروق الاسلامية )، ( جمعية الاحسان والتوعية)( الدعوة والتبليغ)( الدعوة الى الخير والنصح)( التبيين)( الدعوة الى الحق)(جمعية البعث الاسلامي)(اصل اللواء)(اصل الحق)(الدعوة الاسلامية)(تنظيم الجهاد المقدس)( الافغان المغاربة)( العدل الاحسان)( الحركة من اجل الامة) ،( الاختيار الاسلامي ) ... ومنذ الحادي عشر من شتنبر ، برزت مجموعات اخر من الاسلاميين المتاثرين اوالذين تاثروا بنهج القاعدة في تكفير كل ما لا يتوافق مع اطروحاتهم ، رافعين اسلوب العنف ضد مجتمع " الجاهلية "، والدولة وكل من يدور في فلكها من احزاب وجمعيات . وقد تجسد هذا التيار في عدة امثلة غطت عدة محطات كان اخرها مجموعة عبد القادر بلعيرج الملقب بالياس .
وللتذكير فان خلق منظمة ( الشبيبة الاسلامية) كان بايعازمن الدولة لاستخدامها في مواجهة سيطرت اليسار التقليدي والجديد على الشبيبة التعليمية والطلابية في اطار( الاتحاد الوطني لطلبة المغرب)، لكن وحيث ان الرياح لا تهب كما تشتهي السفن اوالعصافير ، فقد انقلبت عليه ، عندما بدات تخطط لما بعد الحسم مع اليسار ، أي القفز على الحكم عندما تصبح الظروف ناضجة وتسمح بذلك .
السؤال هل تشكل تلك الجماعات خطرا على الحكم في المغرب وفي البلاد العربية ؟. هنا لا أتحدث عن( حزب العدالة والتنمية) الذي لايختلف في شيء عن غيره من الاحزاب التي تنشط ضمن المشروعية وطبقا للقوانين الجارية .( ان حزب العدالة والتنمية) يعترف بالملكية الدستورية وليس البرلمانية ، يعترف ويؤمن بامارة امير المؤمنين ، لا يعارض الملك مشروعيته الدينية ، يعترف بالفصل 19 من الدستور ، يتشبت بمغربية الصحراء وبالوحدة الوطنية للشعب والدولة . انه ضد جميع دعاوى الانفصال او التمييز بين ابناء الشعب المغربي الذي هو شعب واحد من طنجة الى العيون ... لكن ما هي مشكلة( العدالة والتنمية)؟ ان مشكلته ليست مع الملك او مع النظام الملكي ، بل هي مع الاقصائيين الذين يريدون اقصائه من كل مشاركة في العملية السياسية . ان مشكلته هي مشكلة تنافسية ، وتبقى مشروعة ، مع غيره من الاحزاب المناوئة التي تريد ان تبقى لوحدها تحتكر الساحة وتتصرف في الشان العام ، رغم ان الشارع قد لفظها في الانتخابات التشريعية الاخيرة ، انها منافسة على المقاعد البرلمانية والمناصب الوزارية ، وبعدها على المناصب السامية . ولما لا وقد كانت مرتبته الثانية في الانتخابات بعد حزب الاستقلال ،ويشكل القوة الثانية من حيث العدد في مجلس النواب ، ويمارس معارضة بناءة للحكومة وليس للنظام .
كذلك لا اتحدث عن ( جماعة العدل والاحسان) التي تنظر للخلاص ، او التخلص من النظام بشكل سلمي ودعوي . ان السؤال بالنسبة لهذه الجماعة وبالنسبة لكل متتبع للشان العام المغربي . هل يمكن التخلص من النظام المسنود جماهيريا بدون اراقة الدماء ، وبدون ضحايا من كلا الطرفين ؟ شيء لا يستسيغه عقل سليم . ربما قد تكون اضغات احلام مادام ان الجماعة تؤمن بالتغيير بواسطة الاحلام والرؤى. ومع ذلك نطرح السؤال من جديد . ان أي تغيير جدري للنظام ، أي قلبه يكون اما بانقلاب من فوق ، او بثورة من تحت . فما هو خيار الجماعة في قلب النظام او التخلص منه ؟ هل سيكون من فوق او من تحت ؟ اما ترديد مقولة نبد العنف ونهج الاساليب السلمية في الوصول الى السلطة ، يبقى وبالنسبة للظرف الراهن نوعا من التقية التي تمارسها الجماعة ، التي لاتتردد ساعة في استغلال جميع الظروف والمناسبات لتعريض قاعدتها العريضة اصلا مقارنة مع غيرها من التنظيمات الاخرى التي تنشط في الساحة . والا كيف يبرر العنف الممنهج الذي يمارس في القطاع الطلابي ؟. اعتقد ان لجماعة العدل والاحسان فرصة ذهبية لا تعوض لوضع يدها مباشرة في يد الملك الشاب الطموح الذي يحتاج خاصة في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به المغرب لمن يرشده الى مكامن العلل ومصادر المشاكل من مفسدين يخربون ولا يصلحون ، ينهبون ويجمعون ولا يبقون ، يفقرون ولا يغنون . وان فعلت الجماعة تكون قد ساهمت مع ولي الامر في احداث القفزة النوعية لهذا الشعب المسكين المستضعف المغلوب على امره ، اما اذا ظلت على نفس المنهاج ، وبنفس القناعات ، فان على أحفادها ، هذا اذا ظلت متماسكة ولم تشملها موجة الانقسامات ، وهذه سنة كونية،انتظار ثلاثين سنة قادمة ، ليقبلوا بدون شروط على المشاركة في الانتخابات التشريعية التي سينظمها المولى الحسن الثالث ، كما فعل( حزب الطليعة) الذي داب على مقاطعة جميع الاستحقاقات السياسية ايام الحسن الثاني رحمه الله ، وبعد ان اعيته السنوات العجاف ، قدم شيكا على بياض بمشاركته في الانتخابات التشريعية الاخيرة ،دون ان يتحقق ادنى شيء من المطالب السياسية التي كان يبرر بها مقاطعة الانتخابات منذ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) ، والى( الاتحاد الاشتراكي اللجنة الادارية الوطنية) واخيرا( حزب الطليعة الديمقراطي الشعبي) .
كذلك لا اتحدث عن ( حزب البديل الحضاري) المعتدل الذي يؤمن بجميع الثوابث والمرجعيات للدولة المغربية. ان ما اصاب الاستاذ مصطفى المعتصم والركالة ، نتمتى ان تكون اخطاء مبنية على سلوكات ترجع الى الماضي . ان( حزب البديل الحضاري) المحدود قد شارك في الانتخابات التشريعية الاخيرة ، كما نبذ كل اشكال العنف ايا كان مصدره ، ونفس الشيء بالنسبة للسيد المرواني عن ( الحركة من اجل الامة ).
ان القصد من السؤال هو الجماعات التي تتكون من بضعة اشخاص قد تكون لهم بعض الارتباطات هنا او هناك . ان هذه الجماعات مثل جماعة بلعيرج لا تشكل خطرا استراتيجيا على النظام الذي يبقى بعيدا عن الخطر، لكن خطورتها انها تساهم في خلط الاوراق ونشر البلبلة ، وتقديم صورة نمطية عن المغرب من قبل اعداءه ، كما انها تساهم في تعطيل عجلة العملية السياسية لصالح التشدد في الضبط الامني ، وتمكن كذلك من انتعاش العناصر المتغلغلة في اجهزة السلطة والامن التي تتغدى من هكذا خرجات غير مسؤلة لخدمة مصالحها بالتضخيم والتهويل والتخويف لمزيد من نهب الاموال العامة التي يدفعها الشعب في شكل ضرائب مختلفة ، تثقل كاهله ،وتحد من قدرته الشرائية التي تزيد في تقليصها الارتفاعات المهولة لاسعار.. الى درجة ان هؤلاء اختلط عليهم الامر فوضعوا تقريرا قرائه السيد وزير الداخلية وضع فيه في سلة واحدة جماعات يجمعها فقط الاختلاف والتناحر وليس هناك ما يوحد بينها ، وهو ما يعني ان التقرير الذي قدم للسيد الوزير لم يكن احترافيا صادرا من محترفين بل فقط من هواة يبحثون عن التضخيم للاستمرار في مناصبهم ينهبون . واذا كان الارهابي هو من يعمد الى ازهاق ارواح الابرياء لبلوغ اهداف ليست نبيلة ، فان العديد من التحليلات اجمعت على ان مجموعة بلعيرج ، وبسبب الاسلحة التي كانت تتوفر عليها ، والاشخاص التي كانت تستهدفهم من ضباط سامين في الجيش والامن وبعض المسؤلين وربما استهداف شخص الملك شخصيا ،وبالنظر الى المستوى الاجتماعي والثقافي للمتهمين، فانها مجموعة ليست" ارهابية"، بل انها تستهدف عمق النظام لقلبه . وهنا فان المجموعة تكرر ما قامت به ( منظمة الشبيبة الاسلامية ) في بداية النصف الاول من الثمتنينات ، عندما
ادخلت الاسلحة من الجزائر ، كما تكرر ما كانت تحضر له ( منظمة مجاهدي المغرب ) التي اسسها المرحوم عبد العزيز النعماني بعدما انفصل عن ( الشبيبة الاسلامية ). فهل هذ الجماعات ، مثل مجموعة بلعيرج تخوض حربها" الثورية "او "الجهادية" ، وهل لمثل هكذا تصرفات ان يقلب النظام في المغرب ؟.
ان برنامج مجموعة بلعيرج ، وحل( حزب البديل الحضاري) ، يذكرنا باحداث 3 مارس1973 ، وبحل( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) فرع الرباط ، الذي سيغير تسميته ، وباقتراح من الملك الراحل رحمه الله على المرحوم عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله ، الى( الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، الذي عقد مؤتمرا استثنائيا في سنة 1975 قطع فيه ما ماضي الاتحاد الراديكالي ، ومع الخط البلانكي الذي كان يمثله الصقور برئاسة الفقيه محمد البصري رحمه الله . للاشارة فان هذا الاخير وعندما دخل الى المغرب من المنفى ، فانه نفض يديه من تلك الاحداث التي تنكر لها ، وحملها للمناضلين الذين وصفهم بالمغامرين والمندفعين بحماس الشباب والرغبة الجامحة الى التغيير ، وبان شروط الثورة اضحت جاهزة لكي يتحرك الشعب المغربي ، بمجرد اطلاق الرصاصة الاولى من يد الثوار . فهل عندما ستتاكد براءة الاستاذ مصطفى المعتصم وبراءة الاستاذ المرواني والاستاذ الركالة ، او عندما سيصدر عفو ملكي سام باعتبار الملك امير للمؤمنين ، وكما حصل مع الحسن الثاني رحمه الله عقب احداث 1963 المشابهة ، سيتم عقد مؤتمر استثنائي يغير فيه اسم( البديل الحضاري )، وربما يقترح الملك تسمية جديدة على الحزب ، كما حصل مع( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) الذي اقترح الحسن الثاني رحمه الله على الاستاذ عبد الرحيم بوعبيد تسميته( بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية )؟. كل شيء ممكن لان التاريخ دائما في حاجة الى اعادة نفس الاحداث ونفس الحلول، اذا كانت تخدم الاجماع الوطني داخل مغرب الجميع وليس مغرب الاقصاء . - يتبع - [email protected]






الاسلام السياسي -3- سعيد الوجاني

ماهي عوامل صعود الاتجاهات الاسلامية منذ السبعينات والى الان : نظرا لان المجتمع المغربي هو جزء من الوطن العربي ، ويتاثر بما يجري داخله وخارجه ، فان عوامل صعود التيار الاسلامي فيه ، كانت هي نفسها عوامل صعود نفس التيار في البلاد العربية مع بعض الاختلافات الطفيفة التي لاتؤثر على القاعدة العامة لتشكل تيارات الاتجاه الاسلامي . لذا يمكن ان نحصر بعضا من هذه العوامل كما يلي :
1 – استمرار بقايا العلاقات الاقطاعية في عدد من المناطق بالمغرب ، حيث تلعب مثل تلك العلاقات الأركييكية دورا مساعدا لنمو جميع التيارات المنغلقة والمتشددة التي تجد التربة سانحة لتمرير خطابها الغارق في الرجعية والتطرف ،بل انها لاتتردد في استعمال سلاح التكفير للنيل من المجتمع او من اولي الامر او ممن له رؤية ايديولوجية تعتمد المنطق والعقل في التفكير .
2 – وجود الانماط الحرفية ( هيمنة الفكر الرجعي )المولدة لفئات ذات وعي اجتماعي شقي ومتخلف يرفض الانفتاح على الاخر بمسميات كثيرة ،كالزندقة ، الكفار و المرتدون . وهذه كلها دعاوى مبطنة لاعضاء التنظيم للنيل من الخصم ، مستعملين جميع الوسائل ومنها العنف الايديولوجي والسياسي والمادي .
3 – ازمة التطور الراسمال الوطني الهش التابع للسوق الراسمالية الاحتكارية
4 – ازمة التناقض بين قاعدة راسمالية هشة وتابعة للغرب الراسمالي ، وبين غطائها الفكري التقليدي والحرفي مع مخلفاته الصوفية
5 – ضعف تبلور البنية الطبقية الراسمالية التي جاوز عمرها الخمسين سنة ،وعجزها عن القيام بما حققته البرجوازية الاروبية في عصر شبابها من تكريس للعقلانية والمنطق والتفتح في اطار الخصوصية المحلية لكل دولة اروبية على حدا
6 – تراجع اقسام واسعة من البرجوازية الصغيرة عن مواقفها السابقة ، وعجزها في حسم مسالة الحكم بالقوة ، فاجهضت الجمهورية ، وانهزمت الاحزاب ، فانتصرت الملكية والقصر، وانتهت المسرحية بالانبطاح التام امام الاخر الذي نظرت لقلبه ،حيث هزمها وحولها الى مجموعة من المهرولين وراء المصالح الخاصة وضدا على شعاراتها الثورية ، الامر الذي دفع ببعض شرائحها وهم الاكثرية الى تغيير مواقفها ليس فقط الاقتصادية والسياسية ، بل والفكرية ايضا باتجاه التقوقع والابتعاد عما يصطلح عليه في علم السياسة بالمشكلات الوطنية الكبرى . لقد جرت في صفوف العديد من شرائح البرجوازية الصغيرة عملية انتقال سريعة ، احيانا من اليسار باتجاه اليمين ، ومن العلمانية الى نقيضها ، ومن العقلانية والفكر المتفتح الى فكر مملوكي عثماني من نوع يتلائم مع التقنية المستوردة ومن الجمهورية الى الملكية.
7 – الهجمة الصهيونية الامبريالية على فلسطين والعراق وافغانستان ، والهجوم الممنهج الذي يقوده الاعلام الغربي الصهيوني ضد الاسلام وحضارته . ان افلاس التيارات والاحزاب الاشتراكية الممثلة في السلطة والتي قادت جميع الحروب التي هزم فيها العرب ، قد اعطت لهذه الجماعات الاسلامية المتطرفة صورة معكوسة عن طبيعة الطبقة السياسية الحاكمة في الوطن العربي ، حيث اعتبروا، ان عدم تمسكها بالدين في طهارته وصفائه، كان السبب الرئيسي في جميع الكوارث والهزائم التي حلت بالامة ، ومن ثم فان البديل للخروج من النفق المظلم يبقى ويتجسد في الاسلام لا غير ، أي اختزال البديل في الاسلام . يقول حسن البنا مؤسسة حركة الاخوان المسلمين في سنة 1928 "... هذا الاسلام هو الذي يهمنا في اطار هذه الاطروحات : الاسلام المرفوع الى مرتبة المبدا المطلق الذي يخضع له كل مطلب او نضال اواصلاح . اسلام ( الاخوان المسلمون ) و ( جماعة الاسلام ) " .
8 – الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المغرب كغيره من البلاد العربية ، مع انتشار الظلم والفقر والفساد بشكله العام ، كما لعب التناقض بين الغرب والعالم العربي الاسلامي دورا في دفع النخبة المفكرة في استغلال الدين كعامل مهيج للجماهير في مواجهتها للاخر وللطبقة السياسية المرتبطة به ، وهو ما يعني بطلان النظرية التي ترجع ظهور الاسلام السياسي العنيف فقط الى الفقر ، بل يلعب الاختلاف الحضاري دورا في تغدية هذا النوع من الظواهر السياسية المغدية لصراع الحضارات التي بداها الغرب المسيحي اليهودي لمواجهة العالم الاسلامي والعربي بعد افول" المعسكر الاشتراكي" بقيادة الاتحاد السوفياتي السابق .
9 - لايجب ان ننسى كذلك العنصرية التي يعاني منها الشباب العربي المسلم في اروبة ، فتدفعه هذه الحالة غير الطبيعية الى الشعور بالظلم والتهميش ، والارتماء في احضان الاسلام السياسي معتدلا كان ام متطرفا حفاظا على التمييز والاختلاف في مجتمع يبني كل قواعده على رفض الاجنبي والتخويف منه.
10 – مراهنة الحركة الاسلامية واخص بالذكر منها( حركة الشبيبة الاسلامية) في مرحلة تمردها على الحكم ، على بعض الهزات التي عرفتها المملكة مثل محاولتي الانقلاب العسكري في سنة1971 وفي سنة 1972 ( الصخيرات والطائرة )، والاضطرابات التي عمت قطاع التعليم والتي وصلت الى سنة بيضاء في الجامعات والثانويات ، المواجهات الجماهيرية المشحونة التي عرفها المغرب مثل مواجهة 1981 بالدارالبيضاء ، مظاهرات الشمال وبمراكش في سنة 1984، فشل احزاب البرجوازية الصغرى وعلى راسها( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) ، و(اليسار الجديد السبعيني) ، وتفشي الاختلافات السياسية والايديولوجية في صفوفها ، ثم تدني المستوى الثقافي والوعي ، وسيادة التعليم التغييبي ... كل هذه العوامل اعطت ثقة ونفسا للتيارات الاسلامية وعلى راسها ( حركة الشبيبة الاسلامية) لتقدم نفسها كبديل اساسي لحسم مسالة السلطة التي عجزعنها اليسار، وبالتالي اقامة نظام الخلافة الاسلامية .
وعموما ،لإن كانت التحولات الظرفية التي عرفتها المملكة والعالم بعد 11 شتنبر ، قد افرزت تيارات من افراد محدودي العدد ،فان ما يجب فهمه ان هذه الظاهرة ستتنامى في المستقبل ، لان المسالة تتعلق بمكون نفساني لدى الفرد يصعب ضبطه من طرف الدولة ، مادام لم يعبر عن نفسه في اشكال تعبيرية تلزم تدخل الدولة لمعالجتها في الوقت المناسب . ان الدولة لا يمكن ان تحاكم الناس على النوايا ، كما لا يمكنها ان تعلم ما يدور في عقولهم . لذا فانه مهما اتخذت من الاحتياطات والاجراءات الاحترازية ، فان هذا لا يمكن ان يمنع تكرار مثل هذه الافعال ، وعليه تبقى مثل هكذا خرجات ظاهرة انسانية ستتكرر كلما كانت ظروفها ساتحة ومواتية . ان مثل هذه الاحداث الانسانية ، أي من فعل الانسان تعتبر دليلا على ان المجتمع يتحرك ويتفاعل ،وليس جامدا . فكلما كانت هناك دولة ، اوتوماتيكيا ستكون هناك معارضة بشقيها السلمي والعنيف ، وهذا يعطي للاجهزة الامنية فرصا لتطوير اساليب العمل وتحيينه لاستباق الاحداث والتحكم فيها ، بدل تركها للظروف والمناسبات . أي الذي يستفيد من مثل هذه الخرجات، الدولة والاجهزة الامنية المختلفة التي تكتشف اساليب وظواهر تعطيها امكانيات كبيرة في مجال التنظير والاستشراف ووضع القواعد العلمية الضابطة للنظام العام .
عوامل قوة وضعف منظمات الاسلام السياسي : هناك عدة محطات تسجل مواجهة الاسلام السياسي المتطرف والدولة . وللاشارة فان المقصود بهذا النوع من الحركات ،ذاك الذي مثلته ( حركة الشبيبة الاسلامية) ،( منظمة المجاهدين) ،( الحركة الاسلامية الثورية) ، ومجموعة( بلعيرج) الاخيرة . وهي الحركات التي وجهت او حاولت توجيه سهامها الى الحكم والى المرتبطين به من احزاب وسياسيين دوي ميولات مختلفة . بمعنى ، وحسب بعض التحليلات ، لايصدق عليها وصف" الارهاب" بمفهومه الدقيق ،فهي لم تكن تخطط لتفجير ملاهي او مراقص اوحانات او فنادق ، كما لم تكن تهدف تفجير الابرياء او ضرب الاماكن العامة ، ان هذه المنظمات كانت تستهدف الحكم لقلبه ، وبالرغم من ان الواقع يفند نجاح تلك المنظمات في تغيير النظام ، لان الامر ليس بالسهولة التي قد يتصورها بعضهم .
تتميز الجماعات الاسلامية المغربية ، او تلك التي تتحرك باسم الاسلام ،بمجموعة من العوامل اوالخصائص التي تحدد قوتها كما تحدد ضعفها . ومن خلال الرجوع الى مختلف الادبيات السياسية التي روجت لها ، ومن خلال تحليل مختلف المراحل التي مرت بها منذ نشاتها الاولى ، والى مرحلة تواطئها مع السلطة في السبعينات لمواجهة اليسار ،ثم انقلابها عليها عندما تغيرت مجموعة من العوامل التي راهنت عليها في مشروعها العام ، ومن خلال المقارنة بين ظروف سبعينات القرن الماضي وظروف بداية الالفية الثالثة خاصة بعد 11 شتنبر ، يمكن ان نحدد ما هي عوامل قوة وضعف هذه الجماعات التي اثرت بشكل او باخر في الاوضاع العامة داخل وخارج المغرب .
1 – عوامل قوة منظمات الاسلام السياسي : تتمثل ابرز جوانب القوة لدا منظمات الاسلام السياسي بالمغرب في اتخاذها رسالة السماء شعارا لها مما يضعف امكانية التصادم معها ، وبما ان التدين خاصة وميزة اساسية لدا الشعب المغربي المسلم ، فانه يتعذر مناقشة من يقول انه يريد تطبيق شريعة الله ، لكن بالمقابل يمكن مناقشة اية نظرية اخرى تعادلية ، اشتراكية ، ماركسية او بربرية . من هذا المنطلق فاذا طلبنا الداعي او الفقيه السياسي الى تطبيق حكم الله بنظام اقتصادي ، اجتماعي دستوري او قضائي ، فانه لايملك الا ان يقول " القران دستورنا " ، " ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون ...الخ" رغم ان الله سبحانه وتعالى ترك مجالا واسعا امام العقل لاستنباط الحلول المناسبة .
من اهم نقاط القوة عند هذه الجماعات نجد التعميم في الاحكام وعدم الدقة في طروحاتهم ، حيث انهم يتمسكون بعموميات الشريعة والسنة دون تشجيع العقل على افراز ما يصلح لمقتضيات المسلمين التي تتبدل بتبدل الازمنة والعصور ، كما تكمن قوة الاسلام السياسي في انتشاره السريع بين النخبة المثقفة وطلاب المدارس العليا خاصة كليات العلوم وكليات الاداب ، ثم سيطرته على معاقل كانت من قبل ساحة لتفريخ العناصر اليسارية ك (الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) . وفضلا عن كل ذلك فان اعضاء تلك الجماعات يتميزون بامتلاكهم قدرات عالية تمنحهم الاستعداد لاقتحام الصعاب والمحن والشدائد التي قد يتعرضون اليها في مسيرتهم النضالية سواء عندما يكونون يواجهون الحكم ، او عندما يكونون يخوضون حرب المواقع مع الاتجاهات السياسية الاخرى التي تنافسهم العمل السياسي ، كما انهم معروفون بايمانهم الشديد بمشروعية اطروحاتهم ، واستعدادهم في كل وقت للتضحية في سبيل الله وفي سبيل الاسلام . Des fanatiques .
2 – عوامل ضعف منظمات الاسلام السياسي : يمكن ان نحدد اعم هذه العوامل كما يلي :
ا ـ التفتت والتشردم حيث ان هناك جماعات كثيرة يجمعها التناحر في ما بينها ، خاصة بين الاتجاهات الاسلامية التي تعمل ضمن قوانين الدولة ، وتلك التي تعمل خارج تلك القوانين . مثال الاختلافات الجذرية التي وصلت حد السب والقذف وتبادل الاتهامات بين حركة( الشبيبة الاسلامية) وبين( حزب العدالة والتنمية) ، ثم الاختلافات وتبادل التهم بين هذا الاخير و(جماعة العدل والاحسان) التي تعتبره الحزب " المخزني " بامتياز . عندما اعلن الاستاذ عبد الاله بن كيران انشقاقه عن( حركة الشبيبة الاسلامية) ، وتكوينه مع مجموعة من المنسحبين( الجماعة الاسلامية) التي تحولت الى( حركة الاصلاح والتجديد) التي توحدت مع( رابطة المستقبل الاسلامي) في اطار( حركة التوحيد والاصلاح) الاطار الايديولوجي الدعوي( لحزب العدالة والتنمية )، كتب الاستاذ عبد الكريم مطيع عاكسا وجهة( لجنة التنسيق الاسلامي بالمغرب) ما يلي : " يبدو ان عصابة الجواسيس ( بنكيران وبرادعه ) قد فقدت التوازن نظرا لما انكشف من امرهم لدا الخاص والعام للطلاق الرجعي الذي اصدرته وزارة الداخلية في حقهم بعد ان فقدوا فاعليتهم واضطربت شطحاتهم واخذوا يخبطون خبط عشواء ذات اليمين وذات اليسار كالارنب المدعورة .
فبعد البراءات المتعددة التي اصدروها في الصحف الشيوعية والحكومية والمشبوهة من المجاهدين المعتقلين والمحكومين بالاعدام و المنتظرين تنفيذ حكم الاعدام والمهاجرين ومن اسرهم وابنائهم وادبياتهم وصحفهم ، وبعد تحريضاتهم المتوالية للدولة في صحيفتهم "الافساد " ( الاصلاح)سابقا على مراقبة المساجد وتطهيرها من الدعاة الصادقين الذين سموهم المتطرفين ، وبعد الحملة الشرسة على التنظيمات الشيوعية ( ماركسية صريحة او ماركسية معممة ) في اطار الخطة الطاغوتية لضرب فئة باخرى ، ومع محاولة التملق والتزلف ل( حزب الاستقلال) الذي يعرف كيف يسخر امثالهم دون ان يسخروه نظرا لخبرة اعضاءه ودهائهم ... وبعد ... وبعد هاهم الان يحاولون التزلف للشيوعية المعممة ممثلة في( الاتحاد الاشتراكي) الذي طالما طالب بالغاء قوانين الشريعة الاسلامية للاحوال الشخصية وبتدريس الفكر الماركسي المادي الملحد ابتداء من فصول رياض الاطفال والذي الف احد الملاحدة من اتباعه ( عابد الجابري ) كتابا مدرسيا زعم فيه ان المسيح عليه السلام ولد من الفاحشة ليوسف النجار كما تزعم اليهود.
هذه المسيرة التملقية للشيوعية المعممة بدات بلقاء نشروه في مجلتهم "الخرفان عدد 20 " أي (الفرقان) لاحد الماركسيين المعممين بدون حياء او خجل ... وهل بعد هذه المذلة للملاحدة والمنحرفين واعداء الامة والتآمر على المؤمنين والتنكر لهم وخذلانهم والغدر بهم ، هل بعد هذا كله بقي لنا ان نتساءل عن هويتهم وعقيدتهم ورجولتهم ؟.
لقد صدق رسول الله وهو الصادق الامين دائما حيث قال : " مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين ، تعير الى هذه مرة والى هذه مرة " رواه مسلم .
والشاة العائرة هي الطالبة للفحل ، أي تتجه الى هذا الغنم للبحث عن فحل ، فان لم تجده او لم تستوف شهوتها عارت الى غنم اخر لفحل اخر ...
وهاهي الشاة ( .... ) تطلب الفحل مرة عند الاستقلاليين ومرة عند الشيوعيين ومرة عند وزارة الاوقاف ومرة عند المجلس العلمي ... محتفظة بالفحل البوليسي في كل الاوقات ولله في خلقه شؤون ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " ، كما كتب عندما اسس الاستاذ عبد الاله بنكيران( الجماعة الاسلامية) بعد التطورات التي عرفتها المملكة على اثر احداث 1984 وتحت عنوان " القوة في الاسلام " : " ... وعندما قامت الدعوة الاسلامية في المغرب وتآمر عليها الطاغوت وابتلاها الله بالمحن والشدائد .. انفصلت عنها شردمة من الجبناء والمرتزقة الذين اشربوا في قلوبهم العجل ( عجل الذهب ) ، واستحبوا العمى عن الهدى وتعلقت انفسهم بعفن المستنقعات ( مستنقعات المال والعبودية ) واستشرى فيهم حب الالتواء والهروب من منافع القوة والجد والصرامة ، وابوا الا ان يسيروا سير القطيع الذي لا يسلك الا المسالك السهلة تجنبا للمشقة والعنت ومحبة اللذة والرخاوة والرخاء .. لقد فعلوا فعل بني اسرائيل واخذوا دينهم لهوا ولعبا وتزلفا .. وقالوا لقيادتهم الجهادية سمعنا وعصينا .. وهاهم الان عاكفون على عبادة العجل .. لكن الله سبحانه وتعالى قيض لهذه الدعوة شبابا اخرين اخذوا دينهم بقوة وحزم وقالوا سمعنا واطعنا ، فعودوا انفسهم على الجدية والصرامة والحسم ، ولم يدعوا في سلوكهم للرخاوة مجالا ولا للتمييع سبيلا ، وطرحوا باب الالتواء والاحتيال على النصوص جانبا ، وادركوا ان تكاليف هذا الدين لا يطيقها من طبيعته الرخاوة والتمييع والهزل .. وتسلحوا بقوة الايمان وقوة الارادة غير مغفلين قوة العمل وقوة الاعداد ليوم الفصل ، فهم المنصورون باذن الله " ( ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز ). وفي ركن اخر كتب السيد عبد الكريم مطيع وتحت عنوان " القلب والعقل بين الغيب والشهود " ما يلي : " .. وهو ما فات ايضا بعض شباب الحركة الاسلامية الذين استعجلهم حب الظهور والزعامة ، فحاولوا شق الصف وفتنة الجماعة بتاويل الاقوال والتصرفات ، وتبرير الاعمال والتوجهات مدججين بكل ما يخطر ولا يخطر على بال من منكر غير متورعين عن استعمال اخس اساليب الكيد والشيطنة ، فكان عاقبة امرهم ان سقطوا في احضان الطاغوت وارتكنوا في الفتن ، او قبعوا في احدى مزابل الخزي والنسيان ، او شغلوا عن فتنة الدعوة واهلها بما اقتضته حكمة العلي القدير ، نسال الله العفو والعافية .." . كما ان مثل هذه الاتهامات غير المبنية على الحجج الدامغة قد تم تبادلها بين الاستاذ عبد الاله بنكيران وبين الاستاذ ادريس لشكر ، وبين( حزب العدالة والتنمية) و(حزب التقدم والاشتراكية ). وهي كانت ولا تزال - رغم انها في الظروف الحالية قد فقدت الكثير من بريقها بسبب مشاركة العديد من الاحزاب التي كانت تمارس المعارضة في الحكومة - ، وسيلة تستعمل في الصراع اما لتشويه الخصم ، واما لاثارة الشكوك حوله ، الامر الذي قد يجعل منه عرضة للقيل والقال .
ان مصدر هذا التشتت والتشرذم الذي يستفيد منه اعداء تلك الحركات بالدرجة الاولى ، حكم واحزاب مناوئة يرجع الى ايمانهم بحديث للرسول غير مؤكد يقول " ستنتهي امتي في اخر الزمان الى ثلاثة وسبعين فرقة . اثنتا وسبعون منها في النار ، وواحدة فقط في الجنة " ، وبهذا تتصور كل فرقة انها الناجية وان الباقي في النار ، وهذا هو سبب انتشار ظاهرة التكفير بين تلك الجماعات ، وبينها وبين انظمة الحكم الحاكمة ، بل بعضها وصل الى حد تكفير حتى المجتمع، مما يبرر قتل الابرياء بدعوى مساندتهم للانظمة من خلال تادية الضرائب والمشاركة في الاستحقاقات، أي الانتخابات التي تزكي "الديمقراطية الغربية الكافرة "اصلا. . يلاحظ ان هذا التشتت يبقى ظاهرة طبيعية لانهم يتفقون علىالعموميات ويختلفون اختلافا شديدا عند الدخول في التفاصيل ، وفي " التفاصيل يسكن الشيطان " كما يقول المثل الالماني .
ويصل تشتت هذه الجماعات الى حد سيادة النزعة التعصبية في مواقفهم وفي احكامهم وارائهم ، وتصنيف الناس وفق التزاماتهم او عدم التزاماتهم بهذه الطروحات ، وهذا يعني ان تلك الجماعات وعلى غرار مثيلاتها الاروبية عنصرية بامتياز .
ب ـ الغياب الكامل للبعد القومي في طروحاتهم الفكرية والتنظيمية ، ويرجع هذا الموقف بدرجة اولى لعدائهم الشديد للاحزاب القومية من ناصرية او بعثية . ان هذه الجماعات تعتبر العالم كله بدار الاسلام ، أي يؤمنون باممية الاسلام وعدم حصره فقط في الاقطار التي ظهر فيها ، لذا نفهم لماذا تعتبر العديد من التنظيمات الاسلامية في اروبة ، انها تمارس جهادها في بلاد الكفار رغم استفادتها من مختلف التسهيلات التي تنص عليها القوانين الاروبية.
ج ـ غياب البعد الاجتماعي والاقتصادي في برامجهم التي ينوون بها تسيير الدولة ، وهو ما يجعل العديد من المحللين الاقتصاديين والسياسين يبشرون بالأسوء ،فيما اذا طبق برنامج غارق حتى النخاع في الجاهلية والقرون الوسطى. فهل يعقل وفي الالفية الثالثة مع تشابك العلاقات الدولية ان نطبق نظام الخلافة الاسلامية الراشدة ، او الخلافة العثمانتية المملوكية ؟. انه شيء مستحيل ، لانه في غياب الدولة العصرية التي تجمع بين الاصالة والمعاصرة ، بين الاصول والتجديد ، الدولة المتوازنة سياسيا ، اجتماعيا ،اقتصاديا ،فلسفيا وفي اطار الخصوصية التي تحفظ التمايز والحق في الاختلاف ، يستحيل على العالم العربي وضمنه المغرب ان يحقق القفزة النوعية في التنمية الاجتماعية التي تهم الشعب والدولة في ان واحد .
د ـ معاداتهم للاحزاب السياسية التي لاتؤمن بما يؤمنون ، واعتبارها طابور خامس للغرب الراسمالي في المغرب وفي مجموع البلاد العربية ،لذلك فالعديد من الحركات الاسلامية تعتبر الاحزاب السياسية عدوا رئيسيا وليس ثانويا شان النظام السايسي ، الذي تدعو( جماعة العدل والاحسان) الى التخلص منه . ان الهدف التي ترمي بعض الجماعات من بلوغه ليس اكثر من اقامة دولة ثيوقراطية توتاليتارية يحكم فيها الفقيه ، او اهل الحل والعقد ، او مجلس الارشاد ، او مجالس النصيحة ، أي تغييب الشعب الذي سيخضع لديكتاتورية هذه الهيئات التي ستفرض عليه وصايتها ، وهذا شيء خطير لانه يرفض حتى الاستفتاءات في القضايا الاستراتيجية التي تهم الأمة. ـ يتبع ـ [email protected]



الاسلام السياسي -4- سعيد الوجاني

الصراع المفتوح مع السلطة : تعتبر سنة 1984 السنة التي وصلت فيها درجة التصادم بين( حركة الشبيبة الاسلامية) والسلطة درجاتها القصوى . فقد شهدت هذه السنة بعد محاولة ادخال الاسلحة من الجزائر، قمة الحملة التي شنتها اجهزة الامن، ضد خلايا الاتجاه الاسلامي المتطرف الذي يؤمن بالعنف كوسيلة للسيطرة على الحكم . لقد كشفت المحاكمات التي اعقبت تلك الاحداث عن تنظيمات سرية بدات نشاطها منذ سنة 1978 و1979 مثل( فصيلة الجهاد) ،( الحركة الثورية المغربية) ،( حركة المجاهدين بالمغرب) ، و( حركة الشبيبة الاسلامية). لقد بلغ عدد الماثلين امام المحكمة 71 متابعا ينتمون الى مختلف هذه التنظيمات وينحدرون من مختلف المدن المغربية ، وجرى محاكمتهم بتهمة توزيع المناشير في المساجد وفي العديد من المدن كالدارالبيضاء و المحمدية ، وحيازة الاسلحة بدون ترخيص ، والتهديد بالستعمال العنف المسلح ضد الدولة وضد رموزها . وقد صدرت الاحكام على 13 متهم بالاعدام ، وعلى 34 بالسجن المؤبد .
في شهر غشت من سنة 1985 مثل 26 عضوا من اعضاء ( حركة الشبيبة الاسلامية) امام المحكمة بتهمة التزود بالاسلحة من الجزائر والتدريب على استعماله بمعسكراتها، وتحت اشراف اجهزة مخابراتها العسكرية ،ثم العمل على ارساء نظام ثيوقراطي اسلامي بالمغرب ، وكان نصيب 14 منهم الحكم بالاعدام من بينهم مرشد الجماعة الاستاذ عبد الكريم مطيع المقيم الان بخارج المغرب . لقد كانت هذه هي المرة الاولى ، بعد قضية الزيتوني بفاس ، التي تدخل فيها السلطة في مواجهة عنيفة ومفتوحة مع الحركة الاسلامية . لقد دفعت تلك الاحداث في ذلك الابان وزارة الداخلية الى تكوين مجموعة من رجال السلطة الذين كلفوا بربط العلاقات بين مختلف المساجد بالمملكة وبين اقسام الشؤؤن العامة بالعمالات والاقاليم و بتنسيق مع الاجهزة الامنية المختلفة خاصة مع( مديرية مراقبة التراب الوطني) التي كان يشرف عليها عبد العزيز علابوش ، حفيظ بنهاشم وتحت الرئاسة الفعلية لادريس البصري . ان هذه الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها وزارة الداخلية ، كانت بغرض استباق الاحداث ، والحيلولة دون استغلال الدين او المساجد لتمرير الخطابات السياسية للتنظيمات المتطرفة ، واذا كانت هذه الخطة قد اعطت اكلها على الامد المتوسط ، فان نزول التيار الاسلامي ممثلا في( جماعة العدل والاحسان) ،( حركة التوحيد والاصلاح) و(التيار السلفي الجهادي) الذي كان لايزال يركز على التنظير، في المظاهرة الشعبية المساندة للعراق في حربه الظالمة ضد جحافل الامريكان ومن لف حولهم من الدول ، قد اربكت حسابات الداخلية ،وادخلت الرعب في قلوبهم ، ولاول مرة تنزل شخصيا امام محطة القطار بالرباط كل قيادة الوزارة يتقدمهم حسين بنحربيط ، حفيظ بنهاشم ، عبد السلام الزيادي وعبد العزيز علابوش ، وتحت حراسة امنية مشددة لمراقبة الحشود الغاضبة المؤطرة من طرف التيار الاسلامي الذي لم يكن ليثير اهتمامات المسؤلين .ومن يومها بدا الشغل الشاغل للوزارة هو اسباب تنامي التايار الاسلامي ، وتغلغله وسط العديد من القطاعات التي كانت حكرا على اليسار التقليدي والسبعيني ، ثم سهولة استقطابه لفئات عريضة من مختلف الطبقات الاجتماعية وسط الشعب المغربي ، ويعتبر الترخيص للاستاذ عبد الاله بنكيران بالاندماج في حزب الخطيب ، محاولة للتقليل من خطورة الظاهرة ، واستيعابها ثم التحكم فيها ، بدل ان تبقى خارج الضوابط المعروفة ،وقد كانت عملية الاندماج بين( رابطة المستقبل الاسلامي) وبين ( حركة الاصلاح والتجديد) في اطار( حركة التوحيد والاصلاح) الناقوس الذي دق الخطر من تجميع جميع الاسلاميين في تنظيم واحد ،وهو ما سينجم عنه مشاكل للحكم في المغرب. لقد لعب المرحوم عبد الرزاق لمروري دورا اساسيا في هذا الاندماج الذي سيفضي مع مرور الوقت بالاعلان عن( حزب العدالة والتنمية) كحزب مندمج في اللعبة الديمقراطية بكل مزاياها ومساوئها ، ومتحكما فيها من طرف الامن .
محاولات تجميع منظمات الاسلام السياسي : لقد عرفت تجربة الاسلام السياسي عدة محاولات للتوحيد والتجميع بهدف بناء الحركة الاسلامية العريضة ، واظهارها امام الحكم وامام غيرها من الاحزاب بالشكل الحقيقي الذي تشغله في الساحة . وقبل عملية الاندماج التي تمت بين( رابطة المستقبل الاسلامي) وبين (حركة الاصلاح والتجديد) التي افضت الى تاسيس( حركة التوحيد والاصلاح) الجناح الدعوي والايديولوجي ل( حزب العدالة والتنمية) ، وبخلاف محاولة عبد القادر بلعيرج توحيد ( الحركة الثورية الاسلامية)،( حركة المجاهدين بالمغرب)،( حركة الشبيبة الاسلامية) و( الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة)،فقد كانت هناك عدة مبادرات شخصية حاولت بقدر ما ، ان تجمع جميع منظمات الاسلام السياسي في تنظيم واحد . ان من اهم تلك المبادرات ، تلك التي جسدها الشيخ عبد السلام ياسين من خلال مجلة( الجماعة) التي كانت تدعو الى ضرورة توحيد مختلف مكونات الحركة الاسلامية في حركة واحدة . فرغم ان الشيخ لم يكن في بداية عمله ينتمي الى اية جمعية دينية ، الا انه كان يهدف الى جعل( الجماعة )جريدة مركزية واداة لبناء وتجميع الاحركة الاسلامية في تنظيم واحد مثل حركة الاخوان المسلمين في الشرق العربي . فكان بذلك الاستاذ عبد السلام ياسين يركز على ثلاثة محاور اساسية هي :
1- الدعوة الاسلامية في مختلف المنابر والمحافل والمرافق العامة والخاصة التي يلجها الناس بمختلف مشاربهم الاجتماعية واختلافاتهم الثقافية من اجل الاستقطاب وتعريض قاعدة العمل الاسلامي ، تمهيدا ليوم الهبة او القومة اوالثورة ، لاقامة نظام الخلافة ، والتخلص من النظام .
2- العمل على ضم جميع الجماعات الاسلامية التي تنشط في الساحة ، وتوحيدها في اطار منظمة اسلامية واحدة قادرة على "فرض اختيارات الشعب" ، ومسهلة امكانية حسم مسالة الحكم ، بدل ضياع الوقت في النزاعات المفتعلة بين الحركات الاسلامية في ما بينها ، الامر الذي قد يطيل من عمر الحكم ، وتستغله الاحزاب التي تستفيد من كل ضعف او نكسة تصيب العمل الاسلامي الجاد.
3- وضع استراتيجية محكمة للعمل الاسلامي ، ثم المطالبة بالحكم ، مع استغلال جميع الطرق المؤدية الى السلطة ، أي " الثورة الاسلامية " و امكانية " الانقلاب من فوق " . ومن خلال التحليل يتضح ان( جماعة العدل والاحسان) ، التي لاتعترف بامارة المؤمنين ، وتنازع الملك مشروعيته الدينية ، وتؤمن بالجمهورية الاسلامية على الطريقة الايرانية ، وتدعو الى الخلاص والتخلص من النظام الملكي ، وتعتبر الاحزاب مجرد حوانيت اودكاكين يشتري منها الحكم سلعته المفضلة ، هي منظمة لاتختلف في شيء عن غيرها من منظمات الاسلام السياسي المتطرفة ، لكن الاختلاف يوجد في الوسائل فقط للوصول الى المشروع الاسلامي الضخم الذي ينتهي باقامة الجمهورية . ومادام ان الاستراتيجية واحدة ، فان( جماعة العدل والاحسان) تؤمن بالتغيير من تحت ، أي " بواسطة الثورة الشعبية " وهي تحضر لذلك بما تسميه في ادبياتها بتعريض القاعدة استعدادا للقومة، وتؤمن بالتغيير من "فوق" ، أي بالانقلاب، اذا كانت ظروف العمل الاسلامي تقتضي ذلك . أي استعمال السلاح في المراحل الاخيرة للثورة لضرب جيوب مقاومة النظام ، وهي المهمة التي سيتكلف بها جند الله : من نحن ؟: جند الله- ولاؤنا : لله . غايتنا: وجه الله . قائدنا : رسول الله . حاكمنا : الله . دستورنا : كتاب الله .وسيلتنا :الجهاد في سبيل الله . هكذا سنجد ان الشيخ عبد السلام ياسين كان ولا يزال يدعو الى عدم الاقتصار على نقد ما ينافي الاخلاق ، مبرزا ان ابراز العلاقة الوثيقة بين ما هو اخلاقي وبين النظام الاقتصادي والسياسي امر جوهري بالنسبة للشعب المغربي ولمناضلي الحركة الاسلامية . وبخصوص السلطة قال الشيخ : " نطالب بالسلطة ، نريدها برضى من الشعب وبتصويت منه " ، والتصويت هنا ليس هو صناديق الاقتراع ، بل" اختيار الشعب" الداعي الى التغيير الجدري ،أي الى تغيير النظام الحالي بنظام الخلافة الاسلامية التي ستحكمها دكتاتورية( اهل الحل والعقد) او( مجلس الارشاد) او ( مجلس الفتوى والنصيحة) ، وهو ما يعني تبني مفهوم الاستبدالية السياسية للحركة الاسلامية عوض الشعب الذي يجب ان يخضع بالمطلق لفتاوى تلك الهيئات . ان تركيز الجماعات الاسلامية في مطالبها بالشورى بدل الديمقراطية ، لايعني في واقع الامر ، غير اختزال الشورى في تلك المجالس، وليس المقصود بها استفتاء الامة والرجوع الى الشعب الذي يجب ان يكون مصدر القرارات . ان هذه القاعدة الديمقراطية ترفضها الجماعات الاسلامية ، وهي اذ تغيب الشعب من كل مشاركة في تحديد الاهداف العامة ،ترى ان العلماء وحدهم اهل للتقرير مكان الشعب المغيب والذي تتخذ القرارت باسمه . وبخصوص موقف الشيخ من الاحزاب السياسية يقول كذلك : " انها لسداجة لا تغتفر انتظار ان ينفد المرتدون والملحدون والكفار عبر مشروع استغلالي ديماغوجي ومنتج لجاهلية جديدة . ان الاستعداد لاستلام السلطة يتطلب كثيرا من القوة والصفاء ، وهذا ما يجب علينا الا ننال من شخصيتنا الاسلامية ، وذلك بتجنب اية علاقة مع الاحزاب السياسية " . ان اكبر مغالطة للشيخ واكبر تناقض اساسي تسقط فيه( جماعة العدل والاحسان) هو عندما تدعي رغبتها في مشاركة جميع الاحزاب في التقرير المشترك للخلاص من المخزن ، في الوقت الذي نجد فيه الشيخ عبد السلام ياسين لايتورع في الدعوة الى " تجنب اية علاقة مع الاحزاب السياسية ".
هكذا ادن يبرز الشيخ عبد السلام ياسين كاحد اكبر منظري الاتجاه الاسلامي بالمغرب ، حيث سبق ان بعث الى الملك الراحل برسالة عنوانها " الاسلام او الطوفان " قضى على اثرها سنتين في السجن ، وابدى معارضة قوية وصريحة حينما اصدر مجلس العلماء بالمغرب فتوى تكفر الخميني ، كما بعث برسالة الى جلالة الملك السلطان محمد السادس عنوانها " الى من يهمه الامر " وقد سار الاستاذ مصطفى المعتصم المعتقل مؤخرا في نفس الطريق حينما وجه بدوره رسالة الى " من يهمه الامر " أي الى جلالة الملك ، الذي نتمنى ان يصدر عفوه المطاع على مواطنيه ، اذا كان اصل التهمة يعود الى الماضي، هذا ما لم يكن يتردد عنه والده باني الدولة العصرية ومحرر الصحراء المغربية واب الوطنية المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه . من اين ذلك الغصن من تلك الشجرة . ان العلويين معروفين بتسامحهم وتشبتهم بمواطنيهم حيث لم يسبق لاي سلطان علوي في التاريخ ان سلم مواطنيه لدولة اجنبية ، او جرد بعضهم من الجنسية المغربية ، رغم الاساءات التي الحقها العديد من المعارضين بالدولة طيلة ستينات وسبعينات القرن الماضي ،ومع ذلك كان العفو وكان التصالح وكان الاجماع الوطني لمواجهة العدو الخارجي الذي يهدد الجميع ويهدد وحدة اراضينا ومستقبل بلادنا . والمغاربة على يقين من ان جلالة السلطان المفدى حفيد الحسن الثاني ومحمد الخامس رحمهما الله جلالة الملك سيدي محمد، لن يبخل من السير في طريق والده واجداده . ان الماضي يبقى فقط ماضيا ، وحيث ان الماضي لا يعاد وينقضي بالتقادم ،خاصة اذا كان يعود الى سنة 1992 ، فان التدخل الملكي وباقتناع الشعب المغربي يبقى واردا في جميع الاحوال .
اليسار والحركة الاسلامية : مرت علاقة اليسار المغربي بالحركة الاسلامية المغربية بعدة محطات تختلف من العداء الاعمى الى المهادنة الى التنسيق والتعاون في بعض المجالات التي كانت تهم الجميع . في سبعينات القرن الماضي كانت علاقة اليسار الماركسي اللينيني( منظمة الى الامام) ،( منظمة 23 مار س) ،(حركة لنخذم الشعب) (الاتحاد الوطني تم الاتحاد الاشتراكي) (حزب الطليعة) تتسم بالعداء التام ، وقد كانت حلبة الصراع دائما هي منظمة (الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) ، وكان الصراع بالاساس مع ( حركة الشبيبة الاسلامية) ، ومع( الجماعة الاسلامية) . بعد افول اليسار وتراجعه امام تصاعد الموجة الاسلامية في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ، وامام النجاحات التي حققتها بعض الاحزاب التي تحسب على الصف الاسلامي كتوسيع قاعدة( حزب العدالة والتنمية )و(جماعة والعدل والاحسان) ، وتغطيتهما ان لم نقل استحواذهما على جل المظاهرات الوطنية التي ساندت الفلسطينيين و العراقيين ، بدا ت احزاب اليسار تغير من موقفها من الدين، حيث لم تعد تعتبره" افيونا للشعوب" ، كما غيرت من تصورها للعلاقة التي يمكن ربطها مع بعض التنظيمات الاسلامية المستعدة للقبول بالاخر ،حيث يمكن التعاون معها في المجالات التي تحظى باهتمام الجميع كالتعددية ، التسليم والاعتراف بالاخر ، نبذ العنف بكل اشكاله المادي والمعنوي ، الايمان بالديمقراطية وبان صناديق الاقتراع هي المفصل بين الخطابات السياسية للحركات التي تشتغل في الساحة ،الاهتمام المشترك بحقوق الانسان ، التأكيد على الثوابت الوطنية ومنها الاعتراف بالنظام الملكي وبالوحدة الوطنية .. هكذا ففي الوقت الذي نجد فيه ( الاتحاد الاشتراكي )ايام زمان او الان يستخدم الدين لاستمالة الجماهير المتدينة ودفع تهمة الالحاد عنه التي تلصقها به الجماعات الاسلامية المتطرفة حيث سبق للاستاذ الحبيب الفرقاني والاستاذ محمد عابد الجابري ان لعبا دورا مهما في هذا المجال من خلال المقالات الغنية التي كانت تصدر لهما بجريدة الحزب ، او المقالات التي ينشرها اعلام الحزب الأن، اوالمواقف والتصريحات المختلفة التي يصدرها بعض قادته بخصوص الموقف من الاسلام ومن اشكالية تسييس الدين ، فان( حزب التقدم والاشتراكية ) قد سلك نفس المسلك في اطار تعامله مع الدين وفي اطار تطبيقه ( الخلاق للماركسية ) ، حيث سبق ان اصدر فتواه الشهيرة في امر الراسمالية قائلا : " ان الاسلام يدين الراسمالية والاستغلال ، والاشتراكية ليست ضد الدين ولا ضد تعاليمه التي تنادي بالمساواة " ، لكن اذا نحن رجعنا شيئا ما الى الوراء سنجد ان الاستاذ احمد الكوهن المغيلي المدير المسؤل عن مجلة( الاساس) التي كانت مقربة من السيد علي يعتة رحمه الله يكتب في احدى المقالات خلال فترة اشتداد المواجهة مع التيار الاسلامي يناشد السلطة بالعمل على اقتلاع الشر من جذوره معتبرا ان " الهراوة " هي السبيل الوحيد لردع مخاطر الاتجاهات الاسلامية المتطرفة ، وهو نفس الموقف سبق للاستاذ احمد بنجلون ان اتخذه في مقال نشر بجريدة (الطريق)، وهو نفس الموقف سبق للاستاذ علي يعته ان طالب به الدولة لمواجهة المنظمات الماركسية اللينينية في ثمانينات القرن الماضي، حيث طالب باقتلاع الخطر من جذوره .
على يسار هذين الحزبين نجد موقفا لاحد ابرز منظري منظمة( الى الامام) الماركسية وهو ابراهام السرفاتي ، الذي يخلص الى تقييم طبيعة الاسلام في المغرب انطلاقا من تجربة الاحزاب الاشتراكية والديمقراطية المسيحية في أمريكا الاتينية وفي ايطاليا ، فهو يؤكد على ضرورة العمل داخل الامة العربية على دفع جميع التقدميين ، كيفما كانت ايديولوجيتهم ، دينية ، اشتراكية ، قومية او ماركسية ، لبذل جهود نظرية وعملية في سبيل تقريب جميع الخطوط وجميع التنظيمات . فهذا شرط اساسي لتغيير المجتمع العربي تغييرا راديكاليا وتحريره من الامبريالية والصهيونية ، ومن ثم فهو يرى ان ان المناقشة يجب ان تبقى جارية بين الماركسيين اللينينيين ذوي التصور البروليتاري للعالم ، وبين الدين المتحرر من جميع الضغوط الرجعية . ان ابراهام السرفاتي لاينفي امكانية التعامل والتنسيق مع الاتجاهات الاسلامية ذات التوجه التقدمي والبراغماتي ، أي ما يطلق عليه بالاسلام التقدمي ، وللاشارة فان ابراهام السرفاتي اعترف بالفصل 19 من الدستور ، أي انه اصبح محافظا اكثر من المحافظين انفسهم ، مادام ان الفصل المذكور يركز بالاساس على امارة امير المؤمنين وعلى اسلامية الدولة .
بالنسبة لحركة( النهج الديمقراطي) ، و(حزب الطليعة) وموقفهما من الاسلام ، فانهما لايختلفان حول اسلامية المجتمع المغربي ، لكن بالنسبة للجماعات الاسلامية وعلى اختلاف اتجاهاتها ، فان التنظيمين يتخذان مواقف جد متشددة من الظاهرة الاسلامية بشكل عام ، ولعل ما يترجم هذا العداء المستشري وسط هؤلاء اليساريين ، الصراعات التي تدور مع طلبة الاتجاه الاسلامي في الجامعة ، سواء ضد طلبة( حزب العدالة والتنمية) ، او طلبة (جماعة العدل والاحسان) .
ان( الحزب الاشتراكي الموحد) يتعامل مع بعض الاتجاهات الاسلامية ك (البديل الحضاري) و(الحركة من اجل الامة )، حيث يمكنهما من استعمال مقراته لعقد اجتماعاتهما او لتدارس مستجد من المستجدات السياسية ، كما لايتردد في التنسيق معهما في المجالات التي تهم حقوق الانسان .
اذا كان العديد من الاتجاهات اليسارية تتزلف للمنظمات الاسلامية ، فان هذا التزلف لن يجلب له غير الهزيمة والخذلان حيث تطبع في بعض الاحيان تصرفاته بالمازوشية السياسية . ان مختلف التحليلات تبين ان المواجهة بين اليسار وبين الاتجاهات الاسلامية المتطرفة لم تحسم بعد ، فباستثناء ما كتبه الشيخ عبدالسلام ياسين عن الاحزاب ، التي اعتبرها مجرد مقاولات اودكاكين وحدر من التعامل معها ، فان المنظمات الاسلامية المتطرفة ، تعتبر الاحزاب وبما فيها حتى( جماعة العدل والاحسان)،( العدالة والتنمية) ، (البديل الحضاري) و(الحركة من اجل الامة) ، منظمات كافرة لاعلاقة لها بالاسلام غير الاسم . لقد كتب الاستاذ عبد الكريم مطيع : " اسفر الصراع في المغرب عن معسكرين لاثالث لهما . معسكر الشعب المغربي المسلم المتشبث بعقيدته وثورته ، ومعسكر الفكر الاجنبي الدخيل ( الليبرالي والماركسي ) الذي يقاتل صفا واحدا في جبهة واحدة مآلها الهزيمة والخذلان امام معسكر وجنود الرحمان " واضاف " الحق والباطل لا يتبدلان القبل ولا اوراق الاعتماد ". ان الحق عند عبد الكريم مطيع هم المنظمات الاسلامية المتطرفة ، اما الباطل فهو الاحزاب بمختلف تشكيلاتها السياسية .بل ان حزب الاستقلال ومن خلال هذا الموقف متمركس اكثر من الاتحاد الاشتراكي . - يتبع - [email protected]



الاسلام السياسي - 5- الشبيبة الاسلامية سعيد الوجاني

عرفت بلادنا نوعين من المنظمات السياسية المتطرفة منذ سبعينات القرن والماضي والى الان :
يتكون النوع الاول من المنظمات التي انشقت عن الاحزاب الوطنية وشكلت ما كان يعرف ب ( الحركة الماركسية المغربية ) التي تكونت من( منظمة 23 مارس) التي انشقت عن حزب( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) ، (منظمة الى الامام) التي انشقت عن( حزب التحرر والاشتراكية) ،( الحزب الشيوعي) الذي يعرف اليوم( بحزب التقدم والاشتراكية ). لقد كانت هناك عدة عوامل ساهمت في هذا التاسيس نذكر منها ، انتفاضة الشبيبة الطلابية في ماي 1968 ، الحرب في الهند الصينية ( الفيتنام ) ، الصراع الصيني السوفياتي حيث تخندقت( منظمة الى الامام) و(حركة لنخذم الشعب) الى جانب اطروحات الحزب الشيوعي الصيني ، هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967 ، التي اعتبرتها الحركة الماركسية هزيمة للطبقة البرجوازية التي قادت الحرب ، ومن ثم اعتبرت الاحزاب السياسية المغربية نمادج جاهزة لتك الاحزاب والانظمة التي افلست بالكامل ، واستنفدت دورها خلال مرحلة النضال ضد النظام الكلونيالي . لذا فان الحركة الماركسية المغربية وبعد ان رفضت الانتخابات ، بدات تنظر للعنف الثوري للاستيلاء على الحكم واقامة دولة العمال والفلاحين ، معتبرين ان النظام الملكي مشدود" بخيط عنكبوث" ، وان الخطر هو في كيفية التحضير لمواجهة التدخلات الخارجية خاصة الفرنسية لانقاد النظام من السقوط .
النوع الثاني من المنظمات المتطرفة كونتها وتكونها الان ( حركة الشبيبة الاسلامية ) ، ( الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة ) ، ( منظمة الجهاد )، ( الحركة الثورية الاسلامية ). هذه الجماعات التي يحاول عبد القادر بلعيرج الان ان يجمعها في تنظيم واحد ، سبق للشيخ عبد الكريم مطيع ان حاول بدوره توحيدها في اطار ( لجنة التنسيق الاسلامي بالمغرب ) ، لكن وبسبب الحساسيات الشخصية ، بسبب الحيطة والحذر التي يتطلبها ويفرضها العمل السياسي السري ، بقيت مثل تلك الدعوات مجرد محاولات للتاسيس للحركة الاسلامية القوية لمواجهة ما يطلقون عليه ب " الطاغوت " .
اذا كانت هناك عوامل موضوعية وذاتية ، محلية ووطنية ، اقليمية ودولية قد ساهمت في تاسيس اليسار الجدري الماركسي اللينيني في سبعينات القرن الماضي ، فان تاسيس ( حركة الشبيبة الاسلامية ) يعود الفضل فيه الى النظام الذي كان يراهن في استعمالها وسيلة لمحاربة المد الشيوعي والماركسي المتنامي في الحقل الثقافي وبالضبط في قطاع التعليم التي كان اليسار يسيطر فيه على المنظمة الطلابية( الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) . لذا فان ظهور ( حركة الشبيبة الاسلامية )يعود بالضبط الى سنة 1969 ، اما تاسيسها بصفة رسمية فيعود الى سنة 1972 . وحسب مؤسسها الشيخ عبد الكريم مطيع الذي كان عضوا بحزب( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية)، قبل ان يغادره على اثر اختلافات مذهبية وسياسية مع مصطفى القرشاوي ، فان ( حركة الشبيبة الاسلامية ) هي " جمعية دينية تربوية نشاطها قانوني ومرخص به ، وهي بصفتها هذه بعيدة عن الاحتراف السياسي . اما اسلوبها التربوي فهو خاضع لقاعدة وجوب الدعوة الى الله بالتي هي احسن "، اما هدفها ودائما حسب تعريف الشيخ عبد الكريم مطيع " هدف الجمعية هو المساهمة في البناء الاجتماعي ، ونشر الاخلاق الكريمة وحث المواطنين على الخير والفضيلة والصلاح بواسطة تطبيق نهج الله الذي هو الاسلام ". وسيتاكد كما هو الشان بانسبة للعديد من منظمات الاسلام السياسي وعلى راسهم ( الاخوان المسلمون) و( منظمات الجهاد ) في الشرق العربي ، ان في الامر خطة محسوبة تسعى من خلالها الجماعة الى استغلال جميع الامكانيات والظروف لتقوية ساعدها عن طريق التغلغل وسط الجماهير والتسلل داخل القطاعات الرئيسية والاستراتيجية للدولة ، للتحضير للانتقال من " مرحلة الدعوة التربوية " الى مرحلة "الثورة الاسلامية " .
لقد لعب كل من الاستاذ عبد الكريم مطيع وابراهيم كمال والمرحوم عبد العزيز النعماني الذي اسس ( منظمة المجاهدين ) بعد انفصاله عن ( حركة الشبيبة الاسلامية ) بعد خلاف مع عبد الكريم مطيع ، حيث كان يشرف على اصدار مجلة ( السرايا ) التي كانت تدخل خلسة الى المغرب من باريس، وكانت تتضمن قذفا وسبا في شخص الحسن الثاني رحمه الله ...دورا اساسيا في خلق ( حركة الشبيبة الاسلامية )، وبفضل وظائفهم كمفتشي تعليم استطاعوا ربط عدة اتصالات مع العديد من الشخصيات الوطنية والعربية والاسلامية ، وكان الاستاذ المرحوم الامير بهاء الدين اول المتصلين به ، حيث كان استاذا بدار الحديث الحسنية وملحقا بالديوان الملكي ، و بمساعدته صدرت تعليمات خاصة مكنت عبد الكريم مطيع من وضع القانون الاساسي ل ( جمعية الشبيبة الاسلامية )مباشرة لدا وزير الداخلية انذاك السيد حدو الشيكر . ان من بين الشخصيات التي تم الاتصال بها نذكر اذا لم تخننا الذاكرة. سفير المملكة العربية السعودية السيد فكري شيخ الارض ، الاستاذ علال الفاسي ، الاستاذ الهاشمي الفيلالي ، الدكتور عبد الكريم الخطيب ، الاستاذ عبد الله ابراهيم ، الدكتور المهدي بنعبود ...
تم الاتصال كذلك بكل من الفقيه محمد السرغيني رئيس ( جمعية انصار الاسلام )، السيد محمد بخات عن ( جمعية الدراسات الاسلامية )، السيد الحمداوي محمد رئيس ( جمعية التبليغ )، السيد الشركي عبد الله رئيس ( جمعية النهضة الاسلامية ) بتطوان ، الدكتور الهراس رئيس ( الجمعية الاسلامية ) بفاس ، السيد محمد السواف رئيس ( جمعية الرابطة الاسلامية )، الفقيه الحاج محمد الدكالي رئيس ( جمعية الدعوة والارشاد ) اضافة الى شخصيات اخرى ذات وزن في الحقل الاسلامي والدعوي .
في سنة 1973 توصل الاستاذ عبد الكريم مطيع بدعوة من وزارة الخارجية السعودية للمشاركة في المؤتمر العالمي للشباب الاسلامي بمكة . وقد استغل الشيخ عبد الكريم مطيع هذه الفرصة قصد ربط اتصالات مع زعماء العديد من الحركات ومنظمات الاسلام السياسي العاملة في فرنسا ، المانيا ، هولندة ، اسبانيا ، ايطاليا، مصر ، سورية ، الاردن ، الكويت ، باكستان ... وبفضل هذه الاتصالات استطاع الاستاذ عبد الكريم مطيع وابراهيم كمال الحصول على دعم مالي مهم ل ( حركة الشبيبة الاسلامية )، الامر الذ ي سهل عليهما في سنة 1974 الدخول في مواجهات عنيفة مع اطر ومناضلي اليسار بشقيه التقليدي ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ) الذي تحول في نفس السنة الى( الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) ،( حزب التحرر والاشتراكية) الذي تحول بدوره الى( حزب التقدم والاشتراكية )، اليسار الجديد ممثلا في ( منظمة الى الامام ) ، ( منظمة 23 مارس ) ، (حركة لنخذم الشعب )----- للمزيد من المعلومات عن اليسار الجديد ، راجع اطروحتنا : ( الحركة الماركسية اللينينية المغربية : 1965 – 1983 ) السنة : 1987. 450 صفحة . الحجم الكبير.
لقد بلغت المواجهة بين (حركة الشبيبة الاسلامية ) وبين اليسار المغربي ،حدتها بمقتل المرحوم عمر بنجلون رحمه الله مهندس التقرير الايديولوجي مع الاستاذ عابد الجابري للمؤتمر الوطني الاستثنائي لحزب( الاتحاد الاشتراكي) لسنة 1975، الذي شكل انقلابا على ماضي الاتحاد الراديكالي الذي كانت تمثله تصريحات المهدي بن بركة، الفقيه محمد البصري وصقور الاتحاد ، ثم الاحداث البلانكية التي حصلت في سنة1963 و(حركة3مارس 1973 ) المعروفة باحداث خنيفرة مولاي بوعزة . وبلغت المواجهة حدتها بمحاولة تصفية الاستاذ عبد الرحيم الميناوي من (حزب التقدم والاشتراكية) بالدارالبيضاء ، كما اعدت (حركة الشبيبة الاسلامية ) لائحة سوداء تضم كل العناصر اليسارية التي اتهمت بالالحاد والزندقة ، فكانت القائمة السوداء لهؤلاء اعلانا عن قمة الخطر الذي بدا ينفلت زمام مبادرته من قبل الدولة . لقد ادت عملية اغتيال المرحوم عمر بنجلون رحمه الله الى تعقيد الوضع بالنسبة ل ( حركة الشبيبة الاسلامية )،اذ وجهت الضابطة القضائية تهمة الاغتيال المباشر الى الاستاذ عبد الكريم مطيع ، ابراهيم كمال ، عبد العزيز النعماني الذي اسس من فرنسا ( منظمة الجهاد الاسلامي ) فرع المغرب . بعد جريمة مقتل عمر بنجلون رحمه الله غادر هذا الثلاثي المغرب صوب عدة اقطار عربية المملكة العربية السعودية وفرنسا حيث استانفوا من فرنسا نشاطهم السياسي هذه المرة ليس ضد اليسار فقط بل ضد الدولة وبالاخص ضد شخص المغفور له الحسن الثاني رحمه الله . وإذا كان عبد الكريم مطيع وعبد العزيز النعماني قد ظلا في يتنقلان خارج التراب الوطني ،اذ كانا يترددان غالبا على الجزائر ، فان اللغز بالنسبة لابراهيم كمال انه عاد الى المغرب ليتم اعتقاله خمس سنوات ، بعد ذلك تمت تبرئته من طرف محكمة الجنايات بالدارالبيضاء .
كان الحكم على مطيع بالمؤبد النقطة التي افاضت الكأس . فقد غير كليا من خطته التكتيكية والاستراتيجية ، وبدا يعلن معارضته الشديدة للنظام الملكي ولشخص الملك الراحل . فكانت جريدة ( المجاهد ) التي كانت تفد سرا الى المغرب من فرنسا وتوزع سرا في عدة مدن بالشمال ،الرباط ، الدارالبيضاء، المحمدية و فاس... تتضمن مقالات متطرفة بحق الدولة المغربية ، وتحرض انصارها في الداخل على العنف .وهو نفس المسار سار عليه عبد العزيز النعماني الذي اسس ( منظمة الجهاد) واشرف على اصدار مجلة ( السرايا ) التي كانت تفد سرا من باريس وتوزع سرية في المغرب .
لقد ادى تردد عبد الكريم مطيع على الجزائر ، واتخاذه موقفا مغايرا لمغربية الصحراء ومساندا للبوليساريو ، وايمانه بالعنف الاعمى كوسيلة لقلب النظام ،،، ان اصبحت (حركة الشبيبة الاسلامية ) تعرف بعض التصدع في صفوفها ، فبدات المراجعات ، وبدا النقد والنقد الداتي ، فكانت الانسحابات بالجملة ، التي زادت من محدودية نشاط الحركة ، وتازيم وضعها السياسي وبالاخص التنظيمي . هكذا انشقت عن ( الشبيبة الاسلامية ) عدة مجموعات نحددها كالاتي :
1 - ( المجموعة السداسية )، وهي المجموعة الاولى التي انفصلت عن ( حركة الشبيبة الاسلامية ) . لقد اتهمها الاستاذ عبد الكريم مطيع بالعمالة الاجهزة وزارة الداخلية والاستعلامات العامة . تتكون تلك المجموعة من الاشخاص الاتية اسمائهم : السعداوي عبد الرحيم ، منار عثمان ، نايت الفقيه ، احمد بن الادهم ، نورالدين دكير و الشيخ عبد الكبير. 2- المجموعة الثانية التي انسحبت من تجربة ( حركة الشبيبة الاسلامية ) بمجموعة ( التبيين ) او ( مجموعة المعلمين ). تتكون تلك المجموعة من الاشخاص الاتية اسمائهم : اكوام عبد الرحيم ، العوفي محمد ، وفتاح عبد اللطيف .
3 - تتكون المجموعة الثالثة التي تسمى ب ( المجموعة الثلاثية )من الاشخاص الاتية اسمائهم: عبد الرحيم ابو النعيم ، سنايبي عبد الرحيم ، بروين محمد ، وعز الدين العلام .
4 - تتكون المجموعة الرابعة التي انسحبت من تجربة ( حركة الشبيبة الاسلامية ) بعد ان ادانتها وتبرات منها ومن الاحداث التي قادتها في سنة 1985 من الاشخاص الاتية اسمائهم : عبد الاله بنكيران ، شاهين ادريس ، العمراني علال ، عبد اللطيف عدنان ، العربي عبد السلام ، عمر السامي ، والعربي حداد . هؤلاء سيلعبون دورا مهما في تاسيس (جمعية الجماعة الاسلامية )التي اتهمها عبد الكريم مطيع بالعمالة لوزارة الداخلية وللاجهزة الامنية . للمزيد من التعرف اكثر على ( حركة الشبيبة الاسلامية ) يرجى زيارة الموقع http://www.elharakah.com

الجماعة الاسلامية : كان اهم تنظيم خرج عن ( حركة الشبيبة الاسلامية ) ، ( الجماعة الاسلامية ) في سنة1981 التي تحولت الى ( حركة الاصلاح والتجديد )، بعد ان اصدر الاستاذ عبد الاله بنكيران بيانا موجها الى الراي العام والى السلطات يعلن فيه قطيعته مع تجربة ( حركة الشبيبة الاسلامية )وامينها العام الاستاذ عبد الكريم مطيع . وقد صدر البيان المذكور بتاريخ 6 يناير 1982 ، أي مباشرة بعد ان اصدر عبد الكريم مطيع في المهجر جريدة ( المجاهد ) التي كانت مثل مجلة ( السرايا ) كلها قدف في حق الدولة العلوية وفي حق الحسن الثاني رحمه الله . كما اصدر الاستاذ عبد الاله بنكيران بيان اخرا الى في سنة 1985 موجها الى السلطة والى الراي العام الوطني يدين فيه محاولة ( حركة الشبيبة الاسلامية )ومرشدها العام الاستاذ عبد الكريم مطيع ادخال شباب مسلحين من الجزائر لمحاولة قلب نظام الحكم بالمغرب .
في 13 يونيو 1983 وضعت مجموعة الاستاذ عبد الاله بنكيران ملف قانونها الاساسي بقسم الشؤون العامة بعمالة الرباط ، قصد التاسيس الرسمي ل ( الجماعة الاسلامية ) ، وقد سطرت الجمعية من مهامها الاساسية بلوغ الاهداف التالية:
1 - نبذ السرية والحلقية والمغامرات الفاشية التي تربك وتعطل العمل الاسلامي بدل ان تخدمه ، بحيث يستفيد من هذه المحاولات الانتحارية اعداء العمل الاسلامي الجاد المتنفدين وسط السلطة او المنتشرين وسط الاحزاب .
2 – النضال في اطار العلنية والشفافية والوضوح وفي ظل المشروعية الوطنية، واحترام مقدسات الدولة ، الله الوطن الملك . أي الاعتراف بالملك بوصفه اميرا للمؤمنين ، الممثل الاسمى للامة ، ورمز الوحدة الوطنية .
3 – ادانة كل اعمال الدس والتحريض على الفتنة وازهاق ارواح المسلمين ظلما وجورا ، والهاء العمل الاسلامي في المعارك الجانبية التي لن يستفيد منها غير اعداء الامة واعداء الحركة الاسلامية بكل تشكيلاتها وتوجهاتها .
4 - العمل للتصدي للافكار وللايديولوجيات المستوردة والهدامة والمعادية للاسلام وللمسلمين ، والمقصود هنا دعاة التغريب والحداثيين الذين يريدون سلخ المجتمع المغربي عن اصوله ومعتقداته ، ودمجه قصرا في التحولات العالمية باسم الانفتاح والمدنية ، للقضاء على الاصالة والموروث الثقافي الاصيل للشعب المغربي ، وضرب الحق في الاختلاف بالانصياع الاعمى الى املاءات الغرب المسيحي الصهيوني . أي استهداف قواة الممانعة الوطنية والقومية ، ونصرة التدجين والتمييع باسم الجديد والتجديد الذي لاعلاقة له بمفهوم الاصالة والمعاصرة التي يؤكد عليها النظام المغربي ، أي الدولة العصرية التي تجمع بين الاصالة وبين المعاصرة وتجمع الجديد بالاصيل ، الذي يميز المغرب والشعب المغربي ، والا لما كان هناك ارض اسمها المغرب ، ولما كان هناك شعب اسمه الشعب المغربي.
5 – المساهمة المتواصلة في رفع المستوى التربوي والاخلاقي والاسلامي للشعب المغربي المسلم .
6 – الدعوة الى الاسلام وفق الكتاب والسنة المحمدية.
لقد اندمجت ( الجماعة الاسلامية ) مع ( رابطة المستقبل الاسلامي ) في اطار ( حركة التوحيد والاصلاح) ، وقد كان للمرحوم عبد الرزاق لمروري دورا مهما في هذا الاندماج . تعتبر ( حركة التوحيد والاصلاح ) الاطار اوالجهاز الايديولوجي لحزب العدالة والتنمية ، الذي تمكن بفضل نجاح خططه ودراساته ، ان يحتل مكانة مهمة ضمن الخريطة الحزبية وان يكون له تواجد مهم في العديد من القطاعات التي كان محروما منها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي . واذا كان الحزب قد عرف كيف يشق طريقه بكل امعان وترو ، حيث انه جاء في المرتبة الثانية بعد حزب الاستقلال في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي عرفتها المملكة ، فانه وبدون منازع يشكل القوة الثانية في المعارضة البناءة للحكومة وليس للنظام، بعد جماعة العدل والاحسان التي لاتتورع في ابداء معارضتها للنظام الملكي وليس للحكومة.
الانتهازية السياسية : ادت الاحداث التي عرفتها بلادنا في المدة الاخيرة ، والتي اتخدت لها طابعا اسلاميا ،رغم ان الاسلام بريء منها ، ان بدا بعض المتصيدين في المياه العكرة يروج الى ضرورة ابرام تعاقد بين بعض الاحزاب وبين المؤسسة الملكية ، فكانت الندوة التي اشرف عليها (حزب التقدم والاشتراكية) ببوزنيقة الاسبوع الفارط ،وحضرتها عدة وجوه لاتمثل في السلحة الوطنية شيئا . ان السؤال الذي يتوجب طرحه : حول ماذا تريد هذه الاحزاب ان تتعاقد عليه مع جلالة الملك ومع الدولة المغربية؟ ماهو الاشعاع الذي تمثله في الساحة. ووسط الشعب المغربي الملتصق بجلالة الملك ، والكل يعلم ان (حزب التقدم والاشتراكية) خرج ميتا منذ1943 ، وانه لم يكن يتحرك الا بفضل مساندة الدولة له ؟ . ماهو الحجم الذي يغطيه الحزب مع غيره من الاحزاب الاخرى التي تدعو الى اقتسام السلط مع الملك ؟ . الكل على دراية بالنسبة المئوية الهزيلة التي حصدتها في الانتخابات التشريعية الاخيرة. فاذا اخذنا النتائج كما اعلنت عليها وزارة الداخلية بكل تجرد وشفافية ، سنجد ان نسبة المشاركة لم تتجاوز 37 في المائة ، وان نسبة المقاطعة بلغت الى 70 في المائة . فكم هي النسبة المئوية من الاصوات التي حصل عليها كل حزب من الاحزاب التي شاركت في العملية الانتخابية من 37 في المئة المشاركة ؟. انها والله لمهزلة ووقاحة هؤلاء الذين لايخجلون في الدعوة الى ابرام تعاقد مع الملك لاقتسام السلطة مع العلم انهم لايمثلون شيئا وسط الشعب المرتبط مع الملك ومع النظام الملكي. اذا كانت الاحزاب التي تقف وراء الدعوة لابرام تعاقد لاقتسام السلط مع عاهل البلاد ، وهي دعوة مبطنة لاضعاف سلطات الملك لصالح الاحزاب الضعيفة ، فان العقد مبروم اصلا ومنذ زمن بعيد بين الملك والمؤسسة الملكية وبين الشعب عن طريق البيعة . فعن أي تعاقد جديد يتحدثون ؟ هل يمارسون وصاية على الشعب ؟ هل يتكلمون باسمه وفي غيبته؟ ومن فوض لهم ذلك ؟. فلو كان هؤلاء فعلا يريدون الاصلاح من اجل الاصلاح لطالبوا باستشارة الامة بواسطة الاستفتاء العام حول مستقبل الاختصاصات التي يتمتع بها جلالة الملك . وللتاكيد فان نتائج التصويت ستكون بنسبة 99 ،99 في المائة لصالح الملكية القوية ، لانهم يعرفون ان التعاقد الذي تطلب به بعض الاحزاب هو لخدمة مصالها والحفاظ على امتيازاتها وليس لخدمة الشعب المغربي المغيب الكبير في قرارات ساسة الاحزاب . ان الملكية والشعب في المغرب سابقان على الاحزاب ، وعقد البيعة يجمع بين الملك وبين الشعب وليس بين الملك وبين الاحزاب . ان الملكية هي التي انشات الاحزاب وليس العكس . فلماذا ادن وفي هذا الظرف بالذات الدعوة الى اضعاف سلطات الملك والمؤسسة الملكية لصالح احزاب ضعيفة اصلا ولا تمثل شيئا وسط الشعب والجماهير ، وفي الوقت الذي نجد فيه الجزائر عدو المغرب بصدد تعديل الدستور لتقوية مؤسسة الجمهورية وتوسيع اختصاصت رئيس الجمهورية ، والتمديد لولاية ثالثة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة رغم مرضه المزمن ، ورغم تقدمه في السن . فاذا كان الجزائريون يعملون على تقوية الدولة الجزائرية ، فان المطالبين بالتعاقد بين الملك وبين الاحزاب ، الهدف منه اضعاف المغرب وتقوية الاحزاب التي تتغير يتغير مصالها مثل الحرباء .
اذن ان استغلال ما حدث للمطالبة بتعاقد الاحزاب مع الملك ،فيه انتهازية سياسية غير اخلاقية . المغرب لم يعرف فقط مجموعة عبد القادر بلعيرج ،بلد عرف في تاريخه مجموعات كانت اكثر تطرفا من بلعيرج ،ومع ذلك لم يتجرا احد على المطالبة بابرام تعاقد مع المؤسسة الملكية . ان الدعوة لابرام تعاقد مع الملك الهدف منها اقتسام المغرب ليس الا، أي اقتسام الثروات والامتيازات مع قيادات الاحزاب التي غنمت باسم الحسن الثاني ومع ذلك لم تقنع ولم تشبع . لقد عرف المغرب عدة احداث نذكر منه احداث 1963 ، احداث 3 مارس 1973 ، انقلاب 1971 ، انقلاب 1972 ، مشروع ( الجبهة الماركسية اللينينية المغربية )، حالة الاستثناء في 1965 ، مظاهرات واضطرابات في نفس السنة ، اضطرابات 1981 ، اضطرابات1984، اضطرابات1991، هجومات البوليساريو على اراضينا بدعم من الجزائر ...الخ ، ورغم ذلك لم يتجرع احد على المطالبة بالتعاقد مع الملك . ان قضية بلعيرج لن تكون هي الاولى ولن تكون هي الاخيرة . ان هذه الظواهر الموسمية تبقى حتمية الوقوع ، لانها تتعلق بالتفاعل الانساني وبحركية المجتمع ، الذي يرفض السكون والجمود . ان حصول مثل هذه الاحداث تبقى طبيعية ، لان أي دولة لا يمكن ان تنجى منها مهما اتخدت من وسائل الاحتياط ، وان 11 شتنبر بالولايات المتحدة الامريكية التي تتوفر على اقوى جهاز للاستعلامات في العالم ، لم ينجي نيويورك من ضربات القاعدة ، فبالاحرى بالنسبة للمغرب الذي رغم الامكانيات المحدودة ،استطاع ان ينجز وفي ظرف وجيز ، ماعجزت عن انجازه كبريات الاجهزة الغربية في ميدان الاستطلاع والتخابر واستباق الاحداث ، وهذا يعطي امكانية تطوير الاجهزة وتطوير العمل وتحيينه لاستباق الاحداث ، وتجنب الثغرات والهفوات التي تبدو من حين لاخر. فامام توفر الاسلحة والقنابل بدلك الحجم الذي عرضته التلفزة ، اصبح مراجعة خروج الملك واتصاله المباشر مع الجماهير ، بمناسبة التدشينات ،امرا حتميا بل ضروريا ، لتفادي ما يمكن ان يحصل بغثة ودون ان يكون متوقعا . الان اصبح كل شيء ممكن ، وفي متناول التطرف الذي يطور اساليبه بما يتماشى مع كل وضع قد يتراء له مستجدا وممكنا . ان هذه الجماعات تدرك جيدا ان مثل هذه العمليات سوف لن تقلب نظام الحكم ، لكن تراهن على الفراغ الذي قد تحدثه بعض العمليات الخطيرة ، لارباك الوضع ، ومن ثم دفع بعض القطاعات للتدخل بما ينهي الوضع القائم ، او التعويل على الفراغ الذي قد تملئه مليشيات الاحياء الشعبية غير المنظمة ، التي قد تكون شعلة لاية انتفاضة شعبية عارمة. ادن الفراغ الذي تراهن عليه تلك الجماعات ، يعتبر قاتلا بالنسبة للمغرب ، اما مشروعها فهو مشروع قروسطوي غارق في الرجعية يستحيل تطبيقه بالمغرب الذي يرتبط بعلاقات خاصة مع الناتو ومع فرنسا والولايات المتحدة الامريكية. - انتهى -



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امة الشعارات
- على هامش ثورة الكرامة في تونس : الغلاء وارتفاع كلفة العيش في ...
- الاشتراكية و الدين .. أية علاقة أي تقاطع
- هل أصبح الحكم الذاتي خيارا مغربيا لا مفر منه ؟
- الانتلجانسيا - الثورية - اللاثورية - كان يا مكان في قديم


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - الإسلام السياسي