أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - سقوط مفهوم النخب السياسية العربية















المزيد.....

سقوط مفهوم النخب السياسية العربية


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3279 - 2011 / 2 / 16 - 20:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تظهر الثورتان " التونسية والمصرية " تحولاً كبيراً في الكثير من مفاهيم ودلالات عمل الأحزاب السياسية العربية. يتجلى أكبر هذه التحولات في سقوط مفهوم النخب السياسية الحزبية " الأنتلجنسيا السياسية" التي تبنت لسنوات طويلة خلت، فكرة الامتياز الحصري في مشاريع التحولات والتغييرات السياسية المحتملة، أو المطروحة كمشروع في هذا البلد أو ذاك من العالم العربي !
تثبت الثورتان " آنفتي الذكر " قصور النخب السياسية العربية عن قراءة الواقع العربي المعاصر، وكذلك قصورها في قراءة التحولات العالمية المعاصرة، أو ما بعد الحداثوية، فغالبية الأحزاب العربية مازالت رهينة منطلقاتها الفكرية، فقضايا الإنتماء القومي والوطني، والدولة الوطنية، والإنتماءات الثقافية الوطنية، والاستقلال الاقتصادي وخصوصية الهوية، كلها مفاهيم مازالت تندرج في أدبيات الأحزاب العربية بغالبيتها، هذا إذا اضفنا إليها المصطلحات النظرية الطنّانة؛ كمثل الإيديولوجيا، والحزب العقائدي، والنخب السياسية ذات الإمتياز مع منظرّين بغليونات سوداء في أفواهم، كل هذه المفاهيم سقطت أمام الحشود المليونية التي خرجت إلى شوارع تونس ومصر، باحثة عن انتمائها الحقيقي، وعن حريتها السياسية والاقتصادية . لم يكن لهذه الحشود اية مرجعيات سياسية فكرية، أو تنظيمية، ولا منظّرين يجلسون إلى الجانب اليميني من الأمين العام للحزب على طاولة اللجان المركزية، مدوناً ملاحظاته عن الخطا والصواب في نهج الحزب الفكري.
قرأ الشباب التونسي والمصري واقعهم المرير دون نظريات تراهن على تشكل الوعي المجتمعي كشرط أساسي من شروط التغيير، هذا ما علمتنا إياه الأحزاب وتنظيراتها، خاصة اليسارية منها. وربما كان من أهم عوامل نجاح هاتين الثورتين هو عدم وجود نخب سياسية حزبية أصابها التكلّس والتحجر في صميم أدائها وعملها التنظيمي والعقائدي والفكري. فقد عجزت هذه الأحزاب وعلى مدى عقود من الزمن عن تحقيق مطلبين أساسيين من المفروض أنها تقوم عليهما، وهما؛ الوصول إلى المجتمع و الناس في المستوى الجماهيري للتأسيس لحامل اجتماعي واسع كشرط من شروط استمرارية الحزب ونجاحه. وثانيهما، عجز هذه الأحزاب " نتيجة لقصورها المجتمعي" عن انجاز، أو حتى طرح مشاريع تغيير عربية في مستوى الحكومات والأنظمة الحاكمة. هذه الأحزاب كانت في أحسن أحوالها نسخاً متشابهة لأحزاب سلطوية أتت بها مشاريع كبيرة، ثم تحولت هذه السلطات من رائدة لهذه المشاريع، إلى طبقات سياسية أوليغارشية حاكمة بأمر الله، تماهى فيها الحكم الجمهوري التوتاليتاري العسكري بالملكي، والثيوقراطي . تلك السلطات التي بنت أمجادها ومشروعيتها بالأصل على مشاريع ديماغوجية زاوجت فيها بين قضايا عربية جماهيرية، المشروع الناصري، البعثي، وقضايا دينية إسلامية، مجانبة في طروحاتها بعض المبادىء وأسس بناء الدولة الحديثة في مفهومها مع نهايات القرن التاسع عشر. وماذا كانت النتيجة ؟ تشكيل قطع كامل مع كل الطروحات التي بنت عليها مشروعيتها السياسية في حكم الناس والمجتمعات، متحولة إلى أمصار تفتقر مع شعوبها إلى أدنى شروط الحياة السياسية، والاقتصادية، ومشاريع التنمية والتطوير المعاصرين ..!
هذه القضايا المعقدة جداً، والتي يعتقد البعض ربما بأنها عصيّة على الفهم، وخاصة من عامة الناس، وهي ربما تحتاج إلى منظرّين سياسيين لقرائتها وترجمتها إلى ألف باء اللغة الجماهيرية، قرأها الشباب التونسي والمصري قراءة رائعة، واعية، وربما سيقرأها آخرون في الوطن العربي، فهي قضايا مطلبية، معيشية . مرتبطة بمصائر الناس ووجدانهم، حريتهم ووجودهم، حياتهم ومعيشتهم، لم يكونوا بحاجة إلى منظّرّين من أصحاب الغليونات السوداء والنظارات المستديرة. استخدموا أدوات بسيطة في التحوّل إلى كتل بشرية هادرة تعصف برياح التغيير، وتثور على واقع أحسّت مرارته وقسوته أكثر ما أحّست الأحزاب السياسية العربية وكوادرها، الذين ينتمون إلى طبقة النخب السياسية المتمرسة في العمل السياسي . ربما لأن جيل الشباب هذا لم يرى نفسه في مرآة السلطة، وهو ليس وجهاً آخر لعملتها، على عكس الكثير من الأحزاب العربية التي تمثل وجهاً آخر للعملة ذاتها، وهذا ما تثبته طروحات، وأدبيات الكثير من الأحزاب العربية، المعارضة للسلطة، والموالية لها. الفرق بينهما هو في الموقع، فهذه في الأمام، وتلك في الخلف ..!
لم تكلّف الكثير من الأحزاب العربية نفسها عناء المراجعة النقدية الذاتية، لا في المستوى الفكري، و لا في المستوى التنظيري، أو المستوى التنظيمي حتى، بل على العكس هي رأت في نفسها طبقة مظلومة لعدم تحقيقها لمشروعها النضالي الذي عملت من أجله سنوات طويلة، وسرقت السلطات العربية الحاكمة هذا الحلم منها، من خلال القمع، وانعدام المناخ الديمقراطي، واحتكار السلطة بكافة اشكالها وتعبيراتها المجتمعية، وما زالت هذه الأحزاب تحلم بدور الريادة لتحقيق ذاتها، لتثبت للزمن، والناس مصداقية طروحاتها التي اختلفت فيها عن طروحات السلطات القائمة وتمايزت عنها، هي ترفض الإقرار بنظرية النسبية لآنشتاين، وترى أن الزمن متوقف هنا، وينتظر هناك ! وإلاّ كيف يمكن تفسير ما حصل في مجتمعات مشهود لها بالثقافة والرؤية والوعي، كمصر وتونس ؟ وكيف يمكن لجيل من الشباب في ريعان الصبا أن يحرّك جماهيراً حاشدة تهابها عدسات التصوير، في الوقت الذي عجزت فيه النخب السياسية العربية متمثلة بالأحزاب عن الوصول إلى هؤلاء الشباب ؟! ولطالما قرأت هذه النخب الأمر على أنه ابتعاد لجيل الشباب المعاصر عن الشأن السياسي، والتعفف عن المشاركة في القرار. ولم يتصوروا الأمر على أنه خلل في بنية هذه الأحزاب ذاتها، التنظيمية والفكرية، وفقدان مصداقيتها في المشاريع التي تطرحها، بالإضافة إلى عدم مواكبتها لعصر ما بعد الحداثة، من عولمة، وثورة اتصالات، وشبكات الأنترنت التي حولت البشرية إلى كائنات صغيرة متقاربة ومتشابهة. بالإضافة إلى رمادية مفاهيم الإنتماء الوطني والقومي والثقافي، على حساب التماهي العالمي مع مجتمعات حيوية ناشطة ، وخاصة عند جيل الشباب المعاصر ..!
هل ستقرأ الأحزاب العربية، والنخب السياسية هذه التطورات التي لم تكن في الحسبان؟ أم أنها ستغض الطرف عنها وتبقى تعمل بآليات وأدوات القرن الماضي، كما حصل وتجاهلت لحظة سقوط دول المنظومة الاشتراكية، وعلى رأسها الإتحاد السوفييتي، حيث تحولت تلك الأحزاب الإيديولوجية العريقة هناك إلى أحزاب مطلبية في المستوى الفكري من عملها. وبذلك استطاعت ان تسدّ فراغاً سياسياً كبيراً تركته تلك الحكومات الدكتاتورية بعيد سقوطها ...!



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاء إلى الفيس بوك والتويتر
- العمل الحزبي العربي وآفاقه النضالية
- مفهوم الاستلاب العقلي، الفكري والثقافي رؤيا في نهج الاستلاب
- الرفاق الطيبيين أسرة الحوار المتمدن
- ما بعد شافيز وموراليس وأورتيغا ؟؟
- حرب أكتوبر والحرب السادسة - العرب بين الحربين -
- اليسار العالمي يولد من جديد ...؟!
- هل يمكن التعايش مع إسرائيل حقاً ؟!
- بعيداً عن ما يسمى بالإنتماء الوطني والقومي...!
- آن الأوان لإزاحة الأقنعة عن الوجوه..
- الإخوان المسلمين والشرط المجتمعي السوري
- العالم يتجه إلى الدمار تحت راية الأصولية الدينية
- عندما تخطىء السياسة الأمريكية في قراءة الشرق الأوسط
- عندما تقوم بعض أطراف المعارضة السورية بتعرية ذاتها
- تحرير الأرض أم تحرير العقل - قطاع غزة بين الصحوة والحلم ..!
- صراع أمريكا وسوريا في الشرق الأوسط - من يحارب من - ؟
- هكذا تموت الإبتسامة في وطني - إلى منتدى جمال الأتاسي -
- إلى محمد الحاج ابراهيم- ما هكذا تورد’ الإبل يا سعد’
- النزعة الإقصائية عند الليبراليين السوريين الجدد ..؟
- هكـــذا يــذهــب الكبــار ....!


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - سقوط مفهوم النخب السياسية العربية