أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - شعب التحرير وحرب نظام سقطت شرعيته















المزيد.....

شعب التحرير وحرب نظام سقطت شرعيته


محمود عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 3273 - 2011 / 2 / 10 - 10:35
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ثمة ما يدعو للفخر الآن في مصر، لأن شعبا عريقا نفض عن نفسه عار الاستسلام للفساد والاستبداد، والتسليم للاذلال و الاستعباد، وانتفض بعزة رافعا شعار حياة بكرامة أو موت بشرف .
وخروج الشعب المصري بهذه القوة والروح الاستشهادية هو ما اربك النظام القابض على سلطة مطلقة، وجعل اركانه تهتز بقوة وتتهاوى سريعا، خاصة انه شاخ من سنوات بعيدة، بحكم عمره الافتراضي الذي انتهي، وفكره الذي جمد، والسرطان الذي استشري في خلاياه، حين راهن على الخارج، ووقف ضد الارادة الشعبية التي كان من الممكن أن توفر له التحصين والحماية.
لكن مع هذا، لازال هذا النظام الديكتاتوري المرفوض شعبيا على نحو واسع ومعلن على شاشات التلفزيون حول العالم، يقاوم بشراسة تيار التغيير الجارف، ويسعى بكل ما اوتي من قوة ودعم خارجي إلى البقاء بأي ثمن، ولو اشاع الفوضي وأسال شلالا من الدماء.
ولا تزال العقلية الأمنية التسلطية هي التي تسيطر عليه، بشكل يؤكد أنه لا يعترف بالارادة الشعبية، ولا يضع حتى اللحظة في اعتباره هذه الملايين من الشعب صاحبة الشرعية الحقيقية والسيادة التي قالت له: لا نريدك .. ارحل ، وعلى نحو يثبت أن وعوده بالاصلاح إذا تُرك لشهور، ليست سوى أكذوبة كبيرة، ووسيلة للمراوغة، يريد بها عبور العاصفة، والانقضاض على هذه الانتفاضة الشعبية التي باتت على أبواب ثورة مصرية جديدة، منتظر لها أن تغير وجه المنطقة، مثلما فعلت ثورة يوليو 1952.
ولعل من عاش اياما في ميدان التحرير تحديدا، يدرك أكثر من غيره أن هذا النظام ليس لديه أدنى نية أو صدقية للتحول الديمقراطي، ليس فقط لأنه لا يريد أن يسمع صوت الجماهير التي اسقطت عنه الشرعية، ولكن لأنه كل يوم يرتكب جريمة في تضاف لسجله الاجرامي الحافل، ويشن حربا شرسة يمكن بدون مبالغة وصفها بالقذرة، متعاطيا مع هؤلاء الشرفاء الذين خرجوا من أجل حماية مصر شعبا ووطنا من تدمير ممنهج، باعتبارهم عدوا، يبيح له ذلك استخدام كافة أنواع الأسلحة معه، بدءا من التخويف وبث الذعر الى تشويه النضال السلمي وادعاءات وصلت إلى أنهم مأجورون بوجبة طعام وخمسين جنيها، أو أنهم يمارسون الفاحشة في العراء ويتعاطون المخدرات، أو انهم عملاء لامريكا واسرائيل وايران وحزب الله وحماس، وصولا إلى محاولة فرض حصار أشبه بما تفعله اسرائيل مع اشقائنا الفلسطينيين في غزة بمصادرة الغذاء والدواء، وارهاب مندوبي الصحافة المحلية والاجنبية، لكي يتم التعتيم الاعلامي على الانتهاكات اليومية التي تصل إلى حد الجرائم، بالاعتداء البدني الممنهج والقتل العمدي المتواصل هنا وهناك.
إلى جانب الاتيان ببلطجية خلال فترة الليل لمحاولة اقتحام بوابات الدخول إلى ميدان التحرير التي صنعها المحتجون باجسادهم العارية، لكي تحدث حالة استنفار عام، فلا يتمكن المعتصمون بالميدان من النوم، فيتم انهيار جهازهم العصبي مع الوقت، وسط حرب الشائعات التي يبثها عبر رجال أمن اندسوا بين اصحاب القضية الوطنية، لشق الصف وتثبيط الهمم وخلق فتنة بين الناس، أو اللجوء إلى رجال الجيش انفسهم وبعض القيادات للحديث مع منتفضي التحرير عن ضرورة اخلاء الميدان لإعادة الحياة إلى طبيعتها، حفاظا على الاستقرار، أو لكي يتفرغوا لواجبهم بادعاء ان اسرائيل تحرك قواتها على الحدود.
ومع هذه الحرب النفسية الضارية، تجري محاولة عزل هؤلاء المنتفضين عن عمقهم الشعبي لاضعاف حالة الالتفاف الواسع، التي تؤمن الصمود حتى تتحقق الأهداف، بتحميل دعاة الحرية والكرامة مسؤولية معاناة بقية الشعب، وليس النظام المسؤول قبل وبعد انطلاق هذه الانتفاضة عن كل ما تعاني منه الجماهير، وعلى كل المستويات، والادعاء كذبا بأن النظام استجاب لأكثر مما يطالب به المنتفضون.. فماذا يريدون بعد؟
والترويج أن شعب التحرير الشرفاء هم الذين يعطلون التغيير بعدم اعطاء النظام فرصة لتحقيق المطالب، أو الربط بين الدولة ومبارك، وأن بقاء مبارك من بقاء الدولة، ورحيل مبارك يهدم الدولة، وأن الاستقرار رهن بمبارك، وغيره الفوضى، وكأن مصر خلت من الكفاءات والرجال، وكأن ثمة مقايضة بين الديمقراطية والاستقرار، رغم ان مبارك رئيس بالصدفة، واقصى حلمه باعترافه كان العمل سفيرا، والتقاعد في اوروبا، إلى جانب أنه ليس رمزا كما يتم الترويج، لانه واحد من عشرات رجال القوات المسلحة التي شاركت في حرب اكتوبر التي تنسب للسادات وليس له، واعدادها اصلا جرى في عهد الزعيم عبد الناصر على يد الفريق محمد فوزي، لكن رحيل ناصر عمل على تأجيلها، لذا خرج شباب مصر وقتها ينادون بالحرب والحسم، إلى جانب أن عصره شهد آلاف الكوارث والتراجع على كافة المستويات، وليس به انجاز حقيقي يذكر، ومن يفسد لسنوات ليس بمقدوره ان يصلح في شهور، علاوة على أن الديمقراطية ليست بدعة أو اختراعا للعجلة من جديد، ومن حق هذا الشعب الذي عانى تحت نير الديكتاتورية سنوات أن ينعم بحقه في صنع مستقبله ومستقبل وطنه، لأن هذه الديمقراطية وما يرتبط بها من تأسيس دولة مدنية تنهض على دستور يمثل عقدا اجتماعيا جديدا يستجيب لتطلعات كل ابناء الأمة، وقانون يتساوى امامه الجميع، وانتخابات حرة نزيهة، وتداول للسلطة، وحرية اعلام ومؤسسات رقابية تتمتع بالنزاهة والشفافية، صمام الامان لهذا الوطن، ومفتاح النهضة والتطور.
وعلينا أن نحذر من الخطاب الدعائي الذي يلعب على الوتر العاطفي الذي لا قيمة له، فالامم المتحضرة لا تعرف النظام الابوي ، والرئيس يؤدي مهمة اذا أخطأ يحاسبه شعبه ويسقطه، حفاظا على المصلحة العليا للوطن، وليس على اعتبارات شخصية، ثم أن التخويف من سيناريو الفوضى جزء من الحرب النفسية ليس الا، والفراغ السياسي حجة البليد كما يقال، لأن البدائل متوافرة، بصرف النظر عن الاسماء التي لا قيمة لها في النظام الديمقراطي، فالعبرة بالاسس والقواعد المتعارف عليها في كل الدنيا، وهناك مئات ان لم يكن الالاف من الفقهاء القانونيين والشخصيات العامة النزيهة والاكاديميين القادرين على أن يصنعوا التحول الديمقراطي في اشهر قليلة، إذا ما اعطوا فرصة مستلهمين تجارب من سبقونا.
ثم ايضا علينا أن نحذر من حالة الاستقطاب التي بدأها النظام، في محاولة شق الصف تحت ما يسمى الحوار الوطني ، باللجوء إلى رجاله في المعارضة التي صنعها من سنوات وادخرها لهذه الاوقات الصعبة، وبعض رجال الاعمال وبعض الشباب الذين لا يمثلون الا انفسهم، وبعض القوى التي تبحث عن مكاسب خاصة، اذ انه بعد فشل لغة العنف، جاءت الاعيب السياسة، لإظهار أنه ليس ثمة اتفاق على هدف واحد، واشعال الصراع بين المعارضة الحقيقية والمصطنعة، وبين اصحاب القضية الحقيقية ودعاة التغيير الحقيقي والمترددين أو اصحاب النظرة الضيقة والمطالب الاصلاحية المحدودة، وفي الاخير يتم استهلاك وقت واضعاف القوة التي هزت اركان النظام بتماسكها ووضوح رؤيتها واهدافها الجمعية، حتى يجمع قواه من جديد ويرتب اوراقه لينقض على هؤلاء المحتجين ويواصل بقاءه كنظام، مدعوم باسرائيل التي تضغط على امريكا لتوفر له الدعم، لتستمر مصر الرسمية على تحالفاتها القديمة وحماية المصالح الامبريالية والصهيونية، وان رحل مبارك ولو بعد شهور. في الاخير، علينا ان نثمن جميعا كفاح شعب التحرير الذي يقتسم الرغيف وينام في العراء تحت صقيع الشتاء، مضحيا بروحه ودمائه لتحرير الوطن والمواطن، وليثبت أنه شعب يستحق الحياة.

كاتب صحفي مصري



#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحوة مصر الشعبية وكلاب حراسة النظام
- حين تصنع الشعوب التاريخ وتُسقط الديكتاتورية
- فقه الاولويات الغائب عن النظام العربي
- حين تغيب الرؤية الناضجة ويحضر الارتباك والشخصنة
- فيلما -ابن بابل- و-المنطقة الخضراء-:رسالة مؤدلجة وابتزاز عاط ...
- القضية الفلسطينية بين أعداء السلام وأعداء أنفسهم
- عثرات واستعراض واختراق اسرائيلي في مهرجان القاهرة السينمائي
- حين يدافع الآخر عن قضايانا ونقف ضدها؟!
- قريب منك:حين نفقد البصيرة ونستردها بالحب
- -عندما نرحل-:صراع الهوية الملطخ بالدم
- عباس والتلاعب بالاستحقاقات الوطنية
- -مرحبا-:حلم المهاجر الغارق في البحر الأوروبي
- رؤية الحقيقة بدون النظارة الأمريكية
- -هيروشيما- توثيق سينمائي للجريمة وتحاشي للمجرم
- السلطة بين المراوغة والشاميرية
- ابناء بينوشيه:المناضلون ودفع الثمن مرتين
- قمة سرت التهريجية واهدار المصالح العربية
- حين يكون للاستغلال ورثة وللنضال حصاد
- الورقة الايرانية والورقة الامريكية والرهان العربي
- عفوا عمرو موسى.. الموقف الرصين لا يقتضي شراء الوهم


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمود عبد الرحيم - شعب التحرير وحرب نظام سقطت شرعيته