يا أبناء النجف ... أنقذوا آثار مدينتكم القديمة

محمد الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 975 - 2004 / 10 / 3 - 06:02
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

تناقلت الصـحف العراقية والعربية مؤخرا أخبارا عن نية الحكومـة العراقية المؤقتة ومحـافظ النجف المعين من قبل بريمـر بتهديم الأحياء القديمة من مركز مـدينة النجف بذريعة إعادة الاعتمار بعد أن أعلن عـن تخصيص مبالغ لتعويض المتضـررين بعد الخـراب الذي جـرى خلال الاشـهر المـاضـية وأخرها القتـال مع مليشـيات جيش المـهدي والقصـف الأمريكي الوحشـي طيلة ثلاثة اسـابيع في شـهر أب المـاضي.

لاشـك إن مدينة النجف التي جـرى إهمال العمـران والاسـتثمـار فيهـا بل وحتى منعه طيلة حكـم صـدام ألبعثي الفاشـي وحتى في العهـود السـابقـة، بحـاجة إلى أعمار وإعادة بنـاء ولكـن ليس بهـذا الشـكل العشـوائي البعيد عن المقاييس الحضـارية والمعمـارية التي تهتم بالحـفاظ على المباني القديمـة ذات القيمـة الأثرية والتي قـد يتجـاوز عـمـر البعض منهـا مئـات السـنين.

تعـتبـر مـدينة النجف رابع مـدينة إسلامية مـقـدسـة بعـد الحـرمين والقـدس وكـانت مـقـرا للخلافة لخليفة المسـلمين الرابع أمير المؤمنين علي ابـن أبي طـا لب (ع ) وتضـم المـدينة القـديمة السواق أثرية ومـواقع تاريخية ينبغي الحـفاظ عليهـا لأنها جزءا هـامـا من التـاريخ الإسلامي وليس مـن حق أزلام الاحتلال التجـاوز عليهـا وتهـديمـها عن بكـرة أبيها تحت ذريعة إعادة الأعمار أو أية ذريعة أخرى.

ان مشـاريع إعادة الأعمار لا ينبغي أن تعـلن بهـذه الطـريقة العشـوائية مـن فبل أناس مشـبوهي الدوافع بل ينبغي أن تخضـع إلى نقـاش جمـاهيري مبرمج وواسـع عبر الصـحافة وأجهزة الإعلام وتشـترك فيه منظمـات المـجتمع المـدني وعلمـاء الآثار والمعمـاريين والفنيين من مختلف الاختصـاصـات وخـاصة أبناء النجف أنفسهم لمناقشـة مسـتقبل مدينتهم ، كمـا ان المفروض بعدئذ ان تجـري الدعـوة لتقديم تصـاميم عديدة لاختيار الأفضل منهـا وبشـكل يضـمن الحفاظ على المباني القديمة الأثرية بدل تدميرهـا. ليس مـنى ذلك عـدم القيـام ببناء منشـات ومراكـز خـدمـات حـديثة والتي تحتاجهـا مـدينة النجف ولكـن يجب ان يتـم ذلك وفق خـطط علميـة مـدروسـة وبمشـاركة جهـات وطنية وعالمية من اليونسـكو مثلا .

إن على أبناء النجف القيام بالدفاع عـن أحياء النجف القديمـة ومـا تبقى منهـا بعـد القصـف الجوي الأمريكي ، كمـا ينبغي التسـاؤل عـن دوافع عـدنـان ألزرفي المشـبوهة في التسـرع بإزالة أثار جـرائم الأمريكان الذين لا يتورعـون عـن قصـف المـدن العـراقية الواحـدة تلو الأخرى ، ولا ينبغي السـماح له ولأمثاله إزالة كـافة أثار القصـف لان من المهـم الإبقاء عـلى إحدى المباني المهدمـة على الأقل ، ويمكن أن نذكـر مثلا وجـود بقـايا كنيسـة مهدمـة في مركـز مدينة برلين بألمانيا كرمـز يذكــر العالم ببشـاعة أثار الحرب العالمية الثانية.

ألا ينبغي أن نتسـاءل أيضا عـن مدى تطـابق هـذه الإجراءات المسـتهترة مع نوايـا الأمريكان في هـدم سـجن أبو غـريب لإزالة أثار فضـائع التعذيب ، وكـذلك اسـتهتاره÷م باثـار بابـل وإقامة مـرسـى لطـائـرات الهليوكوبتر فوقـهـا أو تـدميـر الكـثير مـن اثأر أور بإقامة المنشـات العسـكرية عليـهـا. مـا هـو الفرق بين نوايـا ألزرفي ومـا قـام به صـدام مـن تهـديم المركز القديم لمدينـة كـربلاء بعـد الانتفاضة الشـعبية الباسـلة عـام 1991حيث قـام بإزالة الأسواق والمبـاني القديمـة ذات القيمـة التاريخية الأثرية التي لا يمـكن تعـويضـهـا والتي كـان المفروض الحفـاظ عليهـا.

ألا ينبغي أن يقوم أبناء النجف المـعينين فـي المـجلسٍ الوطني المؤقت أن يستدعوا محـافظ النجف ووزيـر الأعمار لمحـاسـبتهـم ومطالبتهـم بإيقاف مثل هـذه القرارات الارتجالية وكشـف دوافعهـم الحقيقية والتي قـد لا يبتعـد البعض منهـا عـن السـرقة والنهب والإثراء غير المشـروع الجـاري فـي العراق سـواء من قبل الشـركـات الأمريكية أو المتعاونين معهـم تحت واجهـات أعادة الأعمار، ولا ينبغي اعتبار مثل هـذه الأمور والتصدي لمثل هـذه الأعمال مسـألة ثانوية بالنظـر لمـا يجـري مـن قصـف جـوي أمريكي ودمـار وإرهاب وحشـي وجـرائم اختطـاف وقـتل ، ولكـن الحفـاظ على المـعـالم الأثرية لأحياء النجـف القـديمـة مسـألة لا ينبغـي السـكوت عـنهـا.

#محمد_الموسوي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل