أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد الموسوي - حصيلة مزرية لعام و ربع من الاحتلال















المزيد.....


حصيلة مزرية لعام و ربع من الاحتلال


محمد الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 892 - 2004 / 7 / 12 - 06:11
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مـر عام وربع على دخول قوات الاحتلال لبغداد بعد انهيار النظام البعثي البشـع لصدام حسـين في 9 نيسـان 2003 وبالنظر للتغييرات الظاهرية التي حصلت مع رحيل بريمـر في 28 حزيران هذا العام بعد أن قام بالتعاون مع مجلس الحكم الانتقالي بتشـكيل حكومة مؤقتة ، يكون من المفيد اسـتعراض حصـيلة هذه الفترة من الخراب والدمـار ونقض الوعود من قبل المحتلين وتحويل العراق إلى سـاحة حرب ما تزال مسـتمرة.
ينبغي التأكيد قبل كل شـيء بان الاحتلال لم ينتهي بتعيين الحكومة الموقنة والتي تضم عددا من البعثيين السابقين والذين يتهم بعضهم بارتكاب التعذيب والملاحقة لمعارضيهم ورغم تغير صورة الاحتلال إلا أن قرار مجلس الأمن 1546 يكرس عمليا الاحتلال عبرا لصلاحيات المطلقة الممنوحة لقوات الاحتلال بعد تغيير اسـمها إلى قوات متعددة الجنسـيات كما أن تلك القوات تتحكم حتى بأجهزة الجيش العراقي الجديد وأجهزة الأمن والشـرطة العراقية. كما يتحكم الأمريكان أيضا باقتصـاد العراق عبرا لقوانين والأوامر التي أصدرتها سلطة التحالف المنحلة والتي يستمر مفعول البعض منها لمدة خمسـة سـنوات أي أنهم صـادروا منذ الآن صلاحيات الحكومة التي قد تنتخب بعد نهاية العام الحالي، رغم انه لا يعرف لحد الآن مدى توفر المناخ والظروف الملائمة لإجراء انتخابات حرة وديمقراطية يمارس فيها العراقيين حقهم المشـروع ، خاصة وان حكومة أياد علاوي قد أعلنت في يوم 6 تموز حالة طوارئ وأحكام عرفية باسم " قانون حماية الٍسـلامة الوطنية"و الذي يناقض قانون الإدارة المؤقتة الذي ينص على الفصل بين السلطات القضـائية والتنفيذية.

لقد تم تعيين مجلس الحكم المؤقت قبل حوالي عـام وهناك اتفاق عام بين المحللين الموضوعيين في انه فشـل فشـلا ذريعا في أدائه المعزول عن الشـعب والبعيد عن اية شـفافية وقد فوت سـنة كاملة على العراق والعراقيين وانتهى دوره بعد أن أصبح العراق في وضع أسوأ ممـا كان عليه أول دخول قوات الاحتلال خاصة من نواحي فقدان الآمن والخدمات كمـا انه مهد لعودة البعثيين الثالثة عبر رضوخه لإرادة الأمريكان في" اختيار" ألدكتور إياد علاوي بالإجماع كرئيس للوزراء،في الوقت الذي لم يقم حتى بالبدء بأية إجراءات لإنصاف ضحايا النظام البعثي الفاشـي لصدام حسـين.

لنعود قليلا إلى الوراء ولبداية عام 2003 للتذكير بالمبررات والذرائع والأكاذيب التي حاولت أمريكا وبريطانيا تسـويق الحرب على أساسها وينبغي القول بان الحرب التي شـنتها أمريكا وبريطانيا هي حرب غير شـرعية واسـتندت إلى مبررات كاذبة بشـأن الخطر الذي يمثله العراق لامتلاكه أسلحة الدمار الشامل ولبرنامج نووي فاعل، وها قد اعترف تقرير الكونغرس الامريكي وقبل ذلك توني بلير في البرلمان بان كل المعلومات الاسـتخباراتية التي استندت عليها الحرب كانت وهمية وكاذبة، ثم تغيرت الأسباب لتصبح حربا من اجل" الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق" وهي كلمة حق يراد بها باطل.وقد أكد عضو مجلس الشـيوخ الامريكي بان مكانة أمريكا لم تكن اقل مما هي عليها الآن في العالم

لقد وقفت الدول العربية المجاورة موقفا مخزيا وخاصة دول الأردن والسـعودية والكويت ودويلة قطر الذين قدموا التسـهيلات لقوات الغزو في الوقت الذي كانت تلك الدول لحين حرب الكويت من اشـد الداعمين والمتحمسـين لحكم صدام الإرهابي. وقد جاءت تلك المواقف لتضاف الى مواقفهم الشائنة في إساءة معاملة العراقيين طيلة فترة حكم صدام بدءا من معسـكرات رفحـا والارطاوية في السـعودية واهانة المواطنين العراقيين وملاحقتهم في الأردن وتسـليم بعضهم لحكم صدام إلى تحريض أجهزة الإعلام والمسئولين الكويتيين وشـتمهم للعراقيين بعد أن كانت إحدى أميراتهم تنظم القصائد في مدح الدكتاتور البعثي. أليس من الغريب أن يتجاهل وزير الخارجية العراقي المعين تدخل هذه الدول المباشـر في شـؤون العراق ليركز اتهاماته على سـوريا وإيران بالتناغم مع الأمريكان متجاهلا دور الأردن والذي يبدو انه يسـتفيد من معاناة العراقيين في جميع الفترات. صحيح ان دول الجوار قاطبة تحاول التدخل في شـؤون العراق ولديها مصـالحها ولكن لا ينبغي أن ننسـى بان سـوريا وإيران مسـتهدفة علنا من قبل الإدارة الأمريكية وبتحريض مباشر من إسرائيل وقد أكد سيمرر هيرش في دراسـته الأخيرة في النيويوركر دور المخابرات الإسرائيلية ونشـاطها في العراق والذي لا يرغب أي مسئول عراقي الاعتراف به.

من المعروف إن مشـاريع الهيمنة على الشـرق الأوسط عبر احتلال العراق قد وضعت في دراسـات منذ منتصف التسـعينات من قبل مجموعة المحافظين الجدد وعلى رأسـهم ريتشـارد بيرل الملقب بأمير الظلام، ثم جاءت أحداث الحادي عشـر من سـبتمبر2002 لتوفر الغطاء الذي انتظرته تلك الجماعة لوضع مخططاتهم موضع التنفيذ بعد مجيئهم للحكم مع الرئيس الامريكي الحال، على الرغم من عدم وجود أية علاقة بين نظام صدام البعثي الفاشـي وجماعة القاعدة السـلفية الإرهابية.

إن من الخطأ تجاهل الأهداف الإستراتيجية المعلنة للهيمنة الأمريكية على المنطقة لضمان امن إسرائيل وتغلغلها في المنطقة إلى جانب التحكم بمنابع النفط ويسـتمر تحقيق ذلك بعد رحيل بريمر عبر مندوبهم السـامي السـفير الامريكي نيكروبونته ولسنوات طويلة قادمة حيث صرح احد قادة الجيش الامريكي بان فواتهم سـوف تبقى لمدة خمسـة سـنوات على الأقل إضافة إلى بدء بناء 14 قاعدة عسكرية دائمة في العراق. إن المفروض أن تكون القوات الأجنبية في العراق تحت إمرة الأمم المتحدة وان يجري تحديد فترة بقاؤها كمـا لا يمكن لبقايا حزب البعث المنحل المشـاركة في الحياة السـياسـية إلا بعد أن يجري فرز واضح وتقديم المجرمين منهم للمحاكمة للتمهيد للمصارحة والمصـالحة الوطنية

يشـير الكاتب البريطاني باتريك سيل إلى أن الحرب الأمريكية العدوانية واللاشـرعية على العراق هي حرب اسـتعمارية بكل المقاييس ولم تأتي تلك الحرب لجلب الديمقراطية أو حرصا على حقوق الإنسان العراقي المنكوب طيلة 35 عـاما ، بل جاءت الحرب للسـيطرة على ثروات العراق النفطية وعلى نفط المنطقة العربية التي تقدر احتياطياتها بثلثي احتياطي العالم . لقد كانت الحرب مواصلة لمخطط تدميري للمنطقة منذ الحرب الإيرانية ومن ثم تهور صدام في حرب الكويت وما أعقبه من حصـار وتجويع جائر اسـتمر أربعة عشر عامـا. وبالإضافة لهدف الهيمنة النفطية فهناك أهداف أخرى أبرزها مـا يخص إسرائيل وكما يشـير باتريك سـيل فقد تمكنت مجموعة صهيونية من التسـلل إلى الحكومة الأمريكية واحتلال المراكز الرئيسـية في وزارة الدفاع ومكتب ديك تشـيني ومجلس الأمن القومي ممـا قد يفسـر فتح أبواب العراق أمام نشـاط المخابرات الإسرائيلية الموسـاد.
اعتمدت نظرية المحافظين الجدد على مبدأ الدومينو التي مفادها إن قلب نظام صـدام وفرض" الديمقراطية " في العراق سـيؤديان إلى انهيـار أنظمة الحكم في سـوريا وإيران والى ترويض السـعودية ومصـر كمـا سـيتيح لإسرائيل الاحتفاظ باحتكار أسلحة الدمـار الشـامل ويتاح لشـارون ان يدمـر الفلسطينيين ويسـتولي على مـاتبقى من الضفة الغربية. ولكن لا يبدو إن حسـابات الحقل جاءت مطابقة لحسـابات البيدر .

قام الأمريكان وحلفائهم وعملائهم بتدمير ونهب كافة المرتكزات والوزارات والبنية التحتية للصـناعة العراقية بشـكل مخطط ومدروس ولا ينبغي أن نكون سـاذجين لنصدق بان تلك الأعمال كانت مجرد أخطاء ، إذ تشـير بعض الدراسـات الإستراتيجية الأمريكية إلى أن الأمريكان شنوا الحرب على العراق ليس لإسقاط نظام صدام فحسـب بل لتدميره كليا(ما عدى قطاع النفط) أي تدمير صناعته واقتصاده ، منشاته ومبانيه ، وزاراته وجامعاته و تدمير جيشه وحرس حدوده ، وقد جرى كل ذلك بإصرار وتجاهل المناشدات التي وجهت لهم وقد أدى ذلك إلى انهيار كامل في مجالات كثيرة و قد كان هناك مخطط لترك الحدود مفتوحة و سـائبة لتدخل العصابات المرتبطة بالقاعدة وغيرهم من شـذاذ الآفاق الذين سـعت أمريكا لجلبهم إلى العراق كأبعد مكان عن حدودهم لتحويل العراق إلى سـاحة للمعارك معهم يدفع ثمنها العراقيون بدمائهم ، يضاف إلى ذلك نشـاط عصابات الجريمة التي تسـتفيد من فقدان الأمن كما إن إجراءات حل الجيش والشرطة جعلت الكثير منهم مادة تستغل من قبل بقايا النظام السـابق التي تستميت في القتال لاسـترجاع امتيازاتهم المفقودة.

لقد اعترف وزير الخارجية الامريكي بالمأزق العسكري والوحل العراقي الذي غرقوا فيه ممـا اضطرهم إلى اسـتخدام الشـِرطة العراقية التي كونت حديثا كواجهة لتلقي الضربات وحماية قواتهم من الأعمال المسـلحة التي يتعرضون لها. يضاف إلى ذلك ما صرح به عضو مجلس الشـيوخ الامريكي من أن سـمعة أمريكا ومصداقيتها لم تكن يوما أدنى ممـا هي عليها اليوم. إن اعتراف الأمريكان بكذب الادعاءات التي بنوا عليها قرار الحرب والتي استخدموا لجزء منها عملائهم من أمثال الدكتور احمد ألجلبي ومنظمته المؤتمر الوطني والدكتور أياد علاوي ومنظمته الوفاق الوطني، ألا ينبغي أن يثير هذا الاعتراف قضية المطالبة بتقديم المسئولين عن اتخاذ ذلك القرار في القيام بحرب عدوانية إلى محاكمة دولية ، وقد يأتي ذلك اليوم ممثلي الشـعب العراقي المنتخبين من مقاضاة الأمريكان وحلفائهم ليس فقط على شـن الحرب بل وأيضا على الحصار الجائر وعلى اسـتخدامهم لليورانيوم المنضب والقنابل العنقودية والفشل في توفير الأمن ونهب وتدمير العراق.

تشـير دراسـة أعدها معهدين أمريكيين مرموقين بعد دراسة ميدانية إلى أن العراق والعراقيين دفعوا ثمنـا غاليا بسـبب الحرب التي شـنتهـا الولايات المتحدة الأمريكية ومـا أعقبها من احتلال وللتعرف على حجم وعمق تلك المأسـاة لنسـتعرض بشـكل مكثف بعض الأرقام والمعلومـات من ذلك التقرير

لقد كان سـقوط صـدام ونظامه حدثـا أثلج صدور معظم العراقيين إلا أن الوضع انتهى إلى فقدان الأمن وانهيار القطاعات الخدمية بشـكل فظيع انعكس في فقدان الماء والكهرباء والبانزين والغاز ووصلت إلى حد أسوأ بكثير حتى من فترة الحصـار الجائر.أما قضايا الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان فأصبحت ابعد ما تكون عن متناول اليد ، ويمكن إيراد ما حصل في سـجن أبي غريب وتعيين الذي جرى للحكومة المؤقتة كأمثلة بارزة .

في الوقت الذي لا تكترث قوات الاحتلال بإحصاء إصابات المدنيين العراقيين فقد قامت مجموعة من الباحثين الأمريكان بإحصاء شـامل وتبين أن عدد الضحايا لغاية 16 حزيران 2004 يتراوح بين 9436 و 11317 قتيلا مدنيا وما يقارب 35 ألف جريح وقد يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك إذ هناك إحصائية أخرى تقدر عدد القتلى ب 17500 وعدد الجرحى ب 41 ألف . أما بخصوص اليورانيوم المنضب فيشـير التقرير إلى اسـتخدامه من قبل القوات الأمريكية في قذائفها التي تخترق المدرعـات وهو ما يفسـر ظاهرة زيادة انتشـار أمراض السـرطان والتشـوهات الخلقية للمواليد الجدد في جنوب العراق والتي ازدادت إلى سـبعة أضعاف منذ حرب عام 1991 والتي اسـتخدم فيها اليورانيوم المنضب أيضا . لقد استخدمت القوات الأمريكية في حرب آذار 2003 مابين 1100 طن و2200 طن من الذخيرة التي يدخل في تركيبها اليورانيوم مقارنة ب 375 طنا اسـتخدمت في حرب 1991.كمـا توجد حاليا أعداد هائلة من القذائف الغير منفجرة وخاصة في بغداد والبصرة وتشـير إحدى المنظمـات العالمية المتخصصة بإزالة الألغام المضادة للأفراد إنها أزالت أكثر من مليون لغـم وقذيفة مدفعية غير منفجـرة في وقت تسـتمر وقوع ضحايا الاصطدام بتلك الألغام.

أما بخصوص حماية الأمن فقد فشـلت قوات الاحتلال فشـلا ذريعا في توفير الأمن وحماية المدنيين من أعمال العنف والجريمة بمـا فيها جرائم القتل والاغتصـاب والاختطاف ويشـير التقرير الى ارتفاع عدد الوفيات بالأسلحة النارية من 10 في تموز 2002 الى 470 حالة في تموز 2003 .

لقد تعرض قطاع النفط عمليات تخريب متواصلة وانخفض الإنتاج في عام 2003 إلى 1330 مليون برميل يوميا مقارنة ب 2040 مليون برميل يوميا قبل الحرب. كما ازدادت البطالة من 30% إلى 60% خلال نفس الفترة. لقد منحت معظم عقود إعادة الأعمار للشـركات الأمريكية ذات العلاقة المتينة بإدارة بوش مثل هاليبرتن وبيكتل وبكلفة عالية جـدا ، أما التنفيذ فهو بطيء ورديء جدا وحرمت الشـركات العراقية من عقود العمل ممـا أدى لزيادة معدلات البطالة .

أما القطاع الصـحي فمـا زال يعاني نقصان المعدات والتجهيزات والأدوية خاصة وان الكثير من المستشفيات تعرضت إلى عمليات النهب والسـلب والحرق وتسمر هذه الأوضاع بالرغم من رفع العقوبات الاقتصـادية.
تشير متابعة اليونيسيف لمهمات تقديم الغذاء إن سـوء التغذية وقياس النقص في وزن الطفل وطوله قد تضاعف من 40% قبل عـام إلى نحو 80% حاليا. ان وضع المدارس والمؤسـسـات التعليمية سيء جدا وان معظمها بحاجة إلى ترميم أو إعادة بناء ويلاحظ غياب نسـبة كبيرة من تلاميذ المدارس بسبب الوضع الأمني.

يشير التقرير وبصدق الى ان الحكومة المؤقتة هي اسـتمرار للسـيطرة الأمريكية على العراق ولا تمتلك الحكومة المؤقتة حسـب قرار 1546 أية صلاحية في إبطال القوانين التي فرضها الحاكم الامريكي بول بريمـر بما فيها قوانين الخصخصة للثروات العراقية والسـماح للشـركات الأجنبية بنهب ثروات العراق ، كما لا يمنح القانون الحكومة المؤقتة حق رفض العمليات العسـكرية الأمريكية ، وأصبحت السـفارة الأمريكية هي المشـرفة على صندوق أعمار العراق وسـيبقى حوالي 200 مسـتشـار أمريكي معين في الوزارات في مناصبهم إضافة إلى البدء ببناء 14 قاعدة عسـكرية دائمة في العراق.

لقد اصدر بريمر قوانين وأوامر تعطي الشـركات الأمريكية صلاحيات شـبه مطلقة في التصرف بالاقتصاد العراقي مع اسـتبعاد العراقيين إلى أقصى حد عن جهود إعادة الأعمار ، وقدا نشأ وفق قرار1483 صندوق تطوير العراق لإدارة واردات مبيعات النفط بما فيها الإيرادات السابقة المتبقية من برنامج النفط مقابل الغذاء ووضع الصندوق بيد الأمريكان وبالرغم من أن القرار نص على إنشاء مجلس اسـتشاري ورقابي دولي لتوفير الشـفافية في الصرف من الصندوق إلا أن سـلطات الاحتلال اسـتغرقت 6 أشـهر لإنشاء المجلس ولم تعلن لحد ألان نتائج التدقيق لإيرادات الصندوق البالغة 20 مليار دولار والتي صرف منها 11مليار دون أية رقابة أو تدقيق وقد أشارت منظمة مسـيحية خيرية إلى إن هناك مليارات لا يعرف مصيرها . لقد وقع الرئيس الامريكي قانونا ألغى بموجبه الحماية البيئية الدولية المتعلقة بعمليات تسـرب النفط والكوارث البيئية الاخرى ومنح بذلك حصـانة كاملة للشـركات الأمريكية التي تسـيطر على النفط العراقي.

إن إحدى الأمور الأخرى التي تثير القلق هي نشـاط المنظمـات الصـهيونية والموسـاد في العراق حيث نشـرت الكثير من المقالات والأخبار في الصـحافة العربية والأجنبية ولم نسـمع رد أو تفسـير مقنع من بعض العناصـر الوطنية العراقية المتواجدة في السـلطة من ممثلي القوى الإسلامية والديمقراطية حيث تصر وبشـكل غريب على تجاهل هذا الأمر ولا تتجاوز إجاباتهم في المناسبات المختلفة عن "انه ليس لديهم علم بهذا الأمر". إن مثل هذه الإجابة المبتسـرة قد تكون مبررة أيام كانت تلك القوى في المعارضة ، أما اليوم وهي تشـارك في الحكم فيمـا يسـمى بالعراق الجديد فتقع عليهم مسـؤولية مباشـرة في التحري عن وفضح التغلغل الصهيوني في العراق خاصـة وانه إضافة لنشاطهم في شـراء العقارات وتسـريب البضائع الإسرائيلية واحتمال تورطهم في بعض جرائم اغتيال العلماء والأطباء، تشير أخر الأخبار إلى أن الأمريكان قد اسـتعانوا بجهاز الشـين بيت وأعضـائه الذين يتقنون العربية للمشـاركة في التعذيب والتحقيق مع السـجناء العراقيين

يشـير خبراء الآثار إلى اختفاء بقايا عدد من أقدم مدن البشـرية في التاريخ نتيجة عمليات السـلب الناجمة عن الغزو الامريكي للعراق حيث وصلت إلى مسـتوى خطير عمليات السـرقة لعشـرات المواقع الأثرية والتي بدأت منذ التسـعينات من قبل أزلام صـدام ويشـير أستاذ جامعي أمريكي في الآثار إلى أن العراق فقد معظم مدن الحضارة السـومرية ، كمـا أصبحت مدينة بابل مركزا لنحو 2500 جندي أجنبي وأغلقت مدينة الحضـارة القديمـة أمام الزوار وقام مشـاة البحرية الأمريكية بتسـطيح قطعة ارض وتدمير بقايا المنازل الأثرية والتي تعود إلى القرن السـادس قبل الميلاد لتصبح مهبطا للمروحيات ويمكن رؤية بقايا الأواني الأثرية على جانبي المهبط حسـب ما يصف مهندس بولوني مقيم عينته قواته هناك.

إن فرحتنا كمثقفين بسـقوط نظام صـدام ألبعثي الهمجي والبدء بمحاكمته مع بضعة أنفار من أزلامه لا ينبغي أن تنسـينا الأكاذيب التي اسـتخدمت لشـن الحرب ولا ينبغي أن ننسـى الدمار الذي تعرض له البلد وكذلك النهب والحرق والقتل والإرهاب الذي لازال مسـتمرا ، كمـا لا يمكن السـكوت أمام الأخطار المحدقة بالوطن على أمل أن يأتينا بالصـبر الفرج في الانتخابات الموعودة في يناير 2005 ، ولطموحنا لحكم ديمقراطي تعددي مسـتقل يمثل رادة الشـعب العراقي فعلينا أن نكون يقظين ومفتحي العين والأذن واللسـان ، خاصة وان أثار فرمـانات بريمر وكما يشـير تشو مسكي قد فتحت أبواب الشـركات والبنوك العراقية على مصراعيها أمام الشـركات الأمريكية والذي يمكن اعتباره نهب و تمليك أمريكي للعراق مع رمي بعض الفتات للبريطانيين.
إن كل ذلك لا يترك فسـحة واقعية للأمل في إعادة بناء البنية التحتية وتحقيق نمـو اقتصـادي وتحسـن ملموس في الحياة المعيشـية والاجتماعية ، خاصة إذا كنا نرفض أن يسـتمر الاحتلال بمسـميات جديدة ومن اجل سـد الطريق أمام الفوضى واحتمالات الحرب الأهلية والتي يلعب دول الجوار دورا سـلبيا في تأجيجها .لقد جلبت الحرب الاحتلال والقتل والدمـار والإرهاب وقد ينظر المرء للوضع الراهن وكأنه مواصلة للمعاناة والمأسـاة التي اسـتمرت طيلة 35 عاما وأين كل ذلك من مزاعم الرئيس الامريكي ورئيس الوزراء البريطاني من أنهم سوف يجلبون الرفاه والديمقراطية.

إن المخاطر المحتملة من قيام مثل هذه الحكومة المعينة والتي لا يبدو انها تحظى بثقة تسـتحق الذكر بالتهيئة للانتخابات هي من احتمالات أن تقوم باسـتغلال سـلطتها وإغراء بعض الناس أو رشـوتهم لتأييدهـا وبترتيب الأمور بدعـم أمريكي للبقاء بعد الانتخابات مما يعني مصادرة رأي الشعب وإرادته خاصة وإنهم ينفذون إرادة الأمريكان بحذافيرها وخير مثال كان موقفهم المتخاذل عند صدور القرار 1546 ، وكذلك موافقتهم الغير مشـروطة على بقاء قوات الاحتلال وإقامة القواعد الأمريكية.

إن الاحتلال مازال جاثمـا على صدور العراقيين من خلال استمرار تواجد أكثر من 160 ألف جندي محتل وعلى القوى الوطنية والديمقراطية الإسلامية منها والعلمـانية أن لاتتمـادى في تجميل صـورة الاحتلال وأن تكون صريحة وصادقة مع أبناء الشـعب وأن تسـعى لتحشـيد إمكانياتهم للمعارك القادمة والتصدي لعودة البعثيين ليخدموا الأمريكان تمـاما كمـا كان يفعل نظام صدام ألبعثي لغاية حرب الكويت ، كما يجب أن نطالب بتقديم مجرمي البعث لمحاكمات عادلة وأمام قضاة يحضون باحترام الشعب وثقته وعدم الاكتفاء بتقديم هذا العدد الهزيل منهم إلى محاكمة مرتبكة بهذا الشـكل الذي ينبغي تدارك نواقصه بسـرعة.

نأمل أن يجري الالتزام بالموعد المحدد قانونا لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد في كانون الثاني القادم وان تتميز تلك الانتخابات بحد أدنى من الديمقراطية ويتطلب ذلك مرحلة من توفر الأمن والخدمـات الضرورية والعمل لملايين العاطلين لتتوفر فرصة لمختلف القوى الوطنية العراقية لطرح برامجها وليتمكن الناخبين من اختيار ممثليهم بمـا فيهم ملايين العراقيين في الخارج والذين يبدو إن الحكومة المؤقتة تنوي حرمانهم من ممارسة حقهم المشـروع ليس فقط في الإدلاء بأصواتهم بل أن يكون لهم ممثليهم في البرلمان القادم بل وأيضا في المؤتمر الاستشـاري الذي سيعقد هذا الشـهر، رغم انه ليس من المتوقع حاليا الخلاص من الاحتلال إلا بعد كفاح لسنوات.

بيتان من شـعرا لجواهري الخالد
أصبحت أحذر قول الناس عن أسف من أن يروا تلكم الآمال تـنـدثر
تحـرك اللحـد وانشــقـت مجددة أكـفان قــوم ظننـا أنهم قبروا



#محمد_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم سـعيد في بغداد
- عن- السيـادة - والسـلطة في الثلاثين من حزيران
- لا تهدمـوا سـجن أبو غريب
- الجـلبي و عـلاوي وجـهـان -لعمـالة- واحـدة
- حول -عودة-البعث الثالثة


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - محمد الموسوي - حصيلة مزرية لعام و ربع من الاحتلال