أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - المختار النحل - شعب أراد الحياة














المزيد.....

شعب أراد الحياة


المختار النحل

الحوار المتمدن-العدد: 3253 - 2011 / 1 / 21 - 00:01
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


شعب أراد الحياة


في 7 نونبر 2010، احتفل دكتاتور تونس الهارب بالذكرى 23 لوصوله إلى الحكم. و كعادة المستبدين بالحكم وبالسلطة، ألقى خطابا أعلن فيه الكثير من الوعود من بينها، إحداث ملتقى دوري للأحزاب الممثلة في مجلس النواب يكون من مهامه، أن يتشاور الأمناء العامون لتلك الأحزاب و يتبادلون الآراء حول مختلف المواضيع الوطنية و الحياة السياسية في البلاد.
و أعلن كذلك دعمه للمرصد الوطني للانتخابات و تعزيز صلاحيات المجلس الأعلى للاتصال، و أكد على ضمان حرية الرأي بالدستور.
و عن حرية الرأي المخالف قال بالحرف : " لا يوجد في تونس اليوم من سلبت حريته أو تمت محاسبته من أجل رأي أو قول ناقد."

لا شك أن الشعب التونسي كان قد استمع بإمعان إلى خطاب الدكتاتور و كان يعرف أنه يكذب عليه في واضحة النهار و أن الآلاف من أبناء تونس مرميون في غياهب السجون، و الآخرون في المنفى الاضطراري. .
بعد مرور أربعين يوما عن الخطاب، و بالضبط يوم 17 دسمبر 2010، أقدم الشهيد الشاب محمد بوعزيزي على إشعال نار الثورة في جسمه و هو على بعد شهرين و 25 و عشرين يوما من عيد ميلاده السابع و العشرين.
و حينما تولى الدكتاتور الهارب شؤون تونس في7 نونبر 1987، كان الشهيد محمد بوعزيزي يبلغ من العمر عامين و 7 أشهر و 9 أيام بالتمام و الكمال، و هكذا فتح عينيه على نظام بوليسي قمعي، و تابع دراسته حتى حصل على شهادة جامعية، و ظل عاطلا عن العمل كسائر رفاقه، يكتوي بنار الفقر هو و أسرته المكونة من تسعة أفراد، فلم يشفع له أزلام النظام حتى حق ممارسة حقه كبائع للخضر و الفواكه على متن عربة لكسب رزقه، فقاموا بمصادرتها و حرمانه من كسب قوت عائلته، في حين كانت عائلة الرئيس و حاشيته تتمتع بخيرات تونس و تسرق أمواله و تفقر شعبه، فكانت إرادة بوعزيزي أقوى من الظلم و الطغيان و أقوى من النار، فعزم على فعل شيئ لم يكن يدرك أنه سيجعله من صناع تاريخ تونس الحديث و يدخله من أبوابه الواسعة، فكتب رسالة قبل أن يحرق نفسه تقول :

" مسافر يا أمي، سامحيني، ما يفيد ملام، ضايع في طريق ما هو بأيدينا، سامحيني إن كان عصيت كلام لأمي، لومي على الزمان ما تلومي علي، رايح من غير رجوع، يزي ما بكيت و ما سالت من عيني دموع، ما عاد بفيد ملام على زمان غدار في بلاد الناس، أنا عييت و مشى من بالي كل اللي راح، مسافر و نسأل زعمة السفر باش ينسي محمد بوعزيزي ."

كانت الشرارة التي أشعلها محمد بوعزيزي في جسمه من مدينة سيدي بوزيد، لهيبا حارقا، انتشر بسرعة البرق في مختلف مدن البلاد و خرج أبناء الشاعر الثائر الخالد أبي القاسم الشابي يرددون أنشودته الخالدة :

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
و لا بد لليل أن ينجلي و لا بد للقيد أن ينكسر

لم يكن بن علي يدرك أن ساعة الحساب قد دقت، و أن زيارته المتأخرة لمحمد بوعزيزي( قبل وفاته) بالمستشفى للاطلاع على خطورة حالته الصحية ستكون آخر زيارة لذلك المستشفى، و أن لهيب المحرقة كان يقترب من قصره، و أن محاولاته تخويف الشعب التونسي لم تعد مجدية ، و أن جريمة نفي المئات من المناضلين و المناضلات التونسيين عن وطنهم و حرمانهم من استنشاق نسيم أرضهم الطيبة قد انكشفت، وأن ساعة الرحيل عن الحكم أصبحت أمرا واقعا لا مفر منه ليتذوق الدكتاتور مرارة الحرمان من أغلى شيء في هذا الكون إسمه : الوطن.

حينما أدرك الدكتاتور خطورة الأوضاع، توجه إلى الشعب التونسي المنتفض بخطاب الهزيمة، ذلك الخطاب الذي عجل برحيله بعد ساعات قليلة من إذاعته. و لأنه شعب أراد الحياة، قدم التضحية في الوقت المناسب ، و خرج يطالب برحيله فورا و نفذ بكل جرأة ما توعد به أبوالقاسم الشابي الطغاة في قصيدته الثورية : إلى طغاة العالم :

تأمل هنالك أنى حصدت رؤوس الورى و زهور الأمل
و رويت بالدم قلب التراب أشربته الدمع حتى ثمل
سيجرفك سيل الدماء
و يأكلك العاصف المشتعل

الثورة الشعبية في تونس سوف تسجل في كتاب جينيز للأرقام القياسية باعتبارها أذكى ثورة في العالم و التي ابتدأت بمطالب اجتماعية لتتحول إلى طرد أحد أخطر الدكتاتوريين في هذا العصر و في زمن قياسي، لم تتوقعه لا المخابرات الأمريكية و لا الصهيونية و لا حتى الفرنسية التي كانت من المقربين للنظام البائد.
لن ينسى الأحرار في الوطن العربي و في كل مكان حتى و إن كانوا لا يعرفون اللغة العربية، ذلك المواطن التونسي الذي خرج في الليل في أكبر شوارع تونس العاصمة و هو كالمجنون يعتز بالثورة الشعبية و يعلن هروب بن علي و يقدمها على شكل مسرحية رائعة زادتها زغاريد النساء المنبعثة من نوافذ الشقق جمالا و التي بدون شك أن كل من شاهدها لن يقدر على حبس دموعه التي سوف تتدفق دون شعور.
سوف تتذكر الأجيال الحالية و القادمة الملاحم الرائعة التي قدمتها و لا تزال تقدمها الجماهير الشعبية في تونس إلى حد كتابة هذه السطور و هي تتابع إنجاز مهام ثورتها في التغيير الجذري الشامل بطريقتها الخاصة لاقتلاع جذور من كانوا سببا في مآسي شعبها، و مصممة على أن لا تضع سلاحها السلمي في التظاهر حتى تحقيق النصر النهائي بإقامة حكومة شعبية نابعة منها و معبرة عن إرادتها.


المختار النحل
سلا في 20/01/2011



#المختار_النحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجماهير الشعبية في تونس تتصدى لمحولات سرقة ثورتها
- قصيدة : مذكرات عمر - مهداة إلى روح الشهيد عمر بنجلون في الذك ...
- قصيدة
- بطل الأطلس
- القمع و العقاب لغة مخزنية واضحة على كل الواجهات بالمغرب
- تعليق على مقال - فوز الهمة و فشل بنجلون اية علاقة ؟ -


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - المختار النحل - شعب أراد الحياة