أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - ما حدث وما يمكن أن يحدث في تونس















المزيد.....

ما حدث وما يمكن أن يحدث في تونس


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 3250 - 2011 / 1 / 18 - 14:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تطور الوضع التونسي إلى اللحظة التي فرضت هرب الرئيس زين العابدين بن علي، ولم يفد التهديد الذي مارسه الرئيس السابق، ولا فادت الوعود التي أطلقها في لحظاته الأخيرة، ولن يفيد الحل الذي أخرج به الهرب، ويجري فيه نقل السلطة إلى رئيس الوزراء. وربما لن ينجح الحل "الدستوري" الذي أتى برئيس البرلمان كرئيس مؤقت يعمل على التحضير لانتخاب رئيس جديد خلال مدة لا تتجاوز الستين يوماً.
ما يجري العمل على أساسه هو إعادة إنتاج السلطة من خلال إبعاد الرئيس وتحميله كل وزر الماضي، واستقطاب بعض أحزاب المعارضة، وبالتالي إبقاء السيطرة الطبقية للفئات ذاتها. فالخطوات أخذت على أساس الدستور الذي صاغه زين العابدين بن علي، والذي يحدد شكل الصيغة "الديمقراطية" التي كانت تمارس، والتي تبقي الحزب الدستوري هو المحدِّد لشخص الرئيس القادم من خلال البرلمان الحالي الذي يهيمن عليه. ولتبقى أجهزة السلطة ذاتها، البوليس والبيروقراطية اللذين حكما طيلة ربع قرن في عهد بن علي، هي المقررة لنتائج الانتخابات التي ستجري.
وبالتالي يجري التركيز على الدمقرطة وحرية الأحزاب والصحافة، وإشراك المعارضة في السلطة، بينما تبقى البنية الاقتصادية كما هي، وتظل الطبقة الرأسمالية المافياوية هي ذاتها، ربما مع إبعاد مافيا العائلة، وربما لمصلحة مافيا عائلة جديدة.
هذا ما أوضحته التجربة حينما يجري "التغيير" على أرضية السلطة ذاتها، ووفق القوانين ذاتها، والأهم وفق البوليس والبيروقراطية ذاتها. ليكون هناك مرحلة انفراج ديمقراطي، وحرية سياسية، لكن دون لمس المشكلة الأساس التي قادت إلى تفجُّر الانتفاضة، وهي مشكلة النمط الاقتصادي الذي تشكل خلال العقود السابقة، والذي أفضى إلى الإفقار الشامل من جهة، والبطالة الواسعة من جهة أخرى. بالتالي تتراجع نخبة السلطة قليلاً من خلال تحقيق الانفراج "الديمقراطي"، واشراك بعض المعارضة في السلطة، وإعطاء الوعود بتحقيق كثير من المطالب، وتستغل "نخبة" من السياسيين "المعارضين" كل هذا الانفجار الاجتماعي الذي يعبّر عن مشكلات عميقة تفضي إلى الانتحار أو الموت جوعاً، من أجل القفز إلى السلطة، وإن كان ذلك يتحقق من موقع الهامش والملحق لأن البيروقراطية الحزبية القديمة (الحزب الدستوري) ستبقى هي الممسكة بمقاليد السلطة. وهي "اللعبة" التي يراد لها أن تمتص الأزمة، وترحلها إلى أمد أبعد.
إن كل هذا الانفجار الاجتماعي، ولكي يحقق أهدافه، لا بد له من أن يفضي إلى أن يتجاوز ليس الرئيس، بل كل بنية السلطة التي شكلها، بما في ذلك وأساساً الحزب الذي حُكم باسمه، والبوليس والأجهزة الأمنية اللذين تدربا لكي يخدما مصالح مافياوية لتلك الطبقة التي تحكم تونس منذ عقود، وتوثق ارتباطه بالطغم الإمبريالية. وهي التي، وانطلاقاً من هذا الارتباط، فرضت الإفقار الشامل والبطالة المفرطة، إضافة إلى الاستبداد الشامل الذي هو ضرورة، ليس من أجل ذاته بل من أجل تحقيق السيطرة الطبقية التي تسمح بالنهب وبصياغة النمط الاقتصادي. لهذا فإن تقدم الانتفاضة وانتصارها ليس ممكناً إلا من خلال فكفكة أجهزة الدولة البوليسية، وتجاوز الدستور الذي فرضته المافيا، وكذلك تجاوز كل بنية السلطة القائمة، فهذه يجب أن تنتهي، أن تهزم، وأن يجري تشكيل حكومة من القوى الأساسية التي لعبت دوراً مهماً في الانتفاضة، أي النقابات والاتحادات والأحزاب، من اتحاد العمال إلى المحامين وأحزاب اليسار التي كان لها دور بارز، إلى الهيئات واللجان التي تشكلت خلال الانتفاضة. حكومة مؤقتة تعد لانتخابات لمجلس تأسيسي يضع دستوراً جديداً يقر الحريات، ويضع سياسة اقتصادية مختلفة تخدم الطبقات الشعبية.
وهنا لا بد من أن نلحظ بأن المسألة لا تتعلق فقط بتشكيل نظام ديمقراطي، يعتمد الانتخابات والتعددية وحرية الصحافة، فهذه لا تحل مشكلات الطبقات الشعبية وستفضي إلى أزمة بعد حين تفرض انتفاضة جديدة. ولاشك في أن لعب الطبقة الرأسمالية المافياوية كان يجري على هذه المسألة، حيث يجري التنازل في المجال "الديمقراطي" وغض النظر عن كل ما يتعلق بما يتعلق بالنمط الاقتصادي وبالفروق الطبقية، وخصوصاً بوضع الطبقات المفقرة، التي هي أساس كل انتفاضة. ولسوء الحظ تقبل بعض قطاعات المعارضة بهذه اللعبة، فتنقاد خلف السلطة، وتتجاهل الوضع الطبقي الذي كانت تعتبر أنها تعبّر عنه. ويصبح همها هو "اللعبة الديمقراطية"، في وضع غير متكافئ لا يسمح لقوى تطرح بديلاً اقتصادياً أن يحقق ما يجعله يفرض برنامج يمثل الطبقات الشعبية.
وتونس تقف الآن في هذه اللحظة، هل تقبل المعارضة، واليسارية خصوصاً السير مع الحل الذي طرحه أفراد نظام بن علي (أو نظام المافيات)؟ أو تقول بأنها تسعى إلى تحسينه، لكنها تقبل في الأخير؟ أو تشكل سلطة بديلة، وتفتح الطريق لانتصار حقيقي للانتفاضة؟ فالحل من خلال آليات السلطة ذاتها سوف يوجد متنفساً مؤقتاً في المستوى السياسي، لكنه لن يحل مشكلات الفقر والبطالة، لأنه لن يغيّر من النمط الاقتصادي القائم، الذي هو كما أشرنا نمط رأسمالي مافياوي. وبالتالي سوف يعيد الصراع إلى نقطة الصفر. وهو حل يجب أن يرفض نهائياً. ومن ثم ليس غير البديل الذي يقوم على أنقاض النظام القائم، حتى لو لم ينجح الآن، لكن يجب أن يكون واضحاً بأن الأزمة العميقة التي تعيشها الطبقات الشعبية لن يحل عبر الحل السلطوي، وبالتالي حتى فيما إذا توقفت الانتفاضة الآن فإنها سوف تعود في فترة قريبة بعد أن يتوضح للعاطلين عن العمل والمفقرين بأن شيئاً لم يتحقق. وهنا يكون طرح البديل الآن من قبل اليسار هو الأفق الذي سيحكم الانتفاضة القادمة.
المسألة إذن لا تتعلق بشكل السلطة فقط، بل أساساً في طبيعة التكوين الاقتصادي الذي صيغت فيه تونس خلال العقود الماضية. ومن استطاع أن يعرف السبب الذي جعل الطبقات الشعبية تنتفض بهذه القوة عليه أن يعرف بأنه لم يعد من الممكن أن يتحقق حل شكلي تمويهي كما تريد المافيات، وأن الأمور سوف تندفع نحو تصاعد الصراع الطبقي، حتى وإن كان قد هدأ الآن. لهذا سوف يموت اليسار إذا وافق على لعبة المافيا المطروحة من خلال بيروقراطية السلطة القديمة، وبالتالي عليه أن يتبلور كبديل واضح، وأن يدفع الطبقات الشعبية لإكمال الانتفاضة لكي تنتصر حقاً.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس رحيل بن علي فقط بل والطبقة الحاكمة أيضاً
- مهماتنا الثورة ومشكلات التنظيم
- الصراع الطبقي في الوطن العربي في الثمانينات
- المسألة الطائفية كتحدي للمسألة القومية العربية
- طريق الانتفاضة لماذا تثور الطبقات الشعبية؟
- أطروحات من أجل ماركسية مناضلة
- بيان لن يصدر حول الدعاية الصهيونية باسم اليسار
- الدفاع عن الصهيونية -ماركسياً-؟
- سلامة كيلة في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الماركسية ...
- الليبرالية بصفتها يسار ملاحظات حول أطروحات كريم مروة الأخيرة
- عن الأفق الاشتراكي: علينا أن ندفن موتانا
- عن عودة المفاوضات المباشرةالسلطة تكيفت مع المشروع الإمبريالي
- قضية الصحراء المغربية سنوات من حرب لا معنى لها
- العودة إلى مفاوضات فاشلة
- الحياة مفاوضات فاشلة
- هل ستتغيّر السياسة الأميركية؟
- اليسار العربي والصهيونية والدولة الصهيونية (حوار مع يعقوب اب ...
- ماركس وحلم الرأسمالية
- لم يخطئ غطاس
- النضال التحرري حينما يسقط في نظرة ضيقة


المزيد.....




- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - ما حدث وما يمكن أن يحدث في تونس