أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - الدفاع عن الصهيونية -ماركسياً-؟















المزيد.....

الدفاع عن الصهيونية -ماركسياً-؟


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 3159 - 2010 / 10 / 19 - 08:01
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يكلّ يعقوب ابراهامي عن الدفاع عن الدولة الصهيونية، ولازال يكرر الخطاب الأيديولوجي ذاته، في جمل إذا ما جمعتها فلن تزيد عن عشر مثلاً، رغم أنه مصمم على الكتابة المستمرة في الحوار المتمدن والتعليق على المقالات التي تحلل وضع الدولة الصهيونية، وهذه الجمل هي ذاتها. وها هو يعود لنقدي بالجمل ذاتها: "إسرائيل" أمر واقع، و"الشعب اليهودي" و"الحق التاريخي"، والتاريخ الذي يمتد إلى 4000 سنة، وهي الجمل التي قامت عيها الحركة الصهيونية أصلاً. ويسرد علينا الرواية الصهيونية حول قرار التقسيم الذي "استند إلى المبدأ الديمقراطي حول حق الشعوب". واقول ذلك لأن المبررات التي يسردها هي ذاتها التي تتكئ عليها الحركة الصهيونية، أما "اليسار" فيقول بأن "الظروف الموضوعية" لا تحتمل اكثر من ذلك، وبالتالي علينا القبول بالأمر الواقع، وإن كان ذلك يؤدي النتيجة ذاتها.
يقول بأن اليسار العربي "يعيش أزمة قاتلة لن ينجو منها، ولن تقوم له قائمة بعدها، ما لم يعد النظر في كل مواقفه، النظرية والعملية، من –القضية الفلسطينية-" لأنه بدون ذلك سيبقى "ذيلاً –مبتوراً- للقوميين العرب والإسلام الفاشي"، لكن، وبغض النظر عن التوصيفات ودقة ما يقول، أليس من الأفضل السير خلف هؤلاء في قضية محقة بدل السير خلف الحركة الصهيونية والفاشية الصهيونية في قضية إجرامية؟ رغم أن الموضوع هو غير ذلك، بمعنى أن اليسار "الذي يتكلم باسمه سلامة كيلة" موقفه واضح من القوميين والإسلام السياسي، وهو يعرف نقاط اللقاء ونقاط الخلاف، ولا يُخدع في التهويل من القومية أو الدين، بل أن مواقف اليسار العربي (وهنا الحركة الشيوعية) من القضية الفلسطينية هو سابق لمواقف هؤلاء، والخطيئة التي حدثت نتجت عن إتباع نصائح من مثل يعقوب ابراهامي، الأمر الذي أفقد الحركة الشيوعية كل زخمها. وبالتالي ليست المشكلة في التقاطع مع قوى قومية أو إسلامية، فهذا أمر طبيعي في كل الصراعات مادام الصراع ينحكم للرؤى الطبقية المختلفة، لكن غير الطبيعي أن يكون ما يدعي أنه "ماركسي" أو "يساري" خلف الصهيونية التي هي جزء من مشروع إمبريالي.
ويبدو أن استاذ التاريخ الذي درّس يعقوب كان مستنده رواية الحركة الصهيونية وليس التاريخ الحقيقي، الذي يمكن أن يجده في كتاب شلومو ساند مثلاً، الذي عنونه بـ "كيف جرى اختراع الشعب اليهودي؟"، وليس تاريخ "الشعب اليهودي في أربعة آلاف سنة". أو في كتاب إيلان بابيه "التطهير العرقي". ولقد قرأت الرؤاية الصهيونية للتاريخ، وتابعت الحفريات الأثرية التي لم تتوصل إلى شيء كما يقول أهم خبراء الآثار في الدولة الصهيونية. ولاشك أنني أعرف لماذا لم يجد هؤلاء أي أثر لما يريدونه، فقط لأنهم انطلقوا من تصور أسطوري لن يجدوه في الواقع. ولأنني أعرف التاريخ جيداً أعرف بأن اليهودية كدين وجدت هنا في المنطقة العربية، وأوجدتها القبائل الكنعانية، وبالتالي كانت جزءاً من التراث الحضاري العربي. كما ظل جزء من العرب يدينون بالديانة اليهودية إلى الآن، ولعبوا أدواراً معمة في التاريخ العربي. أما هؤلاء الذين قدموا من أوروبا فلهم أممهم وبلادهم، وهم من "جنس" غير العرب، يقول ساند (وكل الأبحاث الجادة) أنهم من الخزر، ولقد توزعوا في أوروبا، وأصبحوا جزءاً من الأمم التي عاشوا فيها. لهذا دعا ماركس إلى إندماجهم (أو آتي لك بالنص كما طلبت خلال الحوار في موقع الحوار المتمدن فيما يتعلق برأي لينين في الحركة الصهيونية؟).
لهذا يقاتل "اليسار العربي" الذي "أتكلم باسمه" من أجل إزالة الغشاوة الدينية الطائفية عن اليهود العرب، ويطرح حلاً ديمقراطياً لليهود الأوروبيين يقوم على التعايش في دولة ديمقراطية عربية (أي في الوطن العربي)، بعد استعادة الحقوق التي اغتصبت بالقوة، مدعمة بسطوة الدول الإمبريالية، وتواطؤ الاتحاد السوفيتي حينها (أو خطئه على الأقل). وهذا يعني الصراع إلى أن يتغيّر ميزان القوى، ويقنع اليهود العرب بأنهم جزء من الوطن العربي، ويقبل اليهود الاشكناز التعايش على الأسس التي تفرضها تاريخية المنطقة وجغرافيتها.
بالتالي لا يخجلني أن يقول احمدي نجاد بأن الصهاينة إلى زوال، ولا أتحسس أن يكون موقفي أنه يجب إنهاء الدولة الصهيونية، لأنني لا أرى في نجاد شيطان، وإذا قبلت الشيطنة فليس هناك أكثر شيطانية من الحركة الصهيونية والدولة التي أنتجتها. وأشير إلى أن الـ "تفتلات (الـ) هيغليانية" هي روح الواقع وليست شطحات، بالتالي ما هو واقعي يستحق الزوال. ولاشك في أن في دون كيشوت ما هو جميل وإذا فشل مرة فإنه سوف ينجح في الأخرى، خصوصاً وهو ينطلق من وعي ماركسي حقيقي. فهذا صراع لا حل وسط فيه، ليس لأنني لا أريد بل لأنه في الواقع لا يقبل الوسط، حيث ليس من الممكن لدولة أقيمت بالقوة وبطرد السكان الأصليين إلا أن تظل في حالة توتر تفرض عيها الميل إلى القوة، ولأن هذه الدولة لا يمكن أن تعيش بدون الدعن المطلق (المالي والاقتصادي والعسكري والسياسي) من قبل الإمبريالية، وبالتالي لا يمكن إلا أن تلعب دور الخامي للمصالح الإمبريالية. وفي كل ذلك هي في تناقض مع شعب المنطقة الذي يسعى إلى التحرر والتطور والوحدة، وبالتالي إزالة الهيمنة الإمبريالية والنهب الإمبريالي. هذا صراع طبقي مع الطغم الإمبريالية، الدولة الصهيونية جزء من أدوات تلك الطغم. والصراع الطبقي لا يحسم إلا بإلغاء سيطرة طبقية لمصلحة أخرى.
لقد استثار ربطي الدولة الصهيونية بالإمبريالية غضب أستاذنا، وكأنه لم يقرأ حرفاً في الماركسية، ولم يقرأ في التاريخ الأوروبي شيئاً. لم يقرأ عن تصريحات بالمرستون والنشاط الذي بُدِئ بعد إذ لترتيب قيام كيان "يهودي" في فلسطين، وكيف دفعت قطاعات يهودية إلى تبني هذه السياسة والتنظير لوجود الشعب اليهودي، وللعودة إلى فلسطين. أنصح بأن تعود للوثائق البريطانية التي أصبحت منذ زمن بعيد متاحة لمن يريد. ولهذا عمل الاحتلال البريطاني لفلسطين كل ما يسمح بقيام هذا الكيان. ثم هل تقرأ الواقع الاقتصادي للدولة الصهيونية، ليس الرقام الجميلة عن التقدم الصناعي والتكنولوجي، بل عن الجزء الأساسي من الدخل القومي الذي يتأتى عن المساعدات الأميركية خصوصاً، الذي يقارب النص؟ هل تستطيع هذه الدولة أن تعيش دون مساعدة؟ وما أثر ذلك على سياستها؟
من لا يفهم هذه المسائل لا بد أنه لم يعرف الماركسية، لهذا يظل متمسكاً بالخطاب الأيديولوجي الصهيوني حول "الشعب اليهودي"، الذي سيقود إلى أن يقنعنا بضرورة "يهودية الدولة" خلف عتاة الصهيونية. جوهر الدولة الصهيونية هو ليس إيجاد ملجأ لحل مشكلة اليهود، فهذه كان يمكن أن تحل في أي مكان في العالم (في روسيا، أو أميركا، او استراليا)، وحتى هنا في فلسطين، لكن ذلك كان يمكن أن يتحقق دون الزحف الإرهابي بحماية الاحتلال البريطاني، إن جوهر الدولة الصهيونية هو موقعها في الإستراتيجية الإمبريالية للسيطرة على الوطن العربي. ولهذا يجري التعامل معها على أنها فوق كل قانون، وتحظى بحماية مطلقة من كل الدول الإمبريالية.
الغريب في منطق ابراهامي يتمثل في أنه لا يلحظ تناقضاته، فهو يرفض القومية العربية، ويقول "والوطنية، كما هو معروف، هي الملجأ الأخير للأنذال"، لكنه يدافع عن "الشعب اليهودي"، ويدافع باستماتة عن حق هذا "الشعب" في العودة إلى فلسطين. أليست هذه "وطنية"؟ لماذا هذه صحيحة وكل وطنية أخرى هي الملجأ الأخير للأنذال؟ وأيضاً يبدو أنه لم يقرأ الماركسية في موقفها من الوطن والوطنية والتحرر الوطني، ربما لأنه تعلق بالشعار العام: الأممية التي كانت تعني القبول بالتقسيم الإمبريالي (ومنها القبول بالدولة الصهيونية وبالتجزئة العربية). المشكلة أن ابراهامي يدافع عن وطنية زائفة، وعن "وطنية" تقوم على أساس الدين، وهي زائفة لأنها كذلك. بينما يرفض الوطنية الحقة.
يحتج ابراهامي لأنني بعد ستين سنة من قرار التقسيم أشغل بالي وأشغل الآخرين "بالنقاش العقيم حول ما إذا كان اليهود شعباً أم انهم مجرد طائفة دينية، وكأن هناك شخص واحد في العالم ينتظر بفارغ الصبر القرار الذي سيصدره سلامة كيلة بهذا الخصوص"، ويشير إلى أنني عدت إلى كاوتسكي لكي أبرهن "أن اليهود، من كل شعوب العالم قاطبة، هم الوحيدون الذين ليس لهم حق تقرير المصير".
طبعاً، على تحديد أن مجموعة بشرية هي أمة (شعب) أو لا يتوقف النظر للمسألة القومية ولحق تقرير المصير. ولأن ابراهامي قابل بالنهاية التي عنت له تقرير المصير لـ "الشعب اليهودي" بدى البحث في هل أن اليهود شعب أم طائفة لا معنى له. على كل أشير إلى أن ابراهامي سألني في الحوار على موقع الحوار المتمدن أين قال لينين أن الحركة الصهيونية هي حركة رجعية، فأعدته إلى نصوص للينين يؤكد فيها أيضاً أن اليهود ليسوا أمة، ويستشهد بكاوتسكي. ولأن ابراهامي "مارمسيط ويعرف الماركسية فقد تجاهل الحديث هنا عن موقف لينين وأشار إلى كاوتسكي "المنبوذ"ن أي لعب على الموقف السيء من كاوتسكي. لكن لا تنسى رأي لينين فهو اهم، وهو الذي تعامل مع اليهودية كدين ولم يقبل التعامل مع اليهود كشعب، كما كان موقف ماركس قبلاً. بالتالي في الماركسية الموقف من المسألة اليهودية واضح، لا شعب يهودي، هناك يهود في أمم عديدة عليهم الاندماج. والماركسية بحثت في العلاقة العضوية بين حركة الرأسمال الاستعمارية والحركة الصهيونية، وبالتالي ما من لبس هنا حول وضع الدولة الصهيونية كجزء من مشروع السيطرة الإمبريالية.
ما نتج بعد ذلك هو "القبول بالأمر الواقع"، استناداً إلى تكتيك ستالين، وهذا نقاش آخر في الحركة الشيوعية.
لكن ولكي يقطع الشك باليقين يعيدني ابراهامي إلى أي قاموس انجليزي عربي لترجمة مصطلح: the jewish people، وكأنني لا أعرف ما يكتب في العالم، وكيف أن "دولة إسرائيل" لها علم وسفارات وعملة، ورئيس وزراء وحكومة، و"تاريخ مكتوب". لكن ما فائدة ذلك في الحوار؟ هل أن تكرار اسم دولة أو استخدام تعبير سياسي يعني أن ذلك موجود في الواقع إلى الأبد؟ هل يفحمني ذلك فلا أعود إلى مناقشة الموضوع؟ الرأسمالية الأوروبية والأميركية طبعاً تكرس أن هناك شعب يهودي، وأنه عاد إلى أرضه، لكن الماركسية كان لها رأي آخر لأنها تنطلق من تحليل مادي تاريخي وليس من مصالح ضيقة لراسمالية تسعى للسيطرة على العالم ونهبه. فلاشك أن ماركس ولينين وكاوتسكي أدق من يعقوب ابراهامي، وأعرف بالماركسية منه. خصوصاً أن هذه مسألة تتعلق بتحليل كبدأي لتكوين مجموعات بشرية وليس مسألة تتعلق بموقف سياسي آني كما كان في حالة ستالين. على كل لن تقنعنا كل القواميس وكل الأطالس في وضع نتحسسه جيداً، ونلمّ بتاريخيته.
لكن ابراهامي يستبق، أو يقفز عن رأي الماركسية الذي قيل بداية القرن الماضي، حيث ربما كان له ما يبرره كما يقول، بتوضيح كيف تشكلت "الأمة اليهودية" مع "تعاظم الهجرة اليهودية إلى فلسطين في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين"، وبالتالي "النمو السكاني لليهود"، و"بناء اقتصاد وطني متطور ذي صناعة حديثة وزراعة تعاونية راقية"، و"احياء اللغة العبرية القديمة، وانتعاش الثقافة القومية اليهودية، واندماج المهاجرين من شتى بقاع العالم في بوتقة مجتمع جديد واحد". ويكمل أن "كل ذلك خلق أمة لها كل مميزات الأمم الحديثة". إذن ماذا كان اليهود قبل ذلك؟ هل كان أمة/ شعب أم لا؟ ولماذا تشكلوا بعد أن استوطنوا فلسطين؟ واليهود الآخرين الذين يقطنون أميركا وأوروبا وباقي العالم هل هم جزء من "الأمة الجديدة"؟ إذا هم كذلك فلماذا ربط تشكل الأمة بالوضع الجديد؟ وإذا لم يكونوا فهذا يعني أنه لم يكن هناك أمة قبلاً، بالتالي ما علاقتها بفلسطين؟ إن "النظرية العظيمة" التي خلقتها الحركة الصهيونية تنطلق أن هناك أمة تشردت في المنافي وعليها العودة إلى أرضها. وهذا ما يقول به ابراهامي منذ البدء، ويكرره في كل مقالاته حول الموضوع. إذن لماذا عاد للقول بتشكل أمة جديدة؟
هذا من قبيل اللعب بالكلمات. السيد ابراهامي يبدو أنه فوجئ بأن الماركسية تقول بأن ليس هناك أمة يهودية ولا شعب يهودي، وأن اليهود طائفة دينية، بعد النقاش الذي جرى على موقع الحوار المتمدن، فحاول الالتفاف بهذه الطريقة. فإذا كان ماركس يقول بأنه لا وجود لأمة يهودية، وكاوتسكي يقول ذلك، وكذلك لينين، فليس عليه سوى الالتفاف بذكر "عوامل تشكل الأمة": تزايد السكان بالهجرة، الاقتصاد المتطور، اللغة والثقافة القومية، ليصل بـ "التحليل الماركسي" إلى أن اليهود باتوا أمة. لكنه نسي أنه قال "الهجرة اليهودية إلى فلسطين"، وبالتالي تجاهل بأن هذا الوجود طارئ، جديد، وعلى أرض لشعب آخر، وبالتالي ليس من الممكن أن تتحول إلى أمة إلا حين تحقيق المقدرة على إبادة الشعب الأصلي. وهذا ما تفعله الدولة الصهيونية يومياً، وفي كل لحظة. لكن الوطن العربي ليس أميركا الهنود الحمر، ولا العالم اليوم هو ذاك العالم.
لكن الأساطير لا تؤسس أمماً، والهجرة مصيرها الزوال لأنها طارئة. ولهذا، بالنسبة لماركسي، بدل التنظير لجوهر المنطق الصهيوني يجب العمل على إقناع المستوطنين بأن الحل الوحيد لهم هو قطع الصلة مع المشروع الإمبريالي، وبالتالي إنهاء الدولة التي قامت على أساسه، وقبول التعايش في إطار دولة عربية ديمقراطية علمانية، لا بد للماركسيين من العمل على تحقيقها.
إن سنوات قليلة لا تؤسس أمة، ووجود على أرض غريبة لا يسمح بانجاب هذه الأمة. هذا مبدأ بسيط أرجو أن تكتبه في أول قاموس تجده، وترسمه على أول أطلس يصادفك. بالتالي لست من تنطبق عليه "ظاهرة النعامة"، ولو أنك دققت في ذاتك لتوصلت إلى نتائج مهمة في هذا المجال.
بعد ذلك، تقول بحل الدولتين، وتتنازل فتقول أن فلسطين (أو إيريتس يسرائيل) هي وطن لشعبين، "لكل شعب من الشعبين مصالح اقتصادية وتاريخية وحقوق مشروعة في الوطن الواحد"، وتلوم لماذا لا نعيد النظر في المواقف والثوابت "الوطنية"؟ سوف أقول بأن التيار الجارف في حركة التحرر الفلسطينية أعاد النظر في الثوابت وقبل التنازل عن 80% من فلسطين، والتعايش مع "دولة إسرائيل"، والاعتراف الكامل بها، والمفاوضات تجري منذ 17 سنة، لكن دون جدوى، على العكس فالأرض تجري السيطرة عليها والاستيطان يتوسع، والضفة باتت معازل وكانتونات محاطة بأسوار كالسجون، والطرق الالتفافية والحواجز تهلك الفلسطينيين. رغم ذلك السلطة الفلسطينية مصرة على الاستمرار في مفاوضات هي تقول أنها عبثية. في هذا الوضع تصاعد التطرف الصهيوني، والآن يطرح حق المواطنة على أساس الاقرار بيهودية الدولة، والأمور تسير نحو سيطرة صهيونية أخرى. وأصبح العالم يعرف بأن الدولة الصهيونية هي التي لا تريد السلام، ولا القبول بأي حل. إذن، متى ستصل أنت إلى السلطة من أجل أن نقتنع بأنه يمكن تحقيق حل الدولتين؟ المأساة أنك وكل "اليسار الصهيوني" لا يجروون على الصراع ضد "اليمين الفاشي الإسرائيلي"، ويصبون هجومهم على كل من يرفض الاعتراف بالدولة الصهيونية، فكيف يمكن الاعتراف بدولة لا تريد هي الاعتراف بحدودها وبكونها دولة "مسالمة" لا تسعى كل يوم لتطوير اسلحتها حتى لتبدو أنها دولة عظمى.
من السهل القول بقبول حل الدولتين، لكن في الواقع التكوين الصهيوني لم يأت إلى هنا لكي يقبل السلام، والتعايش، بل جاء من أجل السيطرة والحرب. وهو الأمر الذي يضع اليهود ذاتهم في أتون حروب مهلكة دون أن يجنوا شيئاً. بالتالي نأمل أن نراك مقاتلاً من أجل حل الدولتين هناك في داخل الدولة الصهيونية، وليس جاهداً من أجل اقناع اليسار بضرورة القبول بهذه الدولة. ليس دورك هنا، بل دورك هناك ضد الصهيونية والتمييز العنصري والتقسيم الطائفي، والاحتلال والقتل، حيث حين ينتهي "اليمين الفاشي" يمكن أن نتفاهم انطلاقاً من المنظور الماركسي، إذا كنت تعتقد أن ماركسي.
فالماركسية ضد احتلال شعب لشعب آخر، وضد الإمبريالية ومشاريعها وسياساتها، وضد الصهيونية، وهي مع الاستقلال والتحرر للشعوب وحق تقرير المصير للأمم (لكن ليست المخترعة)، ومع التطور المشترك.
أخيراً، إن ما اطرحه هو تصور للخروج من الجحيم الذي أوجدته الإمبريالية بإنشاء الدولة الصهيونية، وبنهب الوطن العربي وتفكيكه، والسيطرة عليه، ولفتح أفق التحرر والتطور والوحدة في الوطن العربي.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلامة كيلة في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الماركسية ...
- الليبرالية بصفتها يسار ملاحظات حول أطروحات كريم مروة الأخيرة
- عن الأفق الاشتراكي: علينا أن ندفن موتانا
- عن عودة المفاوضات المباشرةالسلطة تكيفت مع المشروع الإمبريالي
- قضية الصحراء المغربية سنوات من حرب لا معنى لها
- العودة إلى مفاوضات فاشلة
- الحياة مفاوضات فاشلة
- هل ستتغيّر السياسة الأميركية؟
- اليسار العربي والصهيونية والدولة الصهيونية (حوار مع يعقوب اب ...
- ماركس وحلم الرأسمالية
- لم يخطئ غطاس
- النضال التحرري حينما يسقط في نظرة ضيقة
- حول مشروع المهمات البرنامجية-2 الذي نشره تجمع اليسار الماركس ...
- حول مشروع المهمات البرنامجية- 1 الذي نشره تجمع اليسار المارك ...
- المقاومة من منظور اليسار مرة مكررة
- أي يسار هذا؟
- عن المقاومة من منظور الماركسية
- حول مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية
- أوباما: لون البشرة هل يغير طعم السياسة؟
- المنطق الصوري في السياسة (ملاحظات حول تناول الحرب على غزة)


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - الدفاع عن الصهيونية -ماركسياً-؟