أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - المنطق الصوري في السياسة (ملاحظات حول تناول الحرب على غزة)














المزيد.....

المنطق الصوري في السياسة (ملاحظات حول تناول الحرب على غزة)


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 2559 - 2009 / 2 / 16 - 06:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


كما خلال الحرب الصهيونية على لبنان سنة 2006 يجري تناول الحرب الراهنة على غزة من قبل شيوعيين سابقين، ليبراليين حالياً. حيث يتكرر تحميل حماس، كما كان حزب الله، المسئولية، ويجري ترويج منطق يرفض الحرب، ويقبل بالأمر الواقع، وينظّر لـ "النضال السلمي" والتفاوض. وأكثر يتهم كل من كان ضد الحرب الصهيونية، ومع المقاومة والوطنية بالشوفينية القومية، وبدعم الإسلام السياسي.
ليست هذه هي ما سوف أتناوله هنا، بل سوف أتناول المنطق الذي يحكم النظر، لأن قيمة الماركسية تكمن في أنها تمدنا بزاوية نظر جديدة تتجاوز المنطق الصوري. وبالتالي تسمح بأن نميز بين الذات والموضوع، الشخص والفكرة، الفكرة والواقع. وبالتالي تزيل الخلط الذي يصيب العقل الصوري، والمنطق الحسي.
فمثلاً يصبح دعم المقاومة والدعوة لها تأييداً لحماس، وحتى الزرقاوي. ولا يجري النظر إلى الواقع للإجابة على سؤال ضرورة المقاومة، بغض النظر عمن يطرحها الآن. ومن ثم يمكن التساؤل لماذا حماس هي الآن التي تبدو أنها تقاوم؟ هذا الفصل بين القوة التي تلعب دوراً والقضية الموضوعية غائب إلى حد البله. ولا أظن أنه ماركسي من لم يعرف العلاقة بين الفكر والواقع. بين القضية كمسألة واقعية والأفكار التي يطرحها هذا الحزب أو ذاك، أو هذه الطبقة أو تلك حولها. بين الوجود الواقعي وأشكال التعبير عنه، التي هي متعددة بتعدد الطبقات.
هذا الوضع جعل القومية شوفينية انطلاقاً من تجربة حزب البعث في العراق وسورية. لكن قبل الأفكار، وقبل الأحزاب، يجب أن نرى الواقع، فهل هناك قضية قومية، قبل هذه الأفكار والأحزاب؟ ثم يمكن أن نرى إشكالية نظر هذا الطرف أو ذاك لهذه القضية، لا أن نرفض القضية فقط لأن حزباً اعتبر أنه وكيلها، وما مارس.
هنا نحن لازلنا في حدود المنطق الصوري، الذي يقوم على النظر الشكلي والساكن، ولم نتقدم بعد نحو، ليس الماركسية، بل الفكر البرجوازي في المستوى المنهجي. بمعنى أننا لازلنا نعيش القرون الوسطى، وتحديداً لحظة الإمام الغزالي الذي شطب التجريد الفلسفي وكرّس المنطق الحسي الصوري اللفظي. لهذا يكون الحوار أحكاماً مطلقة، وشتائم. حيث أن المنطق الصوري يفرز الأمور: مع، ضد، وبين الحدين ليس من مسافة للحركة المرنة. وليس من شيء، لأن المسألة هي هكذا: إما، أو. وفي الوقت الذي يفرز الأمور على هذه الشاكلة نجده لا يرى سوى الشكل، لهذا تتحدد المسألة في شكلها، تختصر إلى شكلها.
لقد كان هؤلاء مدافعين أشداء عن الاتحاد السوفيتي، والاشتراكية، إلى حد رفض كل نقد. وتحلوا بموهبة عالية في المديح والذم: مديح الاشتراكية وذم الرأسمالية، بما في ذلك القيم الصحيحة التي أتت بها. وها هم اليوم ينقلبون (وأشدد على هذه الـ ينقلبون لأن منطقهم ظل هو هو) فيصبح السلام، وتصبح الرأسمالية، ويصبح القبول بـ "الحضارة"، هو الممدوح، ويشتم ماركس أو لينين أو الفكر الاشتراكي. ويصبح المطلوب هو التكيف مع الرأسمالية بكل بشاعتها الراهنة. بكل حروبها، التي باتت تُعتبر حروباً تحريرية. وبكل نهبها وأزماتها. حيث أنها هي الحضارة، وهي التقدم، وهي الحلم.
كما تشتم المقاومة ويشدد على "النضال السلمي" بصفته الصيغة الوحيدة الضرورية، ويصبح كل من يدعو إليها أصولياً، رغم أن المقاومة قائمة قبل أن توجد الأصولية، وقبل أن تبدو أنها تمارس المقاومة.
من حق أي كان أن يتخذ الموقف الذي يريد، لكن الاستسلام للرأسمالية ليس من الماركسية في شيء. وهو الأمر الذي جعلني أشير إلى المنطق، الذي هو صوري، شكلي، يقسم العالم: إما معنا أو ضدنا. لتصبح مقاومة حماس أو حزب الله شر، لأنها قوى أصولية، وليكون استسلام بعض اليسار بطولة وتقدم وحضارة. وليجير الدفاع عن قضية وطنية إلى إيران أو الأصولية، دون تمييز بين الطبقة التي تطرح القضية والقضية ذاتها، فلدى هذا المنطق الاثنين صنوان. لديه ليس من ذات وموضوع، هي كلها واحد، هو الذات. وليس من شكل ومضمون فهي أيضاً واحد هو الشكل. وليس من فكر وواقع فهما واحد هو الفكر. لهذا يبلع الشكل المضمون، وتبلع حماس القضية الفلسطينية، والمقاومة.
إن أس مشكلة الحركة الشيوعية تتمثل في العجز عن وعي الماركسية، وهو الأمر الذي جعلها لا تعي الواقع. لقد ظلت منحكمة للمنطق الصوري، ولازالت كذلك. لكن، في الماضي، كانت تطرح مشروعاً تقدمياً وإن كان قاصراً لأنه لم يقم على التعبير العميق عن مصالح العمال والفلاحين الفقراء، لكنه كان ضد الإمبريالية ومع التحرر والاستقلال. ولكن تحولات كثير منها أوصلت إلى التكيف مع الإمبريالية، والقبول بالأمر الواقع الذي يفرضه، بل والدفاع عنه بكل بأس.
من حق أي كان ألا يكون قومياً، وأن يقرر أن يكون كوزموبوليتياً، لا قومية له، لكن ليس الماركسي هو من يفعل ذلك، لأن الماركسية لا تنفي القومية بل تنطلق منها. لهذا نادت بالأممية التي تعني اتحاد الأمم وليس شطب القومية. وهي تؤسس لعالم متوحد كأمم وليس لعالمية تقفز عن الوجود الواقعي للأمم لا وجود لها.
إن ربط القومية والوطنية بالشوفينية يعبّر عن وعي عاجز للواقع والوقائع. كما أن ربط المقاومة بالأصولية يعبّر عن ضلال. لأن هذه الإطلاقية ليست من الماركسية، كما أنها تتجاوز الواقع الملموس، تقفز عن الواقع الملموس نحو تصور مسبق يرسخ في الذهن.
لهذا أظن أن الأساس هو نقاش القضايا بعيداً عمن يطرحها الآن، لأن الواقع والمادية تفترضان ذلك. بعد ذلك يمكن نقاش أي طبقة وأي حزب. وبالتالي فالأساس هنا هو نقد المنطق الصوري الذي لازال يتحكم في الشيوعيين واليساريين، وهو الذي جعل الكثير منهم ينقلبون إلى الليبرالية، وباتوا ضد كل فكرة كانوا يطرحونها في السابق. وهذا ما يجعلهم يرتعدون من سماع هذه الأفكار، لأنها تذكرهم بما باتوا عليه.




#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاومة من منظور اليسار
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 3 أخيرة (من أجل توضيح الاختلافات)
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 2 (من أجل توضيح الاختلافات)
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 1 (من أجل توضيح الاختلافات)
- الميل نحو اليسار: لكن أي يسار؟
- عن غزة والوضع العربي
- عن أهداف الحرب على غزة
- حوار في المبادئ-4أخير (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د ...
- حوار في المبادئ-3 (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د.كاظ ...
- حوار في المبادئ-2 (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د.كاظ ...
- حوار في المبادئ -1 (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د.كا ...
- حول تناول الحرب على غزة: ملاحظات في أسس النظر
- الحرب على غزة من منظور العقل الليبرالي- حوار مع د. كاظم حبيب
- حول تحالف قوى اليسار في العراق
- ليست نهاية الرأسمالية
- عن أفول -الوطنية الفلسطينية- وصعودها
- أزمة الرأسمالية: بنيوية
- أزمة الرأسمالية ومهماتنا
- ملاحظات على الوثيقة الحزبية: الأردن وفلسطين والمشروع الصهيون ...
- الحزب، السلطة، وأزمة الاشتراكية


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سلامة كيلة - المنطق الصوري في السياسة (ملاحظات حول تناول الحرب على غزة)