أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - باسمة موسى - رسالة الى قادة الاديان فى العالم ( 3)















المزيد.....

رسالة الى قادة الاديان فى العالم ( 3)


باسمة موسى

الحوار المتمدن-العدد: 3246 - 2011 / 1 / 14 - 08:39
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الجزء الثالث والاخير من رسالة بيت العدل الاعظم الى قادة الاديان فى العالم والتى نوهت بأنّ مجرّد المناشدة لقيام التّسامح المتبادل باستطاعتها وحدها إطفاء نيران العداوة والبغضاء والقضاء على التّعصّبات الّتي تدّعي أنّها مشمولة بتأييد إلهيّ واليكم الاجزء الثالث والاخير من الرسالة:
قد يقوم هناك اعتراض إذا ما تمّ الاعتراف بأنّ الأديان الكبرى كلّها متساوية من حيث أصولها الإلهيّة، لأنّ مثل ذلك الاعتراف سوف يشجّع أعدادًا كبيرة من النّاس، أو يسهّل لهم على الأقل تغيير أديانهم والدّخول في أديان أخرى. وسواء كان هذا الافتراض صحيحًا أو لم يكن فإنّه من المؤكّد أنّ هذا الأمر لا يعدو كونه هامشيّ الأهمّيّة إذا ما قورن بالفرصة التّاريخيّة المتاحة الآن أمام أولئك الّذي يدركون بأنّ هناك عالمًا آخر يتجاوز حدود هذا العالم الأرضيّ، ناهيك عن المسؤوليّة الّتي يفرضها مثل هذا الإدراك والوعي. وما دين إلاّ وهو قادر على أن يورد الحجج ويسوق البراهين الموثوق بها الدّاعية للدّهشة والإعجاب ليدلّل بها على نفوذه في تربية النّفوس وتنمية مكارم الأخلاق. وبالمثل لا يستطيع أحد من النّاس أن يزعم جادًّا بأنّ تعاليم أيّ عقيدة من العقائد كانت أكثر أو أقلّ أثرًا من غيرها في نشر التّعصّبات والأوهام. فمن الطّبيعيّ أن تمرّ أنماط التّعامل والتّجاوب في عالم تتوحّد عناصره بسلسلة من التّحوّلات المستمرّة، ومن المؤكّد أن للنّظم والمؤسّسات، أيًّا كانت، دورًا في التّفكير مليًّا في الكيفيّة الّتي يمكن بها تسيير الأمور وتدبيرها بطريقة تنمّي روح الوحدة والاتّحاد. ولعلّ ما يضمن سلامة النّتائج في نهاية الأمر من النّواحي الرّوحيّة والأخلاقيّة والاجتماعيّة هو الإيمان الرّاسخ لدى الجماهير الغفيرة من سكّان الأرض ممّن لا يُستفتى رأيهم بأنّ الكون لا يخضع لأهواء البشر ونزواتهم بل يرضخ لمشئية العناية الإلهيّة الممتلئة مودّة ورحمة والّتي لا ينضب معينها.

فها هي الحواجز الّتي كانت تفرّق النّاس آيلة للانهيار بينما يشهد عصرنا في آنٍ معًا تفسّخ ذلك الجدار الّذي استحال تجاوزه في سالف الزّمان، ويحدث ذلك رغم ما ذهب إليه أهل الماضي من أنّه سوف يبقى إلى الأبد حائلاً بين الحياة السّماويّة والحياة الأرضيّة. فقد علّمت الكتب السّماويّة المقدّسة المؤمنين على الدّوام أنّ خدمة الآخرين ليست فرضًا أخلاقيًّا فحسب بل إنّها سبيل الرّوح ذاتها للاقتراب من الله. وتكتسب هذه التّعاليم المألوفة في يومنا هذا معانٍ ذات أبعاد جديدة بفضل ما تمّ من إعادة لبناء المجتمع بناءً حديثًا عصريًّا. وبما أنّ الوعد القديم ببناء عالم تحييه مبادئ العدالة قد بدأت معالمه تكتمل تدريجيًّا وبات هدفًا يسهل تحقيقه، أصبح في الإمكان تلبية احتياجات الرّوح واحتياجات المجتمع بصورة متزايدة باعتبارها جوانب متكاملة لحياة روحيّة واحدة تامّة النّضج.

وإذا تيسّر للقيادات الدّينيّة أن ترتفع إلى مستوى المسؤوليّة لمجابهة التّحدّي الّذي تمثّله هذه الأحاسيس والمشاعر الّتي تقدّم ذكرها، فلا بدّ لهذه المجابهة من أن تبدأ بالإقرار بأنّ الدّين والعلم طريقان لتحصيل المعارف والعلوم بصورة منتظمة وأنّ بواسطتهما تنمو القدرات الكامنة في الوعي والإدراك وأنّه من المستحيل الاستغناء عن أيّ منهما. وبما أنّ أيّ تعارض بين الدّين والعلم أمر بعيد الاحتمال، فهذان الطّريقان أساسيّان بالنّسبة لمناهج التّفكير في اكتشافات العقل للحقيقة، وأدّيا إلى أفضل النّتائج في تلك الفترات السّعيدة من فترات التّاريخ حين تعاون الدّين والعلم في العمل معًا وفَهِمَ النّاس طبيعة كلّ منهما فهمًا صحيحًا وعرفوا أنّهما يكمّلان بعضهما البعض. ولا بدّ للمهارات والرّؤى الثّاقبة الّتي تولّدت إثر تقدّم العلوم من أن تسترشد دومًا بما يفرضه عليها الالتزام بالمبادئ الرّوحيّة والأخلاقيّة لضمان استخدام تلك المهارات وتلك الرّؤى استخدامًا صحيحًا وخيِّرًا. كما ينبغي على العقائد الدّينيّة، مهما كانت عزيزة على النّفوس، أن تخضع بكامل الرّضا والامتنان للاختبار اختبارًا علميًّا يتميّز بالتّجرّد والإنصاف.

وها نحن نأتي أخيرًا إلى قضيّة نطرحها بكثير من التّهيّب والتّردّد لأنّها تمسّ الضّمير مباشرة. فمن جملة ما يستهوي الإنسان من مغريات الدّنيا العديدة وشهواتها حبّ التّمتّع بالسّلطة والنّفوذ. وليس غريبًا أن تشغل هذه التّجربة بال قادة الأديان بالنّسبة لما يتمتّعون به من سلطة ونفوذ في ما يتعلّق بقضايا العقيدة والإيمان. ولا يحتاج أيّ فرد صرف الأعوام الطّوال في دراسة الكتب المقدّسة والتّامّل المتجرّد المتمعّن فيها لاستعادة تذكّر ما أكّدته تلك الكتب المقدّسة مرارًا وتكرارًا من حقيقة مسلّم بها بأنّ في تملّك السّلطة والنّفوذ مخاطر كامنة تقود إلى الفساد والإفساد وبأنّ هذه المخاطر تتفاقم ويعظم أمرها كلّما ازدادت تلك السّلطة سطوةً ونفوذًا وأهمّيّة. ولا شكّ في أنّ الانتصارات الخفيّة للرّوح على مغريات السّلطة والنّفوذ من قِبل عدد لا يُحصى من رجال الدّين عبر القرون دليل على ما تتمتّع به الأديان القائمة من قوى خلاّقة وبنّاءة يجب اعتبارها إحدى ميّزاتها السّامية. غير أنّه وبنفس المقياس كان هناك آخرون من رجال الدّين استهوتهم الدّنيا بما وفّرته لهم من سلطان ونفوذ وأغدقته عليهم من المصالح والمنافع، فمهّد هذا كلّه أرضًا خصبة نمت فيها مشاعر الاستخفاف بكلّ الأمور بالإضافة إلى تفشّي الفساد وانتشار اليأس لدى كلّ من شاهد هذا التّكالب على السّلطة والنّفوذ. فإن استطاعت القيادات الدّينيّة القيام على حمل مسؤوليّاتها وأداء واجباتها تجاه المجتمع في هذه اللّحظة الدّقيقة من لحظات التّاريخ، فإنّ مثل هذا الإقدام سيحمل من المعاني والمضامين ما لا حاجة إلى شرحه وتفصيله.

وحيث أنّ الدّين يهدف إلى رفع مستوى الأخلاق إلى أسمى الدّرجات ويسعى إلى خلق التآلف والوئام بين النّاس بما يربطهم من علاقات، ظلّ الدّين عبر التّاريخ هو السّلطة العُليا والمرجع النّهائي للتّعريف بشؤون الحياة وتحديد معانيها. ففي كلّ عصر من العصور دأب الدّين على تأصيل الخير في النّفوس فأمر بصنع المعروف

ونهى عن المنكر، وجسّد أمام أعين أولئك الّذين حرصوا على أن يروا بأبصارهم تلك الرّؤية الّتي رسمت معالم القدرات الدّفينة الّتي لم تنطلق بعد في الإنسان. فبفضل وصايا الدّين وإرشاداته وجدت النّفس العاقلة ما يشجّعها على إزالة الحدود والقيود الّتي يفرضها العالم عليها وما يعينها على تحقيق ذاتها. وتوحي كلمة "الّدين" حين نستعملها بالدّور الّذي يؤدّيه كقوّة رئيسيّة تجمع مختلف الأقوام والشّعوب ليجعل منها مجتمعات أكثر اتّساعًا وتنوّعًا ولتنطلق فيها طاقات الفرد لتعبّر عن ذاتها تعبيرًا كاملاً. إنّ الميزة العظيمة لعصرنا الرّاهن هي المنظور الّذي من خلاله يستطيع الجنس البشري بأسره أن يستشفّ هذا السّياق الحضاري لتتابع الأديان وتعاقب الرّسالات السّماويّة فيراه كظاهرة متّحدة واحدة، وهو السّياق الّذي يمثّل ذلك اللّقاء دائم التّتابع حين يلتقي عالمنا الأرضيّ هذا بعالم الله.

بعثت هذه النّظرة التّاريخيّة على امتدادها الإلهام في الجامعة البهائيّة فعكفت على التّرويج بقوّة وحماسة لنشاطات "حركة حوار الأديان" منذ بداية تأسيسها. وبغضّ النّظر عن العلاقات الوطيدة الّتي تخلقها هذه النّشاطات يرى البهائيّون أنّ كفاح الأديان المختلفة في سبيل تحقيق التّقارب بينها إنّما هو بمثابة الاستجابة للمشيئة الإلهيّة الّتي أرادت ذلك للجنس البشري الدّاخل في طور نضجه الجماعيّ. ولا يألو أعضاء جامعتنا البهائيّة جهدًا في مواصلة دعمهم لهذا المجهود بكلّ وسيلة ممكنة. ومهما يكن من أمر فإنّنا مدينون لشركائنا في هذا المجهود المشترك إذ نعلن عن إيماننا الصّادق بأنّه إذا ما كان لما يجري من حوار بين الأديان أن يسهم إسهامًا ذا دلالة ومعنى في شفاء العلل والأمراض الّتي تشكو منها إنسانيّة ألمّ بها اليأس وفقدان الأمل، لا بدّ لهذا الحوار وأن يشرع في الحديث بصدق وأمانة وبدون أيّ مواربة إزاء ما تمليه علينا تلك الحقيقة العليا الّتي بعثت "حركة حوار الأديان" إلى الوجود – ألا وهي الحقيقة القائلة بأنّ الله هو الواحد الأحد، وبأنّ الأديان كلّها في جوهرها دين واحد رغم تعدّد معالم الثّقافة فيها واختلاف تفسيرات البشر لتعاليمها.

ففي كلّ يوم يمرّ بنا يتفاقم الخطر من أنّ النّيران المتصاعدة للتّعصّبات الدّينيّة سوف يستعر لهيبها ليحرق العالم كلّه مخلّفًا من الآثار المدمّرة ما لا يمكن أن يخطر في بال. ولا سبيل لدرء هذه المخاطر من قبل الحكومات المدنيّة بمفردها دون أيّ معونة. ولا ينبغي أن نخادع النّفس فنعتقد بأنّ مجرّد المناشدة لقيام التّسامح المتبادل باستطاعتها وحدها إطفاء نيران العداوة والبغضاء والقضاء على التّعصّبات الّتي تدّعي أنّها مشمولة بتأييد إلهيّ. وتهيب الأزمة الرّاهنة بالقيادات الدّينيّة لقطع الصّلة بالماضي بالحزم والصّرامة ذاتها التي انتهجها أولئك الّذين مهّدوا السبيل للمجتمع الإنساني لمجابهة تعصّبات ماضية بالنّسبة للعرق والجنس والوطن تتساوى في شراستها المدمّرة مع التّعصّبات القائمة في عالم اليوم. ومهما كان المبرّر لمحاولة التّأثير في قضايا تتعلّق بحرّيّة الضّمير فليس هناك سوى مبرّر واحد هو حثّ الفرد على السّعي في سبيل خير الإنسانيّة وصلاح أمرها. فعلى هذا المفترق الّذي يعدّ أعظم نقطة تحوّل في تاريخ الحضارة الإنسانيّة ليس هناك من حاجة أوضح وأمسّ من حاجة العالم إلى مثل هذه الخدمات. لذلك يستحثّنا حضرة بهاء الله أن ندرك جيّدًا بأنّه "لا يمكن تحقيق إصلاح العالم واستتباب أمنه واطمئنانه إلا بعد ترسيخ دعائم الاتّحاد والاتّفاق."



#باسمة_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة الى قادة الاديان فى العالم (1)
- جائزة منظمة المؤتمر الاسلامى الامريكى
- وداعا استاذ امين بطاح
- -الحوار المتمدن - تلفزيون يتحرى الحقيقة
- ميلاد حضرة الباب
- ميلاد رسول الدين البهائى
- كل الطوائف الدينية فى وداع عباس افندى
- ثمانية اعوام على رحيل فنان قدير
- حرية العقيدة للاقليات


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - باسمة موسى - رسالة الى قادة الاديان فى العالم ( 3)