أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - لا أحد يحب العرب هناك..!!














المزيد.....

لا أحد يحب العرب هناك..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3243 - 2011 / 1 / 11 - 12:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد من السابق لأوانه أن نكتب اليوم: وقعَ المتوّقَع، وانفصل جنوب السودان عن شماله. أليست هذه نهاية مُفزعة لدولة اسمها السودان؟
أولا، لأنها ستخسر بعد أيام ثلث مساحتها، وربع مواطنيها. وثانيا، لأن ما تبقى منها مرشح لانقسامات جديدة في دارفور، ومناطق أخرى.
أليست هذه، أيضا، ، ضربة موجعة لطائفة من الناس اسمها الوحدويون العرب؟
أولا، لأن الدولة "القطرية" لم تفشل في تحقيق الوحدة وحسب، بل وفشلت في الحفاظ على وحدة شعبها وأراضيها، ولم تكن دولة لكل مواطنيها.
وثانيا، لأن "الوطن العربي" الذي رسمه البعثيون السوريون والعراقيون على هيئة نسر يفرد جناحيه على قارتين سيفقد، بعد أيام، جزءا من جناحه الأفريقي، فمن المؤكد أن الانفصال لا يعني في نظر الجنوبيين الانسلاخ عن الوطن العربي الكبير بقدر ما يعني التحرر منه.
وفي خضم هذا كله، يبدو حاكم السودان عاجزا حتى عن كتمان سروره. بدلا من إقناع الجنوبيين بالتصويت ضد الانفصال، مثلا، ولو من باب رفع العتب، يحضهم عليه، فيذهب في زيارة "وداعية" إلى عاصمتهم، ويخرج وزير خارجيته على الناس بتصريح مفاده أن الخرطوم ستكون أوّل من يفتح سفارة في عاصمة الجنوبيين. كوميديا سوداء.
وهذا القدر من الكرم مثير للارتياب. فلو نجم السرور عن قناعة عميقة بحقوق الإنسان، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، لقلنا تطابق القول مع الفعل، وحقق الرجل، أخيرا، ما يريد. بيد أن حاكم السودان مطلوب للعدالة الدولية، بمذكرة توقيف رسمية، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وفي هذه التهمة، على الأقل، ما يجعل من تطابق القول مع الفعل أمراً يصعب التحقق منه.
ولماذا نذهب بعيدا طالما أن الحاكم نفسه وفّر على الجميع مشقة التفكير والتدبير. فالانفصال، وكما قال على الملأ، يعني التخلّص من ذريعة التعددية، التي وقفت عائقاً بينه وبين تطبيق الشريعة. الشريعة، إذاً، هي الجائزة التي يدفع راضياً مرضياً مقابل الحصول عليها ثلث مساحة البلاد وربع مواطنيها.
والمفارقة أن هذا القدر من التقوى، التي تبرر هذا القدر من الكرم، مثير أيضا للارتياب، طالما أن استغلال الدين لأسباب سياسية ليس ابتكارا شخصياً من ابتكارات حاكم السودان. فقد جرّب لعبة الاستغلال السياسي للدين ما لا يحصى من الطغاة والمغامرين على مدار ما لا يحصى من القرون.
فلنوجه أنظارنا وجهة أخرى:
المهم أن الانفصال لن يجعل من السودان أفضل. والاستقلال لن يكفل للجنوبيين حياة أفضل. ستُضاف دولة جديدة إلى قائمة الدول الأفريقية الفقيرة، وسيضيف المانحون الأوروبيون والأميركيون اسما جديدا على قائمة المساعدات الدولية، وستنشأ نخبة جديدة من حكّام الجنوب كغيرها من النخب السائدة والفاسدة في دول فقيرة ومنهوبة ومغلوبة على أمرها.
والمهم، أيضا، أن مئات الآلاف من الجنوبيين والشماليين سيضطرون للنـزوح في الاتجاهين هربا من الاضطهاد، وربما المجازر، بطريقة تعيد إلى الأذهان كارثة تمزيق شبه القارة الهندية، وفبركة دولة اسمها باكستان، الكارثة التي أعقبها انفصال بنغلاديش عن باكستان. في الحالتين وقعت مجازر، ومئات الآلاف من حالات الاغتصاب، وتحوّل ملايين من بني البشر إلى لاجئين.
والمهم، أيضا وأيضا، أن شبح الحرب سيخيم على الحدود الطويلة والمشتركة بين الشماليين والجنوبيين، تسديداً لفواتير نفسية وسياسية مستحقة، وتعبيرا عن مصالح ومطامع متضاربة في مناطق مُتنازع عليها. لذا، لا ينبغي أن نأخذ على محمل الجد الروح الإيجابية للجانبين في الوقت الحاضر. فلن يمر وقت طويل قبل اتضاح حجم الكارثة التي ألمت بملايين من بني البشر هناك.
ومع هذا كله في الذهن، إلا أننا لا نملك الحق في توجيه أصابع الاتهام إلى الجنوبيين، ولا في الاعتراض على حقهم في الاستقلال. فالانفصال، كما الاتحاد، جزء لا يتجزأ من حق تقرير المصير. فلو وجد الجنوبيون إمكانية التماهي مع هوية واحدة ومُوّحِدة في بلد متعدد الأعراق والقوميات واللغات، لما اختاروا طريق الانفصال.
ولعل في هذه الحقيقة ما يكفي لقرع أكثر من جرس للإنذار في العالم العربي. فهذا العالم يتشكّل في حقيقة الأمر من فسيفساء طائفية وإثنية ولغوية وانقسامات مناطقية وهويات محلية وبنى اجتماعية تشكّلت على مدار قرون طويلة. وقد أصبح في الوقت الحاضر ضيّقا على مواطنيه.
والواقع أن الدعوة إلى قرع أكثر من جرس للإنذار تبدو ممجوجة حتى بعد كتابتها بثوان قليلة. ثمة عملية تاريخية لن تتوقف قبل اكتمال فصولها. سنصل في يوم ما، ربما في النصف الثاني من هذا القرن، إلى الدولة التعددية الديمقراطية والعلمانية، ولن يتأتى ذلك قبل نهوض الحواضر العربية من ركودها، وقبل اندحار موجة الصحراء. لا بأس. ولكن فلنفكر الآن بما يلي:
تقول امرأة سبعينية تقطن قرية بالقرب من جوبا، عاصمة جنوب السودان، لمراسل جريدة الحياة اللندنية: "طلبوا مني الذهاب للتسجيل فذهبت. لا أعرف شيئا عن الاستفتاء، ولكن لا أحد يحب العرب هنا".
لا أحد يحب العرب، هناك، وحاكم السودان مسرور.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إذا نجت مصر نجونا..!!
- مجرد سؤال في مشهد يطل على كارثة..!!
- نعم، الجواب: نعم..!!
- الفشل في استثمار الفوز..!!
- قبل تأشيرة الدخول إلى دبي وبعدها..!!
- الثقافة والسياسة والسلطة..!!
- فكر الحداثة في فلسطين..!!
- من المفيد الكلام عن أشياء أخرى..!!
- دولة إسماعيل..!!
- يوسا وحرب نهاية العالم..!!
- مديح الأدب القاسي ..!!
- ظاهرة جديدة ومُفرحة..!!
- ليلنا طويل والنجوم قليلة..!!
- ماذا حدث للمصريين؟
- كتاب البطر في أخبار قطر..!!
- أما في السياسة فحدّث عن المآسي ولا حرج..!!
- محمود درويش يحتاجنا لأن بلادنا تحتاجنا..!!
- عن النرجيلة والملابس الداخلية للنساء!
- مديح الشيوعيين..!!
- العلمانية في فلسطين


المزيد.....




- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...
- السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
- ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست ...
- بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا ...
- دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م ...
- غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
- كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا ...
- ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - لا أحد يحب العرب هناك..!!