أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الفشل في استثمار الفوز..!!














المزيد.....

الفشل في استثمار الفوز..!!


حسن خضر
كاتب وباحث

(Hassan Khader)


الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 16:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إسرائيل بعثة استكشافية، أوروبية الأصل، في آسيا. فعلى الرغم من الأصول الآسيوية لليهود، ودعوة العودة إلى الشرق، التي أطلقها بعض آباء الصهيونية، إلا أن المستوطنين الأوائل نظروا إلى أنفسهم، وإلى العالم، كأوروبيين. وهذه النظرة ما تزال سائدة في الدولة والمجتمع الإسرائيليين.
وهنا، أستخدمُ تعبير بعثة expedition بدلالته في اللغة الإنكليزية، التي تعني رحلة طويلة الأمد لتحقيق أغراض قد تكون علمية، وجغرافية، أو عسكرية، وسياسية. ولهذه الأشياء كلها مترادفات في الأيديولوجيا الصهيونية: كان الهدف الرئيس نقل اليهود من أوروبا الشرقية والوسطى إلى الشرق، وإنشاء دولة لهم في آسيا، وتذليل كافة العقبات المحلية والإقليمية والدولية، بأدوات العلم، والدبلوماسية، والقوّة العسكرية.
وما أُنجز حتى الآن يمثل قصة نجاح مدهشة: دولة تحظى بالشرعية والاعتراف من جانب المجتمع الدولي، مجتمع حديث، جيش قوى، واقتصاد ناجح. ومع هذا، وقبله، وفوقه، وبعده، تسليم من جانب العرب والفلسطينيين بحق الدولة الإسرائيلية في الوجود. ولا يهم، في هذا الشأن، ما إذا نجم التسليم عن الاستسلام، والقبول بالأمر الواقع، أو عن خطة جهنمية تريد القضاء على الدولة بالتقسيط، بعدما فشلت في القضاء عليها بالجملة.
المهم، في الميزان الاستراتيجي العام، أن الإسرائيليين فازوا في إنشاء الدولة أولا، وفي إخراج مصر من الميدان ثانيا، وفي الحصول على اعتراف الفلسطينيين بشرعية وجودهم ثالثا، وفي شطب العراق من معادلة الحرب والسلام رابعا. هذه هي النتيجة الظافرة لإستراتيجية الجدار الحديدي، التي طرحها جابوتنسكي قبل ثمانية عقود. وهي، أيضا، الترجمة الحقيقية لمبادرة السلام العربية.
بيد أن الإسرائيليين في لحظة الظفر، بالذات، يتصرفون وكأنهم عاجزون عن استثمار الفوز، وكأن البعثة الاستكشافية أضاعت البوصلة، أو لم تحقق أهدافها بعد. لذا، تخندقت في مواقع حصينة، وأحاطت نفسها بسواتر مادية ومعنوية عالية. وهذه السواتر تزداد ارتفاعا مع مرور الوقت، وتتناسب طرديا مع تجليات متلاحقة للفوز. كلما حققوا فوزا جديدا، ازدادوا مقاومة وممانعة:
حركة أرض إسرائيل الكبرى، مثلا، وُلدت بعد مفاوضات السلام مع مصر، وبعد أوسلو تضاعف الاستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة. واليوم، يرفض الإسرائيليون رشوة من الطائرات والأسلحة الأميركية المتطوّرة بمئات الملايين من الدولارات، مقابل تجميد البناء في المستوطنات لمدة تسعين يوما لا غير.
لماذا؟
استثمر الإسرائيليون في جميع حروبهم اللحظة الفاصلة ما بين صدور قرار بوقف إطلاق النار، ودخوله حيّز التنفيذ، لتحقق نتائج مدهشة في الميدان، وإلحاق أكبر قدر ممكن من الخسارة بقوات العدو.
ويمكن القول، على سبيل القياس، إن هذا ما يفعلونه في السياسة، أيضا. فقد أدركوا منذ وقت لم يعد قصيرا بأن الاحتلال بالمعنى التقليدي لم يعد ممكنا، لذا يريدون تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب على الأرض، والحصول على أفضل شروط ممكنة، بما فيها تحويل نظام الأبارتهايد في الضفة الغربية وقطاع غزة من ضرورة، تبدو للوهلة الأولى أمنية، إلى شرط من شروط الحل الدائم.
بيد أن هذا القياس فاسد. فما يصلح في الميدان لا يصلح، بالضرورة، لاستثمار الفوز بالمعنى السياسي والاستراتيجي العام. وربما تفسّر هذه الحقيقة شكوى بعض الإسرائيليين من أنانية وضيق أفق نخبهم السياسية الحريصة على مصالحها الحزبية، وتحالفاتها الضيقة، أكثر من حرصها على سلامة ومستقبل الدولة. وفي السياق نفسه تفسّر دعوة بعض اليهود الأميركيين لإنقاذ إسرائيل من نفسها.
وربما تفسّر، أيضا، ما ينتاب الفلسطينيين والعرب من خيبة أمل، فعلى الرغم من التسليم بثمانين في المائة من فلسطين التاريخية، ومبادرات السلام والتطبيع، إلا أن الإسرائيليين يزدادون مقاومة وممانعة.
فلنضع الشكوى وخيبة الأمل جانبا. فلن نتمكن من فهم الفشل في استثمار الفوز خارج منطق البعثة الاستكشافية، الأوروبية الأصل، في آسيا. هنا مربط الفرس. فلكي تصبح إسرائيل دولة طبيعية ينبغي عليها التخلّص من تركة البعثة الاستكشافية.
وهذه النقطة، بالذات، تحتاج إلى مزيد من التفسير. فالبعض من العرب والإسرائيليين يعتقد بأن إسرائيل يجب أن تكون جزءا من العالم الثالث، ومن الشرق الأوسط، ومن آسيا، لكي تتمكن من الانسجام مع الجغرافيا، وتطبيع وجودها في هذا الجزء من العالم. وهذا غير ممكن، أو ربما يحدث بطريقة مغايرة لتصوّرات كثيرة شائعة.
التخلّص من تركة البعثة الاستكشافية الأوروبية، في الشرق الأوسط، يعني التسليم بحقيقة أن الدولة اليهودية تمثل أقلية إثنية ولغوية في المشرق العربي، وأن هذه الأقلية محكومة بثلاثة أقانيم هي الديمغرافيا والجغرافيا والتاريخ. ولهذا السبب لن تتمكن من ممارسة دور القوة الإقليمية المهيمنة، ولن تنجح في فرض إرادتها على الإقليم. ولا تملك في حقيقة الأمر سوى البحث عن طريقة للتعايش معه والعيش فيه.
وربما في أمر كهذا ما يفسر فقدان البوصلة، والتخندق، ورفع السواتر المادية والمعنوية. البعثة الاستكشافية مأزومة، ولأنها كذلك تفشل في استثمار الفوز.



#حسن_خضر (هاشتاغ)       Hassan_Khader#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل تأشيرة الدخول إلى دبي وبعدها..!!
- الثقافة والسياسة والسلطة..!!
- فكر الحداثة في فلسطين..!!
- من المفيد الكلام عن أشياء أخرى..!!
- دولة إسماعيل..!!
- يوسا وحرب نهاية العالم..!!
- مديح الأدب القاسي ..!!
- ظاهرة جديدة ومُفرحة..!!
- ليلنا طويل والنجوم قليلة..!!
- ماذا حدث للمصريين؟
- كتاب البطر في أخبار قطر..!!
- أما في السياسة فحدّث عن المآسي ولا حرج..!!
- محمود درويش يحتاجنا لأن بلادنا تحتاجنا..!!
- عن النرجيلة والملابس الداخلية للنساء!
- مديح الشيوعيين..!!
- العلمانية في فلسطين


المزيد.....




- مقتدى الصدر يهاجم صدام حسين: -أمر نجليه بقتل والدي وحكم شعبه ...
- تونس.. تعرض منزل رئيس أسبق للسرقة للمرة الثانية في بضعة أشهر ...
- قوات الأمن السورية تعتقل أمين عام -الجبهة الشعبية لتحرير فلس ...
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. زاخاروفا تطالب بحماية الصحف ...
- تجمع حاشد في طوكيو لدعم -يوم الدستور الياباني- (فيديو)
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات الفيديو المثير للجدل فوق كوبري أ ...
- لافروف يدعو إلى تسوية الخلافات بين الهند وباكستان بالوسائل ا ...
- الجزائر.. إيداع المؤرخ بلغيث الحبس المؤقت عقب بث قناة لحوار ...
- عقيلة صالح: تشكيل حكومة موحدة في ليبيا لا يرتبط بالانتخابات ...
- واشنطن بوست تكشف السبب الحقيقي وراء غضب ترامب وقراره إقالة و ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن خضر - الفشل في استثمار الفوز..!!