أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد الحنفي - القيادة الفردية للنقابة و مخاطر التبقرط















المزيد.....



القيادة الفردية للنقابة و مخاطر التبقرط


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 970 - 2004 / 9 / 28 - 12:07
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


إلى كل مناضل نقابي يحمل في ممارسته صدق السعي إلى بناء نقابة مناضلة مبدئية.
 إلى كل من اخذ على عاتقه مقاومة مخاطر القيادة الفردية في جميع الإطارات النقابية.
 إلى كل من يحرص على أن تسود القيادة الجماعية في العمل النقابي، و في الإطارات النقابية.
 إلى مناضلي الك.د.ش. المخلصين للنقابة و للعمل النقابي المبدئي في إطاراتهم.
 إلى مناضلي النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط الذين يرفضون سيادة القيادة الفردية في نقابتهم.
 من اجل ك.د.ش. نقابة مبدئية بقيادة جماعية مناضلة منفتحة على شرائح الشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة.
 من اجل وعي نقابي صحيح يسود وسط الشغيلة.


مقدمة :
منذ المؤتمر الكونفيدرالي المنعقد في الدار البيضاء و بعده المؤتمر الكونفيدرالي الذي انعقد في مدينة العيون و عملية المصادقة على المرشح الوحيد للكتابة العامة للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل و بنسبة تكاد تتخذ طابع الإجماع. تشغل بالي، مما يجعلني ككنفيدرالي أكاد أفقد ثقتي في ديمقراطية الكونفيدراية الديمقراطية للشغل، لأن من يتربع على قيادة ك.د.ش. كمن يتربع على دولة من الدول التي تعاني من شراسة الديكتاتورية البغيضة التي تقف وراء سيادة الحكم المطلق في العديد من بلدان العالم اللاديمقراطي و اللاشعبي. و هو ما يجعلني اطرح العديد من الأسئلة حول القيادة الفردية و دور هذه القيادة في تحريف العمل النقابي في اتجاه التبعية لحزب معين، أو في اتجاه تحزيب النقابة، أو جعلها مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين، أو إطارا لانتاج الممارسة البيروقراطية. و قد كان من الممكن أن ابتلع ككونفيدرالي ممارسة القيادة الفردية انطلاقا من المؤتمر الوطني ليفقد القائد النقابي إطار المحاسبة الفردية و الجماعية التي تنتظر مجيء المؤتمر الذي قد لا ينعقد إلا بعد موت الجيل الذي حضر في المؤتمر. فالمكتب التنفيذي لا يستطيع أن يحاسب القائد الكونفيدرالي و اللجنة الإدارية لا تستطيع ذلك، والمجلس الوطني ليست له صلاحية المحاسبة لأنه لم ينتخب الكاتب العام. و الشيء الذي يصير غصة في الحلق تستعصي على الابتلاع هو انتقال ظاهرة انتخاب الكاتب العام إلى التنظيمات القطاعية المنضوية تحت لواء الك.د.ش. هذه الظاهرة التي لا يمكن أن تعكس إلا إصرارا على السير بالك.د.ش. في اتجاه رهنها بقيادات محددة، و لإخضاع هذه الظاهرة للتشريح سنتناول مفهوم القيادة الفردية، و مفهوم القيادة الجماعية في العمل النقابي، و وضعية النقابة في ظل القيادة الجماعية، و مصيرها في ظل القيادة الفردية و الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل بين القيادة الفردية و القيادة الجماعية، ثم النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط و تكريس مبدأ القيادة الفردية. و الحسم مع التصور التنظيمي الذي صاحب تأسيس النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و دواعي الحسم مع التصور التنظيمي السابق، و تعويم المجلس الوطني، أو الميوعة التنظيمية و طرح السؤال : ألا يعتبر ما جرى في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بداية للإجهاز على ما تبقى من أمل في تكريس الديمقراطية الداخلية في باقي القطاعات و السؤال : ألا يعتبر ما جرى تكريسا لقبضة حزب معين على النقابة ؟ و السؤال : ما العمل من اجل إعادة الاعتبار للديمقراطية الداخلية ؟ لنصل بذلك إلى خلاصات نسترشد بها لامتلاك تصور صحيح للنقابة و العمل النقابي في ظل قيادة مبدئية تحسم مع رهن النقابة بإرادة القيادة الفردية، المركزية و القطاعية حتى تتم المحافظة على مبدئية الك.د.ش التي تعتبر المدخل الطبيعي للقيام بعمل نقابي مبدئي لا يروم إلا العمل على تحسين الأوضاع المادية و المعنوية للشغيلة. و بعيدا عن السعي إلى تحويل الك.د.ش. إلى منظمة تابعة لحزب معين، أو جهازا حزبيا وموازيا، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لحزب معين، أو جهازا بيروقراطيا. و هي ممارسات تحريفية تدخل الك.د.ش في متاهة البحث من جديد عن "البديل النقابي".

مفهوم القيادة الفردية :
إن أهم ما ميز تاريخ البشرية هو تحكم الأفراد في مصير الجماعات مما كلف البشرية المزيد من المآسي الناتجة عن إرغام الجماعات على خدمة مصالح أولئك الأفراد، و ما يجري الآن في العالم العربي و الإسلامي ناتج عن تحكم الأفراد في مصير الشعوب بسبب استبدادهم بالدول، و بالمنظمات الدولية و بمختلف المؤسسات المالية الدولية، و بالشركات العابرة للقارات، و بالأحزاب و بالنقابات و غيرها من المنظمات الجماهيرية التي توظف جميعها الجماهير الشعبية الكادحة لخدمة مصالح أولئك الأفراد مهما كان مستواهم، و سواء كانوا قادة للدول أو للمنظمات الدولية، أو للشركات، أو للأحزاب أو للنقابات أو للجمعيات. نظرا لأن القاسم المشترك بين هؤلاء جميعا هو غياب الديمقراطية المنتج للاستبداد. و هو غياب العدالة المنتج للفوارق الطبقية، و غياب المساواة المنتج للاستغلال الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي.
فما هو مفهوم القيادة الفردية ؟
إن القيادة الفردية في عمقها لا يمكن أن تعني في إلا ممارسة المركزية على جميع المستويات بين يدي فرد معين يصير بسبب تلك المركزة مصدر كل شيء، فهو الذي يقرر ما يراه مناسبا له فيما يخص ما يقوم به الإطار الذي يقوم بقيادته، سواء كان دولة أو وزارة أو إدارة أو منظمة رسمية أو غير رسمية أو حزبا أو نقابة أو جمعية، و هو الذي يوظف الأجهزة المكونة لذلك الإطار لتنفيذ القرارات، و هو الذي يوجه عمل تلك الأجهزة، و هو الذي يتفاوض مع المنظمات و الإطارات الأخرى. و هو الذي يزايد باسم الإطار الذي يقوده، أو يقدم تنازلات كما يحصل في الإطارات المختلفة دولا ومنظمات، و أحزابا وجبهات و نقابات.
و انطلاقا من هذا الفهم للقيادة الفردية، فإننا نجد أنفسنا أمام قيادات لا ديمقراطية، استبدادية، أو بيروقراطية لا ترغب أبدا في التعامل مع الرأي الآخر، سواء كانت قيادات للدول أو قيادات للمنظمات الرسمية، أو للأحزاب السياسية أو للمنظمات النقابية أو للجمعيات. و مهما يكن، فإن القيادات الفردية تلغي كل شيء إلا نفسها، لأنها غالبا ما تكون مريضة بحب الذات، و حب الذات يصير مصدر الكل للكوارث التي تعرفها البشرية في مختلف العصور، و تعرفها الدول و المنظمات الرسمية و غير الرسمية في كل مكان.
و القيادة الفردية تلغي حرية الأفراد و الجماعات لأن الحرية كيفما كان نوعها، سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو مدنية في مجال من المجالات المختلفة، فإن هذه الحرية لابد أن تشعر كل فرد بحقوقه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و هي حقوق تجمع بين الخصوصية و الشمولية الفردية و الاجتماعية. كما تفرض التفكير في وسائل فرض تلك الحقوق، و اللجوء إلى توظيف تلك الحقوق يجعل الناس جميعا في تناقض مع القيادة الفردية التي ليس من مصلحتها تمتيع الناس بحقوقهم المختلفة. و لذلك تلجأ تلك القيادة إلى الدخول في عملية حرمان الأفراد و المجتمعات و أعضاء التنظيمات من الحرية كيفما كان نوعها حتى يسلموا من الضغط الذي يفرض تلبية مطالب المتضررين من غياب الحرية.
و القيادة الفردية لا تسعى في ممارستها اليومية، و في سياستها إلى تحقيق العدالة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تجعل الناس في مستوياتهم المختلفة يتمتعون بحقوقهم المختلفة. لأن تحقيق العدالة في الواقع لا يعني إلا التضحية بالمصلحة الفردية في مقابل سيادة المصلحة الجماعية، و هو ما لا تسعى إليه القيادة الفردية حتى تستمر في استبدادها و بيروقراطيتها.
و انطلاقا مما رأينا نجد أن القيادة الفردية في العمل النقابي قادت إلى هذا التردي الذي عرفه العمل النقابي في تاريخ المغرب الذي ابتدأ بامتلاك الوعي النقابي الصحيح لذي يربط بين العمل النقابي و العمل السياسي، و انحرف إلى عمل نقابي لا علاقة له بالعمل السياسي. كما ابتدأ مبدئيا و تحول مع مرور الأيام إلى عمل نقابي بيروقراطي، أو تابع لحزب معين، أو تقوم به منظمة نقابية حزبية موازية أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين، أي أنه تحول إلى عمل نقابي لا مبدئي.
و الشهيد عمر بنجلون عندما قاوم الانحراف النقابي البيروقراطي في الاتحاد المغربي للشغل، فلأنه كان يدرك بالنظرة العلمية الثاقبة مدى خطورة هذا الانحراف، و غيره من أشكال الانحراف الأخرى على العمل النقابي من جهة، و على الشغيلة من جهة أخرى ، و دوره في جعل القيادة الفردية توظف العمل النقابي لخدمة مصالحها، و حماية تلك المصالح مهما كانت دنيئة و منحطة.
و عندما تأسست النقابة الوطنية للتعليم سنة 1965 فلأجل تصحيح العمل النقابي الذي تحول فعلا في إطار الك.د.ش إلى عمل نقابي مبدئي وقف وراء تحريض شرائح عريضة من المجتمع كما وقف وراء نشر الفكر الاشتراكي العلمي في صفوف الشغيلة التي التفت حول النقابة الوطنية للتعليم. وشرعت مع بداية السبعينات من القرن العشرين تؤسس نقابتها الوطنية في العديد من القطاعات العمومية و شبه العمومية على أسس مبدئية تتوج بإعلان تأسيس الكونفيدرالية في أواخر نونبر 1978 كمنظمة ديمقراطية تقدمية جماهيرية مستقلة. و هذه المبدئية التي أشرنا إليها هي التي جعلت الك.د.ش نقابة قوية بدون منازع. فهي تكتسح قطاعات الشغيلة و تقودها بإخلاص. و تبث الوعي النقابي الصحيح لتصير بسبب ذلك مستهدفة من قبل الطبقة الحاكمة . فكانت الاعتقالات و المحاكمات في 1979، 1981 و 1984. و يوقف الكونفيدراليون و يطردون، و يحرمون من قوتهم و قوت أسرهم اليومي. و تقوم الأجهزة النقابية بجمع الدعم المادي و حشد التضامن معهم لتصير الك.د.ش منظمة تتخلل نسيج المجتمع. إلا أنه بعد اعتقالات سنة 1981 أصبحنا نجد الدفع في اتجاه جعل الك.د.ش تابعة لحزب معين أو مجرد منظمة حزبية لذلك الحزب ليتأكد انحرافها في هذا الاتجاه بعد دخولها مباشرة في التنسيق مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب كامتداد للتنسيق بين مكونات المعارضة البرلمانية حينذاك و صار القرار الكونفيدرالي رهينا بما تريده تلك المعارضة.
و منذ دخول الك.د.ش في التنسيق مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب و الك.د.ش صارت فاقدة لقدرتها على تجسيد المبدئية التي لا تتجاوز أن تكون مجرد شعارات فارغة لا علاقة لها بما يمارس على ارض واقع الك.د.ش التي صارت تتأرجح بين أن تكون تابعة لحزب معين، أو منظمة حزبية موازية لذلك الحزب حسب ما يقرره القياديون النقابيون المنتمون إلى ذلك الحزب الذين يختلف تصورهم للعمل النقابي فشرعوا يتصارعون فيما بينهم لتنفرز مع بداية القرن الواحد و العشرين نقابة حزبية بامتياز. و تصير الك.د.ش مجرد مجال للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب آخر تصير تابعة له لتحكم المنتمين إليه في القيادات القطاعية و المركزية للك.د.ش و يصير على الكونفدراليين المخلصين من جديد النضال من اجل أن تتحول الك.د.ش إلى منظمة نقابية مبدئية بعيدا عن أن تكون بيروقراطية، أو تابعة لحزب معين، أو مجرد منظمة حزبية موازية، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين، و تقطع مع التنسيق مع التنظيمات النقابية اللامبدئية حتى تصير إطارا للشغيلة من اجل تحسين الأوضاع المادية و المعنوية للشغيلة، و وسيلة لنشر الوعي الطبقي الصحيح في صفوفها و إعدادها لامتلاك الوعي الطبقي الحقيقي الذي بدونه لا تصير الك.د.ش. منظمة قوية ، و مبدئية في نفس الوقت.
و انطلاقا من استعراض هذه الخطوات التي عرفها تطور النضال من اجل قيام منظمة نقابية مبدئية نصل إلى أن مفهوم القيادة الفردية يتجسد في السيطرة على الإطارات النقابية القطاعية و المركزية من اجل جعل تلك الإطارات في خدمة مصالح أفراد تلك القيادات الذين يصيرون كل شيء بالنسبة للشغيلة، فهم النقابة، و الأجهزة النقابية، و هم المقررون والمنفذون. و هذا الفهم للقيادة الفردية هو الذي جر الك.د.ش. الى الانحراف، و إلى الاستمرار في تكريس ذلك الانحراف الذي لا يجد من يحاصره نظرا لكون القيادات المحلية، و الإقليمية و الجهوية، هي قيادات فردية تجمعها مع القيادات الوطنية نفس المصالح.
فهل تتجاوز الك.د.ش. وضعية سيطرة القيادات الفردية على اجهزتها ؟
و هل تعود إلى تجسيد المبدئية على ارض الواقع ؟
و هل تقف من جديد باستقطاب الشغيلة على نطاق واسع ؟
و هل تقف وراء إعداد الشغيلة لامتلاك الوعي الطبقي الصحيح ؟
إن النضال من اجل مناهضة الانحراف النقابي الذي بدأه الشهيد عمر بنجلون في بداية الستينات في إطار الاتحاد المغربي للشغل هو وحده الكفيل بوضع حد لتحريف القيادات الفردية للعمل النقابي، و العمل على تكريس القيادات الجماعية في مختلف القطاعات و على المستوى المركزي، فهل تقوم القيادة الجماعية من جديد في الك.د.ش. ؟
و ما هو مفهوم القيادة الجماعية ؟


مفهوم القيادة الجماعية :
إن أي عمل تقوم به هيئة معينة على أساس توزيع المهام بين أفرادها هو عمل جماعي ينجز كل جزء منه فرد معين. وان هيئة تنتخب فردا من أعضائها قائدا لها يشرف على تسييرها ليس إلا قائدا لتلك الهيئة التي لا تلغي قيادة تلك الهيئة لإطار معين. فدور الفرد يبقى حاضرا، و دور الجماعة أيضا يبقى حاضرا، و الفرد المنتخب للقيام بمهمة معينة ليكون هو المسؤول عنها. و ليكون كذلك مسؤولا عن الهيئة التي تنتخبها المنظمة لتسيير شؤونها. و هذه الهيئة تقع تحت إشراف الفرد المنتخب، و لا تستطيع محاسبته أو تغييره إلا في حالة إخلاله بمبادئ المنظمة و بالالتزامات الموكولة إليه.
و بناء على هذه المقاربة، فإن القيادة الجماعية هي كل قيادة تحد من صلاحيات الفرد، و تخضعه لإارادة الهيئة التي تخطط بشكل جماعي، و توزع المهام فيما بين أعضائها لتنفيذ ما تم تخطيطه انطلاقا من القرارات التي تصادق عليها الهيئات التقريرية للمنظمة، أي منظمة. و قيادة من هذا النوع لابد أن تضع في اهتمامها :
- المقررات و القرارات الصادرة عن المنظمة باعتبارها معنية بالتنفيذ من قبل الهيئات التنفيذية التي تنتمي إليها القيادة الجماعية.
- احترام المهام الموكولة إليها، لا تتجاوزها و لا تؤولها و لا تخل بها.
- الالتزام بالنظام الداخلي للمنظمة الذي يحدد العلاقة بين أفراد الهيئة الواحدة ، و بين الهيئات الوطنية المركزية من جهة، و الهيئات الوطنية القطاعية من جهة أخرى، و بين القيادات الوطنية المركزية و القطاعية و المحلية من جهة ثالثة... الخ، و بين المنظمة و منخرطيها، و ما لكل هيئة وكل عضو، وما على كل هيئة و كل عضو في المنظمة.
- احترام مبادئ التنظيم التي قام عليها و خاصة مبدأ الاستقلالية الذي يحول دون سيطرة الفرد على التنظيم، أو جعله تابعا لتنظيم معين، أو تنظيما موازيا لحزب معين، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين.
- احترام تنفيذ القرارات و المقررات الصادرة عن الهيئات التقريرية الوطنية و الجهوية و الإقليمية و المحلية.
- احترام مواعيد اجتماعات الهيئات التنفيذية و التقريرية و عقد المؤتمرات، و مواعيد إعادة الهيكلة المحلية و الإقليمية و الجهوية طبقا لما هو وارد في النظام الداخلي.
- احترام التمثيل المبدئي للمنظمة أمام باقي المنظمات الأخرى حتى لا يكون ذلك التمثيل مناسبة للإخلال بالمبادئ أو بالمهام.
و هذا التصور العام للقيادة الجماعية الذي يمتد عبر مجمل الممارسة التنظيمية إلى سائر مكونات التنظيم التي تمثل مسؤولية وجود التنظيم و استمراره هو الذي سعى إلى تجسيده المناضلون النقابيون و في مقدمتهم الشهيد عمر بنجلون في الإطارات النقابية منذ بداية الستينيات من القرن العشرين. و أدوا في سبيل ذلك ضرائب نضالية كبيرة، لا يمكن تقديرها بثمن معين، فقيمتها الوحيدة تكمن في الحرص على مبدئية النقابة، و في تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية في الواقع . و قد عمل هؤلاء المناضلون على تحقيق مبدأ القيادة الجماعية في تأسيس النقابة الوطنية للتعليم في أواسط الستينات؟، و في قطاعات أخرى خلال السبعينيات من القرن العشرين،. و في تأسيس الك.د.ش و تنظيماتها القطاعية محكومة بالقيادة الجماعية الى ما بعد سنة 1984 حيث بدأ التحول في اتجاه قيام تبعية النقابة للحزب في ذلك الوقت و الدخول في التنسيق مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب كامتداد للتنسيق ما بين الاتحاد الاشتراكي و حزب الاستقلال. لتظهر ملامح هيمنة القيادة الفردية، و تتراجع إلى الوراء القيادة الجماعية لتختفي نهائيا مع انعقاد المؤتمر الوطني الرابع، و المؤتمر الوطني الخامس. لتستمر بعدما عرف بعملية التصحيح التي عرفتها مجموعة من النقابات الوطنية، و لتصير تقليدا مع انعقاد مؤتمر النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بالدار البيضاء سنة 2004.
و لذلك فالقيادة الجماعية هي عقلية، هي فكر، هي اقتناع، هي مبدأ ، هي ممارسة على ارض الواقع من خلال التنظيم الكونفيدرالي المركزي، و التنظيمات القطاعية التابعة له، و من خلال القوانين الأساسية و الأنظمة الداخلية و البرامج المركزية و القطاعية و من خلال تنفيذ تلك البرامج على جميع المستويات التنظيمية مما يجعل كل كونفيدرالي في القيادة أو في القاعدة يشعر بمسؤوليته في حماية القيادة و هذا الفهم للقيادة "الجماعية" صار غير وارد. و لذلك صار من اللازم القول بضرورة إعادة النظر في مجمل الممارسة الكونفيدرالية التي أصبحت مجرد مجال لتحقيق التطلعات البورجوازية الصغرى عن طريق الوصول إلى فرض أنفسهم كقياديين محليين، أو إقليميين أو جهويين أو وطنيين من اجل التمكن من قيادة النقابة و العمل النقابي لخدمة المصالح. لأن إعادة النظر ستوقف الكونفيدراليين على المضار التي أصابت التنظيمات الكونفيدرالية بسبب القياديين الذين صاروا يوظفون النقابة لأمور لا علاقة لها بالعمل النقابي الصحيح، و من اجل إعادة الاعتبار للقيادة الجماعية.
فهل يعمل الكونفيدراليون المخلصون من اجل ذلك ؟
و ما هو الفرق بين القيادة الفردية و القيادة الجماعية في العمل النقابي ؟

بين القيادة الفردية و القيادة الجماعية في العمل النقابي :
إن العلاقة التي يجب أن تقوم بين القيادة الفردية و القيادة الجماعية لها ارتباط وثيق بطبيعة القيادة الفردية، و طبيعة القيادة الجماعية.فإذا كانت القيادة الفردية نتيجة للتكلف بمهمة قيادة هيئة معينة تكون تلك القيادة الفردية جزءا من القيادة الجماعية التي يكون فيها عمل كل فرد مكملا لعمل باقي الأفراد. أما إذا كانت القيادة الفردية مفروضة على هيأة القيادة في تنظيم معين، فإن العلاقة القائمة بين القيادة الفردية و القيادة الجماعية هي علاقة تناقض، لأنهما لا يجتمعان في إطار هيأة معينة.
فالقيادة الفردية تتميز ب :
- الاستبداد بالرأي و بالقرار و بالتنفيذ في تنظيم معين لا عبرة فيه لغير القائد.
- فرض الممارسة البيروقراطية في العلاقة مع مختلف الأجهزة و مع المنخرطين.
- جعل أعضاء الأجهزة المختلفة مجرد أعضاء تابعين له، مهما كان مستواهم التنظيمي أو مستوى أدائهم في إطار تنظيم معين.
- جعل النقابة و النظام النقابي في خدمة الممارسة الفردية و من اجل حماية مصالح الفرد القائد.
- اتخاذ الشغيلة مجرد مطية لقضاء المصالح الفردية باسم النضال من اجل تحقيق مطالب تلك الشغيلة.
- عدم اعتبار القرارات التي تتخذها الأجهزة المختلفة ذات الطابع التقريري لاعتبارها مجرد مقترحات يمكن أن يأخذ بها القائد أو لا يأخذ بها.
- عدم اعتبار القوانين الأساسية و الأنظمة الداخلية لتنظيم معين في الممارسة اليومية للقيادة الفردية.
و كان المفروض أن يعمل تنظيم معين على محاصرة ممارسة القيادة الفردية. إلا أنه، و بسبب طبيعة الفكر السائد في مختلف التنظيمات. فإن محاصرة الممارسات الضارة بتنظيم معين تكون غير واردة، و خاصة تلك الصادرة عن القيادة الفردية. و السبب في ذلك يرجع إلى أن المنخرطين في مختلف التنظيمات ينتمون إلى شرائح البورجوازية الصغرى مما يجعل أحلامهم لا تتجاوز مجرد تحقيق تطلعات هذه الشرائح من البورجوازية ذات الطبيعية الانتهازية و التوفيقية و التلفيقية و غيرها من الممارسات التي تعشش في صفوفها. و لتغيير ممارسات القيادة الفردية لابد من العمل على :
- إشاعة الفكر العلمي في صفوف الشغيلة.
- العمل على محاربة مختلف الممارسات التي لها علاقة بطبيعة البورجوازية الصغرى.
- إعادة الاعتبار لامتلاك الوعي النقابي الصحيح و الوعي الطبقي الصحيح، لأنه بذلك الوعي ينشط سلاح النقد في صفوف الأجهزة النقابية، و يقوم أعضاء تلك الأجهزة بمحاربة و محاصرة مختلف الأمراض التحريفية في مختلف التنظيمات.
أما القيادة الجماعية فتتميز ب :
- احترام المهام الموكولة إليها على جميع المستويات، سواء كانت قيادة وطنية أو جهوية أو إقليمية محلية لأن تجاوز المهام لا تقوم به إلا قيادة فردية، و لا علاقة له أبدا بالقيادة الجماعية.
- احترام النظام الداخلي و القانون الأساسي للمنظمة، لأنه بذلك النظام و بذلك القانون تبقى المنظمة قائمة. و إذا كان لابد من تجاوز له فعلي يد القيادة الفردية.

- احترام برامج المنظمة و العمل على اجرأتها باعتبارها منطلق وجود العمل النقابي، و القيادة الفردية وحدها لا تعيرها أي اهتمام لكونها قد تتناقض مع مصالحها بقدر ما تنسجم مع مصالح الشغيلة.
- احترام مبادئ العمل النقابي التي يمكن اعتبارها الأساس الذي تقوم عليه النقابة المنتجة للعمل النقابي الصحيح.
- الحرص على نسج علاقة مبدئية مع المنظمات النقابية لأنه بدون الاحتكام إلى المبدئية فإن المنظمة يمكن أن تجر إلى تقديم التنازلات التي تتناقض مع مبدئيتها.
- العمل على توسيع عدة منظمات عن طريق إتاحة الفرصة أمام المنخرطين الجدد.
- استحضار إرادة أعضاء التنظيم الذين ساهموا في الهيكلة من قريب أو بعيد، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، و الذين يكونون مستعدين لتنفيذ جميع القرارات التي تتخذها الأجهزة التقريرية. و العمل بتوجيه القيادة الجماعية القاضية بتفعيل تلك المنظمة.
و للاستفادة من إيجابية القيادة الجماعية، فإن على أعضاء التنظيم أن يعتبروا أنفسهم امتدادا للقيادة الجماعية، و يترجموا كل مميزاتها في ممارستهم على مستوى التقرير و على مستوى التنفيذ سعيا إلى إحداث تحول في اتجاه جعل القيادة الجماعية ممارسة يومية في سلوك أعضاء التنظيم ليصير كل واحد منهم حاملا لمميزات القيادة الجماعية حتى يتحول التنظيم إلى إطار مبدئي مناضل من اجل تحسين الأوضاع المادية و المعنوية للشغيلة أو لعموم الجماهير الشعبية الكادحة التي تحن إلى إيجاد مناخ ملائم للتمتع بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تجد نفسها محرومة منها باستمرار.
و هكذا نجد أن القيادة الفردية إما أنها مجرد تكليف بمهمة في إطار الجماعة. و بالتالي فإنها جزء لا يتجزأ من القيادة الجماعية.وإما أنها تصور فلسفي التنظيم يجعل تلك القيادة تتحكم في مصير التنظيم ،توجهه لتحقيق أهداف تلك القيادة بعيدا عن الرغبة في تحسين الأوضاع المادية و المعنوية لعموم الجماهير الشعبية الكادحة.
كما نجد أن القيادة الجماعية هي الإطار الذي يستحضر توزيع المهام بين أعضائه، و يسعى إلى الالتزام بقوانين و قرارات المنظمة و يعمل باستمرار على تحسين الأوضاع المادية و المعنوية. و يطور أداء المنظمة في صفوف الجماهير المعنية بذلك الأداء، و يجعل أعضاء المنظمة يسعون إلى توسيع القاعدة باستمرار.
و العمل النقابي في المغرب تأرجح بين سيادة القيادة الفردية و القيادة الجماعية، مما جعله يتأرجح بين توظيفه لتحقيق أهداف القيادة الفردية كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد المغربي للشغل و سيادة القيادة الجماعية كما هو الشأن بالنسبة للك.د.ش في السنوات الأولى من تأسيسها قبل أن تقع تحت طائلة حزب معين دفع في اتجاه تحويل القيادة الجماعية إلى قيادة فردية. لتقبر القيادة الجماعية و بصفة نهائية بعد سنة 1984، لتدخل بذلك في تناقض بين التصور النقابي المرسوم منذ تأسيس الك.د.ش. و بين الممارسة التنظيمية على ارض الواقع. و لتتحول إلى مجال للصراع بين تيارات ذلك الحزب. و لتفرز من أحضانها تنظيما موازيا لذلك الحزب و تصير مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين خرج إلى الوجود ليعمل بدوره على أن تصير الك.د.ش. منظمة تابعة له.
و المفروض فيمن تبقى من المناضلين الحقيقيين المقتنعين بمبدئية العمل النقابي الصحيح أن يعملوا على إحياء مبدئية العمل النقابي باعتباره وسيلة لاعادة الاعتبار للقيادة الجماعية التي بدونها تبقى النقابة أداة في يد القائد يوظفها لتحقيق أهدافه الخاصة سواء تعلق الأمر بالاتحاد المغربي للشغل أو بالك.د.ش مادامت كل واحدة منهما تقع تحت طائلة القيادة الفردية المطلقة.
فما هي الوضعية التي تكون عليها القيادة في ظل القيادة الجماعية في حالة إعادة الاعتبار إليها ؟

وضعية النقابة في ظل القيادة الجماعية :
إن النقابة في ظل القيادة الجماعية لا يمكن أن تكون إلا منظمة ديمقراطية تقدمية جماهيرية مستقلة و وحدوية. تكون منفتحة على جماهير الشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة. و تقوم هيئاتها التقريرية بمراعاة إرادة الشغيلة في صياغة الملفات المطلبية، و وضع البرامج النضالية و اتخاذ المواقف الإيجابية في الوقت المناسب لجعل الشغيلة تستجيب لتلك المواقف، و تعمل على ممارسة الضغط لتحسين أوضاعها المادية و المعنوية، و تحرص على القيام بالمهام المنسوبة إليها. و تجتمع في الأوقات المحددة في الأنظمة الداخلية المركزية القطاعية، و تراقب الأجهزة التنفيذية و تحاسبها محاسبة فردية و جماعية. و تعمل على ممارسة النقد الذاتي على الهيئات القيادية و الأفراد القياديين في حالة ثبوت إخلالهم بالمهام الموكولة إليهم. و تعمل على إلزام المسؤولين النقابيين بعدم تجاوز ما هو مسطر لهم في الأنظمة الداخلية حفاظا على مبدئية النقابة و العمل النقابي، و سعيا إلى عدم تجاوز المهام بتحويل النقابة إلى إطار لخدمة المصالح الفردية للأعضاء القياديين. و تسعى تلك الأجهزة التقريرية إلى فرض قيام الأجهزة القيادية التنفيذية بالعمل على إشاعة الوعي النقابي الصحيح الذي هو الضمانة الوحيدة لجعل النقابة تملك قوة جذب الشغيلة إليها دونما حاجة إلى تعبئة الشغيلة في هذا الاتجاه. لأن العمل النقابي الناتج عن الوعي النقابي الصحيح كاف لجعل الشغيلة تقر بمصداقية النقابة و تنضم إليها.
و بالإضافة إلى ما ذكرنا فإن النقابة في ظل القيادة الجماعية تسعى باستمرار إلى تحريك الملف المطلبي لكافة شرائح الشغيلة، و تفعل البرنامج المطلبي و تجعل الشغيلة على بينة من مشاكلها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و على بينة من موقف النقابة من تلك المشاكل. و تعد الشغيلة على المدى القريب و المتوسط و البعيد لخوض النضالات المطلبية حتى يتم تحسين أوضاعها المادية و المعنوية، و تدخل من جديد في إعادة صياغة ملفها المطلبي حتى لا يفقد العمل النقابي ديناميته و حتى لا تضعف قدرة النقابة على تعبئة الشغيلة و قيادتها نحو الأفضل. و هو ما يجعل الشغيلة تدرك أهميتها و أهمية طليعتها بالنسبة إلى الجهات المشغلة، و بالنسبة إلى نفسها، و بالنسبة إلى المجتمع ككل. و هو ما يجعلها تملك وعيا آخر يختلف عن الوعي النقابي، انه الوعي الطبقي الصحيح الذي يفرض التفكير في أفق القضاء على الاستغلال المادي و المعنوي، و في آليات الوصول إلى ذلك، و عبر وسائط أخرى غير نقابية و بعيدا عنها. لأن النقابة مهما كانت صحيحة، فإنها لا تتجاوز حدود العمل على تحسين الأوضاع المادية و المعنوية و كل من يقول غير ذلك إنما يمارس التحريف و من بابه الواسع. و يجر النقابة إلى تقديم التنازلات السياسية التي ليس من حقها أن تقدمها، لأن ما هو سياسي ليس من مهمتها، و لأن المطالب السياسية جزء من المطالب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية المكونة للملف المطلبي الذي تدافع عليه النقابة و تناضل من اجله و تفاوض من اجل تحقيقه.
و لذلك فوضعية النقابة في ظل القيادة الجماعية تساعد على إنجاز عمل نقابي متقدم و متطور و مستقطب للشغيلة و مساعد على تحقيق المطالب المادية و المعنوية للشغيلة التي تصير مالكة للوعي النقابي الصحيح الذي يعتبر أساسا و منطلقا لامتلاك الوعي الطبقي الحقيقي.
و انطلاقا مما سبق فإن الوضعية النقابية في الإطارات النقابية القائمة الاتحاد المغربي للشغل و الك.د.ش تأرجحت جدلا بين أن تكون في خدمة مصالح الشغيلة كلما احترمت سيادة القيادة الجماعية في الإطارات النقابية المختلفة، و بين أن تتحول إلى خدمة مصالح القيادات الفردية. و من الضروري التمسك بالنضال من اجل سيادة القيادة الجماعية التي تعيد الاعتبار للعمل النقابي الصحيح في النقابتين المذكورتين حتى تلعب دورهما التاريخي . و سيعمل النقابيون المخلصون للشغيلة على إعادة الاعتبار لنضالية النقابتين معا وفاء للتضحيات العظيمة التي قدمها الشهيد عمر بنجلون في هذا الاتجاه.
و إذا كانت هذه هي وضعية النقابة في ظل سيادة القيادة الجماعية. فما مصيرها في ظل سيادة القيادة الفردية ؟

مصير النقابة في ظل القيادة الفردية :
لقد سبق أن وقفنا على مميزات القيادة الفردية التي لا ترى في العمل النقابي إلا وسيلة لخدمة و حماية مصالح الأفراد القياديين، و دون اعتبار لارادة الشغيلة. و لذلك نجد أن المصير الذي تعرفه النقابة في مسارها يتجسد في :
1) وقوعها تحت طائلة سيطرة القائد النقابي على الأجهزة التنفيذية و التقريرية، التي تتحول إلى مجرد وكالات لتلقي الشكايات و تحويلها إلى القائد النقابي الذي يوظفها لتحقيق الأهداف التي يرسمها، و لا رأي للأجهزة ، و لا للمنخرطين و لا للشغيلة التي ترغمها أوضاعها المادية و المعنوية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية على الحكم بإيجاد نقابة مخلصة تقودها للتخلص من تلك الأوضاع المتردية لتصير بذلك فريسة لسيادة القيادة الفردية.
2) تحولها بإرادة القائد إلى مجرد إطار تابع لحزب معين عن طريق حرص القائد على تركيز المنتمين إلى ذلك الحزب في الأجهزة التنفيذية التي تساهم في تكوين الأجهزة التقريرية الوطنية، لتفرض من خلالها القرارات المتناسبة مع برامج ذلك الحزب. و تعمل على جعل الأجهزة تقوم بتنفيذها حتى يستفيد منها حزب القائد النقابي من خلال توهم الشغيلة بوجود التطابق بين النقابة و الحزب و بين العمل النقابي و العمل الحزبي، و تعتقد أن العلاقة بين العمل النقابي و العمل السياسي لا تتم إلا من خلال العلاقة بين العمل النقابي و العمل الحزبي. و هذا الاعتقاد هو اكبر ممارسة تحريفية أصابت العمل النقابي في القرن العشرين، و هو تحريف لا مفر من مقاومته مقاومة شرسة من خلال مقاومة الخلط القائم في الطريقة التي يتم بها تكريس تبعية النقابة لحزب معين، و متجسدة في الظهور بمظهر المبدئية في اتخاذ القرارات.
3) جعل النقابة منظمة حزبية موازية للتنظيم الحزبي تعمل في المجال النقابي ليصير بسبب ذلك أعضاء الأجهزة يتلقون الأوامر بتنفيذ القرارات التي يتخذها الحزب في المجال النقابي. و دور الأجهزة النقابية يقتصر على التنفيذ لأن تلك الأجهزة نفسها لا تتجاوز أن تكون معينة من قبل الحزب استجابة لارادة القائد المعين من قبل الحزب أيضا. و النقابة عندما تصير منظمة حزبية على مستوى القيادة و على مستوى البرامج، و على مستوى التقرير و التنفيذ، و على مستوى التوجيه فإنها لا تعمل إلا على تحقيق الأهداف الحزبية التي تخدم مصلحة الحزب في توسيع قاعدته التي تلعب النقابة دورا أساسيا و مركزيا في عملية التوسيع تلك. لأن كل من التحق بالنقابة يعتبر ملتحقا بالحزب في نفس الوقت. و لذلك نرى أن مقاومة تحزيب النقابة سيبقى واردا لأنه يفوت على الشغيلة وجود منظمة نقابية مستقلة تعمل على قيادتها في اتجاه تحسين أوضاعها المادية و المعنوية.
4) تحويل النقابة و بقرار من القائد إلى إطار للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين عن طريق حشر الاتباع وراء الدعاية الوهم بتحول النقابة إلى إطار لقلب الأوضاع و تحقيق الثورة، لتأسيس حزب يتناسب مع حمولة هذا الوهم و لتصرف التصور المتناسب مع ذلك الوهم. و هذا الإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين هو الذي قاد إلى الصراع الذي حدث في الك.د.ض بين التوجه الذي يسعى إلى جعل الك.د.ش مجرد منظمة حزبية و بين التوجه الذي أراد الكونفيدرالية مجالا للإعداد والاستعداد لتأسيس حزب آخر قبل أن تنشطر الك.د.ش مع بداية القرن الواحد و العشرين إلى منظمتين إحداهما حزبية تحمل اسما آخر، و الأخرى هي الك.د.ش التي صارت مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين ليتحول ذلك الحزب إلى إطار يسعى إلي جعل الك.د.ش تابعة له عبر سيطرة المنتمين إليه على الأجهزة النقابية مما يعتبر خميرة لقيام صراع آخر لا ندري مداه، و لا انعكاسه على مصير الك.د.ش في ظل سيادة القيادة الفردية التي يستحيل معها احترام مبدئية الك.د.ش.
5) سيادة الإخلال بديمقراطية النقابة التي لم تعد واردة بسبب استبداد القائد النقابي بالتقرير و التنفيذ و التوجيه لتحقيق أهداف معينة، و بتقدمية النقابة التي لم تعد واردة بسبب الانفتاح على الأفكار و الممارسات الرجعية. كما يتجلى ذلك من خلال تحويل المقرات إلى مساجد في العديد من مناطق المغرب، و حتى على المستوى المركزي، مع أن مساجد الصلاة فارغة من المصلين.و تحول المداخلات و العروض النقابية إلى خطب دينية، و البرنامج النضالي إلى برنامج ديني. و هكذا و بجماهريته النقابية بسبب عدم اهتمام النقابة بمطالب الطبقة العاملة بالخصوص، و بسبب وصول القطاعات الخدماتية التي تعتمدها الك.د.ش أساسا في التنظيم النقابي الكونفيدرالي إلى مستوى من الأجور يجعلها تنصرف عن النضال النقابي إلى الاستثمار في عدة مجالات و هو ما يجعل التوسع في القاعدة النقابية يعرف تقلصا باستمرار، و باستقلالية المنظمة النقابية التي لم تعد واردة بسبب استبداد القياديين النقابيين على جميع المستويات التنظيمية الوطنية و الجهوية و الإقليمية و المحلية. و بسبب الحرص على جعل النقابة تابعة لحزب معين أو مجرد منظمة حزبية موازية، أو مجالا للأعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين، و بسبب غياب العمل الوحدوي في الممارسة النقابية الكونفيدرالية على مستوى المطالب العامة، و المطالب القطاعية، و على مستوى ربط العمل النقابي بالعمل السياسي الذي يؤدي إلى ربط العمل النقابي بالعمل الحزبي. و لذلك نرى ضرورة مواجهة الإخلال بمبدئية النقابة والعمل النقابي، نظرا لما يترتب عن ذلك الإخلال من مصائب و كوارث تلحق النقابة و تؤدي ضريبتها الشغيلة على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية.
6) الإخلال بالقوانين الأساسية و الأنظمة الداخلية للمركزية النقابية وللتنظيمات القطاعية ، الأمر الذي يجعل التنظيمات النقابية تنظيمات فوضوية لا تخضع لقوانين و لا ترتبط بضوابط محددة، كل مسؤول في تلك التنظيمات، و كل منخرط يفعل ما يشاء، لا أحد يراقب، و لا أحد يحاسب، المصلحة الفردية وحدها تتحكم في كل شيء بما في ذلك وجود الأجهزة نفسها. ارتباط الشغيلة بالنقابة تلعب دورا أساسيا في إذكاء المصلحة الفردية و دعمها، و إكساب الأفراد قوة التفاوض. و إذا كان الوجود النقابي قائما على وجود القانون الأساسي على الأقل كحد أدنى. فإن الممارسة النقابية على جميع المستويات التنظيمية لا توحي بذلك. لأن كل تنظيم محلي أو إقليمي أو جهوي أو وطني يفعل أفراده ما يشاؤون، و لا وجود لشيء اسمه الاحتكام إلى الأنظمة الداخلية، مع العلم أن هذه الأنظمة موجودة، و إذا لم تكن موجودة فإن في إمكان الأجهزة التقريرية الوطنية أن تعدها و أن تحرص على أجرأتها، حتى يعرف كل عضو و كل جهاز ما هي واجباته، و ما هي حقوقه، و كيف يتم تجاوز الخلافات و الاختلافات الحادة التي يستعصي تجاوزها بسهولة، و هذه الفوضى هي التي تنتج عدم إنجاز المهام النقابية المطلوبة، و هي التي تجعل الشغيلة تنفصل عن النقابة و عن العمل النقابي لبيان عدم جدواه بسبب فوضويته، و بسبب عدم قيام الأجهزة بدورها التنظيمي.
7) الإخلال بالمهام الموكولة إلى الأجهزة، و إلى المسؤولين في تلك الأجهزة، فكل جهاز يخبط خبط عشواء. و كل فرد في كل جهاز لا يفكر إلا في "من أين تؤكل الكتف" كما يقولون، فالمكتب التنفيذي المحلي و الإقليمي و الجهوي و الوطني القطاعي و المركزي لا ينجز المهام المنصوص عليها في الأنظمة الداخلية القطاعية و المركزية. فالمهام المنجزة هي مهام وليدة اللحظة، و ترتبط بالمصلحة الفردية أو بمصلحة الجهاز، أو بالأهداف التي يسعى القائد إلى تحقيقها سواء كانت تلك الأهداف فردية أو حزبية تسعى إلى تبعية النقابة للحزب، أو جعل النقابة مجرد منظمة حزبية، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب يجعل النقابة تابعة له أو مجرد منظمة حزبية، أو يكون رهن إشارة المنظمة النقابية.
و لذلك فالالتزام بالمهام الذي يقتضي احترام ما هو منصوص عليه في الأنظمة الداخلية، و ما هو متفق عليه في إطار الأجهزة المسؤولة، صار غير وارد في الممارسة النقابية إلا بقدر ما يخدم المصلحة الفردية أو الحزبية للقائد النقابي أو لأعضاء الأجهزة النقابية، و هو ما يعتبر معضلة تعاني منها النقابة و العمل النقابي، و المفروض أن ينكب النقابيون المخلصون على معالجتها.
8) الإخلال بالبرامج و القرارات النقابية التي لا تصير واردة في عرف و ممارسة القياديين و الأجهزة النقابية، لأن المفروض أن تكون تلك البرامج و القرارات مرجعا يمكن اعتماده لتحديد ما يجب عمله في مرحلة معينة. وبدل أن يكون الأمر كذلك، فإن البرامج و القرارات تكون وليدة اللحظة، و تسعى إلى خدمة الأهداف التي يحددها القائد النقابي التي لا علاقة لها بالبرامج و القرارات النقابية، و على جميع المستويات التنظيمية القطاعية و المركزية. و لذلك يجب على النقابيين المخلصين الإصرار على الالتزام بالبرامج والقرارات النقابية حتى تكون وتيرة الأداء النقابي في مستوى طموحات و تطلعات الشغيلة.
9) عدم إعطاء أهمية للتنسيق مع الإطارات الأخرى في المحطات التي تقتضي ذلك التنسيق الذي يعتبر تقدما و تطورا لأداء النقابات المختلفة في أفق تحقيق الوحدة النقابية. و إذا حصل هذا التنسيق فإنه يكون محكوما بخلفية التنسيق الحزبي الذي يعتبر ممارسة تحريفية تجب مقاومة ممارستها في الإطارات النقابية حتى يصير التنسيق مبدئيا، و أن لا يتم إلا مع الإطارات المبدئية حتى يتحول إلى وسيلة لقيام وحدة نقابية ميدانية بعيدا عن تعدد الإطارات النقابية المبدئية التي تساهم بشكل كبير في الحد من تأثير الإطارات اللامبدئية البيروقراطية أو التابعة لحزب معين، أو التي تعتبر منظمة حزبية موازية لتنظيم حزبي معين، أو مجرد مجال للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين. لأن تأثير الإطارات اللامبدئية يقف وراء نشر الوعي الزائف أو الوعي المقلوب الذي يحول دون وعي نقابي صحيح يمهد الطريق أمام سيادة العمل النقابي المبدئي.
و لذلك نجد أن وضعية النقابة في ظل القيادة الفردية لا يزداد إلا ترديا، نظرا لافتقاد الممارسة الديمقراطية. و لتحولها إلى منظمة رجعية، و لافتقادها القدرة على المد الجماهيري، و لعدم قيام الأجهزة بتكريس استقلالية النقابة، و لعدم سعي تلك الأجهزة إلى تحقيق الوحدة النقابية في الساحة النضالية، و لعدم الالتزام بالمهام الموكولة لكل جهاز، و لكل مسؤول نقابي، و لعدم الالتزام بالأنظمة الداخلية القطاعية و المركزية، و لعدم السعي إلى قيام تنسيق مبدئي، ومع النقابات المبدئية، و لتوظيف النقابة لتحقيق أهداف لا علاقة لها بالعمل النقابي الصحيح، و لا بالأهداف النقابية التي لا تخدم إلا مصلحة الشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة.
فما هي الوضعية التي عرفتها الك.د.ش في ظل القيادة الفردية، و في ظل القيادة الجماعية ؟

الك.د.ش. بين القيادة الفردية و القيادة الجماعية :
إن الحديث عن الوضعية التي عرفتها الك.د.ش في تاريخها يقتضي منا الإشارة إلى أن الك.د.ش لم تأت هكذا و برغبة ذاتية لشخص، أو لمجموعة من الأشخاص، أو لحزب معين أو لمجموعة من الأحزاب من اجل إيجاد تنظيم نقابي كرقم يضاف إلى بقية الأرقام، حتى يصبح لذلك الفرد أو لتلك المجموعة من الأفراد، أو لذلك الحزب أو لتلك المجموعة من الأحزاب نقابة تعتمد التوظيف من اجل تحقيق مصالح فردية أو حزبية كما هو حاصل بالنسبة للعديد من النقابات القائمة في الساحة الجماهيرية، بل إنها جاءت كضرورة تاريخية من جهة، و كضرورة موضوعية من جهة أخرى بعد النضالات المريرة ، و التضحيات الكبيرة التي قدمها المناضلون النقابيون المخلصون من اجل صيرورة الاتحاد المغربي للشغل منظمة نقابية مبدئية ديمقراطية و تقدمية و جماهيرية و مستقلة و وحدوية، و بسبب تفاحش الممارسة البيروقراطية في أجهزة الاتحاد المغربي للشغل و في نسيجه التنظيمي بسبب تسخير الأجهزة النقابية و العمل النقابي لخدمة المصالح الفردية. و لحماية تلك المصالح، سعى أولئك المناضلون، و في مقدمتهم الشهيد عمر بنجلون، و منذ سنة 1965 إلى إيجاد تنظيمات نقابية مبدئية موازية للاتحاد المغربي للشغل لا من اجل أن تصير في خدمة الأفراد القياديين، و لا من اجل أن تكون في خدمة الاستقطاب الحزبي الفج، بل من اجل أن تكون في خدمة الشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة، و من اجل أن تعمل على تحسين أوضاعها المادية و المعنوية و جعلها تمتلك وعيها النقابي الصحيح، و تساهم بشكل كبير في امتلاك الوعي الطبقي الحقيقي. و لذلك كانت التنظيمات التي ساهمت في تأسيس الك.د.ش تنظيمات قاعدية تسعى إلى تحقيق ارتباط الشغيلة بالعمل النقابي، قائمة على الديمقراطية في الاختيار الحر و النزيه للبرامج و القرارات و الأجهزة، تقدمية تسعى إلى تغيير أوضاع الشغيلة إلى الأحسن، جماهيرية تحرص على أن تكون مفتوحة أمام جميع شرائح الشغيلة، و أمام الطبقة العاملة في كل مواقع الإنتاج، و مستقلة غير مرتبطة و لا موجهة من قبل الطبقة الحاكمة، و لا من قبل أي حزب حتى و إن كان ذلك الحزب تقدميا، و وحدوية تسعى إلى تكريس وحدة العمل النقابي في صفوف الشغيلة، و على ارض الواقع و تنسق في أفق ذلك مع الإطارات التي تحترم مبدئية التنسيق.
و لذلك نجد أن الك.د.ش لما تأسست تأسست لتكون منظمة ديمقراطية تقدمية جماهيرية مستقلة، و وحدوية و بقيادة جماعية يحترم كل عضو فيها المهام التي تسند إليه، لا يتجاوزها إلا بتكليف جديد أو بمهمة جديدة. و إذا كانت هناك مبادرة فردية يقوم بها أي عضو في القيادة فلأجل دعم و تقوية مبدأ القيادة الجماعية في تدبير الشأن النقابي و جعله في خدمة الشغيلة.
و بهذا الفهم و هذا المنظور المتقدم و المتطور تأسست النقابات الوطنية، و النقابات المحلية التي تجمعت فيما بينها ابتداء من 1965 و خلال السبعينيات لتؤسس الك.د.ش في أواخر نونبر 1978. و بهذا الفهم، و هذا التصور انعقد المؤتمر التأسيسي للك.د.ش، و به قادت الك.د.ش نضالات الشغيلة القطاعية و المركزية خلال 1979 و 1980، و 1981 إلى أن تم اعتقال القيادة الكونفيدرالية، و العديد من التنظيمات القطاعية و الكثير من المناضلين الكونفيدراليين، و توقيفهم عن العمل و طردهم من أعمالهم لتزداد بذلك الك.د.ش إشعاعا على المستوى الوطني و الدولي في صفوف المنتظمات الدولية، و في صفوف الشغيلة التي ازدادت ارتباطا بالك.د.ش. و هذا الارتباط جعل المسؤولين يفرضون حظرا على تشغيل المقرات الكونفيدرالية خلال سنوات 1981 – 1982 – 1983 – 1984 لتدخل القيادات في المطالبة بإلغاء الأحكام التي صدرت في حق العديد من الكونفيدراليين و إرجاع الموقوفين و المطرودين إلى أعمالهم، و إعادة فتح المقرات النقابية إلى جانب احترام الحريات السياسية. و في ظل هذه الوضعية التي عاشتها الك.د.ش منذ التأسيس و إلى ما بعد 1984 كانت القيادة الجماعية للكونفيدرالية وفية للشغيلة قطاعيا و مركزيا. و هو ما جعل الشغيلة ترتبط بالك.د.ش و ترتبط بها و تدعم نضالاتها، و تساند ضحاياها المعتقلين و الموقوفين و المطرودين على مدى سنوات الحصار التي فرضتها الطبقة الحاكمة على الك.د.ش. و هو ما خلق تماسكا منقطع النظير بين الكونفيدراليين. غير أن ما وقع في 8 ماي 1983 في إطار الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، و الذي كانت نتيجته اعتقال أربعة و ثلاثين مناضلا حزبيا، ترى القيادة الحزبية حين ذاك انهم يعرقلون توجهها القاضي بالتناغم مع الطبقة الحاكمة، و التعامل معها على أساس تقديم التنازلات، أدى إلى قيام تنظيم سمي حينذاك ب"الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – اللجنة الإدارية" و الذي جمع اللجنة المركزية التي اتخذت قرارا بطرد المكتب السياسي من الحزب، هذا التنظيم الذي صار يعرف فيما بعد بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. و موازاة مع هذا التحول في وضعية الحزب الذي تحول إلى حزبين يختلف خط كل واحد منهما : حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية-اللجنة الإدارية الذي يتبنى الخط النضالي الديمقراطي، و حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية- المكتب السياسي الذي يتبنى الخط الانتخابي، عرفت الك.د.ش شروعا في التحول، و في منهجية العمل، و في طبيعة القيادة، و في البرامج، و في الأهداف المرسومة على المستوى الكونفيدرالي، و في منظور التنسيق، و في الأولويات. و بالتالي، و نظرا لطبيعة الشرائح المنتظمة في الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، فإن التنظيمات الكونفيدرالية القطاعية و المركزية كانت اكثر استجابة للتحول الذي طرأ في صفوف الاتحاد الاشتراكي الذي أدى إلى إفراز منظورين مختلفين للعمل النقابي في صفوف الك.د.ش منظور يراهن على الكم و منظور يراهن على الكيف.
فالمنظور الذي يراهن على الكم هو منظور الاتحاد الاشتراكي المكتب السياسي الذي استقطب إلى صفوفه و من خلال الك.د.ش و بسبب الآلة الإعلامية التي يوظفها لهذه الغاية، و الذي يستطيع السيطرة على الأجهزة الكونفيدرالية، و التحكم فيها. و أصحاب هذا المنظور سعوا إلى تحويل القيادة الجماعية إلى قيادة فردية، و عملوا على تغييب مبدئية التنظيمات الكونفيدرالية القطاعية و المركزية، و أخلوا بالمهام و بالبرامج. و أصبحت بسبب سيطرتهم على الأجهزة الكونفيدرالية، وسيلة لتحويل النقابة إلى منظمة تابعة للاتحاد الاشتراكي المكتب السياسي، في أفق تحويلها إلى نظام حزبي موازي للتنظيم الحزبي يهتم بالشؤون النقابية من اجل جعل النقابة وسيلة ناجعة للاستقطاب الحزبي حتى يصير الاتحاد الاشتراكي المكتب السياسي مكتسحا لجميع القطاعات و قوة انتخابية قادرة على امتلاك أغلبية أعضاء مجلس النواب، و متمكنة من السيطرة على مكاتب المجالس المحلية و الإقليمية و الجهوية، و مجلس المستشارين. أما الشغيلة بالنسبة إلى هذا المنظور فإنها ليست إلا وسيلة للوصول إلى مختلف المجالس التي تنقل الحزب إلى ممارسة مختلف المسؤوليات الجماعية التي تتوج بالمسؤوليات البرلمانية ثم الحكومية، و هو ما حصل فعلا مع مجيء حكومة التناوب المخزني السابقة و التي كان يقودها الاتحاد الاشتراكي.
و بالنسبة للمنظور الثاني فإنه يعتبر امتدادا للخط النضالي الديمقراطي فإنه يسعى إلى المحافظة على تكريس القيادة الجماعية للك.د.ش قطاعيا و مركزيا. و يرى أن الك.د.ش لا يمكن أن تقوم بدورها في صفوف الشغيلة إلا إذا كانت مبدئية، ديمقراطية و تقدمية و جماهيرية و استقلالية و وحدوية. و أن المحافظة على مبدئية الك.د.ش هي مهمة جميع المناضلين المخلصين للعمل النقابي الصحيح في إطار الكونفيدرالية، و يرى منظور الخط النضالي الديمقراطي أن العمل الكونفيدرالي رهين بإرادة الكونفيدراليين المعبرين عن إرادة الشغيلة و من خلال الأجهزة التقريرية الكونفيدرالية. و المقتنعون بهذا الإطار لا يقدسونه بقدر ما يخلصون للعمل فيه، و يحترمون مبادئه، و لا يغيرون الإطار بقدر ما يسعون إلى تصحيح العمل النقابي فيه إذا حصل فيه انحراف، و يقاومون تسرب الممارسة البيروقراطية إلى الأجهزة التنفيذية، و يعملون على عدم تحويل النقابة إلى منظمة تابعة لحزب معين، أو مجرد منظمة حزبية موازية للتنظيم الحزبي تعمل في المجال النقابي من اجل استقطاب الشغيلة إلى حزب معين يتحول إلى متحكم، و موجه لعمل الأجهزة النقابية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. و يسعون باستمرار و من خلال الإطارات الكونفيدرالية إلى جعل الشغيلة تمتلك الوعي النقابي الصحيح الذي يؤهلها لامتلاك الوعي الطبقي الضامن الأساسي لرفع وتيرة العمل النقابي في صفوف الشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة، و يحرصون على أن تلعب الك.د.ش دورا رائدا في تحسين الأوضاع المادية و المعنوية للشغيلة حتى تطمئن على وضعيتها و على مستقبلها و مستقبل أبنائها.
و الخط النضالي الديمقراطي عندما يهيئ مناضليه لامتلاك التصور الذي استعرضناه، فإنه يحرص على ربط العمل النقابي بالعمل السياسي، و يرفض ربط العمل النقابي بالعمل الحزبي، نظرا للأضرار التحريفية التي تلحق العمل النقابي بسبب ذلك. و يعتبر أن العمل النقابي من الآليات التي توظف لتحقيق الديمقراطية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و قوة دافعة في تحقيق الديمقراطية من الشعب و إلى الشعب، إلى جانب آليات أخرى يمكن تفعيلها في هذا الاتجاه.
و التصوران يتصارعان داخل التنظيمات الكونفيدرالية منذ سنة 1985 بسبب حرص القيادة الكونفيدرالية حينذاك على أن تتحول القيادة الجماعية إلى قيادة فردية، و التخلي عن احترام مبدئية الكونفيدرالية، و عدم الالتزام بالمهام الموكولة إلى الأجهزة المختلفة. و القبول بتبعية النقابة لحزب معين، و التنسيق مع نقابة غير مبدئية، و لكون ذلك التنسيق امتدادا للتنسيق الحزبي. و قد أدت هيمنة التصور الأول داخل الكونفيدرالية إلى القبول بالأمر الواقع و تكريس القيادة الفردية المطلقة على المستوى المركزي و على مستوى بعض القطاعات. و هو ما انتج صراعا داخل التصور الأول الذي ينقسم إلى تيارين متناقضين على المستوى الحزبي، يسعى كل تيار منهما إلى الانفراد بالقيادة الفردية على المستوى المركزي، و على مستوى العديد من القطاعات الكونفيدرالية ليحسم ذلك الصراع عن طريق نفي كل طرف للآخر حسب ميزان قوى كل طرف في هذا القطاع أو ذاك و على المستوى المركزي. و قد أدى ذلك الصراع الذي بلغ حد التناحر إلى إفراز نقابتين تحريفيتين ، نقابة حزبية تعمل انطلاقا من القرارات التي تتخذ داخل حزب معين و هي نقابة ف-د-ش و نقابة اعتبرت في حينه مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين و هي نقابة ك.د.ش ليعود الصراع بعد ذلك إلى ما كان عليه بين التوجه الساعي إلى تكريس القيادة الفردية المطلقة، و بين توجه الخط النضالي الديمقراطي، و هذا الصراع لا يتجاوز أن يكون ديمقراطيا يحاول الجمع بين الالتزام بالمبادئ و البرامج الكونفيدرالية، و بين الإخلال بتلك المبادئ و البرامج، بين الظهور بمظهر القيادة الجماعية و بسط القيادة الفردية المطلقة، و إعطائها مشروعية قوة القانون، و سيستمر النضال داخل الك.د.ش وعلى جميع المستويات المشار إليها في هذا الاتجاه. و إلا فإن الك.د.ش ستجد نفسها يوما، مجرد نقابة صورية، لا تمثل إلا نفسها. و حتى لا تتحول إلى ذلك يجب تطهير اجهزتها من المرتزقة و الأصوليين والانتهازيين الذين صاروا يتصرفون و كأن الك.د.ِش تتجسد فيهم، و انه بدونهم لن تقوم للك.د.ِش قائمة، فهم الفيروس الذي ينخر عظم الك.د.ش و يجعلها غير قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها آنيا و مستقبليا. و نحن لا نشك قيد أنملة أن الإخلاص إلى العمل النقابي الصحيح هو الضامن لحماية الك.د.ش من مختلف الأمراض التحريفية التي تتوالد باستمرار.
فهل يعمل الفوسفاطيون على تطهير النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط المنضوية تحت لواء الك.د.ش من الأمراض التحريفية حتى تنسجم مع الطبيعة الديمقراطية للطبقة العاملة الفوسفاطية ؟

النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط و تكريس مبدأ القيادة الفردية :
إن الأصل في أي تنظيم نقابي كونفيدرالي قطاعي أن يتأسس على مبادئ الك.د.ش المعروفة. و بالتالي فإن التنظيم القطاعي الكونفيدالي لا يمكن أن يكون إلا ديمقراطيا تقدميا جماهيريا مستقلا و وحدويا، و بقيادة جماعية لا يمكن أن تقود الك.د.ش إلا في أفق خدمة مصالح الشغيلة القطاعية التي تزداد بسبب ذلك ارتباطا بالتنظيم القطاعي الكونفيدرالي.
و لذلك فتأسيس النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط كان قائما في البداية على مبادئ الك.د.ش. و يسير بواسطة القيادة الجماعية، و يعمل على تحقيق مطالب الشغيلة الفوسفاطية. و هو ما جعل هذه الشغيلة ترتبط بك.د.ش. و بالنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، فتتأسس فروعها في جميع المواقع الفوسفاطية، و ينسحب عمال الفوسفاط و مستخدموه من جميع النقابات ليلتحقوا بصفوف النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط التي صارت حينها اكبر تنظيم و أقواه في صفوف الفوسفاطيين. و هذا التنظيم هو الذي حول التنظيمات القطاعية الفوسفاطية إلى تنظيمات أقزام لا تستطيع مجاراة النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، لأنها ليست مبدئية، و لا تخدم إلا المصالح الفردية أو الحزبية حينذاك. و الشغيلة بالنسبة إليها ليست إلا معبرا لتحقيق تلك المصالح ليس إلا. كما هو الشأن بالنسبة للتنظيم النقابي القطاعي الفوسفاطي التابع للاتحاد المغربي للشغل أو التابع للاتحاد العام للشغالين بالمغرب.
و بهذا المنظور للعمل النقابي الصحيح ساهمت النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط إلى جانب النقابات الوطنية في تأسيس الك.د.ش في أواخر نونبر 1978 لتصير أول مركزية نقابية مبدئية و بقيادة جماعية لتأطير نضالات الشغيلة المطلبية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية.
غير أن النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط التي قدمت الكثير من الضحايا المعتقلين، و الموقوفين، و المطرودين كباقي النقابات الوطنية الأخرى بسبب انتماء أولئك الضحايا إلى التنظيمات الكونفيدرالية و القطاعية و المركزية بمن فيهم أعضاء من المكتب التنفيذي عرفت هي أيضا نفس التحول الذي عرفته العديد من القطاعات بعد محطة 8 ماي 1983 حيث صار النزوع في اتجاه تكريس القيادة الفردية بدل القيادة الجماعية، و عدم احترام المبادئ التي قامت عليها النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط. و توظيف النقابة لخدمة مصالح الحزب الذي ينتمي إليه القائد الكونفيدرالي عن طريق نقابة تابعة له، أو تنظيما حزبيا موازيا، او مجالا للأعداد و الاستعداد لتأسيس تنظيم حزبي معين. و بذلك صارت النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط تحت طائلة القيادة الفردية الموجهة حزبيا، و صار القائد النقابي الفوسفاطي يتصرف في شؤون النقابة و كأنها منظمة حزبية من جهة، أو كأنها ملك له من جهة أخرى. و صارت تعتبر منطلقا لفرض القيادة الفردية في مجموعة من القطاعات الكونفيدرالية، و مثالا يقتدى به في تحويل النقابة إلى منظمة تابعة لحزب القائد الفوسفاطي ، أو منظمة حزبية موازية. و كنتيجة لذلك كانت النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط أول تنظيم قطاعي ينتقل إليه الصراع الداخلي الذي عرفه الاتحاد الاشتراكي بين تيارين مختلفين يعتقد كل منهما بريادة القيادة الفردية، ليحسم ذلك باتخاذ القيادة الكونفيدرالية التي تقع بين أيدي المتقاعدين لقرار بحرمان المتقاعدين من تحمل مسؤولية اللجنة الإدارية في مختلف القطاعات انطلاقا من النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط لتدخل النقابة في دوامة البحث عن الشرعية التنظيمية و عن المشروعية الكونفيدرالية لوقوعها بين أيدي القيادة الفردية المخالفة للقيادة الفردية الكونفيدرالية، فتضطر النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط الى تغيير الاسم حتى تكتسب الشرعية التنظيمية فاقدة بذلك المشروعية الكونفيدرالية. و لتكون أول تنظيم ينسلخ عن الكونفيدرالية بسبب نرجسية القيادة الفردية سواء تعلق الأمر بالقاعدة الكونفيدرالية او بقيادة النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط التي لم تعد تقدمية و ديمقراطية و جماهيرية و مستقلة، كما لم تعد قيادتها جماعية، و لتصير الك.د.ش بدون نقابة وطنية لعمال الفوسفاط. فتعمل على عقد مؤتمر استثنائي بمدينة خريبكة، حشر له المؤتمرون من كل حدب و صوب، من قطاع الفوسفاط و من خارجه، و بتوجيه حزبي نقيض للتوجه الحزبي القيادة الفوسفاطية الفردية السابقة، و ليفرز المؤتمر قيادة فردية جديدة، و بولاء مطلق للقيادة الفردية الكونفيدرالية، و من منطلق أن القيادة الفردية تقتضي ذلك، و أن النضال من اجل الديمقراطية داخل النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط يقتضي وجود النقابة أولا، بقطع النظر عن كونها مبدئية أو غير مبدئية. و بقطع النظر عن كونها قيادة فردية أو قيادة جماعية. لأن المهم هو أن توجد النقابة، و أن تعمل تحت إشراف الك.د.ش. و بذلك يكون غياب الديمقراطية الداخلية بصفة خاصة، و غياب المبدئية بصفة عامة في التنظيمات الكونفيدرالية سببا في بداية انفراز تنظيمات نقابية من جسد الكونفيدرالية و متناقضة مع توجه قيادتها، وصولا إلى تعميم ذلك الانفراز في جميع القطاعات الكونفيدرالية. و لتتأسس بعد ذلك نقابة مركزية أخرى تساهم في تمزيق جسد الشغيلة، و طليعتها الطبقة العاملة، و تكريس حزبية النقابة بامتياز و تناضل من اجل جعل النقابة مجالا للاستقطاب الحزبي ليس إلا.
و النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط التي قامت في صيغتها الجديدة كما تصورتها القيادة الفردية الكونفيدرالية، تسعى إلى حشر الشغيلة الفوسفاطية وراءها، و تعمل على الحفاظ على وتيرة الأداء النقابي الكونفيدرالي في قطاع الفوسفاط، إلا أن هذا التنظيم وجد نفسه محاصرا بمجموعة من التحولات التي عرفها المغرب، و التي من جملتها الإعداد و الاستعداد لمجيء حكومة التناوب، و قيام هذه الحكومة، و قيام القيادة الفردية للكونفيدرالية بقيادة حملة لصالحها من أجل إجراء الاوراش الكونفيدرالية على المستوى الوطني، و التي جند فيها الكونفيدراليون على جميع المستويات التنظيمية القطاعية و المركزية، لتكريس تبعية النقابة للحزب بامتياز، و لبيان أن النقابة هي الوسيلة المثلى لتحقيق الأهداف الحزبية.
و إذا كانت النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط التابعة للك.د.ش. عرفت نفس المسار الذي عرفته باقي القطاعات الكونفيدرالية مع الاختلاف في نسبة الصراع و حدته، فإن انعقاد المؤتمر الوطني للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط خلال سنة 2004، و بدل أن يكون هذا المؤتمر مناسبة لاستعادة مبدئية النقابة، و تكريس القيادة الجماعية. فإن هذا المؤتمر صار مناسبة لتكريس القيادة الفردية المطلقة عن طريق المصادقة على المرشح الوحيد للكتابة العامة كما حصل في المؤتمر الكونفيدرالي في مدينة العيون، و قبله في الدار البيضاء، ليختار بعد ذلك أعضاء المكتب الوطني بمعرفته من بين مؤتمري الأقاليم كل إقليم على حدة. لتبقى النقابة بدون لجنة إدارية و بمكتب وطني كاتبه العام مصادق عليه من قبل المؤتمر و أعضاء اختارهم الكاتب العام بمعرفته من بين مؤتمري الأقاليم. ألا يعني هذا تكريسا للقيادة الفردية، و شرعنة هذه القيادة ؟ ألا يعني تكريس تبعية النقابة لحزب خارج من جسد الك.د.ش. ؟ ألا يعني إقبار مبدئية الك.د.ش ؟ و ما هي الأسباب التي وقفت وراء تكريس عودة القيادة الفردية إلى الك.د.ش بعدما عمل الكونفيدراليون على محاربتها في الاتحاد المغربي للشغل قبل تأسيس النقابات الوطنية التي ساهمت في تأسيس الك.د.ش كمنظمة نقابية مبدئية و بقيادة جماعية ؟ ألا يعني عودة القيادة الفردية إلى النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط عودة الى الانفراد بالنقابة و توظيفها لتحقيق أهداف فردية، أو حزبية ؟ إنها أسئلة تهدف إلى تسليط الاضواء على الذي يحدث في التنظيمات الكونفيدرالية، حتى يتبين ما العمل من اجل عودة المبدئية إلى العمل الكونفيدرالي، و من اجل إعادة الاعتبار للقيادة الجماعية.

أسباب عودة القيادة الفردية إلى النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط :
إن نظرة سريعة إلى الوراء، أي ما بعد 8 ماي 1983 سنجد أن الممارسة النقابية العامة في الإطارات الكونفيدرالية صارت محكومة بربط العمل النقابي بالعمل الحزبي بدل ربط العمل النقابي بالعمل السياسي. و هو ما يعني العمل على جعل الإطارات الكونفيدرالية تابعة لحزب معين، أو تنظيما موازيا لذلك الحزب حتى يفوت ذلك الفرصة عن أن تستمر الك.د.ش في إنتاج الممارسة النقابية الصحيحة الخالية من كل أشكال التحريف، و من منطلق التشبع بالوعي النقابي الصحيح الذي يعتبر شرطا في بداية امتلاك الشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة للوعي الطبقي الحقيقي. و يرجع ذلك إلى :
1) الحسم مع التصور التنظيمي الذي صاحب تأسيس الك.د.ش و الذي لعب دورا كبيرا في جعل الشغيلة تلتحم بالك.د.ش. و تنتظم في إطاراتها، لأن ذلك التصور يقطع الطريق أمام تحقيق أهداف القيادة الفردية و الحزبية، و يعيد الاعتبار إلى العمل النقابي الصحيح و يقف وراء امتلاك الشغيلة و الطبقة العاملة لوعيها الطبقي الحقيقي انطلاقا من امتلاك الوعي النقابي الصحيح. و الحسم مع هذا التصور لا يعني إلا جعل الك.د.ش و النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط المنضوية تحت لوائها في خدمة الأهداف الفردية و الحزبية على حد سواء. و نظرا للطبيعة البورجوازية الصغرى لحزب القائد و التي تفتقر الى الوضوح الأيديولوجي و البرنامجي و التنظيمي و السياسي مما يجعل المنتمين إلى هذا الحزب يلجأون إلى كل الوسائل لتحقيق التطلعات البورجوازية الصغرى بما في ذلك استغلال القيادة الفردية للك.د.ش. و النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط.
2) التخلي عن ديمقراطية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط كامتداد للتخلي عن ديمقراطية الك.د.ش. لأن السعي إلى فرض القيادة الفردية و تكريس تلك القيادة، حتى و إن كان بواجهة ديمقراطية كما حصل في مؤتمر 2004 للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، فإنه لا يمكن أن يسعى إلى تكريس الديمقراطية. فالديمقراطية إذا لم تكن نابعة من الشغيلة الفوسفاطية، و إذا لم تسع إلى التعبير عن إرادة منخرطي النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بعد امتلاكهم للوعي النقابي الحقيقي الذي يأتي نتيجة لسيادة العمل النقابي الصحيح الذي ينتج مبدئية النقابة، فإنها تتحول إلى ديمقراطية الواجهة التي تنتجها المؤسسة المخزنية، و تستتر وراءها الطبقة الحاكمة. و الذي يخافه الكونفيدراليون بصفة عامة. و عمال الفوسفاط المنخرطون في العمل النقابي الكونفيدرالي أن يصير ما حصل في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط مجرد ديمقراطية للواجهة التي تخفي وراءها استبداد القائد بالتقرير و التنفيذ و اختيار الأجهزة و فبركتها على هواه حتى يتحول العمل النقابي في إطار الأجهزة النقابية في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط إلى وسيلة لجعل النقابة تابعة لحزب معين، أو مجرد منظمة حزبية موازية، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين، أو لخدمة المصالح الفردية للقائد النقابي للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، أو لأعضاء الأجهزة النقابية المحلية و الإقليمية و الجهوية و الوطنية . لأن تكريس ديمقراطية الواجهة في العمل النقابي، و في النقابة لا يكون إلا لحاجة في نفس يعقوب. و لا يأتي إلا على أنقاض الممارسة الديمقراطية الحقيقية داخل إطارات النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و في علاقة هذه النقابة بالعمال و بباقي الإطارات الديمقراطية الداخلية للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط حتى تنخرط هذه النقابة بديمقراطيتها في النضال الديمقراطي العام.
3) التخلي عن تقدمية الممارسة النقابية التقدمية في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط. لأن النقابة إما أن تكون تقدمية حاملة للوعي النقابي الصحيح الذي يعتبر مقدمة لامتلاك الوعي الطبقي الحقيقي، و منتجة للممارسة النقابية التقدمية المجسدة لذلك الوعي، و المحققة لوحدة الطبقة العاملة الفوسفاطية، و قائدة لنضالاتها، و إما أن لا تكون. لأنها حينها تتحول إلى شيء آخر لا يحمل من النقابة إلا الاسم و الغاية من التخلي عن تقدمية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط تتمثل في إبعاد الشغيلة عن امتلاك الوعي النقابي الصحيح الذي يعدها للارتباط بالنقابة التي تقود نضالاتها المطلبية في أفق تحسين أوضاعها المادية و المعنوية، و تحقيق وحدتها النضالية، و تنمية الشعور الطبقي عندها على أن تنخرط في أشكال الصراع الطبقي الأخرى. و خاصة منها الثقافية و السياسية، و ربط النضال النقابي الخاص بالنضال السياسي العام. و بقاء الشغيلة بدون امتلاك الوعي النقابي الصحيح يجعلها تقف منتظرة ما يريده القائد، و ما يسعى إليه، و ما يرجو تحقيقه من وراء القيادة الفردية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط. و لذلك نجد أن عمل النقابيين من اجل استعادة تقدمية النقابية الوطنية لعمال الفوسفاط اصبح شرطا لاستمرار هذه النقابة قوية في صفوف الفوسفاطيين من اجل محاربة الفكر الخرافي المتخلف الذي انتشر بشكل مهول في صفوف الشغيلة الفوسفاطية . و من اجل استئصال الممارسة البورجوازية الصغرى التي صارت تطبع مسلكيات أفراد الشغيلة الفوسفاطية الذين صاروا يسعون وراء تحقيق المصالح الفردية على حساب كرامتهم، و وحدتهم التنظيمية و المطلبية. و من اجل محاربة كل أشكال التمزيق والتشرذم التي يتعرض لها الفوسفاطيون حتى تعود النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، منظمة قوية و فاعلة و مكرسة للعمل النقابي التقدمي، و ناشرة للوعي النقابي الصحيح.
4) التخلي عن جماهيرية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط و السعي إلى جعلها تابعة لحزب معين، أو مجرد منظمة نقابية لا ينتظم فيها إلا من يقبل بتوجيه حزب معين للعمل النقابي، أو من ينتظم في ذلك الحزب. لأن جعل النقابة تابعة لحزب معين، تعمل انطلاقا من توجيه ذلك الحزب، أو جعلها مجرد منظمة حزبية يؤدي بالضرورة إلى تقليص عدد المنخرطين في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط ، و عدد المستجيبين للانخراط في النضالات المطلبية التي تقودها. و قد يقول قائل : و لماذا تحصل الك.د.ش على اكبر تمثيلية في اللجان المتساوية الأعضاء ؟ و لماذا تحصل النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط على الرتبة الأولى في تمثيلية العمال أمام الإدارة ؟ فنقول له بكل بساطة : إن التراكم النضالي الذي حققته الك.د.ش في تاريخها الطويل الضارب في عمق نضالات الشعب المغربي سيبقى مؤثرا و إلى أمد مستقبلي بعيد على جعل الك.د.ش تحتل المرتبة الأولى، و في جعل النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط كذلك. و المحافظة على تأثير التراكم النضالي لا يأتي من خلال التخلي عن جماهيرية النقابة، بقدر ما يأتي من خلال المحافظة على تلك الجماهيرية عن طريق جعل النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط منظمة ديمقراطية و تقدمية و جماهيرية و مستقلة ، و عن طريق وضع حد للقيادة الفردية التي تجعل المنظمة تابعة لحزب معين، أو مجرد منظمة حزبية موازية لذلك الحزب. و عن طريق المحافظة على القيادة الجماعية التي تعتبر مدخلا لاشاعة مبدئية النقابة، و ممارسة العمل النقابي الصحيح. و بذلك نحافظ على تأثير التراكم النضالي للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و نغني ذلك التراكم بإضافات أخرى تترجم جماهيرية النقابة على المدى البعيد.
5) العمل على إلغاء استقلالية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط يجعلها تابعة لحزب معين، أو مجرد منظمة حزبية. فالاستقلالية بالنسبة للتنظيمات الكونفيدرالية تعتبر مسألة مركزية في قيام تلك التنظيمات، و المحافظة على تلك الاستقلالية من خلال الممارسة التنظيمية تعتبر أيضا مسألة مركزية. لأن النقابة عندما لا تكون مستقلة تصير منظمة في يد القائد النقابي، يوظفها لخدمة مصالحه البيروقراطية، أو يجعلها تابعة لحزبه توجيها و تقريرا و تنفيذا، أو يجعلها منظمة حزبية موازية لتنظيمه، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين. و لذلك فاستقلالية النقابة عن إرادة القائد، أو عن حزبه يقتضي إعادة الاعتبار للعمل النقابي الصحيح في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و العمل على نشر الوعي النقابي الصحيح و إعادة الاعتبار للقيادة الجماعية، و للمحاسبة الفردية و الجماعية، و للتصور التنظيمي المبدئي حتى تتحصن النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط من تحولها إلى منظمة خالية من كل أشكال التحريف الناجمة عن التخلي عن استقلاليتها.
6) الإعراض عن وحدوية العمل النقابي في صفوف الطبقة العاملة الفوسفاطية. لأنه عندما تتحول النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط إلى إطار يتحكم فيه القائد النقابي في قطاع الفوسفاط الكونفيدرالي، أو إلى منظمة تابعة لحزب معين، أو مجرد تنظيم مواز لذلك الحزب، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين. فإن اهتمامها بوحدة الملف المطلبي للشغيلة الفوسفاطية، و بوحدة انخراط تلك الشغيلة من اجل تحقيق مطالبها المادية و المعنوية. و بالتنسيق مع الإطارات التي تحترم مبدئية التنسيق يصبح غير وارد بقدر ما يحرص القائد على جعل البرامج و النضالات المطلبية تخدم مصالحه أو مصالح الحزب الذي ينتمي إليه على جميع المستويات التنظيمية.
و لذلك نرى ضرورة الإصرار على مبدئية التنظيم النقابي و ضرورة القيادة الجماعية و العمل النضالي الوحدوي على جميع المستويات البرنامجية و المطلبية، و النضالية و التنسيقية المبدئية حتى لا تصير النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط مجرد أداة في يد القائد يفعل بها ما يشاء، يوظفها لخدمة مصالحه، أو يجعلها تابعة لحزبه أو مجرد منظمة حزبية موازية لذلك الحزب أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين. حتى تبقى وحدوية النقابة و العمل النقابي حاضرة في ممارسة المناضلين في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و حتى تتحصن بتلك الوحدوية من كل أشكال التحريف التي تستبيح النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط أو قد تستبيحها مستقبلا تحت يافطة الانضباط لإرادة القائد النقابي و دون إعمال للفكر فيما يقرره هذا القائد النقابي.
7) التنصل من توزيع المهام التي كانت تقتضيها القيادة الجماعية في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و مركزتها بين يدي القائد، لأن توزيع المهام هو المقياس الذي تحتكم إليه في تكريس مبدئية النقابة، و مبدئية القيادة الجماعية. فكلمة القائد النقابي ليست إلا مهمة من المهام التي يتكلف بإنجازها كل عضو من أعضاء القيادة الجماعية، الذين قد يكلف كل واحد منهم بمهمة معينة على أن يلتزم كل واحد بالمهام المحددة و وفق القانون الأساسي، و النظام الداخلي للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط الذي يجب أن يكون منسجما مع مبدئية النقابة، و مبدئية القيادة الجماعية. و القيادة الفردية لا ترغب أبدا في الالتزام بالمهام الموكولة إليها، لأنها تعني أن تلك المهام خاضعة للمحاسبة الفردية و الجماعية و القائد لا يرغب أبدا في تلك المحاسبة لأنها تحول دون قيامه بالمبادرات التي تخدم مصالحه، أو تحقق أهداف حزبه من العمل النقابي في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، أو جعل هذه النقابة مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين. و بدل أن يلجأ القائد الفردي إلى الالتزام بالمهام التي يكلف بها من قبل الجهاز القيادي الذي ينتمي إليه، فإنه هو الذي يلجأ إلى القيام بتكليف كل عضو من أعضاء ذلك الجهاز بمهمة من المهام التي يراها مناسبة لتحقيق أهدافه الفردية، أو الحزبية، و قلما يخطر بباله أن يكلفهم بالمهام التي تخدم مصالح الشغيلة إلا بالقدر التي تساهم في تحقيق أهداف القائد الفردية أو الحزبية.
و لذلك نرى ضرورة أن يتمسك المناضلون المخلصون بتوزيع المهام بين أعضاء القيادة، على أن تتساوى تلك المهام فيما بينهم، و على أن تكون تلك المهام قابلة للتغيير في أية لحظة و حسب ما يتبين للقيادة الجماعية، لأن توزيع المهام على أساس المساواة بين الأعضاء يعتبر وسيلة لتحصين القيادة الجماعية من أشكال التحريف التي تصيبها بسبب الجنوح إلى تكريس القيادة الفردية التي ابتليت بها النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط.
8) التنصل من الالتزام بالبرنامج النقابي الذي ترسمه الأجهزة التقريرية للك.د.ش. و النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط حتى يبقى القائد بعيدا عن إمكانية التصرف في ما هو مقرر، و سعيا إلى خدمة المصالح الفردية و الحزبية التي لا علاقة لها بذلك البرنامج. لأن الالتزام بالبرامج المصادق عليه من قبل الأجهزة التقريرية يقيد الأجهزة التنفيذية نفسها، و يقيد القائد النقابي الذي يتصرف من منطلق التصور القيادة الفردية. و يحول دون القيام بأية مبادرة تقتضيها المصلحة الفردية أو الحزبية على السواء. و إذا كان لابد من تحرير المبادرة الفردية للقائد أو لأي عضو من أعضاء الأجهزة التنفيذية. فإن تلك المبادرة يجب أن تنطلق من التنصل من الالتزام بالبرامج الصادرة عن الأجهزة التقريرية للك.د.ش. و للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط حتى يتمكن القائد و تتمكن الأجهزة التنفيذية من التصرف حسب ما تقتضيه رغبتها و مصلحتها الفردية و الحزبية.
و انطلاقا من التنصل من البرامج الصادرة عن الأجهزة التقريرية للك.د.ش، و للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، فإن النضال من اجل الالتزام بتلك البرامج يصبح مهمة مركزية بالنسبة للكونفيدراليين بصفة عامة، و بالنسبة لمنخرطي النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بصفة خاصة، لأن التخلي عن قيام القيادة النقابية بالالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة عن الهيئات التقريرية لا يعني إلا التخلي عن النضال من اجل تحقيق مطالب الشغيلة القاضية بتحسين أوضاعها المادية و المعنوية. و هو ما يعتبر خيانة لمبدئية النقابة، و للشغيلة التي تعقد آمالها على التنظيمات النقابية الكونفيدرالية، و هو ما يجب التصدي له من قبل الكونفيدراليين المخلصين.
9) التنصل من المحاسبة الفردية و الجماعية أمام الأجهزة التقريرية للك.د.ش. و للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط لأن إعمال آلية المحاسبة الفردية و الجماعية تحد من مبادرة القائد النقابي التي تتناقض مع التوجه العام للبرنامج الصادر عن الأجهزة التقريرية للنقابة، و للقرارات و للملف المطلبي القطاعي و المركزي و المحاسبة الفردية و الجماعية لا تلغي المبادرة الفردية التي تنسجم مع البرامج و القرارات و المقررات و المواقف الصادرة عن الأجهزة التقريرية، بل تعتبرها مسألة مركزية بالنسبة للعمل النقابي الصحيح. بل إن القائد النقابي و الأجهزة القيادية النقابية عندما لا تقوم بالمبادرات المنسجمة مع البرامج و القرارات و المواقف الصادرة عن الأجهزة التقريرية القطاعية و المركزية، فإنها تكون مقصرة، و تعمل على تجميد النقابة و العمل النقابي، و لا تعمل على تحيين الممارسة النقابية في الاتجاه الصحيح.
و لذلك نرى ضرورة العمل على تفعيل مبدأ المحاسبة الفردية و الجماعية، و في إطار الأجهزة التقريرية و التنفيذية على السواء حتى يلتزم القائد النقابي و الأجهزة القيادية بالبرامج النقابية، و بالمهام المحددة لكل مسؤول نقابي. من اجل نقابة فاعلة و متفاعلة مع الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي للشغيلة بصفة عامة، و للطبقة العاملة بصفة خاصة، و للطبقة العاملة الفوسفاطية بصفة أخص.
10) التنصل من لجوء الأجهزة التقريرية إلى اتخاذ مواقف نضالية لا ترضي القائد النقابي، و لا يرغب في اتخاذها. و هذا التنصل مصدره رغبة القائد في مركزة كل شيء بين يديه، و تهميش الأجهزة التقريرية التي تتحول إلى مجرد أجهزة صورية تملى عليها القرارات من اجل المصادقة عليها، أو أجهزة غير مرغوب فيها أصلا. فيتم الاستغناء عنها بقرار من المؤتمر تلبية لإرادة القائد النقابي المنتخب من المؤتمر كما حصل في مؤتمر النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط المنعقد خلال سنة 2004 بمدينة الدار البيضاء. و الغاية من التنصل من لجوء الأجهزة التقريرية إلى اتخاذ مواقف نضالية هو تمكين القائد النقابي من التحكم في النقابة، و جعل النقابة أداة في يده يوظفها لخدمة مصالحه الخاصة، أو لجعل النقابة تابعة لحزبه أو مجرد منظمة حزبية موازية، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين، و هو ما يفرض تفعيل الأجهزة التقريرية و إعطائها الأهمية اللازمة لجعلها تقوم بدورها في تقرير ما يجب عمله لاعادة الاعتبار للعمل النقابي الصحيح المتمثل في مبدئية النقابة، و في القيادة الجماعية، و العمل المستمر على تحسين الأوضاع المادية و المعنوية للشغيلة و طليعتها الطبقة العاملة و سائر الكادحين. و العمل على مناهضة القيادة الفردية التي ليس من مصلحتها تفعيل الأجهزة التقريرية القطاعية و المركزية.
11) جعل النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط رهن إشارة الحزب المهيمن من اجل تنفيذ التوجهات التي يراها مناسبة في شروط معينة. و ممارسة كهذه تدخل في إطار جعل النقابة تابعة للحزب المهيمن في الك.د.ش و في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بالخصوص سعيا إلى تحويلها إلى مجرد منظمة حزبية.تتلقى القرارات الحزبية، و تعمل على تنفيذ تلك القرارات، و هو ما ادعى الحزب المهيمن في الك.د.ش. و الذي تأسس من جسدها، أنه قام بوضع حد له في عملية التصحيح التي قادتها الك.د.ش. خلال سنة 2002 بعدما حصل أمام مقر النقابة الوطنية للتعليم الذي سيطر عليه المنتمون للاتحاد الاشتراكي الذين كانوا يسعون إلى جعل الك.د.ش بقطاعاتها المختلفة هي مجرد منظمة حزبية.
و المناضلون الكونفيدراليون المخلصون للعمل النقابي الكونفيدرالي كانوا يعتقدون أن "المحطة التصحيحية" كانت مناسبة للحسم مع الممارسة الهادفة إلى توظيف النقابة لخدمة المصالح الفردية، أو إلى تحقيق الأهداف الحزبية. إلا أن ما حصل في مؤتمر النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط أكد أن تلك الممارسة لازالت قائمة، و أن قيامها ناتج عن استمرار نفس الأشخاص في ك.د.ش. و في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط و بنفس العقلية.
و لذلك نرى أن العمل على استقلالية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط عن حزب القائد، و عن توجيه ذلك الحزب للعمل النقابي في إطارها، يعتبر مهمة تاريخية بالنسبة للعمل النقابي في قطاع الفوسفاط. و بالنسبة للطبقة العاملة الفوسفاطية التي تعتبر من القطاعات المنتجة و المهمة داخل الك.د.ش. و على المستوى الوطني حتى تصير النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط إطارا لتجسيد العمل النقابي الصحيح المنسجم مع إرادة الطبقة العاملة الفوسفاطية التي عانت كثيرا من الممارسة البيروقراطية و من تبعية النقابة للحزب و من تحزيب النقابة، و قدمت نتيجة لذلك الكثير من التضحيات بدون مقابل .
12) العمل على انخراط النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط في تنفيذ القرارات الحزبية، باعتبار تلك القرارات هي قرارات النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط. و عمل كهذا يعتبر امتدادا لما حصل في إطار الك.د.ش. مع مجيء حكومة التناوب المخزني السابقة. و بعد الحسم الكونفيدرالي مع هذه الحكومة بعد أن تبين للكونفيدرالية ان هذه الحكومة لا تختلف عن سابقاتها. و إلا فبماذا نفسر الإعلان عن الاوراش الكونفيدرالية التي لا يمكن اعتبارها حينذاك إلا قرارا حزبيا أعلن عنه الكاتب العام للك.د.ش. كقرار كونفيدرالي فوقي. و قد كان من المفروض أن يعتذر الكاتب العام للك.د.ش.إلى الكونفيدرالية و إلى الشغيلة المغربية عن ذلك القرار الذي تبث بالملموس أنه في غير محله. و أن يعلن عن حقيقة الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ ذلك القرار، و العمل على الدفع في اتجاه شكل جديد من الاوراش الكونفيدرالية الفعلية التي تستدعي تمكين الشغيلة من امتلاك وعيها النقابي الحقيقي من خلال بث بذور الوعي الطبقي الحقيقي الذي يجعل الشغيلة تدرك خطورة الاستغلال الممارس عليها.
و بذلك يتبين أن العمل على تجنب انخراط النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط في تنفيذ القرارات الحزبية حتى لا تتحول إلى مجرد منظمة حزبية موازية بحرص المناضلين الفوسفاطيين في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط على استقلالية النقابة عن حزب القائد النقابي الفوسفاطي و عن توجيه الحزب للنقابة حفاظا على استقلالية قرارها، و على ارتباطها بأوسع قاعدة عمالية فوسفاطية. و في هذا الإطار يمكن اعتبار إعادة النظر في صيغة قيادة النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط مسألة ضرورية و مهمة للخروج من مأزق القيادة الفردية المطلقة التي انبثقت عن مؤتمر 2004.
و هكذا نكون قد وقفنا على الأسباب التي قادت إلى تكريس القيادة الفردية المطلقة للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و المتمثلة في الحسم مع التصور التنظيمي الذي صاحب تأسيس النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط و التخلي عن ديمقراطية هذه النقابة، و تقدميتها، و جماهيريتها، و استقلاليتها، و الإعراض عن وحدوية العمل النقابي في إطارها، و التنصل من توزيع المهام التي كانت تقتضيها القيادة الجماعية فيها، و من الالتزام بالبرنامج و القرارات و المواقف الصادرة عن أجهزتها التقريرية، و من المحاسبة الفردية و الجماعية أمام الأجهزة التقريرية و من لجوء الأجهزة التقريرية إلى اتخاذ مواقف نضالية لا ترضي القائد النقابي و لا يرغب في اتخاذها، و جعل النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط رهن إشارة الحزب المهيمن على قيادتها، و على أجهزتها الوطنية و المحلية، و العمل على انخراط النقابة في تنفيذ القرارات الحزبية. و قد حاولنا أن نوضح ما يجب عمله لمواجهة ما ينتج عن تلك الأسباب حتى تعود النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط إلى ما كانت عليه سعيا إلى جعلها في خدمة الطبقة العاملة الفوسفاطية التي تعاني الأمرين من الدولة و من الجهاز الإداري الفوسفاطي. و الذين يعقدون كل أملهم على النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و على مبدئية هذه النقابة التي تقود نضالاتهم المطلبية.
فما هي دواعي الحسم مع التصور التنظيمي المبدئي في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط؟ و هل يمكن الحسم فعلا مع مبدئية هذه النقابة ؟ و ماذا يترتب عن ذلك الحسم في حالة تحققه ؟

دواعي الحسم مع التصور التنظيمي المبدئي :
إن ما استعرضناه من أسباب الحسم مع التصور التنظيمي المبدئي الديمقراطي و التقدمي و الجماهيري و الاستقلالي و الوحدوي، و المكرس لمبدأ القيادة الجماعية، و المحاسبة الفردية و الجماعية، و النقد و النقد الذاتي. و خضوع الأقلية لرأي الأغلبية، فإننا نهدف إلى لفت انتباه المتتبعين بصفة عامة، و إلى لفت انتباه الشغيلة بصفة خاصة، و إلى لفت انتباه عمال الفوسفاط بصفة أخص، لخطورة التخلي عن التصور النقابي المبدئي، و اعتماد تصور تكريس القيادة الفردية في التنظيم النقابي: النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط. لأن اعتماد القيادة الفردية سيترتب عنه تحول في ممارسة العمل النقابي الذي يفتقد فيه الوعي النقابي الصحيح. و يبث من خلالها الوعي الزائف للبورجوازية الصغرى الذي لا يقود إلا إلى الحرص على تحقيق تطلعات البورجوازية الصغرى حتى و لو أدى الأمر إلى توظيف النقابة و العمل النقابي لأجل ذلك و في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط حسب رأينا هي :
1) تكريس القيادة الفردية في مقابل الحسم مع القيادة الجماعية، لأن تكريس القيادة الفردية يحقق المزيد من المكاسب الفردية للقائد النقابي، و لأعضاء القيادة التي يختارها القائد النقابي، و لأعضاء القيادة التي يختارها القائد النقابي للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط. و يعطي إمكانية توظيف النقابة في الاتجاه الذي يريده القائد النقابي. و إذا كان لابد من طرح للملف المطلبي للشغيلة، فإن ذلك الملف يطرح لأجل إبراز دور القيادة الفردية في عملية التفاوض مع الحكومة التي لا تستجيب للمطالب العمالية إلا بقدر ما تكون تلك الاستجابة بعيدة عن أن تعكس إرادة الشغيلة، بقدر ما تعكس تطلعات الحاملين للعقلية البورجوازية الصغرى من الطبقة العاملة و حلفائها. و لذلك كان من الضروري أن تحسم القيادة الفردية مع ماضي تكريس القيادة الجماعية حتى لا يظهر في الأفق النقابي الفوسفاطي من يعمل على إعادة الاعتبار للقيادة الجماعية.
2) الحسم مع مبدئية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط نظرا لحالة التناقض القائمة بين القيادة الفردية و مبدئية النقابة. فالنقابة إما أن تكون مبدئية أو بقيادة فردية توظفها في الأمور التي لا علاقة لها بمصلحة الطبقة العاملة. و لذلك كان الحسم مع مبدئية النقابة مسألة مركزية بالنسبة للقيادة الفردية، و كان الحسم داعيا أساسيا مع التصور النقابي المبدئي. و من هنا كان تكريس القيادة الفردية وسيلة لقطع الطريق أمام إمكانية عودة المبدئية للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط.
3) التعامل مع النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط كمنظمة تابعة لحزب القائد أو كمنظمة موازية للحزب. و هذا التعامل يعتبر من أهم الدواعي التي تقود إلى الحسم مع التصور النقابي المبدئي. لأن القيادة الفردية تملك الصلاحية لأن توجه النقابة حيث تشاء، و تجعلها تابعة لحزب معين أو تجعلها حزبية، و لا أحد يستطيع محاسبتها، و حتى الذين يشكلون الجهاز التنفيذي إلى جانب القائد، فإنهم يعلمون مسبقا أن المؤتمر لم ينتخبهم، و أن القائد النقابي هو الذي اختارهم. و لذلك فهم لا يستطيعون فعل أي شيء. و لابد من إعادة الاعتبار للتصور النقابي المبدئي، لأن ولي نعمتهم لا يقبل ذلك. و لا يمكن أن يقبله، و ظهوره بالحرص على الممارسة الديمقراطية في علاقته بالأقاليم النقابية ليس إلا انتقالا من مرحلة الظهور بمظهر ممارسة التصور المبدئي إلى مرحلة تكريس القيادة الفردية ليس إلا.
4) توظيف النقابة لتحقيق الأهداف الفردية و الحزبية على السواء. لأن القيادة الفردية ليست من اجل خدمة مصالح الطبقة العاملة الفوسفاطية، لأنه لو كان الأمر كذلك لبقي التصور النقابي المبدئي هو السائد. و لتم استحضار إرادة الطبقة العاملة الفوسفاطية. و استحضار إرادة المؤتمرين الذين حضر معظمهم بالتعيين، و ليس بالانتخاب الحر و النزيه. و لذلك نجد أن هذه الخريطة النقابية التي لم يسبق لمعظم أعضائها ممارسة العمل النقابي، و لا يملكون الوعي النقابي الصحيح، لا تستطيع إنتاج ممارسة نقابية صحيحة حتى تستطيع إفراز قيادة مبدئية، فيبقى أمر النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بيد القيادة الفردية التي تفعل بالنقابة ما تشاء. توظفها لقضاء المصالح الفردية للقائد النقابي و لأعضاء الجهاز القيادي الذي اختارهم، و صفق المؤتمر لصالحهم. و هو لا يدري أنه بذلك يقبر المبدئية، كما توظفها لصالح الحزب الذي تصير النقابة تابعة له، أو مجرد منظمة حزبية موازية، أو مجالا للاستقطاب الحزبي الفج أو إطارا لتنفيذ التوجيهات الحزبية، أو تنفيذ القرارات الصادرة عن الحزب في قطاع الفوسفاط حتى يصير قطاعا حزبيا بامتياز. و يبقى الملف المطلبي مجرد وسيلة من الوسائل المعتمدة لجعل الشغيلة تستجيب لخدمة مصالح القيادة الفردية، و مصالح الحزب الذي ينتمي إليه القائد النقابي.
5) قطع الطريق أمام إمكانية امتلاك العمال للوعي النقابي الصحيح، في مقابل إشاعة الوعي الزائف، ليقبر الوعي النقابي الصحيح و إلى الأبد بسبب تكريس القيادة الفردية، لأن وجود هذه القيادة في حد ذاته كاف للبرهنة على استبعاد الوعي النقابي الصحيح من وجدان الطبقة العاملة الفوسفاطية التي تصير حاملة للوعي النقابي الزائف الذي يتجسد في مركزة أمر النقابة، و العمل النقابي في يد شخص واحد من اجل جعل النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط مطية لتحقيق التطلعات البورجوازية الصغرى كنتيجة لبث الوعي الزائف في صفوف عمال الفوسفاط حتى صار كل عامل بورجوازيا صغيرا حاملا للوعي البورجوازي الصغير الذي لا يمكن أن يكون إلا زائفا، و لا يمكن أن يكونا إلا سدا منيعا دون تمرير الوعي النقابي الحقيقي إلى عمال الفوسفاط. و لذلك كانت مصادقة مؤتمر الدار البيضاء سنة 2004 صائبة عندما صادق على القيادة الفردية للنقابة الوطنية لعمال الفوسفاط. لأنه إذا لم يفعل ذلك سيتناقض مع الطبيعة البورجوازية الصغرى لعمال الفوسفاط الذين صار كل واحد منهم بحكم بتحقيق مكاسب فردية كامتداد للمكاسب الفردية التي يسعى القائد النقابي الفوسفاطي إلى تحقيقها.
6) قطع الطريق أما إمكانية امتلاك العمال للوعي الطبقي الحقيقي. ذلك أن القيادة الفردية لا يمكن أن تسعى إلى إنضاج شروط امتلاك الوعي الطبقي الحقيقي باعتباره وعيا متقدما و متطورا، لأن وعيا من هذا النوع لا تسعى إلى إنضاج شروطه إلا القيادة الجماعية. و لذلك فهو يتناقض مع توجه القيادة الفردية التي تريد النقابة ملكا لها. و من هذا المنطلق كان الطريق أمام إمكانية امتلاك العمال عن طريق النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط من الدواعي التي تحول دون قيام التصور التنظيمي المبدئي في المؤتمر المنعقد خلال 2004 بالدار البيضاء.
7) سيادة هيمنة العقلية البورجوازية الصغرى في صفوف الطبقة العاملة الفوسفاطية. و قد توفرت عدة شروط لسيادة هذه الهيمنة بين أفراد الطبقة العاملة.
الشرط الأول : كون الك.د.ش تأسست في الأصل من القطاعات غير المنتجة، و هي قطاعات خدماتية تتغذى من فائض القيمة الذي تحصل عليه الدولة و تحوله كأجور لهذه القطاعات التي لم تتذوق نار الاستغلال بقدر ما كانت و لازالت منظمة لعملية الاستغلال. و لذلك نجد أنها لم تتطور من خلال الك.د.ش. في اتجاه امتلاك الوعي النقابي الحقيقي، بقدر ما تطورت في اتجاه امتلاك الوعي النقابي الزائف الذي يقود إلى الجري وراء التطلعات البورجوازية الصغرى ذات الطبيعة الفردية.
الشرط الثاني : كون الطبقة الحاكمة توظف كل الوسائل و الإمكانيات من اجل محاصرة الفكر التقدمي بصفة عامة و الفكر الاشتراكي العلمي بصفة خاصة، و دعم الفكر البورجوازي الصغير عبر دعم أحزاب البورجوازية الصغرى في الممارسات الانتخابوية، و تقديم الدعم للجرائد التي تصدرها تلك الأحزاب مما أدى إلى اعتبار الفكر البورجوازي الصغير بتلفيقيته، و توفيقيته، و تضليليته، و ظلاميته في كثير من الأحيان هو الفكر السائد في أوساط الجماهير الشعبية بصفة عامة، و في أوساط الشغيلة بصفة خاصة، و في أوساط الطبقة العاملة بصفة أخص، و ليصير فكر الطبقة العاملة و الفكر التنويري و التقدمي و الاشتراكي العلمي في ذمة التاريخ كما تدعي ذلك أحزاب البورجوازية الصغرى نفسها.
و الشرط الثالث : هو قيام الإدارة الفوسفاطية باعتبارها امتدادا للطبقة الحاكمة و المنفذة لسياستها بامتياز في صفوف الطبقة العاملة الفوسفاطية، بمحاصرة الفكر التقدمي التنويري، و دعم و إشاعة الفكر الظلامي ذو الطبيعة الإرهابية في قطاع الفوسفاط بعماله و مستخدميه على السواء. و لذلك فالعمال الفوسفاطيون و بسبب ما مورس عليهم من قبل الإدارة الفوسفاطية كانوا يتجنبون الارتباط بالنقابة المنتجة للعمل النقابي الصحيح، و بالأحزاب التقدمية و بحزب الطبقة العاملة بالخصوص، و في نفس الوقت كانوا يحتضنون الفكر البورجوازي الصغير و الفكر الظلامي، و يعتبرون أن ذلك الفكر هو الذي يقودها إلى الخلاص مما يمارس عليها من قبل الإدارة.
و الشرط الرابع : هو هذه الهجمة الشرسة التي قادتها و تقودها التيارات الظلامية في المجتمع و بدعم من الطبقة الحاكمة، و بمساندة من البورجوازية و الإقطاع المتخلف و بدعم من جهات مشبوهة خارجية حتى تؤدي دورها في إزاحة الفكر التقدمي، و الفكر الاشتراكي العلمي بالخصوص من أذهان الناس، و من فكرهم و حتى لا يصير انعكاس في سلوكهم على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و حتى ينطبع سلوكهم بقيم و توجهات ذلك الفكر الظلامي الذي يدفع بهم إلى العمل على نشر قيم الاستبداد و التخلف باعتبار تلك القيم هي الإسلام الحقيقي. و الطبقة العاملة الفوسفاطية التي تنتمي إلى هذا المجتمع لا يمكن أن تكون إلا متأثرة بهذا الفكر الظلامي الرجعي و المتخلف و الانخراط في تمثل قيمه. و الدخول مباشرة في محاربة فكر الطبقة العاملة في صفوف الطبقة العاملة و من الطبقة العاملة.
و كنتيجة لهذه الشروط المتكاملة، فإننا لا نستغرب أن يهيمن الفكر البورجوازي الصغير في صفوف الطبقة العاملة، و أن تكون تلك الهيمنة وسيلة للقبول بإنتاج القيادة الفردية في صفوف الطبقة العاملة و من خلال النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط.
8) قطع الطريق أمام إشاعة الفكر التنويري و الفكر الاشتراكي العلمي، لأن القيادة الفردية باعتبارها قيادة من إنتاج الفكر البورجوازي الصغير لا يمكن أن تعمل، أو تسمح بإشاعة الفكر التنويري و الفكر الاشتراكي العلمي لأن ذلك الفكر بنوعيه سيجعل المتلقي يستجيب لإعمال الفعل في المحيط الذي يتحرك فيه، و في الواقع الذي يتعامل معه. و سيعمل على تشريح ذلك الواقع، و إخضاعه للتقويم الشامل على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و سيكشف عن الإيجابي و عن السلبي في ذلك الواقع بكل تلاوينه. و سيصل و لاشك إلى أن القيادة الفردية للنقابة و للنضالات المطلبية لا يمكن أن تخدم إلا المصالح الفردية أو الحزبية. و لذلك فمن مصلحتها ألا تعتمد إشاعة الفكر التنويري و الفكر الاشتراكي العلمي في النقابة، و في العمل النقابي و في صفوف الشغيلة. و في مقابل ذلك تعتمد إشاعة الفكر البورجوازي الصغير التوفيقي و التلفيقي، و قد نجدها تعتمد إشاعة الفكر الرجعي و اليميني الظلامي المتخلف حتى تبقى الشغيلة غير واعية بما تقوم به القيادة النقابية الفردية في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و في الك.د.ش. و غير مدركة للخلفيات التي تحكم ممارسة القيادة الفردية مما يجعل النقابة و الشغيلة معا رهن إشارة القائد و تحت تصرفه، و لا من ينازعه في ذلك.
9) فسح المجال أمام المد الرجعي اليميني المتخلف في صفوف الطبقة العاملة الفوسفاطية، كما يتجلى ذلك من خلال طبيعة الخطاب الذي صار يسود في صفوف الكونفيدرالية و داخل مقرات النقابات، و في اجتماعات الهيئات التنفيذية و التقريرية، و في الجموعات العامة، و خلال المحطات النضالية. و هذا المد مبعثه الانفتاح على التيارات الظلامية التي تدعي النضال و الجهاد ضد الكفرة و المشركين، و ضد الغرب و ضد الحكام، و كأن هذه التيارات هي المرشحة لقيادة النضال من اجل الديمقراطية، و الواقع أنها تسعى إلى الاستبداد بالمجتمع. و حتى إذا كان هذا الانفتاح غير وارد، فإن تقمص الفكر الغيبي و مغازلة الظلاميين يصير هو الممارسة المميزة لكونفيدراليي النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط حتى تكتسب النقابة مناعة ضد التقدمية، و ضد الفكر التقدمي التنويري و الاشتراكي العلمي لتبقى النقابة بذلك أداة طيعة في يد القائد يفعل بها ما يشاء. و يبقى فسح المجال أمام المد الرجعي اليميني المتخلف داعيا من الدواعي التي تقود إلى الحسم مع التصور التنظيمي المبدئي.
10) قطع الطريق أمام انخراط العمال في صفوف حزب الطبقة العاملة، لأن القيادة الفردية عندما تسعى إلى التخلي عن التصور النقابي المبدئي، فإن هذه القيادة الفردية تعلم جيدا أن الطبقة العاملة الفوسفاطية عندما تمتك وعيها النقابي الصحيح، فإن ذلك الوعي يؤهلها لامتلاك وعيها الطبقي الذي يجعلها تنسلخ عن الفكر الرجعي و الإقطاعي و البورجوازي و البورجوازي الصغير، و عن ما تسرب إلى صفوفها من الفكر الظلامي اليميني المتطرف لتعتنق الفكر الاشتراكي العلمي الذي هو فكرها. فالوعي الطبقي إذن هو وعي فاعل و متقدم و متطور، و يدفع في اتجاه التكتل الطبقي و التضامن الطبقي، و العمل الجماعي، و هي أمور لا تتحقق إلا في إطار حزب الطبقة العاملة. و القيادة الفردية لا يمكن أن تكون كذلك، و لا يمكن أن تقبله، و لذلك فهي تحرص على إشاعة الوعي الزائف في صفوف الطبقة العاملة الفوسفاطية. و بقطع الطريق أمام إشاعة الوعي النقابي الصحيح و الوعي الطبقي الحقيقي، و هو ما يعتبر عائقا أمام التصور التنظيمي المبدئي.
و بذلك نصل إلى أن الحسم مع التصور التنظيمي المبدئي يتحدد في تكريس القيادة الفردية و التخلي عن مبدئية النقابة، و اعتبار النقابة منظمة حزبية، أو تابعة لحزب الكاتب العام، و توظيف النقابة لتحقيق الأهداف الحزبية و الفردية على السواء. و إقبار الوعي النقابي الصحيح، و قطع الطريق أمام إمكانية امتلاك العمال للوعي الطبقي الحقيقي. و سيادة هيمنة العقلية البورجوازية الصغرى في صفوف الطبقة العاملة الفوسفاطية، و قطع الطريق أمام إشاعة الفكر التنويري و الفكر الاشتراكي العلمي في صفوف الطبقة العاملة، و فسح المجال أمام المد الرجعي اليميني المتخلف في صفوف العمال الفوسفاطيين. و قطع الطريق أمام انخراط العمال في صفوف حزب الطبقة العاملة حتى تبقى النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط تحت طائلة القيادة الفردية التي توجهها حسب هواها.



تساؤل و تقويم :
و هذا الحسم الذي استعرضنا أسبابه و دواعيه يطرح مجموعة من التساؤلات التي تقود إلى إعمال النظر في الخلفيات غير المعلنة لسعي القيادة الفردية إلى الحسم مع التصور التنظيمي اللامبدئي. وهذه التساؤلات تحاول ملامسة تلك الخلفيات التي تضخم الذوات، و تخفي و إلى الأبد ذوبان الذوات الفردية في العمل الجماعي الذي يعتبر الطريق الفعلي والعملي لاستحضار إرادة الطبقة العاملة الفوسفاطية من خلال ديمقراطية النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و تقدميتها، و جماهيريتها و استقلاليتها و وحدويتها. و هو ما يجعلنا نطرح التساؤلات الآتية محاولين استشراف الإجابة عليها، و مقاربة خلفيات الحسم مع التصور التنظيمي المبدئي.
فهل يمكن أن نعتبر أن ما جرى في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بداية للإجهاز على ما تبقى من أمل في تكريس الديمقراطية الداخلية في باقي القطاعات ؟
إننا يمكن أن نعتبر أن قطاع الفوسفاط اقتضت هذا الشكل من التنظيم، و لكن كيفما كان الأمر. فإن على القيادة النقابية وعلى الأجهزة التقريرية و التنفيذية لقطاع الفوسفاط، و في إطار النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط أن تعمل على نشر الفكر التنويري، و الديمقراطي و التقدمي في صفوف عمال الفوسفاط حتى يقطعوا و بصفة نهائية مع الفكر الغيبي، و الفكر اليميني المتطرف الذي يفرز الحاجة إلى القيادة الفردية التي تناسبه. و بالشكل الذي حصل في مؤتمر النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط الذي انعقد خلال سنة 2004 بمدينة الدار البيضاء بالمغرب. و لو كانت القيادة الكونفيدرالية، و قيادة النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط تحرصان على تفعيل مبادئ الك.د.ش. التي هي المبتدأ و المنتهى في كل عمل كونفيدرالي، مركزي أو قطاعي. و لذلك نعتبر أن ما جرى خلال انعقاد مؤتمر 2004 بالدار البيضاء كان يمكن تجنبه، حتى نتجنب مختلف التأويلات التي يمكن أن يلجأ إليها أي كان. و لكن و نظرا لأن رئاسة المؤتمر، و معها المؤتمرون، لم تحتكم إلى مبادئ الك.د.ش. فإننا يمكن أن نعتبر أن ما جرى يعتبر امتدادا و تطويرا في الاتجاه الذي سار فيه المؤتمر الوطني الرابع ثم الخامس للمركزية النقابية الك.د.ش. و هو ما يطرح تساؤلا آخر :
ألا يعتبر ما جرى تكريسا لقبضة حزب معين على النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط ؟
ألا تعتبر تلك القبضة وسيلة لترشيح النقابة للانقسام من جديد تبعا لما قد يحدث في الحزب من انقسام مستقبلا ؟
هل يمكن أن يبقى الحزب القابض على قيادة النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط بعيدا عن الانقسامات الداخلية ؟
إن الأحزاب المغربية تبقى مرشحة ما لم تمتلك عوامل الوحدة الأيديولوجية و التنظيمية و السياسية و ما لم تكن مبدئية في علاقتها بالتنظيمات الجماهيرية المختلفة، و في مقدمتها النقابات. و خاصة عندما تقون النقابات ذات مبادئ يجب احترامها. و هل جميع الأحزاب المغربية تملك وحدة أيديولوجية و تنظيمية و سياسية ؟ و هل تحترم المبادئ المعتمدة في التنظيمات الجماهيرية، وفي مقدمتها التنظيمات النقابية ؟
إن شرط الوحدة الحزبية، وشرط احترام مبادئ النقابة إذا لم يتوفرا، فإن الحزب المرشح للانقسام سيعمل على إحكام قبضته على النقابة، و سيختل عبر ذلك الإحكام الصراع الذي يعرفه في داخله أو سيعرفه، و ستتحول النقابة من جديد إلى مجال للصراع. وسيترتب عن ذلك انقسام النقابة من جديد إلى نقابتين أو اكثر و سيساهم ذلك في شرذمة الطبقة العاملة، و إضعاف قدرتها على مواجهة مستغليها. و ستعجز عن تحسين أوضاعها المادية و المعنوية.
و لتجنب كل ذلك نرى ضرورة الحرص على احترام مبادئ النقابة و العمل النقابي من خلال الممارسة الحزبية العامة، و في العلاقة مع النقابة. حتى نتجنب التأثير السلبي للأحزاب على النقابة و العمل النقابي. و حتى تبقى النقابة بعيدة عن شرذمة العمل النقابي من خلال تكريس تربية حزبية مبدئية ميدانية، و تربية نقابية مبدئية ميدانية، حتى لا يؤثر أي حزب على النقابة، و حتى لا تؤثر النقابة على الحزب أي حزب.
و للوصول إلى ذلك نجد أنفسنا أمام التساؤل الآتي :
ما العمل من اجل إعادة الاعتبار للديمقراطية الداخلية في النقابة ؟
و إن من بين الآليات التي تعتمد لجعل النقابة بعيدة عن التأثر بالأحزاب السياسية، الديمقراطية الداخلية التي تتجسد في احترام الحوار الديمقراطي بين النقابيين، و في الإطارات النقابية و على جميع المستويات التنظيمية. و تمكين المنخرطين من اختيار الأجهزة التمثيلية اختيارا حرا و نزيها.
و انطلاقا من الحرص على تكريس مبدأ الديمقراطية الداخلية. فما هي الوسائل التي تعيد الاعتبار إلى هذا المبدأ ؟
هل بإعادة الاعتبار للقيادة الجماعية ؟
إن كل من يهتم بالممارسة الديمقراطية الداخلية في الإطارات النقابية، لابد أن يدرك أن الديمقراطية هي من مقتضيات العمل الجماعي الذي يعتبر نقيضا موضوعيا للعمل الفردي الذي ينتج البيروقراطية، نظرا لاختلاف الأهداف. فالعمل الجماعي يسعى إلى تحقيق أهداف جماعية مشتركة تتمثل في تحقيق مصالح طبقية مشتركة. لذلك لابد من أن يرتبط العمل الجماعي بالممارسة الديمقراطية التي يقتضي الحرص عليها وجود قيادة جماعية تجعل مسؤولية ممارسة العمل النقابي مهمة جميع النقابيين. و تجعل الإشراف على تحمل تلك المسؤولية مهمة جميع أعضاء القيادة. و لذلك نجد أن إعادة الاعتبار للقيادة الجماعية يعتبر مساهمة فعالة في تكريس الممارسة الديمقراطية الداخلية حتى يتم قطع الطريق أمام بروز القيادة الفردية التي تنتج الممارسة اللاديمقراطية التي لا تسعى إلا إلى تحقيق المصالح الفردية.
و هل تتكرس الديمقراطية الداخلية بإعادة الاعتبار للتقدمية ؟
إن التنظيم النقابي عندما يكون ديمقراطيا، و بقيادة جماعية لابد أن يكون تقدميا، لأن التقدمية تكون متلازمة مع ممارسة الديمقراطية الداخلية، و من خلال سمات القيادة الجماعية. فالتقدمية و الديمقراطية متلازمتان لأنهما تسعيان إلى تجاوز الأوضاع التنظيمية المتردية للنقابة، و إلى تجاوز الأوضاع المادية و المعنوية المتردية للطبقة العاملة و سائر الأجراء، كما تسعيان إلى تربية الطبقة العاملة و سائر الاجراء على الممارسة الديمقراطية، و على الحكم المستمر بتغيير الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية المنتجة للاستغلال المادي و المعنوي للأجراء، و سائر الكادحين حتى يتم وضع حد للاستغلال، و بصفة نهائية وفي إطار قيام مجتمع حر و ديمقراطي و عادل. أي أن التربية على الممارسة الديمقراطية و التقدمية هي في نفس الوقت حلم بالمستقبل الذي تكون فيه الطبقة العاملة و سائر الأجراء و الكادحين أسياد أنفسهم و يستطيعون فرض الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية.
فالإطار النقابي الديمقراطي و التقدمي هو إطار لتكوين الأطر الديمقراطية و التقدمية التي تسعى إلى تغيير الواقع من خلال أطر أخرى مناسبة لذلك التغيير، و تصلح لانخراط الأجراء و غير الأجراء في تنظيمه، و له القدرة الكافية لإدارة الصراع الطبقي الذي ليس العمل النقابي إلا واجهة من واجهاته الكثيرة و المتعددة.
و هل إعادة الاعتبار للديمقراطية الداخلية تتم بإعادة الاعتبار لجماهيرية النقابة ؟
فالممارسة الديمقراطية الحقيقية عندما تطبع الممارسة النقابية، تصير النقابة تقدمية و معبرة عن مصالح الجماهير الشعبية الكادحة بصفة عامة، و عن مصالح الأجراء بصفة خاصة، و مادامت كذلك، فإنها لابد أن تكون مفتوحة على جميع الأجراء بقطع النظر عن انتماءاتهم الحزبية و الفكرية بشرط الاقتناع بمبادئ النقابة و ببرامجها و الالتزام بتنفيذ قراراتها. لأنها بذلك تصير نقابة جميع الأجراء الذين تحترم قناعاتهم السياسية و الفكرية، و لكنها في نفس الوقت تساهم في تطور و تطوير تلك القناعات. لأن النقابة ليست شيئا جامدا لا يتحرك، إنها تتفاعل مع الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي المتحرك و هذا التفاعل يؤدي بالضرورة إلى التأثير على النقابيين، و من خلالهم على سائر الأجراء و طليعتهم الطبقة العاملة. و هذا التأثير لابد أن يحدث تحولا في واقع النقابيين، و في الأجراء و في واقع سائر الكادحين. و هذا التحول لا يمكن أن يكون إلا في اتجاه التربية على الممارسة الديمقراطية و التقدمية التي تصبح ممارسة جماهيرية.
و هل تتعزز الديمقراطية الداخلية باستقلالية النقابة ؟
إن أية نقابة إذا كانت تشكل منظمة حزبية أو كانت تابعة لحزب معين، أو تكون موجهة من قبل الطبقة الحاكمة، فإنها لا تستطيع أن تكون ديمقراطية مهما ادعت ذلك، حتى و إن جعلت الديمقراطية مبدأ من مبادئها. و لكن عندما تضع حدا لكونها منظمة حزبية، أو لكونها تابعة لحزب معين، أو تقع تحت تأثير الطبقة الحاكمة تكون منظمة ديمقراطية، لأن منخرطي النقابة سيتقاسمون الممارسة الديمقراطية على أساس المساواة فيما بينهم بقطع النظر عن كونهم ينتمون إلى حزب معين أو لا ينتمون. لذلك كانت الاستقلالية دعما للديمقراطية الداخلية لأنها هي التي تقيم حاجزا بين النقابة، و بين الجهات التي يمكن أن تؤثر فيها، و في هيكلتها، و في برامجها، و في قراراتها، و في مواقفها، حتى يكون ذلك بإرادة النقابيين و من خلال أجهزتهم التقريرية و التنفيذية، و الاستقلالية. و بالإضافة إلى ذلك تضمن جماهيرية النقابة و تقدميتها حتى تكتمل دائرة مبدئية النقابة، و تصير قوية بتلك المبدئية، و كاسحة للأجراء أنى كان القطاع الذي يعملون فيه و المنطقة التي يتواجدون فيها.
و هل يمكن دعم الديمقراطية الداخلية للنقابة بإعادة الاعتبار للوحدوية ؟
إن العمل النقابي الوحدوي لابد أن يتخلل البرامج و المواقف، قبل أن يصل إلى مستوى النضالات المطلبية و قبل أن يصل إلى مستوى التنسيق أو التحالف مع النقابات الأخرى.
فالبرامج يجب أن تهم جميع شرائح الأجراء و على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية حتى تستقطب حولها كل الفئات الاجتماعية الأخرى التي لها علاقة بالأجراء وحتى يتحقق الشعور العام الوحدة بين جميع الكادحين .
وهذا الشعور بالوحدة هو الذي يجعل جميع الكادحين يستجيبون للمواقف النقابية التي تكون معبرة عن مصالحهم الطبقية التي يسعون إلى تحقيقها على أرض الواقع ، سواء كانت مطلبية أو تنظيمية أو سياسية.
ولتجسيد هذه الوحدة على المستوى العملي تنطلق في نضالها وكأنها ليست وحدها ، فتنسيق مع النقابات الأخرى مهما كانت تمثيليتها بشرط أن تكون منحازة إلى جانب الأجراء على مستوى البرامج وعلى مستوى المواقف حتى تتوفر إمكانية العمل المشترك بين النقابات القائمة .
و هذا التنسيق يهدف إلى تحقيق وحدة النضالات المطلبية على أرض الواقع والتي تساهم فيها جميع النقابات ذات التمثلية وذات البرامج والمواقف المعبرة عن مصلحة الأجراء المشتركة سعيا إلى فرض الاستجابة للمطالب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية .
ولذلك كانت الوحدوية تعبيرا عن إرادة الأجراء ، كما كانت تشكل دعما للمسارات الديموقراطية الراديكالية التي تحقق وحدة النقابة ووحدة البرنامج ووحدة النضالات المطلبية .لأنه بدون الوحدة لا تكون الديموقراطية الداخلية فاعلة في هذا الاتجاه .
وهل يتم دعم الديموقراطية الداخلية بتفعيل مبدأ المحاسبة الفردية والجماعية ؟
إن المحاسبة الفردية والجماعية صارت ضرورية على المستوى النقابي طبقا للقانون المعمول به المتلائم مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ، و أمام هيئات مسؤولة كالهيئات الجماعية المحلية و الإقليمية والوطنية بهدف الوقوف على الجوانب الإيجابية والسلبية المتعلقة بالمهام المنجزة بالإضافة إلى الهيئات القضائية التي تقرر الأحكام في حق القائمين بأعمال تستحق التجريم القضائي.
وعلى المستوى الخاص فإن أي تنظيم لا تتحقق سلامته من مختلف الأمراض التنظيمية و البرنامجية والعملية إلا بالمحاسبة الفردية والجماعية طبقا لقوانين كل هيئة على حدة ، ومن خلال الأجهزة التقريرية والتنفيذية المسؤولة . ومن بين التنظيمات التي لا تتحقق سلامتها إلا بالمحاسبة الفردية والجماعية التنظيم النقابي وخاصة عندما يكون ديموقراطيا تقدميا ، جماهيريا ، مستقلا . ولذلك فالمحاسبة الفردية والجماعية تدعم الديموقراطية الداخلية، وتحميها في نفس الوقت وتقوى التنظيم النقابي ، وتجعله قادرا على مواجهة التحديات التنظيمية و البرنامجية ، والنضالية .
وهل يتم دعم الديموقراطية الداخلية بممارسة النقد والنقد الذاتي ؟
ذلك أن ممارسة النقد تستهدف بيان أخطاء الأفراد والأجهزة وفي إطار الأجهزة التنفيذية بهدف الوصول إلى الاقتناع بضرورة تقديم النقد الذاتي الذي يقر بارتكاب الأخطاء ويعمل على تجاوزه.والنقد والنقد الذاتي هو ممارسة تنظيمية تستهدف تقويم الانحرافات التي تحدث في التنظيم .أي تنظيم من أجل المحافظة على سلامته من كل أشكال التحريف التي تحدث سواء تعلق الأمر بالانحراف البيروقراطي أو أي انحراف من أي نوع آخر مما يقتضيه استغلال النقابة لشيء آخر غير النضال لنقابي الحقيقي.
و لذلك يعتبر النقد و النقد الذاتي من مقومات الممارسة الديمقراطية الداخلية، و دعما لها، و حماية لممارستها في الإطارات النقابية المختلفة من اجل تطوير الأداء النقابي في الاتجاه الصحيح، و من اجل تمكين النقابيين من حق إبداء الرأي في الممارسة الفردية و الجماعية للنقابيين و للإطارات النقابية، و من اجل إعادة النظر في الأجهزة القائمة و القرارات، و في المواقف إذا كانت تتعارض مع التوجه العام للعمل النقابي الصحيح.
و هل يتم دعم الديمقراطية الداخلية بإعادة الاعتبار إلى تفعيل البرامج النقابية ؟
إن النقابة، أية نقابة، لا تقوم، و لا تستمر إلا بوجود برنامج للعمل النقابي، و الذي يمكن تصنيفه إلى مجموعة من المستويات : مستوى البرنامج التنظيمي الذي يسعى إلى إعادة الهيكلة في وقتها، و تجديد الإطارات، و العمل على تفعيل مختلف التنظيمات، و في مختلف المستويات المحلية و الإقليمية و الجهوية و الوطنية، و مستوى البرنامج الإشعاعي الذي يسعى إلى جعل النقابة حاضرة في أذهان الأجراء، و سائر الكادحين حتى يرتبطوا بها، و ينخرطوا في إطاراتها، و يعملوا على تفعيلها حتى تلعب دورها لصالح الأجراء الذين تتحسن أوضاعهم المادية و المعنوية بفعل ذلك في جميع المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. بالإضافة إلى جعل مستوى البرنامج التكويني الذي يقتضي الحرص على جعل الأجراء يمتلكون القدرة على معرفة حقوقهم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، لأنه بدون معرفة تلك الحقوق لا يقتنعون بالانخراط في النضالات المطلبية، و جعلهم يمتلكون المعرفة بالنقابة، و بالقوانين النقابية، و يعملون على توسيع نطاق تلك الأجهزة إلى جميع الأماكن النائية التي يتواجدون فيها. و إلى جانب هذه المستويات هناك مستوى البرامج النضالية المطلبية التي يتحدد من خلالها ما يجب عمله من خلال الأجهزة المحلية و الإقليمية و الجهوية و الوطنية القطاعية و المركزية من اجل خوض المعارك النضالية لتحقيق المطالب المادية و المعنوية.
و هل يتم دعم الديمقراطية الداخلية بإعادة الاعتبار لخوض النضالات المطلبية المبدئية ؟
إن خوض النضالات المطلبية المبدئية هو الغاية القصوى من وجود التنظيم النقابي نظرا لدور تلك النضالات التي ينضبط إليها الأجراء و يساهمون في إنجاحها في ممارسة الضغط على المسؤولين في القطاعين العام و الخاص من اجل فرض الاستجابة لتلبية المطالب المادية و المعنوية التي يستفيد منها الأجراء على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية.
لأن النضالات المطلبية إذا لم تكن محكومة بمبادئ النقابة، فإنها تكون محكومة بشيء آخر يهدف إلى خدمة مصالح القائد النقابي الذي لا يحترم ديمقراطية النقابة و تقدميتها و جماهيريتها و استقلاليتها و وحدويتها أو خدمة مصالح الحزب الذي يوجه النقابة و يسيطر على أجهزتها بواسطة المنتمين إليه، من اجل جعل النقابة تساهم في تنفيذ البرنامج الحزبي و تحويلها إلى إطار للاستقطاب الفج للحزبيين الجدد.
و لذلك نرى أن النضالات لا تؤدي دورها الكامل إلا باحترام مبادئ النقابة في تقريرها، و في خوضها في نفس الوقت حتى تكون دعما للديمقراطية الداخلية و حماية لها.
و بناء على هذه التساؤلات التي طرحنا و قاربنا الإجابة عليها نرى أن ما جرى في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط هو بداية للإجهاز على ما تبقى من أمل في تكريس الديمقراطية الداخلية في باقي القطاعات ما لم يتم تدارك الممارسة و مراجعتها عبر عقد مؤتمر استثنائي من اجل إعادة الاعتبار للممارسة الديمقراطية الداخلية الحقيقية حتى تتجنب النقابة تكريس القبضة الحديدية على الأجهزة النقابية من قبل حزب معين. و في أفق ذلك نرى ضرورة إعادة الاعتبار للديمقراطية الداخلية بإعادة الاعتبار للقيادة الجماعية، و لمبادئ التقدمية و الجماهيرية و الاستقلالية و الوحدوية ، و للمحاسبة الفردية و الجماعية، و النقد و النقد الذاتي، و تفعيل البرامج المصادق عليها من قبل الأجهزة التقريرية و لخوض النضالات المطلبية المبدئية حتى تتحصن الديمقراطية الداخلية من أي انفلات في اتجاه الممارسة البيروقراطية، أو في اتجاه جعل النقابة تابعة لحزب معين، أو مجرد منظمة حزبية، أو مجالا للإعداد و الاستعداد لتأسيس حزب معين.


خاتمة خلاصة :
إن ما جرى في مؤتمر الدار البيضاء خلال سنة 2004 يجعل المتتبع يعتقد أن عمال الفوسفاط هم مجرد قطيع تتسابق جهات معينة من اجل الاستفراد به و قطع الطريق أمام جهات أخرى عن طريق السيطرة على الأجهزة النقابية المحلية و الإقليمية و الوطنية من اجل توجيه النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط نحو خدمة أهداف فردية أو حزبية لا علاقة لها بالعمل النقابي الصحيح.
و لتشريح ما حصل تناولنا مفهوم القيادة الفردية، و مفهوم القيادة الجماعية، و الفرق بين القيادة الفردية و القيادة الجماعية في العمل النقابي معرجين على وضعية النقابة في ظل القيادة الجماعية، و مصير النقابة في ظل القيادة الفردية، ثم تناولنا موضوع الك.د.ش. بين القيادة الفردية و الجماعية، و النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط و تكريس مبدأ القيادة الفردية و ما جره من ويلات عليها. و الحسم مع التصور التنظيمي الذي صاحب تأسيس النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط، و استعراض دواعي هذا الحسم. ثم تساءلنا عما جرى في النقابة الوطنية لعمال الفوسفاط الذي اعتبرناه في مقاربتنا بداية للإجهاز على ما تبقى من أمل في تكريس الديمقراطية الداخلية في باقي القطاعات، كما اعتبرنا أن ما جرى تكريس لقبضة حزب معين على النقابة. و طرحنا السؤال : ما العمل من اجل إعادة الاعتبار للديمقراطية الداخلية ؟
و الغاية التي نسعى إلى تحقيقها من وراء تناولنا لموضوع : "القيادة الفردية للنقابة و مخاطر التبقرط"، هي الوصول إلى جعل النقابة، أي نقابة، إطارا لتربية الأجراء على الممارسة الديمقراطية الحقيقية، و على احترام المبادئ النقابية التي هي الحصانة ضد كل أشكال التحريف التي يمكن أن تنزلق إليها النقابة في ظل القيادة الفردية.
و الأسئلة التي يمكن أن نختم بها موضوعنا هي :
ألا تستحق الطبقة العاملة و سائر الأجراء من الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل الحرص على اجرأة مبادئ الك.د.ش. التي قامت على أساسها سنة 1978 ؟
ألا تستحق الطبقة العاملة و سائر الأجراء حرص الك.د.ش. على تكريس القيادة الجماعية في جميع القطاعات و على المستوى المركزي ؟
ألا تعتبر الوجوه التي قادت الك.د.ش. منذ 1978 قد شاخت و ملتها الأقنعة ؟
ألا تستحق الطبقة العاملة الفوسفاطية من الكونفيدراليين بناء نقابة فوسفاطية تحترم فيها المبادئ النقابية ؟
ألا تستحق الطبقة العاملة الفوسفاطية أن تكون لنقابتهم قيادة جماعية ؟
إننا أمام واقع نقابي مترد، وفي جميع القطاعات و على الكونفيدراليين الغيورين أن يناضلوا من اجل قيام نقابة ديمقراطية تقدمية جماهيرية مستقلة و وحدوية حتى تكون إطارا صالحا لارتباط الأجراء به، و مناضلا من اجل تحقيق كرامتهم على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، لأنه بدون الكرامة لا يكون للأجراء وجود نقابي.

المغرب، ابن جرير في 1/7/2004
محمد الحنفي



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار – الديمقراطية – العلمانية أو التلازم المستحيل في العا ...
- في أفق تجاوز التعدد النقابي :
- عندما يتحول الظلام إلى وسيلة لتعبئة العمال نحو المجهول ...! ...
- حول الإسلام والسياسة .....وأشياء أخرى ......
- الإسلام / النقابة ... و تكريس المغالطة
- الاجتهاد ... الديمقراطية ... أية علاقة ؟
- الإسلام و دموية المسلمين
- الهوية و العولمة
- النقابة الوطنية للتعليم أي واقع … ؟ و أية آفاق … ؟
- نقطة نظام: العمل النقابي المبدئي الممارسة الانتهازية ...أية ...
- التربية النقابية والتربية الحزبية أو التناقض الذي يولد الضعف ...
- تخريب النقابة … تخريب السياسة … أية علاقة
- الثقافة بين طابع المساءلة وطابع المماطلة
- حول شعارات مؤدلجي الدين الإسلامي وأشياء أخرى…. من أجل ك.د.ش ...
- هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟
- الدين / السياسة أو العلاقة التي تتحول إلى متفجرات
- الاقتصاد الإسلامي بين الواقع والادعاء
- منطق الشهادة و الاستشهاد أو منطق التميز عن الإرهاب و الاستره ...
- الأوراش الكونفيدرالية و ضرورة تقديم النقد الذاتي إلى الشغيلة ...
- بين إسلام أمريكا و إسلام الطالبان…


المزيد.....




- الحكومة المغربية تستأنف “الحوار الاجتماعي” مع النقابات العما ...
- هتصرف قبل العيد؟!.. تحديد موعد صرف مرتبات شهر أبريل 2024 بال ...
- منحة البطالة الجزائر 2024 .. تعرف على الشروط وخطوات التسجيل ...
- 3.5 مليارات دولار تدفقات الاستثمار الأجنبي للسعودية والبطالة ...
- البطالة في السعودية تسجل أدنى مستوى منذ 1999
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للجنة الحقوق والحريات في نقابة الم ...
- Greece: Militant protest cancels US Army Concert in Greece – ...
- WFTU-APRO Circular No 2 dated 28th of March, 202
- EUROF: reiterates its support for Jean-Paul Delescaux, Gener ...
- البطالة بين السعوديين عند أدنى مستوى على الإطلاق


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد الحنفي - القيادة الفردية للنقابة و مخاطر التبقرط