أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد الحنفي - في أفق تجاوز التعدد النقابي :















المزيد.....



في أفق تجاوز التعدد النقابي :


محمد الحنفي

الحوار المتمدن-العدد: 926 - 2004 / 8 / 15 - 12:24
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


تقـديم :
إن الوضعية النقابية في المغرب تحمل أزمتها معها، و تئن تحت وطأة مجموعة من العوامل الذاتية التي ترجع إلى وضعية الحركة النقابية نفسها التي تفتقد الوضوح و المبادرات على مختلف المستويات مما يجعل الطبقة العاملة و بقية قطاعات الشغيلة تعاني من غياب وجود عمل نقابي صحيح يستحق أن نقف عنده، و أن نثمنه، و أن نعمل على تجذيره.
و أن شهداء حركة التحرير الشعبية بمن فيهم شهيد الطبقة العاملة الشهيد عمر بنجلون عندما رسموا معالم العمل النقابي الصحيح المتجسد في المبادئ الأربعة الجماهيرية و الديمقراطية و التقدمية و الاستقلالية، لم يكونوا من الذين يمارسون هواية الرسم بل كانوا فعلا يؤسسون للتصور النقابي الصحيح، حتى نجنب الطبقة العاملة و باقي قطاعات الشغيلة المزيد من الكوارث. و نوفر لها إمكانية امتلاك وعيها الطبقي و توحيد صفوفها في أفق خوض المعارك المطلبية التي ليست إلا مقدمة لاجتثاث مختلف أساليب الاستغلال الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي التي تستهدف قهر سائر شرائح الشعب الكادح.
و تأسيسهم للعمل النقابي الصحيح جاء نتيجة للتحولات التي عرفها العمل النقابي سواء على المستوى التنظيمي أو المطلبي منذ بداية الستينات بعدما عانى المناضلون من ممارسات القيادات النقابية، و خاصة في الاتحاد المغربي للشغل الذي ترتب عنه انحراف قيادته، و ممارستها البيروقراطية إن فتحت الأبواب أمام البحث عن بدائل لهذه الوضعية، فتكونت نقابات على أساس أن تكون تابعة لأحزاب معينة رغبة في التخلص من هيمنة الاتحاد المغربي للشغل في الساحة العمالية، و خلق هامش من الحركة وسط العمال و المستخدمين لتجد تلك الأحزاب المجال الذي تتغذى منه، فكان ما اصبح يصطلح على تسميته بالتعدد النقابي ظلما. و ما ذلك إلا لأن العمل النقابي لم يعرف طريقه الصحيح إلا بعد الأخذ بضرورة بناء المنظمة النقابية كأي منظمة جماهيرية على أسس مبدئية فكان ما اصبح يصطلح على تسميته بالتعدد النقابي ظلما. و ما ذلك إلا لأن العمل النقابي لم يعرف طريقه الصحيح إلا بعد الأخذ بضرورة بناء المنظمة كأي منظمة جماهيرية على أسس مبدئية، فكان التخطيط لتأسيس الك.د.ش كتصحيح لمسار العمل النقابي في نهاية 1978 بعد تأسيس مجموعة من النقابات الوطنية، و لم يمر على تأسيسها إلا أيام حتى التفت حولها الشغيلة، و انتظمت في إطارها قطاعات مهمة و قادت نضالات مطلبية رائدة، و قدمت نتيجة لذلك مئات الضحايا، و عمت محاكمة مناضليها مجموع التراب الوطني في 1979 و 1981 و 1984 ..الخ، إلا أن ما آلت إليه وضعيتها في السنوات الأخيرة يفرض طرح جملة من التساؤلات :
هل الك.د.ش هي البديل الفعلي لما ساد داخل الحركة النقابية في الستينات و السبعينات من هذا القرن ؟
ألا يعتبر تأسيس الك.د.ش ضربا لوحدة العمل النقابي كما كان تأسيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب مساهمة في ضرب وحدة الطبقة العاملة ؟
ألا تعتبر البورجوازية و من على شاكلتها هي المستفيد الأول من تمزيق جسد الطبقة العاملة ؟
ألا يعتبر توقيف و طرد و محاكمة مناضلي الك.د.ش مساهمة في إضعافها من اجل تحويلها إلى نقابة ذيلية لحزب سياسي معين ؟
ألا يعتبر ما آلت إليه الك.د.ش اكبر تحد تواجهه الطبقة العاملة في الظروف الراهنة ؟
إن الإيمان بضرورة توحيد صفوف الطبقة العاملة المغربية و سائر المستخدمين بفرص إعادة النظر في الممارسة النقابية المطبوعة بالدغمائية حتى تستعيد الطبقة العاملة قناعتها بنجاعة العمل النقابي من جهة. و تستعيد الحركة النقابية مواقعها التي فقدتها في أوساط الطبقة العاملة و المستخدمين. وفي أفق ذلك نطرح المسألة للنقاش رغبة في مساهمة المناضلين الأوفياء للطبقة العاملة فيه من اجل الدفع به في اتجاه تجاوز العمل النقابي للازمة التي يعيشها.
أولا : في مفهوم التعدد و ضرورته :
إننا عندما نطرح التعدد في التنظيم النقابي فإن ذلك يعني طرح الخلاف القائم، و الخلاف لا يكون إلا أيديولوجيا، و سياسيا، يترتب عنه خلاف تنظيمي. أي أن التعدد في التنظيمات النقابية لا يرجع إلى خصوصية الطبقة العاملة و سائر شرائح الشغيلة المغربية، لأن الذي يهمها، كما أثبتت التجارب التاريخية ذلك، هو أوضاعها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، و تحررها من قيود الاستغلال على جميع المستويات، بل يرجع إلى طبيعة البورجوازية بمختلف تشكيلاته بما فيها البورجوازية الصغيرة المريضة بعقلية الاستبداد، لأن كل تشكل منها يريد أن يبسط نفوذه على الطبقة العاملة، و على سائر الكادحين انطلاقا من مصلحته الطبقية، فينشئ لذلك نقابته الخاصة، و يسعى بواسطتها إلى جعل العمل النقابي في خدمة تلك المصلحة، و ينتج عن ذلك ظهور عدة منظمات تتناقض في شعاراتها، و تختلف في بياناتها و برامجها. و تغيب حين تحضر "الاستحقاقات السياسية" من اجل الظهور ببسط النفوذ على الشغيلة في إطار المزايدة و ممارسة الكولسة مع الطبقة العاملة و حلفاؤها من الكادحين الذين يتسرب إليهم فقدان الثقة في مختلف التنظيمات النقابية مما يعني فقدان الأداة التي تؤطر و تقود النضالات المطلبية، و عندما تتعرض الطبقة العاملة بصفة خاصة و الشغيلة بصفة عامة لمثل هذه الحالة فإنها تصبح فريسة لأشرس أشكال الاستلاب و الاستغلال، و تمارس كافة أشكال القمع من قبل الطبقة الحاكمة و من قبل الباطرونا، و لامبالاة النقابات البيروقراطية، و الذيلية على حد سواء. و في مقابل ذلك تتعمق أشكال الكولسة في دهاليز الطبقة الحاكمة، و مكاتب الباطرونا على حساب كرامة العمال و حلفائهم من الشغيلة، و يبقى العمل النقابي الصحيح في خبر كان.
و على هذا الأساس يطرح التساؤل : ما العمل ؟
فهل نأخذ بمبدأ التعدد و تسعى إلى إيجاد نقابات جديدة ؟
و هل إيجاد تلك النقابات يحل معضلة العمل النقابي ؟
و من هي الجهة التي تعمل على إيجاد الإطارات النقابية ؟
هل هي الطبقة العاملة و حلفاؤها من الشغيلة ؟
هل هي الأحزاب و التيارات السياسية التي لا نقابات لها ؟
إلا يعتبر الإقدام على تكوين نقابات جديدة شرذمة للطبقة العاملة و حلفائها ؟
إن دراستنا لتاريخ الحركة النقابية يوقفنا على حقيقة مرة، و هي الإكثار من الاطارات النقابية يؤدي إلى إضعاف قدرة الطبقة العاملة على مواجهة مستغليها و انتزاع حقوقها و تحقيق كرامتها. و بالتالي ، فإن التعدد النقابي لا يخدم إلا مصلحة الجهة التي تقف وراء التعدد، و مصلحة الطبقة الحاكمة و سائر المستغلين (بالكسر).
فهل تقوم في الواقع ضرورة التعدد ؟
إننا إذا استندنا إلى ضرورة وجود منظمات حزبية فإن الضرورة تقتضي أن يكون لكل حزب منظمته النقابية. ولكن إذا كان هذا منسجما مع حزب الطبقة العاملة أو حتى مع أحزاب البورجوازية الصغرى فإن انسجامه مع أحزاب الطبقة الحاكمة، و الأحزاب البورجوازية يصبح غير وارد. و لذلك فمن الناحية الموضوعية لابد أن يكون لكل حزب تقدمي نقابته. و من باب مجانبة الموضوعية أن يسعى المستغلون إلى تكوين نقابات عمالية تابعة لأحزابهم، لأن الغاية ستصبح حين ذلك هي تدجين الطبقة العاملة، و السيطرة عليها عن طريق تفتيتها، و تفكيك وحدتها و إغراقها في الاستلاب المادي و المعنوي. و في حالة كحال المغرب نجد أن لجوء الأحزاب التقدمية إلى تكوين منظمات نقابية تابعة لها مجانبة للواقع أيضا نظرا لخصوصية التشكيل الطبقي فيه بما في ذلك خصوصية الطبقة العاملة المغربية و حلفائها الكادحين. و لذلك كان على هذه الأحزاب أن تحترم مقاييس إيجاد منظمات نقابية مساهمة منها في إيجاد عمل نقابي وحدوي و موحد في إطار منظمة واحدة. و هذه المقاييس ليست إلا :
أ- التفريق بين النقابي/السياسي من جهة، و النقابي/الحزبي من جهة أخرى.
ب- عدم تجاوز المبادئ الأربعة التي ضحى من اجلها الشهداء، و المعتقلون، و المنفيون و الموقوفون و المطرودون الذين ينتمون إلى مختلف الأحزاب التقدمية.
ج- تجنب فرض السيطرة على الأجهزة النقابية.
د- تجنب فرض القرارات على النقابة.
ه- تجنب التدخل في شؤون النقابة.
و- دعم الممارسة النقابية الصحيحة مهما ابتعدت عن الخط السياسي لأي حزب من الأحزاب التقدمية.
و هكذا نجد أن ضرورة التعدد النقابي غير وارد في مثل حالة المغرب إلا من منطق حزبي ضيق. و قد يقول قائل، و لماذا عدم الالتزام بالبقاء في الاتحاد المغربي للشغل ؟ فنرد عليه بأن الممارسة البيروقراطية الطاغية على قياداته الوطنية و الجهوية ليست إدارية صرفة بل ناتجة عن ظروف موضوعية وضعت تلك القيادات في خندق واحد مع الطبقة الحاكمة، و البورجوازيات المغربية بسبب التبرجز الذي أصابها نتيجة السيطرة و التصرف في مداخيل التعاضديات المختلفة أو نتيجة لذلك الجيش من المتفرغين الذين أصبحت لهم مصالح لا تختلف عن مصالح البورجوازية نفسها. و نفس الشيء نقوله بالنسبة للك.د.ش التي يسيطر على معظم أجهزتها حزب معين، غير أن الأسس المادية لتلك السيطرة غير متوفرة. و لذلك نجد أنه كلما كان إصرار على احترام مبادئها الأربعة كلما انفضحت تلك الممارسات، كلما زادت سيطرة ذلك الحزب على الأجهزة. و بالإضافة إلى ذلك فهذه السيطرة لا تتجاوز المدن الكبرى التي تتكثف فيها المصالح الطبقية للبورجوازية الصغرى التي هي المغذي الرئيسي لصفوف الك.د.ش، و حيث يتواجد هذا الحزب في أجهزة التسيير الجماعية.
أما بالنسبة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب فهو منظمة حزبية وجدت لتخدم مصالح الحزب ليس إلا، و النضالات المطلبية الصرفة غير واردة في هذه المنظمة، لأن اغلب المؤسسات الإنتاجية في العديد من المناطق يملكها الحزبيون. و لذلك فمن المستحيل أن يكون الحزب ضد نفسه، و أن يعمل على إيجاد منظمة للعمل النقابي الصحيح . و التنسيق القائم بين الك.د.ش و الاتحاد العام للشغالين بالمغرب رهين بالتنسيق بين حزب الاتحاد الاشتراكي، و حزب الاستقلال، بمعنى انه لا يهدف إلى وحدة العمل النقابي بقدر ما يسعى إلى توظيف العمل النقابي لخدمة برنامج الحزبين في الانتخابات التي تقررها الطبقة الحاكمة، و وفق مصلحتها هي، بمعنى أن التنسيق نفسه لا يخدم في نهاية التحليل إلا مصلحة الطبقة الحاكمة كما تخدم الأحزاب "الديمقراطية" مصلحة هذه الطبقة.
ثانيا : تجليات التعدد على المستوى الحزبي :
ونظرا لطبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المغربية، فإن التشكيلة الحزبية لا تأتي نتيجة للإفراز الطبقي بقدر ما تأتي نتيجة لرغبة أشخاص تأثروا بأيديولوجية معينة، أو بفكر معين، أو تكونت عندهم مصالح معينة تتناسب مع تطلعاتهم و تسلقهم الطبقي، فيلجأون إلى تكوين أحزاب أو تيارات سياسية لا تتبنى بالضرورة أيديولوجية مؤسسيها على المستوى الطبقي، و لذلك نجد تفريخ الأحزاب و التيارات السياسية سواء في اتجاه اليمين أو في اتجاه اليسار على حد سواء.
و لذلك نجد تعدد أحزاب اليمين و أحزاب اليسار سواء تم التصريح بها أو لم يتم، و سواء ارتبطت بها الجماهير أو لم ترتبط، و كل حزب يحاول -انطلاقا من أيديولوجيته التي تبناها- أن يصوغ وجدان اتباعه، و أن يأخذهم انطلاقا من الممارسة الانتهازية، و ليس من منطلق المصلحة الطبقية، و هذا التعامل مع الاتباع هو الذي يساهم بشكل كبير في اتساع خريطة المنتمين إليها أو تقلصهم و هو في نفس الوقت، الذي يساهم في انتقال هؤلاء الاتباع من حزب إلى آخر أو تجميد أنفسهم إن لم يتحقق لهم ما يريدون.
و هذا التعدد الحزبي الذي لا يطفو على الساحة إلا في المناسبات الانتخابوية التي تمكن بعض المنتمين إليها إلى الوصول إلى مراكز القرار على المستوى المحلي و الوطني، ليس إلا هلاميا نظرا لغياب الأسس المادية و الأيديولوجية و السياسية و التنظيمية التي تربط المنتمين بالأحزاب. و لذلك نعتقد أن العديد منها مرشح للزوال عندما تتغير الظروف الموضوعية التي لا تخدم في شيء هذا التعدد المصنوع و المملى على المجتمع من فوق، استجابة للمؤسسات المالية الدولية التي تشترط في التعامل معها وجود "الديمقراطية" التي يعتبر التعدد الحزبي سمة من سماتها.
ثالثا : تجليات التعدد على المستوى الجماهيري :
و حتى يظهر تجذر كل حزب في الساحة الجماهيرية يعمد إلى تكوين المنظمات التابعة له في مجالات الشباب و المرأة بالخصوص، إلا أن مرض المنتمين إليها بالذاتية و الرغبة في السيطرة يجعلها تلجأ إلى تكوين منظمات تربوية، و حقوقية و نقابية، و انطلاقا من تلك المنظمات المختلفة فإنها تسعى إلى التأثير في المجتمع، و نشر أشكال الوعي الزائف بين أفراده. و الغاية هي صرف الطبقة العاملة و حلفائها عن الوعي بمشاكلها و بمصلحتها الطبقية حتى يتبين لها أفق النضال. و لذلك نجد لكل حزب منظمته الشبابية و النسائية و الحقوقية أو النقابية، و إذا لم تكن له منظمته فإنه يسعى إلى تكوينها.
و معلوم أن تعددا من هذا النوع ينعكس على العمل الحقوقي و الجمعوي و النقابي نظرا لغياب الممارسة الديمقراطية داخل هذه الأحزاب أو في علاقتها مع بعضها بالمنظمات الجماهيرية. فعقلية الإقصاء هي التي تسود، و مبدأ السيطرة على الأجهزة هو الحاضر. أما الأخذ بمبدأ حق الاختلاف، و الدفاع عنه و احترامه، و احترام إرادة المنتمين، و إرادة الجماهير فغير واردة، فكل حزب يقول أنا و من بعدي الطوفان. و إذا كان هناك تنسيق بين بعضها فإنه يكون محكوما بأمور لا علاقة لها بالممارسة الديمقراطية كالكوطة ، و الكولسة على الجماهير في جميع المحطات. أما التنسيق المحكوم بالقيم و المبادئ النضالية، و بالبرنامج الجبهوي فغير وارد عندها.
و لعل الحزب الوحيد الذي يشذ عن هذه القاعدة هو حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي يرفض كل الممارسات التي تتنافى مع الممارسة الديمقراطية الحقة، و يرفع شعار الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، و يوجه مناضليه إلى ضرورة احترام مبادئ العمل الجماهيري في مختلف المجالات و الاستماتة في المحافظة عليها خدمة لمصلحة الجماهير الشعبية الكادحة. و لذلك لم يضع في اعتباره تأسيس منظمة جماهيرية تابعة له، و لم يسع أبدا إلى السيطرة على أجهزة المنظمات الجماهيرية، و مناضلوه هم أول من ينضبط إلى القرارات الجماهيرية التي تتخذها المنظمات، و هم أول من يساهم في تعبئة الجماهير لخوض تلك النضالات، و هو إلى جانب ذلك لم يتكون بناء على حسابات ضيقة، بل جاء في ظروف اتسمت بحدة الصراع الطبقي، و إفرازا للصراع بين اليمين و اليسار داخل الحركة الاتحادية بين الخط النضالي الديمقراطي، و الخط الانتخابي، و بناؤه لم يتم بين عشية و ضحاها، بل استمر لسنوات منذ محطة 8 ماي 1983 قبل انعقاد مؤتمره الرابع، و هو يعتبر نفسه استمرارا لحركة التحرير الشعبية، و الحركة الاتحادية الأصيلة، فمشروعيته هي مشروعية نضالية أولا و قبل كل شيء.
رابعا : موضوعية التعدد الحزبي، و لا موضوعية التعدد النقابي :
و انطلاقا مما سبق يمكن أن نعتبر أن طبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المغربية تقتضي وجود أحزاب اليمين و أحزاب اليسار، و أحزاب الوسط كما هو الشأن في جميع الأنظمة التي تدعي الديمقراطية. و رغم أن أحزاب اليمين تكونت تحت إشراف أجهزة الدولة المخزنية. فإن هذا الإشراف في حد ذاته كاف للاستدلال على أن نفس الأجهزة هي التي عملت على إيجاد البورجوازية التي تقود تلك الأحزاب، و بالطرق الغير المشروعة، و الغاية من تكوينها هي التأثير على الأحزاب التاريخية و التقدمية من أجل مخزنتها. و هذا ما حصل فعلا عندما سقطت في فخ الطبقة الحاكمة، و أصبحت تمارس الكولسة على حساب الجماهير الشعبية الكادحة و تقبل بمبدأ الكوطة منذ انخراطها في التجارب الانتخابوية المتلاحقة ابتداء من سنة 1976.
و التحولات التي عرفتها التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية المغربية على علاتها أصبحت تفرض وجود تعدد حزبي كتعبير عن التعدد الطبقي في المجتمع رغم المعيقات التي تحول دون التطور الطبيعي لهذه التشكيلة، و رغم الإمكانيات الضخمة التي تقف وراء انتشار أشكال الوعي الزائف التي تستهدف الطبقة العاملة و حلفاءها.
و هذه الأشكال من الوعي الزائف هي التي رسخت الاعتقاد بمشروعية التعدد النقابي لأنه لولاه ما أقبلت الطبقة العاملة على الانخراط في النقابات التي تشكلها أحزاب الطبقة الحاكمة، كذلك الشأن بالنسبة للأحزاب المحسوبة على الصف الوطني و التقدمي. فالنقابة الشرعية يجب أن تستمد قوتها من :
أ- الشرعية التاريخية المترتبة عن إفراز النضالات المطلبية و الوطنية لتلك النقابة.
ب- توفر المبادئ الأربعة الضامنة لمساهمة جميع العمال و حلفائهم في الحركة المطلبية التي تقودها النقابة كالتقدمية و الديمقراطية و الجماهيرية و الاستقلالية.
ج- استمرار هذه النقابة في قيادة النضالات المطلبية.
د- تخلصها من البيروقراطية و الذيلية للأحزاب السياسية.
و هذه المقاييس هي الضامنة للوحدة النقابية سواء على مستوى بناء المنظمة النقابية العتيدة ، أو على مستوى وحدة العمل النقابي عندما يتم التنسيق بين المنظمات النقابية على أسس سليمة. و بذلك يتبين أن التعددية في العمل النقابي لا تعبر أبدا عن التعدد الطبقي بقدر ما تعمل على تمزيق جسد الطبقة العاملة وحلفائها حتى يسهل استغلال الجميع و لو في أفق التوظيف الانتخابي على الأقل كما هو الشأن بالنسبة للاتحاد الاشتراكي في حرصه على جعل الك.د.ش نقابة ذيلية الأمر الذي يحرج المناضلين النقابيين الأوفياء الذين لازالوا يؤمنون بالعمل النقابي الصحيح.
خامسا : الممارسات المفرزة للتعدد النقابي :
إلا أن مشروعية وحدة النقابة و وحدة العمل النقابي تقف في طريقه مجموعة من المعيقات التي تحول دون ذلك. و تشجع على اللجوء إلى تكوين نقابات جديدة قد لا تعرف حدودا سواء في اتجاه أقصى اليمين أو أقصى اليسار، و من أهم تلك المعيقات :
1) الممارسة البيروقراطية التي اصطدمت بها الشغيلة في بداية الستينات على مستوى الاتحاد المغربي للشغل. و التي كانت لها انعكاسات سلبية على الطبقة العاملة و حلفائها، و على الحركة السياسية في المغرب. و اعتبرت مبررا اعتمدته جهات معينة في ذلك الوقت لتأسيس نقابات تابعة للأحزاب. فالممارسة البيروقراطية هي نقيض الديمقراطية، و تعني تسلط مجموعة من الأشخاص على الأجهزة النقابية وطنيا و جهويا نظرا للمصلحة الطبقية التي تكونت عند أولئك الأشخاص بسبب تمكنهم من الأجهزة الاجتماعية لمختلف القطاعات، و لتفرغهم لحساب العمل النقابي، و للحميمية التي أصبحت تربطهم بالطبقة الحاكمة، و أجهزتها الإدارية، و بالباطرونا. فالأجهزة البيروقراطية تجد نفسها في نفس الخندق مع المستغلين. لذلك تحكم سيطرتها على النقابة في مختلف المستويات. و ما شعار عدم تسييس العمل النقابي إلا وسيلة لابعاد العمال عن المطالب و الشعارات السياسية المشروعة، و التي لها علاقة بالوعي الطبقي للعمال بقطع النظر عن الجهة التي تتبنى تلك المطالب و الشعارات مادامت تخدم مصلحة العمال و حلفاءهم.
2) ذيلية العمل النقابي للعمل الحزبي، هذه الذيلية التي جاءت في البداية نتيجة للممارسة البيروقراطية فأول نقابة تكونت بعد الاتحاد المغربي للشغل، كانت الاتحاد العام للشغالين الذي كان واضحا منذ البداية على انه مجرد منظمة حزبية بعدما تعذر على حزب الاستقلال العمل في إطار الاتحاد المغربي للشغل من اجل جعله منظمة تابعة له.
و ذيلية الات.ع.ش.م. لحزب الاستقلال اصبح مثالا يقتدى به حتى بالنسبة للأحزاب الرجعية و أحزاب الإدارة. فقد سعى كل حزب إلى تأسيس نقابته، و تختلف عن هذه الأحزاب في التوجه و في الهدف الحركة الاتحادية الأصيلة التي بقيت متمسكة بشرعية الات.م.ش. إلى أن تعذر عليها العمل في إطاره، فسعت أولا إلى تنظيم مجموعة من القطاعات على أساس ربط العمل النقابي بالعمل السياسي انطلاقا من المبادئ الأربعة المشار إليها، فكانت النتيجة أن توج تنظيم تلك القطاعات بتأسيس الك.د.ش في نونبر 1978 التي استقطبت أنظار الجميع، واستطاعت في وقت وجيز أن تحقق، بقيادتها للنضالات المطلبية إشعاعا منقطع النظير، و خاصة بعدما قدمت مئات الضحايا من الموقوفين و المطرودين، و أقيمت محاكمات لمناضليها في مجموع التراب الوطني في 79 و 81 و 84...الخ. إلا أن تلك النضالات تم السطو عليها، و حيازتها لصالح حزب الاتحاد الاشتراكي الذي اصبح يعمل كل ما في وسعه و خاصة بعد 8 ماي 1983 لأجل السيطرة على الأجهزة بتنسيق مع جهات حزبية أخرى كمنظمة العمل سابقا و الحزب الاشتراكي الديمقراطي حاليا، كل ذلك لقطع الطريق على مناضلي النقابة الأوفياء الذين ينتمون لأحزاب سياسية تقدمية كحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذي يعتبر نفسه حزبا للطبقة العاملة ، و بذلك تتحول الك.د.ش بالتدريج إلى نقابة ذيلية مما أعطى الشرعية من جديد للات.م.ش. و أوقع قيادة الك.د.ش. في أزمة "النقابة البديل" التي لم تعد بديلا، فأصبحت بذلك كبقية النقابات الذيلية التي تحتاج إلى تصحيح.
3) تبعية النقابة للطبقة الحاكمة، و إن أهم ما تسعى إليه الطبقة الحاكمة هو العمل على أن تصبح النقابة رهينة بإرادتها، و اختياراتها عن طريق :
أ- دعمها البيرقراطية في الأجهزة النقابية، و إطلاق يد هذه الأجهزة في أموال المنظمات الاجتماعية التي من المفروض أن الدولة تشرف عليها.
ب- السعي إلى تكريس ذيلية النقابة للحزب السياسي الذي يرهن نفسه بالدخول في المؤسسات المزورة حيث يتورط أعضاؤه في أشكال الفساد التي تؤدي إلى إثرائهم السريع.
ج- محاولة شراء ممثلي العمال عن طريق تقديم الإغراءات و الامتيازات.
د- تشجيع أحزابها على إنشاء نقابات تساهم في شرذمة العمال.
و هذا الرهن له تجليات متعددة و متنوعة على مستوى بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل الذي يشكل دولة داخل الدولة، تقتطع لحساب المؤسسات الاجتماعية التي يتحكم فيها أموال طائلة من أجور المنخرطين.و على مستوى اعتبار الاتحاد العام للشغالين بالمغرب منظمة تابعة لحزب الاستقلال، و حرص الاتحاد الاشتراكي على اعتبار الك.د.ش منظمة تابعة له دون اعتبار لمبادئها الأربعة، و إقدام حزب التقدم و الاشتراكية على تأسيس نقابته، و تفكير منظمة العمل في إيجاد إطار نقابي خاص بها مما يترتب عنه توقيف عمل المنتمين إليهما في الاتحاد المغربي للشغل، و الك.د.ش. بالإضافة إلى النقابات التي أسستها الأحزاب الرجعية.
4) عدم الوضوح في الممارسة النقابية الذي نقصد به غياب الممارسة الديمقراطية في العمل النقابي التي تمكن المنخرطين من المساهمة في بلورة المطالب العامة و القطاعية، و صياغة البرنامج المطلبي بعيدا عن تدخل جهات بعينها في شؤون النقابة، مما يجعل الاضطراب سائدا في العلاقة مع المنخرطين من جهة و مع الطبقة العاملة و حلفائها من جهة أخرى و هو اضطراب مبعثه غياب الرؤية الواضحة على جميع المستويات. و هذا الغياب مقصود من الجهات المؤثرة في الممارسة النقابية، و خاصة الأحزاب السياسية التي تملي قراراتها على النقابات انطلاقا من ممارسة الكولسة مع الطبقة الحاكمة.
و بناء على ذلك لا نستغرب وجود هذا التعدد في حد ذاته، كما لا نستغرب إمكانية تفريخ المزيد من المركزيات، نظرا لعقلية الاستبداد التي تحكم معظم الأجهزة الحزبية، و نظرا لغياب الحوار الديمقراطي بين النقابات.
و الذين يتحملون المسؤولية في هذه الوضعية هم الذين يرفعون الشعارات و لا يلتزمون بمضمونها و خاصة على مستوى الاتحاد المغربي للشغل، و الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، لأنه لو تمت الممارسة الديمقراطية في الات.م.ش. فسيكون واقع آخر. و لو تمت المحافظة على المبادئ الأربعة للك.د.ش لوقعت المعجزة، أما باقي المنظمات النقابية الأخرى فستصبح مجرد منظمات صورية إذا توفرت شروط التعامل بين الات.م.ش و الك.د.ش.
سادسا : انعكاس التعدد النقابي على العمل النقابي :
إن هذه الإطارات المتعدد للعمل النقابي ستكون و لاشك مختلفة على مستوى المنطلقات، و على مستوى الأهداف. و هذا الاختلاف يقود بالضرورة إلى الاختلاف على مستوى البرامج، و الممارسة اليومية بما في ذلك العلاقة مع إدارة الباطرونا، و أجهزة السلطة. و هذا ينتج عنه أن الطبقة العاملة و حلفاءها تفتقد الثقة في العمل النقابي، و اكثر من ذلك نجد أنها تفتقد الثقة حتى في نفسها، و في إمكانياتها الذاتية و الموضوعية، و يتجلى ذلك في :
1) التراجع في الانخراطات النقابية، و في مجموع النقابات، نجد أن نسبة انخراط العمال و المأجورين لا تتجاوز 15% أي أن 85% من العمال المأجورين لا تعرف النقابة و لا تتعامل معها. و تختلف هذه النسبة حسب مواقع الإنتاج، و هناك قطاعات بأكملها لا تعرف العمل النقابي أبدا، لا لأنها تفتقد الوعي النقابي، بل لأنها تقتنع أن النقابة تعتبر مطية لأمور أخرى لا علاقة لها بالعمل النقابي كما يظهر ذلك من خلال الممارسات اليومية في العديد من القطاعات، و من مختلف النقابات.
2) قلة الانخراط في الحركة المطلبية نظرا لعدم الوضوح في الممارسة النقابية كما يدل على ذلك غياب قطاعات بأكملها عن الانخراط في إحدى التنظيمات النقابية لكي تصوغ برنامجها المطلبي و تناضل من اجل تحقيقه، و يرجع ذلك إلى غياب الضمانات الضرورية لحماية العمال أو ممثليهم على الأقل في حالة تعرضهم للتوقيف أو الطرد من قبل أجهزة الدولة أو الباطرونا.
3) عدم تمكين العمال من امتلاك وعيهم الطبقي لأن أهم ما يقوم به العمل النقابي الصحيح هو جعل العامل، و بطريقة غير مباشرة يمتلك وعيه الطبقي، و لو في مستواه الأدنى على الأقل. و خاصة عندما يدركون انهم يشكلون طبقة مستغلة تكون مع حلفائها تحالفا طبقيا لمواجهة كافة أشكال الاستغلال التي تستهدف الجميع.
و الذي يحصل في المغرب أن النقابات تلعب دورا كبيرا في الحيلولة دون امتلاك الوعي الطبقي تارة تحت تأثير عدم تسييس المطالب، و تارة أخرى تحت تأثير ذيلية النقابة لحزب معين، و في الحالتين معا فإن ضحية عدم تسييس المطالب أو الحرص على حزبيتها هم العمال و المأجورون سواء تعلق الأمر بالقطاع العام أو الخاص.
4) عدم خلق الجسور مع حلفاء الطبقة العاملة. فغياب الممارسة النقابية في العديد من القطاعات، و في العديد من الأماكن يجعل الإشعاع النقابي منحسرا و متقوقعا، و عدم وجود نضالات مطلبية عامة و شاملة تكرس التفرقة بين القطاعات، و لا تشعر أبدا بما يجب عمله لجعل العلاقة بينها عضوية، و الضرورة تقتضي إيجاد صيغ نضالية مطلبية احتجاجية تشعر جميع العمال و المأجورين بانتمائهم إلى نفس الطبقات المقهورة. و هذا الانتماء هو المعبر إلى الوحدة النضالية و التنظيمية و المطلبية. و هذا ما لم تقم به أية نقابة بشكل جدي على الأقل في الظروف الراهنة التي تعرف فيها الطبقة العاملة هجوما شرسا من قبل الطبقة الحاكمة.
سابعا : أفاق تجاوز ظاهرة التعدد النقابي :
إن تجاوز ظاهرة التعدد النقابي ليست مسألة سهلة و لا في متناول قوة معينة مهما كان حجمها، لأن هذا التعدد اصبح أمرا واقعا، و يعبر عن تباين طبقي بين المنتمين إلى مختلف النقابات، لكنه التباين الذي لا يلغي التقارب، و يفسح المجال أمام إمكانية تنسيق أولي و خاصة بين الات.م.ش و الك.د.ش و الات.ع.ش.م. من اجل القيام بنضالات مطلبية قطاعية، أو جهوية أو عامة من اجل إشعار الطبقة العاملة و المأجورين بالكيان الجماعي لهم في مقابل الكيان الذي يشكله المستغلون و معهم أجهزة الدولة في مختلف القطاعات. و لتكريس وحدة العمل النقابي لابد من السعي إلى :
1) فتح حوار جاد و مسؤول بين مختلف الأحزاب و التيارات السياسية و الوطنية و التقدمية يكون موضوعه :
أ- الوضعية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسة التي يعيشها المغرب خلال السنوات الماضية و التي سيعيشها في المستقبل.
ب- الوضعية المتردية التي يعيشها العمال و المأجورون على جميع المستويات، وفي جميع القطاعات.
ج- الوضعية المتردية للعمل النقابي التي تحول دون قيام العمال و المأجورين بدورهم في الحد من انهيار القدرة الشرائية بين صفوفهم.
د- الحد من هذا التردي الذي يعرفه العمل النقابي.
ه- القيام بمبادرات سياسية تعيد الثقة إلى النفوس في جميع القطاعات.
و- الدفع في اتجاه قيام تنسيق بين النقابات التي تؤثر فيها تلك الأحزاب أو يتواجد فيها مناضلوها.
2) توحيد الملف المطلبي للنقابات المتواجدة في الساحة النضالية عن طريق :
أ- تكوين لجنة مشتركة لدراسة المطالب المطروحة في ملفات النقابات المطلبية للخروج بملف مطلبي موحد.
ب- فتح نقاش واسع حول الملف المطلبي الموحد على مستوى القواعد النقابية.
ج- جمع الأجهزة التقريرية للمصادقة على الملف المطلبي الموحد.
د- الانطلاق من الملف المطلبي الموحد لتوحيد الملفات المطلبية على المستوى القطاعي و الجهوي و المحلي.
ه- العمل في أفق توحيد البرنامج المطلبي النضالي، محليا، و جهويا، و قطاعيا ثم مركزيا.
و- القيام بحملة إعلامية واسعة لجعل العمال يرتبطون بتنفيذ ذلك البرنامج، و استقطاب الجماهير الشعبية حوله.
3) و للوصول إلى تحقيق برنامج مطلبي يوحد عمل النقابات و تطلعات العمال و المأجورين لابد من :
أ- تكوين جهاز تنسيقي منبثق عن اجتماع الأجهزة التنفيذية الوطنية أو الجهوية أو المحلية بناء على مقاييس محددة.
ب- تكوين جهاز تقريري بناء على مقاييس تمثيلية على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي.
ج- التزام النقابات بقرارات الأجهزة التقريرية التنسيقية.
د- مراقبة الأجهزة التنفيذية التنسيقية لالتزام النقابات بتنفيذ تلك القرارات.
ه- مساهمة جميع النقابات في تعبئة العمال و المأجورين حول تلك القرارات.
و- عقد ندوات وطنية و جهوية و محلية مشتركة حول تلك القرارات و حول الملف المطلبي و البرنامج المطلبي، و سبل مساهمة الجميع في التنفيذ.
ز- التناوب في تشغيل المقرات على جميع المستويات في أفق إيجاد صيغة لتوحيدها.
4) و لتجاوز معضلة التعدد على النقابات المتمرسة على التنسيق أن تسعى إلى عقد مؤتمر مشترك وفق مقاييس محددة تراعي التمثيلية النسبية على المستوى الوطني و الجهوي و المحلي. و يتم التحضير للمؤتمر على كل مستوى بناء على قرار تتخذه الأجهزة التنسيقية التقريرية حسب كل مستوى من اجل :
أ- دراسة المشاريع المعروضة عليه قصد اغنائها و البث فيها لتتحول إلى قرارات.
ب- انتخاب الأجهزة التقريرية التي تحل محل الأجهزة التقريرية التنسيقية.
ج- انبثاق الأجهزة التنفيذية عن الأجهزة التقريرية.
و لحماية هذا الإطار الجديد من التحجيم و التآكل توكل إليه مجموعة من المهام، كالإشراف على تنفيذ القرارات، و مراقبة سير الأجهزة النقابية المركزية و القطاعية و الجهوية و المحلية و محاسبة الأجهزة المخلة بالعمل الوحدوي، و فتح الجسور مع الأحزاب و المنظمات الحقوقية و الثقافية الحليفة و الصديقة و عقد ندوات صحفية، و اتخاذ المبادرات النضالية التي تخدم العمل الوحدوي.
و للوصول إلى تحقيق الوحدة النقابية لابد من سعي الجميع إلى توفير المناخ الملائم، و الذي ليس إلا التمرس على نسج العلاقات الديمقراطية داخل كل منظمة و فيما بين المنظمات من جهة، و فيما بينها و بين باقي المكونات السياسية و الحقوقية و الجمعوية و باقي العمال و المأجورين من جهة أخرى. لأنه بدون المناخ الديمقراطي لا يمكن تذويب هذا الركام من الحسابات الضيقة التي لا تنتج إلا ممارسة التشرذم على جميع المستويات. هذا التشرذم الذي لا تستفيد منه إلا طبقة المستغلين في الوقت الذي يتضرر فيه العمال و المأجورين.
خاتمة :
فهل سترقى الحركة النقابية في المغرب إلى مستوى التحديات التي تواجهها ؟ و هل تدرك هذه الحركة مغبة هذا التعدد على مستوى الأضرار التي تلحق العمال، و المأجورين و معهم الجماهير الشعبية الكادحة.
إن الظروف الجديدة التي اصبح يعيشها العمال و المأجورون تقتضي إعادة النظر في الممارسة النقابية و الممارسة السياسية معا نظرا للعلاقة الجدلية القائمة بينهما, و تبعا لذلك إعادة النظر في الممارسة الحزبية التي تحول دون تفاعل النقابات مع المستجدات الوطنية و القومية و الأممية حتى لا تبقى النقابات و الأحزاب عامل عرقلة و إحباط بالنسبة للعمال و المأجورين و باقي الكادحين.
و إعادة النظر تقتضي من الجميع القيام بممارسة نقدية ذاتية و موضوعية عن طريق القيام بقراءة التجربة النقابية في المغرب، و البحث في معوقات وجود عمل نقابي صحيح. و معوقات قيام علاقة سليمة بين النقابي و السياسي، و بين النقابي و الحزبي، حتى نعطي إمكانية إعادة البناء على أسس جديدة تتناسب و التطور الذي تعرفه التشكيلة الاقتصادية و الاجتماعية المغربية، لأن التمسك بالوضعية القائمة لا يعطينا إلا معنى واحدا هو فقدان المصداقية. و معلوم أن الجميع يتضرر من فقدان المصداقية، نقابات و أحزابا و جماعات حقوقية و ثقافية. و إعادة النظر فيما هو قائم على المستوى النقابي يهدف بالدرجة الأولى إلى إعادة الثقة إلى نفوس العمال و المأجورين و باقي الكادحين عن طريق إعطاء المصداقية للمنظمات الجماهيرية، و في مقدمتها المنظمات النقابية، و تبعا لذلك إعطاء المصداقية للأحزاب السياسية و الوطنية و التقدمية.
فهل يكون الجميع في مستوى ما تتطلبه المرحلة ؟
و هل يتجاوز الجميع الحسابات الضيقة ؟
و هل يعطي الاعتبار لمعاناة العمال و المأجورين ؟
و هل يعمل الجميع على إزالة المعيقات التي تحول دون وجود عمل نقابي صحيح ؟
إن الأمل كبير في إرادة الطبقة العاملة المغربية صانعة المعجزات، كما هو كبير في إرادة الجماهير الشعبية الكادحة، هذه الإرادة التي هي المنقذ الأنجع لمواجهة كل المعيقات و التحديات.



#محمد_الحنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يتحول الظلام إلى وسيلة لتعبئة العمال نحو المجهول ...! ...
- حول الإسلام والسياسة .....وأشياء أخرى ......
- الإسلام / النقابة ... و تكريس المغالطة
- الاجتهاد ... الديمقراطية ... أية علاقة ؟
- الإسلام و دموية المسلمين
- الهوية و العولمة
- النقابة الوطنية للتعليم أي واقع … ؟ و أية آفاق … ؟
- نقطة نظام: العمل النقابي المبدئي الممارسة الانتهازية ...أية ...
- التربية النقابية والتربية الحزبية أو التناقض الذي يولد الضعف ...
- تخريب النقابة … تخريب السياسة … أية علاقة
- الثقافة بين طابع المساءلة وطابع المماطلة
- حول شعارات مؤدلجي الدين الإسلامي وأشياء أخرى…. من أجل ك.د.ش ...
- هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟
- الدين / السياسة أو العلاقة التي تتحول إلى متفجرات
- الاقتصاد الإسلامي بين الواقع والادعاء
- منطق الشهادة و الاستشهاد أو منطق التميز عن الإرهاب و الاستره ...
- الأوراش الكونفيدرالية و ضرورة تقديم النقد الذاتي إلى الشغيلة ...
- بين إسلام أمريكا و إسلام الطالبان…
- هـل انتهى حق الشعوب في تقرير مصيرها بمجرد خروج الاستعمار ؟
- النضال النقابي بين رهانات الظرفية السياسية وطموحات الشعب الك ...


المزيد.....




- بُشرى سارة للجميع زيادة رواتب الموظفين في العراق! 2.400.000 ...
- “عاجل بشرى سارة اتحدد أخيرا” موعد صرف رواتب المتقاعدين في ا ...
- مد سن المعاش لـ 65 لجميع موظفين الدولة بالقطاع الحكومي والخا ...
- زيادة الأجور تتصدر مطالب المغاربة قبيل عيد العمّال والنقابات ...
- حماس تدعو عمال العالم لأسبوع تضامن مع الشعب الفلسطيني
- “وزارة المالية 100 ألف دينار مصرف الرافدين“ موعد صرف رواتب ا ...
- جددها الان من هنا.. اليكم رابط تجديد منحة البطالة في الجزائر ...
- “880.000 دينار فوري مصرف الرافدين“ وزارة المالية العراقية تُ ...
- WFTU Declaration on Mayday 2024
- بيان اتحاد النقابات العالمي بمناسبة الأول من أيار 2024


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - محمد الحنفي - في أفق تجاوز التعدد النقابي :