أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مصطفى - -الترجمة كباب آخر ينفتح على الروح-














المزيد.....

-الترجمة كباب آخر ينفتح على الروح-


بسام مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 3225 - 2010 / 12 / 24 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


"الترجمة كباب آخر ينفتح على الروح"

بسام مصطفى

عرف العرب القدماء قيمة وأهمية الترجمة منذ زمن وعصور بعيدة، ويقول رهط من المؤرخين أن الحاكم العربي المأمون كان يدفع ثمن الكتاب المترجم ذهباً! ولقد تم في عهد المأمون هذا ترجمة كتب الفلسفة والهندسة والحساب والفلك والرياضيات والأدب والطب والعلوم والموسيقى من اللغات اليونانية والفارسية القديمة والسريانية والكلدانية إلى اللغة العربية.

ولابد من الاشارة الى أن الترجمة كانت بمثابة الخطوة الأولى التي لاغنى عنها لتبدأ بعدها الدراسات والتحليلات والتطبيقات العملية للعلوم المترجمة. ويقال أن المأمون ملأ بلاطه بالمترجمين ونقل إلى بغداد من الكتب اليونانية ما يثقل مائة بعير! وهيأ للمترجمين ارزاق ثابتة تكفيهم جميعهم. كان هذا، بالطبع، قبل أن يحل الخراب وتنتهك أوكار الروح والبساطة...

النهضة الاوروبية الكبرى التي نقلت أوروبا من عصور الظلام والعتمة الى أقانيم النور والضياء، بدأت حين بدأت، بترجمة شاملة لكل الأعمال والمؤلفات التي أنتجتها الحضارات والفلسفات السابقة وتم الأخذ من الأفكار عن جميع ملل الارض سيما عن الاغريق القدماء أصحاب الحضارة الساطعة والمفاهيم التي ما تزال متوهجة ومنتشرة في العالم بأجمعه الى درجة أن شاعر بريطاني وهو اللورد بايرون وبغية الدفاع عن حضارتها استشهد على ترابها ضد المعتدين في أواخر القرن الثامن عشر. فقد استهوت الدراسات والمؤلفات الإغريقية واللاتينية عقول الكثير من الآوروبين الذين وجدوا معظم مجلداتهم في الكنائس والأديرة، فأنهمكوا وعكفوا على دراستها، وترجمتها إلى لغاتهم المحلية مما فتح نوافذ المعرفة للمرة الأولى وأنفتحت بهذا الشكل الباب المغلق للاوربي على روحه وأعماقه.

وأغلب شعوب جوارنا على علاتهم فتحوا لهم دروبا وممرات إلى ارواحهم وإلى حد معين كان لهم ذلك، أي التطلع الى الحياة بعيونهم هم لابعيون غيرهم، كمثلنا: نحن كرد الله و"شعب الله المحتار". على سبيل المثال، مذهب وفكر كامل كالشيوعية وصلنا بلغة غير لغتنا أو بلغات غير لغتنا، القادرة طبعا على استيعابها وترجمتها وجعلها تتكلم بالكردية! كذلك قرأنا إلى جانب لينين وماركس، غوركي وتولستوي ودوستويفسكي وغيرهم من كبار رجالات الادب الروسي والاوربي كفيكتور هوغو وغيرهم باللغة العربية وأغلب أعمال الادب الروسي بمجلداتها الكبيرة والآلاف المؤلفة من صفحاتها أتتنا من خلال المترجم العربي الرائع سامي الدروبي.

لكن بأي حال هذا لم يجعلنا قادرين على التعرف على روح روسيا مثلا وأدبها وأرضها وسماءها واعماق اعماقها بعيون كردية. وكذا الحال بالنسبة لكرد الشمال والشرق من كردستان المشتتة، حيث كانت العيون عيوناً تركية أو فارسية لكن لم تك كردية إلا ما ندر.

كان هذا أشبه ما يكون بقدر لابناء الجن، الذين لا زالوا، عكس معظم شعوب وملل الارض، بلا دولة ولا امبراطورية ولا مملكة رغم كثرة أباطرتهم الصغار والكبار وأمرائهم "الذين هم بعدد النجوم"! ذلك لأن الترجمة كعملية مستمرة وصيرورة دائمة كدوام الحياة وكفن وصناعة حرفية لها معاييرها ومبادئها وقواعدها، تحتاج إلى ماتحتاج من الدعم والمساندة وتهيئة الاجواء والارواح لتجعل كافكا، كونديرا، وشولوخوف يتكلمون الكردية ككردية ابائنا واجدادنا. فهذه العملية انما تحتاج الى مؤسسات كبرى ومشاريع دقيقة ودائمة وإلى رجال ولجان وخطط قصيرة وطويلة الآماد.

الترجمة هي عرس للغة واغناء وثراء كبيرين، تأتي أحيانا مع هذا البحر الوسيع كلمات وعبارات جديدة تجدد شباب اللغة وتضخ فيها الكثير من الدماء الحارة الجديدة وتزيل الكثير من الدم المتعفن. انها امتزاج لحضارت وثقافات شعوب الارض لتصب كلها في النهاية في المحيط الكبير واقصد أعماق وروح الانسان. انها ليست تقوقعا أو نكوصا، وليست مجرد نقل كلمات من لغة الى أختها، بل انفتاح على الهدير والمسيل الغريب للروح الآدمية التي تتآلف في ذات البوتقة وتنتهي إلى ذات النهاية والمكان.

الترجمة بالنسبة لنا نحن الكرد، أشبه ما تكون بثورة من الثورات وأعني بلا شك ثورة لغوية وفكرية وكم قد نحتاج إلى ثوات فأرضنا بورا ما تزال وتحتاج الى الحصاد، بثيران العقول وفحول الرؤى. وهي –أي الترجمة- تفتح لنا الباب على مصراعيه كي نلج إلى اعماقنا الغائبة والمغيبة.

رغم الصعاب وضيق ذات اليد، لكن ثمة أمل وشعاع كردي يهب من جهة الشمال. ففي الاقليم المحرر ليس من ضرر في التفكير -بأضعف الايمان- بهكذا مشاريع ورؤى من خلل المختصين والمهتمين والعاملين في هذا الصدد. فهذه فرصة سانحة يجب استغلالها.

أعتقد أن الامير العربي القديم المأمون الذي كان يكيل الكتب المترجمة إلى لغته ويمنح ثمنها ذهباً لم يك على خطأ، فالذهب – غاد ورائح- لكن تلكم الكتب وتلكم اللغة باقية بقاء الدهر!



#بسام_مصطفى (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرد سوريا والبحث عن كاريزما
- في 13.11.1960
- محمد عارف...اللوحة الأخيرة
- هل سيتباهى الحجل مرة أخرى؟
- إلى الأخ والصديق خالد علي..
- حديث مع كوردي
- فتح الله حسيني في -إمبراطورية الخديعة-
- الأدب الشفاهي الكُردي: البحث عن الهوية المفقودة
- بلا عنوان: شيلان حمو الشاعرة التي ترى بقلبها!


المزيد.....




- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...
- طهران تحت النار: كيف تحولت المساحات الرقمية إلى ملاجئ لشباب ...
- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مصطفى - -الترجمة كباب آخر ينفتح على الروح-