جاسم هداد
الحوار المتمدن-العدد: 963 - 2004 / 9 / 21 - 09:26
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الرفاق الأعزاء في الحزب الشيوعي المصري المحترمون
تحية رفاقية
بغبطة وسرور , اطلعت على التقرير الصادر عن الأجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري , وفرحت من القلب لنجاحه لأنه كان على ما يبدو بمثابة مؤتمر استثنائي , كما اشار التقرير . وانتهز هذه الفرصة لتهنئتكم بعودة حزب الشهيد شهدي عطية ورفاقه الأبطال , بفعالية الى ساحة النضال السياسي , من خلال مشاركته " في معظم ان لم يكن في جميع المظاهرات والتجمعات التي خرجت في السنوات الأخيرة " , وتحقيقه تواجدا في " معظم الأنشطة الجبهوية في الأعوام الأخيرة " .
لكن لفت انتباهي ما ورد في التقرير عن تأييد الأجتماع لـ " المقاومة العراقية للأحتلال ألأنجلو امريكي بكل الوسائل , بما فيها الكفاح المسلح ", والذي اود مناقشته هنا وأأمل ان تتسع صدوركم للحوار حوا هذه القضية .
الرفاق الأعزاء
مع كل الأحترام لوجهة نظركم الواردة اعلاه , اسمحوا لي هنا , تبيان بعض الأمور التي قد تساعد في ازالة بعض اللبس والضبابية عما يدور في العراق .
مثلما هو معروف لكم وللكثيرين , فإن الحزب الشيوعي العراقي عارض وبشدة استخدام الحرب وسيلة لأسقاط النظام الدكتاتوري الشوفيني المقبور ليس حبا بهذا النظام الذي دفع الحزب الكثير من التضحيات والشهداء على طريق ازاحته , بل ادراكا منه لتداعيات ما وراء الحرب , وما ستفرضه من استحقاقات على وطننا وشعبنا . وبالفعل لا يزال شعبنا يدفع فاتورة ذلك . والحزب الشيوعي العراقي ومعه الكثير من الأحزاب الوطنية العراقية تدرك بشكل واع , ان للولايات المتحدة الأمريكية اهداف استراتيجية في المنطقة , وقد عبر عنها وزير الخارجية الأمريكي " كولن باول " بصريح العبارة وعلنا امام الكونغرس الأمريكي برغبة الولايات المتحدة الأمريكية بـ " اعادة رسم خارطة المنطقة " . وهذا يعني ان اعادة الرسم هذه , كما تريدها الولايات المتحدة الأمريكية , ان تتم وفق ما يخدم مصالحها . علما اننا ندرك جيدا ان الأمريكان لم يأتوا من اجل سواد عيون العراقيين .
لقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب دون الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي , واسقطت اعتى دكتاتورية دموية شهدها العراق في العصر الحديث . واقترن التغيير ليس بسقوط النظام فقط بل رافقه انهيار الدولة العراقية . ونتيجة ذلك نشأ واقع جديد , وحصل فراغ كبير , كان من الضروري , والواجب على الأحزاب الوطنية العراقية التي كانت معارضة لنظام صدام , ملء هذا الفراغ . ومن هنا جاءت مشاركة هذه الأحزاب ومنها الحزب الشيوعي العراقي في مجلس الحكم , والذي اعتبره الحزب , ساحة من ساحات النضال . وحتى تشكيل مجلس الحكم ذاته كان حلاً وسطاً بين ما تريده قوات الأحتلال , وما تريده الأحزاب الوطنية العراقية , ونتيجة نضال هذه الأحزاب , تم التوصل الى اقرار " قانون ادارة الدولة العراقية المؤقتة " , وبموجبه تم تسليم السلطة العراقية الى الحكومة العراقية المؤقتة في 28 حزيران 2004 . كما تم عقد المؤتمر الوطني العراقي في 15 آب 2004 , وبحضور ما يقارب من " 1400 " مندوب يمثلون معظم الطيف العراقي , وتم في هذا المؤتمر انتخاب " 100 " عضوا , ليشكلوا المجلس الوطني المؤقت , الذي يقوم بالتعاون مع الحكومة العراقية المؤقتة في التحضير للأنتخابات المقرر عقدها في موعد اقصاه 31/1/2005 , والتي من خلالها , سيقوم الشعب العراقي بإنتخاب ممثليه للمجلس الوطني العراقي .
والحزب الشيوعي العراقي سوية مع كل الأحزاب والقوى الوطنية العراقية , وعموم شعبنا العراقي , وكل الغيورين المخلصين لوطنهم , يناضل من اجل انهاء الأحتلال وخروج القوات الأجنبية من بلدنا , واستعادة كامل السيادة لوطننا . ووسائل النضال ـ كما تعلمون ـ متعددة , وفي الظروف التي يعيشها بلدنا , ترى الأحزاب الوطنية المخلصة لقضية شعبها , ومنها الحزب الشيوعي العراقي , ان النضال السلمي هو الأسلوب المناسب في الظروف الراهنة , وتحقق الكثير على هذا الطريق , وكما اسلفنا .
ان الأحزاب والقوى الوطنية العراقية التي كانت تعارض النظام الدكتاتوري الفاشي الديماغوجي لسنوات طويلة , و قدمت الآلاف من الشهداء خلال مسيرة نضالها , هي التي تقود المقاومة السلمية للأحتلال , وتناضل من اجل تحقيق المكاسب لشعبنا العراقي . وبمقابل ذلك نلاحظ على الطرف الآخر , القوى الأرهابية التي تدعي زورا " مقاومة الأحتلال " . ولا يمكن فهم هذا الواقع الا من خلال معرفة تركيبة هذه القوى والتي ترتكز على ثلاثة ركائز .
الأولى وتضم عناصر النظام المقبور , من رجالات الأمن والمخابرات وكبار ضباط الجيش , والذين تضررت مصالحهم كثيرا , ويخشون من المساءلة القانونية , لما اقترفوه من جرائم بحق شعبنا .
والركيزة الثانية , وتضم القوى المتأسلمة بشقيها الخارجي والدلخلي , حيث تقوم عناصر النظام المقبور ( الركيزة الأولى ) بتقديم الدعم اللوجستي لقوى الأرهاب القادمة من خارج الحدود .
اما الركيزة الثالثة , فتضم عصابات الجريمة المنظمة .
وهذه الأطراف الثلاثة عقدت تحالفا غير شريفا , مهمته الأساسية : تعطيل العملية السياسية , وعرقلة المسيرة الديمقراطية , وخلق المبررات لقوى الأحتلال لمواصلة تواجدهم في العراق , بذريعة عدم استقرار الأوضاع الأمنية .
الرفاق الأعزاء
استنادا الى العرض المكثف السابق اسمحوا لي ان اطرح عدة تساؤلات , أتمنى بروح رفاقية دراستها والتأني في الأجابة عليها وهي : هل يعتبر ضرب خطوط الكهرباء وتفجير انابيب النفط , اعمال مقاومة ؟ هل قتل الشرطة العراقية وقوات الحرس الوطني , والتي تعمل في ظروف صعبة جدا من اجل الحفاظ على أمن المواطنين , اعمال مقاومة ؟ هل تفجير السيارات المفخخة , والتي يكون دائما اغلب ضحاياها من المدنيين من اطفال ونساء وشيوخ , اعمال مقاومة ؟ ما الهدف من اغتيال الموظفين العراقين والأطباء واساتذة الجامعات ؟ , هل عميات اختطاف الرهائن , والمطالبة بمبالغ مادية كبيرة كفدية , والا فيتم قطع رؤوسهم بطريقة وحشية تتنافى ورسالة الأسلام السمحاء , اعمال مقاومة ؟ , .
لقد " رفض " الأجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب الشيوعي المصري , " العمليات ألأرهابية , التي توجه نحو السكان والمدنيين في العراق وعمليات الذبح وقطع الرؤوس وكذلك العمليات الموجهة نحو المؤسسات الدولية " وهذا الأمر سليم تماما . ولكن الرفض لوحده غير كاف , بل كان الأصوب أن يقترن هذا " الرفض " بإدانة شديدة لهذه العمليات الأرهابية , وابداء التعاطف مع الشعب العراقي في نضاله من اجل اعادة بناء دولته .
ولقد اصاب تقرير الأجتماع الموسع عندما اشار الى ان العمليات الأرهابية تساهم في " اعطاء المبررات لقوات الأحتلال لتنفيذ اهدافها " .
فالمقاومة الحقيقية للأحتلال , التي تستوجب التأييد والتضامن , في مثل هذه الظروف , هي المقاومة السلمية التي تتحمل مسؤوليتها , الأحزاب والقوى الوطنية العراقية " ومن ضمنها الحزب الشيوعي العراقي " ومنظمات ومؤسسات المجتمع المدني , التي تناضل في ظروف في غاية الصعوبة من اجل انهاء الأحتلال وخروج القوات الأجنبية , واستعادة السيادة , وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي موحد . اما القوى الأرهابية بركائزها الثلاث المشار اليها اعلاه , والمدعية زورا بـ " المقاومة " , فيجب فضحها , وازالة ورقة التوت المتسترة بها , وتقديمها للمساءلة القانونية , جراء ما اقترفته , ولا تزال تقترفه من جرائم بحق ابناء شعبنا العراقي .
ختاما تقبلوا خالص تحياتي الرفاقية .
#جاسم_هداد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟