|
هل الانسان يُعرَف ْ بلغة رغبته؟
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 3206 - 2010 / 12 / 5 - 15:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نعم عرف مؤسس التحليل النفسي"سيجموند فرويد" الانسان بلغة رغبته لذا لا نستغرب ان عرفنا بعضنا الاخر بلغة تلك الرغبة المعلنة او الدفينة رغبة التواصل واقامة علاقات معتدلة او رغبة الاستحواذ والغاء الاخر ، فالانسان بدون الآخر لاوجود له ، يعيش المنافسة بوجود الآخر ويعيش التوافق بوجوده ايضا ، يعيش الحاضر بحضور الاخر فأما يكمله او يعارضه ان التعبير عن تعارض الرغبات وتضادها هي سنه من سنن الحياة وبها تنضج الافكار وبها تتولد الابتكارات لذا يولد الجديد من رحم القديم ويتخلق من خلاله ، وهو الصراع بعينه وإلا لما نشأ في دواخلنا هذا الصراع والذي يمكن ان نعبر عنه بما يلي : اريد ان افعل ما اشاء يجب ان افعل ما تشاء اشاء ان افعل مايجب ان الرغبة هي الفوضى الغرائزية في دواخلنا ويجب ان تخضع للنظام سواء نظام الضبط الداخلي الذي تعلمناه من خلال القيم في التربية او تنشأتنا الاجتماعية التي جعلتنا ان نحترم الكبير ونخافه"نجله ونقدره" فننصاع له او القانون الذي يضبط السلوك غير المتوافق مع لوائح المجتمع وبدون تلك الآليات سوف تعم الفوضى في دواخلنا وفي المجتمع الاوسع المتمثل في العلاقات بين الناس وهذه الفوضى يمكننا تصويرها بشكل مبسط بالرغبة بالانتقام و القتل والسلوك العدواني الجمعي وفوضى فرض الرغبات بدون احترام للقانون او الذات لذا التحكم بالغرائز مصدره اولا داخل الذات وثانيهما القانون ولكن بترك "الرغبة" وحدها تجعل تحريف الواقع وتشويهه حسبما ترغب وتريد.فالرغبة والتحكم هما عمليتان يمكن احتوائهما ويمكن ان تفلتا مهما تعالى الانسان في سلوكه . لذا فالالتفاف على التحكم ممكن جدا وهو خدعة عقليه لدى الساسة او اصحاب القرار او ممن يمارسون التجارة او بعض رجال الدين ولديهم الرغبة بالالتفاف على الاخراو التعليمات السماوية او حتى على الدين باستخدام الحيلة الشرعية .ولا نغالي اذا قلنا انها وهم او حيلة شرعيه كما يحلو للبعض تسميتها. تعرف الرغبة على انها احساس الفرد بأن شيئاً ما سوف يشبع حاجته او يسبب له الرضا والارتياح ، والرغبة كمصطلح كما تقول موسوعة علم النفس بعامة تشير الى ذلك الدافع الشعوري او اللاشعوري لبلوغ هدف ما وليس من الضروري أن تكون الرغبة مصحوبة بنزوع لتحقيق هذا الهدف. ان الرغبة هي افصاح غير مباشر عن شخصية الفرد في الموقف الذي يتحدث به وليس اكيدا ان يكون هذا الافصاح معلن ، ربما مبطن وهو تعبير رمزي تمتد جذوره منذ زمن بعيد في شخصية المتحدث ويحاول ان يبين قدر المستطاع الكلام الحلو المعسول للوصول الى رغبته التي تخبأ خلفها المضامين المستورة ، فاحيانا بالابتسامة واحيانا اخرى بالضحكة او بالامثلة المحلية او الآيات القرآنية او الاحاديث وما هو سائد في قيم المجتمع ونسوق هذا القول السيكولوجي المعبر عن ذلك هوأن الانسان لايرغب إلا ما يرغب الاخر ، اي إن ما يجعل موضوعا ما محط رغبة هو " وساطة" رغبة آخر هو ان الاخر يرغب هذا الموضوع كما عبر عنه "مصطفى زيور" ابلغ تعبير . ان اللغة والوعي هما وسيلتان من وسائل التعبير عن الرغبة ، فاللغة حاملة المعنى حتى وان كان بها من التكثيف والادماج فيمكن ان تحل الرمزية فيهما وان استعصى على البعض فهمها ، والكثير منا لا يعبرون عن رغباتهم بشكل مباشر يتمنع وهو الراغب وهذا هو قمة الصراع الذي تدور رحاه في اعماق كل نفس بشرية ، صراع الرغبة ونقيضها ، صراع اللذة والالم "نقيضان" لذا فإن الرغبة تدفع السلوك وكل سلوك يرجع في اصله الى حالة توتر مؤلم ويهدف الى الوصول الى خفض هذا التوتر مع تجنب الألم وتحصيل اللذة إن امكن تحصيلها كما يقول دانييل لاغاش. ان صاحب الرغبة الجامحة لا يهدأ له بال إلا بتحقيق رغبته وهذا يعبر عن نمط شخصيته فهو ينصرف انصرافا ً كليا او جزئيا عن الواقع الذي لا يستطيع احتماله إلا بتحقيق رغبته ، فهو اذن يعبر عن شخصيته وحقيقتها ، عن سلوكه في مواقف الحياة المتنوعة وسؤالنا : لماذا يلجأ الانسان الى مثل هذه الاساليب الملتوية المستغلقة على الفهم ؟ يلجأ الانسان الى هذه الاساليب بالتعبير عن رغبته عندما يعجز عن استخدام الاسلوب المباشر مخافة استنكار او رفض او عقاب وهذا يعود بنا الى الطفلية الاولى من حياتنا وكيف يتحايل الاطفال عن التعبير عن رغباتهم ، اذن صحيح ان الطفولة لا تغادرنا ونحن كبار نتعامل بها وبلغنا الرشد وتبوأ بعضنا المناصب ولم يغادرها ويقول "فرج احمد فرج" على ان المرء قد ينفرد دون وعي فإذا به يضع العقبات دون ان يدري أمام غاية لايرغب –لاشعوريا- في بلوغها وهو بحق يمكننا قوله نستمتع بهذا الخداع الذي ينجم عن الترادف الزائف بين ما برغباتنا واعماقنا والحقيقة ويبقى للخبئ اهميته وللمجهول اهميته وللاشعوري اهميته وللعميق المستتر الغامض اهميته ولكن لايضللنا ذلك الذي يرغب بالتعبير عن لغة رغبته حتى وان استعصت عن التفسير اليوم فسيأتي اليوم الذي يلزمنا ان نكشف عن المستتر وفضح اسراره .
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النكتة والفكاهة ونمط الشخصية !!
-
البناء النفسي ..متى يهتز عند الانسان؟
-
تحوير الكلمات ..من الهزل الى الهذيان الجماعي
-
هل يعود الماضي ؟ رؤية نفسية
-
وساوسنا .. هل تعيق سلوكنا ؟
-
الانتخابات العراقية وكواشف الذات
-
الاحباط في الطفولة ..صراع في البلوغ
-
الغيرة والجنون !!
-
الاغتراب .. هل هو أزمة الإحساس بالوجود؟
-
العراقيون وفريضة التساؤل ..عن التدهور في كل شئ!!
-
النفس والصراع !! جدل الانسان
-
الاستعراضية والتباهي مؤشر للشعور بالنقص!!!
-
الكبت والصراع النفسي
-
متى ينتهي العبث بالعراق ؟ مدونة سيكولوجية
-
مشاعر الخجل عند الاطفال .. كيف تتكون؟
-
التربية والشعور بالدونية عند الافراد والشعوب
-
العراقيون ومخاض الانتماءات .. رؤية نفسية عن الانتخابات القاد
...
-
الغِيرة .. الوجه الآخر للشخصية
-
من حرية التفكير الى التكفير
-
انفعالات التفكير .. ألم في الاحشاء !!
المزيد.....
-
مقابلة لافروف مع الصحفي تاكر كارلسون
-
لافروف: ما يحدث في أوكرانيا مأساة بينما في فلسطين تحدث كارثة
...
-
المؤسسة الأمنية في إسرائيل تستعد لاحتمال سقوط الأسد
-
ماكرون: سأبقى في منصبي حتى نهاية ولايتي
-
وزير الدفاع السوري: الانسحاب من حماة -تكتيكي-
-
فيديو: زلزال قوي قبالة ساحل كاليفورنيا في الولايات المتحدة
-
أكسيوس: إسرائيل قلقة من التطورات الأخيرة بسوريا لهذه الأسباب
...
-
العراق.. اجتماع وزاري ثلاثي لمناقشة الوضع في سوريا
-
وفاة 13 طفلا في المكسيك.. وشكوك بتلوث أكياس التغذية الوريدية
...
-
نسخة جديدة من -تشات جي بي تي-.. وهذه أبرز مزاياها
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|