أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير علي الجشعمي - قارئة الفنجان -قصة-














المزيد.....

قارئة الفنجان -قصة-


امير علي الجشعمي

الحوار المتمدن-العدد: 3205 - 2010 / 12 / 4 - 10:16
المحور: الادب والفن
    


قارئة الفنجان
كانت الشمس في صراع مع الغيوم عندما توقف شاب نحيف يرتدي قبعة سوداء ومعطف طويل عن السير ليخرج عود الثقاب من جيبه.. أشعل العود الاول ليورث السجارة المعلقة بين شفتيه فأنطفأت بسبب الرياح التي كانت كمهر جامح يسير نحوه.. ثم اشعل الثانية وقربها بحذر نحو السجارة فاشتعلت..واصل المسير..كان الطريق هادئ خالي من المارة يتخلل هدوئه بين حين واخر صوت دبيب الاوراق الساقطة من اغصان الاشجار ، توقف الشاب مرة اخرى عند منزل قديم رمى سجارته ثم طرق الباب ففتحتها الخادمة ..بادرها قائلاً
-مرحباً -مرحباً
-هل السيدة في الداخل؟
-نعم، تفضل
فدخل الشاب الى منزل جدته وواصل مسيره الى غرفتها..طرق الباب عدة مرات فجائه الاذن بالدخول ...
(كانت غرفة صغيرة وبسيطة تبدأ بسرير نوم بجانبه مجموعة من الجرارات التي ملأت بالادوية واوراق المستشفيات يقابل السرير من الجهة الامامية جدار تتوسطه نافذه محاطة بأطار من الخشب ..و تحت النافذة اريكة تسع جالسين تقابها اريكة اخرى يواجه ظهرها سرير العجوز تتوسطهما طاولة خشية)
دخل السيد الى الغرفة فبادرته العجوز :
-ماذا ذكرك بيّ -(أجاب وهو يخلع قبعته عن رأسه ويمسكها بيده) انا متعب ..متعب جداً
-كنت اعلم ذلك ...سناء ..سناء
(تدخل الخادمة الى الغرفة)
-نعم سيدتي -احضري فنجانيين من القهوة
-حاضر سيدتي
(تخرج الخادمة وتنهض الجدة من سريرها قائدة حفيدها نحو الارائك المتقابلة )
-اعلم انك تحب القهوة الساخنة في مثل هذا الجو البارد.. اه نسيت ضع قبعتك ومعطفك على الشماعة (مشيرة نحو الشماعة الموجودة في الزاوية المجاورة للارائك)
**********************
(تجلس الجدة على الاريكة الموضوعة تحت النافذة والشاب على الاريكة المقابلة لجدته واضعين فناجين القهوة المقلوبة على الطاولة) بادرت الجدة حديثها الى حفيدها العزيز:
-ما مشكلتك يا ولدي -لا ادري ..فقد خالج نفسي شعور يأس وقنوط وانت تعرفين مقدار الالام التي تطوي خلف هذا الشعور
تناولت الجدة فنجانه المقلوب وبدأت تقرأه ... تمعنت العجوز في قعر الفنجان وفجأة ارتسمت ملامح الخوف على وجها ..وعلى حين غرة انقلب الجو رأس على عقب ..تغلبت الغيوم على الشمس..ابرقت السماء وارعدت..وانهمر المطر بغزارة ..فتحت النافذة ..نهض الشاب ليغلقها..اما العجوز فقد واصلت القراءة والتأمل كأن شئ لم يحدث!!
وبعد صمت طويل قالت: بدأت اقرء الفنجان منذ ربع قرن لكن كفنجانك لم اقرء ابداً!!فنجانك غامض ومبهم الطرق المرسومة فيه كلها مسدودة.. لكني اراك هنا مستلقي على سرير كجثة هامدة في وسط حديقة شائكة يوجد في نهايتها برج شاهق وقيود غليضة تكبلك من ساقيك ويديك ،واستمرت تحدق في الفنجان ثم استطردت :
لكن هناك شابة تنظر من اعلى نافذة في البرج أليك ويبدوا ان دموع غزيرة تنهمر من عيناها
الشاب:-مبتسماً- يبدوا انها ابت ان تفترق عني فهي منحوتة في قلبي قبل ان ترسم على فنجاني
الجدة:-واضعة الفنجان على الطاولة ثم قالت مستغربة- من هي هذه الفتاة هل هي حبيبتك ؟
الشاب: اجل لكن الاهم من ذلك كله انها بنت من ؟انها بنت عبد القادر يا جدة
الجدة:-متفاجأة- عبد القادر .. انه ..عدو والدك في السوق والذي اتهمه والدك قبل عشرين سنة بحرق محل القماش الذي كان يمتلكه
الشاب:-يومي برأسه دليل الاجابة ثم يقول- بمجرد ان عرف ابي بها حتى رفض بشدة وكشف لي عن الصراع بينهما اما هي فقد حدث لها نفس الشئ
الجدة:لكن ما ذنبكما في صراع والديكما
الشاب:-بعصبية وتوتر-ذنبي ان ابي صاحب شركات ومشاريع يعني عمله مبني على الصراع والتنافس مع كل من يقف ضده في السوق وذنبها ان ابيها قد حرق محل قماش ابي قبل عشرين سنة فمشاكل الاباء تبقى مرافقة الابناء وتلاحقهم في كل مكان يتواجدون فيه
نهض الشاب واردتى قبعته ومعطفه
الجدة:الى اين ؟
الشاب:الى اين ما تأخذني الرياح
الجدة:احذر يا ولدي ففنجانك مشؤم وانا قلقة عليك
فبتسم وغادر المنزل....
****************************
بعد ساعات معدودة تم التبليغ عن شاب اصيب بحادث سير ..كان هو نفسه ملقى في الشارع حوالي منتصف الليل وهو خارج من خمارة
اما حبيبته فقد ذرفت عليه دموعها ببذخ ووجدت بعد اسبوع من وفاة حبيبها قد فارقت الحياة وهي جالسة في غرفتها
فتلاقت الارواح بعيدا عن الحياة المليئة بالعذاب ....
امير علي الجشعمي
بغداد
2010






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افاق بعيدة -قصة قصيرة-
- سيناريو فيلم شيلي (فلم قصير جدا)
- يوم من ايام بغداد -قصة قصيرة-


المزيد.....




- -طفولتي تلاشت ببساطة-.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان
- مسابقة كتابة النشيد الوطني تثير الجدل في سوريا
- جواد غلوم: حبيبتي والمنفى
- شاعر يتساءل: هل ينتهي الكلام..؟!
- الفنان محمد صبحي يثير جدلا واسعا بعد طرده لسائقه أمام الجمهو ...
- عام من -التكويع-.. قراءة في مواقف الفنانين السوريين بعد سقوط ...
- مهرجان البحر الاحمر يشارك 1000 دار عرض في العالم بعرض فيلم ...
- -البعض لا يتغيرون مهما حاولت-.. تدوينة للفنان محمد صبحي بعد ...
- زينة زجاجية بلغارية من إبداع فنانين من ذوي الاحتياجات الخاصة ...
- إطلاق مؤشر الإيسيسكو للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير علي الجشعمي - قارئة الفنجان -قصة-