أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير علي الجشعمي - يوم من ايام بغداد -قصة قصيرة-















المزيد.....

يوم من ايام بغداد -قصة قصيرة-


امير علي الجشعمي

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 18:38
المحور: الادب والفن
    


يوم من أيام بغداد
الإهداء:إلى ضحايا الفاشية في كل زمان ومكان

-1-
استيقظ مفزوعا ، كشخص مسه تيار كهربائي ، فتح عيناه على وسعها فرأت السقف يحدق بها ،رفع الملاءة عنه بحركة واحدة فبان جلبابه الابيض ،قفز من الفراش مشعث الشعر... لم يحلق منذ مايقارب شهرين اما لحيته فكانت منبتة على وجهة من وجنتيه حتى نهاية رقبته ،حك رأسه باطراف اصابعه بحركة سريعة وفي مكان واحد... انتعل نعاله ووقف امام النافذة المطلة على حديقة بيته متجهم الملامح منقبض الأسارير وسرح في أغصان أشجار النارنج وهي تتراقص على إيقاع رياح الخريف وبين الفينة والأخرى كانت تسقط ورقة تلو الأخرى تلو الأخرى، ثم رفع بصره قليلا إلى السماء فشاهد الغيوم وهي متراصة مع بعضها تراصا متينا كتراص الشعب الجنوب الإفريقي أيام النضال ضد الفصل العنصري !
قال في نفسه >>طلقتنا الشمس اليوم >ليس لها حلول .. أو بالأحرى ليس لهذا المجتمع حل << هكذا قال وهو يستعرضها إمام المرأة ... حرك رأسه ليسقط الأسئلة عن ذهنه.... وضع الشفرة على نهاية زلفه الأسود وشرع في الحلاقة

-3-
جلس بعدها على طاولة الفطور إمامه رغيف خبز وصحن احتوى على قطع من الجبن وملعقة وكوب من الشاي الساخن ،رشف رشفتين متواليتين وأعاده على الطاولة ،اقبل والده من المطبخ يحمل صحن بيض فوقه رغيف خبز وبيده الأخرى كوب شاي ساخن ، سحب الكرسي وجلس مقابل ابنه وبعد قليل من تناول الطعام قال الأب :(أختك البارحة خابرت )
توقف إسماعيل عن مضغ اللقمة ثم واصل وهو يقتطع قطعة من الرغيف ويؤهلها لكي تدخل فمه:
- خيرها ..اشبيه ؟
- خابرتني تشكي من رجلها ادكول وين ميكعد يحجي بسالفة الخلفة وكل مدكلة امشي اروح للطبيب نفحص ميقبل ..أربع وعشرين ساعة يشكة وميحرك ساكن وادكول ما ادري العيب منة لو مني
- اخاف ايخاف ايروح للطبيب ليطلع العيب منة متطلب الطلاك منة
- اي بس همة ليهسة كشي ممسوين وبعدين اختك متطلب الطلاك منة ..وانت اكثر واحد يدري اشكد هية اتحبة
- اي ّ....اتبين فد يوم
قالها كمن يريد ان ينهي الحديث ..
-4-
وقف إمام باب الجامعة ببزته الرصاصية وقميصه الأبيض وربطة عنق رصاصية افتح من بزته ،يتدلى من معصمه ساعة ،كان قد صفف شعره بشكل يشبه شاب في السبعينات وسحنة الصباح لم تغادر وجهه مطلقا بل ازدادا انقباضا بشكل عجيب
-صباح الخير إسماعيل
-هلو سعيد..اشوكت محاضرتك
-هسة بعد ربع ساعة
-اني همّ ..يلاّ ندخل

-5-
انتهت المحاضرة .. وعلى غير عادته لم يستوعب منها شيئا أو بالأحرى لم يستوعب من محاضراته قاطبة خلال يومه المشئوم إي شئ ..توجه إلى المكان الذي كان يجتمع فيه مع زملائه كل نهاية دوام في ركن منعزل من حديقة الجامعة ...عندما وصل وجدهم ينتظرونه ..اقبل وسحابة من الغيظ تعلو ملامحه المكفهرة وهتف :شفتوا الي صار البارحة ؟ ورمى كراسته على مصطبة الجلوس
- اي شفنة بس هوة سوك شعبي يعني كل الناس اتروحلة السنة والشيعة والمسيح ..الناس البسيطة الي ما الهة اي دخل بالسياسة والتنظيمات ليش ايفجروا ؟
طرح سجاد سؤاله حنق
-همة هيجي ميريدون احد بالعراق ايريدون ارض مقفرة ايصولون ويجولون بيهة بعدين ايبيعوه لو الايران لو الامريكة لو الاسرائيل لو إلى إي دولة تشتري ..صارلهم 7 اسنين مبقو شي مفجروا ..فجروا جوامع وكنايس ومراقد ومدارس وجامعات واسواق شعبية ووزارات حتة المتنبي نسفوا وحرقوا
كان اول مرة يتكلم بها (منجد) بهذه الصورة ، كان دوما خجولا و قليل ما يتكلم حين تحضر زملاته لكن احداث البارحة لم تدع مجال لصمت اول الخجل
-وشنو الحل؟
اما (مقدام) فلم تغير إحداث البارحة طبيعته بتاتا ..يمتلك طبيعة ذات جذور قوية وعميقة ..طبيعة طرح الأسئلة فقط ..ودائما متشائم بنظرته للحياة ويرى الأبواب كلها موصدة بوجهه ، ولا نخرج عن الموضوع إذا قلنا إن إسماعيل كان دائما يسميه ( الواقعية الرمزية ) كان يقول له بأن كل الإبعاد التي يتركب منها هذا المذهب الأدبي تنطبق عليه وكل وجهات النظر التي يرى بها هذا المذهب الحياة تناسبك بشكل منقطع النظير !
-التغير ..ثورة ..انقلاب في اسلوب تفكيرنا وعملنا مثل ميكول د.علي الوردي ..هذا إلي راح يفرز واقع جديد يحل المشكلة برمتها
كان رياض ثوريا ومثقفا في عصر خالي من حركات التحرر ومن التقدير للمثقف وتثمينه ..كان يرفض واقع العراق بكل إبعاده وكان ينادي بالإصلاح والتغير وكان إسماعيل يقول دائما بأن الذي يتحدث مع رياض يستفد كثيرا ويلتمس في كلامه أسلوب جديد لفهم الحياة بعيد عن الواقع المقرف ..أسلوب يتجلى باختصار في جوابه على مقدام وهو يطالع في صحيفة ويضع كتابين بجانبه الاول لدكتور علي الوردي :مهزلة العقل البشري ، والثاني كتاب مصفر الورق عاري من الغلاف كالذي يباع في شارع المتنبي يوم الجمعة من كل أسبوع !
أومأ إسماعيل برأسه موافقا على رأي سعيد بخصوص الواقع والتغير ولكن التجهم مازال مرسوم على محياه فلم يبرح خياله صورة الجثث والدم وهو جالس ظهيرة البارحة على شاشة التلفزيون ثم نطق بعد برهة:
- اني رايح اشتري جكاير
- جيبلي وياك باكيت "بنّ" وياك
ودس رياض 500 دينار في يده .
سار إسماعيل بخطى متثاقلة كان يحس بشئ يعكر صفوه ويخنقه كحبل المشانق ..اقترب من باب الجامعة ليعبر إلى (الكشك) في الجهة المقابلة وإذا بسيارة كيا سوداء تسير بسرعة أسطورية و اصطدمت بالرصيف الذي كان إسماعيل يتأهب للعبور منه.. وما هي إلى لحظات حتى مُسح كل شئ ...وبصعود أرواح طلاب العلم الشهداء إلى السماء وجهت إلى بغداد طعنة أخرى مسمومة في فلذة كبها ..قتلوا من قتلوا وجرحوا من جرحوا ..غطست كراسات الطلاب بدم حامليها..ورقة واحدة سلمت من هذا العمل التخريبي وتعلقت على إحدى أشجار الجامعة كُتب عليها :(ستنتصر إرادة الشعب ...سيتحقق حلم الإنسانية .....الظلم والإرهاب لن يدوم ولم يدوم وسيصل نور العدالة إلى اصغر جحر خلق على وجه الأرض ..في يوم من الأيام )

انتهى
أمير علي
بغداد 2010






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير علي الجشعمي - يوم من ايام بغداد -قصة قصيرة-