أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير علي الجشعمي - افاق بعيدة -قصة قصيرة-














المزيد.....

افاق بعيدة -قصة قصيرة-


امير علي الجشعمي

الحوار المتمدن-العدد: 3204 - 2010 / 12 / 3 - 00:30
المحور: الادب والفن
    


افاق بعيدة..(قصة قصيرة)

"كيف تجرئت على مفاتحتها بالموضوع؟
كيف استنطقت الكلمات التي وجهتها اليها؟
كيف نسيت من اكون وابن من اكون؟
كان يجب عليّ ان انتذكر كل هذا .."
بهذه العبارات الاستفهامية ابتدأ (فارس) ليلته العصيبة وهو جالس على مكتبه المهشم الاطراف تحت نافذته الصغيرة المطلة على احد ازرقة مدينة الحرية الكادحة.......
بعد ان خط (فارس) هذه الكلمات على كراسة مذكراته توقف قليلاً ليتناول سجارة من علبة سجائره"بنّ" لعلها تطفئ الحزن المتقد في وجدانه العميق الاحساس ولينسج من دخانها صورة لمأسي يومه.
وما هي الا لحظات حتى اطفأ (فارس) سجارته التي وقفت عاجزة عن اخماد ثورة احزانه الهوجاء فمسك القلم وقطب اساريره وأستأنف الكتابة من جديد تحت ضوء "اللالة" التي كانت تنير بضوئها المتدفق ضلام ليله الدامس البهيم......
(كان عمري 15 سنة عندما غادر والدي عالم الاحياء بعد ان فتك به مرض السرطان ..كان موته يعني ان المورد الاساسي لعيشنا قد انضب للابد فكان ولا بد ان انزل الى العمل لاكسب القوت لعائلتي التي تضم امي واختاي الصغيرتين، في تلك اللحظات كنت احس ان حلمي بدخول الجامعة قد بدء تدريجياً بالانهيار والتلاشي من امامي ففي اليوم الرابع لوفاة ابي فاتحت والدتي بأني سوف احتل مكان عمل والدي –الذي كان واحد من عمال البناء-فرفضتْ بشدة وما زال صدى كلماتها يرن في اذني حتى هذه اللحظة:"بني..لطالما حلم والدك وانا ايضا ان نراك طالبا جامعيا ومن ثم خريجا نفتخر بيه امام اقربائنا واهلنا واعتقد ان هو نفس الحلم الذي كان يراود مخيلتك فسعى بكل جهدك على تحقيقه اما عن مسألة المورد الاقتصادي فليس من الصعب عليّ ان احول الخياطة من مورد ثانوي الى اساسي فأنا لست كبيرة ركز انت في دراستك وسوف اكثف انا عملي في الخياطة"
وبعد نقاش طويل تم ذلك...
درست الاعدادية بتفوق وكنت خلال العطل الصيفية اعمل مع صديق والدي في ورشة ذهب صغيرة في منطقة الكاظمية
وانقضت ثلاث سنوات.. وتخرجت ..ودخلت كلية الهندسة ..كادت والدتي تطير من الفرح ،لازلت اذكر تلك الاجواء السعيدة التي اشتاحت البيت بسببي احسست اني صنعت شيئاً جميلاً لاول مرة وقدمته الى عائلتي التي طال عهد الحرمان في اصقاعها ...
ومنذ الايام الاولى للجامعة كنت انقب بنظراتي بين الفتيات عن فتاة احلامي حالي كسائر الاولاد الاخرين ..
ولكني وجدتها بسرعة ..
كانت في قسمنا ..فتاة مليحة ، فارعة الطول،ممشوقة القامة ،حلوة القسمات مقلتيها كعيون الغزلان وفمها كخاتم سليمان اما شعرها فكان اسود فاحم منسدل على كتفيها تغازله الرياح بين الفينة والاخرى ..كانت بديعة الجمال ..وبمرور الوقت ازداد تعلقي ب"ليلى " كثيراً فكنت اغتنم الفرص لكي اجالسها وابادلها اطراف الحديث.. اعتقد انني احببتها .. لا بل احببتها حقاً لا بد لي ان اتقدم لها.. لكن ..لكن هل هي تحبني ايضاً ؟ طاردني هذا السؤال في كل مكان اذهب اليه وفي كل وقت يمر عليَ كان اشبه بلظل الذي يلاصق صحابه في كل مكان
وفي صباح يومنا هذا رأيتها جالسة وحيدة في حديقة الجامعة بعد نهاية الدوام فقررت ان اطرد شبح السؤال عني
ذهبت اليها ..سلمت عليها ..جلست على الكرسيًّ المقابل لها.. كان شعوري في ذلك الحين كشعور تلميذ مقبل على الامتحان لايدري ماذا سيلاقيه داخل القاعة ..
ظهرت على اساريري ملامح التردد وانا اقول بصوت مختلج بالخجل والارتباك :
-ليلى ل..ل .. لقد مر وقت طويل اربع سنوات تقريبا ونحن مع بعضنا وخلال هذه المدة تعلقت بك على خلاف بقية الفتيات لاسباب كثيرة ..وسكتُ للحظات كانت خلالها ترمقني بنظراتها الساحرة وتبتسم بين الفينة والاخرى ثم ربطت جأشي وواصلت :
-فهل تقبليني خطيباً لك ؟
فنطقت هي :
-اذاً انتَ تحبني
-منذ اللحظة الاولى التي رأيتك فيها
سكتتْ ثم واصلت :
-انا ايضا احبك لكن لا استطيع ان اتزوجك
-لماذا؟
-فارس..انا من عائلة كبيرة وغنية ولا استطيع ان اخاطر ..ان العوائل الكبيرة لا تناسب الا من كان في نفس مستواها الاجتماعي والمادي
وقعت كلماتها علي كوقع الصاعقة وضللت باهتا للحظات خلالها عرض لي شريط ذكرياتي ..شريط حياتي الطبقية.. وما ان اُسدل الستار على فلمي المرير حتى افقت وابتسمتُ ابتسامة ينطوي تحتها حزن دفين تكدس في وجداني وبعدها غادرت الجامعة ولا ادري الى اين اسير ..
وفجأة وجدت نفسي امام بوابة حدائق ابي نؤاس فسارت قدمي بدون وعي مني الى >>الشط<< لأرى الغروب الجميل تذكرت وقتها مشاعية الماء قلت في سريرتي :

هذا الشئ الوحيد المشاع للجميع ...... فمتى يصبح كل شئ مشاع للجميع ؟ متى يصبح الخبز والسعادة والرفاه ملك للجميع؟ متى؟)
بعلامات الاستفهام الاخيرة قفل "فارس" اخر افق من افاق حزنه المرير وشجنه الدائم
اجل افاق ..من ينظر لاول وهلة الى هذه القصة يتصور ان انها مجرد سطور خُط عليها بضع كلمات من خيال مؤلفها لكن اذا دقق النظر فيها سوف يجد كل سطر منها افق ..افق بعيد ليس لاوله اول وليس لاخره اخر لذلك قرر فارس ان يقفل هذه الافاق بسؤال اشبه بمعادلة رياضية معقدة لم يعرف كيف يحلها لذلك رسب في امتحان الحب الجارف...



#امير_علي_الجشعمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريو فيلم شيلي (فلم قصير جدا)
- يوم من ايام بغداد -قصة قصيرة-


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - امير علي الجشعمي - افاق بعيدة -قصة قصيرة-