أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد حيدر - في محراب جدتي نص أدبي














المزيد.....

في محراب جدتي نص أدبي


أحمد حيدر

الحوار المتمدن-العدد: 3201 - 2010 / 11 / 30 - 17:50
المحور: الادب والفن
    



وأنا أتجول في الشارع المزدحم ، أوصلتني قدماي وشرودي عبر ذاكرة الضياع إلى الشارع الذي يليه ، لقد نسيت إسمه ، حيث تقع فيه " جيخانة الشعب " وهو قبو سبق وزرته مرة واحدة برفقة صديقي البوهيمي " غسان نعسان " .
لم تراودني نفسي النزول إلى الجايخانة " الملتقى " ، تابعت سيري عبر الشارع أتأمل المارة وبائعي الصحف والمجلات الذين يفترشون الأرض ، وتوقفت عند أكثر من محطة من هذه المحطات ، والتي تساوي بقيمتها الفكرية والأدبية أكثر من مائة ربطة عنق ، وبدلة مكوية ، وأحذية ملمعة .
تابعت سيري شارداً، مع الإحتفاظ بملكة عدم الإصطدام بالمارة ، لأن الشارع يعج بهم .
قبل نهاية الشارع بقليل صادفت جدتي .. وكأنها بُعِثَتْ مِنْ جَديد !!! صادفتها وهي جالسة على الرصيف وأمامها بضعة أنواع من أعشابنا الجبلية ، وفاكهة كنت أبحث عنها منذ سنوات طويلة ، رأيتها مرة واحدة في هولير العاصمة .. المدينة الهادئة .. الهائجة.. قبل سنتين ، وهاأناذا أراها من جديد في حُضْنِ جدتي .
لم أتمالك نفسي .. إقتربت منها .. وجلست القرفصاء بجانبها على ناصية الشارع ، وسلمت عليها قائلا :
ــ " دم باش داية " 1 .. رفعت رأسها وتَفرّستني بنظراتها الجبلية الحذرة .. الحادة .. وبعد هُنَيْهَةٍ ردت عليَّ :
ــ " بسر جاو كُرَكَمْ .. بخير بي " 2
سألتها : " داية أف جية "3 وأنا أشير إلى الحصرم .. الحامض الذي أُحِبُ طعمه ومذاقه بغير حدود .
قالت لي : " أوه مزية .. ترشة " 4 .
كان أمامها كيس من النايلون الأسود فية عدة عناقيد من الحصرم . سألتها بكم الكيلو .
قالت لي : لايهم يابني .. فأنا يكفيني بأنك تجلس بجانبي على ناصية الشارع ، غير آبه بأي شيء .. وأرى من خلال الكتب التي تتأبطها بأنك " متعلم " تابعت حديثها ووجهت سؤالها لي قائلة :
ــ من أين أنت يابني ؟ ــ أجبتها :
ــ أنا من أقصى زاوية من زوايا جغرافية كردستان .. أنا من الزوية القصوى لجبال طوروس .. من عفرين .. من جبل الكرد .. " كرد داغ" .
لم تتعرف على عفرين .. فهي تعرف كركوك .. وجم جمال .. وأزمر .. وقنديل .. وسفين .. وجياي بيخير .
جلست في ضيافتها على ناصية الشارع فترة ليست بالقصيرة أتجاذب معها أطراف الحديث .... وكَأَنَّ جَدَتي بُعِثَتْ مِنْ جَديد ، وكان المارة من حولنا يغسلوننا بنظراتهم المتطفلة . عند الوداع سألتها :
ــ " داية " هل تسمحين لي بتقبيل يدك ؟ .
نظرت إليَّ من أخمص قدمي حتى أعلى نقطة من رأسي .. وتنهدت تنهيدة طولية وقالت :
ــ " كُرَكَمْ " 5 كان لي إبن لو قُدِّرَ له البقاء لكان أكبر منك سِناً ، وكان كل همه أن يبني له بيتا في قريتنا وأن يتزوج ويخلّف لي أحفاداً ، وأن يمتلك بقرة وعدة أغنام وماعز ، وَبِضْعُ دجاجات ولاشيء سوى ذلك ، لكن في زحمة الليل داهم قريتنا العسكر من بغداد وأخذوه مع غيره من شباب قريتنا من فراشه ، ولم يعد حتى الآن ، وأنت عندما جلست بقربي ذكَّرتني به رغم سِنيّ الفراق الطويلة .


كانت جَدتي أقوى مِنْ أَنْ تُسيل دموعها ... لَمْ تَبْكِ .
أمسكتُ يدها بلطف وقبلتها .. وسالت دموعي على خَدي بِصمتْ .. لم أستطع أن أنطُقْ بحرفٍ واحد .. وأخذتُ هديّتها لي وغادرتُ دون أن أنظرَ خلفي .

السليمانية
11.11.2010
1 . يسعد أوقاتك .. ياأماه
2 . على عيني يابني .. أهلا بك
3. أماه .. ماهذا ؟
4. إنه لفان .. حامض
5. يابني



#أحمد_حيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعر
- إبتهال
- نفحات في جدار الزمن
- فوتوغراف
- مناجاة
- في أربعينية يوسف حيدر
- الخاسر
- على وشك النرجس
- كأنه رهينك
- كاهن القلق
- سفير الحزن
- وردة الندم
- ثقافة الحوار
- الأحزاب الكردية في سوريا بعد (49 ) عاما
- فقيه الورد
- ربيع المحبين
- محمد غانم الضمير الغائب إإ ؟
- عرس في حلبجة
- من ذاكرة آذار !! إلى أرواح شهداء انتفاضة 12 آذار
- لمن تقرع الأجراس !!؟؟


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد حيدر - في محراب جدتي نص أدبي