أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم حجاج - الدين والمسرح....خدعوك فقالوا.















المزيد.....

الدين والمسرح....خدعوك فقالوا.


ابراهيم حجاج

الحوار المتمدن-العدد: 3199 - 2010 / 11 / 28 - 17:18
المحور: الادب والفن
    


بسم الله الرحمن الرحيم
{ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [ التوبة 32-33 ] . صدق الله العظيم
يقول "ابن خلدون" فى مقدمته الشهيرة أن "العرب أصعب الأمم انقياداً بعضهم لبعض للغلظة والأنفة ، وبعد الهمة ، والمنافسة فى الرياسة ، فقلما تجتمع أهواؤهم، ومن أجل ذلك لا يحصل لهم الملك إلا بصبغة دينية من نبؤه أو أثر من دين على الجملة."
بهذه المقولة الصريحة يضع ابن خلدون يده على رأس الداء فى نظام الحكم العربى الذى لا يتم إلا بصبغة دينية على حد قوله ، ومن ثم اختلطت أوراق الدين بأوراق السلطة طوال تاريخنا، وأصدق مثال على هذا رأى العديد من المؤرخين فى أن الدولة الفاطمية نشأت نشأة غريبة بتونس ، واستطاع مؤسسها "المهدى" أن يقنع مريديه بأنها دولة المهدى المنتظر الذى جاء من نسل السيدة فاطمة الزهراء ، وإنه مهدى آخر الزمان.
ومن هنا تشبث المغرضون بالدعوة ـ غير المنطقية ـ التى تنادى بضرورة فصل الدين عن السياسة، والسياسة عن الدين، حيث ترى فى هذا الفصل حلاً للصراعات القائمة حول السلطة على مر التاريخ. والدعوة بهذا الشكل بمثابة عملة واحدة لوجهين أو بمعنى أدق سلاح ذو حدين ، حده الأول سلاح لمن يتربص باسلامنا الحنيف ويتمنى له الانزواء وهذا لم ولن يحدث رغم كيد الحاقدين
مصداقا لقوله سبحانه وتعالى - : { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [ التوبة 32-33 ] .
فالحياة سياسة والسياسة حياة وليس من طبيعة الدين أن ينفصل عن الحياة ، وان يكون فى ركن ضئيل منها بينما تسلم سائر الأركان الأخرى لآلهة مزيفة يضعون لها المناهج دون الرجوع إلى شرع الله ، فليس من طبيعة الدين أن يشرع طريقاً للآخرة لا يمر بالحياة الدنيا.

قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [المائدة:48]

ولقد رأينا المسلمين في عصورهم الذهبية حين ارتبطت سياستهم بالدِّين، فتحوا الفتوح، وانتصروا على الإمبراطوريات الكبرى، وأقاموا دولة العدل والإحسان، ثم شادوا حضارة العلم والإيمان، مستظلين براية القرآن.
ومن هنا لا يمكن لعاقل أن ينكر – أهمية الاصلاح الدينى ، وضرورته فى مجتمعات أدمنت الجمود والتقليد ، وصارت فى أمس الحاجة إلى نشر العقلانية فى طرائق التفكير ، وتمكين الدين من تقديم إجابات واضحة لكل أزمات الواقع ، وأسئلته الملحة وفق منطق العصر واحتياجاته.ان وجهة النظر المغلوطة للدعوة هى الوجه القبيح لها، وحدها المسموم الموجه من الملحدين، اما حدها الثانى الذى نقره ونريد توضيحه فى مقالنا هذا، فهو رفضها استغلال الدين بهدف تحقيق مطامع شخصية وسياسية .فيجب عدم الخلط بين فصل الدين عن السياسة ، وفصل الدين عن المطامع الشخصية، بمعنى وجوب الترفع بالدين عن المهاترات السياسية ، وان نحرم استغلاله كقناع تتستر خلفه مطامع سلطوية، وما عدا ذلك فإذا دخل الدين الحق فى السياسة، دخل دخول الموجه للخير، الهادى الى الرشد، المبين للحق، العاصم من الضلال، فهو لايرضى عن ظلم أو زيف ولا يقر تسلط الاقوياء الطغاة على المستضعفين. والدِّين إذا دخل في السياسة: هداها إلى الغايات العليا للحياة ، وتزكية النفس، وسمو الروح، واستقامة الخُلق. وتحقيق مقاصد الله من خلق الإنسان: عبادة الله، وخلافته في الأرض، وعمارتها بالحق والعدل، بالإضافة إلى ترابط الأسرة، وتكافل المجتمع، وتماسك الأمة، وعدالة الدولة، وتعارف البشرية.
وقد تناول المسرح تلك القضية الخطيرة فى العديد من الأعمال الدرامية فقد تناولها " محمد أبو العلا السلامونى" صراحة فى نصه "أمير الحشاشين" وفيها تناول قضية الاستيلاء على السلطة من خلال رفع شعارات دينية "ديما جوجية" لتحقيق مصالح شخصية.
كما تناولها "توفيق الحكيم" ضمنيا فى نصه "مجلس العدل" وفيه ينتقد "الحكيم" تصرفات القاضى ومبادئ العدالة التى يطبقها حسب وجهة نظره، ومصالحه الشخصية.
وتبدأ المسرحية بمشكلة بين صاحب فرن وصاحبة أوزة، حيث يتهم الأخير الفران بسرقة أوزته ، ويحتكم للقاضى.

ص الإوزة : أنا صاحب الإوزة ؟

القاضي : هل كانت لك إوزة ؟

ص الإوزة : نعم يا سيدي القاضي . وأخذها مني هذا الفران وهي في الصينية وادخلها
في فرنه أمامي وعندما طالبته بها رفض ردها .

القاضي : ماذا قال .

ص الإوزة : قال شيئا لا يدخل في العقل ؟ حجة مزعومة للاستيلاء على إوزتي .

القاضي : لا تتفلسف ! ... قل نـَصّ كلامه !

ص الإوزة : قال أنها طارت . أتصدقَ ذلك يا سيدي القاضي ؟

القاضي : ألا تصدق أنت ؟

ص الإوزة : لا طبعا .

القاضي : وهل أنت مؤمن بالله ؟

ص الإوزة : مؤمن بالطبع .

القاضي : ألا تؤمن بقدرته ؟

ص الإوزة :أؤمن طبعا .

القاضي : ألا يستطيع الله أن يحيي العظام وهي رميم ؟

ص الإوزة : يستطيع . ولكن ....

القاضي : كفى لا يوجد (لكن)إما انك مؤمن بالله وقدرته . وإما انك كافر حلت عليك لعنته .

ص الإوزة : مؤمن بالله وقدرته .

القاضي : أعترف إذا انه يستطيع أن يجعل إوزتك تطير من الفرن .

ص الإوزة : يستطيع . ولكن ..

القاضي : اسمع .. هي كلمة واحدة ..هل طارت الإوزة من الفرن بقدرة الله أم لك تطر ؟ ..

ص الإوزة : طارت ...

القاضي : انتهينا .
هنا يسخر "الحكيم" من هؤلاء الذين يستغلون الدين لتحقيق مصالحهم ، وليس معنى ذلك أنه يقر فصل الدين عن السياسة أو الحياة ، ذلك الفصل التعسفى الذى يبتغيه الملحدون ويتأكد موقف "الحكيم" من قضية الدين والحياة ـ بعموميتها ـ فى رأيه حول قضية أكثر خصوصية ألا وهى قضية الربط بين الفن والدين حين قال " هناك صلة فى اعتقادى بين رجل الفن ورجل الدين ذلك أن الدين والفن كلاهما يضيء من مشكاة واحدة ، هى ذلك القبس العلوى الذى يملأ قلب الإنسان بالراحة والصفاء والإيمان وان مصدر الجمال فى الفن هو ذلك الشعور بالسمو الذى يغمر الإنسان عند اتصاله بالأثر الفنى ، ومن أجل هذا كان لابد أن يكون مثل الدين قائماً على قواعد الأخلاق."وهو ما ينطبق على فكره فى هذه المسرحية التى تدعو الى ضرورة الترفع بالدين عن اية مصالح شخصية.لأن الدين أعلى وأسمى من أية مهاترات، رافضا فكرة فصل الدين عن السياسة تلك الفكرة التى تتبع فى حقيقتها نظرية مكيا فللي[1]، التي تفصل السياسة عن الأخلاق، وترى أن "الغاية تبرِّر الوسيلة" وهي النظرية التي يبرِّر بها الطغاة والمستبدون مطالبهم وجرائمهم ضد شعوبهم، وخصوصا المعارضين لهم، فلا يبالون بضرب الأعناق، وقطع الأرزاق، وتضييق الخناق، بدعوى الحفاظ على أمن الدولة، واستقرار الأوضاع ... إلى آخر المبرِّرات المعروفة.
ولكن هل هذه هي السياسة التي يطمح إليها البشر؟ والتي يصلح بها البشر؟
إن البشر لا يصلح لهم إلا سياسة تضبطها قِيَم الدِّين وقواعد الأخلاق، وتلتزم بمعايير الخير والشر، وموازين الحق والباطل.



#ابراهيم_حجاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح وقضايا المجتمع من العصر اليونانى إلى عصر النهضة.
- أسطورة نفى أفلاطون للشعراء عن مدينته الفاضلة.
- جدلية العلاقة بين الأدب والجريمة.
- نظرية الفن للفن ..
- ظاهرة التمرد فى المسرح
- قضايا المجتمع بين المسرح الأمريكى والأوروبى الحديث
- نظرية الانعكاس ....ما لها وما عليها.
- الجريمة ودلالتها الرمزية فى المسرح المصرى
- -عفوا أيها الأجداد...علينا السلام- فانتازيا المسرح المصرى بي ...
- جرائم الاعتداء على السلطة فى الدراما المسرحية
- الاغتيالات السياسية فى المسرح المصرى
- مسرح العبث المصرى بين البيروقراطية والديمقراطية.. دراسة نقدي ...
- الدراما المسرحية وجرائم شركات توظيف الأموال دراسة نقدية لمسر ...
- المسرح المصرى وظاهرة التطرف الدينى
- مسرحية-ع الرصيف- بين جرائم الصفوة وصغار الاتباع
- المسرح والمجتمع
- ظاهرة الجريمة فى المسرح المصرى -رسالة ماجستير-
- القرد كثيف الشعر بين حيوانية البدائية وفجاجة الحضارة
- القرد كثيف الشعر وقضية الانتماء
- قراءة جديدة لمسرحية-الحكيم- -يا طالع الشجرة-


المزيد.....




- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم حجاج - الدين والمسرح....خدعوك فقالوا.