هل بدأت عملية تشكيل هوية الثقافية للفلسطينيين ؟؟؟

جميل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3180 - 2010 / 11 / 9 - 15:34
المحور: المجتمع المدني
    

بدأت عملية تشكيل هوية ثقافية للفلسطينيين مع تشكيل م.ت.ف وقيام المؤسسات الرسمية والشعبية على الرغم من ضعفها ساهمت مساهمة فاعلة في تثبيت الهوية الفلسطينية , ولم يغير قدوم السلطة الفلسطينية من هذه الحقيقة , بل تفاقم الأمر خلال سنوات إلى الحد الذي تمزقت فيه هذه الهوية إلى هويات جزئية , ومع صعود الحركات الإسلامية طرحت إشكالية أخرى تتعلق بالمكون الإسلامي للهوية الفلسطينية وابرازة على حساب المكونات الأخرى , وهو ما يعني أن الهوية الفلسطينية لا زالت ابعد عن النضج والاكتمال , وقد كان لفشل السلطة الوطنية أسباب خارجية :
- أهمها ممارسات الاحتلال وقوى العولمة الحليفة , فالمتابع للسياسة الإسرائيلية في حربها ضد الشعب الفلسطيني , يلمس أنها تعمل على جبهتين :
- عسكرية لاحتلال الأرض , وسياسة ثقافية لهزم ذاكرة الإنسان الفلسطيني وتشويه تاريخ قضيته , ليصب الشعب الفلسطيني شعب بلا تاريخ وبالتالي بدون هوية , وعندما تنتفي الهوية الفلسطينية والوطنية عن الشعب يسقط حقه في دولة مستقلة بل يفقد حقه في الحياة .
- داخلية : أهمها الفساد وسوء الإدارة والتعسف في استخدام السلطة والفردية وعجزها عن ترخيص قيم الديمقراطية والمواطنة وسيادة القانون , الأثر الذي أدى إلى زعزعة شعور المواطن بالانتماء للوطن والشعب , وبالتالي انتشرت الولاءات التقليدية الضيقة والأصولية الفكرية , وتعززت حالة العجز والتدهور وسيادة ثقافة التعصب والتطرف والعنف في التفكير والممارسة , لتصبح ثقافة العنف تسم طبع العلاقات السياسية والاجتماعية التي رسخت بشكل غير مسبوق خلال الانتفاضة الثانية , فقد تزايدت مظاهر التخلف الاجتماعي بصورة غير مسبوقة , حيث تراجعت العلاقات الاجتماعية والثقافية والسياسية القائمة على أساس المشروع الوطني والتمسك المجتمعي والعمل المنظم ألفصائلي لحسابات عائلية وفئوية , وما يعنيه ذلك من بروز قيم النفاق والتفكيك الاجتماعي والانحطاط والفوضى والإحباط , بديلا عن قيم التكامل والتضامن والمقاومة , والتوحيد في الوعي والاجتماعي , وأصبحت هذه الظاهرة وغيرها تهدد ليس فقط امن المجتمع الفلسطيني , ولكن قدرته على مواصلة معركته من اجل الانعتاق من الاحتلال وبناء المجتمع الديمقراطي أيضا .
ومما لاشك فيه الاحتلال والتحديات الاقتصادية والسياسية الناتجة عنة جعل الانشغال بالأمور الأمنية والسياسية على رأس سلم اهتمامات أصحاب القرار في السلطة الفلسطينية , أما الثقافة فقد تراجعت إلى درجة متدنية من الاهتمام , وشكل غياب الرؤية الثقافية في المشروع الوطني بشكل عام وفي المؤسسة السلطوية بشكل خاص سببا أخر لتراجعها , ذلك أن اعتقادا ساد ومازال بان النشاط الثقافي ما هو إلا شعارات وخطابات ترفعها وتقول بها أحزاب وقوى سياسية أو مثقفون بقاعات مغلقة , وبالتالي يتدخل مفهوم الثقافة الوطنية مع إيديولوجيا والدعاية الحزبية والتظهير الفكري , أو أن الثقافة هي مجرد فرق فنية : دبلة غناء وموسيقى .
وفي ظل العولمة وتأثيراتها وممارسات الاحتلال وحصاره للأراضي الفلسطينية ظهر انحياز قوي العولمة للاحتلال , وفي ضوء عجز السلطة وضعف بني المجتمع المدني , وفي ظل تصارع المدارس والأفكار وتأثيرها الكبير على بالرؤى السياسية غابت الاستراتجيات الثقافية , وطرائق التعامل مع المحيط العربي والدولي , وكيفية استيعاب المستويات الثقافية والفلسطينية في الجغرافيات المختلفة , وكيفية التعامل مع واقع الاحتلال , وبالتالي برز العنف والتعصب والانفلات الأمني كسمة أساسية من سمات هذا المجتمع , وانتشرت ظواهر النزاعات القبلية والعشائرية المسلحة والفئوية , بل ساهمت الأطر الحزبية المتداخلة مع الأطر القبلية والعائلية نفسها بوسائل العنف والسلاح , وأصبحت لهذه الأطر سلطتها المنفصلة عن إطار السلطة الوطنية , مما اضعف من فعالية السلطة واوجد ازدواجية في السلطات , كرست انقساما فلسطينيا غير مسبوق , وساهم هذا الانقسام في تعطيل النظام السياسي الفلسطيني الذي كان يعاني من اخلالات متعددة أصلا .
وفي الأخير فرض علينا واقع جديد ألقى بإثارة على جميع مناحي حياة المواطنين , مما فرز بدورة معوقات جديدة أمام أحداث تحولات ديمقراطية , تعيد الأمور آلة نصابها الصحيح بما يكفل ترتيبات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية وثقافية تكفل تكريس سلطة عادلة , وإعادة بناء الجماعية الفلسطينية بطريقة تكفل إعادة تشكيل قيم الفرد لمصلحة الشعب الفلسطيني , وليس لمصلحة الحزب , أو لعائلة أو الصالح الخاص ...انتهى .

ولاء تمراز
حزب الشعب الفلسطيني - قطاع غزة

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل