أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عبدالوهاب خضر - عن الحد الأدنى للأجور فى مصر: (تمخضت الحكومة فوّلدت فقرا)















المزيد.....



عن الحد الأدنى للأجور فى مصر: (تمخضت الحكومة فوّلدت فقرا)


عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 3174 - 2010 / 11 / 3 - 17:25
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


نهاية الأسبوع الماضي شهدت مجموعة من الأحداث المثيرة والخاصة بملف "الحد الأدني للأجور" بعد أن أدخل القضاء الاداري الحكومة المصرية في متاهة جديدة حيث طالبها بتنفيذ حكم تحديد حد أدني للأجور كان رافع الدعوي قد حدده بـ1200 جنيه.وألزمت" القضاء الاداري" بمجلس الدولة في جلستها يوم الثلاثاء 26-10-2010 برئاسة المستشار كمال اللمعي الحكومة بتنفيذ حكم تحديد الحد الأدني للأجور الصادر في مارس الماضي، وذلك بعد قبول الاستشكال المقدم من العامل ناجي رشاد والذي كان يطالب فيه بوضع حد أدني للأجر لا يقل عن 1200 جنيه وصدر لصالحه حكم بإلزام الحكومة بتحديد حد أدني للأجور إلا أن الحكومة ماطلت في تنفيذ الحكم الأمر الذي دفعه الي التقدم باستشكال أمام محكمة القضاء الإداري، لتنفيذ الحكم رقم 21606 لسنة 63 قضائية والصادر في 30 مارس 2010 ، والقاضي بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن وضع الحد الأدني للأجور في المجتمع، وهي القضية التي رفعها اثنان من عمال مصر هما ناجي رشاد عامل بشركة مطاحن جنوب القاهرة، وياسر حساسه عامل بشركة "أطلس" للمقاولات، ، واشتمل الحكم الذي يقع في 10 صفحات علي عدد من المبادئ القضائية المهمة التي انحازت للحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وانتهت المحكمة الي رفض دفوع الحكومة وقبلت الدعوي شكلا، كما أكدت المحكمة علي صحة الاساس الدستوري والقانوني والدولي للدعوي.وبعد هذا الحدث بأقل من 24 ساعة حسم المجلس القومي للأجور ، قراره بزيادة الحد الأدني للأجور من 112 جنيها إلي 400 جنيه لجميع العاملين في مصر، وهو القرار الذي وافقت عليه الحكومة وممثلو منظمات أصحاب الأعمال، ورفضه ممثلو العمال في المجلس.
تحالف حكومي
وحسب رؤية عبد الرحمن خير عضو المجلس القومي للأجور وأحد ممثلو العمال في المجلس ان هناك تحالفا بين الحكومة ورجال الاعمال ضد العمال خلال هذا اللقاء ، وأكد خير أن عثمان محمد عثمان وزير التنمية ورئيس مجلس الأجور رفض جميع الاقتراحات التي تقدم بها ممثلو العمال بأن يكون الحد الأدني 500 جنيه بدلا من 400 وذلك لغير حملة المؤهلات "المستوي الأدني من العاملين"، وإن يكون في حدود 750 جنيها لحملة المؤهلات المتوسطة، وألف جنيه للمؤهلات العليا .
أما ناجي رشاد صاحب دعوي زيادة الحد الأدني للأجور قال إن القرار صدمة كبري لأن الـ400 جنيه لا تكفي شراء العيش حافا في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار مؤكدا أنه سوف يعاود ويقيم دعوي قضائية جديدة ضد الحكومة لالزامها بزيادة الحد الأدني ليتوافق مع الغلاء والأسعار، بحيث لا يقل الحد الأدني عن 1500 جنيه، خاصة بعد أن أصبح مطلب 1200 جنيه غير كاف للعمال.
و ان الاجتماع الذي عقده المجلس القومي للأجور في الأسبوع الماضي شهد مشادات وخلافات غير عادية حيث اعترض وزير التنمية الاقتصادية د. عثمان محمد عثمان علي المبالغ التي حددها ممثلو اتحاد العمال مؤكداً أن هذه الارقام مرتفعة وأنه حسب جهاز التعبئة العامة والاحصاء فان 400 جنيه حد مناسب لمستويات المعيشة حالياً.
الأجور والأسعار!
وقال " عثمان " رئيس المجلس القومي للأجور أيضا انه في ضوء الحقائق المعروضة والمناقشات التي دارت خلال الاجتماع ، قرر المجلس ان تلتزم كل المنشآت بالحفاظ علي الحقوق المالية المكتسبة للعاملين بها اذا ما زادت عن الحد الأدني المحدد في هذا القرار، وأضاف أنه تقرر ايضاً أن تترك مهمة تحديد حد أدني مختلف لكل قطاع أو مهنة للتفاوض المباشر بين ممثلي العمال وأصحاب الأعمال، بحيث لا يقل عن الحد الأدني المحدد في هذا القرار، كما تقرر ان يتم تعديل الحد الأدني للأجور بصفة دورية لا تزيد علي ثلاث سنوات، وذلك في ضوء التغيرات التي تطرأ علي المستوي العام للأسعار وتكلفة المعيشة، وهو الاتجاه الذي أثني عليه الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والادارة، رئيس لجنة الشكاوي بالمجلس الأعلي للأجور، وقال ان تطبيق الحد الأدني للأجور عند حاجز الـ1200 جنيه سيؤدي إلي ارتفاع الأسعار، وعدم استقرار الاقتصاد المصري, مؤكدا أن ممثلي المنتجين ومقدمي الخدمات يرون الحد الأنسب هو 300 جنيه، وأشار إلي أن هناك 3 معايير عالمية لتحديد حد أدني للأجور، أولها أن يزيد عن خط الفقر القومي "من 164 إلي 180 في مصر"، وثانيها أن يقل عن نصف متوسط الأجور السائدة في المجتمع "من 900 إلي 1000 جنيه في مصر"، أما الثالث فهو أن يكون دافعا للحفاظ علي النمو الاقتصادي، وهو ما لن يتحقق، حسب قوله, إذا وصل الحد الأدني إلي 1200 جنيه.
400 جنيه لا تكفى
من جانبه أصدر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بيانا هذا الأسبوع ردا علي قرار المجس القومي للأجور بتحديد حد ادني 400 جنيه فقط للأجور مؤكدا أن أغلبية الآراء في المجلس القومي للأجور اتفقت علي اقرار الصيغة التالية (رفع الحد الأدني للأجر الشامل الذي يتقاضاه العامل علي المستوي القومي إلي 400 جنيه) حيث وافق ممثلو رجال الأعمال وممثلو الحكومة علي هذه الزيادة وهذه الصيغة في الوقت الذي رفضها ممثلو اتحاد العمال . وأوضح البيان الجديد أن آخر حد أدني للأجور في مصر هو 35 جنيها بموجب القانون 53 لسنة 1984 وباضافة العلاوات اليه يصبح 112 جنيها وهو الحد الأدني للأجور الذي تقبل التأمينات الاجتماعية التأمين عليه، وقد طالبت الحركة العمالية المستقلة بمبلغ 1200 جنيه كحد أدني للأجور، وفي هذا السياق يؤكد المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رفضه للقرار لعدة أسباب:أن القرار بصيغته التي صدر بها يمثل تحايلا واضحا علي الحكم القضائي فبدلا من أن يقر المجلس حدا أدني للأجر في مصر وضع حدا أدني للأجر الشامل والفارق بينهما كبير، فالحد الأدني للأجر الذي صدر بشأنه الحكم القضائي يقصد به بداية الأجر أي (الأجر الأساسي)، أما الأجر الشامل الذي تناوله المجلس القومي للأجور في قراره فيقصد به اجمالي ما يتقاضاه العامل من الأجر الأساسي مضافا اليه العلاوات والبدلات والمكافآت والتي يخصم منها اشتراكات: التأمين الصحي والاجتماعي، والضرائب، ورسم اشتراك النقابة، وصندوق العاملين ان وجد، وان تنفيذ الحكم علي هذا النحو يفرغه من مضمونه، فقيمة أي حكم قضائي تكمن في تنفيذه تنفيذ حقيقي لا تنفيذ صوري كما فعل المجلس القومي للأجور، اذا كانت هذه الزيادة التي قررها المجلس تمثل خطوة للأمام سوف يستفيد منها بعض العمال الذين مازالت أجورهم الشاملة أقل من ملبغ ال 400 جنيه الا أنها خطوة لا تلبي طموحات وتطلعات الطبقة العاملة المصرية، ولن تساهم في رفع المعاناة الاجتماعية والاقتصادية عنهم فمضمون الحكم القضائي هو وضع حد أدني للأجور يتناسب مع الأسعار ويضمن للعمال حياه كريمة والواقع يؤكد أن مبلغ ال 400 جنيه التي قررها المجلس باعتبارها أجرا شاملا لا تتناسب أبدا مع أسعار السلع والخدمات الأساسية خاصة أنها في الواقع سيتقاضي منها العامل ما يعادل 300 جنيه فقط بعد الخصومات والضرائب، وبالتالي لن تضمن للعمال والموظفين أي حياة كريمة.
رجال أعمال
وإذا كان الدكتور محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط السابق أكد علي أن سوء توزيع الدخل يقلل من الشعور بزيادة النمو وقال انه لا يمكن لأي سياسة اقتصادية في مصر أن تنجح مادامت أجور الموظفين الأساسية لا تشكل الا 25% من دخلهم، موضحا أنه دعا المسئولين الي أن تبدأ الراتبات من 750 إلي 1000 جنيه، كرقم واحد، لكنه ووجه باعتراضات أهمها الخوف من زيادة عبء التأمينات الاجتماعية، فان محمد أبو العينين رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب المصري لا يعترض علي الحد الأني للأجور ، ويؤكد علي اهمية رفعه ليتناسب مع الاسعار سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، موضحا علي ضرورة توفير المعيشة الكريمة للعاملين، لكنه يري أن هذا الحد الأني لابد ان يرتبط بالانتاج، بمعني ربط الحافز بالانتاج. "أبو العينين" يري ان القطاع الخاص لابد ان يلتزم بأي احكام او قرارات او قوانين تنظم العلاقة مع العامل ، لان هذا الالتزام سوف يخلق حالة من الحوار الاجتماعي بين أطراف العمل من عمال وحكومة وأصحاب اعمال ، ويخلق أيضا تعاونا مشتركا، هذا التعاون هو القادر علي فرز عمالة مدربة ربما تستحق اكثر من 1200 جنيه.يري د. محمد المنوفي رجل الاعمال وعضو مجلس ادارة جمعية مستثمري السادس من اكتوبر أن هذه القيمة التي حددتها بعض القوي ما هي إلا شعارات ليس لها علاقة بالواقع ، وقال : " أنا مستعد أن ادفع لعامل عندي 10000 جنيه شهريا بشرط أن يكون مدرب بشكل جيد، وأن يكون عنصرا منتجا ، ولكن العامل العادي غير المدرب كيف يمكن أقارنه بالعامل المنتج المدرب الذي يحتاجه سوق العمل ، وكيف نساوي بين العامل في مطعم فول وطعمية وبين العامل في مصنع نسيج مثلا" . وأضاف "المنوفي" ان المشكلة هنا عرض وطلب ، وهذه هي آليات السوق والعمل الحر الذي تنادي به الحكومة المصرية منذ بداية الانفتاح الاقتصادي علي العالم ، وقال ان غير ذلك ما هو الا كلام فارغ ليس له علاقة بالواقع ، ومجرد شعارات لها اهداف اخري .
وحذر د. محمد المنوفي من أن يفتح هذا الحكم الجديد أشكالا جديدة من التحايل علي القانون إذ من الممكن ان يقوم صاحب العمل بعدم تحرير عقود عمل تلزمه بذلك ، ويجبر العامل علي العمل بدون عقود أو شروط ، وقال المنوفي لو جري تطبيق هذا الحكم بهذا الشكل دون دراسة بعناية والأخذ بكل الأراء فسوف يؤدي ذلك إلي إغلاق عشرات المصانع التي من الممكن ان تتخلص من عمالها بشكل أولي .ودعا "المنوفي" الحكومة والجهات المختصة بالتركيز اكثر علي ملف تدريب العمالة حيث توجد مئات المصانع التي تحتاج إلي عمالة مدربة ولا تجدها ، وان وجدتها من الممكن ان تدفع لها حدا أدني 10000 جنيه وليس 1200 كما يطالبون ، موضحا أن مشكلة مصر علي مستوي العالم في انها عمالتها رخيصة بسبب عدم التدريب الذي يجب التركيز عليه الأن بدلا من اي شيء اخرا.
تطور الحد الأدني
دراسة للمركز المصري للحقوق الاقتصادية تحت عنوان «مطالبنا من الحد الأني للاجور» كشفت في مضمونها عن حالة تطور الحد الأدني للأجر الاسمي والحقيقي حيث نجد أنه في عام 1952 وبعد الانقلاب الثوري الذي تحول لثورة اجتماعية شاملة بعد ذلك، تم وضع حد أدني للأجر 18 قرشا في اليوم، وكانت تشتري نحو 1.5 كيلوجرام من اللحم في الريف ونحو 1.2 كيلوجرام من اللحم في المدن، وبفرض أن العامل يعمل 25 يوما في الشهر، فان الأجر الشهري الحقيقي للعامل في عام 1952 يعادل في المتوسط، نحو 34 كيلوجراما من اللحم أي نحو 1700 جنيه من جنيهات الوقت الراهن اذا قيس بسلعة واحدة هي اللحم ، وارتفع الحد الأدني للأجر الأساسي الاسمي للعامل في القانون 47، 48 لسنة 1978، إلي 16 جنيها (دون اضافة ما في حكم الأجر من حوافز وعمولات وبدلات ومكافآت وأرباح) وكانت تشتري في ذلك الحين 320 كيلوجراما من الأرز (ثمن الكيلو 5 قروش) ثمنها حاليا 1000 جنيه، ولو أخذنا بالحد الأدني للأجر الشامل، فانه كان نحو 22 جنيها كانت تشتري نحو 440 كيلو أرز ثمنها نحو 1320 جنيها، كما كان ذلك الأجر الأساسي للعامل يشتري نحو 18 كيلوجراما من اللحم البلدي ثمنها حاليا نحو 900 جنيه، أما الأجر الشامل فكان يشتري نحو 24 كيلوجراما من اللحم البلدي تساوي نحو 1200 جنيه حاليا، أو ملابس لا تقل قيمتها عن 2000 جنيه، أوكمية من الذهب لا تقل قيمتها عن 2500 جنيه حاليا، ولو أخذنا قيمة وسيطة للقدرة الشرائية للأجر الأساسي عام 1978، فانها ستبلغ نحو 1500 جنيه من جنيهات الوقت الراهن علي الأقل، أما القدرة الشرائية للحد الأدني للأجر الشامل في عام 1978 فانها توازي أكثر من 1900 جنيه من جنيهات الوقت الحالي، ، والسبب الواضح لهذا التدهور في الرواتب والأجور الحقيقية، هو ارتفاع أسعار السلع والخدمات بمعدلات أعلي كثيرا من معدلات ارتفاع الرواتب والأجور، فضلا عن أن نسبة ارتفاع الأجور هي نسبة من الأجر الأساسي الذي لا تشكل مخصصاته سوي أقل من 20% من مخصصات الأجور وما في حكمها للعاملين في الدولة، بينما تطبق ارتفاعات الأسعار علي مجمل استهلاك العامل وأسرته من السلع والخدمات، فلو نظرنا لتطور راتب خريج الجامعة لدي بداية عمله في الجهاز الحكومي، سنجد أن هذا الراتب ارتفع من 17 جنيها شهريا في بداية سبعينات القرن العشرين، إلي نحو 28 جنيها شهريا عام 1978، إلي نحو 200 جنيه شهريا في الوقت الحالي وفقا للتصريحات الرسمية، ولو أخذنا سلعا مثل اللحوم والأرز والذهب كنوع من التجريد لقياس القدرة الشرائية للأجر أي الأجر الحقيقي، سنجد أن راتب خريج الجامعة عند بداية تعيينه عام 1970 كان يشتري 68 كيلو جراما من اللحم في الريف (تساوي 3400 جنيه حاليا)، أو نحو 50 كيلوجراما في الحضر (تساوي حاليا نحو 2500 جنيه)، وكان يشتري نحو 45 جراما من الذهب قيمتها الحالية قرابة ثمانية آلاف جنيه، وكان يشتري نحو 425 كيلوجراما من الأرز قيمتها الحالية نحو 1275 جنيه ، وهو الأمر الذي يتطلب تحديد حد ادني عادل يتناسب مع الأسعار لا يقل عن 1200 جنيه.
30ضعفاً!
وفي الوقت الذي يحدد فيه المجلس القومي للأجور مبلغ 400 جنيه فقط للأجور نكتشف أنه بالاضافه إلي تدني هذا المبلغ بجانب ارتفاع الأسعار فان حجم التفاوت وعدم العدالة في توزيع الأجور كان وما زال السمة الرئيسية لسياسات الحكومة فبمراجعة الأرقام والاحصائيات الخاصة بهذه القضية لوحظ حجم التفاوت في الأجور بين القطاعات الحكومية المختلفة، و ذلك وفقاً لموازنة وزارة المالية خلال السنوات الماضية : ففي موازنة عام 2008/2009 بلغ نصيب الجهاز الاداري نحو 38.8 مليار جنيه مقابل 31.34 مليار جنيه للمحليات، مقابل 8.9 مليار للهيئات الخدمية ، أما في موازنة عام 2007/2008 فقد استحوذت المحليات علي النسبة الغالبة من الأجور المدفوعة للعاملين بالقطاع الحكومي، حيث وصل ما يحصل عليه هؤلاء الي 26.5 مليار جنيه ، مقابل 25.8 مليار جنيه للجهاز الاداري و 7.9 مليار للهيئات الخدمية، أما في موازنة عام 2006/ 2007، فبلغ نصيب المحليات نحو 24 مليار جنيه ، مقابل 20.1 مليار للجهاز الاداري ، و 7.1 مليار للهيئات الخدمية ، وفي موازنة عام 2005/2006 ، فبلغ نصيب المحليات نحو 21.7 مليار جنيه مقابل 18 مليار جنيه للجهاز الاداري ، و 6 مليارات جنيه للهيئات الخدمية ، كما أن الحد الأدني لأجر العامل في الحكومة أعلي من القطاع الخاص، اذ يصل متوسط الأجر الشهري للذكورالعاملين في القطاع العام الي 684 جنيها مقابل 576 لدي القطاع الخاص، وبالمثل يصل هذا الرقم للاناث العاملات في القطاع العام الي 684 جنيها مقابل 444 جنيها لدي القطاع الخاص.وفي دراسة حديثة لمنتدي البحوث الاقتصادية للدول العربية وتركيا وايران اشارت الي ان الفرق بين متوسط أقل وأعلي أجر شهري في الجهاز الحكومي المصري وصل الي 30 ضعفا، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري لموظفي شركات قطاع الأعمال العام 7156 جنيها في حين لا يزيد متوسط الأجر الشهري لنظرائهم في وزارة الأوقاف علي 235 جنيها فقط ويرتفع قليلا الي 408 في وزارة القوي العاملة بينما يصل الي 432 جنيها في وزارة الري ويقفز هذا الأجر ليصل الي 5283 جنيها في المجلس القومي للمرأة وينمو بشكل كبير في وزارة الخارجية ليبلغ 6059 جنيها في الشهر.وأشارت الدراسة الي أنه علي الرغم من تطبيق مصر لبرنامج الاصلاح الاقتصادي منذ عام 1990 والاتجاه نحو خصخصة شركات القطاع العام، فإن عدد موظفي الحكومة في تزايد مستمر مما يستتبعه تضاعف اجمالي الانفاق علي الأجور، وأشارت الدراسة الي أن عدد موظفي الحكومة بلغ 4.7 مليون موظف عام 1998 / 1999 كانوا يحصلون علي نحو 22.6 مليار جنيه من اجمالي الانفاق العام في الموازنة وارتفع هذا العدد ليصل الي 5.1 مليون موظف في عام 2004 / 2005 بلغ اجمالي الأجور التي يحصلون عليها حوالي 42.6 مليار جنيه. وأرجعت الدراسة تباين الأجور في مصر الي ما يضاف علي الأجر الأساسي، حيث تمثل الاضافات ما يقرب من 75% من اجمالي الراتب الشهري وتتمثل الاضافات في المكافآت التي تستحوذ علي 30.7% من الأجر بالاضافة الي المزايا النقدية 10.4% والمزايا التأمينية 11.5% وبدلات ومزايا عينية أخري 6.8%، وأكدت أن تعدد الاضافات للأجر الأساسي يؤدي الي صعوبة استخدام مؤشرات الأجور في ضبط السياسات الاقتصادية وتحديد التكلفة الفعلية لموازنة الأجور في المشروعات المنشأة حديثا.وطالبت الدراسة باعادة النظر في سياسة الأجور الحالية حتي تتحول الي أداة من أدوات السياسة الاقتصادية في جذب الاستثمارات الجديدة، وشددت الدراسة علي أن يكون تحديد الأجور بناء علي المهارة والكفاءة وليس الأقدمية والدرجة العلمية.

«التجمع»
ولعب حزب التجمع علي مر التاريخ دورا كبيرا بحثا عن حد ادني للأجور يتناسب مع الأسعار علي اعتبار أنها قضية أمن قومي.وكان عبدالرحمن خير عضو مجلس الشوري عن حزب التجمع قد طالب مؤخرا واكثر من مرة من الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية ورئيس المجلس القومي للأجور بسرعة تحديد حد أدني، وفتح باب المناقشة حول هذه القضية القومية. جاء ذلك في خطابات أرسلها "خير" الي "عثمان" مؤكدا فيه أن عدم تحديد حد أدني للأجور يتناسب مع الأسعار حتي الآن يهدد علاقات العمل ويجعل عمال مصر فريسة في قبضة أصحاب الأعمال.وتوجه عبدالرحمن خير - العضو أيضا في المجلس الاعلي للأجور - باقتراح الي صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري يطالبه برعاية الدعوة الي حوار حقيقي بين كل الأطراف من أجل حد أدني عادل يحقق الأمان الاجتماعي للعمال.وتخوف "خير" من احتكار تحديد الحد الأني للأجور من جانب فئة معينة ، وقال ان الحل الوحيد هو الاستماع إلي كل القوي المهتمة بهذا الشأن لوضع الضوابط اللازمة لهذا الامر.والجدير بالذكر هنا ايضا أن المطالب التي يتقدم بها التجمعي عبدالرحمن خير ليست الأولي في تاريخ حزب التجمع في هذا الشأن ففي عام 1986 تقدم عبدالحميد الشيح أمين عمال حزب التجمع عن طريق نواب الحزب في البرلمان بمشروع بوضع حد ادني عادل للأجور في مصر ، وعدم ترك هذا الملف هكذا علي حسب اهواء أصحاب الاعمال . وفي ابريل 2006 وأثناء رد الهئية البرلمانية لحزب التجمع علي الحساب الختامي لموازنة الدولة عن العام المالي 2003/2004 ، طالب حزب التجمع باعادة النظر في هيكل الأجور وقال إنه يعاني من اختلالات كبيرة يذهب ضحيتها الملايين من محدودي الدخل ، اما الفئات المميزة فتحصل علي عشرة امثال الأجر الأساسي المقرر للعاملين في الدولة . وقال " التجمع " إن الأجور المتغيرة التي يحصل عليها "الموظفون السوبر" بلغت 132,6% من الاجر الأساسي وفقا لبيانات الحكومة نفسها ، وفي نهاية عام 2007 قدم محمد عبد العزيز شعبان نائب التجمع مشروعا لاعادة هيكلة نظم الأجور في مصر ، وقال ان الحد الأني يجب إلا يقل عن 1200 جنيه شهريا لأسرة مكونة من أربعة أفراد ، تزداد هذه النسبة كل عام وفقا للتغييرات التي تحدث علي الأسعار.وأكد نبيل عبدالغني عضو المكتب السياسي لحزب التجمع واحد القيادات العمالية في قطاع الغزل والنسيج علي الدراسة التي اعدتها هيئات حزب التجمع نهاية عام 2007 حيث قدم مشروعا لاعادة هيكلة الأجور وتحديد حد ادني حقيقي لأسرة مكونة من أربعة افراد ومطالبها من مأكل ومشرب ومسكن ومصروفات اخري في حدود خط الفقر العالمي ، وبناء علي جداول حاجة الجسم من الطاقة والاطعمة الأساسية ، من خلال معلومات معتمدة من مراكز رسمية وحكومية ، حيث تبين أن هذه الأسرة تحتاج إلي 1200 جنيه شهريا ، فهي تحتاج مثلا إلي 413 رغيف خبز شهريا ، ثمن الرغيف 5 قروش ، وكذلك 2 كيلو لحم ، و4 كيلو فراخ، و17 بيضة ، بخلاف الطماطم والعدس والفول والارز والسكر . وأكد عبدالغني أن دراسة التجمع وضعت الضوابط اللازمة لهذا الحد الأني بحيث يعاد النظر فيه كل عام طبقا لزيادة الأسعار ، ووضع حد أقصي لدخل الوظيفة لا يزيد علي عشرة أمثال الحد الأني للأجور.
الأجـــــور الســــــوبر!
* بلغت البدلات التي يصرفها العاملون بالدولة 56 بدلا!.
* مساعد وزير المالية تحصل علي راتب شهري 205 آلاف جنيه ومستشاره يحصل علي 150 ألف جنيه شهريا ولديه 12 سكرتيرا يحصلون علي 100 ألف جنيه ويحصل رئيس هيئة قناة السويس علي مليون جنيه شهريا.
- أحد رؤساء البنوك بلغ راتبه الصافي 33 مليون جنيه سنويا، أما الحد الأدني لرواتب رؤساء البنوك فيقدر بـ3 ملايين جنيه سنويا بخلاف ما يتقاضونه من أوعية أخري كنسبة من الأرباح وبدلات مجلس الادارة أو اللجان والمكافآت والعمولات ومكافآت التقاعد .
* المستشارون بالوزارات يتقاضي الواحد منهم 20 إلي 30 ألف جنيه شهريا، وأغلبهم ليست لديه خبرة وانما يتم اختيارهم لمجرد أنهم أهل ثقة أو أنهم قدموا "خدمات جليلة" للنظام أغلبها خدمات أمنية، وتدفع رواتبهم من مخصصات الأجور بالوزارة المعينة وعن طريق المنح الدولية التي تحمل أسرار توزيعها فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي .
* رئيس مجلس ادارة إحدي المؤسسات الصحفية "القومية" كان دخله الشهري (الحلال) من مؤسسته يتجاوز المليون جنيه
* متوسط الأجر الشهري لموظفي قطاع الأعمال العام 7156 جنيها (يرفع المتوسط أجور ونهب رؤساء وأعضاء مجلس الادارة وكبار المديرين في كل موقع) في حين لا يزيد متوسط الأجر الشهري لنظرائهم في الأوقاف علي 235 جنيها ويرتفع إلي 408 جنيهات في وزارة القوي العاملة ويصل إلي 432 جنيها في وزارة الري ويقفز ليصل إلي 5283 جنيها شهريا في المجلس القومي للمرأة (هوانم مصر) ويتصاعد إلي 6059 جنيها في الخارجية
* قرر وزير العدل صرف 3 آلاف جنيه لكل قاض "بدل مصايف" وألفي جنيه (العمل الصيفي) ، وألفي جنيه لكل قاض "بدل منصة" و1800 جنيه لكل قاض "بدل تميز" وذلك خلال شهري يوليو وأغسطس 2009 .
* في بعض المصالح الحكومية كالضرائب هناك من يتقاضي أكثر من ربع مليون جنيه شهريا وهناك من لا يزيد أجره علي 500 جنيه أي أن النسبة بين أعلي أجر وأقل أجر تبلغ 500 إلي 1 (د. جودة عبدالخالق ـ الأهالي 13/5/2009 )
* وكيل وزارة الصحة بأي محافظة لا يقل دخله من أجور عن 70 ألف جنيه شهريا وكذلك وكيل وزارة التربية والتعليم 80 ألف جنيه ومدير الأمن ربع مليون جنيه، أما وكيل وزارة القوي العاملة 2500جنيه ووكيل وزارة التضامن 3000 جنيه، و أستاذ الجامعة 3500 جنيه لكن رئيس الجامعة 100 ألف جنيه ، وشيخ الأزهر ربع مليون جنيه، ، والمفتي 100 ألف جنيه.
في بحث للدكتور عماد صيام عن مخصصات الأمن بالموازنة العامة للدولة يتضح الآتي :-
* زادت "مخصصات" و "تكاليف" جهاز الأمن والأجهزة السيادية من أقل من 8 مليارات جنيه عام 1981 إلي أكثر من 35 مليار جنيه في العام المالي 2005/2006 وذلك بخلاف المعونة السنوية الأمريكية التي تتجاوز في المتوسط ، 1.2 مليار دولار، ويرجع السبب في الزيادة إلي تضاعف بند الأجور والرواتب للعاملين في أجهزة الأمن العديدة بسبب ما يسمي (علاوة الطوارئ) من ناحية وزيادة أعداد العاملين في وزارة الداخلية من ناحية أخري، فقد زاد عدد العاملين في تلك القطاعات الأمنية والسيادية من 1.2 مليون شخص عام 1981 إلي أكثر من 2.5 مليون شخص في الوقت الراهن، وهم في قطاع الشرطة موزعون علي النحو التالي :-
الشرطة : عدد العاملين بجهازها 750 ألف جنيه تقريبا من العسكريين (ضباطـ أمناء ــ صف ضباط ـ جنود).
قوات الأمن المركزي 20 فرقة تضم حوالي 450 ألف تحت السلاح.
مرشدون للمباحث الجنائية وأمن الدولة 500 ألف شخص. وهذا يعني أن اجمالي العاملين بأجهزة الأمن الشرطية يقترب من مليون و700 ألف وسبب تضخم هذا الجهاز اعطاء الأولوية للأمن السياسي الأمر الذي يزيد من تكلفة توفير الحماية للنظام، ويضغط علي مخصصات الأجور بالميزانية العامة للدولة ، وتجب الاشارة هنا إلي أن تكلفة تأمين موكب الرئاسة تصل إلي 7 ملايين جنيه وهي تخصص لأفراد الحراسة والأمن والأسلحة المستخدمة وعمليات التدريب التي تتم لضباط وجنود الحراسة.
الاتفاقيات الدولية
وهناك بعض التوصيات والاتفاقيات الدولية القديمة التي اعترفت بها الحكومة المصرية، والتي تدعو وبشكل عاجل إلي وجود حد ادني عادل ومنها:الاتفاقية (رقم 100) الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الأجر والتي اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في يونيه 1951، في دورته الرابعة والثلاثين ، وكذلك اتفـاقـية العمـل الدولـية رقـم ( 26 ) لسـنة 1928م الخاصـة بأنظمـة الحـدود الدنيـا للأجـور، واتفـاقـية العمـل الدولـية رقـم ( 154 ) والتوصـية رقـم ( 163 ) لسـنة 1981م بشـأن التفاوض، و توصـية العمـل الدولـية رقـم ( 94 ) لسـنة 1952م المتعـلقـة باتفـاقـيات العمـل الحـرة ، وتوصـية العمـل الدولـية رقـم ( 113 ) لسـنة 1960م بشـأن التشـاور والتعـاون بـين السـلطـات العـامـة ومنظمـات أصحـاب العمـل والعمـال علي المسـتويـين الصـناعي والوطنـي.
وكـذلك أصـدرت منظمـة العمـل العـربية الاتفاقية رقم ( 6 ) ( معـدلـة ) بشـأن مسـتويات العمـل والتي نصـت ( المـواد 34 و 35 ) منهـا علي الآتـي : (المـادة 34 ) تضـع كل دولـة أنظمـة لتحـديـد حـد أدنـي للأجـور يضمـن سـد حـاجـات العمـال الأسـاسـية ويراعي في هـذا التحـديـد الاخـتلافـات القـائمـة بين مخـتلـف الصـناعـات والمـناطـق، و( المـادة 35 ) تطالب بتشـكيل لجـان مشـتركة في كل منطقـة لاقـتراح تحـديـد الحـد الأدني للأجـور وذلك علي فـترات دوريـة مـناسـبة وتضـم اللجـنة ممـثلـين عـن العمـال وأصحـاب الأعمـال ومـنـدوبين عـن الجهـات الاداريـة المختصـة .
وتضع منظمة العمل الدولية بعض المحاور لوضع حد ادني عادل يتمثل في:
1- المساهمة في وضع السياسات الشاملة والمستقرة والعادلة للأجور في القطاعين العام والخاص مع الأخذ في الاعتبار العوامل الاقتصادية والاجتماعية والمالية للدولة.
2- إعمال مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي وتأكيد مبدأ الأجر كحافز للانتاج وذلك بغرض الاستقرارالوظيفي.
3-وضع موجهات وأسس ومعايير ازالة المفارقات في الاجور.
4- تكوين مركز للمعلومات والبيانات التي تستخدم في الدراسات والبحوث المتصلة بالأجور.
5-اقتراح الحد الأدني للأجور ومتابعة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تؤثر علي ذلك.
6- معالجة الأجور في اطار متكامل ومتوازن يراعي النواحي الاقتصادية والاجتماعية وتكاليف المعيشة والأسعار.
يرفع الانتاجية بنسبة40%
من تصريحات د. يوسف القريوتي مدير عام منظمة العمل الدولية في القاهرة وشمال إفريقيا قال : أدعو كل الأطراف أن تبادر في أسرع وقت إلي تفعيل دور المجلس القومي للأجور ، لأن كثيرا من قضايا العمل ، والاختلالات الهيكلية في سوق العمل المصري ، والاقتصاد لن تحل إلا إذا كان هناك سياسة وطنية للأجور بشكل علمي ومدروس وواضح ، وهناك حاجة ماسة لتفعيل هذا المجلس ، فسياسة الأجور هي " مربط الفرس" لحل هذه الأزمات .وأضاف : نحن مستعدون لتقديم المساعدة مع حكومة مصر ، فأنا غير قادر علي فهم سياسة الأجور في هذا البلد ، أقرأ دائما عن حوافز وعلاوات دون توضيح فهل الحافز علي الأساسي أم ماذا ، فسياسة الأجور مركبة ، وغير واضحة وتشكل عبئا علي البلد والاقتصاد ، والمطلوب دراسة ذلك ، واعتقد أن هناك مخاوف من رفع الحد الأدني للأجر ، لأن صاحب العمل سوف يتأثر بذلك ، لكن أنا أري ان وجود سياسة عادلة للأجور يقضي علي كثير من الظواهر السلبية ، وأفضل أسلوب لمعالجة الفساد ، والحفاظ علي عمالة مستقرة ومستمرة ، وزيادة الانتاجية بنسبة 40% علي الأقل حسبما تؤكد الدراسات ، وهذا لن يحدث الا بتحسن في شروط العمل ومستوي التدريب ، سواء في القطاع العام أو الخاص ؟
خبراء للحكومة
وبعد كل ذلك تبرر الحكومة عدم تحديد الحد الأدني للأجور بانخفاض انتاجية العامل المصري، فيقول الخبير الاقتصادي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أحمد سيد النجار هذا المبرر وعرض البيانات التي تكذب تلك الدعاوي قائلا: ان انتاجية العامل المصري في الفترة من 1980 إلي 1985 كانت 3670 دولار سنوياً، و ارتفعت إلي 5960 في الفترة (1990 - 1995)، بينما انخفضت الأجور في نفس الفترات من 2220 دولاراً سنويا إلي 1860 دولاراً. وهو ما يعني أن الأجر ينخفض علي الرغم من زيادة الانتاجية وليس العكس. وأشار "النجار " إلي أن تجاهل المطالبة برفع الحد الأدني للأجور لعقود طويلة، والاكتفاء بالمطالبة بالأجور المتغيرة والبدلات جعل فجوة الأجر تتسع بشكل رهيب، وسيصبح من الصعب الوصول لحد أدني حقيقي مكافئ للحد الأدني الذي كان معمولا به حتي السبعينات، وربما يكون 1200 مطلب معقول حالياً رغم تواضعه، علي أن يزيد سنويا بمعل التضخم الحقيقي ويعاد فيه النظر كل ثلاث سنوات.
وأوضح النجار ضرورة وضع حد أقصي للأجر المتغير، بحيث لا يزيد علي مثل الأجر الأساسي حتي تضيق الفجوة بين الأجور العليا والدنيا، ويكون للكبار مصلحة في المطالبة برفع الأجر الأساسي، لافتاً النظر إلي أن نسبة الأجر الأساسي للمتغير في الموازنة العامة للدولة أقل من 20%، وهو ما يفتح باب الفساد والمحسوبية. وحول ما يقال من جانب الحكومة من صعوبة تدبير الموارد لزيادة الأجور، قال "النجار" إنه فيما يتعلق بالقطاع الخاص يجب تطبيق درجة من العدالة حول تقسيم ناتج العمل، و قال ان الادعاء الدائم بالخسارة والتعثر تكذبه الثروات المتراكمة، وأوضح أن نسبة الدخول المتحققة من العمل إلي الدخول المتحققة من التملك في مصر أصبحت حاليا 20% و 80%، بعد أن كانت في الثمانينات 49% و 51% علي التوالي.
تسعير الغاز
وعن تدبير الموارد لزيادة الأجور قال "النجار " : أما فيما يتعلق بالحكومة فان اعادة تسعير الغاز المصدر لأسبانيا واسرائيل والأردن ليصبح بالسعر العالمي، بدلا من سعره الحالي، الذي يساوي خُمس السعر العالمي، سيوفر 15 مليار جنيه ترفع الأجور بنسبة 90%، وبيع الغاز والمازوت والكهرباء لشركات الأسمنت بالسعر العالمي، والتي هي نفسها تبيع انتاجها في مصر بأعلي من السعر العالمي سيوفر عشرة مليارات أخري، كما دعا النجار إلي تغيير النظام الضريبي وفرض ضرائب تصاعدية علي الدخل، وعدم المساواة في الشريحة الضريبية بين من يحقق دخل 40 ألف جنيه سنوياً، ومن يحقق دخل 40 مليون جنيه، وأكد النجار أن نظام الشرائح التصاعدية معمول بها في كل الدول الرأسمالية، ومن الطبيعي أن أصحاب المصانع والمؤسسات هم الأكثر استفادة من البنية الأساسية والطرق والمرافق لذا ينبغي أن تكون مساهمتهم فيها أعلي عن طريق الضرائب.
دمج البدلات
ويري الباحث الاقتصادي أحمد عبد الحليم حسين أن الحل في تدبير الموارد يكمن في ادماج المكافآت والحوافز والبدلات ضمن الأجر الأساسي في أي جهة في اطار الحدين الأدني والأقصي المنشودين مع ابقاء مالا يزيد علي 20% من الأجر الأساسي الجديد للأداء المتميز ويتم تعويض جميع العاملين سنويا وتلقائيا عن الغلاء برفع أجورهم الشاملة بنسبة التضخم، ويعاد النظر في الحدين الأقصي والأدني كل ثلاثة سنوات بالتفاوض بين الحكومة و اتحاد نقابات عمال مستقل منتخب انتخاب حر يمثل القواعد العمالية في الحكومة والقطاع العام بدلا من الوهم المسمي المجلس القومي للأجور الذي لم يفعل ولن يفعل شيئا ، ويتم تخفيض مخصصات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشوري والوزراء إلي النصف، وتحديد سيارة واحدة للوزير أو لمدير البنك أو لرئيس الهيئة والقطاع والمصلحة ، وفرض ضريبة علي أرباح الأنشطة الكمالية والترفيهية والاحتكارات تصل إلي 60% بدلا من 20%، وتخفيض الانفاق الحكومي الترفي والمظهري مثل الحفلات والاعلانات والمهرجانات والجوائز وسفريات المسئولين ، وانهاء بذخ مآدب الغداء الرسمية ، وتحديد سقف دخول كبار العاملين من الوظيفة وانهاء النظام المملوكي الحالي في الأجور.
منظومة الأجور
وحسب تصريحات الرئيس مبارك رئيس الحزب الوطني فان حكومته نجحت خلال الأعوام القليلة الماضية، في تنفيذ برنامجه الانتخابي، الذي أعلن عنه خلال انتخابات الرئاسة الماضية، ومن بين هذه الانجازات، حسبما ذكر مبارك:زيادة فرص العمل حيث دخل سوق العمل 4.3 مليون شاب خلال السنوات الأربع الماضية، وأكد مبارك أيضا زيادة الأجور بنسبة 115% خلال الفترة نفسها. ولكن البيانات الحديثة الصادرة عن البنك الدولي تشير الي أن الحد الأدني للأجور في مصر يبلغ 425 دولارا سنوياً في مقابل 875 دولارا للعامل الجزائري، و 1675 للمغربي، و 1775 دولارا للتونسي ، و1850 دولارا في للسنغالي ، مع ملاحظة أنه يزيد من انخفاض الحد الأدني للأجور في مصر زيادة ساعات العمل التي تتراوح بين 54 و58 ساعة أسبوعياً، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء.ويؤكد تقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الانسان أعده مجموعة من الخبراء أن الأسعار ارتفعت خلال السنوات الأربع الماضية بنسبة 200% وهو ما لا يتناسب مع منظومة الأجور الضعيفة في مصر ، بل تفتقد لأي شكل من الأشكال للمعايير الدولية المعنية بوضع الحد الأدني للأجور، فالحد الأدني للأجور في مصر هو أدني بكثير من خط الفقر المدقع، والمقرر دولياً بدولارين في اليوم للفرد، فوفقا لدليل السياسة الاجتماعية الذي صدر عن الأمم المتحدة في يناير 2009 نجد أن الحد الأدني للأجور في الحكومة والقطاع الخاص والبالغ 142 جنيهاً، أقل من خط الفقر الأدني في مصر، والذي يبلغ 150 جنيهاً في الشهر، وبحسب الدليل احتلت مصر الترتيب الخامس علي مستوي منطقة الشرق الأوسط ، فيما جاء ترتيبها العالمي في المركز 62 ضمن 112 دولة شملها البحث.
هاربون
في الأسبوع الماضي فقط تم ترحيل 80 مهاجرا مصريا غير شرعي من ايطاليا بعد يوم واحد من وصولهم لها، وذلك هربا من البطالة والأجور المتدنية!!وفي العام الماضي كان استطلاع رأي أجراه مركز معلومات وزارة القوي العاملة والهجرة شمل 1552 شابا من 7 محافظات، هي: القاهرة والاسكندرية والشرقية والمنوفية والغربية والفيوم والأقصر، كشفت نتائج الاستطلاع عن أن 90% من الشباب يرغبون في الهجرة إلي الخارج، لتحسين اجورهم ووضعهم المادي مع العلم بأن معظم أفراد العينة كانوا يعملون بالفعل وليسوا عاطليين!!
حوار !!
وفى النهاية فقد لوحظ ان فكرة الحوار الاجتماعى التى دعا لها إتحاد عمال مصر بين اطراف العمل الثلاثة لن تأتى بفائدة فى رفع الحد الأدنى للأجور خاصة وان الحكومة ترفض ذلكوظهر ذلك فى تصريحات د. احمد نظيف رئيس مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضى عندما قال انه فى حالة رفع الاجور سيحدث تضخم وسترتفع الاسعار ، وانا أقول له بان الاسعار أصلا مرتفعة دون زيادة الأجور كما أن ربط الاجر بالإنتاج كما يردد رجال فى الحكم ليست مسئولية العامل الغلبان وإنما مسئولية نظام وحكومة فرطت فى القلاع الصناعية وباعتها بتراب الفلوس، والدليل أيضا على إصرار الحكومة بعدم رفع الأجور والفشل المبكر لفكرة الحوار الاجتماعى حول الحد الادنى يكمن فى إهمال الحكومة الدراسة التي سبق أن قدمها مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء إلي المجلس القومي للأجور والتى أوصت بأن يرتفع الحد الأدني لأجور موظفي الدرجة السادسة إلي 656 جنيها شهريا، وأكدت المصادر موافقة وزارة التنمية الاقتصادية عليها قبل عرضها علي المجلس، وقالت مصادر إن من حدد رقم 400 جنيه هو وزير المالية يوسف بطرس غالي.
وكانت الدراسة قد أوصت باتباع المنهجية الدولية في تحديد الحد الأدني للأجور بما يوازي خط الفقر، بحيث يتم رفع الحد الأدني للأجور بما يعادل خط الفقر القومي، الذي يشمل 20%، والذي بلغ 1968 جنيها للفرد سنويا بأسعار سنة 2008، وفقا لتقديرات وزارة التنمية الاقتصادية والبنك الدولي، وبذلك فإن الحد الأدني للأجور للموظف المسئول عن أسرة مكونة من 4 أفراد هو 656 جنيها شهريا.
وأشارت الدراسة إلي أن رفع الحد الأدني للدرجة السادسة والدرجات الأخري بما يتواءم مع زيادة الحد الأدني للأجور، سوف يؤدي إلي زيادة عبء الموازنة نتيجة زيادة الدخل الصافي للعاملين من 2.45 مليار جنيه إلي 2.75 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 60%، وفي حال تطبيق هذا البديل ترتفع نسبة الأجور إلي إجمالي الإنفاق العام من حوالي 21% إلي 29%، وذلك في مقابل زيادة العبء من 2.45 مليار جنيه إلي 6.137 مليار جنيه إذا ما طبقنا البديل المقترح من بعض اللجان العمالية بزيادة الحد الأدني للأجور إلي 1200 جنيه باعتباره الحد المقابل لخط الفقر المتمثل في دولارين في اليوم للشخص.
وأوضحت أن نسبة الأجور وتعويضات العاملين بالدولة إلي إجمالي المصروفات العامة في موازنات أعوام (2000/2001 و2009/2010) قد استقرت عند 27%، أما بالنسبة للقطاع الخاص، فتصل نسبة إجمالي الأجور إلي القيمة المضافة في هذا القطاع لحوالي 2.22%.
وانتقدت دراسة مجلس الوزراء عدم صدور قوانين تنظم الحد الأدني للأجور منذ عام 1984 حتي الآن، حيث كان آخرها القانون رقم 53 لسنة 1984 والذي نص علي ألا يقل الحد الأدني للأجر عن 35 جنيها شهريا، كما اكتفي قانون العمل الصادر عام 2003 بوضع حد أدني للعلاوات السنوية الدورية بحيث لا تقل عن 7% من الأجر الأساسي الذي تحسب علي أساسه اشتراكات التأمينات الاجتماعية.
وقالت إن تدني الأجور في الخدمة العامة والوظائف الحكومية أدي إلي نمو الفساد البيروقراطي، كما طالبت بتفعيل الحوار بين القطاع الخاص والعمال والحكومة للاتفاق علي أجر عادل في القطاع الخاص، وذلك من خلال تكوين مؤسسات ديمقراطية فاعلة ممثلة للعمل، وتفعيل دور المجلس القومي للأجور والقيام بدوره في فض المنازعات، بدلا من لجوء العمال للإضرابات العمالية للحصول علي حقوقهم... ولا تعليق.



#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى مصر:(عمومية الغزل والنسيج) تهاجم الخصخصة وأصحاب الأعمال
- القضاء المصرى يلزم الحكومة بتنفيذ الحد الأدني للأجور ويؤجل د ...
- فاروق حسنى.. محسن شعلان..زهرة الخشخاش..(ثلاثى أضواء وزارة ال ...
- فى مصر:5.5 مليار جنيه تتسرب سنويا من دعم الحكومة للمواد الغذ ...
- عائشة عبدالهادى وزيرة القوى العاملة المصرية: 324 إحتجاجا عما ...
- د. أبو زيد راجح وكيل وزارة الاسكان و رئيس المركز القومي لبحو ...
- حكايات عن الخصخصة فى مصر: 288 مليار جنيه عمولات لكبار المسئو ...
- مرة أخرى .. حول المعونة الأمريكية لمصر!!
- سياسات السداح مداح فى مصر أهدرت مبادئ ثورة الإصلاح
- مرة أخرى .... الأسئلة الخمسة؟!
- لا سلامة ولا صحة مهنية فى المصانع والشركات المصرية:أين ذهبت ...
- أحمد العماوى وزير القوى العاملة السابق ووكيل مجلس الشورى الم ...
- ماذا حدث فى مؤتمر العمل الدولى 2010؟(الحلقة السادسة)
- ماذا حدث فى مؤتمر العمل الدولى 2010؟ (الحلقة الخامسة)
- ماذا حدث فى مؤتمر العمل الدولى 2010؟ (الحلقة الرابعة)
- ماذا بعد مؤتمر العمل الدولى 2010 ? (الحلقة الثالثة)
- ماذا بعد مؤتمر العمل الدولى 2010 ? (الحلقة الثانية)
- ماذا حدث فى مؤتمر العمل الدولى 2010?(الحلقة الأولى)
- قبيل مؤتمر العمل الدولى نفتح الملف : سيطرة الأمن والحكومة وا ...
- ملفات غائبة فى خطاب الرئيس مبارك فى عيد العمال ؟


المزيد.....




- الطلاب المؤيدون للفلسطينيين يواصلون اعتصامهم في جامعة كولومب ...
- لو الفلوس مش بتكمل معاك اعرف موعد زيادة المرتبات الجديدة 202 ...
- المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة ببني ملال يندد بالتجاو ...
- استقالة المتحدثة الناطقة بالعربية في الخارجية الأمريكية احتج ...
- استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة
- سلم رواتب المتقاعدين في الجزائر بعد التعديل 2024 | كم هي زيا ...
- الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين
- “زيادة 2 مليون و400 ألف دينار”.. “وزارة المالية” تُعلن بُشرى ...
- أطباء مستشفى -شاريتيه- في برلين يعلنون الإضراب ليوم واحد احت ...
- طلبات إعانة البطالة بأميركا تتراجع في أسبوع على غير المتوقع ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عبدالوهاب خضر - عن الحد الأدنى للأجور فى مصر: (تمخضت الحكومة فوّلدت فقرا)