أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - فيلم21غم:قصيدة ساحرة عن العبثية الحياتية وعن الموت















المزيد.....

فيلم21غم:قصيدة ساحرة عن العبثية الحياتية وعن الموت


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3171 - 2010 / 10 / 31 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


فيلم21غم:قصيدة ساحرة عن العبثية الحياتية وعن الموت
القطع المونتاجي والمأزق الميلودرامي
بلال سمير الصدّر:[email protected]
من المعروف إن المسلسلات المكسيكية والتي تدعى وفقا للمصطلحات السينمائية بالأوبرات الصابونية،تقوم على استدرار العواطف والمشاعر والوصول في المشاهد إلى درجة البكاء والحزن،ولكن المخرج المكسيكي(اليخاندرو غونزاليس ايناريتو) استطاع أن يوظف هذه الميزة المكسيكية-الميلودرامية-لصنع فيلم يتنفس المشاهد في أجوائه رائحة الأفلام الكبيرة العظيمة،ولكن لازالت تنقص هذا المخرج اللمسة السحرية العبقرية الغامضة التي تميز أفلام هؤلاء الكبار من ستانلي كوبريك وفليني وكيسلوفسكي وحتى الأسباني بيدرو المودفار ومواطنه عملاق السينما الاسبانية،كارلوس ساورا.....
أستطاع المخرج أن يمسك حبال قصة درامية شديدة الغوص في أعماق النفس البشرية وحقيقة الوجود والصدف العمياء والأقدار العبثية،دون أن يخرج عن الخط الدرامي الكثيف،رغم أن النقاد اعتبروا الفيلم وقع في بعض أجزائه بالميلودراما نتيجة الكثافة العالية للدراما وهو الفخ الذي لا يستطيع أن ينجو منه كبار المخرجين السينمائيين،ولكن الميلودراما تكون أحيانا خادمة لصاحبها أكثر منها ضارة،لنأخذ على سبيل المثال المخرج الألماني فاسبندر،ولعلنا نتكلم في المستقبل عن فيلم راقص في الظلام للدانمركي لارسن فون تراير.
يوظف هذا المخرج المكسيكي الأمريكي شون بن في أوج عطائه ومجده حين قدم قبل هذا الفيلم فيلم الأوسكارات(Mystic River) بالإضافة إلى فيلم اغتيال ريتشارد نكسون
حيث يوظف شون بن كما قلنا في دور أستاذ رياضيات في أيامه الأخيرة لأنه يعاني من مرض القلب،ولكن هل ينبغي أو يجوز تقديم القصة على هذه الشاكلة؟!!
يتلاعب المخرج بالأحداث ويجعلها تتابع بين أحداث مستقبلية وأحداث تحدث في الوقت الحاضر مع الرجوع إلى الماضي....الرجوع إلى الماضي كان لإعطائنا فكرة عن وظيفة الأبطال بطريقة الفلاش باك أحيانا-ورغم أننا نشاهد الأحداث التي تحدث في المستقبل ولكننا في نفس الوقت لا نستطيع أن نفهم الفيلم إلا في لحظاته الأخيرة مما يعني أن مخرجنا بارع جدا في لعبة المونتاج.
الحدث المركزي في الفيلم هو قيام(جاك جوردن) قام بالدور البورتريكي بنسيتو دل تورو بدهس أب وطفليه مفتتحا بارقة الأمل لبعض الشخصيات مثل بول ريفيز الذي سيحصل على قلب,كما أنه سيعمل على تدمير حياة كريستينا ولكن سيعمل على تقديم الأمل لها هي الأخرى....قامت بالدور ناعومي واتس
جاك مجرم سابق اتخذ حلا لمشاكله الاجتماعية والنفسية والعائلية فكرة توظيف الدين لحل كل هذه المشاكل،بل يوظف هذه المبادئ برعونة في عائلته آملا الحصول من خلالها على التربية المثالية،ولكن القدر لا يسعفه أبدا،فيقوم بدهس طفلتين ووالدهم الأمر الذي يؤدي إلى قتلهم جميعا،ولكنه يقوم بتسليم نفسه بعد قليل جدا من التردد متمسكا بالمبادئ الدينية المسيحية،وفي السجن يبدأ بسؤال نفسه الأسئلة الخالدة التي لا تغادر خاطر الإنسان أبدا...إن يسوع هو المسئول...لماذا لم ينجيني من هذا الحادث...ويحاول الانتحار في السجن... نحن بكل الأحوال أمام مشاكل وجودية تشبه مشاكل فيلم(البحر في الداخل)
كريستينا (ناعومي واتس) مدمنة مخدرات يبدو من أحداث الفيلم -المتلاطمة مثل أمواج البحر-بأنها كانت تعاني نوعا من الاستقرار ولكن موت زوجها وطفلتيها في الحادث يقلب مسار حياتها نحو الأسوأ،نحو الأمل الجديد لأنها ستتبرع لبول بقلب زوجها والذي بعد إجراء العملية وزراعة قلب زوجها له،سيبحث عنها وتنشأ علاقة عاطفية بينهما تمنح كريستينا أملا جديدا في الحياة يجعلها حامل بل يحاول قتل(جاك) من أجلها ولكن بدلا من ذلك يقتل نفسه....
كل ذلك،أحداث غير متوقعة تمشي مع مسار القصة مع تكثيف عالي جدا للدراما تنجو من الميلودراما رغم اقترابها منها بشدة،والحزن الحياتي غالب على الجميع...
كريستينا تستمع إلى المحادثة الأخيرة بين زوجها وبناتها والتي قام بتسجيلها على الهاتف أكثر من مرة في لحظة واحدة وتبكي في كل مرة ولكن الأمل قادم.
بول صاحب القلب الضعيف،وحتى قلب الزوج المزروع له لا يجدي معه,يؤمن بالحقائق الرياضية ويعتقد أن العالم منطقي مثل معادلات الرياضيات بل يفسر الموت-وهو على سرير الموت-وفقا لمعادلة رياضية،تنتهي علاقته مع زوجته بالفشل،وتنتهي علاقته مع نفسه بالانتحار.
أما (جاك) فتنهار مصداقية القيم الدينية بالنسبة له ويقوم بحرق وشم الصليب عن يده في مشهد مؤثر جدا على الرغم من أن الله قد نجاه من كل المطبات التي وقع فيها خلال الفيلم.
ونعود مرة أخرى للتساؤل هل الفيلم يروى بهذه الطريقة؟!
يمكن النظر للفيلم باعتباره عبارة عن لعبة puzzleيجب علينا ترتيبها من دون اشتراط مكان معين للبداية،
و هذه الطريقة ليست ناجحة تماما مع الفيلم وكان من الأجدى للمخرج أن يرتب الفيلم بطريقة عادية وهذا كلام صحيح،لأن المشاهد بدلا من أن يستغرق أكثر في اللعبة الدرامية يقف محبوس الأنفاس طوال مدة مشاهدته للفيلم حتى يتسنى له فهمه،وإذا أرد المخرج ايناريتو أن يمارس لعبة تشويقية من خلال القطع العالي للمونتاج فهو لم ينجح سوى في إرباك المشاهد وزيادة تشتيته.
ولكن ربما كانت هذه الطريقة،تعبيرا عن العبثية وتأكيدا لها،وهي رسالة واضحة قالها الفيلم على لسان شون بن في أحد أللقطات مع اجتماعه مع كريستينا:يقول شاعر فنزويلي:
تدور الأرض لتقربنا من بعضنا
تدور حول نفسها وتدور حولنا
حتى تجلبنا إلى بعضنا البعض
أليست هذه السردية تأكيدا لهذه الأبيات من الشعر....
وتظهر حقيقة العنوان مع نهاية الفيلم بينما بول(شون بن) وهو على سرير الاحتضار يقول:
كم حياة نعيش،كم مرة سنموت،يقولون أننا نخسر 21غم عند لحظة الموت...ماذا يوجد في هذه ال21غم؟!!
الجميع يخسر 21 غم،ماالذي يذهب معها؟!
الفيلم ليس إلا عبارة عن قصيدة,وهي قصيدة عن الموت أكثر منها قصيدة عن الحياة....قصيدة وجودية عن الموت وعن الأقدار العابثة بأقدار هذا المسكين الإنسان قبل وصوله إلى الموت وخسارته 21غم من وزنه...قصيدة تذكرنا بقصيدة خالدة لـ ت.س.اليوت المعروفة(الرجال الجوف)
قصيدة نشتم من خلالها بقوة صدى لأفلام كبيرة لن ننساها أبدا....



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسن ومرقص:فيلم أيديولوجي بدون رؤية أيديولوجية واضحة
- فيتيزجالدو:1981/العظمة البصرية وتحقيق الأحلام البشرية
- غرفة الابن(لناني موريتي): ضرورة التعايش مع فكرة الموت
- فيلم Gomorra/نجح في حصد أكبر الجوائز الأوروبية وفشل في الحصو ...


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - فيلم21غم:قصيدة ساحرة عن العبثية الحياتية وعن الموت