أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - غرفة الابن(لناني موريتي): ضرورة التعايش مع فكرة الموت















المزيد.....

غرفة الابن(لناني موريتي): ضرورة التعايش مع فكرة الموت


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 3157 - 2010 / 10 / 17 - 09:29
المحور: الادب والفن
    


غرفة الابن(لناني موريتي): ضرورة التعايش مع فكرة الموت
غرفة الابن(لناني موريتي): ضرورة التعايش مع فكرة الموت
ناني موريتي مخرج إيطالي معاصر،ممثل أيضا وكاتب،قدم عددا من الأفلام الكوميدية مثل أحلام سعيدة(1981) بيانكا (1984) القداس انتهى (1985).
حاز على الجائزة الكبرى في مهرجان كان عن فيلم (Dear Diary) يومياتي العزيزة.
أما فيلمه (غرفة الابن ( The Son Roomفقد حاز على الجائزة الكبرى في مهرجان كان وهو إنتاج إيطالي-فرنسي شارك ناني موريتي في إنتاجه وكتابة السيناريو له وقام بتأدية الدور الرئيسي.
كما قال النقاد عن هذا الفيلم،فإنه الفيلم الأول لناني موريتي الذي يخلو من عنصر الهزل أو الكوميديا،ولكن فقصة استلهامه لفكرة هذا الفيلم هي نوع من الكوميديا بحد ذاتها،حين صرح أن قصة هذا الفيلم استوحيت عندما تم إخباره خطأ بأنه مريض بالسرطان وبقي له عام واحد للحياة،كما إن صناعة هذا الفيلم جاءت نتاجا عن هواجس داخلية يعاني منها المخرج تتحدث عن انقضاء الحياة بسرعة واقتراب الموت....
الأمر الذي يعنينا في فكرة استلهام فكرة هذا الفيلم،هي ان هذا الفيلم يعتبر بعيد عن السيرة الذاتية المغرم بها ناني موريتي وإسقاطاته الحياتية في كثير من أفلامه الأمر الذي يجعل منه متأثرا ب(فليني).ولكن ومنذ البداية فهذا الكلام غير دقيق تماما،فإذا كانت أفلامه السابقة تبرز بشكل واضح إسقاطات واقعية منة حياته ،فهذا الفيلم يرتبط بهواجسه الداخلية وعقده النفسية فليس من الغريب إذا أن يلعب في هذا الفيلم دور المحلل النفسي....فعن ماذا يتحدث هذا الفيلم؟
في البداية يتأمل جيوفاني(قام بدوره ناني موريتي) بعد أن ينهي فترة صباحية من الركض بأشخاص يمارسون طقوسا دينية في الشارع عن طريق الغناء والرقص ويبدو لي أنهم من (البوذيين) إشارة إلى أن هناك فكرة روحية سترتبط بأحداث الفيلم....
هناك الولد أندريه قام بدوره(Giuseppe Sanfelice) المتهم بسرقة حيوان متحجر من المدرسة مع صديقه....الوالد يصطدم بمشكلة ولده ويستمع إلى هموم مرضاه ويبدي لهم النصائح الحياتية مع موسيقي تعمل كخلفية هادئة للفيلم....
عائلة سعيدة تتكون من الوالد والزوجة باولا((Laura Morante والابنة ايرينا (Jasmine Trinca).
أحد المرضى يعاني من هوس جنسي،وأخرى تعاني من ملل حياتي بينما أحدهم يفكر بالانتحار كل ذلك وجيوفاني يستمع إلى مشاكلهم بكل صبر وأناة ولكنه في أوقات ما يشعر بالملل،حيث تلتقط الكاميرا ملامحه وردات فعل حواسه دون الحاجة إلى التعبير الكلامي؟!!
يحاول ناني موريتي أن يعطي صفة أخرى للمحلل النفسي،بعيدا عن الصورة الغبية التي رسخت في أذهاننا حول المحلل النفسي الغبي،الذي يعاني من مشاكل نفسية تفوق حتى مشاكل مرضاه،أو على الأقل صورة المحلل النفسي الذي يحاول إبراز همومه ولو من بعيد كما فعل روبن ويليامز في فيلم ((Good Will Hunting من وجهة نظر موريتي،يقول موريتي في معرض حوار له حول شخصية المحلل النفسي بطل الفيلم:
- شخصية المحلل النفسي كانت الفكرة الاولى للفيلم، لقد اردت ان اقدمه كشخصية موثوقة، بخلاف المحللين النفسيين الذين يراهم المرء عادة على الشاشة، اننا دائماً نرى شخصيات كاريكاتورية، سواء في الافلام الهزلية حيث المحللين النفسيين لديهم مشاكل تفوق ما لدى مرضاهم، او في الافلام الجادة حيث يشبهون نوعاً من الوحي الالهي او الحكيم الذي يلقي جملاً مستعارة من الكتب، عوضاً عن ذلك، اردت ان اخلق شخصية قابلة للتصديق وبشرية أكثر، اردت ان اظهر المشاعر التي تتنامى بين المحلل ومرضاه، اردت كذلك ان احترم الموقع، اعني مكان عمل المحلل، مكتبه، كتاب السيناريو الامريكان دائماً يحاولون سحب المحلل خارج عيادته لأنهم لا يرغبون في ان يسببوا ضجراً للجمهور، في فيلم (GOOD WILL HUNTING) يأخذ روبن ويليامز مريضه مات دامون الى المنتزه، واذا لم تخني الذاكرة، يبدأ في اخباره عن زوجته المتوفية عند البحيرة.
لنتابع أحداث الفيلم:
تستمر أحداث الفيلم بالتأكيد على السعادة المثالية التي تتمتع بها الأسرة-الابنة التي تذاكر مع
صديق لها تتخلل هذه الدراسة لحظات رومانتيكية ساذجة،الأب والأم اللذان يذاكران لابنتهما ويسعدان بالجنس ليلا....هذه السعادة الروتينية الموجودة ربما في حياة كل أسرة ولكنها تختلف في هذه الأسرة بالذات،لأن هذه السعادة موجودة في غياب الابن كما تؤكد اللقطات السابقة...إن الابن يدق ناقوس الخطر سيعلن بموته انتهاء الجزء الأول للفيلم بتغيير المنحى الدرامي للفيلم من المستوى الخطي المتوقع إلى التركيز على المشاعر العميقة الحزينة التي سيعالجها موريتي لاحقا بتركيز كبير وتكثيف درامي كبير عميق من خلال ارتباط جميع أفراد الأسرة بالعنصر الرمزي الباقي الوحيد من أندريه(غرفته)...تركيز وتكثيف للدراما يشبه تماما تركيز كيسلوفسكي على تكثيف الدراما في كل لحظة من لحظات أفلامه وليس من الغريب أن يعلن موريتي مشاهدته للخطيئة الأولى وثلاثية الألوان بعد صناعته هذا الفيلم....يؤكد هذا الروتين في تصوير السعادة العائلية المشهد الذي تغني فيه أفراد العائلة أثناء رحلة في السيارة.و يتابع الوالد
استماعه إلى مشاكل مرضاه النفسيين مع شعوره بالضيق أكثر عندما يعترف أندريه بأنه هو من سرق الحيوان الحجري من المدرسة مؤكدا أن الأمر لم يكن أكثر من مزحة،ويعلن جيوفاني فشله -بالحديث مع نفسه أو ما يدعى بالمونولوج الداخلي- مع إحدى مرضاته بأنه لا يستطيع أن يفعل لها شيئا أو بالأحرى قد فشل،الأمر الذي أشرنا إليه سابقا بأنه يعتمد صياغة منحا آخر أكثر واقعية لدور الطبيب النفسي.
يبدأ الفيلم بالتحول الدرامي نحو الحزن العميق عندما يستقبل الثلاثة(ألام-الابنة-الأب) خبر موت الابن بعناق ثلاثي حار باكي،وتتحول أجواء الفيلم نحو الصمت،الصمت المحتفي بموسيقى هادئة
حزينة وجمل قليلة،جمل تحاول المتابعة...تحاول البقاء.
تلك الموسيقى الهادئة التي استخدمها ناني موريتي،موسيقى مايكل نيمان،بريان اينو قال عنها موريتي:اخترت كل الموسيقى لهذا الفيلم في وقت مبكر أثناء كتابتي للسيناريو،أنا دائما أختار الموسيقى التي هي مثيرة للعواطف بالنسبة لي والتي توصل شيئا لا أستطيع أن أبرره عقليا....
يستقبل مرضاه بنوع من الفتور والعاطفة الأقل،يبدأ باسترجاع ذكريات ولده استعادة صورية(فلاش باك) في كل لحظة...أثناء الركض...أثناء الحديث لمرضاه وأثناء الجلوس وحيدا،وعند الجلوس مع زوجته،يستعيدون ذكرى الحادثة بتفصيلاتها آسفين على أنها كان من الممكن أن لا تحدث بكل بساطة بينما الابنة تصاب بحالة عصبية حادة تنعكس على أدائها داخل ملعب كرة السلة...
جيوفاني أصبح يكره كل شيء في المنزل ويعتقد بأنه محطم بشع ويجب إخفائه بل يبدأ هو بكسره،منتقدا كلام الإنجيل حول قدر الإنسان في الموت وإنه من عند الله،وتؤيده زوجته قائلة:
أنها مجرد جمل...ويمتد تأثير موت الابن على الأخت(الابنة) لتنفصل بدورها عن صديقها....
تكتشف الأم رسالة قادمة لابنها من فتاة...أنها تحبه وتغدق عليه كثيرا بكلمات الحب...تلك الرسالة تخرج العائلة من تكتل وتحالف مع الحزن وتبدأ الحياة عندهم بمحاولة اتخاذ القرار،فيقرر الأب أن يخبرها(تدعى إيريانا) بموت أندريه....هناك مشهد مؤثر جدا في الفيلم عندما تبدأ الابنة ايرينا بالبكاء داخل غرفة تبديل الملابس عندما أرادت شراء ملابس جديدة،حتى أكثر اللحظات التي من الممكن أن تفرح فيها الفتاة المراهقة يمتزج فرحها بالبكاء،حتى جيوفاني يسقط فريسة للبكاء في معرض استماعه لشكاوى مرضاه.
الأب لم يرسل الرسالة بعد إلى إيريانا،وتقرر الأم أن تطلب إيريانا على الهاتف....تبدأ هذه المحاولة منذ الصباح الباكر لحظة الاستيقاظ من النوم في إشارة واضحة أن الحنين إلى أندريه هو الشيء الوحيد الرئيسي الذي تعيشه هذه العائلة....تخبرها بموته وهي تبكي بمرارة...
إن فيلم موريتي يضعنا أمام لحظات تأملية ليست شاقة على المشاهد،وليست في حاجة إلى وقفات طويلة مثل سينما كيسلوفسكي....تلك الصدمة التي تعاني منها الأسرة بموت الابن وانتقال الفيلم بموته من سينما تتابعية قصصية إلى سينما تأملية عميقة تخبرنا ما الذي يمكن أن يحدثه الموت بحياة أسرة لا تمتلك ذلك المنحى الديني الكبير....
لم يضعنا موريتي في دوامات فلسفية،ولم يحاول أن يخلق سينما أقرب إلى الأدبية أو الفكرية...ربما لو كنا أمام بيرغمان أو أنتونيوني لتحول الفيلم تباعا نحو هذا المنحى ولكن الأجمل في فيلم موريتي هو إبقائه على اللحظة الحاضرة،بتطور درامي بطيء،بل يمكن القول أن الفيلم عندما انتقل إلى المنحى الدرامي التأملي يقف ويرفض فكرة التطور مطلقا حتى اللقطة الأخيرة فقط....يعالج فكرة الاصطدام مع الموت من خلال لحظات مليئة بالحب والحزن،مفعمة بالشفافية الفكرية،الأمر الذي يجعل القلم يقف طويلا ومليا قبل أن يخوض في أي محاولة لتفسير هذا الفيلم فلسفيا أو روحيا أو دينيا،لأن الفيلم هو فيلم بصري أكثر منه فيلم محكي أو روائي....
إن الموت ينتظرنا جميعا،هو قدرنا وعلينا فقط أن نتمسك بالأمل...
لم تكن اريانا هي السبب في بعث الأمل لهذه العائلة لنلاحظ بداية عودتها إلى الحياة من جديد،بل جاء أملا عبثيا قدريا مثله كمثل الموت تماما....



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم Gomorra/نجح في حصد أكبر الجوائز الأوروبية وفشل في الحصو ...


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - غرفة الابن(لناني موريتي): ضرورة التعايش مع فكرة الموت