|
هل هذا هو فيصل القاسم ؟
عبد الكريم أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 3169 - 2010 / 10 / 29 - 07:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عرفنا فيصل القاسم عبر قناة "الجزيرة" منافحاً لا يشق له غبار دفاعاً عن الحريات الديمقراطية الممعوسة في الوطن العربي ، عرفناه في برنامجه المتميز "الاتجاه المعاكس" دفاعاً عن الرأي والرأي الآخر. وكم كنت أود لو أنني بقيت محتفظاً له بتلك الصورة التي كونتها عنه. ولكن، ويا للأسف ، فقد تغيرت بعد أن قرأت له بعض المقالات التي كتبها في جريدة "بلدنا" السورية. وإليكم بعض النماذج: ففي العدد الصادر في 4 تشرين الأول تحت عنوان "قال رأي عام قال"! كتب ما يلي: " كنا نسمع في الماضي أن مجرد خروج مظاهرة شعبية غربية منددة بارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة، أو على الأقل إلى انصياعها لمطالب الجماهير، فتعود الأسعار إلى ما كانت عليه. كم بالغ المروجون للديمقراطية الغربية في تضخيم دور الجماهير وإعطائها صلاحيات ونفوذاً ليس موجوداً إلا في مخيلة المتيمين بالنظام الغربي. لقد كانوا يتصورون أن الشعوب الغربية هي فعلاً التي تسيّر شؤونها من خلال ممثليها في البرلمانات تطبيقاً لجوهر الديمقراطية القائمة على حكم الشعب للشعب..."! وأنا أوجه إليك السؤال يا دكتور فيصل: هل أنت مؤمن حقاً بما تقول؟ وهل هذا هو رأيك، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟ ومالي أذهب بعيداً في تساؤلاتي، فقد رددت أنت نفسك على مقالك هذا مسبقاً في عدد "بلدنا" الصادر بتاريخ 14 حزيران . وإليك ما كتبت: " لو زرت بلداً أوروبياً ذات يوم وشاهدت تلفزيوناتهم أو استمعت إلى إذاعاتهم وقرأت صحفهم فستأخذ الانطباع أن كل شيء عندهم خربان أو معطل، وأن هناك مشاكل في معظم مناحي حياتهم، مع العلم بأن كل مصالحهم تسير بدقة ساعة روليكس، لكن وسائل إعلامهم تقف بالمرصاد لأي خطأ بسيط، فتكبره وتضخمه كي يسمع به الجميع ، ومن ثم يتلافوه أو يحلّوه. إنهم لا يكذبون إلا ما ندر، فيما غيرهم مضطر للكذب في أبسط الأمور وأسخفها. وقد أصبح الكذب جزءاً أصيلاً من الثقافة اليومية. فالإنسان المسكين مضطر لأن يقول عكس ما يضمر تجنباً للقمع وإيثاراً للسلامة...". وفي مقال آخر صدر بتاريخ 13 أيلول في الجريدة ذاتها جاء ما يلي: "كنت دائماً أضع معظم اللوم في تأخر مجتمعاتنا العربية وتخلفها وتدني مستوى معيشتها الاجتماعي والثقافي على الحكومات، وكنت دائماً أتعاطف مع الشعوب بشكل أعمى على اعتبار أنها ضحية. لكن آه، كم كنت أنا وغيري مخطئين في تقييمنا للأمور. فمشكلة شعوبنا العربية هي مشكلة شعوب إلى حد كبير. فالحكومات لا تستطيع أن تعلّم الشعوب كل شيء، بل إنني أصبحت متأكداً أن الحكومات لا حول لها ولا قوة في أحيان كثيرة في تعاملها مع شعوبها، بعبارة أخرى، فهي مغلوبة على أمرها، وبالكاد تستطيع أن تمرر بعض سياساتها واستراتيجياتها الداخلية البسيطة، لماذا؟ لأن الشعوب تضع العصي في عجلات الحكومات، ما يجعل الحكومات تعاني بصمت رهيب من يأسها وقلة حيلتها مع تلك الشعوب، وبالتالي علينا كإعلاميين أن نتوقف عن ذرف الدموع، "عمّال على بطّال"" على شعوبنا وتصويرها على أنها ضحية". في الواقع ذهلت ولم أصدق عيني عندما قرأت هذا الذي كتبه صاحب الرأي الآخر. هل معقول أن يقول فيصل القاسم "إن الحكومات لا حول لها ولا قوة في تعاملها مع شعوبها" وهي التي تقمعها بيد من حديد؟ هل معقول أن يكتب فيصل القاسم "إن الحكومات مغلوبة على أمرها لأن الشعوب تضع العصي في عجلات الحكومات وأن هذه الحكومات تعاني بصمت رهيب من يأسها وقلة حيلتها مع تلك الشعوب" ؟ ثم، وهذه ثالثة الأثافي عندما يتوجه إلى الإعلاميين قائلاً: "علينا كإعلاميين أن نتوقف عن ذرف الدموع" عمّال على بطّال" على شعوبنا وتصويرها على أنها ضحية"؟! حتى هؤلاء الحكام الذين اعتبرتهم ضحية يخجلون من دفاعك هذا لأنهم يريدون أن يكون الدفاع معقولاً ومقبولاً ويتحلّى ببعض المنطق. وفي مقال آخر صدر بتاريخ 12 تموز في الجريدة ذاتها جاء ما يلي: "صحيح أن هناك في أميركا أكثر من عشرة آلاف صحيفة ومجلة ومئات الإذاعات ومحطات التلفزيون، إلا أنها تبدو للخبراء الإعلاميين كما لو أن لها رئيس نحرير واحد لا شريك له. علينا أن لا ننخدع بهذا الكم الهائل من وسائل الإعلام الأميركية وأن نعتبرها بأي حال من الأحوال نوعاً من الديمقراطية والتعددية الإعلامية، ولهذا فإن ما يسمى بالديمقراطية الإعلامية في بلاد العم سام مجرد ضحك على الذقون وإن الرأي الآخر يكاد يكون غائباً. الشعب الأميركي من أكثر شعوب العالم جهلاً بالسياسة والقضايا العالمية..." فلتفرح أيها المواطن العربي! ليس فقط عندنا لا توجد حريات إعلامية، بل في أميركا أيضاً!! أما كيف أجبر مقال في جريدة أميركية الرئيس نيكسون أن يستقيل بعد فضيحة "ووترغيت" ، فهذا "ضحك على الذقون" ! هل نسيت يا دكتور فيصل المظاهرات الحاشدة التي كانت تجتاح المدن الأميركية احتجاجاً على حرب الفيتنام وفيما بعد على اجتياح العراق؟ هل تريد أن تقول أن الإعلام في سورية وانكلترا وكوريا الشمالية والسويد وليبيا وسويسرا واحد؟ ما دمت يا دكتور فيصل تتمتع بكل هذه المواهب التي قلبت فيها المفاهيم التي تبثها في قناة "الجزيرة" فلماذا لا تنتقل إلى التلفزيون السوري لأن الشعب "الظالم" عندنا لا يصدق الحكومة فيما تقول وأقترح أن يكون برنامجك في التلفزيون السوري تحت عنوان: "كلنا بالهوا سوا"!!
#عبد_الكريم_أبازيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة إشكالية حول مفهوم اليسار والوطنية
-
حوار صريح في فرع المخابرات
-
عجائب الدهر في بلاد العرب
-
العربي بو ساري
-
جوليانا وكاليباري
-
الديموقراطية والديموقراطية المزيفة
-
المرأة والحب والسياسة
-
بائع الفستق
-
حول اجتماعات الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا
-
الملائكة والشياطين
المزيد.....
-
-جيل كامل قد ضاع-.. وزارة الصحة الفلسطينية: ثلث ضحايا حرب غز
...
-
لافروف يعلق على تصريح فيتسو حول مهاجمة بروكسل بالصواريخ
-
حزب الله يستهدف قاعدتي الكرمل و-7200- جنوب مدينة حيفا بالصوا
...
-
مقتل 7 أشخاص وإصابة 11 آخرين في حصيلة أولية للهجوم الإسرائيل
...
-
بي بي سي تعود لمقابلة أشخاص أجرت معهم لقاءات في بداية حرب غز
...
-
ارتفاع هائل في -وفيات الإناث المشبوهة- في تركيا.. السياسة ف
...
-
مع اقتراب الإعصار -ميلتون-.. بايدن يرجئ زيارته إلى ألمانيا
-
قتلى ومصابون في استهداف إسرائيلي جديدة للعاصمة السورية (صور+
...
-
عام على طوفان الأقصى..حماس تتحدى إسرائيل
-
الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على نفق قصير يمتد من لبنان إلى
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|