أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حميد باجو - أزمة اليسار المغربي بين نموذج الاتحاد الاشتراكي ونموذج الاشتراكي الموحد















المزيد.....

أزمة اليسار المغربي بين نموذج الاتحاد الاشتراكي ونموذج الاشتراكي الموحد


حميد باجو

الحوار المتمدن-العدد: 3147 - 2010 / 10 / 7 - 23:39
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


أزمة اليسار المغربي
بين نموذج الاتحاد الاشتراكي ونموذج الاشتراكي الموحد

كان لي الحظ أن أعايش عن قرب جل التفاعلات التي حدثت في السنوات الأخيرة، داخل حزبين من اليسار المغربي: الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاشتراكي الموحد، الأول بحكم انتمائي له، والثاني بفضل علاقتي الوطيدة بعدد من مناضليه. ومن خلال هذا التعايش بقيت مضطلعا عن كثب على أهم الإشكاليات التي واجهها الحزبان، والتي هي في مجملها تختزل تقريبا كل ما يعانيه اليسار المغربي.
فقد عاش كلا الحزبان نفس الصدمة المترتبة عن الفشل في الاستحقاقات الانتخابية في السنوات الأخيرة، وطرحا على نفسيهما نفس الأسئلة حول ما جرى: هل المشكلة هي في الذات الحزبية أم في المشروع المجتمعي لليسار؟ هل هي في الدولة أم في المجتمع... ؟ غير أن الأجوبة جاءت متفاوتة بطبيعة الحال بينهما وكذلك الحلول المقترحة للخروج من الوضعية الراهنة.
بالنسبة للاتحاديين، تفاوت تشخيصهم لأسباب الفشل بين من عزاها إلى الخط السياسي للحزب نفسه منذ أن أقيل عبد الرحمان اليوسفي من الوزارة الأولى، وبالتالي اقتراح العودة للمعارضة كحل وحيد ممكن، وبين من حصر ذلك في سوء تدبير الكاتب الأول السابق محمد اليازغي للمرحلة، وبالتالي العمل على إقالته وتعويضه بكاتب أول آخر، وهو الموقف الذي أيده أغلب المسؤولين في الحزب.
غير لأن هذا التغيير على رأس الحزب لم يحل أية مشكلة، بل أحدث شرخا كبيرا وسط قيادته كاد أن يعصف بوحدته في المؤتمر الثامن، فإن النقاش داخله قد انتقل لاحقا من السياسي إلى التنظيمي، من طبيعة الخط المرحلي المتبع إلى كيفية اختيار القيادة الحزبية، ليبرز مرة أخرى تصوران في هذه المسألة الأخيرة: من يدعو إلى إقرار التيارات داخل الحزب بهدف تشجيع النقاش الداخلي حول الخط السياسي والإيديولوجي وتهيئ الشروط للتعاقد بين القيادة والقواعد وبالتالي توفير أرضيات موضوعية للمحاسبة وتحديد المسؤوليات، في مقابل من لا يزال متشبثا بنظام الانتخاب الفردي بحجة تفادي ما من شأنه إن يؤدي إلى انشقاق الحزب.
وقد خصص لهذا النقاش الأخير ندوة وطنية خاصة حول التنظيم توصلت إلى إقرار حل وسط بين خيار التيارات وخيار النمط الفردي، هو خيار الترشيح إلى الأجهزة الحزبية التنفيذية عبر اللوائح، وتقديم برامج أو أوراق متنافسة لهذا الغرض. لكنه بعد الانتقال إلى أجرأة هذا الخيار وصياغته قانونيا ظهرت مرة أخرى قوة النزعة المحافظة التي لا زالت تحكم قبضتها على عقلية الاتحاديين، وذلك في محاولة لإفراغ هذا الخيار من أي مضمون حقيقي والعودة به إلى النمط الفردي، وهو النقاش الذي لا يبدو أنه سيحسم قريبا.
في الجهة الأخرى، اختلف مناضلوا الاشتراكي الموحد فيما بينهم في تقدير أسباب الفشل، بين من اعتبر في البداية أن الحزب لم يفشل في انتخابات 2007، ولكن بعد أن تكرر الأمر، اعتبر أن الخط الحزبي الراهن بريء من ذلك، وأن السبب الرئيسي للفشل إنما يعود إلى ضياع الرصيد النضالي لليسار بشكل عام، وللسمعة المشوهة التي لحقت به منذ أن اختار طرف منه: الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، المشاركة في الحكومة، وبين من اعتبر أنه حتى القيادة والخط الحزبيين الراهنين لهما مسؤولية في هذا الفشل، وأنه إذا كان الخط السياسي سليما، لكان في إمكانه أن يخلق تجاوبا مع المواطنين.
وباختلاف التقييمين، اختلفت بطبيعة الحال نوعية الإجابات أو الحلول المقترحة للخروج من الوضعية. غير أنه وبعكس ما حدث في الاتحاد الاشتراكي حين انتقل النقاش من السياسة إلى التنظيم، أخذ النقاش مسارا آخر في الاشتراكي الموحد، حيث انتقل من السياسة إلى النظرية.
وعلى سبيل المثال، كم وجدت مثيرا أن أشارك في نقاش للاتحاديين حول المسألة التنظيمية حيث لغة الفصول والأبواب والأرقام هي السائدة، لأحضر في اليوم الموالي في نقاش داخل الاشتراكي الموحد يساءل فيه حتى المفاهيم المؤسسة لمشروع اليسار نفسه، كالاشتراكية أو الديمقراطية أو الكونية ...ألخ
وقد كان أهم ما استخلصته من خلال المشاركة في هذين النوعين من النقاش، هو وجود إشكالية في المنهجية أو في كيفية طرح السؤال نفسه، ذلك الذي نحن بصدد البحث له عن الجواب المناسب. فبين البراغماتية العمياء أو ثقافة التاكتيك التي لا يهمها أبعد من موعد الاستحقاقات المقبلة، التي تهيمن على انشغالات الاتحاديين، وبين اليوتوبيا أو الحلم اليساري الفضفاض لمناضلي الاشتراكي الموحد، الذي لا يزال عاجزا لحد الآن عن إنزال ذلك إلى أرض الواقع وترجمته إلى إجراءات عملية قابلة للتنفيذ، تبقى تلك الهوة الكبيرة والفارغة حيث حكم على اليساريين بالتيه والتخبط.
يصر الاتحاديون بشكل عام على ألا يمدوا بصرهم إلى أبعد من 2012، وألا يبلوروا أية رؤية استراتيجية لما قد يحدث على المدى الأبعد. وإذا كان مثل هذا القصور ليس جديدا في ثقافة الاتحاديين بحكم ظروف التأسيس نفسها، فعلى الأقل أنه في المراحل السابقة كان غالبا ما يتوفر للقادة الاتحاديين نظر ثاقب على المدى البعيد، ورؤية استراتيجية واضحة تعفي باقي المناضلين من هم السؤال الاستراتيجي. وهذا ما توفر مثلا لعبد الرحيم بوعبيد في إستراتيجيته للنضال الديمقراطي، أو عبد الرحمان اليوسفي في إستراتيجيته لاختراق الجهاز المخزني عبر المشاركة الحكومية. لكن بعد أن افتقدنا مثل هؤلاء القادة، صار الحزب أعمى على المستوى البعيد، ولا ينظر إلا إلى الأفق القريب جدا أو ما يتعلق بالحسابات التاكتيكية الآنية. بل أنه وبسبب هذا الغياب للرؤية الإستراتيجية بالضبط، طغت التقديرات والاعتبارات الشخصية لهذا العضو القيادي أو ذاك، على قرارت الحزب الظرفية، ثم لأن هذه الاعتبارات الأخيرة دخلت في منافسة وصراع بينها، فقد أوصلت الحزب إلى حالة الشلل التي يعيشها الآن. لذلك فلا غرابة أن تكون المهمة المستعجلة المطروحة على مناضلي الحزب حاليا، هو حل الإشكالية التنظيمية أولا، بما قد يسمح بتقنين أو بالفصل بين الاعتبارات الذاتية لهؤلاء الأعضاء القياديين وبين ما قد يخدم الحزب مستقبلا، وفسح المجال لبلورة ثقافة النظر الاستراتيجي البعيد المدى، والتي لا يمكن أن تتوفر فعلا في اعتقادنا، إلا بعد إقرار نمط التيارات.
في المقابل، وإذا كان الاشتراكي الموحد قد استفاد نسبيا من ثقافة التاكتيك الاتحادية التي حملها معهم مناضلوا الوفاء للديمقراطية، وهي الثقافة التي كانت قد تبلورت في الأصل على أرضية نظرية معينة، هي الأرضية التوفيقية للتقرير الإيديولوجي لسنة 1975، فإن الهوة التي لا زالت قائمة في هذا الحزب، هو في عدم وجود أي تطابق بين هذا الهم التاكتيكي للمناضلين أعلاه، بهدف إيجاد الأجوبة على القضايا الظرفية التي تشغل بال المغاربة في اللحظة الراهنة، وبين الهم النظري لمناضلي اليسار الماركسي السبعيني الباحثين عن معالم رؤية استراتيجية بعيدة المدى.
كيف يمكن تأطير ثقافة سياسية تاكتيكية، هي في الأصل تنتمي إلى مرجعية نظرية توفيقية وإن لم يعبر عنها، هي ما ننعته عموما بمدرسة عابد الجابري، بمفاهيم نظرية مستمدة في مجملها من التراث الماركسي السبعيني؟
كيف يستطيع أبناء الثقافة السياسية التاكتيكية ذي الأصل الاتحادي تجاوز الباراديغم النظري الموروث عن التقرير الإيديولوجي؟ وكيف يهتدي حملة الموروث النظري الماركسي السبعيني إلى بلورة قاعدة نظرية بديلة تسمح بالتعاطي مع التحولات الكونية والمجتمعية الجديدة، بعيدا عن القوالب الدغمائية القديمة؟
وهذا التفاوت هو ما قد نعبر عنه بطرقة أخرى بسؤال: أي يسار نريد، هل يسار للدولة أم يسار للمجتمع؟ هل نريد يسارا لا يرى الشر إلا في الدولة نفسها، وبالتالي لا طريق آخر غير المواجهة معها بكل الطرق الممكنة: ثقافة البلانكية مثلا قبل السبعينات وثقافة الدستورانية بعد التسعينات، أم يسارا للمجتمع يجعل من تغيير الثقافة السائدة في المجتمع وعلى رأسها الثقافة الدينية البطريركية، أحد المداخل الضرورية للتغيير، كما يعبر عن ذلك مثلا بمطلب العلمانية وحماية الحريات الفردية؟
تلك ربما هي الإشكالية الرئيسية في اعتقادنا، التي على هذا الحزب أن يحلها في اللحظة الراهنة. وبالتأكيد أنه في نقطة ما بين هذين الحدين قد يعثر على الجواب لسؤال التعثر الذي يعاني منه الاشتراكي الموحد حاليا، ولما لا، لتعثر اليسار ككل، باعتبار أن هذا الحزب الأخير وكما عبرنا عن ذلك مرارا، هو الآن بمثابة مختبر متقدم للبحث عما يمكن أن يكونه اليسار المغربي مستقبلا.
وهذا هو ما يفسر طغيان الهم النظري حاليا في إطار هذا الحزب، في مقابل الهم التنظيمي عند الاتحاديين، وسعي مناضليه إلى إعادة مساءلة المفاهيم المؤسسة نفسها، لا بالنسبة لأنصار ثقافة التاكتيك، بهدف إعادة التأصيل النظري لتصوراتهم السياسية، ولا بالنسبة لحاملي التقليد الماركسي السبعيني، بهدف إعادة صياغة المرجعية النظرية المناسبة للتعامل مع الإشكاليات الجديدة.
وعموما هذا ما يطرح كما ذكرنا في بداية المقال، إشكالية المنهج نفسه. فلا البراغماتية القصيرة الأفق المسيطرة على عقلية الاتحاديين، ولا الطهرانية السياسية المفترضة التي تعتقد أنها الوريثة الحقيقية للمشروع الاتحادي الأصيل، ولا الدغمائية الحالمة الموروثة عن ماركسية السبعينات، مؤهلة أية واحدة بمفردها أن تعطينا الجواب المناسب عن إشكالية اليسار.
ولهذا السبب كم تظهر الحاجة الآن لمنهجية جديدة، تقوم أولا، وبالاستعانة بالأدوات المعرفية لمدرسة التفكيكيين (نموذج ميشيل فوكو)، باستعمل معاول الهدم والتفكيك والبحث "الأركيولوجي" عن الطبقات أو الأسس المؤطرة للعقليات الثلاث، ثم ثانيا، وبالاستعانة بأدوات نظريات التعقيد والنظرية العامة للأنظمة أو مدرسة البنائيين (نموذج ادغار موران)، بإعادة بناء تصور أو باراديغم جديد يكون هو القاعدة لإعادة بناء يسار المستقبل.
حميد باجو



#حميد_باجو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب -من ديوان السياسة- إلى من يوجه عبد الله العروي ...
- عن علمية الماركسية مرة أخرى
- المغرب: تأملات على هامش الانتخابات الأخيرة
- ندوة: الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثيرها على المغرب وأجوبة ...
- مرجعية اليسار في مستقبله
- فضاء البيضاء للحوار اليساري والحركة الشبابية . توصيات وتقاري ...
- على هامش رد محمد الحاضي في تعريف معنى اليسار
- في الذكرى الخمسين لتأسيس الحركة الاتحادي بالمغربة
- اليسار والحاجة إلى التجديد المعرفي
- فتوى المغراوي وسؤال الإصلاح الديني في المغرب
- من أجل إعادة التأسيس المعرفي لفكرة اليسار
- الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية : من يسار للدولة إلى يسار ل ...
- اليسار المغربي نداء بوزنيقة للعمل اليساري المشترك.
- تيار الاشتراكيون الجدد : مسؤولياتنا
- -رحيل اليازغي عن الاتحاد الاشتراكي... نهاية الأزمة أم بدايته ...
- تجربة -الاشتراكيون الجدد-
- الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية تيار -الاشتراكيون الجدد-
- التصورات حول العالم والإنسان في الديانات والمعتقدات القديمة
- أي مستقبل لليسار المغربي؟
- اليسار المغربي في الحاجة إلى إعادة التأسيس


المزيد.....




- -زيارة غالية وخطوة عزيزة-.. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان ع ...
- رفح.. أقمار صناعية تكشف لقطات لمدن الخيام قبل وبعد التلويح ب ...
- بيستوريوس: ألمانيا مستعدة للقيام بدور قيادي في التحالف الغرب ...
- دعوات للانفصال عن إسرائيل وتشكيل -دولة الجليل- في ذكرى -يوم ...
- رئيس الأركان الأمريكي السابق: قتلنا الكثير من الأبرياء ولا ي ...
- تفاصيل مثيرة عن -الانتحار الجماعي- لعائلة عراقية في البصرة
- الإيرانيون يعيدون انتخاب المقاعد الشاغرة في البرلمان وخامنئي ...
- السلطات اللبنانية تخطط لترحيل عدد من المساجين السوريين
- هتاف -فلسطين حرة- يطارد مطربة إسرائيلية في مسابقة -يوروفيجن- ...
- الجيش الإسرائيلي ينسف مباني في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حميد باجو - أزمة اليسار المغربي بين نموذج الاتحاد الاشتراكي ونموذج الاشتراكي الموحد