أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - انتحار الأمهات!














المزيد.....

انتحار الأمهات!


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 3136 - 2010 / 9 / 26 - 13:29
المحور: المجتمع المدني
    


نشرت بعض الصحف خبرا عن اقدام امهات على الانتحار،ست منها في ناحية العباسية بمدينة النجف ،وحالتان الى خمس في مدن أخرى،وذكرت أن أحد أسبابه هو الوضع المأساوي لأطفالهن. ومثل هكذا خبر يمكن أن يكون عاديا اذا كانت الأم تعاني من مرض نفسي حاد أو خلل عقلي، لكن ان تقتل نفسها بسبب الوضع المأساوي الذي يعيشه اطفالها، فالأمر مختلف ويجب التوقف عنده لتحليل اسبابه.
ان اعز ما لدى الام هو اطفالها، وهي الوحيدة بين البشر التي تضحّي بحياتها من اجلهم..وتبدو بعض حالات هذه التضحية موقفا شخصيا، فقد احتضنت أم طفلها لتحميه من سقوط سقف الدار عليها حين اصابه صاروخ..لكنها تختلف تماما في حالات انتحار بعض الامهات التي حدثت مؤخرا، والسبب ليس موقفا شخصيا بقدر ما نحن جميعا شركاء فيه. فحين ترى الأم اطفالها يتضورون جوعا، وتعساء.. وحين تكون قد استنفدت كلّ الوسائل لاطعامهم وانتشالهم من بؤسهم، وحين تنسدّ كلّ ابواب الفرج،وتنطفئ آخر شمعة للأمل..وحين لا يقدّم لها الواقع (الدولة) حلاّ ، ولا تطيق رؤية اطفالها يذبلون ويموتون بطيئا..فأنها تقدم على قتل نفسها.
والانتحار هنا لا يحصل فجأة..بل عبر تراكم احباطات وخيبات تؤدي الى تنامي الشعور باليأس الذي يوصل صاحبه الى العجز التام..وهذا ما حصل لهؤلاء الامهات. فلحظتها تدخل في حوار مع ضميرها المتضخم بالتضحية وبين مسؤوليتها تجاه اطفالها..أو بالأحرى محاكمة بينهما..وبما انها تعترف بعجزها التام لضميرها (الحاكم) فأنه يصدر عليها حكما بقتل نفسها..وتنفذه لأمرين: تبرئة ذمتها من المسؤولية..والاحتجاج ضد من كان السبب. وأذكر هنا حادثة حقيقية وقعت في زمن الحصارعام 95 أو 1996.فقد صعدت أحدى الأمهات جسر الأئمة الذي يربط بين مدينتي الكاظمية والأعظمية في بغداد ،وحين وصلت منتصف الجسر رمت بطفليها في نهر دجلة ثم تبعتهما!!..وللسبب نفسه!.
ان مسؤوليتنا العلمية والأخلاقية تدعونا الى ان ننّبه الى ان حالات انتحار بعض الامهات ستبقى ما دام الفقر موجودا،وستزداد كلما ازداد الناس فقرا..وبقت الدولة غير مكترثة بمعالجة الفقر. والمفارقة، ان دولا عالجت هذه الحالة بتشريعها قانون ضمان اجتماعي، يمنح بموجبه المواطن راتبا يكفيه الى ان يجد عملا، فيما العراق الذي يعد ثالث اكبر احتياطي نفطي في العالم (115 مليار برميل) والأغنى نفطيا على الاطلاق (350 مليار برميل) قامت حكومته حدّ البذخ بصرف رواتب وامتيازات خيالية لاعضائها..وتصرفوا كما لو كانوا غير مسؤولين عن شعب هو الذي اوصلهم لحياة الرفاهية..والاقسى انهم لا يكترثون بحياة الاطفال، فيما المناضل الحقيقي الذي وضع الاطفال في حدقة عينيه أيام النضال،لا يرميهم خلف ظهره حين يجلس على كرسي السلطة،ومثل هكذا مناضل يعدّ زائفا لأنه سعى الى السلطة من أجل الثروة لا من أجل خدمة شعبه ..وأنه يعدّ منافقا أن واصل الادعاء بذلك.
اننا نتوقع ان بعضهم سيردّ ويقول: ان هذه حالات قليلة..وناجمة عن خلل عقلي، غير ان الناس يدركون ان قولا كهذا هو تبرير لتبرئة انفسهم من جريمة هم طرف فيها..تدمغهم حقيقة أن الأم رمز الصبر وأكثر افراد المجتمع قدرة على التحمّل ..وانه اذا ازدادت نسبة انتحار الأمهات في المجتمع فهذا يعني أن ما يتعرض له هذا المجتمع من فواجع ومحن وظغوط ،لا طاقة لبشر على تحملّها ..وان أصابع الاتهام تؤشّر على السياسيين..بأنهم قتلة الأمهات ايضا!.



#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل شخصية شريك الحياة..بالهندسة النفسية!
- العار..وأكل المال الحرام
- مبادرة علمية تخصصية لحلّا لأزمة العراقية
- في سيكولوجيا الصراع
- وساطة نفسية لحل الأزمة العراقية
- مشروع وطني لانقاذ العراق والديمقراطية
- انتحار الأدباء..أزمة حياة أم خلل عقلي؟!
- العراقيون في الخارج
- العراقيون ..وسيكولوجيا التعبير
- ياني..في المنطقة الخضراء!
- العرب والسلطة ..وقراءة الطالع
- المتاجرة بالبشر
- المثقفون والنرجسية..مع الدكتور قاسم حسين صالح. حوار:علي السو ...
- العدالة..والعلاقة بين الدولة والمجتمع
- المجتمع ..والأمن الوطني
- غورنيكا عراقية
- الأخلاق والديمقراطية..ايها السياسيون
- السياسي..المثّلث
- سيكولوجيا التماهي والطقوس الدينية في الزيارات المليونية
- غضب العراقيين..وصناعة الحاكم


المزيد.....




- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم حسين صالح - انتحار الأمهات!