أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - لؤم / قصة قصيرة















المزيد.....

لؤم / قصة قصيرة


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3123 - 2010 / 9 / 12 - 19:57
المحور: الادب والفن
    


في الأشهر القليلة الماضية، أصبح جدي شديد التوتر،عصبيّ المزاج، لا يكاد يحتمل، لأجل ذلك، كنت أتحاشى محادثته حتى لا أمكنه من فرصة إيذائي بيده و لسانه، غير أن البهجة الإستثنائية التي غمرته اليوم، بمجرّد سماعه نعي دكتاتور عربي طغى في البلاد فأكثر فيها الفساد، قد شجعتني على الدنوّ منه، والتقرّب إليه خصوصا بعد ان شملني بملاطفته، و غمرني بإحسانه، حين تنازل لي عن كل محتويات حافظة نقوده المكتنزة، انتهزت فرصة انشراح صدره لأقول له: " اضرب لي مثلا عن النذالة و الأنذال"، ضحك جدّي طويلا ثم قال" يا لكع بن لكع، أتنشد الماء و أنت في البحر؟ و تطلب التمر و أنت في هجر، فقد امتلأت الدنيا بالأنذال، حتى لا تكاد ترى غيرهم، و لا تسمع غير أخبارهم, قلت له "أرو لي حادثة تبين الي أيّ مدى تبلغ الخسة و النذالة بصاحبها" اعتدل جدي في جلسته ثم قال:
ـــ إلي حد السنوات العشر الماضية، كانت تلك الطرفة المشهورة عن مسابقة الخسة و النذالة التي أجراها نذلان، هي السقف الأعلى لما يمكن أن تصل النذالة بأهلها، غير ان المتغيرات السياسية في منطقتنا العربية و الإسلامية، قد جعلتني أستهين بذلك الضرب المحدود من النذالة، بالقياس الي ما نسمعه و نراه في أيامنا هذه وعلى الهواء، من خسة و نذالة فاقت تصورات القصّاصين، و أعجزت أرباب الخيال المجنحين.

رغم معرفتي بطرفة النذلين التي سمعتها من جدي مرات عديدة وهو يرويها لأبي و أمي و إخوتي الكبار و لمن زاره من أصدقائه والجيران( كل مرة بصيغة مختلفة عن سابقتها، و بإضافات جديدة و خروج محبّب عن نصها الأصلي المقتضب)، فقد رغبت في سماعها مرّة أخرى... قلت لجدي و أنا تصنع الجهل:
ــ حدثني بما كان من أمر النذلين فقد أثرت فضولي:
دسّ جدي يده في جيبه، أخرج ساعته المستديرة ذات الغطاء و السلسلة الفضيتين، تأملها طويلا، سألني عن موعد صلاة الظهر، حين نظرت في تقويم الصلاة و أعلمته بموعدها الذي سيحل بعد عشرين دقيقة دسّ ساعته في جيبه ثم اندفع يقول:
ـــ ذات مرة،و أثناء جلسة خمريةّ، تراهن شقيان أيهما أكثر خسة و نذالة من صاحبه...
حك جدي شعره اللأشيب تنحنح مرتين ثم اضاف:
ـــ كي يبرهنا عما في نفسيهما من تينك الخصلتين الخبيثين، فقد اتفقا على مغادرة الحانة و القيام بجولة تطبيقية... في أول منعطف طريق، لقيا شيخا هرما يعتمد على عكازة ترتعش بين يديه الواهنتين، و لا تكاد تثبت على الأرض( اسمحوا لي بمقاطعة جدّي.. فقد سمعته ذات رواية يقول: أن الشيخ الهرم كان يجلس على كرسيّ متحرّك، و مرة ثانية، أنه كان أعمى يقوده كلب مدرّب... أقول هذا، حتى اثبت للقارئ مدى تلاعب جدي بالنصّ الأصلي للطرفة، ولو امتد به العمر، فسيزعم في رواية لاحقة أن إنسانا آليا كان يساعد ذلك الشيخ الهرم على المشي!) تقدم أحد الرجلين ــ و الكلام هنا لجدي ــ من ذلك الشيخ الهرم الذي توقف بمجرّد رؤيته، ثم ركل العكازة برجله، فخرّ الشيخ على وجهه( اسمحوا لي ثانية كي أسجل أن آخر رواية قد أوردت أن النذل قد نطح الشيخ فور الاقتراب منه، وقد شبه جدّي تلك النطحة الآثمة حينها، بنطحة زين الدين زيدان الشهيرة التي صرع بها المدافع الإيطالي، و كلفته الإقصاء من كأس عالم كانت فرنسا الإمبريالية تريد تحصيلها ثانية بجهود افريقية صرفة) في تلك اللحظة ــ و الكلام لجدّي ـ أخرج صاحبه سيجارة ثم أشعلها وهو يستمتع بما يحدث أمامه... و قد تضاعفت متعته، وزاد تصفيقه، حين انحنى صاحبه على الضحية ثم أداره كاشفا عن وجهه الدّامي، قبل أن يشرع في ركله على جنبه تارة، و رأسه تارة، و خصيتيه تارة أخرى( أسمحوا لي مرة ثالثة كي أسجل، أن جدّي ــ عافاه الله ـ لم يشر في رواياته السابقة الي أية خصية، و لكن لا بأس من الإشارة، إلــي أن جديّ قد أصيب في الأشهر الأخيرة الماضية بتضخّم غير عاديّ في خصيتيه حتى بدا للناظر و كأنه يخفي أرنبا صغيرا تحت سراويله، لكنه تعافى الآن، بعد أن كان منظره يثير الضحك و الإشفاق معا!) ومازال النذل يضرب الشيخ الهرم ــ و الكلام لجدّي ــ حتى أغمي عليه، كل ذلك و صاحبه يصيح به مشجعا " سبع و الله سبع، زده بحق صداقتنا واحدة أخرى!".. بعد أن فرغ الرجل من عدوانه، تقدم صاحبه، قال له بعد أن القي بعقب سيجارته على جسد الشيخ الذي كان يحتضر" برافوا، برافو عليك ! لقد كبرت اليوم في عينيّ، وعظم قدرك لديّ، بعد أن برهنت لي عن خسّة قلّ نظيرها في هاته الأيام الكئيبة التي تشهد صحوة دينية قد تهدّد تراثنا الخالد بالزوال! ( اسمحوا لي كي أفيدكم بأن جدّي سامحه الله لم يذكر الدين في رواياته السابقة لا من قريب او من بعيد) غير أنني ــ و الكلام لجدي على لسان النذل المتفرج ــ مضطر لتبليغك بكل حزن و أسف انك قد سقطت في الامتحان و خسرت الرهان، بعد ان ثبث لديّ بالبرهان أنك ستظل مجرّد تلميذ محدود الإمكانيات في مدرسة النذالة التي سأرأسها مدى الحياة" قال ذلك ثم انحنى على الشيخ الذي فارق الحياة، قبل أن يستل من ثيابه محفظة أخرج منها بطاقة تعريف( هويّة) قدمها لصاحبه وهو يقول :
ـــ أنا اشد منك نذالة لأن هذا الشيخ الصّريع هو والدي!، وهذه هويته!( مقاطعة أعدكم بأن تكون الأخيرة: لم تشر أية رواية سابقة الي محفظة أو بطاقة تعريف قد استخرجتا من جيب الضحيّة، كل ما في الأمر أن محفظة جدي ــ غفر الله له ــ قد نشلت منذ ستة أشهر، فيما كان يستقل حافلة عمومية، وقد تردّد جدي كثيرا على مركز الشرطة حتى استخرج بطاقة تعريف قومية جديدة، بعد تسويف مرهق، و استجوابات طويلة من قبل الدوائر الأمنية!)

فيما كنت ابدي تعجبا مصطنعا من لؤم الرجلين و خستهما، (و كأنّ خبرهما يطرق سمعي لأول مرّة)، تمطّى جدي طويلا، أخرج ساعته العتيقة، نظر فيها ثم أعادها الي جيب قميصه وهو يقول:
ــ هل تعلم يا بني من أشد نذالة من والد الضحية؟
حين حركت راسي نافيا معرفة ذلك اجابني:

ــ أشد منه نذالة، من شارك المعتدي ضرب والده! وهذا ما يفعله حكام المسلمين الذين شاركوا قادة الغرب إرهاب أبناء جلدتهم و التضييق عليهم و التنكيل بهم قتلا و تعذيبا و نفيا و تشريدا.
ـــ !!!
ـــ ثم هل تعلم من اشد نذالة من حكامنا الأميين الذين لا يفرق الواحد منهم بين مثل شعبي و آية من الذكر المبين؟
ـــ؟؟؟؟
ـــ الأشد منهم نذالة مراجع الشيعة في العراق، حين سمحوا لأتباعهم بمشاركة قوات الإحتلال تقتيل أبناء وطنهم و اغتصاب نسائه حكم العراق منفردين!
ــــ !!!!
أضاف جدي وهو يستوي واقفا:
ـــ ثم هل تعلم من اشد نذالة من هؤلاء جميعا.
ـــ؟؟؟؟
ـــ جهلة اتباع الإخوان المسلمين الذين يشاركون القوات الأمريكية في ديالى بالعراق، تقتيل أبناء جلدتهم، بعد أن شارك زعماؤهم في مجلس الحكم الذي نصّبه الاحتلال!
ـــ !!!!
ولاّني جدي ظهره، قال وهو يتجه الي دوره المياه:
ــ ثم هل تعلم نذل الأنذال و عرّة الرجال ومن شابه أبا رغال
ــ ...؟
ـــ الشيخ اللئيم الذي أفتي للجيوش الغربية بغزو أي بلاد إسلامية مستعينة بأبناء المسلمين؟
رفعت صوتي قائلا :
ـــ من ذلك النذل الغاوي؟
وصلني صوت جدي من بعيد :
ــ إنه يوسف ... أعني جوزيف القرضاوي!



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رد على مقال :أسئلة إلى الله
- لأجل هذا ينتحر المثقفون (رد خاطف على مقال السيد قاسم حسين صا ...
- حول العداء الأمريكي الإيراني الطريف ( قصة بالمناسبة)
- إعدام
- كيف و لماذا تم ايصال الخميني للسلطة 4/4
- كيف و لماذا تمّ إيصال الخمينيّ للسلطة 3/4
- كيف و لماذا تم ايصال الخميني للسلطة 2/4
- كيف و لماذا تمّ إيصال الخمينيّ للسلطة 1/4
- ما صحّ عن النبي آه و النبيّ كمان!
- الخبر اليقين عن خؤولة معاوية للمؤمنين
- دعوة للتمتع بآيس كريم من جحيم بن عليّ!
- وقفة سريعة مع روجي غارودي في كتابه الإسلام الحيّ
- عن اسراف آل سعود(قصة بالمناسبة)
- كيف أوقعنا البخاريّ في مخرأة حقيقيّة( قصة بالمناسبة)
- حول ضعف وهشاشة دولنا العربية( قصة بالمناسبة)
- عن ظاهرة انتحار أصحاب الشهادات العليا( قصة بالمناسبة)
- عن تمجيد الذكر واحتقار الأنثى(قصة بالمناسبة)
- ما كان سيّد قطب إخوانيّا قطّ ( قصة بالمناسبة)
- على هامش ظهور القائم في العراق( قصة بالمناسبة)
- عن النصير الإيراني !( قصة بالمناسبة)


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - لؤم / قصة قصيرة