يا أفندم ... ماذا يعني لك الدستور ؟

بكر أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 943 - 2004 / 9 / 1 - 12:11
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

لا بد من نظام ...لا بد من نظام .

فالإنسان يختلف عن القرد بأنه دائما ما يضطر أن يخلق له قانونا يمضي عليه ، ويُسير به يومياته ، ويحدد أطر علاقته مع الآخر والجماعة ، وصيغة هذا القانون كانت في القدم ليست ذو إشكالية كبرى ، فهناك قانون قائم على الرق ، وقانون قائم على العرق ، وقوانين همجية .. ولكنها ورغم همجيتها يلتزم الجميع بها ، فنجدهم كلهم يتصرفون ويحتكمون إلى قوانين همجية ولا يخرج احدهم عن النظام و إلا تمت معاقبته .

الآن في الوقت الحالي ، لنا أن نفترض جدلا بأن الإنسان اليمني أصبح أكثر وعيا ومقدرة على استيعاب القوانين الأكثر تقدمية من تلك الماضية ، فهو يفهم جيدا حين نقول مساواة بين جميع أفراد الشعب ، ولكن هل يفهم بأن كلمة ( شعب )تشمل الرئيس ونائبه وأبنه وافرد حاشيته ؟
والشعب يستطيع أن يستوعب أنه حين يقوم بمخالفة جنائية أو مالية أن يعاقب عليها ، ولكن هل يفهم أن هذا يجب أن ينطبق بذات الشيء على الرئيس .

هذا سؤال يقذفنا عنوة إلى طرح شقيق له في نفس الموضوع ، ماذا يعني أن تكون رئيسا لليمن ولديك دستور وشعب .
أو بصيغة أخرى ، هل الرئيس هو موظف في النطاق الحكومي الذي من المفترض أن هذا النطاق أسس لخدمة المواطنين ، أم أنه حالة استثنائية تصل إلا ما دون الألوهية وفوق البشرية .

في المفهوم العربي السائد أن للحاكم قدسية تمنحه الكثير من الصلاحيات ، وتحيد به عن العقاب والمحاسبة ، وبما أننا جزء من مجتمع ومفاهيم عربية سائدة ولم تتغير حتى الآن ، فمن الصعب أن نقول بأن الرئيس ما هو إلا بشر وليس رمز ، من الصعب أن نقول انه معرض للخطأ والصواب مثله مثل أي إنسان آخر ، كما أن فكرة وجود شخص بمميزاته الفريدة هو أمر لا يمكن تقبله .
هذه المفاهيم جميعها مرتبطة بشكل أو بآخر بالتاريخ والثقافة والطبيعية الدينية النصوصية ألني تحث على الصبر على ولاة الأمر مهما كانت طبائعهم وصفاتهم .

لذا أليس من الطبيعي أن يقول فخامة الرئيس اليمني وبنبرة غضب مخاطبا الجماهير ( ليش ما تبني مدرسة ) لتتحول العلاقة الطبيعية بين الشعب والحاكم والتي تنص على أن الحكومة وبما أنها تمتلك قطاع التعليم بأن تتكفل ببناء المدارس وتعليم المواطنين إلى انعكاس تام بمطالبة الرئيس بأن يتكفل الشعب بهذه المهمة بينما هو يكتفي بالتذمر من الفساد والتراخي .

هنا الشعب وحسب مفاهيمه قد يعتقد بأن هذا الرئيس حريص جدا على تعليم مواطنيه ، ويسعى جاهدا نحو تغير البلد إلى ما هو أحسن ، لذا هو يتقبل مثل هذه التصريحات ، منوها بقدرة الرئيس الفذة على أسلوب الخطابة والحرص ، وخاصة أن الرئيس أعلن بأنه لا ينام الليل أرقا على أثنين وعشرين مليون ، لأن هاجس إطعامهم يمنعه السبات !

لذا ، وهو سؤال شرعي ومطلب حقوقي ، ماذا يعني لك الدستور يا فخامة الرئيس ، أليس أول وجباته هو العمل لأجل الوطن والمواطن ، أليس القضاء على الفساد لا التذمر منه هو أهم عمل يقوم به المسئول الأول عن البلاد .... ماذا تعني كلمة ( المسئول الأول ) .

الدستور واضح في تنظيم العلاقة بين المواطنين والأحزاب والهيئات والقيادة ، وبنود الدستور تلزمك أنت ببناء المدرسة لا أن تصرخ بوجه أول كرسي جاء يستمع أليك لتلومه على تقاعسه .
والدستور يعني أيضا إعادة العلاقة الطبيعية بينك وبين أفراد الشعب على اعتبار أنها علاقة برغماتية ، يمنحك الشعب الشرعية وتمنحه الحياة الكريمة ، وفقدان أحد الطرفين يعني فقدان الطرف الآخر ، وبما أن الشعب لا يتمتع بحياة كريمة ، فمن يا ترى يمتلك الآن شرعية الحكم ؟

#بكر_أحمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل