أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - طبقات الشعراء














المزيد.....

طبقات الشعراء


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 942 - 2004 / 8 / 31 - 11:13
المحور: الادب والفن
    


في صحيفة "الشرق الأوسط" كتب الزميل محي الدين اللاذقاني: "بدأت الحكاية بمزحة تحريضية عابرة، ثمّ تحولت إلى جد. فقد سألني بلدياتي صبحي حديدي على مسمع من جمهور يقظ: من هم الأربعة الكبار في الشعر العربي؟ وأجبت بعد تردد بما أسعفتني به البديهة ثم التقط الخيط الناقد المصري محمد عبد المطلب لندخل جميعاً في متاهة نقدية طريفة تحيي تراث ابن سلام الجمحي الذي قسم الشعراء إلى مراتب وطبقات".
ثم يمضي اللاذقاني في تطوير فكرة تصانيف الشعراء، على أساس الجغرافيا أو طبيعة الشعر وأسلوبه، ليخلص إلى القول: "على علات هذا النقد لا بأس من ممارسته بعض الأحيان من باب تشجيع الشعراء على المنافسة والتجويد، بحيث يصبح المتأخرون منهم مثل نوادي الدرجة الثانية والثالثة التي تقاتل بشراسة وبمهارات فنية عالية للارتفاع إلى الدرجة الأولى".
بادىء ذي بدء سوف يفهم القارىء، محقاً تماماً، أنني أنا الذي بادرت إلى طرح هذا السؤال على بلدياتي اللاذقاني، من قبيل المزاح أو التحريض. ثمّ سيكون من حقّ البعض أن يتساءل، محقاً تماماً هنا أيضاً: ألا ينطوي السؤال على نزعة تصنيف قسرية وسكونية، وربما ساذجة بالمعاني النقدية والمعرفية والمنهجية؟ وأخيراً، لا مناص من أن يسأل سائل: ولكن... عن أيّ شعر نتحدّث؟ في أيّ عصر عاش أو يعيش الأربعة الكبار؟ أهم أحياء أم أموات؟ أليس مجرّد الإفتاء في أمر كهذا هو إلى خبط عشواء أقرب؟
المدهش أنّ بلدياتي اللاذقاني عفّ تماماً عن ذكر السياق الذي شهد السؤال والجواب، الأمر الذي يلزمني بتبيان الواقعة كما جرت، قبل أيام معدودات في الواقع. كنّا في أصيلة المغربية، أثناء الجلسة الأولى من ندوة تكريم الشاعر البحريني الصديق قاسم حداد، حين طلب اللاذقاني الكلام للتعليق على ما قُدّم من أوراق وشهادات. ولقد أطرى شعر وشخص حدّاد، فبدأ بالقول إنه بين الأربعة الكبار في الشعر العربي، ثمّ تابع كلامه، وأنهاه دون أن يسمّي الثلاثة الكبار الآخرين.
ولما كان حظّي شاء أن أكون رئيس تلك الجلسة، ولم يكن من اللائق أن أغضّ النظر عن تصريح جوهري يخصّ الشاعر المكرّم موضوع الجلسة، فقد طلبت من بلدياتي أن يذكر الثلاثة الآخرين، ليس البتة من باب التحريض أو المزاح كما يوحي، بل بدافع تطوير النقاش لصالح الشاعر المحتفى به. ذكر اللاذقاني محمود درويش وأدونيس، ثمّ تردّد حول الثالث، واستدرك بعدئذ ليقول إنّ اللائحة لا يمكن إلا أن تشمل نزار قباني ومحمد الماغوط، ثمّ ذهب إلى مصر وصلاح عبد الصبور، فالمغرب ومحمد بنيس، وكادت لائحة الأربعة أن تنقلب إلى لائحة العشرة، أو أكثر ربما!
ولست أدري، بالطبع، السبب الذي جعل اللاذقاني يهمل تفصيل السياق أعلاه، بحيث بدا أنّني كنت في موقع السائل، وكان هو في موقع المجيب... هكذا، دون أيّ ذكر لندوة تكريم قاسم حدّاد، ومنتدى أصيلة، ولائحة الأربعة الكبار التي اقترحها هو وليس أيّ أحد سواه! والأمر مدهش في الواقع، لأنّ اللاذقاني لا يبدو على خصام تامّ مع ذلك النقد الذي يصنّف الشعراء إلى مراتب، بل هو تارة يقتبس محمد بن سلاّم الجمحي و"طبقات الشعراء"، وطوراً يضرب النوادي الرياضية مثالاً أمام الشعراء الراغبين في التجويد. فما الذي جعله يعفّ عن ذكر طبقاته، كما بادر طائعاً إلى طرحها في أصيلة؟
وبصرف النظر عن نقاش كهذا، يظلّ قاسم حدّاد شاعراً فريداً يقيم في جغرافية شعرية فريدة، فرضت عليه ــ فأدّي على نحو رفيع بديع ــ دوراً ريادياً مزدوجاً: الأوّل جمالي ـ إبداعي يتّصل بضرب المثال الشعري كتابةً وخيارات، والثاني ثقافي ـ سوسيولوجي يتّصل بضرب المثال الإنشقاقي سلوكاً وعقيدة. ولعلّ النبرة الكفاحية العالية في قصائد قاسم حدّاد الأولي (مجموعاته: "البشارة"،1970؛ "خروج رأس الحسين من المدن الخائنة"، 1972؛ و"الدم الثاني"، 1971، بصفة خاصة)؛ وحقيقة كتابته لعدد كبير من القصائد وهو في المعتقل؛ وتنقّله المَرِن بين شكل التفعيلة وشكل قصيدة النثر؛ كانت بمثابة أمثولات بادية للعيان تماماً، حاضرة في مشروعات التحديث المحليّة الشابّة (الخليجية) ومتواصلة مع مشروعات التحديث العربية (الناجزة بهذا القدر أو ذاك في "المراكز" الشعرية مثل بغداد وبيروت والقاهرة)، وقادرة أبداً على المساهمة والإغناء والإغتناء، محليّاً وعربياً في آن معاً.
هذه، في عبارة أخرى، هي سياسة التجديد التي تتجاوز مهامّ تكريس التيّار الأدبي، وتكتسب وظيفة ثقافية ـ سوسيولوجية عميقة الأثر حين تعبر حدود تطوير الأساليب والأشكال والأغراض، وحين تحضّ على المقاومة في النصّ الأدبي مثل المقاومة في السلوك الإنساني، وتدافع عن مقترحات جمالية وأخرى فكرية، وترسل جوهرياً رسالة الإنشقاق البنّاء: عن السائد في الكتابة (مبنى ومعنى، شكلاً ولغة وموضوعات)، وعن السائد خارج الكتابة (النظام والمؤسسة، السياسة والأخلاق).
... بمعزل، مرّة ثانية، عن أية تصانيف تضعه في عداد الأربعة أو العشرة. مَن ذا الذي يعبأ كثيراً بلوائح مثل هذه، في نهاية المطاف؟



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيريس وحزب العمل : زالت المصطلحات وبقيت الانتهازية العتيقة
- حكمة الوقواق
- بعد نصف قرن على المصطلح: ما الذي يتبقى من كتلة عدم الإنحياز؟
- نوستالجيا الأبيض والأسود
- فرنسيس فوكوياما وتفكك اليمين الأمريكي المعاصر
- إقليم دارفور بين -لعبة الأمم- و-بورنوغرافيا الكوارث-
- محمد القيسي أم الإسمنت؟
- اليهودي العربي
- فرنسا وتهمة العداء للسامية: من الابتزاز إلى المصيدة
- رأساً على عقب
- البرادعي في إسرائيل: تفتيش -وجودي- من ارتفاع عين الطير
- الواق واق الجديدة
- أيهما أكثر أولوية: نهب العراق أم محاكمة صدّام؟
- الشعر والطواحين
- لوينسكي جورج بوش
- سياسة الذاكرة حيث ينعدم الفارق الأخلاقي بين هتلر وتشرشل
- المئوية الفريدة
- النظام الرأسمالي العالمي: التنمية بالدَيْن أم غائلة الجوع؟
- القصيدة والأغنية
- أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض


المزيد.....




- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء
- حين يتحول التاريخ إلى دراما قومية.. كيف تصور السينما الصراع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - طبقات الشعراء