أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - نظرية الاحتمال ووجهة النظر الجديدة (1)















المزيد.....

نظرية الاحتمال ووجهة النظر الجديدة (1)


يحيى محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 09:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من البداهة القول ان (القضايا المحتملة) هي قضايا تتضمن كلاً من العلم والجهل نسبياً، اي انها تتضمن العلم من جهة، والجهل من جهة اخرى. فالعلم التام والجهل التام هما مما لا يصدق عليهما قضية الاحتمال.
كما من البداهة القول ان الاحكام الاحتمالية، لا القطعية، هي الغالبة في تعاملاتنا مع مفردات الحياة العملية، فنقول ان هذه القضية محتملة او متوقعة الحدوث، او نقول ان درجة احتمالها هي النصف او الربع او غيرذلك. فالاحتمالات مستخدمة في مختلف مجالات الحياة العملية، وتستعين بها شركات الاعمال والتأمين وغيرها. كما تستعين بها العلوم الاجتماعية والنفسية عبر الاحصاءات المختلفة، وكذلك العلوم الفيزيائية وعلى رأسها الفيزياء الذرية وعلم الوراثة والجينات والعاب الحظ والمصادفة وغيرها. وعليه صرح هنري بوانكاريه انه بدون حسابات الاحتمال فان العلم يكون مستحيلاً. كما اشار فنتي Finetti بان هذه الحسابات تشكل الاساس لمعظم اعتقاداتنا الشخصية .
ورغم ان نظرية الاحتمال قد لعبت دوراً مهماً في تاريخ العلم، الا ان الاحتجاج بها لتأييد النظريات العلمية المتنافسة كان نادراً ومستثنى. فمثلاٌ ان كوبرنيكوس وكبلر ونيوتن واينشتاين ليس منهم من استخدمها في دعم نظريته، ولا كذلك ماكسويل او دالتن او كيلفن kelvin او لافوازيه Lavoisier او غيرهم . بل يسود الاعتقاد بان النظريات العلمية لا تخضع الى اعتبارات نظرية الاحتمال، حتى قال فون ميزس: (يجب ان نلاحظ ان العلماء حتى في أحاديثهم العادية التي لا يتوخون فيها الدقة قلما يستخدمون التعبير بأن احتمال النظرية احتمال صغير او كبير)، انما هناك معايير متعددة ومتنوعة تفرض على العالم أن يأخذ بها في تفضيله لنظرية على اخرى، كما يؤكد بذلك ميزس وهو يتحدث عن احتمالات النظريات . والأمر مبرر من حيث وجود التنافس بين النظريات وان ما يرجى منها هو الفائدة التفسيرية لأكبر عدد ممكن من الظواهر دون البحث عن مطابقتها للواقع الموضوعي او النظر في احتمالات هذا الامر. لكن يظل ان النظرية العلمية لا يمكنها ان تستغني عن وجود قرائن المشاهدات التي تؤيدها، وعلى الأقل أن لا تتناقض معها. لهذا فالنظرية التي تتناقض مع حقيقة تجريبية تفقد شيئاً من اعتبارها وقد تفسح المجال لاحلال غيرها من النظريات المنافسة.
***
ومن الناحية التاريخية عُرفت نظرية الاحتمال لدى العرب والهنود وغيرهم قبل ان تلفت نظر الغربيين منذ النهضة الحديثة. واول ما بدأ الاهتمام بها عبر تحديد القيم الرياضية الخاصة بالعاب الحظ والمصادفة. وهناك بعض الاصطلاحات التي شاعت لدى الغرب ظهر ان مصدرها كان من العرب، ومن ذلك لفظة (هزرد (hazard التي تعني اللعب في قطعتي زهر او ثلاث، وقد اشير الى هذه اللعبة في ادبيات العصر الكنيسي في الغرب . وكانت اللفظة شائعة قبل ان تحل محلها لفظة (الصدفة chance ). وعليه ذكر الاستاذ هاكن Hacking ان الرياضيات الاحتمالية، هي مثل نظام الارقام في الغرب، تعود الى اصل عربي، وان لفظة هزرد هي كلفظة علم الجبر algebra مأخوذة من العرب. وقد كان اوائل العلماء الاوروبيين - وهم الايطاليون - يعملون على حل مشاكل العاب الحظ والمصادفة للهزرد الشائعة في افريقا الشمالية، في الوقت الذي كانوا فيه منشغلين بتطوير علم الجبر وحل مسائله الرياضية. ومع ان العلم الخاص بلعبة الزهر له بصيص من الوجود لدى الاوروبيين خلال القرن الخامس عشر، الا ان اساس هذا العلم يرتد الى قديم الزمان. فمن المصادر التي تناولت العلم المذكور ما جاء في بعض الكتب الهندية القديمة، حيث وردت قطعة نصية تشير الى هذا النوع من العلم في كتاب (ماهاباراتا (Mahabarata، وذلك قبل ان يتعرف الاوروبيون عليه بقرون طويلة .
ويلاحظ ان اغلب الكتب التي تعرضت لتاريخ الاحتمال تبدأ بالفيلسوف الرياضي باسكال (1623ـ1662) وزميله فرما، حيث جرت بينهما عدد من الرسائل المتبادلة لحل بعض مشكلات الاحتمال. وقد كان لمثلث باسكال انذاك دور مهم في حل بعض المسائل الاحتمالية البسيطة كتلك المتعلقة بالعاب المصادفة وما شاكلها. واحياناً تُشير بعض الدراسات الى ان اوليات التفكير في القضايا الاحتمالية تعود الى ما قبل باسكال بقرن تقريباً. ومن ذلك ان المؤرخ تودانته Todhunter، وهو من مؤرخي القرن التاسع عشر البارزين، لم يكتب عن الفترة التي سبقت باسكال الا ست صفحات من كتابه الذي تجاوزت اوراقه الستمائة صفحة، وقد تناول في الصفحات الست آراء كل من كاردان (1501ـ1576) وكبلر (1571ـ1630) وغاليلو (1564ـ1642)، ومن قبلهم لبريLibri . لكنه لم يشر الى ما قبل الفترة الحديثة ولا الى الدور العربي في علم الاحتمال رغم ما تضمنه كتابه من الحضور الواسع للفظة هزرد. وكأن صياغة الاحتمال من الناحية العلمية لم يتوفر ظرفها الا مع مطلع العصر الحديث، وبالتحديد مع باسكال.
على ان بداية اهتمام باسكال بالمشكلة الرياضية من الاحتمال كان منذ منتصف القرن السابع عشر (وبالتحديد سنة 1654)، حيث بدأ التفكير مع العاب الحظ الخاصة بزهر النرد. فمن ذلك الوقت بدأت مشاكل الاحتمال تفرض نفسها لتجد من يحلها من قبل العلماء. ومع ان باسكال ليس من الرياضيين، كما صرح هو بنفسه، لكن سبقه لطرح اولى المشاكل الاحتمالية وحلها بشكل صحيح، جعلاه مشهوراً كأول مساهم من الرياضيين لحل القضايا الاحتمالية، وذلك بمعية زميله فرما .
هكذا تؤرخ النشأة العلمية منذ باسكال لكونه يعد اول من تعرض الى طرح المشاكل الاحتمالية واجاب عنها. فقد وضع مثلثه المشهور لحل تلك المشاكل، وكان العلماء يلجأون الى هذا المثلث من بعده. وسمي باسمه باعتباره اكتشف عدداً من العلاقات والخصائص غير المعروفة حوله، رغم ان الاهتمام به سبق باسكال، وان ما يعزى اليه من دور تاريخي هام على صعيد نظرية الاحتمال كان مسبوقاً بنحو ما يزيد على ثلاثة قرون. فقد كان المثلث معروفاً ومستخدماً في الحسابات الخاصة بالعاب الحظ والمصادفة ، ومن ذلك ان الشاعر والرياضي المعروف عمر الخيام (المتوفي سنة 1214) قد استخدم المثلث في تحديد القيم الاحتمالية لبعض المسائل، وهو يعترف بان فكرة المثلث قديمة وليست من ابتكاره. وكان الاستاذ سارتون Sarton يقول بصدد هذا المثلث بأنه مثال عظيم من المعرفة الخفية او الغامضة، ذلك انه لعدد من المرات يكتشف فيضيع فيكتشف، حتى اصبح اخيراً معروفاً تمام المعرفة .
وعلى رأي الاستاذ هاكن أن تصور الاحتمال خلال القرون الثلاثة الماضية، وبالتحديد منذ عصر باسكال، ظل ثابتاً يتردد الى اصوله من غير تغيير. فدائرة الاراء في فهم الاحتمال اخذت تعيد نفسها مرة بعد اخرى، من دون اي تقدم يُحرز. وطوال هذه المدة لم يتجاوز مفهوم الاحتمال معنيين اثنين. وقد استدل هاكن على الطابع الدوري لمفهوم الاحتمال عبر مثالين، احدهما ان الصياغة الاكثر حداثة للاحتمال هي تلك التي كان رائدها رامسي Ramsey في كتابه (الحقيقة والاحتمال) سنة 1926، وكذلك القبول الواسع المنال لكتاب الاستاذ سفج Savage(اصول الاحصاءات) سنة 1954، والبعض كان يطلق على النظرية التي قدمها كل من رامسي وسفج النظرية الذاتية (subjectivism)، وكان الاستاذ سفج يطلق عليها النظرية الشخصية (personalism)، لكن اغلب الاحصائيين كانوا يطلقون عليها نظرية بايس (Bayesian theory)، فرغم ان بايس قد توفى (سنة 1760)؛ الا ان الفكرة الاساسية لمساهمته ظلت طوال قرنين من الزمن. اما المثال الاخر فيتعلق بالتفاسير المختلفة التي وضعت على عمل برنولي Jacques Bernoulli في كتابه (فن التخمين) سنة 1713. فبسبب انه قدّم لفظة (الذاتي (subjective في فلسفته التي تخص الاحتمال، فقد اُطلق عليه الفيلسوف الذاتي (subjectivist)، وصرح الاستاذ هاكن بان برنولي هو المتبني الاول للنظرية الذاتية للاحتمال، بينما حكم عليه فون ميزس بانه رجل تكراري ضليع. كما قال آخرون ان برنولي قد سبق في نظريته نظرية كارناب المنطقية في الاحتمال، بل ان كارناب ذاته ردّ نشأة الاحتمال المنطقي الذي تبناه الى فترة متقدمة منذ الاهتمام العلمي بنظرية الاحتمال، كما يلاحظ انعكاس ذلك على عنوان كتاب برنولي الموسوم (فن التخمين)، حيث يعنى بالاحتمالات الخاصة بالفرضيات التي تعد صلب الاحتمال المنطقي، وهو الاحتمال الذي تم تتويجه على يد العالم الرياضي لابلاس . كذلك ما زال آخرون يطلقون على برنولي بأنه رائد التصور التكراري في الاحصاء والذي يُعد فيه الاستاذ نيامن Neyman الاكثر شهرة من المعاصرين المفسرين لذلك التصور. هكذا فعلى رأي هاكن، رغم ان افكار نيامن وكارناب والنظرية الذاتية كلها تتميز بالتغاير الجوهري، الا ان هذه الاعمال المختلفة كلها يمكن عدّ اصولها راجعة الى العمل الذي قام به برنولي من قبل .

بديهيات الاحتمال
لصنع الاحتمالات الرياضية لابد من ان تكون النظرية وافية في ان تنطبق عليها بديهيات الاحتمال. وعلى ما ينص برتراند رسل فان هناك عدداً من البديهيات التي تحتاجها الحسابات الرياضية بغض النظر عن التصورات المختلفة في تفسير الاحتمال، وهي بديهات معطاة بنفس الطريقة من قبل كتّاب مختلفين، لكنها جاءت مختلفة العدد، فبعضهم اعتبرها ثلاثة كما هو الحال مع كرامر Cramer، كما ان بعضاً اخر اعتبرها خمسة مثلما هو الحال مع كولموجوروف Kolmogorov . ومع ان رسل اعتبر انه يمكن اشتقاق القضايا الرياضية من بديهات خمس احصيت من قبل الاستاذ بينو Peano، لكنه مع هذا قام بعرض ما افاده الاستاذ برود من بديهات ست جاء ذكرها في مقال له في مجلة (العقل). والبديهات الست التي نقلها رسل والتي اعتمد عليها المفكر الصدر هي كالاتي :
1 ـ اذا كانت لدينا واقعة نرمز اليها بـ (ل) ونريد ان نعرف احتمالها (ح) بالقياس مع ظرف معين نرمز اليه بـ (م)، فان هناك قيمة واحدة فقط للعلاقة (ل-م) تعبر عن الاحتمال (ح).
2 ـ القيم الممكنة لـ (ل-م) هي اعداد تبتدئ من الصفر وحتى الواحد الصحيح، أي انها تتخذ الصورة الرمزية الاتية: 0 ≤ ل-م ≥ 1
3 ـ في حالة كون (م) تستلزم (ل) فان: ل-م = 1 ، حيث يعبر الواحد للدلالة على اليقين.
4 ـ وفي حالة كون (م) تستلزم عدم (ل) فان: ل-م = 0، حيث يعبر الصفر للدلالة على النفي المؤكد او الاستحالة.
5 ـ احتمال ظهور كل من (ل) و (ك) معاً يقدر بضربهما سوية، ولنرمز الى المعية بـ (و)، وذلك كالاتي:
ح(ل و ك) = ل-م × ك-م و ل
او: ح(ل و ك) = ك-م × ل-م و ك
وتسمى هذه البديهة بالاتصال او الاقتران Conjunctive .
6 ـ احتمال ظهور (ل) او (ك) يقدر بجمعهما سوية مع طرح احتمال ظهورهما معاً كالاتي:
ح(ل، ك) = ل-م + ك-م - ح(ل و ك).
او: ح(ل، ك) = ل-م + ك-م - ل-م × ك-م و ل
وتسمى هذه البديهة بالانفصال Disjunctive .
فمثلاً على البديهتين الاتصال والانفصال، لو كان لدينا (26) بطاقة حمراء مع (26) بطاقة سوداء مختلطة، وسحبنا عشوائياً بطاقتين على التوالي، فما هو احتمال ان تكون كل منهما حمراء كتطبيق لبديهة الاتصال؟
هذا يعني ان المطلوب هو (ل و ك-م)، وان احتمال البطاقة الاولى حمراء (ل-م) هو (26-52 = 1-2)، وان احتمال الثانية حمراء على فرض كون الاول حمراء (ك-م و ل) هو (25-51)، حيث اذا ظهرت لنا الاولى حمراء فان العدد المتبقي للكل هو (51)؛ منها (25) بطاقة حمراء. لذلك فان احتمال ان يكون كل منهما حمراء عبارة عن احتمال ان تكون البطاقة الاولى حمراء مضروبة باحتمال ان تكون الثانية حمراء على فرض كون الاولى حمراء، اي ان الناتج:
ل و ك-م = 1-2 × 25-51 = 25-102
اما بخصوص بديهة الانفصال سيكون المطلوب هو الحصول على بطاقة واحدة حمراء على الاقل من السحب السابق. اي انه عبارة عن احتمال البطاقة الاولى حمراء مضافاً اليه احتمال البطاقة الثانية حمراء مطروحاً منهما احتمال كونهما حمراء معاً. ومن الناحية الرياضية ستكون النتيجة كالآتي:
ل، ك-م = 1-2 + 1-2 - 25-102 = 77-102

قواعد الجمع والضرب في الاحتمالات
لحساب الاحتمال قواعد معينة تستند الى البديهات السابقة، منها قاعدة الجمع التي تنقسم الى قسمين: احدهما يتعلق بالاحتمالات المتنافية، والاخر يرتبط بالاحتمالات غير المتنافية. وفيما يخص الاول يشترط ان تكون الحوادث متضادة، كما هو الحال مع وجهي قطعة النقد، حيث ظهور احدهما مانع لظهور الاخر، بخلاف القسم الثاني الذي يمكن فيه ان تجتمع حالات الحوادث بالنسبة الى ظرف معين واحد. ولا شك ان الجمع بين احتمالات الحوادث المتنافية يفيد اليقين او الواحد الصحيح. وتسمى هذه الحالة في عرف الرياضيين بالمجموعة المتكاملة. فالمجموعة المتكاملة لابد ان تكون مساوية للواحد. وهذه الحالة مستخلصة من قاعدة الانفصال التي مرت معنا. اذ لما كانت الحوادث متنافية، فان اجتماعها يساوي صفراً، وعلى هذا فاحتمال ظهور اي واحد منها يقدر بجمع احتمالات كل الحوادث. في حين ان الجمع بين احتمالات الحوادث غير المتنافية يحتاج الى مراعاة طرح قيمة احتمال اجتماع الحوادث من مجموعة الاحتمالات.
ومن القواعد الاخرى قاعدة الضرب التي هي الاخرى تنقسم الى قسمين، احدهما يختص بالاحتمالات المشروطة، والاخر يتعلق بالاحتمالات المستقلة. فالقسم الاول يؤكد على تأثر بعض الاحتمالات بالبعض الاخر. فاذا كانت لدينا حقيبتان تحوي كل منهما خمس كرات، تضم احداهما ثلاث كرات بيض وكرتين سوداويتين، وتضم الاخرى كرتين بيضاويتين وثلاث كرات سود، فان سحب بعض الكرات من احدى الحقيبتين لا على التعيين يمكن ان يؤثر على قيمة احتمال نوع الحقيبة المنتخبة، وذلك بفضل عامل الضرب بين احتمال واحدة من الحقيبتين وبين احتمال سحب تلك الكرات على فرض الحقيبة التي تنتمي اليها، اي:
ح(ل و ك) = ل-م × ك-م و ل
في حين ان القسم الاخر يتحدث عن الاحتمالات المستقلة - غير المشروطة -، كاحتمال ظهور وجه الكتابة مع ظهور الاس (1) لزهر النرد في رمية واحدة. وفي هذا النوع من الاحتمالات تضرب القيم كالآتي:
ح (ل و ك) = ل-م × ك-م
إذ أن: ك-م = ك-م و ل

علاقة بايس في الاحتمالات
تعد نظرية الاحتمال العكسي لتوماس بايس (المتوفي سنة 1761) من النظريات الاولى المطروحة في الكشف عن تقدير احتمالات الفروض العلمية، وهي مستنبطة من مقولة الاتصال كالآتي:
ح(ل و ك) = ل-م × ك-م و ل
ح(ل و ك) = ك-م × ل-م و ك
وحيث ان طرفي اليمين متساويان، لذا فان طرفي الشمال متساويان ايضاً، اي:
ل-م × ك-م و ل = ك-م × ل-م و ك

ك-م × ل-م و ك
اذن: ك-م و ل = ـــــــــ
ل-م

هذه هي علاقة بايس الاولية التي تعني بأن قيمة احتمال حادثة معينة مرتبطة باكتشاف حقيقة معينة متصلة بها؛ تساوي قيمة احتمال الحادثة مضروبة في قيمة احتمال تلك الحقيقة في حالة وجود الحادثة معها، مقسومة على احتمال تلك الحقيقة قبل الكشف عنها. والبعض قام بتوضيح تطبيق هذه العلاقة على الفرض العلمي الخاص باكتشاف كوكب نبتون لتحديد قيمة احتمال نظرية الجاذبية، كما هو الحال مع برتراند رسل . كما ان هناك العديد من الامثلة التي توضح هذه العلاقة، ابرزها مثال الرمي الذي يكثر التطبيق عليه كالاتي:
لنفترض اننا اردنا ان نصوب هدفاً لا نعلم وجوده بالضبط إن كان في منطقة (أ) او (ب)، لكنا نعلم ان احتماله في (أ) اقوى من احتماله في (ب)، ولهذا وجهنا الضربة اليه، فعرفنا فيما بعد اننا قد اصبناه، ففي هذه الحالة سيزداد احتمال ان يكون الهدف موضوعاً في (أ). ولو رمزنا الى احتمال كون الهدف في (أ) بـ (ك)، وكونه في (ب) بـ (س)، والى احتمال اصابتنا له على فرض كونه في (أ) بـ (ل)، وكذا بـ (ص) على فرض (ب)، ففي هذه الحالة ان احتمال (ك) بعد علمنا بالاصابة يساوي:

ك × ل(ك)
ـــــــــــــ
احتمال الاصابة مطلقاً

لكن احتمال الاصابة يحصل في حالتين: اما عند كون الهدف في (أ)، او عند كونه في (ب)، لذا لابد من جمع الاحتمالين معاً، ويقدر احتمال كل واحد منهما بضربه في تقدير وجود الهدف. وعليه فاحتمال الاصابة يساوي احتمال كون الهدف في (أ) مضروباً في احتمال اصابته على هذا الفرض؛ مضافاً اليه احتمال كونه في (ب) مضروباً في احتمال اصابته على هذا الفرض. وبالتعويض الرمزي سنحصل على المعادلة التالية:

ك × ل(ك)
ك (بعد الاصابة) = ــــــــــــ
ك × ل + س × ص

ولو كنا نحتمل (ك) قبل الاصابة بـ (2-3)، و(ل) بـ (4-5)، و(س) بـ (1-3)، و(ص) بـ (1-4)، لكان احتمال (ك) بعد الاصابة يساوي:

2-3 × 4-5
ك = ــــــــــــــ
2-3 × 4-5 + 1-3 × 1-4

ك = 32-37

وللتأكد من الحل لابد ان يكون (ل) مساوياً (5-37)، وذلك لاننا افترضنا التيقن من ان الهدف إما في (أ) او (ب)، وقد عرفنا ان مجموع الاحتمالات المتنافية يساوي واحداً. وبالتطبيق سنحصل على هذه النتيجة كالاتي:

1-3 × 1-4
ل = ــــــــــــــ
1-3 × 1-4 + 2-3 × 4-5

ل = 5-37
ك + ل = 32-37 + 5-37 = 1

وفائدة علاقة بايس هو انها قد رفعت من درجة احتمال وجود الهدف في (أ) مما كان قبل الاصابة المقدر بـ (2-3) الى ما هو بعد الاصابة المقدر بـ (32-37)، في الوقت الذي خفضت من قيمة احتمال وجوده في (ب) كما هو واضح.
واذا عدنا الى معادلة بايس السابقة:

ك-م × ل-م و ك
ك-م و ل = ــــــــــ
ل-م

وكنا نفترض ان الاحتمالات المقابلة لكل من (ك-م) و(ل-م) هي (س-م) و(ص-م)، فستصبح:

ل-م = ك-م × ل-م و ك + س-م × ص-م و س
وبالتالي تكون معادلة بايس النهائية هي:

ك-م × ل-م و ك
ك = ـــــــــــــــــــــ
ك-م × ل-م و ك + س-م × ص/م و س

مع هذا فان علاقة بايس واجهت العديد من الاعتراضات، اهمها انها لا تنفع في التقديرات الحسابية للفروض العلمية. فمن جهة انها تواجه مشكلة تتعلق بكيفية تحديد الاحتمالات القبلية. كما من جهة اخرى ان الواقع الفعلي ليس فيه ما يمكن تقسيمه الى الامكانات المتساوية كالذي يحصل مع الحسابات الخاصة بالعاب الحظ والمصادفة، حتى ان بعض فلاسفة العلم من امثال كارل بوبر قد استبعدها كلياً عن التفكير العلمي .
وواقع الامر ان مثل تلك الاشكالات هي ذاتها يمكن ان تثار ضد بديهتي الاتصال والانفصال وما يترتب عليهما من حسابات رياضية.



#يحيى_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موقف الفلاسفة التقليديين من فهم النص
- نظرية المقاصد ونقدها
- موقف الخطاب الديني من غير المسلمين
- عقل: عربي أم إسلامي؟
- الخطاب الديني والتفكير الوقائعي
- التراث المعياري وصراع الأصول المولّدة
- الاصول المولدة في علم الكلام
- كيف نقرأ التراث؟
- أربعة مواقف للفلاسفة والعرفاء من النص الديني
- بين الفهم المجمل والمفصل للدين
- ديفيد هيوم ومشكلة الاستقراء
- الوضعية المنطقية وقضايا المعرفة
- إشكالية تغيير الأحكام الشرعية
- التشريع الديني وتغايراته
- شواهد لأثر الواقع على تغيير فهم النص الديني
- نظرية كارل بوبر والقضايا العلمية
- التغيير الفقهي وأنماطه الواقعية
- مصادر المعرفة الإسلامية: النص.. الواقع.. العقل
- ظاهرة النسخ في الخطاب الديني ودلالاتها
- الجابري والتصنيف الثلاثي للعقل العربي


المزيد.....




- قُتل في طريقه للمنزل.. الشرطة الأمريكية تبحث عن مشتبه به في ...
- جدل بعد حديث أكاديمي إماراتي عن -انهيار بالخدمات- بسبب -منخف ...
- غالانت: نصف قادة حزب الله الميدانيين تمت تصفيتهم والفترة الق ...
- الدفاع الروسية في حصاد اليوم: تدمير قاذفة HIMARS وتحييد أكثر ...
- الكونغرس يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا بقيمة 95 مليار ...
- روغوف: كييف قد تستخدم قوات العمليات الخاصة للاستيلاء على محط ...
- لوكاشينكو ينتقد كل رؤساء أوكرانيا التي باتت ساحة يتم فيها تح ...
- ممثل حماس يلتقى السفير الروسي في لبنان: الاحتلال لم يحقق أيا ...
- هجوم حاد من وزير دفاع إسرائيلي سابق ضد مصر
- لماذا غاب المغرب وموريتانيا عن القمة المغاربية الثلاثية في ت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يحيى محمد - نظرية الاحتمال ووجهة النظر الجديدة (1)