|
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-17-
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3099 - 2010 / 8 / 19 - 11:37
المحور:
الادب والفن
--------------------------------------------------------------------------------
كنت أشعر بالإضطهاد كأن المجتمع كله ضدي . نادرا ما أجدني منسجما مع الواقع . ملاحظات وانتقادات لما أراه وأعايشه يوميا من تجاوزات مخلة بالمنطق والطبيعة . فكرت أن أتخلى عن هذه النظرة الخاصة لدي وعن حاستي السادسة التي لازلت احتفظ بها . قررت أن أدس رأسي في الرمال كما تفعل النعامة .وأتغافل عن كل هذا العبث واللامعنى الذي يلف وجودي . قلت علي بالإيمان . هو وحده من سينقذني مما أنا عليه من بؤس وتنافر وأعصاب متعبة . علي أن أسلم أمري لله للخالق الذي هو الوحيد الواقف بجانبي أثناء نكساتي المختلفة والمتعددة . دخلت المسجد لأصلي وما أن رآني بعض المصلين .هرعوا متهافتين للصلاة بجانبي فتأكدت بأن هؤلاء يريدونني مثلهم وشبيها بهم . فليكن . داخل بيت الله شعرت بالراحة النفسية والطمأنينة . قلت هي ذي طريقي الأصلية والحقيقية ولما لا؟ فأبي كان ياخذني معه للصلاة كل فجر أثناء طفولتي . فكنت أجد الراحة أول الأمر . بعد حين حل في داخلي نوع آخر من الإحساس . إحساس بالعبث وعدم الجدية . أصبحت من جديد في حيرة من أمري . كنت أقرأ الكثير من الشعر الأجنبي الغربي فأجد نفسي فيه وخصوصا شعر - هولدرلن - . تهتز أعماقي وأشعر بسعادة غامرة وأحيانا بلذة تشبه اللذة الجنسية كلمات بسيطة وعادية في تصريف مختلف وعميق بمعنى أحيانا يتراقص في مخيلتي . نعم شعر هذا الرجل عميق للغاية وبسيط أيضا . (ماذا يفيد الشعر في الزمن الحقير لكأن الشعراء كهان لباخوس العظيم يتنقلون من البلاد إلى البلاد خلال ليل أقدس) . هولدرلن أيضا يصف زمانه بالحقارة وبأن الشعر العظيم لا يفيذ في الأزمنة الرديئة . إذن كيف أوفق بين هذه المتناقضات ؟ - هيدجر - أيضا أحب هذا الشاعر العظيم لحد الفناء فيه . - هيدجر- نفسه يرى الحياة بطريقة تتماثل مع طريقتي في الرؤية للعالم . فهو الذي يتحدث عن حياة الإنسان مقسمة إلى ثلاث مراحل ويصف المرحلة الأخيرة بالخسران . بينما - سارتر - يصفها بالفساد . وقد كتب كتابه الرائع ( الكون والفساد) لكي يعبر عن مرحلة الإنسان الأخيرة كيف هي مرعبة . أن توجد أن تجد نفسك واقعة أو قضية كما قال - غسان كنفاني- أيضا أو تجد نفسك مشكلة مثلا ثم أمام النهاية وجها لوجه نأتيها ببطء لكن لا أحد تبطئه . الموت . سميه ما شئت فهو بمعنى واحد وحاسم . ولا أحد يعرف السر بما في ذلك أولائك المؤمنون الورعون الذين يقودون القافلة . حتى الأنبياء أنفسهم لا يعرفون السر . أحببت دائما المفكرين والشعراء والأدباء الذين ملأهم أو راودهم الشك والإرتياب فيما هو سائد ومشاع . أحببت أيضا الأنبياء . وآمنت بأن الشعر أيضا نبو ة . والفكر رسالة . أليس من حق كل إنسان أن يشك ؟ إنه يفكر في مصيره فكيف لا يشك ؟ نحن ندافع عن مصيرنا وهذا من حقنا ولا نخشى التهديد أو ربما نخشاه ونتجاهله . إن الله في نظري ( نور وخير وجمال وعدل ومعنى) إنه صاحب كل الشيم الحميدة والكريمة . ولن أقبل بأن يكون الله صاحب محرقة يشوي فيها مخلوقاته . لأن هذا فظيع . والله ليس كذلك . الله ربي لا يمكن أن يكون منتقما . أتساءل مع نفسي : أليس هو من دس في نفسي الحب والكثير من الحب ؟ حب الحياة وحب المرأة وحب العائلة وحب الوطن وحب الورد والجمال وحب البحث عن الحقيقة . أليس هو من خلق الإنسان وأهداه هذا الوجود الرائع أحيانا ؟ كنت أفكر دائما بهذه الطريقة التي تحمل الكثير من التعقيد كما يظن الآخر . لذا كان ذلك يظهر في قصائدي وكتاباتي التي تغضب الكثير من الناس . كثيرا ما أهديت كتابا لأشخاص فغضبوا وقطعوا عني الكلام حتى أنني لم أفهم لماذا . لأن الكتاب أصلا ليس به شيء يستدعي الغضب. معاناتي كان عليها أن تصمد ضد الأحداث التي دائما كانت مفتعلة . ولم تكن لدي معاناة واحدة بل باقة كاملة منها . معاناة ميتافيزيقية وسياسية واجتماعية إضافة للمعاناة الشخصية . في الفقرة القادمة سأبدأ بالأحداث أغلبها كما قلت كانت مفتعلة كادت تدمرني لكن كنت أقوى منها بليونتي . أو أن الله بالتأكيد دائما كان بجانبي سنرى ذلك في الحلقات المقبلة.
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-14-
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-15-
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 13 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا -12-
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 11 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 10 -
-
صراخ
-
مجرد إحتمال - مهداة إلى مصطفى مراد -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-9-
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-8-
-
الوليمة
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 7 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 6 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 3 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -
-
روح الشرق
-
تناقض مدير جريدة المساء المغربية
-
قصة إبني أمين مع مدرسيه
المزيد.....
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|